اخر الاخبار

كشف وزير الصحة صالح الحسناوي، الخميس الماضي، عن تفاصيل قانون الضمان الصحي الذي تمت المباشرة في تطبيقه من قبل الأجنحة الخاصة في مستشفيات بغداد والتمريض الخاص.

وبرغم اهمية هذا القانون وحاجة المواطنين الملحة الا انه لم يرتق، بحسب مراقبين، للمستوى المأمول نظراً لمحدودية الفئات المشمولة به. بينما هناك فئات وشرائح اخرى واسعة في المجتمع لم يشملها هذا المشروع.

ويؤكد اصحاب الاختصاص ضرورة ان تشمل الحكومة العراقية جميع فئات الشعب العراقي بالضمان الصحي، لا ان يقتصر ذلك على الموظفين في دوائر محددة، وهذا اسوة بما هو معمول به في دول الجوار، وليس دول العالم على اقل تقدير.

إيضاح الوزارة

من جانبه، أوضح وزير الصحة في تصريح له، أن الوزارات المشمولة بقانون الضمان الصحي هي الكهرباء، والتعليم العالي والبحث العلمي، والاتصالات، ومكتب رئيس الوزراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، ومجلس الخدمة الاتحادي.

واشار الى أن «موظفي الوزارات المشمولة بالقانون في حال حاجتهم إلى الخدمات الصحية يتوجهون مع عوائلهم إلى المستشفيات المخصصة لهم، وسيتلقون خدمات طبية بأسعار مدعومة بشكل كبير، تصل أحياناً إلى 90% من قيمة الخدمات المقدمة في الأجنحة الخاصة».

وأضاف الحسناوي، «أما المشمولون في برنامج الرعاية الاجتماعية فستقوم الدولة بتغطية 99% من الخدمات المقدمة لهم»، مبيناً أن «الهدف من قانون الضمان الصحي هو الحد من مستوى الفقر وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين المشمولين بالرعاية الاجتماعية، إضافة إلى حماية الموظفين المشمولين بالقانون من أعباء مالية متراكمة من الخدمات الصحية».

ولفت الوزير إلى أن «المرحلة الأولى من القانون ستشمل 300 ألف موظف مع عوائلهم، إضافة إلى 100 ألف شخص من المشمولين بالرعاية الاجتماعية».

وتابع، انه «بين الحين والاخر تنطلق مرحلة جديدة من مراحل تطبيق قانون الضمان الصحي لشمول وزارات ومؤسسات جديدة»، موضحاً أن «نسبة الاستقطاع من راتب الموظف المشمول بالقانون تكون 1% من الراتب الأسمي».

الفئات المشمولة؟

واوضح سيف البدر، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، الجهات المشمولة بالضمان الصحي، قائلا انها: «رئاسة الجمهورية والتشكيلات المرتبطة بها، رئاسة واعضاء مجلس النواب والتشكيلات المرتبطة به وتشمل: المفوضية العليا لحقوق الانسان - الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة - مجلس الخدمة العامة الاتحادي - هيئة دعاوى الملكية، ورئاسة مجلس الوزراء والتشكيلات المرتبطة به وتضم: مكتب رئيس مجلس الوزراء الامانة العامة لمجلس الوزراء، الهيئة العراقية للسيطرة على المصادر المشعة، والهيئة الوطنية للاستثمار، بيت الحكمة وسلطة الطيران المدني وهيئة المنافذ الحدودية، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مراكز وزارات المالية، الكهرباء، التعليم العالي، الاعمار والاسكان، الاتصالات، الزراعة».

وتابع البدر في حديث لـ»طريق الشعب»، قائلاً: ان «الجهات المشمولة بالضمان الصحي كمرحلة أولى هي (١٠٠) الف مواطن من المشمولين بالرعاية الاجتماعية في بغداد وتحددهم وزارة العمل، والمصابون بمرض التوحد من بغداد، إضافة للراغبين في التسجيل من المتقاعدين بنسبة لا تزيد على (١٠٪) من المشمولين بالتعليمات من بغداد». وبالنسبة للمؤسسات الصحية المشمولة بالضمان الصحي كمرحلة اولى، قال إنها «الاجنحة الخاصة في مستشفى ابن سينا التدريبي - مستشفى دار التمريض الخاص بمدينة الطب - مستشفى الشهيد غازي الحريري بمدينة الطب - مستشفى اطفال العلوية التعليمي ـ مستشفى العلوية للولادة التعليمي - مستشفى الكندي التعليمي - مستشفى سعد الوتري للعلوم العصبية التعليمي - مستشفى ابن الهيثم للعيون - مستشفى ابن البيطار - مدينة الامامين الكاظمين الطبية ومستشفى الكرخ للولادة». وواصل حديثه قائلا ان العيادات الطبية الشعبية هي الاخرى مشمولة بالضمان، ويشمل ذلك: «عيادة الصدر الطبية الشعبية الثانية، عيادة الصليخ الطبية الشعبية، عيادة الاسكان الطبية الشعبية الثانية، وعيادة اسماعيل ناجي الطبية، بالاضافة الى العيادات التخصصية في مستشفيات مدينة الامامين الكاظمين الطبية - مستشفى اليرموك التعليمي - مستشفى الكندي التعليمي - مستشفى بغداد التعليمي بمدينة الطب».

وكذلك بالنسبة للعيادات الاستشارية في «دار التمريض الخاص بمدينة الطب ومستشفى العلوية للولادة التعليمي ومستشفى سعد الوتري للعلوم العصبية، والمركز الوطني لطب الاسنان في شارع الربيعي والمركز الطبي الاستشاري في اليرموك».

مبادرة منقوصة!

في هذا الصدد، اشاد الباحث في الشأن الاقتصادي، احمد عيد، بهذه الخطوة لكنه اعتبرها «منقوصة»، وبحاجة الى انضاج لتشمل فئات اوسع فيها، لما للضمان من اهمية بالغة.

واكد عيد في حديث مع «طريق الشعب»، ان «للضمان الصحي أهمية كبيرة للمواطن، وانه حق مشروع كما في دول العالم التي توفر لمواطنيها الخدمات الصحية في مختلف المؤسسات الصحية، ونحن نتحدث عن بلدان نسبة الفقر فيها قليلة، قياساً بالعراق الذي تصل فيه هذه النسبة لـ 35  ـ 37 في المائة، وهذا رقم كبير، اي ان ثلث سكان العراق هم فقراء».

ولفت الى ان كل هذا «يتطلب ويؤكد ضرورة واهمية وجود ضمان صحي بشكل يتناسب مع مستوى الدخل اليومي او الشهري، فضلاً عن ذلك فأن اغلبية المواطنين هم من الطبقة الكادحة واصحاب الدخل اليومي والمحدود، وهم لا يتمتعون باية امتيازات او ان هناك قوانين تحميهم وتوفر لهم احتياجاتهم اللازمة».

حق لجميع المواطنين

واشار الى ان «الضمان الصحي خدمة اساسية، ينبغي ان تقدمها الدولة للمواطن العراقي بدون تمايز، وليس الموظفين فقط او المشمولين ببرامج الرعاية الاجتماعية؛ فهناك فئات واسعة من شرائح المجتمع بحاجة الى ضمان صحي، ويجب ان تستهدف بهذا القانون فهم جميعاً مواطنون متساوون بالحقوق والواجبات».

وعدّ قانون الضمان بشكله الحالي بأنه مرتبط بـ»سوء تخطيط وهذه مشكلة ازلية نعانيها منذ عقدين؛ فمن غير المعقول ان يُمنح الموظف الحكومي هذا الامتياز ويتم استثناء الكاسب او العامل في القطاع الخاص او جميع المواطنين من غير الفئات التي حددتها الحكومة».

وخلص الى ان المطلوب «ان تشمل الحكومة العراقية جميع فئات الشعب بالضمان الصحي، لا ان يقتصر الموضوع على الموظفين في دوائر محددة»، مشيرا الى ان هذا ما معمول به في دول الجوار، وليس دول العالم على اقل تقدير».

ضمان صحي شامل

الى ذلك قالت رئيس مؤسسة ANN للتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، نمارق جواد، ان الضمان الصحي يمثِّل ظاهرة حضارية تعكس مدى تطور البلد وَفْق مفهوم حق الفرد في العيش بكرامة. وقد سبقت كثير من التجارب في العالم المتقدِّم في الارتقاء بمفهوم الرعاية الصحية، لأنَّه يُعدُّ أحد أنواع التأمين ضد أخطار الظروف الصحية للفرد والمجتمع عموماً.

واضافت جواد، ان الضمان «يتضمن تغطية تكاليف متعددة من بينها الفحص، والتشخيص، والعلاج، فضلاً عن الدعم النفسي والجسدي. برغم أننا نرى ذلك متوفرا لدى المؤسسات الصحية الحكومية، لكن فلسفة هذا النوع من الضمان تقوم وفقاً للجانب الاقتصادي والاجتماعي على مبدأ تجميع الأخطار وتقاسمها بين الأفراد بصورة متساوية، ممَّا يؤدِّي إلى تخفيف الأعباء والتكاليف على الفرد والمجتمع، بما يضمن الوصول إلى كامل الرعاية الصحية للمجتمع».

ونبّهت جواد في حديث مع «طريق الشعب»، الى ان أولى الخطوات التي وضعت للضمان الصحي في العراق كانت قبل 23 عاما، مردفة «لكن هذا الأمر لم يحظَ بالاهتمام الكافي»، مؤكدة أنها تأمل تطوير هذا القطاع والاستفادة منه، لا سيَّما في تقديم الخدمات الفضلى لعامة الناس، وتحسين واقع الخدمات الصحية لخدمة مستقبل الأجيال من الناحية الصحية.

ونوهت الى ان الضمان الصحي يساهم في «تقليل الأعباء الملقاة على مؤسسات الدولة الصحية في توفير الخدمات العلاجية للمواطنين عن طريق إنشاء صندوق لإدارة عائدات هذا الضمان، بدلاً من الأموال التي تُرْصَد سنوياً من الموازنة العامة، والتي من الممكن رصدها للبحوث والتطوير والنهوض بالمؤسسات الصحية وَفْق استراتيجيات وخطط متوسطة وطويلة المدى لرعاية صحية متكاملة وشاملة وآمنة للمرضى».

تهيئة البنى التحتية

الى ذلك، قال د. زهير العبودي ان «العراق ليس دولة مؤسسات وهذا ما يمكن ان يعرقل نجاح مشروع الضمان الصحي، الذي يفترض ان يكون لكل الناس ويستفيد منه الجميع».

ووصف خطوة تطبيق قانون الضمان الصحي بانها «منقوصة»، متابعا أن «الدولة حتى الان في حالة تخبط مستمر؛ فالضمان الصحي لا يفرق بين الغني والفقير، وهو ضمان لكل مواطن على ارض الوطن، لكن يجب ان يحظى المواطنون من الطبقات المسحوقة بالأولية عند تطبيق الضمان الصحي».

وحدد العبودي مشكلة النظام الصحي بالعراق بانه «لبنته الاولى تأسست عام 1961 ولم يتجدد او يتم تطويره كما في دول العالم؛ فمثلاً منظمة NHS البريطانية تقوم بإعادة تقييم كل اربع سنوات. بينما هذا لم يحدث لدينا منذ تأسيسه، انما هو من سيئ الى اسوأ».

وخلص الدكتور الى انه «الاجدر والاولى أن تتم تهيئة البنى التحتية للنظام الصحي اولاً قبل الشروع بتطبيق الضمان الصحي».

عرض مقالات: