اخر الاخبار

يُعتبر العراق ثاني أكبر دولة في العالم من حيث احتياطي الفوسفات، الذي يقدَّر بأكثر من 10 مليارات طن في صحراء العراق الغربية، ما يعادل 9 في المائة من إجمالي الاحتياطي العالمي لهذه المادة، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي العراقية.

وفي ظل هذه الثروة الضخمة، يبرز سؤال حول إمكانية استغلال هذا المورد الاستراتيجي لتحقيق مردود مالي كبير وتعزيز الاقتصاد الوطني؟

مردود مالي كبير

فؤاد الدجيلي (مهندس استشاري) قال لـ «طريق الشعب»، أن خزين خامات الفوسفات في العراق «يُقدر بحوالي 9500 مليون طن، وهي موجودة بشكل رئيسي في صحراء الأنبار، مما يجعل العراق ثاني أكبر دولة من حيث احتياطي الفوسفات».

وأضاف، ان «إحياء صناعة الفوسفات وإعادة بناء الشركة العامة للفوسفات تعد فرصة ذهبية لتحقيق إيرادات بمئات المليارات سنوياً، إضافة إلى تحقيق أرباح كبيرة من بيع الأسمدة الفوسفاتية ومن إنتاج الخام وتصديره».

واردف الدجيلي بالقول، أن «الشركة العامة للفوسفات كان لها دور كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسمدة الفوسفاتية، وكذلك في التصدير»، معتبرا ان «توقف هذه الصناعة الاستراتيجية يمثل خسارة كبيرة للبلد».

واعتقد الدجيلي أن «بإمكان كوادر الشركة وأبنائها إعادة العمل لو تم تخصيص التمويل المطلوب أو جذب المستثمرين والشركات التخصصية لإحياء هذه الصناعة»، مبينا أن «الإنتاج وصل لأكثر من مليون طن سنويا من الأسمدة في ثمانينيات القرن الماضي»، مشيرا الى ان سعر السماد «دي أي بي DAP» (اختصارا لفوسفات ثنائي الأمونيوم) يعد أكثر الأسمدة الفسفورية استخداما في العالم، إذ ارتفع سعر الطن الواحد من 325 دولارا إلى 705 دولارات، مما يشكل مردودا ماليا يساوي 4 أضعاف سعر طن الفوسفات الخام».

وذكر، ان التحديات التي تعيق استثمار الفوسفات، تشمل: «تقادم خطوط الإنتاج في معامل الفوسفات وتضررها جراء الاعتداءات الارهابية، إضافة الى خسارة شركة الفوسفات الكثير من كادرها الفني صاحب الخبرة الصناعية، فضلا عن عامل ثالث يتمثل بالارادة السياسية التي تقف ضد أي نجاح وطني».

غياب النشاط الاستثماري

وقال خبير شؤون الاستثمار عبداللطيف حماد الحلبوسي (وهو نائب سابق لرئيس هيئة استثمار الأنبار)، أن «الاستثمار في العراق يعد استثماراً واعداً ومهماً، بفضل توفر المقومات الكبيرة في كافة القطاعات. وتتمثل هذه المقومات في الصناعة العامة، المواد الإنشائية، المواد المعدنية، النفط والغاز، والثروات الطبيعية.

إضافةً إلى ذلك، هناك مجالات أخرى مثل القطاع الصحي، التجاري، السكني، والتطوير العقاري»، مستدركاً بالقول إنه «برغم هذه المقومات، يفتقد العراق النشاط الاستثماري بشكل كبير، حيث كان الحكم الشمولي وسيطرة الدولة على كل مرافق الدولة عوامل رئيسية في هذا النقص».

وأضاف الحلبوسي لـ «طريق الشعب»، أنه «بعد عام 2003، تعرضت الدولة لتدمير كبير في مقوماتها الصناعية والمنشآت الحيوية التي كانت تستوعب عدداً كبيراً من الموظفين. ورغم ذلك، برز لدينا قانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006 المعدل، والذي قدّم جوانب كثيرة من التساهل والتسهيلات المتعلقة باستقطاب رؤوس الأموال والمستثمرين المحليين والأجانب»، لافتاً إلى وجود «تحديات تتعلق بالتشريعات والقوانين العاملة في العراق، والتي تتقاطع مع الاستثمار».

وأشار الحلبوسي إلى، أن «الاستثمار هو بحد ذاته رافد للاقتصاد، حيث يسهم في تنشيط المشروعات الاستثمارية الصغيرة، المتوسطة، والكبيرة. وسعت الدولة إلى خلق قاعدة استثمارية متنوعة في جميع أنحاء العراق. ولكن تأخر تقديم الفرص الاستثمارية من الوزارات ذات العلاقة يشكل عائقاً كبيراً، حيث تكون هذه الوزارات هي صاحبة الأرض أو المنشأة أو القرار المتعلق بأي نشاط استثماري».

وأكد الحلبوسي، أن «العراق بحكم موقعه الجغرافي يعتبر نقطة جذب لجميع دول العالم للاستثمار، وذلك بفضل موارده المتوفرة والأيدي العاملة المتاحة. إن أهداف الاستثمار تشمل تخفيف أزمة السكن وتسهيل الحصول على وحدات سكنية مناسبة للفرد. ولكن، تحقيق هذه الأهداف ما زال بعيداً بسبب القوانين النافذة، المزاجية، والمحسوبية التي تعيق الاستثمار».

عن الفوسفات؟

وتحدث الحلبوسي عن قطاع الفوسفات قائلاً: إن «الفوسفات من المواد الهامة في مجال الأسمدة الزراعية في العراق، حيث يعتبر ثاني أكبر دولة في العالم من حيث الاحتياطي»، موضحا أن «الشركة العامة للفوسفات أنشئت عام 1978 بإنتاج سنوي يصل إلى 1.25 مليون طن، ما سدّ حاجة الفلاحين. ولكن نحتاج إلى تأهيل هذه الشركة الحيوية نظراً للظروف الاستثنائية والمتغيرات القانونية التي حالت دون وجود شركات رصينة لتأهيلها».

وعبّر عن أمله في «تحقيق استثمار ناجح وفق ما خططت له الدولة عبر السنين الماضية. فبرغم المعوقات، يبقى طموح المواطن والدولة هو الارتقاء بالاستثمار لمستويات تنافس الدول الأخرى. إن قطاع الزراعة، الثروة الحيوانية، والسمكية تمثل مجالات واعدة يمكن استثمارها بنجاح. نحتاج إلى شركات رصينة، حتى وإن كانت أجنبية، لتحقيق النجاح وتوفير السلة الغذائية والمواد الأخرى.»

ختاماً، أكد الحلبوسي أن «الفوسفات يعكس جانباً اقتصادياً استراتيجياً للأجيال القادمة، حيث يتوفر لدينا احتياطي بحدود 10 مليارات طن. ويجب أن يكون هناك دعم وتسهيلات لإعادة تأهيل هذه الشركة الحيوية لتغطية احتياجات المواطن العراقي والفلاح».

وكان العراق في الثمانينيات يصدّر مئات آلاف الأطنان من الفوسفات الخام والمعالج سنوياً، لكن الحصار الذي فُرض على البلاد ضمن العقوبات التي أقرّها مجلس الأمن الدولي عقب حرب الخليج الأولى عام 1991 أوقف ماكينة التصدير العراقية ككل، ما دفع السلطات آنذاك إلى وقف الإنتاج والاكتفاء بكميات قليلة لأغراض محلية فقط.

عرض مقالات: