صدر امر ديواني بالرقم ٢٢٤٩١ في ١٥ كانون الأول الجاري، يقول انه بناء على مقتضيات المصلحة العامة وموافقة رئيس مجلس الوزراء، تقررتشكيل خلية باسم “خلية تطوير الاستثمار” وباشراف احد مستشاري السيد السوداني. وحدد الامر الموقع من قبل مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء وكالة لهذه الخلية خمسة مهام:
- تفعيل الاستثمارات الداخلية وإدخال الاستثمارات الخارجية الى العراق،
- تطوير إدارة شؤون المستثمرين وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجههم،
- توفير منصة حاضنة للمستثمر الجديد المحلي او الخارجي، لحين الحصول على إجازة الاستثمار،
- اجراء البحوث والدراسات وإقامة الانشطة والفعاليات الخاصة بالاستثمار والمستثمرين،
- تشكيل صندوق تنمية العراق.
ويثير صدور الامر الديواني المذكور على هذا النحو، من جديد، موضوعة الاستثمار بنوعيه المحلي والأجنبي، وما حصل في هذا المجال منذ صدور قانون الاستثمار ذي الرقم ١٣ لسنة ٢٠١٣ والتعديلات اللاحقة التي ادخلت عليه.
لم يذكر الامر شيئا عن هيئة الاستثمار الوطنية المشكلة بموجب القانون أعلاه، واكتفى بارسال نسخة منه الى الهيئة/ مكتب الرئيس للتفضل بالاطلاع. فما هو دور الهيئة؟ وهل ما جاء في الأمر بمثابة تقييم لها؟ وهل الخلية بديل عن هيئة مشكلة قانونا؟ وما هو دورها إذاً، راهنا ومستقبلا؟ وهي التي تتبعها ايضا هيئات استثمار في المحافظات! وماذا عن الخطط والمشاريع التي وضعتها الهيئة، وبضمنها الخارطة الاستثمارية لسنة٢٠٢٢؟ فهل هي عجزت عن أداء المهمة؟ واذا كان الامر كذلك فلماذا بقاؤها، مكلفة الدولة مبالغ كبيرة ليس آخرها رواتب المئات من الموظفين؟
من جانب آخر لم يقل لنا الامر الديواني الذي نشرته وسائل الاعلام شيئا عن تركيبة الخلية، وممن تتشكل، وما هي آلية عملها وصلاحياتها، باستثناء تأكيده على المستشار المكلف ان يتفضل “بالعلم واخذ ما يلزم”.
واناط الامر بالخلية غير المعروفة ولا المعلومة التكوين مهمة كبيرة، تتعلق بتشكيل صندوق تنمية العراق. وهنا أيضا تثار تساؤلات كبيرة عن صلاحية مثل هذه الخلية لتشكل صندوقا سياديا كهذا، في حين ان كل المطالبات التي شددت على أهمية وضرورة تشكيل الصناديق السيادية، قالت بوجوب ان تكون مستقلة ولها هيئاتها المتخصصة، وان تشكل بقانون خاص ينص بوضوح على مهامها وصلاحياتها ومصادر تمويلها. فهي صناديق يراد لها ان تكون صناديق الأجيال وان تسهم بشكل فاعل في إيجاد ركائز تنموية.
صحيح ان الاستثمار متلكئ والمشاريع المنتجة تكاد لا تذكر، بما فيها المشاريع الاستثمارية الحكومية التي ذكر ان المتلكيء والوهمي منها بلغ ٩ آلاف مشروع، وان قيمتها النقدية تقدر بنحو ٣٠٠ مليار، وذلك حسب مصادر نيابية قالت أيضا ان “اغلب هذه المشاريع استثمارية وخدمية، وقد وزعت على رجال اعمال وشركات ليست سوى واجهات لجهات سياسية نافذة”! في حين ان هناك تقديرات رسمية حكومية تذكر ان عدد هذه المشاريع هو حوالي ٦ آلاف وان قيمتها تتراوح بين ١٦٠و٢٠٠ مليار.
يذكر ان حكومة السيد السوداني قالت في منهاجها الوزاري الذي اقره مجلس النواب، انها ستدعم فقط المشاريع التي تحققت فيها انجازية تفوق ٧٠ في المائة! اما عن البقية والأموال التي صرفت عليها فالصمت مطبق!
هنا لابد من القول ان الاستثمار مطلوب: المحلي منه والمختلط ( الذي لم يذكره الامر الديواني ) والأجنبي، ولابد من توفير بيئة مناسبة له بعيدا عن الاستثمار تحت الضغط والتهديد وقوة السلاح، وعن الرشاوي والمحسوبيات والحسابات والنعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية، وان يتوقف ابتزاز المستثمرين بانواعهم المختلفة وفرض “الخاوات” عليهم. وان تحدد كذلك الأولويات وحاجة البلد ككل، والمناطق أيضا، وان تؤشر المشاكل والمعوقات والروتين والبيروقراطية المعرقلة والطاردة للمستثمرين الجادين.
فما عسى خلية الامر الديواني ٢٢٤٩١ فاعلة ياترى؟!