اخر الاخبار

بغداد ـ سيف زهير

 رغم الملاحظات التي تقدم بشأن “كوتا النساء” في قانون الانتخابات المثير للجدل، يجري الحديث بين أوساط معينة بالسياسة والمجال النسوي، عن إمكانية اختراق النساء الديمقراطيات للانتخابات المقبلة، اذا ما تم التحضير الجيد والدعوة إلى مشاركة واسعة من المواطنين، الذين رفضوا نظام المحاصصة اثناء الانتفاضة، التي كسرت النمطية السائدة، التي عززتها القوى المتنفذة، بشأن عدم قدرة المرأة على صنع القرار والمساهمة السياسية.

 المشاركة الواسعة خطوة للنجاح

وتقول العضو السابق في مجلس النواب، ميسون الدملوجي، إن نفوذ المال والسلاح يشكل عقبتين حقيقتين، تواجهان الانتخابات باستمرار.

وتعتقد الدملوجي، أن “العراق لن يعود كالسابق بهذا الخصوص بعدما حققت انتفاضة تشرين نتائج اجتماعية مهمة تتطلب المشاركة الانتخابية بشكل معقول لإحداث التغيير، وخصوصا من قبل المدنيين والمستقلين والليبراليين”.

وتتحدث الدملوجي لـ”طريق الشعب”، عن “أهمية الكوتا في قانون الانتخابات الجديد، الذي يفترض أن يشهد صعود مرشحات إلى قبة البرلمان، يتمتعن بوعي ويملكن رؤية للدفاع عن المجتمع وقضايا المرأة، وهذا ما عملنا عليه سابقا في مجلس النواب كعضوات يردن من خلال الكوتا توفير المساحة الكافية للنساء القادرات على النهوض بواقع المرأة من داخل السلطة التشريعية”، لافتة إلى أن “القانون ممكن أن يشهد إشكالية بخصوص المرشحات؛ فهناك احتمالية عدم وجود مرشحات في بعض الدوائر رغم إن القانون يحدد مقعد للكوتا النسائية في كل دائرة، واعتقد إن ترشيح الاسماء سيكون على شكل مرحلتين، تلافيا لهذه الاحتمالية، لغرض التأكد من وجود النساء المرشحات ومن ثم اقرار الاسماء”.

وأضافت المتحدثة، أن المرأة العراقية “لعبت دورا كبيرا خلال انتفاضة تشرين، وكانت تقود التظاهرات في مختلف المحافظات، وأظهرت سمات قيادية كبيرة يمكن أن تحقق النجاح من خلالها في السباق الانتخابي، شرط مشاركة المواطنين بصورة واسعة، لأن هذا هو الطريق الوحيد للتغيير”.

 المرأة مطالبة بالكثير

ويعتبر هذا القانون، الذي صادق عليه رئيس الجمهورية بـ”تحفّظ”، حسب وصفه، مغايرا للقوانين الانتخابيّة السابقة. وبدلاً من اعتماد البلاد كدائرة انتخابية واحدة، مثلما طالب الكثيرين، أو اعتماد كل محافظة من محافظات العراق الـ18 كدائرة انتخابية، فإن القانون الجديد قسّم العراق إلى 83 دائرة انتخابية على عدد مقاعد “كوتا” النساء في مجلس النواب.

وتقول الناشطة النسوية، صابرين البرزنجي، إن “نصيب المرأة في العملية السياسية كان متذبذبا بسبب طبيعة النظام الاجتماعي الأبوي الذي لا يثق بإمكانيتها في صنع القرار والقيادة لأسباب من أهمها التخلف، فضلا عمّا لعبه نظام المحاصصة الطائفي من دور سلبي كبير”.

أما في ما يتعلق بقانون الانتخابات، فترى أنه بدوائره الصغيرة “همّش المرأة لأن هذه الدوائر ستقع تحت سطوة المتنفذين والطابع العشائري، فضلا عمّا يلعبه السلاح المنفلت من دور مؤثر لفرض اسماء نسوية معينة تكون موالية لها، بعيدا عن روح المنافسة الشريفة”، لافتة إلى أن “بغداد على سبيل المثال ستشهد صعود 17 امرأة بحسب عدد الدوائر لكن النساء المستقلات والديمقراطيات سيكون حضورهن ضعيفا، ما لم يكن هناك عمل حقيقي من قبلهن لغرض الدخول في المنافسة بقوة والاستفادة، مما حققته انتفاضة تشرين التي أعطت للمرأة دورا مهما واحتراما وتقديرا للكثيرين ممكن كسروا النمطية المعتادة بفعل ما جرى من مشاركة فاعلة للنسوة في الاحتجاجات ومواجهة القمع الشرس”.

وتلفت البرزنجي خلال حديثها لـ”طريق الشعب”، إلى أن “نساء كثيرات برزن خلال الأشهر الماضية، وهناك شابات واعيات يرغبن في دخول المعترك السياسي وهذا أمر مبشر جدا، يستوجب الدعم وتوحيد الجهود بشأنه لأن النظام السياسي سيبقى متعثرا ما لم تكن هناك مشاركة حقيقية لنساء يفهن طبيعة هذا النظام، ويعرفن كيف يمكن صناعة القرار، لا النساء اللواتي يصعدن باسم العشيرة او الطائفة، واصبحن في التجارب الانتخابية الماضية مجرد صورة لا أكثر”، داعية مجلس النواب وتجمع البرلمانيات فيه إلى “عمل ورش ودورات لتنمية الوعي السياسي لدى الناشطات والراغبات في دخول هذا النوع من العمل، لا أن يقتصر الأمر على المنظمات المدنية وحدها، فمن مسؤولية البرلمان أن يساهم في تنمية الوعي السياسي إن كان حريصا على تصحيح مسار العملية السياسية”.

وشددت على ضرورة أن تضمن مفوضية الانتخابات والجهات ذات العلاقة “عدم تكرار عمليات الابتزاز والفضح والمساومة التي تعرضت لها نساء مرشحات في الدورات السابقة، والأمر نفسه ينطبق على مرشحين من الرجال، فلا بد من إيجاد قانون أو آلية تحمي المرشحين، لأن هذه الأساليب موجودة وتمارسها جهات متنفذة لا يستبعد أن تعاد مجددا”.

 رهانات صعبة ونجاح ممكن

من جانبها، ترى انتصار الميالي، عضو سكرتارية رابطة المرأة العراقية، أن صعوبة أوضاع البلد قد تكون مضاعفة بالنسبة للمنشغلين بالشأن السياسي. وكذلك الأمر بالنسبة للنساء، فتردي الأوضاع الأمنية أثّر سلبا على عمل الناشطين السياسيين والنساء اللواتي يحاولن الانخراط في العملية السياسية والترشح للانتخابات المقبلة.

وتوضح الميالي لـ”طريق الشعب”، إن “العادات والتقاليد وطبيعة الثقافة الذكورية ومحاولات الاستخفاف بمنجزات النساء، رغم النتائج المخيبة للنظام السياسي، كانت جميعا تهدف إلى إضعاف مشاركة المرأة في العملية السياسية, فيما لم تقم الأحزاب السياسية المتنفذة بتطوير كوادرها النسائية وتأهيلها لتولي المواقع القيادية، بل عمد بعضها إلى إبعاد الكوادر النسائية عن دائرة القيادة الحزبية، ودائرة صنع القرار في مختلف المستويات لتبقى المرأة في هذه الدوامة كحضور روتيني لا أكثر”.

وتضيف المتحدثة “هناك جهود بذلتها منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية في توفير الفرص لتطوير وتأهيل النساء المنخرطات في العمل السياسي, وأيضا لعبت الشبكات والمنظمات النسائية أدوارا ايجابية من خلال حملاتها الضاغطة للمطالبة بتوسيع المشاركة السياسية للنساء، انطلاقا من أهمية وجودهن في مواقع صنع القرار خلال هذه المرحلة، واستنادا إلى خطة العراق الوطنية الثانية للقرار 1325 حول تعزيز ودعم المشاركة السياسية للمرأة ودورها في بناء الأمن والسلام والتي يجب أن تدخل حيز التنفيذ وتستثمر بشكل دقيق”، لافتة إلى ضرورة “خلق مناخ داعم للنساء المرشحات عبر الإعلام وبرامج التوعية والترويج الذي تعتمده المفوضية، وأيضا الحركات والأحزاب التي ستشارك في الانتخابات المقبلة، فكلها عوامل من شأنها أن تحقق التغيير المنشود”.

وشددت الميالي على أن “قانون الانتخابات الحالي يمكن أن يخدم النساء إذا توفر الوعي المجتمعي والدعم الكامل بأهمية التصويت للنساء عبر وسائل الإعلام، وأن تلعب المفوضية دورا أكبر بمراقبة الأحزاب في الترويج العادل للمرشحات أسوة بالمرشحين وتشجيعهن على الظهور الإعلامي المدروس”.

 الأمم المتحدة تحث النساء على المشاركة

وخلال اليومين الماضيين، دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق، العراقيات إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات المبكرة.

وقالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، في بيان طالعته “طريق الشعب”، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، إن “السلام والتقدم الاجتماعي والتمتع الكامل بالحقوق والحريات الأساسية لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المشاركة الفاعلة والتمكين والمساواة للمرأة”.

وأردفت “أصبحت النساء العراقيات في طليعة النضالات المهمّة بشكلٍ متزايد، من كوفيد-19 إلى المساواة في الحقوق والعدالة والمساءلة. فالنساء القويات يصنعن مجتمعاً قوياً وزيادة المشاركة السياسية بما في ذلك الانتخابات، تمكّن النساء من بلوغ إمكاناتهن الكاملة، مما يؤدي بمجتمعاتهن إلى السلام والازدهار”.

عرض مقالات: