اخر الاخبار

كشفت لجنة النزاهة النيابية، عن تحركها لتشريع قوانين تخص إعادة أموال العراق المهربة إلى الخارج.

وبحسب خبراء مختصين في الشأن الاقتصادي، فان قدرة العراق على استرداد أمواله، مرتبطة بقضية متشابكة، وتستلزم اتفاقيات دولية وأخرى ثنائية، مبينين ان الإشكالية الحقيقية تتمثل بضرورة اتباع العراق الخطوات القانونية التي تشمل إجراء تحقيقات قضائية محلية، تصل إلى أحكام قضائية قطعية.

وتتراوح قيمة هذه الأموال بحسب الأرقام ما بين 300 و350 مليار دولار منذ الفترة التي اعقبت الاحتلال الأمريكي عام 2003 وحتى الآن، أي ما يعدل 32 في المائة من إيرادات العراق، عدا الأموال التي هرّبت قبل ذلك.

أرقام رسمية

ووفقا لعضو لجنة النزاهة البرلمانية، هادي السلامي، فإن لجنته “تعتزم مناقشة قانون صندوق استرداد أموال العراق المهربة”.

واضاف السلامي في تصريح صحافي، ان “التداخل بالقوانين أمر غير صحيح. يجب العمل على توحيد المواد فيها، وأن اجتماع اللجنة كان يتضمن الجولة الأولى من المشاورات مع الجهات المعنية فيما ستتم متابعة الاجتماعات لإكمال المواد الخاصة بالقانون”.

واشار السلامي الى ان “اللجنة تسعى جادة لتشريع القانون الخاص بإعادة تلك الأموال لتعود بالفائدة على موازنة الدولة”.

أهمية القانون

من جهته، قال النائب هريم كمال اغا عضو اللجنة البرلمانية ذاتها، في تصريح خص به “طريق الشعب”، انهم في طور مراجعة ودراسة القانون بهدف تشريعه قريبا، مضيفا “لا شك في ان هذا القانون سيسترجع الأموال المهربة وغير المصادرة او تلك التي جاءت عن طريق الكسب غير الشرعي، ومن خلاله سنستطيع حماية أموال الدولة واسترجاع هذه الأموال الى خزينتها”.

وتابع النائب قائلا: “أن القانون موجود لدى اللجنة منذ الدورة الرابعة، الى جانب مشاريع قوانين أخرى، بعضها يحتاج الى تشريع، والاخر لتعديل. سنبدأ بالعمل عليها، لأن الدولة تحتاج الى مثل هذه القوانين. وهذا القانون بالذات سيحقق مكاسب للدولة بكل تأكيد لما له من فوائد للموازنة العامة”.

وكرر ان “اجتماعات اللجنة القدمة ستكون لإكمال مواد القانون”.

معرقلات كثيرة

وقبل عام من الآن، أعلن رئيس الجمهورية برهم صالح عن تقديمه مشروع قانون “استرداد عوائد الفساد” إلى البرلمان، في مسعى لاسترداد نحو 150 مليار دولار هربت للخارج بعد عام 2003، كانت كفيلة بأن “تضع البلاد في مكان أفضل”، بحسب قوله.

ومنذ ذلك الحين، لم يقم البرلمان الماضي ولا الحالي بمناقشة قضية مهمة مثل هذه رغم أنها تتعلق بمئات مليارات الدولارات.

ويؤكد مراقبون أن هذه القضية مرتبطة بتورط جهات سياسية ومتنفذين في سرقة وتهريب هذه الأموال.

الرئيس صالح أوضح في وقتها أن حجم الأموال المنهوبة يبلغ 150 مليار دولار، لكن تأكيدات أخرى أشارت إلى أن الرقم أقل كثيرا من المبلغ الحقيقي.

ووفقا لتقديرات لجنة النزاهة النيابية في عام 2021 فأن الأموال المهرّبة من قبل بعض الفاسدين في عهد النظام السياسي الحالي تقدر بنحو 350 مليار دولار، أي ما يعدل 32 في المائة من إيرادات العراق خلال 18 عاما، بعد عام 2003.

وتعليقا على الأمر، قال الخبير الاقتصادي، رعد تويج، أن المعرقلات التي تقف بوجه استعادة الأموال تتمثل بنفوذ الجهات المتورطة بالفساد وتأثيرها على صناعة القرار.

وأوضح تويج لـ”طريق الشعب”، أن “الحديث عن استعادة الأموال لا يبتعد عن المحاولات الدعائية، وأنه ليس من السهولة استعادة الأموال المهربة المودعة بالمصارف العالمية، إذ إن جميع المصارف الدولية تعتمد السرية الكاملة في حفظ الأموال، خاصة أن العراق لم يفلح في استرداد الأموال المهربة من زمن النظام السابق”.

تورط المتنفذين

من جانبه، يوضح الباحث السياسي احمد جميل، أن الفشل السياسي المستمر ونظام المحاصصة بشكل عام عرقل اي مسعى لاسترداد الاموال.

وبيّن جميل لـ”طريق الشعب”، أن أي حكومة من الحكومات المتعاقبة “لم تقم بجهد واضح بهذا الخصوص، حيث الصراع على السلطة واستشراء الفساد كان اكبر عوامل رعاية هذا الملف وحماية الأموال المهربة من الملاحقة. يمكن القول أن التردي السياسي وضعف الحكومات وفشل البرلمان المتواصل سيجعل الدول لا تتعاون مع العراق بهذا الجانب ما دامها ترى ضعفا في السيادة العراقية والجدية في القضاء على الفساد”.

وتابع قائلا: ان “جزءا آخر من المشكلة يتمثل في أن عددا غير قليل من الأحزاب السياسية المتنفذة هي بالأصل متورطة بالفساد والتهريب، ما يجعل الأمور أكثر صعوبة”، لافتا إلى أن “تهريب الأموال مستمر، وهناك قوى تناهض أي قانون أو فكرة لملاحقة الأموال المهربة، ولن يكون هناك حل ما لم نرَ تغييرا حقيقيا في بنية هذا النظام السياسي ومنظومة المحاصصة المقيتة”.

طرق كثير للفساد

وفي تصريح سابق لأستاذ الاقتصاد بالجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني، يقول إن حجم الأموال المهربة نتيجة الفساد لا تقل عن 350 مليار دولار، وقد تصل لـ 500 مليار، مبينا أن الفساد ينقسم لعدة أصناف أولها عمليات الفساد المباشر وتهريب الأموال المحصلة من الإتاوات وسرقات الموازنة.

ويعلق قائلا: “أن هناك نوعا آخر من الفساد وتهريب الأموال للخارج يتمثل بالعقود والمقاولات الحكومية التي سلمت أموالها للمتعاقدين دون تنفيذ المشاريع، فضلا عن تضخم مبالغ العقود والرشى والابتزاز”.

وعن إمكانية استعادة هذه الأموال، يرى المشهداني وجود “صعوبة بالغة، إذ يحتاج العراق لفريق قانوني مُلِمٍ بالقوانين الدولية والمعاهدات وعمليات غسل الأموال”، مبينا أن على الحكومة “إجراء تحقيقات قضائية داخلية، ثم تقديم الأدلة والوثائق للدول التي هربت إليها هذه الأموال”.

عرض مقالات: