اخر الاخبار

كشفت إحصائية قضائية مؤخرا عن تسجيل العراق أكثر من 2400 ألف حالة ابتزاز إلكتروني خلال 3 أشهر، احتلت العاصمة بغداد النصيب الأكبر منها، وحسب ما أوردت رابطة القاضيات العراقيات فان عدد حالات جرائم الابتزاز الإلكتروني في العراق بلغ 2452 حالة للمدة من 2 كانون الثاني حتى 31 آذار الماضيين.

وأوضحت الإحصائية، أن “هذه النسب جاءت ضمن إجابات رئاسات محاكم الاستئناف الاتحادية لعام 2022 وتوزعت كالتالي: بغداد الرصافة (76 حالة)، وبغداد الكرخ (481 حالة)، ونينوى (146 حالة)، والبصرة (57 حالة)، وميسان (9 حالات)، وصلاح الدين (75 حالة)، وذي قار (227 حالة)، وكركوك (207 حالات)، والمثنى (75 حالة)”.

وسجّلت بابل (102 حالة)، والنجف (19 حالة)، وكربلاء (209 حالات)، وديالى (421 حالة)، وواسط (14 حالة)، والقادسية (113 حالة)، والأنبار (221 حالة).

وفي نيسان الماضي، كشف جهاز الأمن الوطني عن مقطع فيديو مصور عرضت خلاله اعترافات مدان ابتز فتاة حتى اوصلها إلى الانتحار. وسجل العراق خلال العام الماضي وفق إحصائية كشفت عنها الشرطة المجتمعية 1950 حالة ابتزاز معظم ضحاياها من النساء بينهن فتيات في سن المراهقة، وأطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما.

دور المعنيين ما زال ضعيفا

وقالت الناشطة في مجال حقوق المرأة بشرى العبيدي ان “اكثر الحالات سجلت في بغداد، وهذا الرقم الكبير هو فقط الرسمي المسجل، بينما المخفي هو أضعاف المعلن، وذلك لأن الكثير من الفتيات، غير قادرات على الذهاب والتبليغ بسبب طبيعة المجتمع والاعراف العشائرية السائدة”.

واضافت العبيدي في حديثها لـ”طريق الشعب”، أن “هناك ضحايا انتهت حياتهم ومستقبلهم ولكن فضلوا السكوت وتكتموا على الموضوع، وتحملوا الاذى فقط في سبيل عدم وصول المعلومة الى ذويهم، وهناك البعض فقدوا حياتهم بسبب الابتزاز، وكل هذا لا يصل الى السلطات التحقيقية والقضاء، والارقام غير المسجلة ضخمة، فنحن نسمع من الشباب في فرق مكافحة الابتزاز الالكتروني ارقاما مخيفة”.

واسباب هذه الزيادة الكبيرة تعزوها العبيدي الى “عدم امتلاكنا قوانين وحاولنا بشدة ان نشرع قانونا صحيحا، لمحاربة الجرائم الالكترونية لا الابتزاز فقط، وكانت النتيجة ان خرجوا علينا بمشروع هزيل، فنحن لا نريد كبت الحريات وتقييدها، بل نريد قانونا يحارب المبتز، لا المواطن الذي يستخدم الهاتف الذكي”.

وعلقت المتحدثة على قانون الجرائم المعلوماتية قائلة: ان “القانون الذي كان في مجلس النواب هو سيئ الى ابعد الحدود ويحرق الاخضر واليابس بفقراته الملغمة، وهو ليس علاجا قانونيا، فالقانون الذي نحتاجه يجب ان يحافظ على سرية الموضوع وهوية الضحية، وعندنا وللأسف يتم النشر والاعلان من قبل الشرطة بطريقة لا تحافظ على هوية الضحية”.

وتابعت “اذا اردنا التشجيع على الابلاغ عن حالات الابتزاز، فيجب ان تكون هناك سرية وتكتم من قبل المعنيين، فهناك مشكلة تتمثل بضرورة ان تتقدم الضحية الى مركز الشرطة او المحكمة فقط لتقديم شكوى، وهذا خطأ كبير جدا وصعب في ذات الوقت، فالأفضل ان يكون هناك رقم هاتف او تطبيق خاص  للتبليغ عبر الهاتف”.

وعلقت الناشطة على دور المعنيين بالشأن واصفة اياه بـ(الضعيف) “فعلى الرغم من وجود جهود ومحاربة للمبتزين وملاحقتهم، لكننا نفتقد العقوبة الرادعة فيجب ان يكون هناك عقاب رادع وقوي لهذه الجريمة”، مؤكدة ان “النتائج المترتبة عليها تصل الى الحرمان من الحياة، فلا بد من تشريع القانون الخاص بهذه الجريمة بسبب انها غير مضمنة في قانون العقوبات، ويلجأ المعنيون الى مواد قانونية تتعلق بالتهديد والفعل الفاضح”.

ساومها على 5 ملايين

من جهتها، روت الشابة أماني حسين (اسم مستعار) في حديثها الذي خصت به “طريق الشعب” قصصا لفتيات عديدات، قائلة: ان هناك حالات ابتزاز كثيرة تواجه الفتيات، وحتى الشباب يتم ابتزازهم.

وقالت إنّ صديقتها تم “ابتزازها عن طريق شخص وثقت به، وجمعتهما علاقة حب عاطفية لمدة سنتين، وحين وصلت العلاقة الى الزواج رفض المبتز ذلك، وسرعان ما كشف اللثام عن وجهه وبدأ يهددها بنشر صورها الخاصة، في مجموعات على تطبيق الفيس بوك”.

وبسبب عدم رضوخها للأمر الواقع طلب منها 5 ملايين، حتى يحذف الصور من هاتفه “وطلبنا  منها التحدث مع اهلها او ابلاغ الشرطة لكن الخوف تغلب عليها، وبعد مفاوضات مستمرة بينها وبين الجاني، خفض الاخير المبلغ الى مليون دينار، وكانت تسدد المبلغ على شكل دفعات، والى الان اهلها لا يعلمون عن هذه الحادثة، واصبحت حالة الفتاة النفسية سيئة، وانعزلت عن مواقع التواصل الاجتماعي”.

واشارت الشابة الى ان “ليس البنات فقط من يتعرضن للابتزاز، فهناك شباب ايضا طالهم ما طال الفتيات، من قبل عصابات منظمة يستدرجون الشباب ويصورونهم ويهددونهم وأكثر فئة مستهدفة هي شباب العوائل المتمكنة”.

وفي ما يخص المعالجات، قالت “يجب أن تنظم ورش أو ندوات حتى لو الكترونية للتوعية بمخاطر الابتزاز”.

مواد قانونية غير كافية

وعلى صعيد ذي صلة قالت المدافعة عن حقوق الانسان سارة جاسم ان “هناك اشخاصا يقتاتون ويعيشون على النصب والاحتيال لغايات مادية وجنسية، واستغلال الأشخاص الضعفاء لمن لا يملكون من يسندهم خصوصا من ذويهم، لذا أجد أن اول حل هو توعية الاهل باحتواء اولادهم”.

وتطرقت المتحدثة للمواد القانونية قائلة: ان المادة رقم (431) نصت على “كل من هدد شخصًا بارتكاب جريمة (قتل، سرقة، خطف، اغتصاب، تشهير، قذف) ضده أو ضد أحد من أفراد أسرته بغير الحالات المذكورة في المادة 430 يعاقب بالحبس. اما المادة (432) فنصت على “كل من هدد شخصا عن طريق القول أو الفعل أو الإشارة أو أرسل له من يهدده في حالات مختلفة عن الظروف المبينة في المادتين 430 و431 يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، ويدفع غرامة قدرها لا يزيد على 100 دينار”.

ونص هذه المادة أقرب إلى جرائم الابتزاز الإلكتروني التي عادة ما تتم بكتابة أو تسجيل صوتي بين الشخصين، وهذه العقوبات لا تنسجم مع ما يحدث، وغير كافية، بالإضافة إلى قلة خبرة العاملين في الكشف والوصول إلى الجناة بسرعة وسهولة.

انحدار أخلاقي

 ورصدت “طريق الشعب”، منشوراً لأحد المحامين على وسائل التواصل الاجتماعي، كشف فيه عن ان “أباً دفع برجل لإقامة علاقة مع طليقته، وذلك بسبب ذهاب حضانة الاطفال الى الام استناد الى احكام المادة 57 ف 1 من قانون الاحوال الشخصية. وكان هدفه التمهيد لإقامة دعوى اسقاط الحضانة عن الام امام محكمة الاحوال الشخصية. وبالفعل فقد شهد العشيق مع الاب في المحكمة ضد الطليقة”، الا ان القاضي كان اكثر فطنة واستدرج العشيق، واحاله مع الاب لقاضي التحقيق، لاتخاذ الاجراءات القانونية وفق المادة 395 عقوبات، بتهمة من واقع امرأة بوعد الزواج ورفض الزواج منها يعاقب بالحبس، وتم رد الدعوى.

عرض مقالات: