اخر الاخبار

رغم ارتفاع قيمة الموازنة إلى 211 ترليون دينار، انخفضت تخصيصات المحافظات منها بنسبة كبيرة، حيث وصل الانخفاض في بعض المحافظات إلى حوالي 80% مقارنة بالعام الماضي، وهو الأمر الذي لاقى اعتراضات كبيرة من قبل مختصين ونواب.

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كشف في مؤتمر صحفي عقب جلسة مجلس الوزراء، الأحد الماضي، عن تفاصيل جداول الموازنة، مبينا ان «الجدول (أ) تضمن الإيرادات بمجمـوع (144.336) تريليون دينار، والجدول (ب) يخص النفقات المخططة الكلية بمجموع (210.936) تريليون دينار»، فيما «بلغ العجز المخطط للموازنة (63.599) تريليون دينار».

واشار الى ان «الجدول (ج) هو جدول القوى العاملة الممولة مركزياً، وبلغت (4.079906) موظف، وبلغت النفقات الحاكمة (10.042) تريليون دينار»، موضحا ان الموازنة الاستثمارية لعام 2024 بلغت «(54.298) تريليون دينار، وقد تصل إلى 55 تريليون دينار»، أما تخصيصات المحافظات لبرامج الحكومات المحلية بتخصيص استثماري فقد بلغت «(10.633) تريليون دينار في عام 2023، وموّلنا (3.333) ترليون، بناءً على الطلبات الأصولية من المحافظات».

وذكر انه بقي تحت تصرف حكومات المحافظات من التخصيص (7.333) تريليون دينار في حساب أمانات، في حين جرى تخصيص ما يقرب من (8) تريليون دينار للمشاريع المستمرة، بضمنها تخصيصات في 2024.

ونبه الى ان الزيادة في تسديد المديونية وصلت الى «حدود 3.9 تريليون دينار، في عام 2023، كان تسديد المديونية 12.751، وفي عام 2024، سددنا 16.725 تريليون».

قلة تخصيصات المحافظات

وتعقيبا على ذلك، قال عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي: أن «إحدى المشاكل التي تم تثبيتها في اجتماع اللجنة المالية النيابية الأخير هي قلة التخصيصات المالية للمحافظات»، مبينا أن «قلة التخصيص ستخلق مشكلة في موضوع إنجاز المشاريع، ففي حال عدم قدرة المحافظات على تغطية نفقات المشاريع المستمرة، فإنها بالتأكيد ستتوقف».

وأضاف الكرعاوي في تصريح صحفي، أن لجنته «أرسلت بيان استفسار إلى وزارة التخطيط من أجل تبيان تخفيض الأموال المخصصة لبعض المحافظات إلى 80% عن تخصيصات العام الماضي».

وحول موضوع ارتفاع فاتورة الرواتب في الموازنة، أشار الكرعاوي إلى أن «المشكلة متراكمة في الموازنة الاتحادية، والسبب في ذلك هو استمرار سياسة التوظيف وعدم إيجاد حلول خارج القطاع العام وتنشيط القطاع الخاص والاستثماري»، مؤكدا أن «اللجنة المالية ستستضيف الجهات المعنية في الحكومة خلال اليومين القادمين من أجل الاستيضاح عن خططهم في دعم القطاع الخاص وموضوع توفير الإيرادات غير النفطية بهدف تقليل الضغط على الموازنة التشغيلية وتوفير فرص عمل».

لا توجد سيولة مالية

بدوره، أوضح النائب مصطفى سند أن مسألة التصويت على جداول الموازنة، سواء أن تحقق أم لا، لا تعني إيقاف العمل بها، حيث أن الموازنة الثلاثية جاءت لمعالجة مشاكل الموازنات السنوية.

وقال سند في مقطع صوتي: إن الموازنة الثلاثية هي عبارة عن جداول تتم المصادقة عليها ولا يوجد مبرر لإيقاف الصرف، ولدينا معلومة بعدم وجود السيولة اللازمة، حيث موازنة 2023 كانت بحدود 206 ترليون دينار، في حين الإيرادات 140 تريليونا.

وأضاف، أن الحاجة الفعلية هي 17 تريليون للشهر الواحد، في حين أن الإيرادات النفطية 9 تريليونات ونفقات التراخيص، بالإضافة إلى إيرادات الضريبة والكمارك وخارج حسابات نفط الإقليم، يكون المجموع بحدود 10 تريليونات.

وأكد أنه من هذا المنطلق فإن التصويت من عدمه لن يجدي نفعا لوجود عجز في الموازنة، مضيفا أن «موازنة 2023 تم التصويت عليها ولم يكن هنا تمويل، وأن بعض المحافظات والوزارات موّلت بنسبة 30% من استحقاقاتها، ولا توجد موازنة تشغيلية.

الموازنة الاستثمارية غير عادلة

من جانبه، عدّ المحلل الاقتصادي نبيل المرسومي أن هناك توزيعا غير عادل للموازنة الاستثمارية في موازنة عام 2024. فمحافظة المثنى، التي تعتبر الأكثر فقرا في العراق، حصلت على أدنى تخصيصات استثمارية بحوالي 54 مليار دينار فقط، أي ما يعادل 42 مليون دولار أمريكي، تليها محافظة النجف بـ 62 مليار دينار، ثم محافظة كربلاء بـ 63 مليار دينار.

وأشار المرسومي إلى أن هذا التوزيع غير العادل يتناقض مع حقيقة أن النفط ملك للشعب العراقي، مما يستوجب توزيعًا عادلًا للموارد على جميع المحافظات.

العجز.. تحدٍ خطير

فيما اعتبر الخبير في الشأن الاقتصادي نوار السعدي، ان العجز المالي المتوقع يمثل تحدياً خطيراً لاستدامة الدين العام.

وقال السعدي، إن «الاستقرار الاقتصادي والمالي يرتكز على وضوح وتوجيه النفقات والإيرادات الحكومية»، لافتا الى ان «تأخير الموازنة يمكن أن يؤدي إلى تعثر التخصيصات المالية للمشاريع الاستثمارية والخدمية، ما يعرض استمرارية التنمية الاقتصادية للتوقف».

وأضاف ان «التوقعات بشأن زيادة العجز المالي المقدر وارتفاع النفقات العامة الفعلية مقابل انخفاض الإيرادات يعكس تحديات كبيرة في إدارة السياسات المالية والاقتصادية».

ولفت السعدي الى أن «زيادة متطلبات الرواتب وتذبذب بنود الموازنة بسبب أسعار النفط والطابع الريعي للاقتصاد يجسدان تحديات إضافية تعكس تحديات هيكلية وهي تحديات معقدة تتطلب تدابير عاجلة وفعالة».

وأكد الخبير في الشأن المالي والاقتصادي انه «من الضروري أن تكون الموازنة العامة مرنة وتتيح التعديلات اللازمة لمواجهة التحديات المتغيرة في البيئة الاقتصادية، ويجب على الحكومة العمل بجدية على تحسين إدارة الموارد والحد من الهدر والفساد المالي والإداري».