اخر الاخبار

من منّا لا يتذكر “حجي راضي” و”عبوسي” و”قادر بيك” و”أبوالبلاوي”، وغيرهم من شخصيات الدراما التلفزيونية العراقية التي ظهرت منذ الستينات ، بل  أصبح  الكثير مما قيل في مجرياتها لازمة في حديثنا اليومي مثل “ نحباني للو .. اتتي فرمان” في رسالة مسلسل “تحت موسى الحلاق” الشهيرة للفنانة سهام السبتي ..

لتلك الشخصيات ولمفرداتها صدى أثير في نفوسنا، طالما تسمرنا بسببه أمام شاشة التلفزيون، متلقين بلهفة ما يدور من أحداث ومواقف في دراما اجتماعية، تناولت تفاصيل واقعنا العراقي بتنوعات مختلفة، منها الشعبية البحت وأخرى عكست بعض جوانب الحياة المدنية، مثل مسلسل “الذئب وعيون المدينة” المنتج عام 1980 من أخراج الفنان المصري إبراهيم عبد الجليل .

 لم تزل شخصيات غفوري، وقادر بيك، واسماعيل جلبي، وأم عطية، ورحومي، حية في الذاكرة، وكذا شخصية “ أبو البلاوي “ لخليل الرفاعي ، وغيرها من شخصيات اللامعة في الدراما المتميزة مثل حكايات المدن الثلاث، عثمان الموصلي وغيرها.

لقد بلورت مساحة الشخصية الشعبية أثرا نفسيا واجتماعيا كبيرا لدى المتلقي العراقي، كما أوضحت الدكتورة شذى العاملي أستاذة قسم السينما في كلية الفنون الجميلة، في محاضرة لها  في مؤسسة إيشان للثقافة الشعبية حملت عنوان “الشخصية الشعبية في الدراما التلفزيونية العراقية” قدمها الدكتور علاء كريم .

وبيّنت العاملي أهمية تقمص هؤلاء الفنانين لأدوارهم  بعفوية خالصة وبشغف عارم، رغم عدم تخصصهم أو دراستهم أكاديميا لفن التمثيل، مقارنةً بما نشاهده اليوم من دراما تلفزيونية هشة وضعيفة، تناولت سطح الواقع وليس عمقه رغم توفر الإمكانات التقنية والمستوى الجيد من الإنتاج. وأرجعت الأمر لأسباب عديدة منها سعي شركات القطاع الخاص المنتجة، لفرض رؤيتها الخاصة والترويج لما تهدف اليه اجتماعيا وسياسيا، وحتى طائفيا في بعض الحالات، في حين خضعت أغلب المسلسلات الدرامية السابقة لصرامة الإنتاج، وإن ساهمت شركة بابل الخاصة بالإنتاج لكن كانت للدولة شراكة معها وأسهما أيضا.

وعموما لم تنصف الدراما العراقية المرأة، برأي العاملي، بل لطالما ظهرت تابعة مهمشة ونادرا ما جسدت بطولات فردية نسوية عدا مسلسلي عالم الست وهيبة ، وفتاة في العشرين. وحتى ممثلات مسلسلات الجيل الحالي، نادرا ما اعتُمدت الموهبة أو الدراسة الأكاديمية لهن، بل التُقطن من الفيسبوك وحسب عدد “اللايكات” التي حصلن عليها! كما في مسلسل خان الذهب الذي عرض في رمضان الماضي ، اذ ظهرت أغلب ممثلاته بوجوه ممتلئة ببوتكس أخفى ملامحهن وانفعالاتهن تماما، فضلا عن عدم قدرتهن على التلوين لا بالصوت ولا بحركة الجسد، وبالتالي لم يتركن أثرا ملحوظا رغم  تعطش مجتمعنا للأعمال الدرامية القيمة.

الدكتور علي حداد رئيس مؤسسة أيشان أشار الى مدى تجسيد الشخصية التلفزيونية الشعبية والمسرحية في ستينات وسبعينات القرن الماضي للهوية الوطنية، وذكّر بشخصيات مسرحية “النخلة والجيران” التي بقيت ماثلة في الأذهان، وأصبحت جزءا من ثقافتنا الشعبية.

عرض مقالات: