اخر الاخبار

تتواصل الاحتجاجات في بيرو للمطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة. ووفق اخر المعطيات الرسمية المتوفرة، ارتفعت حصيلة القتلى في صفوف المحتجين إلى 24 قتيلا. وتحمل منظمات حقوق الإنسان رئيسة الجمهورية المعينة دينا بولوارت المسؤولية وتطالب بمقاضاتها.

وفي غضون ذلك، رفض مجلس النواب، بأغلبية يمينية، إجراء انتخابات مبكرة.

خلفيات الحدث

فاز بيدرو كاستيلو بالانتخابات الرئاسية في حزيران 2021 بأغلبية الأصوات. ومنذ البداية لم تقبل نخب الرأسمال، والقاعدة الاجتماعية لدكتاتورية فوجيموري، الذي خسرت ابنته السباق الانتخابي امام كاستليو. ان ما يحدث اليوم في بيرو هو نتاج هذه النخب، وماكينتها السياسية والإعلامية.

بدأت الحملة المعادية برفع دعوى قضائية ضد موظفي مفوضية الانتخابات، متهمين إياهم بتزوير النتائج. واستمرت سيناريوهات مقاطعة ومهاجمة الحكومة والشعب الذي انتخب كاستيلو رئيسا. وجرب اليمين سحب الثقة من الرئيس مرات عديدة. ولم يقتصر الأمر على استهداف الرئيس شخصيا فقط، بل شمل فريقه السياسي، بما في ذلك زعيم حزب الرئيس “بيرو الحرة”، وشنت حرب قضائية طالت 16 شخصية، بما في ذلك ابنة الرئيس، في تلاعب قانوني كان هدفه اثارة مشاعر العداء ضد الرئيس.

وبالتوازي، شنت حملة أكاذيب إعلامية، هدفها ليس عزل الرئيس فقط، بل إلقاؤه في السجن. ويتلخص جوهر الحملات المضادة في رفض النخب الرأسمالية وامتداداتها الاجتماعية لفكرة ان يصل نقابي او معلم، او من ينتمي للطبقة العاملة، مثل بيدرو كاستليو الى سدة الحكم. 

بالإضافة إلى ان انتصار كاستليو جاء في سياق الموجة الثانية لانتصارات قوى اليسار في أمريكا اللاتينية، حيث الانتصارات المتتالية في كولومبيا، تشيلي وأخيرا البرازيل، وهذا ما يجعل دعم الولايات المتحدة لهذه القوى قويا ومطلوبا وفق الموقف المعروف للإدارات الأمريكية من التحولات الجارية في هذه المنطقة.

حزب الرئيس المعزول

حزب الرئيس، الذي تقاطع مع الحكومة، يعيش حالة انحلال، بعد تعرضه الى حملة إعلامية وجنائية مكثفة. ومثل الكثير من تنظيمات اليسار حديثة العهد، والتي تصل الى السلطة للمرة الأولى، ارتكب الحزب العديد من الأخطاء في التعامل مع الضغوط السياسية والإعلامية. وحاليا يدعم الحزب الرئيس المعزول، ويصف ما يحدث بالانقلاب اليميني. ويدعو الحزب الناس للنزول إلى الشوارع، وهذا ما يحدث ويتسع الان. ولا بد من الإشارة الى أن الكثيرين من معارضي الرئيس من قوى اليسار والوسط، عادوا الآن لدعمه في مواجهة هجوم يميني يسعى للانقضاض على اليسار، ويمهد الطريق لعودة القوى التقليدية.

وفي هذا السياق تشن حملة عنصرية مبنية على الحط من إنسانية أوساط الفقراء والكادحين، وهنا تقوم النخب الرجعية بمقارنة الرئيس المعزول بالحمار. يجري هذا إعلاميا وفي حفلات النخب الاجتماعية، ويمتد هذا الأسلوب الى الشخصيات القيادية في حكومة اليسار، وقد انعكس هذا في طريقة الاذلال لعائلة الرئيس عند مغادرتهم القصر الرئاسي.

منظمات السكان الأصليين والفلاحين

لقد دعت منظمات السكان الأصليين والفلاحين إلى إضراب مفتوح. ويطالب المحتجون الرئيسة المعينة بالتنحي، وانهاء الانقلاب، وحل البرلمان، وقد كانت هذه مطاليب أكثرية الشعب من الرئيس قبل عزله وقبل ان يعلن في خطاب متلفز حل البرلمان، وهو القرار الذي استخدم لتجميع أكثرية برلمانية ضده، وانتهى بعزله. بالإضافة الى ذلك يطالب المحتجون بجمعية تأسيسية جديدة، وإقرار دستور جديد، بدلا من الدستور النافذ الموروث من عهد الدكتاتورية. ويطالبون بمحاسبة الرئيسة دينا بولوارت وجميع القادة السياسيين على عمليات القتل والقمع البوليسي الشامل الذي يتسع ويؤدي الى مزيد من الضحايا، ويشمل حتى القاصرين.

ومن المهم للغاية إطلاق سراح الرئيس كاستيلو، المعتقل وفق سياقات غير صحيحة، وعودته لممارسة مهام منصبه، وتقترب المطالبة بذلك من الاجماع الشعبي.

طبيعة العنف

يذكر العنف المنفلت السكان بماضي البلاد الدموي خلال سنوات النزاع المسلح الداخلي 1980 -2000، حيث كانت هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وسوء معاملة على أيدي رجال يرتدون الزي العسكري.

ناشدت امرأة كانت قد شهدت القمع في منطقة أياكوتشو رئيسة الجمهورية المعينة: “أرجوك أوقف المجزرة، هناك الكثير من إطلاق النار، أرجوك ان تفعل شيئا، فالجيش يطلق النار مباشرة، لا نريد مزيدا من القتلى”.  لقد انهارت الرعاية في المستشفى الإقليمي، حيث نقل عشرات الجرحى. ويتبنى مركز التنسيق الوطني لحقوق الانسان هذه المناشدة. وتقوم منظمات حقوق الانسان بتوثيق العنف وإقامة دعوى ضد الرئيسة المعينة بسبب العنف المنفلت.

وأعلنت وزيرة التعليم باتريشيا كوريا ونظيرها في وزارة الثقافة، جاير بيريز، استقالتيهما من منصبيهما. وكتب بيريز في خطاب استقالته إلى بولوارت: “إن الخسارة التي لا يمكن تعويضها للأخوات والأخوة تجعل من الصعب بالنسبة لي أن أبقى في حكومتك”.

من جهة أخرى بين استطلاع للراي ان 70 في المائة من المشاركين فيه يرفضون تولي رئيسة الجمهورية المعينة لمهام منصبها، و83 في المائة يؤيدون إجراء انتخابات مبكرة.

وأعلنت قرابة 300 شخصية ثقافية مشاركتهم في الاحتجاجات وأصدروا بيانا يؤكد على دعم مطالب المحتجين.

واغلب الحكومات اليسارية والتقدمية في أمريكا اللاتينية، أعلنت تضامنها مع الرئيس المعزول بما في ذلك كولومبيا وفنزويلا والأرجنتين والمكسيك وبوليفيا.

عرض مقالات: