اخر الاخبار

تواصل القوى المتنفذة في السلطة استغلال واحتكار المشاريع الاستثمارية والخدمية، التي توظفها للبقاء في مراكز النفوذ، وكسب الولاءات، لكن ذلك يخلف أضرارا جسيمة على الاقتصاد الوطني، يتحملها المواطن في نهاية المطاف.

وفي ظل استمرار تلك القوى في استراتيجية «الابتزاز السياسي» تبقى مسألة توفير بيئة آمنة ومشجعة للاستثمار وتقديم الخدمات شرطا أساسيا لأي تقدم في هذا المضمار.

كسب الولاءات

وقال الباحث في الشأن السياسي والكاتب مجاشع التميمي، ان «القوى المتنفذة بعد العام 2003 ذهبت إلى استغلال الأموال العامة، التي تأتي من تصدير النفط العراقي».

وأضاف في حديث مع «طريق الشعب»، انه برغم أن «قانون الأحزاب فرض على الأحزاب السياسية كشف مصادر تمويلها، إلا أن هذه الأحزاب لم تلتزم بهذه المادة من القانون»، مبينا ان «القوى المتنفذة تريد المشاركة في الحكومات التنفيذية بحجة التوافقية، من أجل الحصول على وزارات، لغرض التمويل من خلال عقود فاسدة أو تعيينات، لكسب الولاءات أو الحصول على الدرجات الخاصة».

وتابع حديثه، انه «لا يوجد في العراق استثمار بالمعنى الصحيح للمفهوم، ولا توجد شركات مصنفة على أنها شركات استثمارية اجنبية قادرة على التنفيذ، لذلك اغلب المشاريع في العراق بعد العام 2003 هي مشاريع إما أن تكون فاشلة او أنها ليست في المستوى».

وأشار الى انه برغم أن «البرلمان العراقي شرع قانون الاستثمار منذ عام 2006 لكننا لم نر دخول شركات استثمارية كبيرة، لأسباب تتعلق بالأوضاع الأمنية والفساد المستشري والابتزاز من قبل أحزاب السلطة لذلك فشلت كل محاولات الحكومات في إقناع الشركات بدخول السوق العراقي باستثناء بعض الحالات المتعلقة بالنفط، لأنها أسست شركات مرتبطة بها أو تدعمها شركات أخرى، فيتم تحويل المناقصات والفرص الاستثمارية لها من خلال المحافظات لغرض تمويل تلك الأحزاب».

هدر ألف مليار دولار

وأشار الى ان «رئيس الجمهورية السابق برهم صالح قال أن العراق اهدر نتيجة الفساد نحو ألف مليار دولار حتى العام 2022، فيما أعلن رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي أن نحو 150 مليار دولار هرب إلى الخارج من عائدات النفط للفترة من 2006 إلى 2011».

وفي ما يخص توفير البيئة الامنة، قال ان «مستشار رئيس الوزراء الحالي لشؤون السياسية فادي الشمري أعلن قبل أيام وفي لقاء متلفز، أن كل جهود الحكومة العراقية الحالية قد تبددت بعد أن هاجمت مجموعة مسلحة سلسلة مطاعم في بغداد، وان هذا الموضوع أنهى كل جهود الحكومة لإقناع الشركات الأجنبية وخاصة الأمريكية بالدخول إلى الأسواق العراقية؛ فيما أعلنت السفيرة الألمانية ببغداد أن الشركات الألمانية لا يمكن أن تدخل الأسواق العراقية لأنها تتعرض إلى ابتزاز من قبل المسؤولين الحكوميين، وهذه نماذج من حالة عدم الاستقرار وسوء الإدارة والغباء الذي تحالف مع الفساد في عدم توفير بيئة مناسبة للاستثمار في العراق».

لضمان ديمومتها

من جهته، قال الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان: ان «قوى السلطة المتنفذة تريد ان تديم السيطرة على هذا المفصل الحيوي والمهم، وشكلت على اساسه اللجان الاقتصادية والدخول الى المقاولات والمناقصات والمنافسة مع خصومها، وحرصت على ان تكون لها اليد العليا بما يضمن صعوبة التنافس معها».

وأضاف في حديث مع «طريق الشعب»، ان «الهدف من هذا السلوك، هو توظيف هذه الاستثمارات والاموال المهيمن عليها لتمويلها وخدمة مصالحها الحزبية الضيقة»، مشيرا الى ان احتكار تلك الاستثمارات لا يمكن معه تحقيق خدمة حقيقية للناس.

وواصل حديثه بان «غياب الأطراف التي تنافس هذه القوى، سمح لها بالسيطرة المطلقة على المشاريع ونوعية الخدمات التي تقدم للمواطن».

دائرة مفرغة

رئيس المركز العربي الأسترالي للدراسات احمد الياسري، قال ان «تآكل رأس المال الثقافي واستقرار قواعد الفن التخريبي المدعوم من السلطة، جعلا العراقيين امام إكراهات القطيعة والمشاركة»، منوهاً الى ان «الديمقراطية في العراق، ذات نزعة استهلاكية».

وأضاف في حديثه مع «طريق الشعب»، ان هناك «فنا تخريبيا قائما على قدم وساق تمارسه القوى المتنفذة في السلطة «فهذه الأحزاب في العراق لا تبني، بل تخرب حتى تحكم، وان فكرة التنمية غير حاضرة لديها».

وزاد، ان الأحزاب المتنفذة هما الاول هو «السيطرة على الدولة والشارع والحكومة»، مبينا ان هذا المشروع يحتاج الى «رأس اقتصادي وامني وسياسي، وهذه الثلاثية تطبقها الأحزاب الاستهلاكية في العراق. بما معناه ان الاقتصاد عصب حياة الأحزاب المهيمنة على الدولة».

وأشار الياسري الى ان «هذه الثلاثية ستستمر، ونجدهم مرة يرفعون عنوان الامن ومرة المحاصصة والطائفية، ومرة مصلحة المكونات، ولكن كل هذه العناوين لديها مدخل واحد وتؤدي الى طريق واحد، وهو افراغ النظام الديمقراطي من محتواه ومحاولة الاستيلاء على السلطة والدولة سياسياً واقتصادياً».

ورأى، ان القوى السياسية تحاول إعادة إنتاج نفسها بشكل انسيابي بغض النظر عن حضورها في السلطة من عدمه، فهناك دولة عميقة تستوعب الغائب عن المشهد السياسي، وهناك دولة مُهيمن عليها، والطرفان يمتلكان نفس القدرة.

عرض مقالات: