اخر الاخبار

أعلنت هيئة النزاهة مؤخراً عن رصد مخالفات لشركتي أتصال في العراق، تتمثل بالتخلف عن تسديد الضرائب المالية، دون ان تتخذ الجهات المسؤولة أي إجراء قانوني بحقها.

رصد مخالفات

ويقول المتحدث باسم هيئة النزاهة، علي محمد، إنّ “الهيئة تتابع التحاسب الضريبي للوكلاء الرئيسيين لشركات الهاتف النقال. وقد تبين من خلال المتابعة، أن الهيئة العامة للضرائب لم تتخذ إجراءات بحق من لم يسدد الضرائب من الشركات”، مشيراً إلى أن الضرائب قامت بتخفيض نسبة الضريبة من دون سند قانوني.

ويضيف خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أنّ “دائرة الوقاية في الهيئة، قامت بعدة زيارات ميدانية إلى الهيئة العامة للضرائب وهيئة الإعلام والاتصالات، وتبين عدم وجود إحصائيات دقيقة للوكلاء الرئيسيين لشركتي آسيا سيل وزين العراق، كما توجد أضابير لشركات أخرى في فروع الهيئة العامة للضرائب لم يتم إرسالها”.

ووفق ذلك أعدت دائرة الوقاية تقريرا، أرسلت نسخة منه إلى وزير المالية، وأوصت فيه بإيجاد قاعدة بيانات تخص الوكلاء للشركات ومتابعة التحاسب الضريبي السنوي لهم.

ويشير محمد الى أن “عملية التحاسب الضريبي تتم وفق البيانات التي تقدم من قبل الوكلاء ثم تقارن مع البيانات التي تقدمها الشركة”، مؤكدا ضرورة ارسال تقرير الى رئاسة الوزراء ولجنة الاتصالات النيابية ودائرة التحقيق لاجل المباشرة في اعداد تحقيق وفق الإجراءات القانونية.

ويؤكد أن “الهيئة العامة للضرائب لم تتخذ أي إجراء بحق الشركات غير المسددة للضرائب، فبعضها لم يُتخذ إجراء التحاسب بحقها منذ العام ٢٠٠٨، وبعضها الاخر لم تحاسب نهائياً”.

وأوضح تقرير صدر عن هيئة النزاهة، أنه تمَّ تخفيض نسبة التحاسب الضريبيّ من (65 في المائة) في العام ٢٠١٤ إلى (٥٠ في المائة) في العام ٢٠١٨، ولاحقاً تمَّ اعتماد نسبة (٢٠ في المائة) من العمولات كأرباح للشركات لغاية  ٢٠٢٠/١٢/٣١، وفي منتصف العام الحالي (٢٠٢٣) تمَّ عرض التحاسب الضريبيّ لوكلاء شركة آسيا سيل أمام أنظار اللجنة الفنيَّة التي قامت في العام الجاري باستضافة عددٍ من المديرين المُفوَّضين للشركات وبعد الدراسة المُستفيضة قرَّرت اللجنة أن تكون النسبة (٥٠ في المائة).

فيما أشار التقرير إلى أن اعتماد ضوابط التحاسب الضريبي وفق النسب المذكورة، تتم على أساس قرار اللجنة الفنيَّـة، إلا أنَّ تخفيض الضريبة إلى (٢٠ في المائة) تمَّ بناءً على إعمام أصدره المدير العام للهيئة العامة للضرائب في العامين ٢٠٢٠ ـ ٢٠٢١.

ودعا البيان إلى إلزام الهيئة العامَّة للضرائب بإيجاد آليةٍ للوصول إلى المبيعات الفعليَّة للوكلاء الرئيسيّين، وعدم الاعتماد على ما يُقدِّمُه الوكلاء من بياناتٍ.

غياب المساءلة الحقيقية

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي، محمد زنكنة، إن هناك غيابا لدور المحاسبة الحقيقية في العراق، عازياً ذلك لوجود “ميلشيات تمتلك سلاحا وسيطرة على بعض الشركات والأحزاب ما يجنبها تماماً أي محاسبة فعلية”.

وأضاف لـ”طريق الشعب”، قائلاً إنّ “المحاسبة تحدث حين ينشب صراع بين الأطراف السياسية او الجهات المتنفذة، والتي تحل بتسويات سياسية فقط”،

وأكد وجود “ملفات فساد لشركات الاتصال، وتواطؤ من بعض السياسيين معها، لكنها لا تُحاسب أو تُحاسب بشكل انتقائي”، مضيفا أن “قوة السلاح تحمي بعض الجهات التي ترى ان من حقّها ان تستثنى من الضرائب. كما توجد قوى تتحكم بالمشهد السياسي والاقتصادي العام للبلد وجهات اخرى لها دعم خارجي، مما يبعدهم جميعا عن المساءلة”.

ويربط زنكنة بين قصة سرقة الأمانات الضريبية وأبطالها مثل نور زهير وهيثم الجبوري وغيرهما ممن ثبتت عليهم قضايا فساد، وبين تهرب شركات الاتصالات من التحاسب الضريبي: “الفساد يتكفل حماية الحيتان دوما”.

ويؤكد، أن هيئة النزاهة تحرص على إظهار حكومة السوداني بشكل جميل، لكن فعلها الرقابي لا يتعدى التصريحات الاستهلاك الإعلامي، مخمنا أن “يتم حل المشكلة وفق تسوية سياسية وتحت غطاء قانوني”.

قانون الضرائب “ضعيف”

وبشأن أهمية استحصال الضرائب وإبعادها عن شبهات الفساد، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، أن للضرائب “أهمية في تمويل الدخل القومي العراقي، وفي سد وتمويل النفقات العامة لتنمية الدولة والمجتمع، إضافة الى تشجيع الأنشطة الإنتاجية ومعالجة الركود الاقتصادي”.

ويعزو عيد سبب تأخر العراق في استثمار موارد الضرائب الى وجود “فقرات في قانون الضرائب لا تتلاءم مع المتغيرات الراهنة”.

ويضيف عيد في حديث مع “طريق الشعب”، أنّ هناك “مشاكل كثيرة تطول النظام الضريبي كالغش والاحتيال لغرض التهرب من الضرائب أو تقليل مبالغها عن طريق الرشوة، وما يشاع في العراق حالياً هو تقليل مبالغ السداد وتقديم بيانات غير حقيقية”.

ويرى عيد، أن “نظام الضرائب يفتقد العدالة، التي تعتبر أحد أهم قواعد الضريبة العامة، ما زاد من مستويات الفقر والبطالة وقلة المشاريع وضعف الخدمات المقدمة، كما حصل مع صفقة القرن التي خرج مرتكبو جريمتها دون أي عقاب، بسبب وقوف جهات سياسية متنفذة تمتلك السلطة والسلاح الى جانبهم”.

ويجد عيد أن هناك ضرورة في “اعادة النظر بالكثير من فقرات قانون الضرائب العراقي، حيث يعاني من تعدد طرق التحصيل الضريبي، وضعف أساليب الجباية وعدم كفاءتها، وعدم دقة حصر المستحقين لدفع الضريبة”.

ويخلص الباحث الاقتصادي الى التأكيد على تنشيط دور الرقابة والمتابعة على مكاتب مراقبي الحسابات، وتفعيل دور الحوكمة في جميع مؤسسات الجباية الضريبية، إضافة الى تطوير الأنظمة الإدارية والحسابية، ونشر الوعي الضريبي.

عرض مقالات: