يحل اليوم العالمي للبيئة هذا اليوم، الخامس من حزيران، وبلادنا في حالة يرثى لها على الصعيد البيئي.
فعناصر الحياة ومصادرها الاساسية من هواء وماء وتربة وغيرها، يسمّمها التلوث واسع النطاق وغير المسبوق ، ويحوّلها الى مصادر للامراض والاوبئة الفتاكة والتشوهات الولادية، والى عوامل اساسية في تردي جودة الحياة وتدهور ظروف العيش.
وتظهر المعلومات المتداولة ان التلوث الناجم عن انبعاثات عوادم السيارات ومولدات الكهرباء ومحطات الطاقة الكبرى والمنشآت النفطية والمعامل وسواها، وعن عدم معالجة مياه الصرف الصحي والمجاري ومياه المبازل والمصانع والمستشفيات، وعدم طمر او تدوير ومعالجة عشرات آلاف الاطنان من النفايات يوميا، وعدم الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والذي يسببه التجريف المتزايد للاراضي الخضراء وازالة الغطاء النباتي .. ان التلوث الناجم عن هذه وغيرها من العوامل يتفاقم باضطراد، وان تأثيره يتضاعف بفعل التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات هطول الامطار وشح المياه، وما يؤدي اليه هذا كله من جفاف وتصحر.
لكن الاخطر هنا هو ان هذه التطورات المثيرة لأشد القلق لا تقابلها اجراءات حكومية مناسبة، توقفها وتبدد مخاطرها.
فلا رقابة فعالة على مصادر تلوث المياه والهواء، او تنفيذا حازما للتشريعات التي تضع حدا للملوثات. ولا ادامة مناسبة لمحطات معالجة مياه المجاري القائمة وانشاء محطات جديدة تمس الحاجة اليها. ولا تحديث وصيانة للمنشآت والمصافي النفطية ومراقبة لانبعاثاتها الغازية. ولا تنظيم لعملية استيراد السيارات ومراقبة لانبعاثات عوادمها الضارة. ولا اهتمام جديا بحسم قضية الكهرباء والخلاص من المولدات الاهلية لتحسين جودة الهواء في المدن. ولا نظام فعالا يعالج قضية النفايات والمخلفات البلدية والصحية والتجارية وغيرها، او انشاء مواقع طمر صحية. ولا اهتمام بالتشجير لتعويض الاضرار التي يتعرض لها الغطاء النباتي المستباح. ولا .. ولا ..
ويحدث هذا وعندنا استراتيجية وطنية للحد من التلوث البيئي حتى عام 2030، لكنها وللاسف الشديد غير مفعّلة، أقرب الى حبر على ورق.
ويحدث هذا ولدينا حتى وزارة بيئة، لكنها وللاسف البالغ ايضا وزارة مهملة، غير سيادية، وزارة رقابة وبحوث لا وزارة قرار وتنفيذ، مجردة من الصلاحيات عمليا، وتعيش على فتات من التخصيصات المالية لميزانيات الدولة السنوية، وبضمنها الميزانية المقرّة قبل ايام.
لهذا يواجه بلدنا كارثة بيئية لا تبقي ولا تذر! بل هو اليوم في قلب هذه الكارثة، يصارعها وهو أعزل تماما من كل سلاح!
ولذلك نتوجه بالنداء الى كل المسؤولين والمكلفين رسميا والمعنيين بصورة او باخرى بهذا الملف الخطير، والى كل العراقيين المخلصين لوطنهم العزيز ، وندعوهم الى التحرك عاجلا لمواجهة المخاطر المحدقة به وبهم ولدرئها، ووضع البلاد على سكة السلامة والتغيير والتطور.