اخر الاخبار

لا يختلف اثنان على اهمية وضرورة إيجاد تنظيمات سياسية متعددة في اي بلد ديمقراطي، بل ان اساس اي عملية ديمقراطية هو وجود تعددية حزبية، تتنافس بشكل سلمي لنيل ثقة الجمهور والسعي الى تحقيق تطلعاتهم، وفقا لبرامج ملموسة.

ونحن نعيش الذكرى الرابعة لانتفاضة تشرين الباسلة، تتعالى دعوات أطراف القوى المدنية الفاعلة والنخب وأصحاب الرأي باتجاه ضرورة تنظيم الحركة الاحتجاجية والشعبية، بعد ان طُرحت مطالب سياسية تحتاج الى بلورة مشروع سياسي، يكون بديلاً عن قوى السلطة المتنفذة.

وبعد ان أصبحت القناعات راسخة بضرورة التنظيم والعمل السياسي، توجت هذه الدعوات وترجمت الى نشوء تنظيمات مدنية ناشئة، رفعت شعار التغيير وغدت تعمل في مظلة القوى المدنية الديمقراطية التي تسعى الى التغيير الشامل وتحقيق بديل لقوى المحاصصة والفساد.

من سوح الاحتجاج الى العمل السياسي

في هذا الشأن، قال الأمين العام لحركة نازل آخذ حقي الديمقراطية، مشرق الفريجي: “عند مراجعة تاريخ الحركة الاحتجاجية منذ الانطلاقة الاولى لها عام 2011، نجد انها رفعت مطالب عديدة تطالب بالحرية والتعبير والخدمات وغيرها وفي 2013 استهدفت قضايا مهمة متعلقة برواتب البرلمانيين وغيرها، وصولا الى 2015 حيث تصاعدت المطالب المشروعة بعد استشهاد البطل منتظر الحلفي في البصرة، واستمر واعز التظاهرات وصولاً الى محاولة خلق تشكيل تنسيقي من الاحتجاج”.

وذكر في حديثه لـ “طريق الشعب”، انه “في انتفاضة تشرين كانت هناك تعبئة احتجاجية مسبقة بدأت فيها مراحل التفكير السياسي، حيث رفع المحتجون مطالب سياسية منها اقالة الحكومة وتعديل قانون الانتخابات والذهاب باتجاه انتخابات مبكرة “.

وتابع الفريجي، ان “الاستعداد للانتخابات يحتاج الى عمل وتشكيل سياسي، لذلك ذهبنا الى التنظيم السياسي، وهذه الانتقالات أرى انها نتيجة أخطاء السلطة واخفاقها في تحقيق الاستجابة لمطالب الشباب، لذلك انتقل الحراك الاحتجاجي من مرحلة المطالبة بالخدمات ورفع المعاناة عن الناس، الى مرحلة توفير البدائل السياسية لقيادة عملية التغيير، وهذا ما ننتهجه اليوم سواء في ثاني أكبر تحالف سياسي (قيم المدني) او حركة نازل آخذ حقي الديمقراطية”.

ولفت الى ان من الطبيعي ان لا تكون هناك اغلبية تؤيد التنظيم الحزبي وتنخرط فيه، فهذا موجود في كل دول العالم ومن يتصدى ليسوا من الأغلبية، لكنهم يعبرون عن تطلعاتهم. وعلى مستوى شباب تشرين فنجدهم اليوم اكثر تنظيما، سياسيا او مجتمعيا”.

وبين الأمين العام لحركة نازل آخذ حقي، ان هناك “رؤية واضحة لدى الشباب وهناك مطالبون كُثر باتوا يعملون على بناء اساسات لتنظيمات جميعها تعمل بالضد من قوى السلطة المتنفذة، وكل خطوة بهذا الاتجاه هي مهمة ونطمح لها جميعاً”، مؤكدا ان “العمل السياسي لا يمنع الاحتجاج، خصوصاً اذا كان معارضا فهو سيسلك كل المسالك الديمقراطية من الانتخابات والاحتجاج وهذه وسائل ديمقراطية متاحة. ان تنشئ تنظيما سياسيا فهذا لا يعني التخلي عن الحركة الاحتجاجية”.

نعمل على تحقيق أهدافها

الأمين العام لحزب البيت الوطني، حسين الغرابي، ذكر في مستهل حديثه مع “طريق الشعب” انه منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في 2011 كان الشباب يطالب الحكومات المتعاقبة والاحزاب السياسية، بتحقيق اصلاحات وعدم التضييق على حرية التعبير والاحتجاج، وتعرض المحتجين الى مضايقات واستهدافات مباشرة لهم ولبيوتهم، إضافة لعمليات الاختطاف والاغتيال والتغييب التي دشنت مع لحظة تشرين.

ونبه الى انه في “تشرين كان لنا رأي اخر بعد ان وصلنا الى قناعة بأن هذه الاحزاب السياسية عاجزة عن اصلاح الوضع، وبالتالي قلنا بوضوح بانه لا بد من تهيئة وتوفير بديل سياسي، ومن هذه الفكرة انطلقنا الى تأسيس حزب مدني “البيت الوطني” الذي يتعامل مع العراقيين على اساس مبدأ المواطنة، ونجحنا بتأسيس خطاب وطني حقيقي”.

وأشار الى ان البيت الوطني في المسار الصحيح مع الاحزاب المدنية التي سبقته في العمل السياسي، والتي لم تلوث نفسها بالفساد والمحاصصة، حيث نسعى لان نكون بديلاً سياسياً حقيقياً تحت عنوان “تحالف قيم المدني”، ونطمح الى ان نقدم تجربة مختلفة نحاول من خلالها تصحيح مسار العملية الديمقراطية في العراق”.

وزاد الغرابي على حديثه بالقول ان انتفاضة تشرين “تمثل لحظة تاريخية عظيمة، وهي الضمير العراقي الحقيقي واداة الشباب لتغيير الواقع المأساوي وتصحيح المسار”.

وزاد بالقول: نستذكرها بألم لما وجدناه من فقد كبير في هذه الذكرى الاليمة لشهداء كثر وزملاء سقطوا في سوح الاحتجاج في محافظات العراق”، مؤكداً حرصهم على تحقيق ما خرجت من اجله وما حملته من مبادئ واهداف سياسية”.

وأردف قائلا ان الاحتجاج “هو فعل سياسي رافض لممارسات سياسية معينة، بالتالي فان منهاجنا لا يختلف كثيراً عما كنا نطالب به قبل ان ننشئ تنظيمات سياسية، ولكن ادواتنا الان هي التي اختلفت عن ادوات الاحتجاج”، لافتا ال ان “الهدف واحد وهو تصحيح مسار الديمقراطية وانهاء نظام المحاصصة المقيت الذي دمر البلد”.

وخلص الى ان “دعوة (قوى التغيير الديمقراطية) المنضوية تحت تحالف قيم المدني تقف اليوم استذكارا لهذه اللحظة التاريخية وتضحيات الشباب والتأكيد على الاستمرار على النهج الوطني الذي خرجت من اجله تشرين، واستمرارنا على هذا النهج وسنرفع شعاراتنا: لا للمحاصصة.. لا للسلاح المنفلت.. لا للفساد واستشرائه”.

الاستفادة من التجارب والاخطاء

الى ذلك، قال الناشط السياسي زين العابدين البصري ان: تشرين كانت نقطة تحول كبيرة واستثنائية، وشكل اخر للصراع ومناهضة المنظومة السياسية الفاسدة التي اضحت عاجزة عن رفع المعاناة عن الناس وقيادة دفة البلد الى بر الامان.

وبين في حديثه لـ “طريق الشعب”، ان “تشرين تشكل منعطفا تاريخيا مهما تمحور حول الهوية الوطنية واسقط الهويات الفرعية الطائفية التي سعت قوى السلطة الى تكريسها، وبينت بوضوح حجم الرفض الشعبي لمنظومة المحاصصة والفساد ونهجها السياسي”.

وذكر انه “بالتزامن مع الاحتجاج اصبحت هناك رؤية لدى الشباب بضرورة توفير البديل السياسي. وتمخض عن ذلك دعوات لتأسيس احزاب تخوض معترك السياسة ووجدنا على ارض الواقع ضرورة تشكيل تنظيمات وحراكات، تطورت الى ان اصبحت احزاباً سياسية”.

ولفت الى ان “بعض هؤلاء عانوا من تأثير المال السياسي المتفشي، وواجهوا صعوبات كبيرة في هذا المخاض وتم شراء ذمم بعضهم، ونجحت قوى السلطة في نقل هذا الفساد الى داخل بعض المشاريع وهناك من ذاب في أحزاب الظل التي اسسها المتنفذون، وبالتالي فقدوا هويتهم المدنية وغيّبوا من حيث لا يشعرون”.

واكد البصري انه “وسط كل هذا بقيت هناك عينة من فئة الشباب ما زالت حتى الان تصارع وتناهض السلطة، وهي بصدد تأسيس جبهات مدنية حقيقية تسعى لإنجاح عملها، بعيداً عن الاذرع الحزبية للسلطة رغم الضغوط والمحاولات التي تتعرض لها هذه الفئة التي حافظت على هويتها ومبادئها ولم تهادن”.

وأشار الناشط السياسي الى ان كل السلبيات “الموجودة في تجربة تنظيمات احزاب السلطة السياسية، رغم تأثيرها على الشباب بشكل سلبي الا اننا لا يمكن ان نتذرع بها ونأخذ منها حجة للامتناع وعدم خوض غمار النضال السياسي المناهض للسلطة وسياستها”، مشددا على ضرورة ان “يخوض اي شخص تجربته الخاصة ويعبر عن توجهه بشكل واضح وصريح، ويستفيد من تجارب الاخرين واخطائهم لتحقيق نجاح حقيقي على صعيد عمله وهذا ما هو مطلوب”.

وذكر ان “العمل السياسي هو وجهة حقيقية لكل من يؤمن بالمسار الديمقراطي والتغيير عبر هذه المسارات، وأحد اساسيات العمل الديمقراطي هو وجود الأحزاب وتعدديتها او العمل ضمن صفوف التنظيمات السياسية”.

وخلص الى انه “لا يمكن تصور تغيير حقيقي دون المشاركة في العمل السياسي، فهو اداة فاعلة ومهمة لغرض احداث التغيير المنشود ومن يتحدث بغير هذا الاتجاه باعتقادي هو غير مطلع على التجارب الكثيرة في العديد من البلدان ولا يعي اهمية هذا العمل وهذا المسار في اي عملية تغيير”.

عرض مقالات: