اخر الاخبار

في ميدان القروض المصرفية، يبحث الشباب عن أمل واستقرار مالي، لكن تداعيات تلك القروض تثقل معيشتهم بالكثير من المنغصات، في ظل الفوائد والأقساط الشهرية التي لا تناسب مداخيل الموظفين، ما يعكس تخطبا حكوميا في توجيه سياستها الاقتصادية.

المودعون.. المستفيد الأكبر

يقول مستشار رئيس الوزراء المالي د. مظهر محمد صالح، إن “ المصارف حتى تتوفر لديها سيولة تقوم باستحصال فوائد كبيرة من المقترضين، كونها مجبرة على دفع فائدة المودعين لدى المصرف”.

ويضيف أن “المستفيد من القروض المصرفية هم المودعون من أصحاب الأموال الكبيرة لدى المصرف”، مستدركاً أن “الفائدة التي يتقاضها المصرف من المقترض تؤدي الى تحقيق أرباح بعد دفعه فائدة الإيداع لديه من القروض”.

ويدعو مستشار رئيس الوزراء، الى “تقليل نسب الفائدة على المشاريع الإنتاجية لتشجع الاستثمار الوطني”، مضيفا ان “القروض الاستهلاكية، من الطبيعي ان تكون مرتفعة لكون المصارف تملك حرية تحديد الفائدة منذ عام 2004”.

قروض الإسكان

فيما يذهب المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، نبيل الصفار، الى القول ان صندوق الإسكان التابع للوزارة، اطلق تطبيقا يهدف الى تمكين المواطنين من متابعة ومعرفة الإجراءات التي يتخذها الصندوق في ما يخص معاملات القروض”.

ويقول الصفار في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، إن “صندوق الإسكان يمنح قروض البناء من خلال التسديدات التي تأتي من المواطنين المقترضين”، لافتاً إلى غياب الفوائد المترتبة على القروض، إنما فقط تفرض الرسوم الإدارية بنسبة 2 في المائة ولمرة واحدة”.

ويضيف، أن “الصندوق يعمل بتمويل ذاتي، كما انه منح أكثر من 203 آلاف قرض للمواطنين منذ عام 2004 الى الان”، مشيرا إلى أن “هذه القروض تساعدهم في إكمال بناء وحداتهم السكنية وفقًا للشروط المعلنة من قبل الصندوق”.

خطوات لا تحلق بالأفق

ويبين الخبير الاقتصادي احمد عيد، أن “القاعدة الاقتصادية تنص على أن أي قرار لرفع سعر الفائدة سوف يزيد من عبء القروض، وهذا يساهم في تحميل المستفيدين أعباء جديدة تتمثل بزيادة قيمة السداد”، مؤكدا ان ذلك ينتج عنه “خلق حالة من العزوف عن الاقتراض، وبالتالي فقدان السوق سيولة الاستهلاك أو الاستثمار”.

ويذكر عيد لـ”طريق الشعب”، ان القروض التي يزعم انها داعمة للشباب، “لا تساهم بأي شكل من أشكال التنمية أو التشغيل، إنما ستضع المقترضين أمام حرج كبير بين كلفة السداد والبطالة الإجبارية التي تتحمل مسؤوليتها الدولة، حيث لا توجد مجالات للتشغيل والتوظيف في ظل المرض المزمن الذي تعاني منه القطاعات الاقتصادية، بسبب تعطل القطاع الإنتاجي الخاص تماماً”.

ويشير عيد إلى وجود “أنظمة اقتصادية ترفع نسبة الفائدة الممنوحة للمودعين كنوع من انواع جذب العملاء على إيداع أموالهم من أجل سحب الكتل النقدية من السوق في محاولة لخفض نسبة التضخم والموازنة بين محوريه المعتل والزاحف، الا ان النظام النقدي العراقي في ظل انعدام الثقة بين الأفراد والبنوك يعاني كثيرا من الإيداع النقدي، ومحاولة إغراء المودعين بتشغيل أموالهم لدى البنوك تشوبها الكثير من علامات الاستفهام”.

ويؤكد عيد أنه “مهما ارتفعت قيمة الفائدة او انخفضت فالدولة لا تقدم أي شكل من أشكال التنمية، خاصة وأن المودعين في البنوك حالياً هم مستثمرون او رؤوس أموال متداولة هدفها تحقيق اكبر قدر من الأرباح من خلال القروض”.

وعن تقييم الاستراتيجية الاقتصادية الحكومية لدعم الشباب وإنهاء البطالة، يعلق عيد بانها “غير واقعية، لذلك لا يوجد لها تقييم”، منوها بوجود “مشاكل كثيرة وخطيرة نتجت عن السياسة الاقتصادية الخاطئة والضعيفة، فضلاً عن حجم الولاءات والعمل لأجندات خارجية على حساب مقدرات الشعب العراقي وموارده الطبيعية الغنية”.

“تورطنا”

“لن أتورط مجدداً”.. بهذه الجملة بدأ يحيى الحلفي حديثه عن تجربته مع القرض الحكومي بقيمة 15 مليون دينار، من أحد المصارف الحكومية، قائلاً: إنّ “نسبة الفائدة قد تكون قليلة لمن يمتلك دخلا كبيرا، لكن بالنسبة للشباب العاطل عن العمل والموظف ذي الراتب المحدود، سيكون الوضع معقدا”.

ويضيف في حديث مع “مراسل طريق لشعب”، إن “الحكومة يبدو انها لم تأخذ بنظر الحسبان إمكانية الشباب العاطلين عن العمل والتي تبنت دعمهم لهدف تمكينهم اقتصاديا، إلا ان الأمر زاد سوءا كون نحن اليوم متورطين بالدفع شهريا، أي ندفع تقريبا كل ما نجمعه خلال الشهر”.

وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية، تحدث في وقت سابق عن ضرورة ان “تكون القروض الممنوحة للمستفيدين منتجة، وذات جدوى اقتصادية على ان يكون الحد الاعلى 80%، منها قروض لمشاريع حقيقية”.

وينتقد الحلفي شروع الحكومة بتقديم قروض للشباب بهدف تزويجهم؛ إذ يجد أن من سيأخذ القرض سيتورط أكثر، مشيرا الى انه “بالإضافة الى متطلبات الحياة الزوجية سيجبر المقترض على تسديد القرض بفائدة أياً تكن نسبتها”، منوها الى ان الزواج يحتاج الى تمكين اقتصادي واستقرار مسبق، وغير ذلك سينتج عنه مشاكل اجتماعية.

عرض مقالات: