اخر الاخبار

مرت الجمعة الماضية ١٠ كانون الاول الجاري الذكرى الرابعة للانتصار العسكري الكبير على عصابات داعش، وسقوط الدولة التي اعلن التنظيم الإرهابي تأسيسها بعد اجتياحه محافظة الموصل وسيطرته عليها وعلى محافظات اخرى. 

ففي كانون الأول عام ٢٠١٧ تمكنت   القوات  المسلحة  بمختلف  صنوفها وتشكيلاتها من دحر داعش عسكريا،  وتم الاعلان عن تحرير أراضي العراق  من دنس التنظيم الارهابي. ولم يتحقق هذا المنجز الوطني الكبير من دون تضحيات جسام، وخسائر بشرية كبيرة، وشجاعة واقدام من طرف المقاتلين في صنوف التشكيلات، فضلا عن الاذى والضرر اللذين لحقا بالمدنيين وبالبنى التحتية والدور السكنية والمنشآت العامة في المدن المحررة من قبضة الارهاب، الى جانب نزوح وتهجير ملايين المواطنيين العراقيين، ومعاناتهم الجمة في مخيمات البؤس والنزوح والتشرد.   .

وتُظهر مجريات المعركة المتواصلة ضد الإرهاب، ان هزيمة داعش عسكريا لا تعني باية حال هزيمته الكاملة، وان تحقيق النصر في هذه المعركة الكبيرة يتطلب  حزمة متكاملة من الإجراءات  السياسية والعسكرية - الأمنية  والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية. فهي معركة شاملة لدحر النهج والفكر المتطرفين، وكل فكر وممارسات مشابه لهما.

  وفي مناسبة هذه الذكرى من  المهم  العودة الى تفحص  ما حصل في 10 حزيران 2014، والتمعن في الانتكاسة  السياسية – الامنية التي حدثت آنذاك وقادت بلدنا كله الى وضع خطير،  كي يمكن استخلاص الدروس والعبر منها، وفهم اسباب وتداعيات الكارثة المتمثلة في هزيمة جيش جرار امام عشرات من المتطرفين، وما نجم عنها من خسائر باهضة بشرية ومادية وسياسية، الى جانب مراجعة مواقف المسؤولين عما حصل كي لا يفلتوا  من العقاب العادل حسب القانون، بغض النظر عن مواقعهم ومسؤولياتهم في مؤسسات الدولة، المدنية منها والعسكرية ، وضرورة الضغط الشعبي المتواصل للحيلولة دون اسقاط هذه المسؤولية مع تقادم الزمن، وعلى وفق طريقة “عفا الله عما سلف”  .

 ومع اعلان داعش عن مسؤوليته عن عدد من الاعمال الاجرامية التي وقعت مؤخرا، تبرز الحاجة الى الحذر من مشاريعه وخططه الخبيثة، خاصة وان هناك من يسعى الى استغلال الأمر في اجواء التدافع الحالي على تشكيل الحكومة، ومحاولات إعادة تفعيل الورقة الطائفية خدمة لأغراض ضيقة، خاصة وانانية . 

وفيما تقول تقديرات مصادر مختلفة بصعوبة نجاح التنظيم في السيطرة على مدن ومحافظات بكاملها،  فان المصادر ذاتها تحذر من الاستهانة بقوة التنظيم وقدرته على تحريك خلاياه النائمة، وعدم وجود ما يمنعه من ارتكاب أخس الجرائم وأبشعها. الامر الذي يفرض عدم الخدر، وعدم الاستهانة بتلك القدرات، خصوصا وان هناك تذمرا شعبيا  متعدد الاسباب، وله صلة بالسياسات الفاشلة وبالمنهج المحاصصاتي المأزوم والمفرّق، وبممارسات قوى مسلحة منفلتة تحاول الاستحواذ على مهام الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية، وهي المعروفة باجنداتها المثيرة للقلق على السلم الأهلي، والمهددة للوحدة الوطنية، والمهيّجة للنعرات والتشكيكات المتقابلة .

ويبقى الشيء المثير لأشد الاستغراب والسخط، وهو حقيقة ان المحافظات والمدن التي عانت من استباحات داعش وموبقاته، لم تلتئم جراحها بعد. فملفات  الاعمار والبناء، وقضايا التعويضات واغلاق مخيمات النازحين، والكشف عن مصير المغيبين والمخطوفين، ما زالت مفتوحة والعديد من جوانبها ينتظر المعالجة .

عرض مقالات: