رغم مضي 137 عاما على أول إضراب عمالي عالمي، وقرابة ثمانية أعوام على تشريع مجلس النواب العراقي لقانون العمل النافذ، ومصادقته على أغلب الاتفاقيات الدولية، فإن معاناة النساء العاملات لاسيما في القطاع الخاص مازالت مستمرة، فشروط عملهنّ بحسب ناشطين “يسودها التمييز بمختلف اشكاله فضلا عن الاضطهاد المضاعف”. مشددين على ضرورة الأولوية لشمول النساء العاملات في القطاع الخاص بالضمان الاجتماعي للعمال.
وتتحدث المواطنة، هند عامر عبد الله، وهي عاملة في إحدى شركات القطاع الخاص، عن مخالفات كبيرة يرتكبها أرباب العمل بحق العاملات، خلافا للقوانين النافدة.
طرد دون إنذار
وتقول لـ” طريق الشعب”، إن “العاملات في القطاع الخاص يتعرضن إلى أبشع أنواع الاستغلال عبر فرض أعمال اضافية خارج مهام عملهن الأصلية، ودون تعويضات مالية تذكر، وحال الاعتراض “فإن طرد العاملة من عملها هو سيد الموقف دون رعاية لظروفها الخاصة او حتى إنذارات مسبقة لها”.
وتذكر أن زميلتها “سرحت من العمل تعسفا بعد وضع جنينها، على الرغم من تقديم طلب بمنحها اجازة إلا أن طلبها صد بالرفض على الرغم من الحاجة الماسة اليه، ليصدر بعد أيام قرار الاستغناء عن خدماتها بحجة الغياب”.
وتنبه عبد الله الى أن “غالبية العاملات في القطاع الخاص غير مشمولات بأي شكل من أشكال الضمان الاجتماعي”، منوهة إلى أن “صاحب العمل اكتفى بشمول عاملين من الرجال بالضمان، وذلك للظهور أمام فرق تفتيش وزارة العمل حال زيارتهم الشركة”.
وتأمل عبد الله أن تكون مسيرة الأول من آيار هدا العام “مطلبية بضمان حقوق عمال وعاملات القطاع الخاص وعدم اقتصارها على مسيرة تعبر عن الاحتفال باليوم العالمي للعمال لا أكثر”.
عقود عمل غير منصفة
من جانبها، تكشف الناشطة في مجال حقوق المرأة، زهراء الدرويش، عن انتهاكات أخرى تتعرض لها النساء العاملات في القطاع الخاص وتقول لـ”طريق الشعب”، إن “حاجة النساء إلى العمل كبيرة، إلا أن عدم المعرفة الكافية بضمانات العمل، جعل منهن فريسة سهلة الاستغلال من قبل البعض من أرباب العمل”، موضحة أن “البعض من أرباب العمل يفرضون على العمال الراغبين بالعمل توقيع عقود عمل تتضمن انتهاكات قانونية كفرض غرامات مالية كبيرة عند اعتراض العامل على طبيعة العمل وساعاته أو الرغبة بترك العمل”.
وتؤكد الدرويش أن “نساء كثيرات يقبلن بهذه الشروط بسبب عدم الدراية أولا بالتبعات القانونية التي تترتب عليها عند التوقيع، وبالتالي هن أسيرات عمل وفقا للعقد الذي لا تستطيع دفع ثمن شروطه، وحاجتها الماسة إلى العمل للارتقاء بواقع حالها وحال أسرتها المعاشي”.
وتحمل الناشطة “لجنة حقوق الانسان النيابية ولجنتي العمل والمرأة إضافة إلى النقابات العمالية مسؤولية الانتهاكات التي تتعرض لها النساء العاملات في مختلف القطاعات العمل”، مشددة على أن” اللجان البرلمانية المعنية تسعى إلى تعديل قانون العمل من أجل تقليص حقوق العمال فيه، تماشيا مع مصالح أرباب العمل لا أكثر”.
قانون جيد ولكن!
في السياق تفيد المحامية المتخصصة في الشأن العمالي، سماح الطائي، لـ”طريق الشعب”، أن “قانون العمل يتضمن نصوصا قانونية كفيلة بحماية العاملات بمختلف القطاعات ومنح الحرية الكاملة لعمل التنظيمات النقابية العمالية، إضافة إلى نصوص أخرى حجم بموجبها جميع أشكال التمييز وحرص على تحقيق المساواة في الأجور وساعات العمل”، وتضيف “كما أن القانون منح النساء العاملات امتيازات عمل خاصة تنسجم مع طبيعة التزاماتها الاجتماعية”.
وتذكر “إلا أنه على الرغم من الحملات التي نظمتها وتنظمها الاتحادات النقابية ومنظمات المجتمع المدني وواقع حال العاملات، فان الاستجابة من قبل الحكومة بطيئة في تنفيذ بنود القانون”.
انتهاكات مسكوت عنها
وتؤكد الطائي “إن عمال القطاع الخاص هم أكثر الفئات مظلومية على الرغم من النصوص القانونية النافدة المعطل تنفيذها عمدا”، لافتة إلى “وجود شكاوى كثيرة تصل إلى محكمة العمل من نساء يتعرضن في مواقع العمل إلى أبشع وسائل الاستغلال والمساومة دون توفير الحماية اللازمة لهن”.
وشددت الطائي خلال حديثها على ضرورة “ شمول أكبر عدد من النساء العاملات في القطاع الخاص بالضمان الاجتماعي خاصة وان الكثير من النساء يتعرضن إلى ظروف حياة صعبه فرضتها التحديات المختلفة التي تمر بها البلاد وهن بحاجة ماسة إلى العمل”.