اخر الاخبار

يعد قطاع السياحة واحداً من أهم القطاعات التي تحظى باهتمام الحكومات، التي تسعى إلى تطويره بشكل متواصل على الرغم من أن اقتصاد هذه الدول في المقدمة، إلا أن هذا لا ينفي أهمية وحجم العوائد المتحققة من هذا القطاع التي ترفد الاقتصاد وتساهم حتى في تطوير البنى التحتية وغيرها.

وشهد العراق بعد إن كان دولة منغلقة معزولة في الفترات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا وتناميا في حركة السياحة وتوافد السياح الأجانب إلى مناطقه الوسطى والجنوبية. الفضول وحب الاستكشاف كان أهم العوامل التي جذبت صانعي المحتوى من مختلف دول العالم، الذين لعبوا دوراً في التشجيع على السياحة داخل العراق، إلا أن قطاع السياحة في البلاد لا زال يعاني من الإهمال والتقصير، مما يجعلنا نفوت فرصًا كبيرة لتعزيز الاقتصاد الوطني.

وجهة سياحية مميزة

ويحظى بلدنا بتنوع فريد من نوعه ويتمتع بمقومات تجعله متفردا في هذا المجال إذا ما تم فعلاً الاهتمام بهذا القطاع، ففي جنوبه ووسطه تنتشر الآثار والمسطحات المائية النادرة” الأهوار” وفي شماله هنالك الطبيعة الخلابة والمعالم الثقافية والتاريخية الفريدة التي تجعله واحدًا من أماكن الوجهات السياحية المميزة.

 ومع تزايد الاستقرار الأمني في البلاد، شهدنا تدفقًا متزايدًا للسياح الأجانب الباحثين عن تجارب جديدة ومع ذلك، فأن قطاع السياحة في العراق يصطدم بتحديات كبيرة، بما في ذلك نقص التسهيلات السياحية والخدمات اللوجستية الكافية، وقلة الدعم الحكومي والاستثمار في هذا القطاع الحيوي، وتطوير البنية التحتية السياحية، وتوفير الخدمات المناسبة للسياح، وتعزيز التسويق والترويج للعراق كوجهة سياحية للأجانب.

إهمال وواقع مأساوي

عضو لجنة الثقافة والسياحة والاثار النيابية، فاروق حنا عتو قال في العراق هنالك أنواع عديدة للسياحة التي يمكن ان تعود على العراق بالفائدة الاقتصادية، لدينا السياحة الدينية والأثرية والسياحة الطبيعية في إقليم كردستان والأهوار، ولكننا لم نشهد تطويرا أو نهوضا بواقع قطاع السياحة في العراق، مؤكداً على أنه من الأجدر أن نفكر بكيفية منافسة البلدان الأخرى في هذا القطاع من جميع الجوانب.

ولفت في حديثه لـ”طريق الشعب”، إلى أن “البنى التحتية ومستلزمات العمل السياحي غير موجودة فكيف نجذب السائح، حيث هنالك تعقيدات تتعلق بمسألة منح الفيز، ومن جانب آخر نشهد عسكرة للبلد والبنى التحتية للطرق ليست جيدة وعشرات السيطرات الكثيرة المنتشرة إضافة لإهمال المرافق السياحية الموجودة”.

وأوضح بقوله إن “العراق لا يستفيد بشكل جدي من قطاع السياحة، وعلى سبيل المثال استضاف العراق بطولة خليجي25 في البصرة، ومختلف الدول تستفاد من هذه المناسبة بالعملة الصعبة بالملايين بينما نحن جعلنا سمة الدخول مجانية، وبعد زيارة بابا الفاتيكان كنا نأمل ان تستقطب أور الزوار الأوربيين، ولكن ليست هناك بيئة ملائمة لذلك. نعم هنالك مقومات للسياحة في العراق ولكن على ما يبدو أنه من الصعب النهوض بهذا القطاع اليوم”.

وتابع عتو حديثه: “نحن جهة رقابية وتشريعية ولسنا جهة تنفيذية وعملنا يتعلق بالمراقبة وتشريع قوانين تتعلق بالسياحة وأيضا الآثار كونها جزءا من هذا القطاع وتستقطب الكثير من الناس، وفي ذات الوقت يجب على الحكومة أن تؤدي واجبها بشكل صحيح للنهوض بهذا القطاع”.

وخلص بالقول “ أعتقد أن قطاع السياحة كحال القطاعات الأخرى في العراق، فهو جزء من الواقع المأساوي الذي طاله الإهمال وعدم مواكبة التطور، ويقع على عاتقنا مسؤولية مغادرة هذا الواقع المرير إلى واقع أفضل، وهذا بحاجة إلى مجموعة من العوامل والمهمات التي تتوزع بين السلطة التنفيذية والتشريعية، بهدف الاستثمار في هذا القطاع بشكل صحيح وعدم السماح للفساد بأن يتغول في هذا القطاع”.

نتطلع للتعاون والتنسيق

من جانبه قال مدير التسويق في هيئة سياحة إقليم كردستان، سيروان توفيق إن الإقليم يسعى إلى تطوير قطاع السياحة والبنية السياحية مع قطاعي الزراعة والصناعة وان لا يكون الاعتماد على النفط فقط وهذا بواسطة خطة استراتيجية وافق عليها رئيس مجلس الوزراء مسرور بارزاني.

وأوضح قائلا إن الخطة تهدف “إلى زيادة عدد السياح في عام 2030 إلى 20 مليون سائح على أن يكون 50 في المائة منهم من السياح الأجانب، فبحسب آخر احصائية للعام 2023 كانت نسبة 30 في المائة من السياح في الإقليم هم من الأجانب و70 في المائة هم من وسط وجنوب العراق”.

ولفت توفيق في سياق حديثه مع “طريق الشعب”، إلى أنه “ يمكن الاستفادة من تجربة إقليم كردستان، من خلال وضع خطة استراتيجية لتطوير هذا القطاع وبناه التحتية، وان لا يكون الاعتماد فقط على السياحة الدينية”، مبينا أن في وسط وجنوب العراق هنالك” أرضية خصبة تحتاج إلى تطوير وهي جاذبة للسياح، لدينا الأهوار وآثار بابل وسامراء وغيرها، تحتاج إلى بناء منشآت سياحية جديدة متنوعة”.

 وأضاف قائلا إن تطوير هذا القطاع “ينعكس على الشعب الكردي في الإقليم الذي بدل أن يذهب إلى الخارج، سيغير وجهته إلى وسط وجنوب العراق للسياحة. بالإمكان ان نستثمر السياحة مع بعضنا، فالسائح عندما يزور إقليم كردستان العراق سيتجه إلى النجف أو الأهوار أو الآثار والعكس صحيح بالنسبة للسائح الاجنبي”، مشيراً إلى أنه “ يمكن اعداد برنامج متكامل للسائح بالاتفاق مع هيئة السياحة في الإقليم وبغداد، ولكن هذا يحتاج إلى تعاون وجهود”.

وأكد على أن هيئة السياحة في إقليم كردستان “لديها علاقات متينة مع هيئة السياحة في بغداد، ولكن ليس هذا الطموح فقط، بل يجب أن يكون هنالك عمل مشترك وتنسيق ما بين الطرفين وأن يكمل بعضنا الآخر، ونحن بدورنا نعبر عن استعدادنا لنقل الخبرات وتطوير ونقل تجربة الإقليم”.

وتابع توفيق حديثه بالقول: “إذا تمكنا من أن نعمل بشكل علمي وجاد على تطوير قطاع السياحة في العراق والنهوض به، فأن هذا القطاع سيجلب دخلا غير متوقع وكبيرا من الواردات الاقتصادية وادخال العملة الصعبة إلى البلد وتوفير فرص عمل، فمقومات السياحة في العراق فريدة وغير موجودة في الكثير من الدول”.

 وعن عدد السياح القادمين إلى الإقليم أوضح: “ في العام 2022 دخل إلى إقليم كردستان 6 مليون سائح، وإلى نهاية شهر أيار من هذا العام بلغ عدد السياح 5 مليون ومن المتوقع ان يرتفع العدد إلى أكثر من 8 مليون”.

معوقات كثيرة أمام السياح

إلى ذلك تحدث المدير التنفيذي لشركة الحباري للسياحة، حسين حيدر عن أن هنالك معوقات كثيرة تواجه السياح وشركات السياحة في العراق، ابتداء من صعوبة الحصول على الفيزا بالنسبة للمواطن الأجنبي والتي تكاد تكون مستحيلة أيضا في بعض الأوقات، بسبب الكثير من القضايا المتعلقة بالجانب الأمني والتعقيدات والشروط التعجيزية التي يضعها الجانب العراقي.

وتابع حديثه قائلا إن “المعوق الآخر هو أن الأماكن الأثرية والسياحية غير مهيئة حتى الآن، إذ أننا بحاجة إلى منشئات سياحية، وعند مقارنة وضعنا بالدول الأخرى نجد أننا لا زلنا بدائيين ومتأخرين، على الرغم من أهمية هذا القطاع الذي يعتبره الاتراك والاماراتيون مصدرا للثروة كحال النفط، فأن العراق رغم امتلاكه الكثير من المقومات إلا أنه أهمل هذا القطاع الذي يحقق موارد كبيرة للبلد”.

وقال حيدر في سياق حديثه مع “طريق الشعب”، “عند الذهاب إلى أي مرفق أثرى سنجده يفتقد لأبسط المستلزمات السياحية منها النظافة والتنظيم والمحلات وغيرها، فهذه المرافق شبه مهجورة، ومن جانب آخر نرى أنه باتت هنالك ضرورة كبيرة لتوفير كوادر سياحية (مندوبون سياحيون) على مستوى عال من جميع النواحي كما هو الحال في جميع دول العالم”.

ولفت إلى أن هنالك “غلاء في الأسعار بالنسبة للفنادق خصوصا في بغداد، فشحتها خلق نوعا من غياب المنافسة وهذا يحتاج إلى معالجة حقيقية، إضافة لغياب ثقافة الدفع الإلكتروني التي يعاني منها السياح كثيراً في العراق”، مبينا أن هنالك “رغبة لدى الأجنبي لزيارة العراق ولكنهم يصطدمون بتعقيدات كثيرة”.

وخلص إلى أن “غياب بيئة حقيقية تراعي شروط السياحة ومستلزماتها، من شأنها أن تؤثر على عمل هذا القطاع الذي يعد رافداً اقتصادياً مهماً، ومع ذلك نحن لا نجد اي اهتمام من قبل المعنيين ونتمنى منهم ان يلتفتوا إلى بحر الإيرادات المهمل هذا الذي من شأنه ان يحقق تقدما كبيرا للبلد لو جرى فعلاً التعامل معه بجدية ومسؤولية “.

عرض مقالات: