اخر الاخبار

كان المعلم في حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي يحظى بأعلى درجات الاحترام من قبل المجتمع المتوجه كليا آنذاك نحو تعليم الصغار أو العازم تماما على محو الأمية في تعليم الكبار، بعد أن حرصت ثورة 14تموز على محو الأمية من البلاد، وقد كان المعلم بصفة عامة يتمتع بأهلية وثقافة تؤهله لبناء أجيال قادرة على استيعاب المعرفة اضافة الى قيام المعلم بتعليم مبادئ الوطنية وحب العراق، ذلك لأن اغلب المعلمين كانوا من الوطنيين وحملة المبادئ التي ترفع من شأن العلم ومن شأن الوطن، وكان المعلمون قدوة للتلاميذ والطلاب في مسألة الحرص على العملية التربوية وكانوا متفانين أقصى درجات  التفاني في إيصال المعلومة واستغلال الوقت، وكان المعلمون رغم شدة الأنظمة السياسية يقفون في مقدمة المعارضة، وكانت رواتبهم في كل العهود عند اجر الكفاف، ورغم ذلك كنا نجدهم نموذجا في الأناقة والتصرف الرصين، غير أن المعلم شأنه شأن بقية شرائح المجتمع تعرض لسلسلة من القمع والاضطهاد خاصة في ظل النظام البائد وقد نفي الكثير منهم إلى المناطق النائية خاصة أولئك التقدميين الذين كانوا عند حسن ظن تلامذتهم وطلابهم وممن لم ينتموا إلى الحزب الحاكم، وظل المعلم قدوة يحتذوا حذوها الجميع، ولكن نظرا لما الت إليه الأوضاع بعد الاحتلال اختل توازن التعليم وذلك بفعل فاعل يريد تأخر الأجيال وتجهيلها أو بالأحرى يريد القضاء على دور التعليم في نهضة العراق وإعادته إلى سابق عهده وتقف وزارة التربية لما آلت إليه بعد السقوط في مقدمة من يكون سببا في تأخر التعليم من حيت إدارة العملية التربوية أو من خلال قلة الاهتمام بالعلم، أو من خلال  التلاعب بالمناهج ، ففي مسألة سوء الإدارة التربوية يمكن القول إنه نتيجة المحاصصة، فإن تعيين الوزراء لهذه الوزارة أو الاداريين الآخرين كان وراء تردي التعليم وانتشار الفساد ساعد بدوره هو الاخر على تأخر البنى التحتية وتخلفها أمام تطور التعليم على الأقل في الدول المجاورة أو في العالم، فلا زالت أغلب مدارس بلدنا طينية أو كرفانات تفتقر لأبسط مستلزمات التعليم، أو أنها مدارس قديمة آيلة للسقوط أو أنها مهب الرياح الباردة في الشتاء أو القائظة في الصيف، وكان على المعلم ونقابته وفق هذه المعطيات أن يعلن كل منهما اعتراضه على مثل هذه الأوضاع ، لأن رسالة المعلم رسالة تختلف عن الوظائف الأخرى ، فقد كاد أن يكون رسولا وان لا يقبل بكل ما كان عيبا بان يكون مقبولا، وقد تجاهل الفساد المستشري أهمية النشء وأهمية تلك البراعم وبالإتيان بالمناهج الجيدة وان تكون تلك المناهج منسجمة مع التطور الالي للحياة وتطور العلوم، لا كما هو جار الان تغيير المناهج المستمر من أجل عقود المطابع، بل وصارت المناهج مربكة لا تلوذ إلى مبدأ ولا تستقر على قاعدة،

أن المعلم شعلة يجب أن تأخذ الدولة على عاتقها تطوير مهاراته العلمية ومتابعة همومه اليومية، وان يكون هو من جانبه تلك الشعلة التي تضئ طريق الأجيال، كما أضاء المعلم درب دولة سنغافورة وحولها من دولة كانت مرتعا للبعوض كما قال رئيسها الأسبق “ لي كوان يو “ وحولها إلى مصاف الدول الراقية،

أن المعلم العراقي الذي كان يعلمنا الحرف والأدب ويعلمنا عدم هدر المياه أو تبذير الطباشير، لابد أن يكون ذات المعلم هو معلم أجيال الغد، ولا بد أن يكون ملتزما بمبادئ الوطنية حريصا على واجبه، ولا بد للدولة أن تأخذ بيده نحو حياة أفضل وان ترفع من مستواه المعاشي لأنه هو الامل المرجى والمنى وهو اخيرا من يصنع المستقبل للأجيال