اخر الاخبار

ثمانية عشر عاما مضت على اول عملية انتخابية ديمقراطية شهدتها البلاد، منذ سقوط النظام المباد، وتأمل الشعب العراقي فيها خيرا، متوقعا أن تنتشله من واقعه السيئ والمأساوي، الذي تسببت به سياسات النظام السابق الفاشي، وبدل ان تعمل القوى المتحكمة بقرار البلد والتي تمتلك النفوذ داخل مجلس النواب، على ان تحسن الأوضاع العامة وتلبي تطلعات المواطنين، ساهمت هي الاخرى نتيجة لسياساتها الخاطئة، في ازدياد الوضع سوءا عما كان عليه.

وطبقا لأحاديث مختصين قابلتهم “طريق الشعب”، فان القوى الماسكة بالسلطة في مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي، تمحور نهجها حول نهج المحاصصة وتقاسم المناصب تحت عنوان (استحقاقات)، وهذا ما جعل المواطن يفقد ثقته بتلك القوى تماما، وكانت انتخابات تشرين خير شاهد على ذلك.

ويُحتفل باليوم الدولي للعمل البرلماني في 30 حزيران من كل عام، وهو التأريخ الذي تأسس فيه الاتحاد البرلماني الدولي في عام 1889. واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها 278/72، في أيار من عام 2018 هذه المناسبة الأممية السنوية، إقرارا بالدور الذي يضطلع به البرلمانيون في الخطط والاستراتيجيات الوطنية وضمان وجود شفافية ومساءلة أكبر على الصعيدين العالمي والمحلي.

واليوم الدولي للعمل البرلماني هو مناسبة لمراجعة التقدم المحرز، في تحقيق بعض الأهداف الرئيسة الرامية إلى جعل البرلمانات، أكثر تمثيلا لطوائف الشعوب وأكثر قدرة على مواكبة التغيرات، بما في ذلك القدرة على إجراء تقييمات ذاتية، فضلا عن العمل على إشراك المرأة والشباب في العمل البرلماني والتكيف مع التقانة الجديدة.

البرلمان مُعطّل

ووصف عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الرفيق حسين النجار، البرلمان بـ”المعطل” بعد أن حولت القوى المتنفذة صراعها الى خارجه، كون القرارات المصيرية والقوانين المهمة، تجري الموافقة عليها من قبل القيادات السياسية المتنفذة، المتصارعة، بينما يجري تغييب عمل النائب، بحسب قوله.

وأضاف النجار في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “التجارب العالمية التي يحدث فيها انتقال من السلطة الدكتاتورية الى الأنظمة الديمقراطية، تتشكل فيها برلمانات وطنية ومجالس موازية ومجالس محلية (مجلس نواب – مجلس اتحاد – مجالس محافظات)، خصوصاً في البلدان ذات التعددية الحزبية والطائفية والقومية، ومثل ذلك حدث في بلدنا، لكن طغمة الحكم لا تريد للبرلمان ان يأخذ دوره الحقيقي”.

وقال الرفيق حسين النجار، ان “الدورة الحالية تعد من اسوأ الدورات السابقة، نظراً لقلة حجم تمثليها للشارع العراقي، وعدم تمكن المجلس من تنفيذ المواد الدستورية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية الذي يكلف بدوره رئيس مجلس الوزراء، وكذلك فأنه بعد مرور 8 اشهر على الانتخابات، فإن القوانين المشرعة والجلسات المتحققة لا تتعدى أصابع اليدين”.

وأكد النجار، أهمية استمرار عمل المؤسسة التشريعية والرقابية (البرلمان) في وقتنا الحالي، مع ضرورة الانتقال قريباً الى تشكيل كتل برلمانية ذات اغلبية عددية تستند الى برامج سياسية وأخرى ذات اقلية عددية، تستند هي الأخرى الى برنامج.

وزاد ان “النهج السابق في عمل البرلمان لم يعد صالحاً”.

الابتعاد عن نهج المحاصصة

وقال النائب محمد عنوز: ان “العمل النيابي في البلاد منذ الدورة الاولى محكوم بطبيعة القوى السياسية والكتل ونتائج انتخاباتها، وهذا الذي يتحكم بالأداء النيابي بدليل أن قضية المحاصصة وتوزيع المهام تجري على هذه القاعدة، ونتأمل من الدورة الخامسة اعتماد الكفاءة والاختصاص، في ادارة اللجان على اقل تقدير”.

واكد النائب لـ”طريق الشعب”، ان المحاصصة “اثرت كثيرا على عمل المجلس وعطلت الكثير من التشريعات المهمة، وهو ما دفع لأن تصبح مرفوضة اليوم شعبيا وسياسيا، لأنها لم تقدم اي منجز يذكر”، مشيرا إلى وجود حرص نيابي في الابتعاد عن نهج المحاصصة.

ويأمل عنوز “تحسين اداء المجلس بعيدا عن المناكفات السياسية، لان المجتمع يحتاج الى تشريعات كثيرة”.

وفي اليوم العالمي للعمل البرلماني بارك عنوز “لكل اعضاء مجالس النواب في العالم، وفي العراق خصوصا، ونتمنى في هذه المناسبة، ان تكون الدورة الخامسة مختلفة عن الدورات السابقة، وان تحقق وتلبي تطلعات ابناء شعبنا. ونتمنى من الاخوة النواب السعي والعمل على ذلك”.

دون مستوى الطموح

من جانبه، قال المحلل السياسي مصطفى البهادلي ان “العمل البرلماني المعمول به بعد العام 2003 لا يزال دون مستوى الطموح من الناحية التشريعية والرقابية كوظيفتين رئيسيتين للعمل البرلماني، بدليل ان المنجز من التنمية منذ 2006 والى الآن بمقدار ما مصروف من الاموال  يعد تقريبا 5 في المائة فقط، وهو لا يلبي الطموح مطلقا على جميع المستويات”.

وأضاف في حديث خصّ به “طريق الشعب”، أنه “فيما يتعلق بالشق الرقابي تمت إدانة الكثير من المسؤولين، لكن لم يكن هناك أي عقاب أو رادع، لاسيما في ما يتعلق بالفساد الذي ما زالت الطبقة السياسية العراقية أسيرة له، وبالتالي كان من المفروض على البرلمان ان تكون له اجراءات صارمة كما هو منصوص عليه في الدستور والقوانين النافذة، وكما هو مؤمل ومتوقع من العمل البرلماني، وهذا هو ما لم يحدث”.

وخلص البهادلي الى انه “اذا قدر لنا ان نقيّم التجربة البرلمانية في ما بعد 2003 فان هناك اخفاقا كبيرا في عمل مجلس النواب العراقي”.

فوضى!

وعلى صعيد ذي صلة، اكد الناشط حسن المياحي ان “العمل البرلماني في العراق هو عبارة عن محاصصة، واعضاء مجلس النواب لم يأخذوا دورهم بشكل صحيح، علما ان النظام البرلماني هو من اشهر وافضل النظم في العالم، لكن في العراق الصورة مختلفة، نتيجة تعدد الاحزاب وعدم تفعيل قانونها، وتوغل المحاصصة التي طغت على عمل البرلمان”.

وعن تأثير المحاصصة على عمل البرلمان قال الناشط لـ”طريق الشعب”، انها “اثرت بشكل كبير وبنسبة 90 في المائة على عمل المجلس، فالأحزاب المتنفذة هي اليوم تسيطر على البرلمان، وحتى الحكومة لا يتم تشكيلها الا وفق مبدا تقاسم الكعكة والوزارات، وامتد الامر ليشمل حتى مدراء الدوائر والاقسام، فؤلاء يجب ان يكونوا تابعين للأحزاب المتنفذة، التي تسمي تلك العملية بأنها استحقاقات”.

ويعتقد المياحي ان “البرلمان يحتاج في واقع الحال الى معارضة حقيقية تقوّم عمله وتراقب عمل الحكومة، وتحرص على ان تكون الحكومة التي يجب تشكيلها هي حكومة اغلبية وطنية، بعيدة عن التحاصص. بهذه الالية من الممكن ان نقول ربما يتحسن وضع البلد”.

وخلص الى ان “هذا من الصعب تحقيقه ويحتاج الى ضغط من قبل الشارع والنواب المستقلين والأحزاب الوطنية”، متمنيا ان “يأخذ البرلمان دوره بصورة صحيحة، ويكون جهة رقابية وتشريعية قولا وفعلا، وان يتحلى النائب بشخصية قوية ومؤثرة كممثل عن الشعب لا معقب في الوزارات، فالكثير من النواب اليوم لا يعرفون دورهم وصلاحياتهم”.

عرض مقالات: