اخر الاخبار

حذرت وزارة البيئة من أن ازمة الجفاف تسبَّبت في «كارثة» للتنوع الإحيائي في البلاد، خاصة في الأنهار ومنطقة الأهوار جنوب البلاد، حيث نفقت المئات من سلحفاة الرفش الفراتي النادر وكلاب الماء والعديد من انواع الاسماك والكائنات الدقيقة، فيما حذر مختصون وخبراء بيئيون من تفاقم هذه الكارثة والتباطؤ في تداركها.

وفي تصريح صحافي لمدير عام الدائرة الفنية في وزارة البيئة، نجلة محسن الوائلي، قالت: إن «التنوع الإحيائي في كارثة بيئية حقيقية بسبب قلة مناسيب الأنهار والأهوار والأراضي الرطبة»، مشيرة إلى أن «ذلك تسبب بتردي نوعية المياه، وقلة الأكسجين المذاب، وزيادة التراكيز الملحية»، داعية وزارة الموارد المائية إلى «إيجاد الحلول السريعة لأزمة المياه».

الموارد المائية تتحرك

وفي هذا الصدد، قال المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية خالد شمال: ان الاهوار هي نظام بيئي ايكولوجي اجتماعي اقتصادي ووطني، وهي ليست مسطحا لتجميع المياه، وترتبط مساحتها وعمق المياه فيها بطبيعة الفضلات المائية التي تصب في العراق.

واضاف قائلا لـ«طريق الشعب»، ان «العراق تأتيه المياه من ثلاثة اماكن رئيسية تركيا وايران وسوريا، وتتغذى الاهوار من نهري دجلة والروافد الايرانية، وهذه الايرادات انخفضت حيث اننا نستلم 35 في المائة فقط من استحقاقنا الطبيعي، وبالتالي فأن النقص الذي نواجهه هو بمقدار 65 في المائة والعجز في امدادات المياه يبلغ 65 _ 75 في المائة».

واكد ان «هذا العجز ينعكس على كل القطاعات الصناعي والزراعي والنفطي والبيئي، باستثناء قطاع مياه الشرب، وواجبنا كوزارة هو ادارة الموارد المائية داخل العراق، وكذلك الملف الفني للتفاوض مع دول الجوار».

وعن الحلول التي لجأت اليها وزراته، أوضح شمال بالقول: «نحن نطلق الان مياه اكثر من التي تأتينا الى نهري دجلة والفرات من خارج الحدود، لغرض ادامة الاهوار، وايضا بدأنا ضخ كميات مياه بمعدل 70  _ 80 متر مكعب في الثانية باتجاه نهر الفرات من بحيرة الثرثار. ونأمل ان تسهم هذه الكمية في تعزيز جزء من احتياجات الاهوار»، مبينا ان اكثر المحافظات تضرراً هي «البصرة وميسان وذي قار والسماوة».

مستقبل الحكومة مهدد

من جانبه، قال الخبير البيئي احمد صالح نعمة، انه للمرة الثالثة وعلى مدار 4 سنوات تضرب العراق موجة جفاف قوية جداً وتؤثر على التنوع الاحيائي البيولوجي في الجنوب.

وتابع حديثه مع «طريق الشعب»، قائلا ان «هور الحويزة وهو اخر معاقل محافظة ميسان المائية، فقد جفَّ منذ اسبوع  بشكل تام، متسببا بنقوق جميع كلاب الماء والسلاحف والاسماك وسلحفاة الفرات الطرية (الرفش الفراتي) والطيور بشكل مخيف ومقلق»، مؤكدا ان ما يقلق اكثر هو «نفوق مليارات الاسماك الاصبعية في هور الصحين بقناة رقم 4 والمسماة محلياً قناة العمشان، وتعد هذه القناة مكانا لتكاثر الاصبعيات التي تنطلق باتجاه الاهوار».

وزاد بالقول، «نفقت مؤخرا المئات من سلاحف الفرات الطرية المهددة بالانقراض والموضوعة على القائمة الحمراء للحيوانات المهددة والممنوع اصطيادها. ويعتبر الصنف العراقي نادرا جداً».

ووصف نعمة ما يحدث بانه «مجزرة وابادة جماعية. سنخرج بفرق تطوعية لرفع جثث الحيوانات النافقة قبل تحللها وتعفنها وتسببها بالأمراض. سنصطاد الرفش الفراتي ونطلقه بعمود نهر دجلة داخل مركز مدينة العمارة لننقذها من خطر النفوق».

واشار الى ان «الحكومات المتعاقبة تتحمل مسؤولية ما يحدث الان، والحكومة الحالية لا يمكن ان نحملها كل المسؤولية لأنها ورثت خزيناً مائياً متهالكاً وسيئاً جداً، ولا بد من الاتصال الدبلوماسي السريع بتركيا لتوفير إطلاقات مائية تتناسب مع حجم الازمة».

وبين نعمة ان «الخزين المائي شحيح جداً واقل من 8 مليارات ولا يمكن ان نجتاز بها الاشهر الثلاث القادمة. بالتالي ان لم تصلنا الامطار في الشهر العاشر سنكون امام مشكلة بشرية وليست فقط تهديد الحيوانات والتنوع الاحيائي البيولوجي».

نواجه الانهيار!

وعلى صعيد متصل، قال مدير معهد نيسان المهتم بالبيئة فلاح الاميري: «سبق أن اكدنا اننا نعيش الكارثة، وان اغلب الاحياء تنقرض بصمت دون اهتمام او متابعة او تدقيق من قبل وزارات الصحة او الموارد او الزراعة او البيئة».

واوضح بالقول لـ«طريق الشعب»، ان «الكثير من الاحياء انقرضت بما فيها الكائنات الدقيقة والمجهرية والنباتات والاسماك، وهو بدأ منذ 2018 والان وصل الى الذروة وبوضوح منها الرفش الفراتي وانواع كثيرة من الاسماك ومنها البني. وفي محافظة البصرة بعض انواع الكائنات الحية تأكل يرقات الملاريا او الكوليرا في شط العرب وبعض المسطحات المائية انقرضت منذ 4 سنوات».

ولفت الى ان المسؤولية مشتركة بدءاً من المجتمع ومؤسسات الدولة والحكومات المتعاقبة، وبالدرجة الاساس وزارتا الزراعة والبيئة والمؤسسات المختصة التي تشكلت بعد العام 2003، بضمنها مؤسسات انعاش الاهوار، وتلك التابعة للجامعات العراقية».

وخلص الاميري الى «اننا نواجه الانهيار وفي قمة الكارثة، فإذا اردنا معالجة الوضع وايقاف هذا التدهور يجب اولا تشكيل خلية ازمة واستحداث جهات مختصة بهذا الشأن واستنفار كافة الجهود والامكانات في هذا الصدد، لان الموضوع لم يعد يتعلق فقط بانقراض الحيوانات وتهديد التنوع الاحيائي، بل اصبح يتعلق ايضا بحياة الانسان نفسه، لان هناك انعكاسات بيئية كبيرة وسياسية وامنية على المنطقة الجنوبية».

عرض مقالات: