اخر الاخبار

يشكّل التظاهر السلمي إحدى وسائل الجمهور للضغط على السلطات من اجل تحقيق مطالب معينة وتوفير الخدمات الأساسية، لكن الجهات المعنية تحاول ان تتحايل على المحتجين بوعود زائفة وإجراءات شكلية، لامتصاص غضب الناس، وضغط الجمهور.

وخلال عقدين من الزمن راكمت قوى السلطة المتنفذة المشاكل والأزمات، بسبب انشغالها بتحقيق مصالحها السياسية والفئوية الضيقة، على حساب الناس، الأمر الذي افضى إلى تفاقم الأزمات على مختلف الصعد، بينما لم تنفك القوى المتنفذة عن منهجها المحاصصاتي.

ملفات منسية

من جهته، قال المنسق العام للتيار الديمقراطي اثير الدباس: ان هناك «الكثير من الملفات الكثيرة المهمة، التي تحتاج الى اهتمام بالغ ومتابعة حثيثة، لكنها للاسف الشديد مهمشة ومنسية».

وأضاف قائلاً لـ»طريق الشعب»، ان قوى السلطة المتنفذة «تعمل على قضم الحقوق المدنية وتهميش العديد من الملفات، وصب كل التركيز على ملفات اخرى تثير الكثير من التساؤلات، ابتداء من حظر اتحاد الطلبة العام من العمل مروراً بالتضييق على الصحفيين وقانون العطل الرسمية. بينما نجد أن هناك قوانين اكثر اهمية بحاجة الى تشريع مثل قانون الخدمة المدنية، وتعديل الملاك وقانون تعديل سلم الرواتب».

واوضح ان «القوى السياسية المتنفذة تعمل وفق ما يخدم مصالحها، سواء على مستوى المشاريع ام القوانين، فيما تهمل قطاعات مهمة مثل المستشفيات والكهرباء والخدمات عموماً».

وأشار الى ان «المواطن وصل الى مرحلة يأس كبيرة، بسبب الفساد والمحاصصة التي افضت الى تراكم الفشل خلال عقدين من الزمن».

مراكمة الفشل

الصحفي المختص بالشأن السياسي علي الحبيب، يقول ان «اهتمامات القوى الحاكمة تنصب على خدمة مصالحها السياسية والشخصية للمتنفذين فيها بالدرجة الأولى، ولا يوجد اهتمام بمصلحة المواطن، الذي وجد خيارا وحيدا أمامه وهو التظاهر».

ويضيف، ان «هذه الآلية أصبحت السبيل الوحيد للضغط على الحكومات المركزية والمحلية، لذلك أصحبت هذه المشكلة متعاقبة منذ فترات طويلة. نشاهد في مجلس محافظة ما مثلاً توجها إلى تخصيص قطع أراض خاصة بأعضاء المجلس، وعدم الالتفات الى حاجة المواطن ومعالجة مشاكله اليومية، وهذا هو الحال بالنسبة لعدد كبير من مجالس المحافظات».

وتابع قائلاً لـ»طريق الشعب»، ان «هذا النهج افرغ المجالس من أهميتها وابعدها عن دورها الحقيقي، بل وجعل الناس يعتقدون بانها حلقة زائدة»، مبينا ان «تجاهل المشاكل والأزمات أسهم في تراكمها، بسبب أن المصالح الشخصية ومراكمة المكاسب هي الغاية الأساسية والهدف من الوصول إلى السلطة عبر الانتخابات، قبل ان تكون خدمة الناس».

وأشار إلى أن «الصراعات في مجالس المحافظات تلعب دوراً واضحاً يعود بالسلب على عمل المجلس؛ مثلا نشاهد في كركوك وديالى أزمة داخل مجلسي المحافظتين. وهناك خلافات في مجلس محافظة ذي قار وانقسامات في داخله. وهذه كلها تولد انعكاسات؛ فالصراعات السياسية ما بين السياسيين في مجالس المحافظات وحتى في مجلس النواب، تسهم بشكل كبير في الاداء السلبي لمجالس المحافظات».

التظاهر.. عرف شعبي

وقال الناشط المدني من محافظة السماوة يعقوب الحساني: إنّ «التظاهر من اجل لفت انتباه المسؤول أصبح عرفاً، وقد رافق كل الحكومات المتعاقبة والى يومنا هذا، حيث ان اي تحرك يجب ان يكون مقترنا بضغط شعبي، ليتحقق ذلك».

وأضاف، أنّ «الفساد والنهج السياسي القائم على الفساد ما بين قوى السلطة المتنفذة، خلق حالة من الركود، وعدم الثقة لدى الناس».

وتابع حديثه مع «طريق الشعب»، بالقول: «إننا نفتقد العمل المؤسساتي. بل ان هذه المؤسسات والملفات الكثيرة المتراجعة يجري توظيفها من اجل زيادة المكاسب، فلو كانت لدينا مؤسسات حقيقية تعمل بمهنية، سنرى إنتاجية وحلولا للكثير من الملفات».

وأردف بالقول: ان «الشارع الاحتجاجي محتقن، وشاهدنا جميعا حجم التفاعل مع الحراك الذي انطلق مؤخراً في العديد من المحافظات تنديدا بمشكلة الكهرباء».

وحذر الحساني من الاستمرار في تجاهل معاناة الناس وسخطهم، وغض الطرف عن الخدمات التي يحتاجونها، وانتظار نزولهم للشارع، مشيرا الى ان ذلك كان سببا رئيسيا في اندلاع انتفاضة تشرين عام 2019.

وقال ان «المواطن لا يحتاج الى التظاهر كي يجبر المسؤول على الالتفات لمطالبه، انما يفترض به معالجتها تلقائياً من دون اية ضغوط».

وخلص الى القول: ان «تنشيط عمل الجانب الرقابي ومكافحة الفساد، هما نقطة شروع حقيقية نحو تفعيل مؤسسات الدولة والتحرك بشكل جاد الى الامام؛ فالأموال التي خصصت الى المحافظات كبيرة جداً، ونحن نحتاج الى من ينفذ ويكون حاسما بقراره ويكافح الفساد».