اخر الاخبار

لا يختلف اثنان على أهمية التنويع الاقتصادي في العراق، الذي يرتكز اقتصاده ويعتمد بنسبة 93 في المائة وفقا لخبراء على الريع النفطي، ودوره الهام في قيادة عملية التنمية في البلاد وتحريك عجلة الاقتصاد التي اصابها الصدأ، وعلى الرغم من أهمية هذه العملية في زيادة واردات الدخل القومي للبلاد وإنعاش الاقتصاد الا اننا لم نشهد أي تقدم ملحوظ في هذا الصدد.

ورهن مهتمون بالشأن الاقتصادي ذلك بأسباب عديدة منها الفيتو السياسي الذي يصر على التطبيقات العقيمة لسياساته الاقتصادية، والتي زادت الامر سوءا، وغياب الإرادة السياسية والصراعات بين قوى السلطة المتنفذة.

وأكدوا، اننا بحاجة لوضع خطط من قبل خبراء مختصين على المدى البعيد تنفذ حتى مع تغيير الحكومات.

استراتيجية للتنويع الاقتصادي

وقال عضو مركز العراق للدراسات الاستراتيجية جليل اللامي، ان الاقتصاد العراقي، “واجه العديد من المشكلات التي تراكمت خلال الاعوام الخمس والعشرين الماضية والتي أعاقت نموه بل أدت الى تراجعه وانهياره، ولم يستخدم القائمون على السياسة المالية والنقدية في العراق اية معالجات. وهذه المشاكل بدأت تتراكم منذ نشوب الحرب العراقية الايرانية مرورا باحتياج الكويت والعقوبات الاقتصادية”.

وأوضح في حديث خص به “طريق الشعب”، قائلا ان غياب المعالجات “لا يعود لعدم قدرة المختصين على إيجاد تلك الحلول، وانما نتيجة للقرار السياسي الذي يبدو أنه قد أصر على التطبيقات العقيمة لسياساته الاقتصادية، التي زادت الامر سوءا، وبالنتيجة فان هناك نوعين من التحديات التي اعاقت عملية التنمية الاقتصادية في العراق”.

وعن هذه التحديات قال “الأول، التحديات الموروثة عن الحقب والمراحل السابقة. أما الثاني، فهو تحديات جديدة، ومنها التي طفت على سطح المشهد الاقتصادي والسياسي بقوة بعد 2003، بالإضافة الى اختلال البنية التحتية والمديونية والتضخم والكساد والبطالة، والتي تعتبر من أهم التحديات التي تواجه عملية التنمية الاقتصادية في العراق”. لذا لا بد من حل لهذه المشكلات التي أصبحت دائمة ومرتبطة بهيمنة الاحتلال، بحسب ما يؤكد اللامي.

وأشار المتحدث الى ان “التنويع الاقتصادي وسيلة للنمو والتطور الاقتصادي، ومواجهة الأزمات الاقتصادية وأن النظرة المتفحصة للتنويع، لا بد أن تكون ضمن إطار شمولي غير متجزئ يتم من خلاله وضع المعالجات لأهم الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي، والمتمثلة باختلال هياكل الناتج المحلي والصادرات السلعية وتوزيع القوى العاملة وتباين مساهمة القطاعين المحلي والأجنبي في الأنشطة الاستثمارية”.

وتابع: “كذلك العمل على تفعيل دور القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام في إدارة الأنشطة الاقتصادية، وعدم تفرد مصدر وحيد في تمويل الموازنات الاستثمارية”.

وشدد على ضرورة ان تتم “هذه العملية التنموية وفق شروط توضع كاستراتيجية للتنويع الاقتصادي، تتحدد فيها الآليات اللازمة للشروع في عملية التنويع الاقتصادي على الأصعدة كافة، ومن خلال مراجعة السياسات الاقتصادية في العراق نجد عدم وجود أي دور لها أو عدم ملازمتها، سواء في جانبها المالي أو النقدي أو التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو غيره من السياسات، المتمثلة بسوء استخدام ايرادات النفط”.

صراعات ومصالح ضيقة

وعلى صعيد ذي صلة، أوضح الخبير الاقتصادي رشيد السعدي قائلا انه: “في النظريات الاقتصادية، لغرض تنويع مصادر الدخل الطبيعية، يجب على الانسان ان يستفيد من موارده الطبيعية، وفي العراق من الضروري ان يتم تنويع مصادر الدخل القومي من خلال الموارد الطبيعية الموجودة، لأنها كثيرة جدا ومتنوعة وقادرة على تحقيق الغرض، لا ان يتم الاعتماد فقط على مصدر واحد والاكتفاء به”.

وفي سياق حديثه لـ “طريق الشعب”، قال: ان “ مصدر دخل العراق ريعي، ويعتمد وفق اخر الإحصائيات على النفط بنسبة 93 في المائة، وهنا يجب ان نرفع الايراد غير النفطي الى حدود الـ 40 في المائة على اقل تقدير”، مشيرا الى “لدينا موارد طبيعية كثيرة: معادن واهوار وثروة حيوانية وكفاءات بشرية ايضا. بمعنى اخر نحن قادرون على تعديل موارد الدخل القومي على ضوء الموارد الطبيعية الموجودة”.

واسترسل السعدي بالقول “نحتاج اليوم الى تخطيط سليم والاستعانة بخبراء ومختصين في مجال الاقتصاد، والابتعاد عن نهج المحاصصة، وتكليف اصحاب الاختصاص في المكان المناسب، مع وجود إرادة سياسية، وان نضع خططا بعيدة المدى، على ان يتم تنفيذ هذه الخطط الموضوعة من قبل خبراء، حتى بعد تغيير الحكومة والوزراء”.

وحدد الخبير الاقتصادي العقبات التي تقف امام تحقيق ذلك، والتي من بينها: “الصراعات بين القوى السياسية على المصالح الضيقة، ومن جانب اخر قضية الاقليم والمركز بالإضافة الى المشاكل الأخرى التي حالت دون تطور العراق ونالت من استقراره السياسي، وهذا ما ادى الى عدم الاستقرار الاقتصادي وتبعه عدم استقرار أمنى واجتماعي”.

واكد ان “القوى السياسية لديها ادوات فيما لو استخدمت بشكل صحيح وضمن خطة مهنية علمية وطنية، فسيكون بإمكانها تحقيق ما تحدثنا عنه، ولكن الصراعات والخلافات السياسية والمصالح تعيق عملية التنمية في البلاد”، مبينا انه “لو كانت هنالك قيادة موحدة تقود البلد فسيكون الامر مختلفا، فنحن نرى ان اي رئيس وزراء يعاني ولا يستطيع حتى تحقيق برنامجه الحكومي”. 

وخلص الى انه إذا لم تكن هناك حكومة قوية يكون رئيسها صاحب قرار قوي وحازم، فلا يمكن تحقيق اي عملية تنمية في البلاد وعلى كافة الصعد، طبقاً للمتحدث.

عرض مقالات: