اخر الاخبار

اتسمت العلاقات التشادية السودانية بالتأزم منذ استقلال البلدين في النصف الثاني من القرن الماضي.

وعانى كل من البلدين من حرب أهلية داخلية، بسبب التنمية غير المتوازنة الموروثة من النظم الاستعمارية وارتباطها بالسوق الراسمالي العالمي،  الذي يركز على الانتاج من اجل التصدير اكثر من تطمين المطلوبات الوطنية، وبضمنها الأمن الغذائي. مما كرس التنمية في المناطق السهلة، واهمال مناطق اخرى عانت التهميش وحمل اهلها السلاح ضد الحكومة المركزية هشة التكوين، والتي بسبب ضعفها توظف التناقضات الإثنية لحماية سلطتها.

لكن هناك من الاثنيات في البلدين ما هي عابرة للحدود، وارتباطا بذلك تجد اية مجموعة اثنية مستهدفة من قبل السلطة في احد البلدين، بسبب توفيرها حضنا اجتماعيا لتمرد على السلطة في البلد الآخر، مناصرة بفضل علاقات الدم داخل هذا البلد الثاني، فيتحول الصراع تبعا لذلك الي صراع بين الدولتين على الحدود. هذا الي جانب النزاع الدولي وتقاسم النفوذ علي الساحل الافريقي، خاصة بين فرنسا وروسيا على مناطق غنية بالثروات المعدنية.

وكانت تشاد قد طلبت في وقت سابق من الامم المتحدة سحب قواتها وترك مسؤولية حفظ الأمن في معسكرات النزوح لمفرزة تشادية، تقوم الامم المتحدهة ذاتها بتدريبها، وهذا ما تم بالفعل لاحقا. ولان معسكرات النزوح تقع علي الحدود، ومعظم النازحين من اقليم دارفور السوداني، اتفقت الدولتان في 2010على انشاء قوة عسكرية مشتركة من آلاف الجنود، تكون قيادتها دورية كل ٦ اشهر. وقد ضمنت تلك القوة الاستقرار لاكثر من عقد من الزمان، تجددت بعده النزاعات. ففي آب  الماضي تسللت قوة مناهضة لحكومة دبي الابن في تشاد عبر الحدود المشتركة بين الدول الثلاث: السودان وتشاد وليبيا، يحملها اكثر من ١٢عربة دفع رباعي. لكن الطيران التشادي تعقبها ومنعها من الوصول الى العاصمة انجمينا، فاضطرت الى أن تعسكر قرب الحدود السودانية. الأمر الذي عزز عدم الثقة الموروث في العلاقة بين البلدين. واعتبرت تشاد ما يحدث على حدودها الشرقية مؤشرا على مطامع اقليمية تنشط فيها دول مجاورة. هذا الى جانب نشاط مجموعات من عدة دول مجاورة، تعمل في تعدين الذهب في منطقة كانت تدر على تشاد ٥٠ مليون دولار اسبوعيا، ويهمها أن تكون مستقرة .

وعقب ذلك اعتدت مجموعة قبلية تشادية على مجموعة من الاهالي السودان المجاور، وقتلت منهم من قتلت ونهبت كميات كبيرة من الابل في اقليم دارفور. وجاء هذا العمل في اطار نشاط عدّه المراقبون مرتبطا بتدفق مجموعات تشادية من ليبيا. علما أن الحكومة التشادية تواجه مجموعات بوكو حرام ذات الصلة بتنظيم القاعدة، مما يجعلها تتمتع بالدعم الاوربي والامريكي في اطار الجهود الدولية لمكافحة الارهاب.

وقد ابعدت إستباحة الحدود السودانية من قبل جهات متعددة من داخل تشاد، النظر عن موقفها من انجمينا، فارتفعت الاصوات داخل الخرطوم تطالب بتدخل القوات السودانية لمنع التسلل عبر الحدود، حفظا لارواح المواطنين وممتلكاتهم. وبالنظر الى الاوضاع المتفجرة الناشئة، صار السيد حميدتي قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة السوداني، يرابط منذ عدة اشهر في دارفور. وقال انه سوف يلاحق الجماعات العابرة للحدود، لكن تطورات الوضع في الخرطوم اجبرته علي العودة اليها. حيث يدور صراع غير معلن بينه وبين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، يرتبط بدوره بتقاسم النفوذ الدولي وبالموقف من القوى السياسية الداخلية المتسابقة نحو قصر الرئاسة علي شاطئ النيل.

وليس مستبعدا ان يؤدي هذا الوضع الى ارخاء القبضة الامنية للدولة في الإقليم، مع انشغال رجل المليشيات القوي هذا بمستقبله السياسي، في ظروف داخلية وخارجية تشهد تقلبات متسارعة. فيما تبحث قوات الحركات المختلفة عن حلول لمشاكلها، في ظل عدم إنفاذ الترتيبات الامنية، وعدم صرف رواتب المجندين لعدة اشهر، خاصة وانهم موجودون في منطقة يضعف فيها نفوذ حكومتي البلدين، ويكثر النشاط التعديني العشوائي.

عرض مقالات: