اخر الاخبار

وسط صمت حكومي مستغرب، تواصل القوات التركية اعتداءاتها على محافظة دهوك، بتكثيف عملياتها العسكرية داخل الأراضي العراقية، والتي تسببت في سقوط ضحايا بين المدنيين وتشريد العديد من الأسر في المناطق المستهدفة، فضلا عن احتلال مساحات كبيرة في ظل توغلها لمسافة 90 كم داخل الأراضي العراقية.

وبحسب إحصائيات لجنة الأمن والدفاع النيابية، فقد نفذ الجيش التركي ما يقارب 1000 هجوم، منذ مطلع العام الحالي، على الاراضي العراقية، بينما تتغاضى الحكومة العراقية عن تلك الانتهاكات.

يقول مراقبون، إن صمت الجهات المعنية على التجاوزات التركية يندرج ضمن اتفاقيات مسبقة بين الجانبين، خاصة وأن عمليات الجيش التركي وصلت إلى مراحل خطرة.

 وتقوم القوات التركية بنصب سيطرات على بعض الطرق الرئيسة في محافظة دهوك، لتفتيش وتدقيق هويات المواطنين، بحجة البحث عن عناصر حزب العمال الكردستاني.

إيقاف الاعتداءات

ودان عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية ياسر وتوت، «توغل القطعات العسكرية التركية»، مؤكداً أن «هذا الملف من مسؤولية القائد العام للقوات المسلحة، الذي يتحتم عليه الرد المباشر على الرئيس التركي، لايقاف القوات التركية عن التوغل والتحليق في سماء العراق والدخول براً باتجاه دهوك، التي هي محافظة عراقية لا تختلف عن باقي المحافظات، وما يجري عليها هو ضرب للسيادة العراقية».

ودعا وتوت في تصريح لـ»طريق الشعب»، «رئيس مجلس النواب إلى التدخل العاجل والفوري ومخاطبة القائد العام للقوات المسلحة لإيقاف تلك الانتهاكات»، محملا وزارة الخارجية مسؤولية الرد أيضًا.

وعن وجود اتفاق مسبق بين الحكومتين العراقية والتركية، أكد وتوت انه لا يعرف شيئا عن هذا الاتفاق، مردفا «إذا كان هناك اتفاق سياسي بين الحكومتين في هذا الشأن، فيفترض الكشف عن تفاصيله».

وقال إن «كل ذلك لا يبرر التوغل البري. ومن غير المسموح لأي دولة جارة أن تتدخل في شؤون العراق وتنتهك سيادته بأي شكل من الأشكال».

وأكد أنّ «لجنة الأمن والدفاع النيابية ستعمل على تقديم كتاب الى رئيس الوزراء نطالبه فيه بتوضيح ما يحدث وتبيان أسبابه».

تعتيم حكومي

السياسي والقاضي المتقاعد وائل عبد اللطيف قال: إن «ما يجري هو انتهاك صارخ لحرمة البلد وسيادته، ولكن قبل أن يتكلم العراقي تكلم التركي وأعلن عن دخوله بعلم وموافقة الحكومة العراقية».

وأضاف في حديث مع «طريق الشعب»، أن «الفشل في وضع حد لقوات حزب العمال، لا يعد مبرّرًا لتدخل عسكري بري وتوغل الجيش التركي بالدبابات والمدافع واختراق الحدود الدولية. هذا ليس بالأمر الهين، ولا ينبغي أن يكون كذلك»، فيما حمّل «الحكومة العراقية مسؤولية هذا الإخفاق، بسبب عدم شفافيتها، ففي الوقت الذي يجري الحديث عن 25 اتفاقية مبرمة مع أردوغان، لا أحد يعلم ما هي هذه الاتفاقيات وطبيعتها وتفاصيلها، وكأن البلد متجه إلى الديكتاتورية من جديد، فالكثير من الأمور التي تجري يلامسها الظلام ويكتنفها الغموض».

وخلص إلى القول: إن «ما يحدث هو دليل دامغ على ضعف القوى السياسية والحكومة، لأن ما يحدث من انتهاك صارخ يجب أن لا يمر مرور الكرام كما جرت العادة».

ومؤخرا، زاد الانتشار التركي في محافظة دهوك ضمن إقليم كردستان، في تطور يظهر أنه مقدمة لعملية قد تشهدها المناطق الحدودية خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.

وخلال ساعات، سيطرت القوات التركية على سبع قرى بالكامل.

منع السائحين

وأكد الخبير الأمني سرمد البياتي، أن «القوات التركية تمددت في مناطق دينارته باتجاه عقرة وفي كلي شيرانه، وفي مناطق أخرى وقعت تحت سيطرة الأتراك مثل «باولنه»».

وقال في حديثٍ صحفي، أن «الأتراك وضعوا سيطرات ونقاط تفتيش في العمادية، مركز محافظة دهوك، وقد أمروا الشركات السياحية التي تزور المصايف بالعودة إلى بغداد ومناطق أخرى»، موضحاً أن تلك القوات تعتمد حالياً على طريقة الدفاع المتحرك، لكن الحكومة العراقية عليها أن توضح ما يحدث حفاظاً على سلامة المواطنين».

وفي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد في نيسان الماضي، جرى توقيع «اتفاق الإطار الاستراتيجي الثنائي»، إلى جانب «26 مذكرة تفاهم مشتركة لمختلف المؤسسات بين البلدين». واعتبرت الحكومة أن ذلك «سينعكس على الشراكة الاقتصادية والتنموية». وجاء في الاتفاقات بنود مهمة، من ضمنها حصول تركيا على تفويض لتنفيذ عملية عسكرية في إقليم كردستان شمالي العراق، وضمن عمق يزيد على 40 كيلومتراً، لضرب جيوب حزب العمال الكردستاني ومواقعهم ضمن المناطق الخالية من السكان، وذلك خلال تفاهمات مع المسؤولين في بغداد وأربيل.

وتواصل القوات التركية، منذ منتصف حزيران 2021، سلسلة من العمليات العسكرية الجوية والبرية في الشمال العراقي، ضمن نطاق نينوى وإقليم كردستان، تتركز في سنجار، وقنديل، وسيدكان، وسوران، والزاب، وزاخو. وتضمنت العمليات الأخيرة قصفاً جوياً واغتيالات طاولت قيادات بارزة في حزب العمال الكردستاني لم يسلم منها المدنيون.

توغل غير مسبوق

الخبير الأمني عماد علو قال: إنّ التوغل التركي الحالي يختلف عن سابقاته في كونه أمر سكان بعض القرى بإخلاء منازلهم وأراضيهم، بحجة مطاردة حزب العمال الكردستاني التركي.

وأضاف علو في حديث مع «طريق الشعب»، أن «هذا التوغل يهدف إلى تمركز أو بناء قواعد جديدة داخل الأراضي العراقية لتكون منطلقًا لشن عمليات عسكرية تركية ضد عناصر العمال الكردستاني».

واختتم علو حديثه بالقول إن «هذا الملف شائك وتتداخل به عدة عوامل»، موضحًا أن «قوات حرس الحدود ضمن المنطقة الأولى، المتواجدة على مساحة تمتد لأكثر من 360 كم، لا تكفي لمسك المنطقة الجبلية التي تتميز بوعورتها وظروفها المناخية السيئة».

عرض مقالات: