اخر الاخبار

يغذي نظام المحاصصة وما رافقه من فشل كبير على مختلف الأصعدة، تنامي ظاهرة عمالة الأطفال وبلوغها مستويات قياسية في ظل الحروب والاقتتال والظروف الاقتصادية الصعبة.

وتشير الأرقام إلى وجود أعداد هائلة منهم يعملون في بيئات ومناخات غير سليمة، تحرمهم من الدراسة وتنتهك طفولتهم، بينما لا يقدر قانون العمل على حمايتهم، ولا تفكر الحكومات في مصيرهم. وفي العام الماضي، قالت منظمة اليونيسيف أن ثلث أطفال العراق يمرّون بظروف اقتصادية صعبة تضعهم أمام متطلبات العمل لإعانة عائلاتهم، مشيرة إلى أن هناك طفلين فقيرين من بين كل 5 أطفال في العراق.

أعداد كبيرة جدا

أن ظاهرة عمالة الأطفال ليست جديدة على المجتمع لكنها نمت بشكل كبير جدا في السنوات الأخيرة بسبب الفجوة الهائلة بين أقلية ثرية وأكثرية تعاني الفقر والحرمان والتهميش.

وضمن آخر الأرقام، يقول علي البياتي، العضو السابق للمفوضية العليا لحقوق الإنسان: إن الدراسات التي أجرتها الحكومة تشير إلى وجود 4,8 في المائة من الأطفال يعملون في سوق العمل وهم عرضة للاتجار بالبشر والاستغلال. وبحسب البياتي، فأن “خطورة عمالة الأطفال تكمن في علاقتها المباشرة مع جرائم الاتجار بالبشر كالأعمال القسرية والتسول القسري والاستغلال الجنسي والدعارة”.

أما الناشطة العمالية منال جبار، فترى أن الظاهرة بدت تتوسع مؤخرا وبشكل كبير وهنالك أطفال يعملون بمهن قاسية مثل التنظيف وغيره، ومن فئات عمرية مختلفة.

وتوضح جبار لـ”طريق الشعب”، أن الحكومة “صادقت على اتفاقية منع عمالة الأطفال مع منظمة العمل الدولي، وهي ملزمة باتخاذ الإجراءات لمكافحة الظاهرة أو الحد منها على أقل تقدير، لكن إجراءاتها غائبة والقوانين التي لديها بهذا الخصوص بقيت حبرا على ورق وأصبحت عمالة الأطفال ظاهرة طبيعية داخل المجتمع الذي يعاني الكثير”، لافتة إلى أن “قانون العمل مرمي على الرفوف ولا تقوم الجهات المعنية بتطبيقه، وأن الوضع الاقتصادي يدفع بالناس الى تشغيل أطفالهم لأنهم الحلقة الأضعف في ظاهرة الفقر”.

وشددت جبار على ضرورة “توفير البيئة الآمنة للأطفال والحد من ظاهرة الفقر ورفع مستوى دخل العائلات حتى تكون هذه خطوة نحو مواجهة الظاهرة، فضلا عن مساعدة الأطفال في اكمال دراستهم. بإمكان وزارة العمل أن تفتش في أماكن كثيرة تنتهك الطفولة مثل معامل الطابوق في النهروان وغيرها، فهنالك أماكن تجبر الأطفال على العمل لساعات طويلة جدا وبأجور ضئيلة وظروف قاسية وغير صحية”.

إحصائيات ومؤشرات

وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” (UNICEF) إلى أن نحو 90 في المائة من الأطفال العراقيين لا تتاح لهم فرصة الحصول على تعليم مبكر، ورغم زيادة معدل التحاق الأطفال بالتعليم الابتدائي عند مستوى 92 في المائة، فإن إكمال المرحلة الابتدائية بين أطفال الأسر الفقيرة لا يتجاوز 54 في المائة.

وبحسب إحصاءات أصدرتها المنظمة في العام الماضي، فإن ثلث أطفال العراق يمرون بظروف اقتصادية صعبة تضعهم أمام متطلبات العمل لإعانة عائلاتهم، وتوضح أن أطفال العراق يواجهون أعلى زيادة في معدلات الفقر، حيث يوجد طفلان فقيران بين كل 5 أطفال.

قانون غير نافذ

وبهذا الشأن، تقول سميرة ناصر، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات عمال العراق، أن الحديث عن عمالة الأطفال يحيلنا إلى قانون العمل الذي يحدد هذه الظاهرة ويواجهها بنصوص قانونية.

وخلال حوارها مع “طريق الشعب”، ترى ناصر أن “تنفيذ قانون العمل سوف يقلل الظاهرة لكن المشكلة تكمن في عدم تفعيله وغياب دور الجهات الرقابية”، مردفة ان “لجان التفتيش المشتركة لا تقدر على تغطية أماكن البلد لرصد الحالات وبالتأكيد هي قادرة على مواجهة الفقر الذي يعتبر أساس المشكلة؛ فهنالك تفاوت طبقي كبير وغياب للحماية الاجتماعية حيث أن هنالك 120 مفتشا فقط على الضمان والسلامة والصحة المهنية في كل العراق وهناك ضعف (لوجستي) كبير يواجههم، وبالتالي فان هذا العدد غير قادر على تغطية البلاد كاملة فهو قليل جدا قياسا بالعدد السكاني وسوق العمل الموجود”.

وبحسب ناصر، فإن “قانون العمل يتطرق إلى قضايا كثيرة منها أصحاب العقود والأجور ويحدد سقف الرواتب والإجازات خصوصا منها للنساء في فترة الأمومة، ويمنع عمالة الأطفال ويعطي مكتسبات كثيرة للعمال لكن أصحاب العمل لا يطبقونها بسبب عدم وجود الرقابة”.

وبحسب مختصين، فإن أهم أسباب عمالة الأطفال هو العامل الاقتصادي حيث أن نسبة الفقر وصلت في بعض المحافظات إلى النصف وهنالك أيضا حوالي مليون نازح داخلي يعيشون أوضاعا مضطربة، إضافة إلى وجود ما يقارب ٢،٦ مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية بحسب تقارير دولية. وخسر الكثير من الأطفال معيلهم الرئيس خاصة في المناطق المحررة وتركوا المدارس بسبب النزوح أيضا أو ضعف أداء المؤسسة التعليمية.

وتجري المطالبات بوضع حلول منطقية وعملية لأن عمالة الأطفال خطرة جدا ولها تداعيات مجتمعية، ويكون ذلك من خلال تفعيل القوانين وعدم الاكتفاء باللجان وإعداد برامج خاصة لمراقبة سوق العمل ومنع الاستغلال ومعاقبة الجناة ومعالجة مشكلة الفقر وإعداد بديل للعائلات في الجانب الاقتصادي وبرامج اجتماعية لإعادة تأهيل الأطفال وحمايتهم ومتابعة التزامهم بالمدارس وتشجيع ذلك وتوفير كل المتطلبات مع معالجة مشكلة سوء أداء المؤسسة التعليمية.

عرض مقالات: