اخر الاخبار

عندما يغيب التخطيط المبرمج والمنظم عن العملية التربوية والتعليمية، يعني أن الحال سيصبح هرجا ومرجا، وبالتالي يشكل ذلك عبئا ثقيلا على وزارتي التربية والتعليم العالي والمجتمع أيضا. فالوزارتان باتتا اليوم عاجزتين عن وضع حلول ناجعة لمعضلات القطاع التربوي – التعليمي، خاصة بعد انتشار المدارس والجامعات الأهلية بشكل واسع، والتي تعود في معظمها إلى مستثمرين همهم الأساس هو الربح.

وأصبحت أعداد هذه المؤسسات الأهلية تفوق بكثير أعداد مثيلاتها الحكومية، وصارت تنافسها من نواحي البنى التحتية والاثاث وحداثة الأساليب والمستلزمات التعليمية، فضلا عن الكوادر التخصصية وغير ذلك من الأمور التي باتت تغري التدريسي والطالب على حد سواء، في وقت تتراجع فيه المؤسسات الحكومية يوما بعد آخر. 

ومنذ دخوله في سلك التعليم حتى تقاعده، تُخصص للمدرس أو المعلم 25 حصة أسبوعيا. وإذا كان عدد الحصص التي يقدمها في مدرسته أقل من 25، يكمل البقية في مدرسة أخرى. وكل ذلك يتم وفق آلية تضعها مديريات التربية، على اعتبار أن لديها سجلا عن الحصص الشاغرة وأعداد الكوادر الفائضة. 

وكان التعليم رصينا مصانا بما فيه الكفاية، محترما ومقدرا بين الأوساط التربوية والاجتماعية، رغم تجييره ابان حكم النظام الدكتاتوري المباد لصالح الحزب الحاكم. كما لم تكن هناك مشكلات بين الطلبة ومدرسيهم، فالكل يعمل في ظل القانون التربوي، وفي ظل هيئة تربوية ذات خبرة في حل المشكلات القائمة بين التلميذ والبيت والمدرسة، بشكل أخلاقي إنساني توجيهي يرضي الجميع.

وكانت هناك سفرات مدرسية وعلمية، ودروس لا صفية تعنى بالطلبة والتلاميذ الموهوبين، وتنمي قدراتهم وطاقاتهم العلمية والعملية، فضلا عن مهاراتهم الفنية والرياضية. 

كما كانت تعقد بانتظام مجالس المعلمين، بعد كل فصل دراسي أو عند الحاجة، للوقوف على مشكلات الواقع التربوي وتشخيص مستويات التلاميذ العلمية ومناقشة أوضاعهم مع أولياء أمورهم.

وكان هناك أيضا تعاون بنّاء بين المدرسة والبيت، ولم يكن أحد الطرفين يتدخل في شؤون الآخر.

أما اليوم، فكل ذلك لم يعد موجودا، وباتت الفوضى تعم في مدارسنا وبين ملاكاتنا التربوية وطلبتنا.. هذا ما خلفته المحاصصة المقيتة والفساد المستشري في مفاصل الدولة والتخبط في إدارة العملية التربوية، حتى تدنى المستوى العلمي للطلبة بشكل يثير الدهشة والتساؤل.

أقول، مع الاسف الشديد، هذا ما انتهى إليه حال مدارسنا الحكومية، من نقص الأبنية والكوادر التعليمية والمستلزمات الدراسية والمناهج، وصولا إلى عزوف الكثيرين من الأطفال، من تلاميذ المراحل الأولى، عن الدوام المدرسي، ناهيك عن تفشي الأمية والجهل وتسلط بعض مدراء التربية والإداريين على العملية التربوية، ومعهم المشرفون الذين يقوم بعضهم بتوزيع الكوادر توزيعا غير عادل وحسب أمزجتهم، والحديث يطول ويطول!

أتساءل: إلى متى ستبقى هذه الفوضى؟!

عرض مقالات: