اخر الاخبار

تقود كتل سياسية في مجلس النواب مساعي لتعديل المادة 57 ضمن قانون الاحوال الشخصية، المتعلقة بحضانة الاطفال، فيما حذرت منظمات حقوقية وقضاة وناشطون من تشريعات “ذكورية” كهذه، مشيرين الى انها “تهين المرأة”.

ودعت مفوضية حقوق الانسان الى إيجاد قانون ينصف الزوجين واطفالهما الذين عادة ما يفقدون الحياة الكريمة بعد انفصال الابوين.

بنود مجحفة بحق المرأة

وتقول الناشطة في مجال حقوق الانسان، إنسام سلمان لـ”طريق الشعب”، ان “اعضاء مجلس النواب لم يراعوا في مقترح تعديل المادة 57 من قانون الاحوال الشخصية مصير الاطفال”.

وأضافت سلمان انه “في العام 2019 عمل مجلس القضاء الاعلى على تغيير اوقات المشاهدة، وسمح بإمكانية اصطحاب الاطفال والمبيت لدى الاب بعد انفصال الزوجين، على ان يتم ذلك بعد التراضي بين الطرفين”، مردفة بأنه “مع ذلك عمل مجلس النواب على التصويت على مقترح تعديل القانون ليس لصالح الطفل، بل الغاية منه الإجحاف بالمرأة، لا أكثر”.

وبيّنت سلمان أن “المادة 57 من القانون، تضمنت 9 بنود، أغلبها جرى اقتراح التعديل عليها بآلية مجحفة بالمرأة، منها عدم السماح لها بالزواج من رجل اخر، طول فترة حضانة الاطفال، والتي تم تحديدها لـ 7 سنوات، وحال لزم الامر بالزواج، عليها التنازل عن حضانة اطفالها. وفي حال وفاة الاب يكون للجد (والد الاب) الاولية بالحضانة من الام”.

ورأت الناشطة، ان المجلس “ترك الكثير من الجوانب المهمة كالمطالبة بتوفير اماكن مناسبة لرؤية الاطفال، وزيادة ساعات المشاهدة قانونيا، بينما تمسك بتشريع سلب الحضانة من الام لا اكثر”.    

قوانين تهلك الأسرة

الناشطة المدنية والمدافعة عن حقوق الطفل روان سالم، كتبت على صفحتها في “فيسبوك”، عن القانون قائلة: “بعد ان سلبوا كل شيء من هذا الوطن: ثرواته، مستقبل أجياله، صحة ابنائه، وأسماء شوارعه ومدنه، وأطاحوا بكل شيء جميل، جاءوا اليوم ليسلبوا من المرأة حق الحضانة وانتزاع الطفل من ذراعيها، من خلال تعديل المادة 57 من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959”.

واتهمت سالم مجلس النواب بـ”الفشل في تشريع قوانين تخدم العائلة العراقية وتحميها”.

وتتساءل الناشطة “ما الغاية التي يبتغيها مجلس النواب من سلب حضانة الام ومنحها الى الاب بعد سن السابعة، ومنه الى الجد حال وفاة الاب؟”.

واشارت الى ان المجلس “مشغول اليوم بتشريع قوانين ذكورية تهين المرأة، بينما يزداد سخط المواطنين على سوء الخدمات وازمة الكهرباء وانفلات الوضع الامني”.

حماية قانونية لعنف الرجل

وتذكر إلهام حسن (مدرسة) في حديث لـ”طريق الشعب”، أن “هناك الكثير من القوانين المعطلة على عمد من قبل مجلس النواب، لكون تشريعها لا يخدم مصالحهم الشخصية كقوانين مناهضة العنف الاسري وغيره”.

وتلفت حسن الى انه “كان الاجدر بمجلس النواب العمل على الغاء المادة 41 من قانون العقوبات، التي تبيح للزوج تأديب زوجته، والتي منح وفقها الرجل الحماية القانونية حال استخدام العنف المفرط ازاء الزوجة، بدلا من العمل على تعديل المادة 57 التي تحرم الطفل من حنان ورعاية والدته”.

خطاب سياسي انتخابي

وبحسب القاضي هادي عزيز فان “التعديل المجحف على قانون الاحوال الشخصية يثار في كل مرة مع اقتراب موعد الانتخابات، بغية دغدغة مشاعر بعض المؤيدين للخطاب السياسي الديني الطائفي”.

وقال عزيز في تصريح لـ”طريق الشعب”، ان “المقصود من اجراءات التعديل ليس النظر في مصلحة الطفل وزيادة ساعات المشاهدة من قبل الاب، وإنما بغية تعزيز الرؤيا الذكورية، خاصة وان هذا القانون تجده السلطة الدينية سحب جزء من صلاحيتها، وهم يحاولون قدر الاماكن اعادتها”. ونبّه الى ان “مجلس النواب اليوم تغاضى عن تشريع قوانين مهمة، تؤدي الى بناء الدولة المدنية، وراح يتمسك بتشريع قوانين هدامة للمجتمع والعائلة العراقية”. وزاد القاضي عزيز انه “بالإمكان الطعن ببنود القانون بعد نشره بجريدة الوقائع العراقية لدى المحكمة الاتحادية في حال تمريره”. واشار المتحدث الى ضرورة مواصلة التصدي من قبل جميع المعنيين من منظمات مجتمع مدني ومدافعين عن حقوق المرأة وقانونيين لمنع تمرير مقترح القانون المجحف بحق المرأة والطفل.

قانون العنف الاسري

بدوره، يرى عضو مفوضية حقوق الانسان د. علي البياتي انه “من الضروري العمل على ايجاد قانون يضمن الحياة الكريمة للطفل والتفكير بمصلحته اولا”، مشيرا الى ان “الجزم القانوني بنشأة الطفل اين يكون، بعد انفصال الزوجين اجراء غير موفق، خاصة وان هناك الكثير من النساء بعد الانفصال تكون غير قادرة على رعاية اطفالها، وكذلك الحال مع الرجال”.

وقال البياتي لـ”طريق الشعب”: “ليس من الانصاف السماح للرجال برؤية اطفالهم لساعات قليلة بعد الانفصال، وكذلك فان الطفل هو بأمس الحاجة الى رعاية الام، لذلك على الجهات التشريعية الخروج بقانون ينصف الطرفين برعاية اطفالهم، وبالتالي ضمان حياة كريمة للطفل التي عادة ما يفقدها بعد انفصال الابوين”.

ونبه البياتي الى “ضرورة العمل على انشاء مؤسسات خاصة لرعاية النساء والاطفال الذين يتعرضون الى التعنيف، فضلا عن الاسراع بتشريع قانون العنف الاسري”.

عرض مقالات: