اخر الاخبار

لاشيء يوازي فرحة الأبناء حين يوفّون ولو بجزء بسيط من عطايا الوالدين. سعادة كبرى لا يشعر بها إلا من حاول رد ولو بعض منها .. وهكذا هو وفاء الفنانة عشتار جميل حمودي وهي تقيم أخيرا المعرض الاستعادي السابع لوالدها، رائد الفن التشكيلي العراقي الفنان جميل حمودي، وتعرضه على قاعة المركز الثقافي في بغداد.

حمل المعرض المشترك عنوان “معا” وضمّ 45 لوحة للوالد و25 لوحة للابنة. قدم أعمال الفنان حمودي منذ البدايات وفي مختلف مراحله الفنية حتى آخر لوحة قبل رحيله عام 2003.

وموهبة حمودي في الرسم بدأت منذ طفولته وخطه أول لوحاته بعمر التاسعة ، وهو لم يقصر إبداعه على الرسم، فهو نحات وشاعر باللغتين العربية والفرنسية ومؤلف وصحفي ومترجم ومصمم، كما أجاد الطباعة الفنيَّة وتنظيم المعارض والمتاحف والأمور الهندسيَّة وديكور عروض المسرح. كما انه يعد من أبرز فناني البعد الواحد بإدخاله الحرف العربي إلى اللوحة التشكيلية. وقد اقتنيت أعماله الفنيَّة في المتاحف العالميَّة والمحلية ، وحضي بتقدير عالمي حيث حاز في فرنسا على وسام فارس الفنون والآداب عام 1987 ووسام جوقة الشرف عام 2001.

أما عشتار فبدأ شغفها بالفن وهي بعمر الثالثة، ممسكة بقلم التلوين بتشجيع من الوالد ، وعن شعورها وهي تقيم المعرض تقول: “متأثرة جدا للحد الذي لم أتمكن معه من تقديم كلمة أثناء الافتتاح، استرجعت سنوات رحيله وصعوبة البقاء بدونه. والمعرض هدية وعرفان مني له، لم أنتظر من أحد القيام بهذا الانجاز رغم أهميته، ربما كنت سأنتظر طويلا حتى يتحقق وقد لا يتحقق”!

“تميل عشتار إلى أن تخلق في أعمالها كل ما يساعد على الجمع بين أصالة التقليد والفنون القديمة مع ما هو حاضر وحي ضمن الفن المعاصر” حسب قول الشاعر بلند الحيدري، ومع ذلك رافق مسيرة الفنانة عشتار الكثير من الغبن رغم أهمية إنجازها، إذ طالما اتهمت بتقليد رسومات الوالد، لكنها في هذا المعرض أبهرت الجمهور بأعمال متميزة وخصوصا بالأبيض والأسود ولمرحلة قديمة ترجع للستينات ، بما يدحض الاتهام تماما ، فضلا عن عدم إنكارها التأثر بالوالد لكن بأسلوب خاص اجتهدت في بلورته بجدية عالية وإصرار وتواصل على مدى نحو خمسين عاما. وقديما قيل أن الفنانين المكافحين هم أرواح متعبة في ظل الازدراء البارد!

وحين يُطلب من الفن أن ينتزع حقه من التقدير اللازم، فان عليه أن يكون مخلصا للحياة العصرية ، معززا جمال الثيمة الأساسية له. وهكذا هي الأعمال في هذا المعرض، الذي بدا كسيمفونية مسّت مشاعرنا، وأصغينا فيه إلى ما لا يقال عبر الخط واللون والضوء والظل.

لم ترغب عشتار في التفريط بهذا الكنز الفني، ولم تعرض أي عمل منه للبيع، رغم الحاجة الماسة الى مردوده ، لاعتقادها بضرورة أن يبقى ضمن تاريخ العائلة، بعيدا عن التشتت والتبعثر.

عرض مقالات: