اخر الاخبار

لا تزال مشكلة المياه التي تستغلها دول المنبع كورقة ضغط على العراق، تشكل تحدياً كبيراً للحكومة الحالية التي تعهدت بمعالجة هذا الملف، بينما لم نشهد حتى الان مفاوضات حقيقية مع دول المنبع، بحسب ما افاد اصحاب الاختصاص.

ويعزو خبراء ومراقبون ضعف الاداء العراقي في هذا الملف، الى الطريقة غير الواقعية لتعاطي الحكومات المتعاقبة معه، مؤكدين ضرورة ان يدار بطريقة واقعية.

تعاطٍ غير واقعي

وانتقدت وزارة الموارد المائية تعامل الحكومات السابقة مع ملف المياه، لافتة إلى أن هذا القطاع أصبح يشكل أحد ضمانات الأمن الوطني للبلاد.

وقال المتحدث باسم الوزارة خالد شمال، في تصريح صحافي، أن “العراق ومنذ تأسيس الدولة الحديثة يتعامل مع ملف المياه على أنه فني ودبلوماسي وصولاً إلى ما بعد 2003”، لافتا الى ان هذا “التعاطي غير واقعي لأن ملف المياه سيادي ويرتبط بالسياسة العليا للدولة، إضافة إلى الجانبين الفني والدبلوماسي”.

وأكد شمال، أن “السوداني حوّل هذا الملف إلى سيادي وقام بزيارة إلى تركيا وإيران وبدأ التفاوض بشأن المياه”، مبينا ان العراق اقتفى أثر كل من تركيا وإيران وسوريا بان ملف المياه يدار من أعلى سلطة في الدولة، وهو أمر كنا نفتقر إليه سابقاً، ولذا أصبح هذا الملف من أهم ضمانات الأمن الوطني للعراق.

نقد للدبلوماسية العراقية

وفي وقت سابق، وجهت لجنة الزراعة والمياه والاهوار، في مجلس النواب، انتقادها الى التمثيل الدبلوماسي العراقي بشأن التعامل في ملف المياه مع الجانب التركي وعدم وجود تحرك حقيقي لتدارك الازمة. وقال عضو اللجنة حيدر محمد السلمان في تصريح صحافي، ان “العراق لا يزال يعاني من ازمة المياه وعدم اطلاق تركيا لاستحقاقات العراق المائية، وباتت تستخدم هذا الملف ورقة ضغط على الحكومة العراقية من اجل مصالح معينة”.

واضاف السلمان، ان “سبب عدم حسم ملف المياه هو ضعف التمثيل الدبلوماسي للعراق ولا يوجد تحرك حقيقي لتدارك الازمة”.

واوضح، ان “العراق لديه مشتركات كثيرة مع الجارة تركيا سواء في التجارة وتصدير النفط وغيرها من الامور ويجب تطبيق مبدأ التعامل بالمثل لإرغامها على الاستجابة بشأن ملف المياه وإطلاق الحصص المائية لنهري دجلة والفرات”.

واشار الى، ان “الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني عليها ان تلجأ الى التعامل بالمثل مع تركيا في حال لم يحصل العراق على حصصه المائية واطلاقها بصورة صحيحة ولا خيار اخر امامها”.

موقف تفاوضي ضعيف

من جانبه، قال المستشار السابق لدى وزارة الموارد المائية، ظافر عبد الله، ان المفاوض العراقي غير ضعيف، وإنما الضعف يكمن في الموقف التفاوضي، والذي هو عبارة عن مجموعة الآراء الفنية والمختصين الفنيين بقضية المياه يضاف لها البعد السياسي والتحرك الدبلوماسي واستثمار العلاقات السياسية، هذه العوامل كلها تدخل ضمن إطار الموقف التفاوضي ونحن ضعفاء من هذا الجانب.

وأضاف قائلا لـ”طريق الشعب”، ان “المفاوض العراقي عندما يتحدث بمسائل فنية فهو لا يقل خبرة ودراية عن اي مفاوض تركي، لكن من المفترض ان يسند من سلطة سياسية موحدة وقوية، وحكومة تضع ملف المياه في اولوياتها، وتستثمر كل الفرص المتاحة لانتزاع حقوق العراق المائية”.

ولفت الى ان ملف المياه سيادي وسياسي: “كلما كانت الدولة قوية سيكون الموقف التفاوضي اقوى. وعندما يضعف هذا الموقف فهو بسبب ان جملة العوامل التي تساعد وتسند المفاوض ضعيفة ايضا”.

وتابع المستشار السابق قوله: “يجب ان يرفع ملف المياه من مسؤولية وزارة الموارد المائية الى مسؤولية اعلى سلطة تنفيذية في البلاد وهو رئيس مجلس الوزراء ومن ثم رئيس الجمهورية”، مبينا انه “في تركيا القرارات تكون بيد الرئيس رجب طيب اردوغان، اضافة للخبراء الذين يقترحون القرارات ليتخذها هو في ما بعد”.

واوضح عبد الله قائلا ان ملف المياه “عندما يرتبط بأعلى سلطة تنفيذية في البلاد، بالتأكيد سيكون الاهتمام به اكبر، سواء على مستوى التفاوض والتباحث مع دول الجوار ام على مستوى المؤسسات التي تؤثر وتتأثر بالثروة المائية؛ فالتوجيهات التي تصدر عن رأس هرم هذه السلطة ستكون ملزمة وغير قابلة للجدال وتكتسب قوة القانون بالتنفيذ”.

مباحثات لا مفاوضات!

من جانبه، اوضح خبير السياسات المائية رمضان حمزة، انه لا يوجد لدينا مفاوض عراقي او عملية تفاوض مع الجانب التركي او الإيراني حول ملف المياه، وان ما يجري هو ضمن اطار محادثات ومباحثات؛ فالعراق حتى الان لم يتفاوض مع دول الجوار.

وبيّن في حديث مع “طريق الشعب”، قائلاً ان المفاوض يجب ان “يكون ملماً بملف المياه والبعد التاريخي والفني والقانوني والسياسي، وهذه بكل تأكيد ليست مهمة شخص واحد بل مجموعة متخصصين موسوعيين ذوي خبرة في هذا الجانب”.

واشار الى ان دور الوفد التفاوضي “يبدا بعد ان يتم التفاوض في الامر بين رؤوس السلطة وممثليها الرسميين في الدولتين، وبعد الاتفاق والتفاوض والتفاهم، يأتي دور المفاوضين الفنيين حيث تقسم الادوار في ما بينهم، كل منهم حسب اختصاصه”.

وبين حمزة بالقول: ان “ضعف المفاوض يرتبط ايضا بضعف الحكومة والقرار السياسي، فالحكومة العراقية ضعيفة وهناك انقسامات سياسية مؤثرة، علماً ان موقفنا التفاوضي ليس ضعيفا، والعراق يمتلك اوراق ضغط جيدة”، لافتا الى ان “من اهم هذه الاوراق هو ملف التبادل التجاري مع دول المنبع، حيث ان العراق هو سوق كبير للمنتجات التركية والايرانية، لكن لا يتم توظيف هذه الاوراق لخدمة ملف المياه”.

عرض مقالات: