اخر الاخبار

استذكر العراقيون خلال اليومين الماضيين، واحدة من ابشع جرائم النظام الدكتاتوري المباد التي اقترفها بحق الكرد والشعب العراقي، عندما استخدم الاسلحة الكيماوية ضد المواطنين المدنيين في مدينة حلبجة، مخلفا الآلاف من الشهداء والمصابين الذين ما زالوا يعانون رغم مرور ثلاثة وثلاثين عاما على هذه الفاجعة الأليمة.

وبعدما اصدرت الرئاسات الثلاث وجهات أخرى، مواقف رسمية بشأن هذه الفاجعة الاليمة، أكد ناشطون أن المأساة ما زالت مستمرة بسبب الفساد والمحاصصة وتقويض الجهود التي تريد بناء دولة المواطنة والكرامة والعدالة الاجتماعية.

مواقف رسمية

وتوالت المواقف الرسمية خلال الذكرى الثالثة والثلاثين للجريمة الجبانة التي ارتكبها نظام صدام الدموي بحق أهالي حلبجة المغدورين.

ووصف رئيس الجمهورية برهم صالح، الحادثة بـ”الجريمة النكراء”، معتبرا أنها تجسيد لمعاناة الشعب الكردي.

وقال صالح في تغريدة على “تويتر” اطلعت عليها “طريق الشعب”، إن “حلبجة هي الجرح الغائر في وجداننا. تتجسدُ فيها معاناة الشعب الكردي ونضاله لنيل الحرية حتى اضحت رمزاً للتضحية”، معتبرا “انصاف الضحايا وإعادة الاعمار والتكاتف لمنع عودة الاستبداد اعظم تقدير لشهدائها”.

أما رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فقد اكد ان “الفاجعة تمثل جرحا غائرا بسبب الظلم الذي يكون اداة بيد الحاكم”.

ووفقا لبيان اصدره مكتب الكاظمي، فإن “ذكرى الجريمة التي اودت بحياة الالاف من المدنيين تمثل انعطافة مؤلمة في تاريخ نضال الشعب ضد الطغيان والدكتاتورية. حيث تنذر مرارة تلك المأساة المستمرة بما يمكن ان يرتكب اليوم باسم الكراهية والعنصرية”.

وفيما أكد رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، على “ضرورة توحيد الجهود لمواجهة تحديات المستقبل، والتضامن مع ذوي ضحايا حلبجة”. دعا رئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني، الحكومة الاتحادية إلى “تأدية واجباتها في تعويض السكان والبيئة المسممة لمدينة حلبجة”.

إبادة جماعية

وتداول المدونون على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي، صور الجريمة البشعة، مستذكرين التضحيات التي قدمها الشعب العراقي الذي ما زال يطالب بدولة الكرامة والعدالة الاجتماعية.

وعلق الناشط المدني، شهاب الاركوازي على هذه الجريمة قائلا إن “الجريمة التي اقترفها النظام السابق بحق أهالي حلبجة، تعتبر واحدة من ابشع واشرس الابادات الجماعية في تاريخ العراق الحديث والعالم أيضا. حيث قتل قرابة خمسة آلاف مواطن بريء من اهالي مدينة حلبجة التابعة لمحافظة السليمانية، في هجوم كيماوي جوي طال الرجال والنساء والأطفال”.

وأوضح الاركوازي خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، أنه رغم مرور ثلاثة عقود على هذه الجريمة “ما زال الناجون يعانون مضاعفات صحية كبيرة وبعضهم لا يلاقي الرعاية الصحية اللازمة في ظل تردي الوضع الصحي الذي تعمق بسبب جائحة كورونا. كما إن تجربة الحكم الحالية لم تقدم نموذجا يحتذى به لنتجاوز مرحلة الدكتاتورية. انما عادت المأساة مجددا، فيما العراقيون يتذوقون مرارتها منذ العام 2003 للأسف الشديد”.

وعن المصابين في هجوم حلبجة، أكد لقمان عبد القادر، رئيس جمعية القصف الكيماوي لحلبجة، أنه “قبل انتشار فيروس كورونا كان بعض الناجين يرسلون إلى دول الجوار للعلاج. إلا إنهم يواجهون الان مصاعب كثيرة بسبب عدم وضع برامج صحية لهم من قبل حكومة كردستان والحكومة العراقية”.

ودعا عبد القادر، في تصريح صحفي، الجهات المعنية إلى “إرسال المصابين إلى أوروبا لتلقي العلاج. فالكثير منهم يعانون من ضيق التنفس وضعف في النظر”.

وعود لا أكثر

وفي السياق، أوضح الناشط في مجال حقوق الإنسان، مهدي صباح، إن الحديث عن تعويض المتضررين أو معالجة المصابين، لا يكون منطقيا عندما تطلقه جهات حكومية ورئاسية مسؤولة.

وبيّن صباح لـ”طريق الشعب”، إن “هناك الكثير من المواطنين الذين يعانون من مضاعفات التعرض للمواد السامة، ويجب على حكومتي المركز والاقليم الالتفات لهم، فضلا عن باقي المواطنين الذين يرهقهم المرض، ولا قدرة لهم على العلاج، فهذا افضل من الصراعات السياسية المستمرة من اجل تقاسم السلطة والمال السياسي”، لافتا الى أن “حكام العراق الجدد لم يتعظوا من جرائم نظام البعث، وساهموا بشكل اساسي في تكرار المجازر مثلما حصل في الموصل وقاعدة سبايكر والصقلاوية والعشرات من الكوارث، التي كان آخرها الجرائم التي يقترفها إلى الان نظام المحاصصة بحق المتظاهرين السلميين”.

وبحسب الاحصائيات المتاحة، فإن قرابة 500 مصاب في فاجعة حلبجة، ما زالوا يعيشون في وضع صحي صعب، ويعانون من تداعيات المأساة.ى وزاد المتحدث أن “من المفارقات الكبيرة أن يتحدث المسؤولون عن هذه الجريمة، ويؤكدون عدم سماحهم لعودة هذه المشاهد. بينما نرى الجرائم بحق شعبنا مستمرة، وتعززها الازمات الاقتصادية والامنية والصحية المستمرة”، داعيا الى “تعزيز النظام الديمقراطي بشكل حقيقي وفسح المجال امام الحريات العامة، وفتح ملفات حقوق الانسان المغلقة والتي تضم الالاف من المآسي والقصص، وانصاف العوائل التي اكتوت بنار الحرب وتوفير المناخ اللازم للعيش الكريم”، معتبرا ذلك “مقومات اساسية لبناء البلد وتجاوز آثار الماضي، وليس الحديث الاستعراضي الذي مرارا ما ينتهي بالوعود، بينما يستمر الفساد والسباق نحو السلطة بقتل الابرياء”.

عرض مقالات: