اخر الاخبار

الصفحة الاولى

تصريح المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي حول كارثة حريق مركز النقاء في الناصرية:

متى ينتهي الإهمال ويتوقف الاستهتار بالأرواح وتكرار المآسي؟

لم تمر شهور معدودات على مأساة حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد حتى صدمنا اليوم بتكرار الكارثة في مركز النقاء الخاص بعزل مرضى الكورونا، والذي افتتح قبل اسبوعين لا أكثر في مستشفى الحسين التعليمي بالناصرية.

عشرات من ضحايا الوباء اللعين، وبينهم نساء، وجدوا الموت الزؤام بدل الشفاء في هذا المركز المكون من 20 كرفان سندويتش بانل سريع الاشتعال. وكما في مأساة ابن الخطيب يبدو أن السبب هو اهمال قناني الغاز الموجودة في ردهات المستشفى وفي غرف المركز وسوء استخدامها.

واذا كان الوقت مبكرا لتشخيص  أسباب الفاجعة الجديدة بدقة وتحديد المسؤوليات، فان من المناسب والضروري التذكير بأن كثيرين، ونحن منهم، نبهوا وقت التهام النيران مستشفى ابن الخطيب، الى امكان وقوع المأساة ذاتها في مؤسسات صحية أخرى، نظرا الى افتقار غالبيتها لشروط السلامة، والى محدودية وضعف تجهيزاتها، والى معاناتها جميعا من الاكتظاظ وقلة الكوادر الصحية وضعف الرقابة وعدم التزام الزائرين بالتعليمات وتقادم البنى التحتية أو لهشاشتها لكونها بنى مؤقتة أنشأت لتلبية الحاجات الملحة التي فرضتها ظروف اتساع جائحة كورونا، كما هو الحال في مركز النقاء، وتلك في معظمها ليست امورا فنية مجردة، وانما هي حصيلة طبيعية للتدهور السياسي في البلاد والازمات المتنوعة المتفاقمة في ظل نظام المحاصصة والطائفية السياسية والاستهتار بأرواح الناس.

ان الحدث المأساوي اليوم في مركز النقاء في الناصرية يؤكد جدية ذلك التحذير، ويطرح بحدة على الحكومة وجميع الجهات المعنية بالصحة ضرورة تخصيص الاموال اللازمة لتوفير شروط ومستلزمات وتجهيزات السلامة في المستشفيات والمراكز الصحية، ولتشديد الرقابة والالتزام بالتعليمات. كذلك وجوب المحاسبة الحازمة للمقصرين حسب ما تكشفه التحقيقات، فبعكسه سيحل بابناء شعبنا المنكوبين أصلا في زمن هيمنة المتحاصصين والفاسدين مزيد من النكبات المروعة.

الرحمة للضحايا والصبر والسلوان لذويهم ومحبيهم

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

13 تموز 2021

*****************

نائب: لا توجد ضمانات لإجراء الانتخابات بموعدها

بغداد – طريق الشعب

شكك عضو مجلس النواب، سليم همزة، أمس الأربعاء، بموعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وقال همزة لوكالة "بغداد اليوم"، إنه "لغاية الآن هناك شكوك كبيرة بأن الانتخابات البرلمانية المبكرة ستجري في موعدها، خصوصاً مع عدم وجود استقرار أمني، والعراق بلد المتغيرات ويمكن ان تحصل احداث تغير موعد الانتخابات من جديد، فلا توجد ضمانات حقيقية لإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها"، مضيفا "لا يوجد اي احد حتى الآن يمكن له ان يؤكد بان الانتخابات المبكرة ستجري في موعدها، وأن ما يطلق من وعود بهذا الصدد لا يتعدى كونه مجرد تصريحات صحفية".

****************

فهمي: 14 تموز ثورة بكل المعاني والمقاييس

بغداد – طريق الشعب

قال سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق رائد فهمي، أن “ما حصل في 14 تموز عام 1958 هي ثورة بكل المعاني والمقاييس، وما أكد طابعها الثوري هو الخطوات والتحولات التي أعقبتها وغيرت كثيراً من واقع العراق”.

وذكر فهمي في تصريح لوكالة السومرية نيوز، إن “الثورة غيرت في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، وعلى صعيد الريف والمدينة، وقضت على سلطة كبار الملاكين، إضافة إلى إصدار قانون الاصلاح الزراعي، وأخرجت العراق من جميع الاحلاف العسكرية العالمية الاستعمارية، واكملت استقلال العراق السياسي والعسكري، واطلقت عملية تنموية واسعة على عدة مستويات على الصعيد الصناعي والاقتصادي والزراعي، وهناك انجازات يمكن تاشيرها بالارقام”.

واشار الرفيق فهمي الى “اتساع العملية التعليمية الأمر الذي حقق خطوات نحو العدالة الاجتماعية”. مضيفاً بالقول: ان “الثورة واجهتها مشكلات عدة من الجهات المتضررة جراء الثورة سواء في الداخل أو الخارج وانحياز التيار القومي بشقيه الناصري والبعثي ضد الثورة التي  توافق مع المخططات الاستعمارية للولايات المتحدة وبريطانيا بزعم مواجهة المد الشيوعي”.

واوضح الرفيق رائد فهمي، إن “التلكؤ في تنفيذ أهداف الثورة، جعل البعض يعتقد أن العهد الملكي كان أفضل من الجمهوري، وأظهر الثورة على إنها انقلاب عسكري طمعاً بالحكم”.

ولفت إلى أن “النظام الملكي هو من اسس لعدم التداول السلمي للسلطة وعسكرة المجتمع، حيث قمع الحريات، وأعدم قيادات الحزب الشيوعي العراقي، وضباط ثورة مايس عام 1941، والسجون كانت مكتظة قبل الثورة، وان الانتخابات التي الغاها نوري السعيد عام 1954 أغلقت كل المنافذ للتحول السلمي للسلطة”، منوهاً إلى أن “الجهات التي كانت مستفيدة من النظام الملكي هم من اعيان وتجار وكبار الموظفين في ذلك النظام”.

******************

ناشطو الناصرية: ردود فعل السلطة بائسة

بغداد ـ طريق الشعب

لا تزال حادثة مستشفى الامام الحسين في ذي قار، تلقى تفاعلا كبيرا بين أوساط سياسية وشعبية وخارجية.

وتتبادل جهات عدة الاتهامات، بينما تعهدت الحكومة بإعلان نتائج التحقيق في الفاجعة، خلال سبعة أيام، وسط الخشية من تسويف القضية كما حصل مع عشرات لجان التحقيق.

وتوالت ردود الفعل من قبل القوى الوطنية والجمعيات الطبية على حادثة حريق مستشفى الامام الحسين في محافظة ذي قار, مطالبين بضرورة محاسبة المقصرين في الحادث وتقديمهم للقضاء.

وأعادت الحادثة سرادقات الاعتصام الى ميدان الحبوبي، وسط الناصرية، فيما عبّر عدد كبير من المواطنين في مختلف المحافظات عن غضبهم بسبب تكرار حوادث الحرائق في المستشفيات, مؤكدين ان المسؤولية بشكل كامل، تتحملها الاحزاب المتنفذة والمتصارعة على المغانم.

وأصدرت محكمة تحقيق النزاهة في ذي قار، أمر قبض بحق 13 شخصا متهما في الحادثة، فيما حمّل ناشطون من الناصرية، الحكومتين الاتحادية والمحلية والأحزاب السياسية المتنفذة، مسؤولية حريق المستشفى، والذي أودى بحياة العشرات.

وأعلن رئيس لجنة حقوق الانسان البرلمانية ارشد الصالحي، أن هيئة رئاسة مجلس النواب أكدت في اجتماعها مع قادة الكتل على ضرورة محاسبة الحكومة الاتحادية على خلفية الحريق.

ووصف الناشط المدني من محافظة ذي قار، حسين علي، ردود فعل السلطة التشريعية والتنفيذية على الحادثة بـ”البائسة”.

وقال علي ان “ نظام المحاصصة الفاسد هو الذي ادى الى حريق مستشفى الحسين في الناصرية، وسبق وان حذرنا من استمرار النظام سوف يؤدي الى مشاكل واسعة، وما حدث في الناصرية ليس بالجديد بل هو متوقع نتيجة فساد القوى الماسكة بالسلطة.

****************

هرباً من جحيم الصيف وكابوس الكهرباء

 الأنهار ملاذ للعراقيين

بغداد – وكالات

تزدحم السواقي والترع والانهار الصغيرة بالشباب والصبية مع حلول فصل الصيف للسباحة فيها هربا من درجات الحرارة المرتفعة، وكابوس الكهرباء الذي أحال المنازل إلى جحيم – بحسب العديد من المواطنين.

ومقابل ذلك، يزداد قلق الأهالي على أبنائهم في حال ذهبوا مع أصدقائهم للسباحة في تلك الأماكن، التي لا تتوفر فيها شروط السلامة. فمعدلات الوفيات غرقاً مرتفعة، ولا يكاد يمر يوم من دون إعلان غرق شخص أو اثنين، ما دفع بعض الآباء إلى استخدام كل الوسائل الممكنة لمنع أولادهم من السباحة في الأنهار، لكن دون جدوى.

*****************

راصد الطريق

هل نحن في الطريق الى العطش؟!

أعلنت وزارة الموارد المائية الثلاثاء ان لدى الجانبين الإيراني والتركي ارادات سياسية لمنع إطلاق الحصص المائية الى العراق.

وفي السبت الماضي لوح وزير الموارد المائية برفع شكوى الى المجتمع الدولي ضد إيران.

معلوم ان إيران حوّلت مجاري العديد من الأنهر والروافد، التي تحمل للعراق بمجموعها حوالي ٣٥ في المائة من موارده المائية السنوية، الى داخل أراضيها، ومنها الكرخة والكراون والوند، فيما تستمر تركيا بمنع تدفق حصة العراق المائية في نهري دجلة والفرات، في مسعى لاستخدامها كورقة ضغط سياسي.

وأزمة المياه خطيرة، لكنها تواجه بلامبالاة رسمية وحتى شعبية، رغم بعض التحذيرات الوطنية الحريصة والمسؤولة. وقد اضطرت الوزارة الآن الى استخدام الخزين الاحتياطي (٣٠ مليار متر مكعب، كانت سابقا تفوق ٧٢ مليارا).

وفيما تتواصل هذه المواقف غير الودية التي تعني “خنق العراق” مائيا، يبلغ حجم تجارتنا مع تركيا ١٢ مليار دولار، ومثله مع إيران، عدا التهريب المنظم وغيره! 

فيالها من مفارقة!

ويبقى السؤال. عمن للعراق وشعبه ومصالحهما؟!     

**************

الصفحة الثانية 

القوات الأمنية تُطيح بمجهز أعتدة وأسلحة الإرهابيين بالأنبار

بغداد ـ طريق الشعب

اعلنت خلية الإعلام الأمني، يوم أمس، الاطاحة بمجهز الاسلحة والاعتدة لخلايا داعش في الانبار.

وذكرت الخلية في بيان طالعته “طريق الشعب”، أن “معلومات غاية بالدقة وردت لاحد مفاصل مديرية الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع - قسم استخبارات قيادة عمليات الانبار- اكدت دقة المعلومات المقدمة اليها من شعبة استخبارات الفرقة العاشرة حول تواجد احد العناصر الارهابية الخطيرة التي تقوم بتجهيز الاسلحة والاعتدة لعناصر داعش بالأنبار”.

وأضاف البيان، أن “مفارز شعبة الاستخبارات العسكرية في الفرقة العاشرة وبالتعاون مع قوة برية من الفوج الثاني لواء المشاة 40 قامت بنصب كمين للإرهابي في سيطرة الكناطر بقضاء الكرمة الانبار، والقبض عليه”، مشيرا إلى أن “الارهابي من المطلوبين للقضاء بموجب مذكرة قبض على وفق أحكام المادة 4 إرهاب، وجرى تسليمه لجهة الطلب”.

******************

كل خميس

حقبتان .. وطغمتان

من طينة واحدة

جاسم الحلفي

بدا لي وانا اقرأ عن الوضع السياسي في العهد الملكي وطبيعة الانتخابات آنذاك وطريقة اجرائها والتحكم بنتائجها والبرلمانات التي تتشكل في ضوء ذلك، انها تشبه الى حد كبير واقع الحياة السياسية التي نعيشها في الحقبة الحالية. وإذ اقارن بين الحقبتين، الملكية وهذه التي نعيش اليوم لجة ازماتها، فلا اريد ان أزكى من أمسك السلطة باسم الجمهورية وادعى الحكم باسم الشعب. فالتعسف والعدوان ومصادرة الحريات وهضم الحقوق هو من طبيعة تلك الأنظمة التي استبدت وحكمت بالحديد والنار، خاصة بعد انقلابي 8 شباط الدموي عام ١٩٦٣، و١٧ تموز عام ١٩٦٨، ووليدهما الحكم الدكتاتوري ذي النزعة الفاشية والعنصرية.

وحين نشير هنا الى واقع الحياة البرلمانية في ثلاثينات واربعينات القرن المنصرم، نجد ان الخط البياني لطريقة عمل البرلمان ولنزاهة انتخاب اعضائه كان في انحدار مستمر. فالدورات الانتخابية الـ 16 بمجموعها سارت من سييء الى أسوأ، وصولا الى مسخرة انتخابات التزكية التي كشفت حقيقة اولئك “النواب” كونهم اسوة بالموظفين الحكوميين لا يملكون حرية اتخاذ القرار، مما دفع القوى الاجتماعية الجديدة الى المطالبة بالانتخابات الحرة والنزيهة.

وبدلا عن بناء الثقة بالدولة ومؤسساتها، سيما هي في طور التكوين والبناء، ضعفت الثقة وتراجعت المشاركة السياسية جراء الإجراءات والسلوك اللاديمقراطي، وتعمقت الفوارق الاجتماعية، وصاحب ذلك التضييق على الحريات، وتصاعد مزاج عدم الرضا على الأوضاع التي تمر بها البلاد، واتساع الهوة بين السلطة وأبناء الشعب. وغدت الصورة الظلامية ملازمة للأوضاع، حيث الحرمان من الحقوق الديمقراطية الدستورية، فلا حريات ولا حقوق نشر ولا اباحة للتعبير عن الرأي.

وتراجعت خطوات بناء الدولة الحديثة على وفق النظام البرلماني، واتخذ رجال الحكم والمهيمنون على السلطة والماسكون بها، من الديمقراطية قناعا ومن العملية الانتخابية لعبة لتأبيد وجودهم في قمة السلطة. وأصبح عاديا عدم الالتزام بمواد الدستور، ووضع مختلف العراقيل للحيلولة دون وصول المعارضة الى البرلمان.

كماعصفت بالبلد أزمات اقتصادية خانقة، وتدهورت الأوضاع السياسية والاجتماعية، وتردت الأوضاع العامة بشكل كبير، خاصة خلال الأربعينيات. وكان لهذه السياسات أثرها في أوضاع المواطنين المعيشية والحياتية والخدمية، حيث استفحلت البطالة وانتشرت الأمية والامراض. وإثر ذلك ارتفعت صيحات الاحتجاج الشعبية مطالبة برفع الظلم والحيف عن الشعب، ودعت إلى إزالة الفوارق الطبقية وتحقيق العدالة الاجتماعية وكسر احتكار السلطة، مؤكدة اهمية التمثيل الحقيقي للشعب في السلطة التشريعية عبر انتخابات حرة نزيهة، الى جانب وضع حد للغلاء الفاحش، وعدم التضييق على الحريات.

حين تقرأ عن ذلك التاريخ الموجع يبدو لك وكأن الزمن لم يتحرك، فأزمة نظام الحكم ماثلة امامك في تحكم الطغمة الحاكمة التي لا تختلف طبيعتها في شيء، من جهة البعدين الوطني والطبقي، عن حكم الماسكين بالسلطة في العهد الملكي. بل انها فاقت ذلك وتجاوزته بفسادها ونهبها للمال العام وثرائها غير المشروع، وبطائفيتها وتعصبها الحزبوي والمناطقي. ذلك انها رسخت اقدامها كسلطة اقلية مستبدة (أولغارشية)، حيث التحكم بالمال والنفوذ، والخضوع للولاءات الخارجية.

******************

غضب شعبي من تكرار حرائق المستشفيات

ميادين الاحتجاج تندد بالفشل الحكومي: لا بديل عن القصاص

بغداد ـ طريق الشعب

عاد الغضب من جديد الى ميادين الاحتجاج في عدد من المحافظات، على خلفية حادثة حريق مستشفى الامام الحسين في مدينة الناصرية.

وعبّر عدد كبير من المواطنين عن غضبهم بسبب تكرار حوادث الحرائق في المستشفيات، مؤكدين ان المسؤولية بشكل كامل، تتحملها الاحزاب المتنفذة والمتصارعة على المغانم.

الخيام تعود للحبوبي

وعاد المحتجون في مدينة الناصرية الى نصب خيامهم في ساحة الحبوبي، مطالبين بمحاسبة المقصرين في الحادثة. وقال مراسل “طريق الشعب”, ان “عددا من سرادقات الاعتصام تمت اعادة نصبها في ساحة الحبوبي. فيما توافد مئات المحتجين على الساحة، للتعبير عن غضبهم من استمرار الفشل والعجز الحكومي عن ايقاف نزف الدم العراقي”, مشيرا الى ان “المتظاهرين طالبوا بمحاسبة المقصرين وتقديمهم للقضاء, وعدم الاكتفاء باقالتهم”. واضاف ان “عددا من المواطنين اشعلوا الشموع في موقع الحادث، تضامنا مع اهالي الضحايا ومواساتهم بالفاجعة الاليمة، فيما لجأ عدد من المتظاهرين الغاضبين الى اغلاق العيادات الخاصة في المدينة والمستشفيات الاهلية، مطالبين بالاسراع في افتتاح المستشفى التركي المنجز, وتخفيض سعر كشفية الاطباء في العيادات الخاصة”.

“من أحرقني؟”

وفي العاصمة بغداد, نظم العشرات من المواطنين، تظاهرة في ساحة الفردوس، حملت شعار “من احرقني؟”. وذكر مراسل “طريق الشعب”, ان “عددا من الناشطين نظموا تظاهرة حاشدة في ساحة الفردوس وسط العاصمة بغداد، مطالبين بمحاسبة المسؤولين المقصرين في حوادث الحرائق، وآخرها حريق مستشفى الامام الحسين بمحافظة ذي قار”, مشددين على “ضرورة عدم افلات المقصرين من العقاب”.

وقفات تضامنية

وفي كربلاء، نظم عدد من اهالي المحافظة، وقفة تضامنية مع اهالي ضحايا حادثة حريق مستشفى الامام الحسين.

وبحسب مراسل “طريق الشعب”, فإن “العشرات من المواطنين رفعوا لافتات تطالب بمحاسبة المقصرين في الحادث وعدم الاكتفاء بتشكيل اللجان التحقيقية”, منوها الى ان “المشاركين في الوقفة اشعلوا الشموع، حدادا على ارواح الضحايا”.

ولمواطني محافظة النجف كانت هناك وقفة مماثلة، لاستنكار التقصير الحكومي في الحادثة.

وافاد مراسل “طريق الشعب”, احمد عباس, ان “عددا من اهالي المحافظة توافدوا على ساحة مجسرات ثورة العشرين، معبرين عن استيائهم  من استمرار الاحزاب المتنفذة بنهب ثروات البلد وفشلهم تقديم الخدمات”, مؤكدا ان “المشاركين في الوقفة عبروا عن تضامنهم الكامل مع عوائل الضحايا”.

واضاف أن “المتظاهرين نظموا مسيرة راجلة صوب المستشفى الالماني، للمطالبة بافتتاحها وعدم منحها استثمارا لاقتصاديات احزاب السلطة”, مهددين بـ”تنظيم اعتصام مفتوح في حال عدم تلبية مطالبهم المشروعة”.

وفي السياق, نظم العشرات من المواطنين، وقفة احتجاجية، امام مجلس محافظة بابل، للتنديد بالفشل الحكومي.

وقال مراسل “طريق الشعب”, ذو الفقار صبري, إن “المتظاهرين نددوا بصراع الاحزاب المتنفذة الذي ذهب ـ ولا يزال ـ ضحيته المواطنون العزُل”.

مبادرات في الفلوجة وأربيل

الى ذلك, أطلق اهالي الفلوجة في محافظة الانبار، حملة لتوزيع مياه الشرب مجانا على ارواح ضحايا الحادثة الاليمة.

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي، صورا لعدد من الاهالي، وهم يقومون بتوزيع المياه على ارواح الضحايا, معبرين عن تضامنهم الكامل واستعدادهم لتقديم يد العون والمساعدة لأهالي محافظة ذي قار.

ونظم عدد من المواطنين في محافظة اربيل، وقفة للتضامن مع ذوي ضحايا حادث حريق مستشفى الحسين, مبدين تعاطفهم من خلال اشعال الشموع، حدادا على ارواح الضحايا.

****************

فعاليات احتجاجية واسعة في بغداد والمحافظات

بغداد ـ طريق الشعب

تتواصل الفعاليات الاحتجاجية الشعبية في عدد من المحافظات، للمطالبة بتوفير فرص العمل والخدمات وتحسين الظروف المعيشية للعاملين، وصرف مستحقات اصحاب العقود، فيما نظم عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة في محافظة السليمانية، اعتصاما لتحسين واقعهم المعيشي.

تظاهرات في كربلاء

وتظاهر العشرات من المواطنين في منطقة ابو روية التابعة لقضاء الهندية بحافظة كربلاء, أمام دائرة الموارد المائية وسط المدينة، احتجاجا على انقطاع المياه عن مناطقهم.

وقال مراسل “طريق الشعب”, ان “المتظاهرين طالبوا الحكومة المحلية بإيجاد حلول سريعة لحل مشكلة تبطين النهر وتحسين الوضع الخدمي في مناطق سكناهم”, داعين الى “اعادة

العمل بشط ابو روية الذي تم تبطينه بشكل خاطئ على حد تعبيرهم من قبل وزارة الموارد المائية بالتصميم، حيث بطن النهر على ارتفاع اكثر من المصب، ما سبب انقطاع الماء”.

احتجاج في البدعة

من جانبهم, نظم العشرات من العاملين في مشروع ماء البصرة (قناة البدعة) بجميع المواقع، بضمنها الناصرية، وقفة احتجاجية داخل موقع الأحواض ومحطة ضخ البصرة وموقع صيانة السداد، مطالبين بتخصيص قطع أراض، وصرف الرواتب المتأخرة لأصحاب العقود.

وشكا العمال تهميشهم برغم عملهم في مواقع نائية من اجل تقديم خدمة عامة, مهددين بتنظيم اعتصام مفتوح في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

واستغرب العمال من عدم تطبيق قرار مجلس الوزراء 337 عام 2018 الذي صدر خلال أزمة الملوحة في البصرة، الذي يخص الساعات الإضافية، فلم يجدوا له تطبيقا على أرض الواقع لصالح منتسبي مديرية الموارد المائية، بينما تم تطبيقه على منتسبي مديرية ماء البصرة.

وطالب منتسبو مشروع ماء البدعة بشمولهم في توزيع قطع الأراضي التي فرزت، ولم توزع حتى الان, منوهين الى ان الموظفين في المشروع يبلغ عددهم 150 على الملاك الدائم، وأكثر من 20 على نظام العقود.

غضب عمالي

وفي السياق, تظاهر العشرات من عمال بلدية الناصرية، أمام مبنى دائرتهم، احتجاجا على تأخر صرف رواتبهم لأكثر من شهر.

وقال مراسل “طريق الشعب”, ان “العمال احرقوا الاطارات امام مبنى المحافظة، مطالبين بالاسراع في صرف رواتبهم المتأخرة”, مشيرا الى انهم “اكدوا أن الظروف المعيشية الصعبة أجبرتهم على التظاهر للمطالبة بحقوقهم” داعين الجهات الحكومية الى النظر في معاناتهم. وكانت المحافظة شهدت تظاهرات مماثلة لخريجي الكليات والمعاهد المطالبين بتوفير فرص العمل في المؤسسات النفطية.

تظاهرات للخريجين

ويواصل حملة الشهادات العليا في العاصمة بغداد, اعتصامهم امام مبنى وزارة التعليم والبحث العلمي، للمطالبة بتوفير فرص العمل في الدوائر الحكومية على وفق اختصاصاتهم, والكف عن التعامل معهم بصورة غير لائقة.

وفي محافظة كركوك, نظم المهندسون الباحثون عن فرص عمل في شركة نفط الشمال, وقفة احتجاجية، بسبب رفع احد النواب عن المحافظة اسماء عدد من المواطنين للعمل في الشركة عبر التعاقد معهم, مشددين على ضرورة عدم التمييز بين الخريجين، والقضاء على المحسوبية والوساطة.

اعتصام لذوي الاحتياجات الخاصة

الى ذلك, نظم عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة، اعتصاما امام أمام مبنى محافظة السليمانية، مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية، ومنحهم مخصصات مالية لأيام الأعياد.

وقال سامان حسين، سكرتير اتحاد معاقي كردستان في تصريح صحفي, طالعته “طريق الشعب”، ان “الهدف من الاعتصام هو لأخذ قوت العيد ومنح مساعدات لذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يعانون بسبب الظروف الصعبة، وعدم تمكنهم من تلبية حاجاتهم اليومية، نتيجة لقلة الرواتب التي تتراوح بين 100 - 150 الفا كحد اعلى، وهي لا تكفي لتأمين مصروفات شهر كامل”.

وطالب حسين “المسؤولين في المحافظة بتقديم يد العون لنا في أيام العيد القادم، لان المئات يأتون للاتحاد، ولا نستطيع تقديم أية مساعدة لهم”.

*****************

تهنئة الى الحزب الوطني الاشوري

تتقدم لجنة العلاقات الوطنية المركزية في الحزب الشيوعي العراقي بأزكى التهاني وأطيب التبريكات بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لتأسيس الحزب الوطني الاشوري، متمنين لقيادة وكوادر وأعضاء حزبكم دوام النجاحات والتطور لتحقيق أهدافه النبيلة.

وإنها لفرصة مناسبة أن نعبر عن اعتزازنا للعلاقة الطيبة التي تجمع بين حزبينا في إطار العمل المشترك ضمن التيار الديمقراطي العراقي والتنسيق والتعاون في المجالات المختلفة.

ونتطلع إلى العمل المشترك أيضا لتجميع القوى  المدنية والديمقراطية  من اجل بناء الدولة المدنية الحديثة، دولة المؤسسات والمواطنة والعدالة الاجتماعية والتي تنعم بالأمن والأمان وتحقق الرفاه والتقدم لكل أطياف المجتمع العراقي.

لجنة العلاقات الوطنية المركزية

14/7/2021

*****************

الصفحة الثالثة 

الحكومة تتعهد بكشف النتائج خلال 7 أيام.. والبرلمان يستعد لمحاسبتها

فاجعة الناصرية.. ناشطون يحملون «نظام المحاصصة» المسؤولية

بغداد ـ طريق الشعب

أعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، أمس الأربعاء، تقديمه مرشحا لشغل منصب وزير الصحة إلى البرلمان بدلا من المستقيل حسن التميمي، فيما أكد أن نتائج حريق مستشفى “الإمام الحسين” في محافظة ذي قار، ستُعلن نتائجها خلال أسبوع.

وفي الوقت الذي أصدرت فيه محكمة تحقيق النزاهة، في ذي قار، أمر قبض بحق 13 شخصا متهما في الحادثة، أعلنت لجنة نيابية ان البرلمان يستعد لمحاسبة الحكومة عن حريق المستشفى.

وحمّل ناشطون من الناصرية، الحكومتين الاتحادية والمحلية والكتل السياسية المتنفذة الذي اتى بنهم نظام المحاصصة، مسؤولية حريق المستشفى، والذي أودى بحياة العشرات.

إحصائيات متضاربة

وفي إحصائية أخيرة لوزارة الصحة، أمس الأربعاء، ذكرت أن حصيلة حادثة حريق مستشفى الإمام الحسين لعزل مصابي كورونا في محافظة ذي قار، بلغ 60 ضحية (39 حالة معلومة الهوية، و 21 مجهولا).

فيما كشف مصدر حكومي مسؤول في ديوان محافظة ذي قار، عن أن أعداد ضحايا الحريق وصلت إلى 100 شهيد، إضافة إلى 26 مفقودا.

وقال المصدر: “هناك الكثير من العظام البشرية. لا نعلم من هم أصحابها. تردنا طلبات عائلات عن فقدان أبنائها”.

وعادة ما تحتوي مراكز عزل مصابي فيروس كورونا على الكثير من اسطوانات الاوكسجين التي تحدث انفجارات هائلة حال وصول النيران إليها.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، وقع حادث حريق هائل مماثل في مستشفى ابن الخطيب ببغداد والخاص بمعالجة مرضى فيروس كورونا جراء انفجار أسطوانة اكسجين. ووفق وزارة الداخلية فإن الحادث خلف 82 قتيلاً و110 جريحاً، إلا أن مفوضية حقوق الإنسان، قالت إن الحريق خلف 130 قتيلاً.

تجاهل تحذيرات الدفاع المدني

وأكد مدير عام الدفاع المدني اللواء كاظم بوهان، أمس الاربعاء، ان ادارة مستشفى الامام الحسين “ضربت بعرض الحائط تقرير الدفاع المدني بشان تشخيص حالة تسرب بمنظومة الاوكسجين”.

وقال بوهان في تصريح تناقلته وكالات الانباء المحلية، ان “مستشفى الحسين التعليمي في الناصرية تلقت كشفين خلال العام الحالي، احدهما في نسيان، والثاني خلال الشهر الحالي”، مشيرا الى انهما تضمنا “حجم اهمال كبير في الاجراءات الصحية”.

واضاف ان “التقرير الاخير تضمن تشخيص تسرب بالأوكسجين في المنظومة، الا ان ادارة المستشفى اهملت التقرير وهي من تتحمل المسؤولية”.

وأكد مدير الدفاع المدني، أن “معدات السلامة والأمان لم تكن متوفرة في مركز العزل بالناصرية لحظة وقوع الحريق”

إغلاق المشافي الكرفانية

وقررت دائرتا الصحة في محافظتي النجف والديوانية، إغلاق المراكز الكرفانية المخصصة للمصابين بفيروس كورونا.

وأعلن محافظ النجف لؤي الياسري، عن قيام المحافظة بإفراغ مراكز المصابين بفيروس كورونا “الكرفانية” من المرضى الراقدين، اضافة الى اتخاذ قرار مماثل بالقاعات الامتحانية الكرفانية. ووفقا لمدير الدفاع المدني في النجف، فإن هناك اكثر من 390 قاعة امتحانية كرفانية.

فيما قال مدير إعلام صحة الديوانية محمد العادلي، إن دائرته قررت غلق مركز الشفاء وتحويل مستشفى الديوانية بالكامل لعزل المصابين بكورونا.

النفود السياسي عطل العمل

وقال الكاظمي في كلمة له خلال ترأسه لاجتماع مجلس الوزراء، الثلاثاء الماضي، إن “ما حدث في مدينة الناصرية يمثل جرحاً عميقاً في ضمير العراقيين جميعاً”.

وأضاف أن “المسؤولية تتضاعف بتكرار هذا النوع من الفواجع خلال الأشهر الماضية، والتي تتزامن مع أزمات كبيرة بعضها طبيعي مثل الأزمة الاقتصادية، وبعضها بفعل فاعل مثل ضرب أبراج نقل الطاقة وتعطيل الشبكة الوطنية، ومحاولة البعض زعزعة الأمن الداخلي ونشر الفوضى والشكوك ومنع مضي القرار الوطني العراقي”.

وأردف الكاظمي قائلا “نقف اليوم أمام شعبنا وعوائل الشهداء خاصة، لنقول إن المسؤولية التي تطوّق أعناقنا دفعت في كل مرّة إلى اتخاذ خطوات كبيرة لمعالجة الخلل ومحاسبة المُسيء، وهذا ما سنفعله في قضية مستشفى الإمام الحسين (ع) في الناصرية من أجل الانتصار لدماء الشهداء الذين سقطوا”.

ومضى بالقول إن “الحادث يؤشر خللاً بنيوياً في الهيكلية الإدارية للدولة العراقية، حيث إن تشخيص الأخطاء لا يتم توظيفه ولا متابعته، ويذهب المواطنون ضحايا”، مؤكدا أن “الحاجة صارت ملحّة لإطلاق عملية إصلاح إداري شامل، وأهم خطوات الإصلاح هو أن نفصل العمل الإداري عن النفوذ السياسي”.

وقال رئيس مجلس الوزراء إنه “من غير المعقول حجم الإهمال أو الفعل المقصود أو غير المقصود الذي يمكن له أن يترك كارثة بهذا الحجم الإنساني الثقيل، وإن شاء الله ستقود نتائج التحقيق العادل الذي فتحناه إلى معرفة المقصرين المباشرين، ولا أتمنى أن يكون في أي مرحلة من مراحل التقصير وجود تعمّد”.

مرشح الصحة في البرلمان

وكشف الكاظمي “قدمنا إلى مجلس النواب الموقر مرشحنا لشغل منصب وزير الصحة بديلاً عن الوزير المستقيل، وننتظر من الإخوة في مجلس النواب حسم هذه القضية؛ لمنع استمرار وزارة الصحة بالعمل من دون وزير لمدة طويلة”.

وتابع بالقول “شكلنا في وقت متأخر من يوم أمس لجنة عالية المستوى للتحقيق بفاجعة مستشفى الإمام الحسين (ع) وستعلن نتائجها خلال أسبوع، وسوف يحاسب المقصر والمتلاعب بأرواح العراقيين حساباً عسيراً وفق القانون”.

13 متهما في الحادثة

ويوم أمس، أصدرت محكمة تحقيق النزاهة في محافظة ذي قار، أمر قبض بحق 13 شخصا متهما في حادثة فاجعة الناصرية.

وذكر مصدر مطلع لمراسل “طريق الشعب”، أن “قاضي محكمة تحقيق النزاهة في ذي قار أصدر أمر قبض بحق 13 متهما بحادثة الفاجعة، بينهم مدير عام صحة ذي قار صدام صاحب الطويل”.

وبين، أن “القرار صدر استنادا لإحكام المادة 340 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل”.

وأضاف، أن “القاضي المختص أوعز للجهات المختصة بإكمال الإجراءات التحقيقية في دوائرهم، بغية حسم الملف بأسرع وقت”.

البرلمان يدرس محاسبة الحكومة

وفي غضون ذلك، أعلن رئيس لجنة حقوق الانسان النيابية ارشد الصالحي، أن هيئة رئاسة مجلس النواب أكدت في اجتماعها مع قادة الكتل على ضرورة محاسبة الحكومة الاتحادية على خلفية الحريق.

وقال الصالحي في بيان ورد لـ”طريق الشعب”، إن “اجتماع هيئة رئاسة مجلس النواب مع قادة الكتل السياسية حول حريق مستشفى العزل الخاص بمصابي كورونا في ذي قار اكد على ضرورة ايجاد حل جذري لحرائق المستشفيات وبناء مستشفى جديد في المحافظة بوقت قياسي.

وأردف بالقول إن الاجتماع أكد ايضا “ضرورة محاسبة الحكومة ووزارة الصحة عن سبب الاهمال والتقصير وانعدام شروط الأمان والسلامة في المراكز الصحية”.

وقرر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، تحويل جلسة المجلس يوم امس “لتدارس الخيارات” بشأن فاجعة مستشفى الإمام الحسين التعليمي في ذي قار.

صراعات السياسيين والمستشفى التركي

ووصف الناشط المدني من محافظة ذي قار، حسين علي، ردود الفعل السلطة التشريعية والتنفيذية, على الحادثة بـ”البائسة”.

وقال علي لـ”طريق الشعب”, ان “ نظام المحاصصة الفاسد هو الذي ادى الى حريق مستشفى الحسين في الناصرية، وسبق وان حذرنا من استمرار النظام سوف يؤدي الى مشاكل واسعة، وما حدث في الناصرية ليس بالجديد بل هو متوقع نتيجة فساد القوى الماسكة بالسلطة.

وذكر علي، ان “رد فعل الحكومة ومجلس النواب على الفاجعة كان بائسا، ولم يرتق الى مستوى الحدث”, مشيرا الى ان “الاجراءات المتخذة غير كافية. لا بد من تحديد الجهات التي عطلت افتتاح المستشفى التركي في المحافظة”. واضاف علي ان “افتتاح المستشفى التركي المنجز منذ فترة طويلة, كان يمكن له منع هذه الحادث الاليم, لكن صراعات المتنفذين والاحزاب الحاكمة عطلت المشاريع في المحافظة، لاغراض تخدم مصالحهم الضيقة”.

***************** 

حريق مستشفى الإمام الحسين.. انتحار وطن

همام الشريفي

إلى اخوتنا الاعزاء في داخل الوطن وخارجه، نعزي أنفسنا وكافة العراقيين حادثة حريق مستشفى الامام الحسين والكرافانات الملحقة به. الرحمة والمغفرة للشهداء الأبرار والشفاء العاجل للجرحى. لا يسعني الا ان اسمي هذا الحادث ب «انتحار وطن» لأنني كغيري من المهنيين قد بُحّت أصواتنا من كثرة المناداة بضرورة تفعيل قانون جديد للسلامة العامة يقوم بتقييم صلاحية المنشآت المشغولة حاليا وتدقيق مواصفات المنشآت الحديثة حسب ما يطلق عليه مجموعة الضوابط البنائية Building Regulations.

لقد مَلَلنا اسلوب بعض المسؤولين الذين يدّعون المعرفة المطلقة ويوصدون الأبواب أمام اهل الخبرة من داخل الوطن أو خارجه لغرض المباشرة بخطة عمل وطنية شاملة تبدأ بالتشريعات القانونية مرورا بتشكيل هيئات مستقلة وتنتهي بدورات للتدريب لتخريج مراقبين مجازين.

كتعليق سريع على موضوع الألواح العازلة sandwich panels فان صناعتها قد بدأت منذ سبعينات القرن الماضي وقد تم تطوير المواد العازلة في داخلها insulation foam على مدى السنوات الماضية للاستجابة إلى الشروط البيئية والصحية ومنها:

١- عدم تطاير غبار العازل الحراري الذي يؤثر على الجهاز التنفسي.

٢- عدم انصهار العازل في درجات الحرارة العالية بما يسمح أن يتحول اللوح إلى وسط ناقل للهيب النار بما يسمى بوسط المدخنة chimney effect.

٣ - تأمين ربط ميكانيكي آمن بين الألواح والمنشأ الحامل للأثقال لأن الروابط قد تتعرض للانهيار بفعل الحرارة العالية.

٤- وضع مسافات أمان فاصلة بين الكرافانات المسبقة الصنع لغرض منع انتشار الحريق.

٥- ابعاد أسلاك الربط الكهربائي عن كافة أنواع ألواح العزل الحراري وفي حالة خرقها للربط تستعمل عوازل خاصة لهذا الغرض.

أود أن أؤكد للجميع أن موضوع ألواح العوازل الحرارية يستأثر باهتمام حكومات الاقتصاديات المتطورة وبالخصوص شركات التامين.  كما وأؤكد ان هناك مجالا كبيرا للفساد المالي في شراء أو استعمال أو بناء هذه الألواح وقد تصل فروق الأسعار إلى حدود خمسة أضعاف المواصفات المتدنية لأن الموضوع يتعلق ب:

أ- تصميم الربط بين الألواح والمنشأ.

ب- سمك الحديد المطاوع الذي يغلف مادة العزل.

ج- مواصفات المواد العازلة من ناحية التماسك بوجه الحرارة.

اضافة إلى ما تقدم فقد وضّحت في مقالاتي السابقة ان اندلاع الحرائق يتعلق بسلوك الأشخاص من عاملين وزائرين ومرضى. فمثلا ابعاد مناطق خزن قناني الاوكسجين عن الردهات، ومنع عمليات الطبخ في الردهات، توفير اجهزة الإنذار المبكر للحرارة الصادرة، توفير مواد عازلة خاصة حول التأسيسات الكهربائية، وغير ذلك كثير.

أن كل نفس بشرية تزهق في مثل هذه الحوادث المأساوية هي مسؤولية المجتمع بكافة شرائحه ويجب ان تأخذ الحكومة العراقية نصيبها من هذه المسؤولية وتبدأ خطوات عملية بدون تصريحات صحفية خاوية.

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* معماري استشاري في بريطانيا

***********************

مطالبات بتشكيل فريق تحقيق طبي مستقل

فشل مستمر في معالجة الواقع الصحي في البلاد

بغداد ـ طريق الشعب

توالت ردود الفعل من قبل القوى الوطنية والجمعيات الطبية على حادثة حريق مستشفى الامام الحسين في محافظة ذي قار, مطالبين بضرورة محاسبة المقصرين في الحادث وتقديمهم للقضاء, فيما دعت الجمعية الطبية العراقية الى تشكيل فريق تحقيق طبي مستقل، يكون ملّماً بطرق التحقيق الحديثة.

التيار الاجتماعي الديمقراطي

وذكر التيار الاجتماعي الديمقراطي, في بيان تلقت “طريق الشعب”, نسخة منه, انه “سبق أن حذرنا من ان التهاون والاهمال في اجراءات السلامة في المرافق الصحية”, معبرا عن “غضبه وامتعاضه من سوء الادارة وتردي الخدمات في جميع القطاعات، وفي مقدمتها المؤسسات الصحية”.وانتقد التيار “السياسات العشوائية والخطط الارتجالية والفساد المالي والاداري، وعدم الاهتمام بصحة المواطنين”, مؤكدا ان “لا مبرر للحادث الكارثي الا الاهمال”. وطالب البيان بـ”الكشف عن اسباب الحادث الحقيقية، ومحاسبة المسؤولين عنه واحالتهم الى القضاء، والقيام باتخاذ إجراءات جدية لتجنب تكرار مثل تلك الحوادث الخطرة في مؤسسات البلاد الصحية “, مشددا على “ضرورة الاسراع في معالجة المصابين وتعويض ذوي الضحايا تعويضا مجزيا”.

تضامن من عراقيي المهجر

من جانبها, أعربت هيئة المتابعة لتنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج، عن حزنها العميق وتضامنها الكامل مع أسر الضحايا والمصابين.

وطالبت الهيئة في بيان تلقت “طريق الشعب”, نسخة منه, بـ”تحقيق دقيق وشفاف لتحديد المسؤولين عن هذه النكبة، التي ما كانت لتقع لولا اجتماع جملة من العوامل، وفي مقدمها الاهمال والتقصير وعدم المسؤولية ونقص الخبرات ومخالفة التعليمات والارشادات العامة”.

وحذر البيان من “فقدان ثقة المجتمع بمؤسسات الدولة، بسبب الفساد المشتري في جوانب الحياة، كنتيجة حتمية لنظام سياسي فاشل، يرتكز على المحاصصة الطائفية والارتهان لارادات خارجية”, مشيرا الى ان “تكرار الكوارث، والحوادث المؤلمة التي تفتك بالمواطنين الابرياء، الى جانب التنكيل بكل من يقف في وجه هذا النظام الفاشل والمتنمر على شعبنا، يفرض على كل العراقيين الشرفاء وقواهم المدنية الديمقراطية ان يتوحدوا في إدانتهم هذا الواقع المرير، ويناضلوا في سبيل تغييره بكل السبل الشرعية التي يكفلها القانون”.

الجمعية الطبية الموحدة

وعدّت الجمعية الطبية العراقية الموحدة في المملكة المتحدة وايرلندا، ان الحادث “لم يكن مفاجأةً للكثير من متابعي المشهد العراقي بشكله العام والوضع الصحي بصورة خاصة”.

وقالت الجمعية في بيان لها تلقته “طريق الشعب”، ان “تهالك وانهيار البنية الصحية التحتية والخلل الكبير في تحديث وتطوير المؤسسات الصحية كان سيؤدي حتماً الى مثل هذه الكوارث”, مشيرا الى ان “استشراء الفساد وتدخل الاحزاب السياسية المتنفذة وسيطرتها على مقدرات الوزارة واستغلالها، أدى الى حرمان المؤسسات الصحية من التخصيصات المالية الحيوية لتطوير الخدمة الصحية، ورفع مستواها، ما جعلها عرضة للحوادث والكوارث المتكررة”.

واشارت الجمعية الى “عدم جدية الوزارات المتلاحقة في العمل بشفافية ونزاهة لمنع تكرار حدوث مثل هذه الكوارث”.

وطالبت الجمعية بـ”التحقيق الفوري والجاد والشفاف في اسباب هذا الحادث على ان يتضمن التحقيق فريقا طبيا مستقلا يكون ملّماً بطرق التحقيق الحديثة، وله خبرة في التحقيق الجذري ‏(Root Cause Analysis) “, مشددة على “ضرورة ان يكون للجمعية دور اساسي في تكوين هذا الفريق لثقلها المعنوي ومركزها المتصدر في العراق المملكة المتحدة على ان يتعهد رئيس الوزراء بتنفيذ نتائج التحقيق حرفيا”.

واضافت الجمعية, ان “جائحة كورونا كشفت عن تخبط المسؤولين وعدم كفائتهم في ادارة الازمات، وعدم قدرتهم على التخطيط المنهجي المستقبلي وفشلهم الذريع في مواجهة التحديات بأساليب علمية حديثة”.

وحث البيان “الحكومة على تشكيل لجنة متخصصة حيادية من خارج الوزارة ومرتبطة برئاسة الوزراء مباشرة، تأخذ على عاتقها إعداد دراسة شاملة قابلة للتطبيق، وتكون ملزمة للوزارات القادمة، وتكون خارطة طريق لتطوير القطاع الصحي والنهوض بمؤسساته الصحية”.

تضامن عالمي

ومن بين الرسائل التضامنية مع الشعب العراقي بعد حادثة مستشفى الحسين في ذي قار حصلت “طريق الشعب” على رسالة من عدد من ابناء الشعب الفلسطيني موجهة الى الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع ابناء الشعب العراقي بعد هذه الحادثة الاليمة.

وجاء في الرسالة، ان “تكرار هذه الحرائق وفي المستشفيات خاصة يعظم المآسي التي يعاني منها اشقاؤنا في العراق ويعكس إهمالاً في مقاييس السلامة في المرافق العامة يرقى إلى حد جرائم مدبرة ضد هذا الشعب الذي يعاني معاناة مزدوجة من الاحتلال الامريكي البغيض ومن فساد في النظام”. 

 *********************

الصفحة الرابعة

غالبية السائقين لا يعلمون بقصة استقطاعات البنزين

شركات التأمين.. مستحقات تدفع ولا تعوض

بغداد ـ عبدالله لطيف

عند حدوث اي تصادم مروري في الشارع، يتنازع طرفا الحادث بعنف يجعل من رجال المرور يتملصون من التدخل بينهما، خشية من أن يطالهم ضرر.

ويجهل غالبية السائقين أن هناك شركات تأمين، تتكفل بتقديم التعويضات لهم، مقابل استقطاعات بسيطة من أموال البنزين الذي يقومون بتعبئته لعجلاتهم.

والتأمين هو  تعاون بين مجموعة من الاشخاص (طبيعية او معنوية) يخشون خطرا معينا يصيبهم بأموالهم او انفسهم او مسؤولياتهم, بان يساهم المجموع في تحمل عبء الضرر الذي يصيب احدهم او عددا قليلا منهم، كل بنسبة تعرضه للخطر وحجم تضرره المتوقعين.

تؤمن كل الاشياء

معاون رئيس منتجي شركة التأمين العراقية، عبدالرحمن فليفل، قال لـ”طريق الشعب”، ان “شركة التأمين العراقية تؤمن كل الأشياء التي قد يصيبها خطر مثل السيارات والدور والمحال التجارية، إضافة الى الحوادث الشخصية والقروض وموظفي الدولة”.

وأضاف ان “قانون التأمين الإلزامي موجود في العراق، وانه يعطي لشركات التأمين الحكومية 50 دينارا عن كل لتر بنزين يباع الى السيارات”، مبينا أن شركات التأمين تتكفل إصلاح السيارات التي تتعرض للحوادث والأشخاص الذين أصيبوا”.  وأكد ان “الوعي التأميني لدى المواطنين ضعيف، ويجعلهم يجهلون هذا”.

وبالنسبة لموت الاشخاص الذين في ذمتهم مبالغ للدولة او اي جهة اهلية، أكد فليفل ان “الشركة تتكفل سداد المبلغ”، مشيراً الى ان “مبالغ التأمين تكون حسب حدة الخطر ومشقة العمل الذي يقوم به الشخص”.    

وأشار فليفل الى ان “هناك خللا لدى شركات التأمين نفسها، لأنها لا تهتم بأمور التعبئة والاعلانات. ولهذا المواطنون لا يعرفون ان هناك شركات تأمين في العراق، رغم ان شركة التأمين العراقية تصرف قرابة 500 مليون دينار عراقي على الدعاية والاعلان من دون جدوى!”.

شركات غير استثمارية

من جهته، قال الخبير المالي مصطفى حنتوش، لـ”طريق الشعب”، ان “هذه الشركات هي رابحة وتعتمد على الدولة في التأمين، فالمواطن عندما يشتري سيارة، لا يعرف انها مؤمن عليها، ولا يعرف الكثير من الموظفين ان رواتبهم مؤمن عليها”، مؤكداً ان “ارباح هذه الشركات تصل الى المليارات سنوياً، وبما ان وعي المواطنين معدوم في هذا الميدان فهي لا تدفع اموالاً عن الأضرار التي تلحق بممتلكاتهم، وهذا ما يضاعف من أرباحها”.  

وأضاف أن “هذه الشركات تفتقد القوانين الحديثة والمنظمة وليس لديها نظرية جيدة للاستثمار”، مؤكداً ان “الارباح التي تحققها شركات التأمين العراقية والتي وصلت الى حدود 40 مليار دينار، لم تفكر في إنشاء مشاريع استثمارية، تدعم المرافق التي تتولى الشركة تأمينها”.  وأوضح حنتوش ان “شركات التأمين تقدم خدمات على مختلف المستويات مثل الصحة والاملاك، لكن تأميناتها مالية فقط، ولم تفكر في إنشاء مصانع لتغطية الحاجات التي تتعرض الى خراب. على سبيل المثال، المؤمن لهم صحياً بدلاً من ان تعطيهم الشركة أموالا للتداوي، يفترض انها تمتلك مستشفيات لعلاجهم”.

وذكر ان “ثقافة التأمين لا تبنى من خلال إعلانات بل هي بحاجة الى بناء اعمال تسويقية على ارض الواقع، تروج وجود الشركات لرفع وعي المواطن حولها”. 

شروط وموجبات

وفي وقت سابق، أكدت مديرة شركة التأمين الوطنية إسراء صالح داود، أن قانون الشركة ألزم بضرورة التأمين على حوادث السيارات.

وذكرت انه لا توجد بيانات واحصائيات دقيقة ترصد نسبة دعم الشارع لنوع معين من انواع التأمين المرغوب.

وقالت مديرة الشركة إن “عدد شركات التأمين في العراق يبلغ حوالي 27 شركة مسجلة بديوان التأمين بموجب احكام قانون تنظيم اعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005، بالإضافة الى شركات وساطة التأمين وفروع شركات تأمين اجنبية، فضلا عن ثلاث شركات حكومية وهي شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية وشركة إعادة التأمين وجميعها عائدة لوزارة المالية”.

وأضافت أن “ضعف التأمين يعود لعدة اسباب، أولها قلة الثقافة التأمينية لأن الاقتصاد يعاني أزمات تجعل التأمين ليس من الاولويات، حيث إن التأمين يزدهر بازدهار الاقتصاد، وكذلك فقدان الرغبة في التأمين، نتيجة لعدم الثقة بالشركات، فضلا عن البيروقراطية الموجودة في شركات التأمين، وفشل سياسة التسويق”.

وتابعت أنه “لا توجد بيانات واحصائيات دقيقة ترصد وتحصي نسبة دعم الشارع لنوع معين من انواع التأمين المرغوب، فضلا عن عدم وجود وثائق تأمين جديدة تحاكي الواقع المعاصر، لأن اغلب وثائق التأمين لم تعد تلبي حاجة السوق ومقتصرة على خدمات نمطية: اما تأمين ضد الحريق او السرقة”.

وشددت على ضرورة “طرح انواع جديدة من التأمين يحتاجها المواطن والقطاعات الأخرى وتكون ملائمة للعصر، من خلال دراسة تلبي حاجة السوق من حيث التسعير واحتمالية التعويض ومدى الجودة من الوثيقة الجديدة التي ستطرح”.

وبشأن ملف التأمين على حوادث السيارات، قالت داود إن “هناك تأمينا الزاميا عن حوادث السيارات الوحيد الذي نظمه قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 المعدل والعمل به سار، حيث أعطى القانون الحق للمواطن اللجوء الى شركة التأمين الوطنية للمطالبة بالتعويض عما تعرض له من اضرار بدنية او إصابة او وفاة، نتيجة لحادث سيارة، ويشمل جميع الأفراد من العراقيين وغير العراقيين المتواجدين على ارض جمهورية العراق، حتى إن كانت جنسيته غير عراقية”.

وأوضحت أن “التعويض عن حوادث السيارات تستوفى اقساطه من البنزين حتى لا يكون هناك زخم على تسديد أقساط التأمين، وتؤخذ وارداته من البنزين على الشكل الاتي: 50% تذهب الى خزينة الدولة، و49% تذهب الى صندوق التأمين الالزامي الذي يسدد التعويضات التي تشرف عليه شركة التأمين الوطنية، و1% تذهب الى شركة توزيع المنتجات النفطية”.

وتابعت أن “شركة التأمين الوطنية عوضت خلال سنة 2019 اكثر من ستة مليارات دينار، وفي سنة 2020 تم تعويض اكثر من أربعة مليارات دينار فقط لحوادث السيارات”، مؤكدة أن “الشركة تعمل على تحسين وثائق التأمين بما يلائم السوق وإعادة النظر في سياسة التسويق لوثائق التأمين، بعيدا عن النمطية الحالية في تسويقها بما ينسجم مع القانون”.

******************* 

قروض وزارة العمل

 شروط  تعجيزية  تعوق  العاطلين

بغداد - نورس حسن

كان العديد من الشباب العاطل عن العمل، يعوّل على قروض وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، في إيجاد تغيير جزئي لحياتهم المعيشية، لكن شروط تلك المبادرات التعجيزية وقيمة مستحقات التسديد الشهرية، حجّمت من إقدامهم عليها.

شروط تعجيزية

يقول فرات عبد الله (شاب يحمل شهادة عليا) لـ”طريق الشعب”، انه كان في نيته التقديم على احدى مبادرات القروض التي تطلقها وزارة العمل، لكنه تفاجأ “بالشروط التعجيزية التي يصعب تحقيقها من قبل شاب يريد أن يبدأ توا بافتتاح مشروع تجاري”.

ويضيف ان “الوزارة تلزم صاحب المشروع بالتسديد الشهري للقرض من ارباح مشروع عمل غير معلوم نجاحه، فضلا عن طلب شرط الكفيل الذي يفترض ان يكون موظفا وهذا بحد ذاته شرط يصعب تحقيقه خاصة ونحن اليوم نعاني من سماسرة الكفلاء الذي يرفضون الكفالة إلا مقابل مبالغ ماليّة تصل لـ3 ملايين”.

تشغيل المعامل المتوقفة

أما أحمد العبيدي (خريج عاطل عن العمل) فلا يجد جدوى في خطوة منح القروض للعاطلين، بل يقترح ان تتولى الحكومة “فتح مشاريع للعمل تحت اشراف وزارتي العمل والصناعة، او العمل على تأهيل بعض المعامل المتوقفة التابعة الى وزارة الصناعة وزج الشباب العاطلين للعمل فيها، بدلا من إثقال الشباب بقروض غير ميسرة”.

وأعلن وزير العمل والشؤون الاجتماعية عادل الركابي، مؤخرا، عن اطلاق الوجبة الحادية والثلاثين من قروض دعم المشاريع الصغيرة، في بغداد والمحافظات.

وقال الركابي إنه “تم إطلاق الوجبة الـ31 من القروض الميسرة الخاصة بالباحثين عن العمل المسجلين ضمن قاعدة بيانات الوزارة”، مشيرا الى ان “الوزارة أطلقت خمسة آلاف قرض للمتقدمين على برنامج قروض دعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل في بغداد والمحافظات”.

نقابات واتحادات تشكو التجاهل

بدوره، ابدى الامين العام الاتحاد العام لنقابات عمال العراق عدنان الصفار، استياءه من “انفراد وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في عملها في ما يتعلق باطلاق القروض التي تطلق عليها تسمية الميسرة للعاطلين عن العمل”.

واكد الصفار في حديث لـ”طريق الشعب”، أن اتحاده واتحاد الصناعات “لا يمتلكون أية فكرة حول قروض وزارة العمل التي تقول عنها ميسرة”.

واردف الصفار حديثه بأن “هذه القروض محصورة في اجراءات روتينية من قبل الوزارة، وبالتالي هناك عزوف كبير عن التقديم عليها”.

 أين مشاريع الوزارة

وتعقيبا على ما جاء في بيان وزير العمل، تساءل الصفار “عن مشاريع العمل الصغيرة التي تم افتتاحها ومن قبل من؟ وهل هذه المشاريع تعمل الى الان؟”، مشيرا الى ان الاتحاد العام لنقابات عمال العراق “لم يلمس او يلاحظ أية مشاريع قائمة تعمل اليوم في سوق العمل، وقد أنشئت من قروض وزارة العمل والشؤون الاجتماعية!”.

وأكمل الصفار، “لو كانت تلك القروض فعلا ميسرة، وتمنح الى الشباب العاطلين عن العمل، فلماذا لا تزال تتسع فجوة البطالة، يوما بعد اخر؟”.

عجز في تسديدها

ويؤكد مصطفى قصي، حقوقي ومهتم في الشأن العمالي، ان “قروض وزارة العمل لا تكفي المواطنين الذين في صدد انشاء مشاريع صغيرة”.

وقال قصي لمراسل “طريق الشعب”، ان “اغلب المقترضين من الوزارة هم اليوم عاجزون عن تسديد القرض، ويعتمدون على الكفيل في آلية التسديد الشهري”.

ويطرح قصي مقترحا على الوزارة: “بدلا من العمل على تبديد هذه الاموال ـ التي تطلق منذ سنوات ـ نرى ضرورة تخصيصها لمشاريع انتاجية او خدمية، تستوعب آلاف العاطلين، وبالتالي التقليل من فجوة البطالة، وتحقق الوفرة السلعية المحلية الصنع”.

********************* 

مختصون يضعون المجتمع أمام مسؤولية كبيرة

أرقام الإصابات تتصاعد وإقبال متواضع على اللقاحات

بغداد – طريق الشعب

سجّلت إصابات فيروس كورونا خلال الأيام الماضية، أرقاما كبيرة تقارب الـ 10 آلاف إصابة يومية. وعلى الرغم من التأكيدات بأن العدد الحقيقي للمصابين يتجاوز ما يتم إعلانه، وان الوضع الصحي في البلد أصبح خطيرا جدا، إلا أنّ مواطنين ما زالوا يتجاهلون الإجراءات الوقائية، متخذين قرارا بالعزوف عن أخذ اللقاحات التي وفّرتها وزارة الصحة، مقارنة بدول مجاورة شهدت انخفاضا واضحا بعدما أقبل مواطنوها على المراكز الصحية لغرض التطعيم. وتجول مراسل “طريق الشعب” في عدد من المراكز الصحية الخاصة بالتطعيم ضد الفيروس ونقل انه لاقى اقبالاً محدوداً جداً

تصاعد مستمر في الإصابات

وشهد العراق خلال اليومين الماضيين ارتفاعا ملحوظا بعدد الاصابات، على وفق الأرقام التي أعلنتها وزارة الصحة، ضمن الموقف الوبائي اليومي الذي تكشفه كل 24 ساعة.

وسجلت الوزارة بحسب بيان طالعته “طريق الشعب”، إصابة “9046 مواطن وتماثل 6708 آخرين للشفاء”، مبينة أن “حالات الوفاة نتيجة الفيروس بلغت يوم الثلاثاء الماضي 38 حالة في عموم المحافظات، فيما تلقى 38061 مواطن جرعات اللقاح”.

ورغم فداحة الخسائر البشرية بسبب الفيروس الذي أودى بحياة آلاف المصابين حتى الآن، يستمر عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية في مختلف المناطق السكنية والتجارية وذات الزخم البشري وبشكل يومي.

ويقول الممرض الأقدم في مدينة الطب، أحمد جبار: إن القسم الأكبر من المواطنين لا يأبهون لخطورة الفيروس، ولا يلتزمون مطلقا وهذا الأمر لم يعد مخفيا.

ويوضح جبار لـ”طريق الشعب”، إن مشاهد عدم الالتزام “واضحة في الشوارع والمناطق السكنية والتجارية والأسواق، ويتنقل الكثير من دون كمامات وفيهم من يؤكد عدم إيمانه باللقاح على الرغم من التصاعد الخطير في عدد الإصابات خلال الأسابيع الماضية، وتحذير الأطباء من كارثة وبائية”، مشيرا إلى “أهمية التوجه نحو مراكز التلقيح في هذه الفترة العصيبة، ولا بد من أن يفهم الجميع أن اللقاح أمر طبيعي وهناك دول كثيرة شهدت انخفاضا في الإصابات بعدما قامت بتلقيح اعداد كبيرة من مواطنيها، فهذا ما يجب ادراكه وعدم التردد بسبب الدجل والكذب الذي ينشره البعض من دون دلائل علمية أو طبية. علما أن العراق لم يسجل حالات خطرة نتيجة اللقاحات وهذا ما يؤكد فعاليته وأهميته”.

وأوضح جبار أن “وزارة الصحة لم تقدم على هذه الخطوة المهمة لولا أنها متأكدة تماما من جدواها وفاعليتها. حيث إن اللقاحات آمنة وأعطيت لمئات الملايين من الناس في مختلف الدول، ومنها بريطانيا التي انتجت أحد أهم اللقاحات، فضلا عن دول أخرى”، داعيا المواطنين إلى “الاستجابة لدعوات الوزارة والكوادر الصحية من أجل تلقي اللقاحات وحماية المجتمع من خطورة الوباء”.

إقبال ضعيف

ويحذر مختصون في الشأن الطبي من تحوّل العراق إلى “بؤرة” لطفرات فيروس كورونا، بسبب قلة إقبال الناس على تلقي اللقاح، وبسبب استمرار انتشار الإصابات بوتيرة مرتفعة وإهمال التدابير الوقائية.

وكشفت وزارة الصحة قبل فترة وجيزة عن “تجاوز 699 ألف شخص تلقي العلاج في عموم البلاد من مجموع أربعين مليونا، مقابل أكثر من 16 ألف حالة وفاة”.

وفي سياق اللقاحات وأهميتها، أفاد الناطق باسم الوزارة الدكتور سيف البدر لـ”طريق الشعب”، بأن “حملات مضادة تتواصل للعمل على تجهيل المواطنين وإخافتهم من اللقاحات، وذلك يستدعي تظافر الجهود لردع الشائعات والأكاذيب”.

أما الباحث في مجال الوبائيات عبد الأمير سرحان، فحذر من “بلوغ العراق نكبة صحية وبائية نتيجة التماهل بأخذ اللقاحات، وتزايد نسبة الإصابات”.

وقال سرحان لـ”طريق الشعب”: “إننا ومع وصول الموجة الوبائية الجديدة يجب أن نؤشر خطورة عدم مراعاة المواطنين لحجم التهديد الذي يواجه البلد، ومن الصحيح القول إن وزارة الصحة والجهات المعنية مسؤولة عن زيادة نسية التلقيح، ولكن أيضا هنالك جانب مأساوي يتضمن لامبالاة شرائح اجتماعية واسعة بالتلقيح نتيجة الجهل وانتشار الخرافات التي تبث على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وزاد المتحدث أن “اللقاح لا يمنع الإصابة لكنه يقلل الاضرار كثيرا في حالة حصولها، فبدل التعرض الى نكبة صحية او الدخول الى المستشفى، يضمن اللقاح تجاوز الاصابة بسلامة، علما إن أسترازينيكا البريطاني استعملته 88 دولة حتى الان وهو جدير بالتحصين، خلافا للقاحات الاخرى وعدم الشفافية في الحديث عن تفاصيلها”.

ويروج العديد من المواطنين على صفحات موقع “فيس بوك”، عدم جدوى اللقاح المضاد لفيروس كورونا، والأعراض الجانبية التي قد تترتب عنه، في الوقت الذي أصبح فيه من النادر رؤية مشاهد ارتداء الكمامات والقفازات والابتعاد لمسافة آمنة في المناطق الحيوية، ما دعا البعض إلى مطالبة الجهات الأمنية والرقابة برصد ومعاقبة كل من ينظم تجمعات غير ضرورية، أو يمارس حياته دون اي وقاية، لأنهم بذلك يزيدون من خطورة الوضع.

*****************

الصفحة االخامسة 

أگـول

ماذا يجري

في مستشفى المحمودية!؟

مفيد مدحت جميل

كنت قد راجعت المستشفى العام في قضاء المحمودية، على مدى أسبوعين، لغرض إجراء عملية جراحية طارئة لحفيدي. فحصلت في النهاية على الموافقة، وكان موعد العملية صباح يوم 11 تموز الجاري. وبالفعل، وصلنا وفق التوقيت المطلوب، وأدخلنا المريض إلى غرفة العمليات، وأحضرنا “طبلة” مراجعته المستشفى، وتم إجراء التحليلات المطلوبة له ليكون مستعدا للعملية.

لكنه، وبعد مرور نحو عشر دقائق، حصلت المفاجأة التي صعقتنا. فقد حضر الطبيب الجراح وأبلغنا بتأجيل جميع العمليات الجراحية إلى ما بعد عيد الأضحى، وذلك بسبب عدم توفر الأوكسجين في المستشفى!

السؤال موجه الى وزير الصحة ومدير عام دائرة صحة الكرخ ومدير مستشفى المحمودية: هل يعقل أن يؤجل مستشفى عام عمليات جراحية طارئة بهذا الشكل المفاجئ ودون سابق إنذار، ليضع المريض في موقف حرج؟ هل من المعقول أن تعجز مؤسسة صحية حكومية رئيسة، عن توفير قناني الأوكسجين، وهي من أبسط المستلزمات الطبية!؟ اين يذهب الفقراء واصحاب الدخل المحدود الذين لا يستطيعون تأمين نفقات العلاج أو إجراء العمليات في المستشفيات الأهلية؟ 

نأمل من حضراتكم حلولا عاجلة لهذه الإشكالات، كي لا تتكرر مستقبلا.

*******************

الغرق يتكرر وقلق الأهالي يزداد

الأنهار ملاذ للعراقيين من جحيم الصيف وكابوس الكهرباء!

بغداد – وكالات

مع حلول فصل الصيف، يلوذ الكثيرون من الشباب والصبية العراقيين بالأنهار أو الترع أو سواقي ري المزارع، للسباحة فيها هربا من درجات الحرارة المرتفعة، وكابوس الكهرباء الذي أحال المنازل إلى جحيم – بحسب العديد من المواطنين.

ومقابل ذلك، يزداد قلق الأهالي على أبنائهم في حال ذهبوا مع أصدقائهم للسباحة في تلك الأماكن، التي لا تتوفر فيها شروط السلامة. فمعدلات الوفيات غرقاً مرتفعة، ولا يكاد يمر يوم من دون إعلان غرق شخص أو اثنين، ما دفع بعض الآباء إلى استخدام كل الوسائل الممكنة لمنع أولادهم من السباحة في الأنهار، لكن دون جدوى.

وتتجاوز درجات حرارة الصيف في العراق، الـ 50 درجة مئوية أحياناً، ولا تلبي المسابح الخاصة الاحتياجات، سيما انها غير مجانية بخلاف الأنهار والبحيرات والسواقي.

ورغم أن فصل الصيف العراقي يبدأ بين أيار وحزيران، لكن ارتفاع درجات الحرارة في العالم بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، جعل نيسان من بين تلك الأشهر.

أعداد الغرقى لا تعد

يقول الستيني هادي الزوبعي، الذي لا يتردد في ممارسة هواية السباحة في نهر الفرات القريب من سكنه بمحافظة الأنبار، أن “النهر صديقي الحميم، وقد تعلمت السباحة فيه مع إخوتي وأقاربي، لكنني لا أستطيع حصر عدد أبناء قرى منطقتنا وزوارها الذين غرقوا في هذا النهر، وربما تجاوز الرقم الـ 40. علماً أن كثيرين تم إنقاذهم وهم على وشك الموت غرقا”. 

ويعزو الزوبعي الذي يرافق أحفاده الثلاثة الى النهر للإشراف على إتقانهم مهارات السباحة، أسباب الغرق إلى مجازفة الصغار والشبان في السباحة في أماكن خطرة، أو لمحاولتهم قطع النهر بالعرض، متجاهلين عدم امتلاكهم اللياقة والخبرة في مجاراة تيار الماء، مشيرا في حديث صحفي، إلى أنه يعتبر خوف الأهالي من ذهاب أولادهم للسباحة في النهر، أمراً طبيعياً “نتيجة حالات الغرق الكثيرة التي نشهدها موسمياً”.

المسابح قليلة واشتراكاتها باهظة

أهالٍ كثيرون يدفعون اشتراكات شهرية للمسابح الخاصة كي يقصدها أبناؤهم، وذلك لحمايتهم من الغرق في تلبية رغباتهم في السباحة. وهو ما تفعله رنا جاسم، التي تؤكد في حديث صحفي، أنها تحاول الحفاظ على حياة أولادها بمنعهم من السباحة في النهر.

وتقطن رنا على مسافة قريبة من نهر دجلة في بغداد، حيث يأتي عشرات من الشبان والمراهقين والصغار لممارسة السباحة، لكنها ترفض نزول أولادها إلى النهر “لأنني لا أريد أن أفجع بغرق أحدهم، على غرار ما حصل لعائلات كثيرة. وقد شاهدت أفراداً من هذه العائلات يأتون الى النهر للبحث عن أولادهم وهم في حالة خوف شديد من غرقهم”.

وبالتأكيد، فإن المسابح الخاصة أو تلك التابعة للأندية والفنادق، تمثل الحلّ الأنسب والأكثر أماناً للأهالي الذين يستطيعون رؤية أبنائهم أمام عيونهم، لكن عددها قليل مقارنة بالكثافة السكانية داخل المدن. كذلك إن مرتاديها يدفعون مبالغ مالية - باهظة أحيانا - لدخولها، ما يشكل معضلة بالنسبة للفقراء وأصحاب الدخل المحدود، فيصبح النهر الملاذ الحتمي الوحيد لأبنائهم.

يقول الشاب غزوان، الذي يبعد بيته عن نهر دجلة مسافة نصف ساعة سيراً، أنه يهرب خلسة إلى النهر برفقة أصدقائه، وجميعهم مراهقون لا تتجاوز أعمارهم الـ 16 عاما، مضيفا في حديث صحفي: “كدت أغرق مرتين، وأنقذني شبان كانوا يسبحون قربي، لكن الحادثين لم يُضعفا تصميمي على السباحة في النهر في كل صيف. عائلتي فقيرة، ولا تستطيع تأمين بدل ممارستي السباحة في المسبح، لذا أتسلل إلى النهر خلسة، رغم أن والدي يخشى عليّ من الغرق”.

الأنهار ليست آمنة

واللافت، ان الجهات الأمنية تنقذ كثيرين من الغرق موسمياً – بحسب علي التميمي، أحد عناصر الشرطة النهرية، والذي يوضح أن “الأنهار ليست آمنة في كل الأماكن. إذ تختلف الأعماق بين مسافات متقاربة فيها، ما يؤدي أحياناً إلى فقدان أشخاص توازنهم، خاصة أولئك الذين لا خبرة كبيرة لديهم في السباحة”.

ويُشير التميمي في حديث صحفي، إلى أن “هناك يافعين يوجدون دائماً على أطراف الأنهار لمراقبة الصغار والمراهقين وهم يسبحون، والتدخل لإنقاذهم إذا تعرضوا لخطر الغرق، لكنهم يؤدون في كل الأحوال مهمة تطوعية لحماية الأولاد”.

*****************

متى يكتمل مشروع “جسر بته” في الحلة؟

الحلة - حازم فلاح

يعاني أهالي محافظة بابل والمسافرون الوافدون إلى المحافظة من المحافظات الأخرى، الزحام المروري الكثيف عند المدخل الشمالي لمدينة الحلة، وذلك بسبب عدم إكمال مشروع "جسر بته"، الذي مضى على المباشرة به أكثر من عام.  وكانت الإدارة المحلية في بابل، قد أنشأت جسرا حديديا يربط بين ضفتي الفرات عند المدخل الشمالي من المدينة، وذلك لغرض تخفيف الزحام الحاصل في المداخل الأخرى، إلا أن هذا الجسر لم يحل المشكلة. إذ بقيت طوابير السيارات تمتد إلى مسافات بعيدة، ويستغرق عبورها ساعة أو أكثر.  ولم يكن أمام الإدارة المحلية حل آخر، سوى بناء جسر جديد. فتمت المباشرة ببناء "جسر بته" من قبل شركة حكومية، وهي "شركة آشور" العامة للمقاولات الإنشائية، على أمل إكماله في مدة أقصاها 90 يوما، إلا أن الجسر لم يكتمل في الموعد المقرر، ولا يزال المواطنون في الانتظار!

*****************

البصرة

سكان الحيانية يشكون طفح المجاري

البصرة – وكالات

شكا عدد من سكان حي الحسين (الحيانية) في البصرة، طفح مياه الصرف الصحي في عدد من شوارعهم، مطالبين الجهات المعنية، بالتدخل لحل المشكلة التي أكدوا انها لم تحل منذ سنوات.

وأوضح عدد منهم في حديث صحفي، ان مشكلة طفح مياه المجاري في الشوارع مضى عليها سنوات، وذلك بسبب استمرار أعمال الشركة التي تنفذ مشروع المجاري، مؤكدين، أن الأمر تفاقم حتى باتت المياه تدخل إلى المنازل.

ولفت سكان الحي، إلى انهم كانوا قد راجعوا دائرتي البلدية والمجاري مرات عدة، لغرض معالجة المشكلة بشكل جذري، إلا أن الدائرتين لم تضعا سوى معالجات مؤقتة.

*****************

مواساة

  • ببالغ الأسى والحزن العميقين، تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى، عائلة صديق حزبنا المحامي المغدور حيدر ناجي الموسوي، الذي توفي إثر عملية اغتيال.

 للفقيد الذكر الطيب ولعائلته ومحبيه في قرتبه والبصرة، الصبر والسلوان.

  • تعزي لجنة شاكر محمود الأساسية للحزب الشيوعي العراقي/ اللجنة المحلية في الكرخ الثانية، صديق الحزب وعضو التيار الديمقراطي العراقي، ميثم حمود عكيب بوفاة والدته.

للفقيدة الذكر الطيب ولذويها الصبر والسلوان.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في بابل، عائلة شهيد الحزب فارس داود الربيعي بوفاة زوجته، والدة الرفيقين فهد وفرات.

الذكر الطيب للفقيدة، وخالص العزاء لعائلتها الكريمة.

****************

الصفحة السادسة 

الشيوعي اللبناني:

 الحلول مرهونة بتغيير موازين القوى عبر الضغط الشعبي

طريق الشعب - خاص

حمّل الحزب الشيوعي اللبناني مسؤولية تدهور الاوضاع للمنظومة السياسية القائمة في ظل غياب الحلول للأفق السياسية، مؤكداً ان الوضع سيبقى سيئاً بعد مراهنة الجميع على التدخل الخارجي، وارتهان البلد اما لإيران او امريكا والتنافس قائم على اساس من يضع يده على ما تبقى من البلد.

وذكرت عضو المكتب السياسي للحزب، يانا السمراني في تصريح خصت به “طريق الشعب”، ان “الحل يكمن بتغيير المنظومة الحالية واعادة النظر بالنظام الانتخابي خارج القيد الطائفي، وتشكيل السلطة بموازين قوى جديدة لصالح الشعب اللبناني”.

الأزمة مستمرة

واضافت السمراني، ان “الازمات مستمرة نتيجة الاحتكار الداخلي ولكون السلطة عاجزة عن ايجاد الحلول تمكنت الشركات الخاصة المحتكرة من استغلال التدهور الاقتصادي وعدم وجود المال ما اضاف اعباء مالية كبيرة على عاتق المواطن”، مبيناً ان “الغلاء المعيشي وصل لأكثر من 200 في المائة وان الشركات التي تسيطر على المواد المستوردة بدعم الدولة تساهم بالضغط على المواطن اللبناني”.

وتحدثت السمراني عن وجود حملة للمطالبة في اسقاط الحصانات عن  النواب للتحقيق معهم في حادثة مرفأ بيروت العام الماضي، لكن هؤلاء يرفضون الامتثال امام القضاء من اجل التحقيق.

وكان العشرات من المواطنين جرحوا، الثلاثاء، بعد اندلاع مواجهات بين قوات الأمن وعدد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت والمتضامنين معهم، خلال وقفة احتجاجية نظموها أمام منزل وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي والذي يتهمونه بعرقلة مسار التحقيق.

وأدى انفجار مروع شهده مرفأ بيروت في 4 اب 2020، عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بلا إجراءات وقاية، إلى مصرع أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 عدا عن تدمير أحياء عدة.

تغيير جذري للنظام

وقالت عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، ان “الحلول مرهونة بتغيير موازين القوى من خلال الضغط الشعبي وان الشيوعي اللبناني يرفض أي تدخل وان الشعب بحاجة الى تغيير جذري للنظام اللبناني”، مشيرة الى العمل على ايجاد تحالف اجتماعي كبير يضم الشيوعي اللبناني وكل الاطراف اليسارية والعلمانية وكذلك النقابات الجماهيرية، للعمل على ايجاد حراك شعبي واسع رافض للسلطة ومن اجل التغيير”.

واكدت يارا السمراني لمراسل “طريق الشعب”، ان “الحزب الشيوعي اللبناني يعمل على خلق اليات مواجهة جديدة وتشكيل اطر كبيرة من التشكيلات الاجتماعية المعتمدة على الطبقات الاجتماعية ومطالب الناس وهمومها”.

النقابة تنتفض

وتابعت ان “المعركتين المهمتين المتأثرتين بـ17 تشرين هي  نقابة المحامين اذ تمكن الثوار من  الحصول عليها ومعركة الحسم  تدور حول نقابة المهندسين والحزب الشيوعي دخل بكل ثقله فيها، واستطاع الحزب من خلال ائتلاف النقابة تنتفض ان يوصل الكثير من الاعضاء الى الهيئات القيادية”، مؤكدة ان الحزب يعمل على الحصول على منصب نقيب المهندسين من خلال قائمة النقابة تنتفض.

و17 تشرين الأول، هو موعد التظاهرات الشعبية الواسعة التي انطلقت في 2019 ضد مكوّنات القوى السياسية الطائفية الحاكمة. وترافق ذلك مع أزمات متتالية من انهيار اقتصادي وصعوبات معيشية وتدخل دولي واسع في الشأن المحلي اللبناني.

ومساء امس، قال رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري إنه قدم تشكيلة حكومته للرئيس ميشال عون. وقال: إن “الأجواء إيجابية وسألتقي الرئيس مجدداً”، مضيفا ان “عون سيدرس التشكيلة والأمل كبير بتشكيل الحكومة قريبا، لقد تقدمت بتشكيلة كاملة تتألف من 18 وزيرا من اصحاب الاختصاص، بعيدا عن الانتماء الحزبي”.

مضيعة للوقت

وتعليقاً على ذلك، قالت السمراني، ان “حراك 17 تشرين اسقطت سعد الحريري ولا نتوقع ان تأتي الحلول بإعادة تشكيل حكومة بقيادة الحريري”، لافتة الى “انها ستكون حكومة عاجزة وتضييع للوقت وعدم تحمل مسؤوليات، وهي ليست الحكومة التي نتطلع لها. نحن نتطلع الى حكومة انتقالية من خارج هذه المنظومة، تضع مشاريع إنقاذ البلد من الانهيار واعادته الى سكة البناء، وهذا ما نسعى اليه، واي حكومة تأتي ضمن التشكيل السابق نعتبرها مضيعة للوقت”.

*****************

الصين تعارض موقف الولايات المتحدة بشأن بحرها الجنوبي

بكين – وكالات

أكدت بكين، امس الأربعاء، أن الصين أعربت عن معارضتها الشديدة  لما وصفته بالموقف الخاطئ للولايات المتحدة.

جاء ذلك بعد أن قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن "واشنطن رفضت المزاعم البحرية غير القانونية للصين في بحر الصين الجنوبي".

وكانت الولايات المتحدة قد كررت تحذيرها للصين من أن أي هجوم على القوات المسلحة الفلبينية في بحر الصين الجنوبي، سيؤدي لتفعيل معاهدة مبرمة بين الولايات المتحدة والفلبين عام 1951 للدفاع المشترك.

ووجه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، هذا التحذير في بيان خطي بمناسبة ذكرى مرور خمسة أعوام على حكم أصدرته هيئة تحكيم برفض مطالبات الصين بالسيادة على مناطق واسعة في بحر الصين الجنوبي، في حين أكدت الصين، يوم الجمعة الماضي، عدم قبول بكين لهذا الحكم.

******************

ألمانيا تستضيف

مؤتمراً دولياً حول ليبيا

برلين - وكالات

عقدت الدول المعنية بالنزاع الليبي مجددا امس الاربعاء في برلين، مؤتمراً لبحث إجراء انتخابات في ليبيا نهاية السنة الحالية وانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة.

وبحث المجتمعون في برلين، العملية الانتقالية الليبية منذ المؤتمر الأخير الذي عقد في شباط 2021 والمراحل المقبلة لفرض استقرار دائم للوضع على ما أوضحت وزارة الخارجية الألمانية المضيفة للمؤتمر.

وبحسب التصريحات فأنه من المقرر أن يدلي الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بمداخلة عبر الفيديو. ويجري الرهان على ضمان أن تنظم في 24 كانون الأول المقبل انتخابات رئاسية وتشريعية، وعدت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بإجرائها.

وكان وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا الذي يرجح أن يكون مرشحا في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تقام للمرة الأولى بالاقتراع العام المباشر، حذر في وقت سابق الحكومة من تأجيل الانتخابات.

******************

وزير الخارجية الكوبي: واشطن متورطة

 في الأحداث الأخيرة

هافانا - وكالات

أكد وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز، أن "الولايات المتحدة متورطة بشكل مباشر في تنظيم الاحتجاجات والاضطرابات التي اندلعت في كوبا يوم الأحد الماضي".

واتهم رودريغيز، خلال مؤتمر صحفي عقده مساء الثلاثاء، وتابعته "طريق الشعب"، حكومة الولايات المتحدة بأحداث 11 تموز، مؤكداً تحملها مسؤولية كبيرة، مضيفاً انه "شارك في الأحداث هؤلاء الذين كانت الولايات المتحدة ستسميهم بوكلاء دولة أجنبية، هؤلاء الذين يتلقون تمويلا وإرشادات من الخارج، من يتنقل بسيارات تتمتع بصفة دبلوماسية، من يلتقي بالدبلوماسيين الأمريكيين، من يزور دائما المؤسسات الدبلوماسية ومن يحرض دائما على التحرك ضد النظام الدستوري والقوانين في كوبا".

وشهدت بعض مدن كوبا يوم 11 تموز، مظاهرات قالت وسائل إعلام محلية إن المشاركين فيها أثاروا أعمال شغب ونهبوا محال تجارية.

وقال رودريغيز في المؤتمر الصحفي "لقد كانت محاولة متعمدة ووحشية وانتهازية للاستفادة من الظروف التي ولدها الوباء لمحاولة خنق اقتصادنا".

وأضاف ان "السلوك غير المسؤول يمكن أن يكون له تداعيات سلبية على المنطقة، وحتى على المصلحة الوطنية للولايات المتحدة".

وتابع "ينبغي على الرئيس الأمريكي جو بايدن والحكومة الأمريكية أن يستمعوا في المقام الأول إلى مواطنيهم الذين يقفون في الغالب وبشكل منتظم ضد الحصار الأمريكي".

******************

“طريق الشعب” ترصد تطورات الوضع في افغانستان

قسم الاخبار/ طريق الشعب

تطورت الاحداث مباشرة بعد اعلان الرئيس الامريكي جو بايدن قبل اكثر من اسبوع، انحساب قواته نهائياً من القواعد العسكرية في افغانستان قبل نهاية الشهر الجاري. وسرعان ما اعلنت حركة طالبان عن تحركها للسيطرة على اجزاء واسعة من الاراضي الافغانية، لكن لا تزال الشكوك قائمة من قبل المحللين والاعلام الرسمي الحكومي بشأن قدرة الحركة على تنفيذ تهديدها بسبب الضربات التي تلقتها خلال الفترة الماضية ومحدودية عدد المقاتلين فيها.

آخر التطورات

وقال المتحدث باسم حركة “طالبان” ذبيح الله مجاهد، امس الاربعاء، في بيان نشر بصورة واسعة ان حركته استولت على بلدة حدودية مهمة تسمى ويش في قندهار.

وسرعان ما نفت السلطات الأفغانية ذلك، وفقاً لوكالة فرانس برس لكن مسؤولا أمنيا باكستانيا، وبحسب الوكالة قال: إن “طالبان سيطرت بالفعل على معبر سبين بولداك-شامان، كما أفاد العديد من السكان بأن المقاتلين قد انتشروا في بلدة فيش، ومبانيها الرسمية والطريق بين سبين بولداك وقندهار، عاصمة الولاية”.

وأعلنت وزارة الداخلية الأفغانية ظهيرة امس، أن “القوات الحكومية قد “صدت” محاولة طالبان للسيطرة على نقطة حدودية قرب سبين بولداك.

ونقلت وكالة “رويترز” بحسب بيانات حكومية، أن “نحو 900 شاحنة تعبر يوميا الحدود التي تربط أفغانستان بباكستان وإيران ودول آسيا الوسطى”.

وكان المتحدث باسم الجيش الباكستاني، بابار افتخار، أعلن أنه تم تعزيز حدود بلاده مع أفغانستان وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الأجنبية، وفي نفس السياق صرحت وزارة الداخلية الباكستانية بأنها اتخذت جملة من الإجراءات استعدادا لتدفق محتمل للاجئين من أفغانستان.

الامم المتحدة تحذر

حذرت شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحددة من، أن “أفغانستان على شفا أزمة إنسانية جديدة، بسبب الصراع المتصاعد وارتفاع عدد الضحايا المدنيين وفرار الآلاف من ديارهم بحثا عن الأمان”.

وأكدت المفوضية في تصريحات صحفية تناولتها وكالات انباء اجنبية، وتابعتها “طريق الشعب”، أنه “يوجد في أفغانستان حاليا أكثر من 3.5 مليون نازح، من بينهم ما يقدر بنحو 270 ألف شخص نزحوا حديثا منذ بداية العام بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد”.

وقال المتحدث باسم المفوضية، بابار بالوش، إن “العديد من النازحين لاذوا بالفرار بسبب المضايقات والابتزاز من قبل الجماعات المسلحة وكذلك بسبب نقص الخدمات الاجتماعية وفقدان الدخل بسبب تزايد انعدام الأمن”.

واكد بالوش ان “القلق من عد توقف العنف قد تضطر بسببه أعداد أخرى إلى البحث عن الأمان داخل البلاد، ولكن هناك خطر من اضطرارهم الى البحث عن الأمان في بلدان اخرى”، مضيفاً ان “إيران وباكستان تستضيفان ما يقرب من 90 بالمئة من اللاجئين الأفغان المسجلين والبالغ عددهم مليوني لاجئ”.

النساء يشعرن بالغضب

وفي ما يخص وضع النساء يبين بالوش انهن “يخشين بشكل خاص من خسارة المكاسب العديدة التي حققنها على مدى السنوات العشرين الماضية إذا عادت طالبان إلى السلطة”.

ويضيف “ربما يشعرن بالغضب، ولا يريدن العودة إلى عصر لا حرية لهم فيه”.

الصين تدعم أفغانستان

وأعرب عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن تطلع الصين إلى أن “تنفذ أفغانستان ترتيبات واسعة وشاملة في ما يتعلق بالسلطة، وأن تتبع سياسة ثابتة وسليمة تجاه المسلمين، وأن تكافح بحزم جميع أنواع الإرهاب والأفكار المتطرفة، وأن تلتزم بعلاقات ودية مع جميع جيرانها”.

وأضاف وانغ في تصريح نقلته وكالة شينخوا الصينية، وطالعته “طريق الشعب”، أن “الصين تدعم جميع الجهود التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، وهي مستعدة للتواصل والتنسيق مع جميع الأطراف، وإجراء وساطة دبلوماسية وتوفير الوسائل المناسبة اللازمة لهذا الغرض”.

وقال وانغ، إن “الحرب التي شنتها الولايات المتحدة في أفغانستان استمرت 20 عاما، لكن دون التوصل إلى سلام حتى الآن” مضيفا أنه “خلال تلك الفترة، قُتل عشرات الآلاف من المدنيين الأفغان نتيجة للعمليات العسكرية الأمريكية، ونزح عشرات الملايين وأصبحوا لاجئين”.

وأكد وانغ، ان “أفغانستان دولة مستقلة وذات سيادة، والشعب الأفغاني أمة تتمتع بتقدير قوي للذات”، مؤكدا أن الحقائق أثبتت مجددا أن أي تدخل لقوة أجنبية في أفغانستان مآله الفشل.

وجدد وانغ احترام الصين دائما لسيادة أفغانستان واستقلالها وسلامة أراضيها.

روسيا قلقة

واعربت موسكو عن قلقها من أن فوضى الحرب في شمال أفغانستان قد يستغلها مسلحو تنظيم “داعش”. وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي لأفغانستان، زامير كابولوف: “نحن قلقون من أن عناصر تنظيم داعش قد يستغلون فوضى الحرب في شمال أفغانستان... هذه نقطة مهمة للغاية بالنسبة لنا”. وأوضح أن مسلحي حركة “طالبان” الذين استولوا مؤخرا على عدد من المناطق في شمال أفغانستان، يعتبرون “أعداء للتنظيم داعش”.

ولا تزال المعارك بين مسلحي حركة طالبان والقوات الحكومية الإفغانية متواصلة. وقد تمكنت “طالبان” من السيطرة على مناطق كبيرة في الأسابيع الأخيرة.

ووصف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف (الانسحاب) بأنه اعتراف أمريك بالفشل في مهمة واشنطن بأفغانستان.

مغادرة الرعايا

ودعت فرنسا، مساء الثلاثاء كل رعاياها إلى مغادرة أفغانستان بسبب ما وصفته بالأوضاع الأمنية والآفاق القصيرة الأمد للمرحلة المقبلة.

وأعلنت السفارة الفرنسية في بيان، نقلته وكالات الانباء، وتابعته “طريق الشعب”، أن “الحكومة الفرنسية ستخصص رحلة السبت المقبل صباحا لغرض إتاحة عودة جميع الرعايا الفرنسيين إلى بلادهم”.

واشارت إلى أنه “لن يتم تسيير أي رحلة إضافية”.

وأبلغت السفارة الفرنسيين الذين ينوون “البقاء في أفغانستان إلى ما بعد 17 تموز، بأنها لن تكون قادرة على ضمان أمن مغادرتهم”.

واستبعد السفير الفرنسي، دافيد مارتينون، تماماً إغلاق الممثلية الدبلوماسية في كابول في الوقت الراهن.

سيطرنا على 80 في المائة

وحذرت حركة طالبان تركيا من إبقاء قواتها في أفغانستان بعد انسحاب الناتو. ووصفت القرار التركي بأنه “غير حكيم وانتهاك لسيادة البلاد”.

وجاء تحذير الحركة كرد على العرض الذي تقدمت به تركيا، مؤخرا، لتأمين مطار كابل بقواتها المسلحة.

وكان المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، اعلن عن سيطرة حركته على 80 في المائة من أراضي أفغانستان. وقال نعيم، إن “هدفنا من الجهاد استقلال البلد واقامة نظام اسلامي مستقل نزيه، وأولويتنا هي حل المشاكل عبر الحوار ونهدف لدولة اسلامية مستقلة، وأن يعيش الشعب بكرامة”.

******************

الصفحة السابعة

14 تموز .. مخاوف ويقين

د. إبراهيم إسماعيل

لثورة 14 تموز في ذاكرتي، مواقف ثلاثة سببت لي قلقاً وحزنا، وثلاثة مواقف ملأت الروح بطمأنينة ويقين. ففي ذلك اليوم، لم أستطع كعادتي أن اتفحص ملابس المدرسة التي سألتحق بها بعد أسابيع، بسبب القلق الغريب الذي رأيته على وجه أمي والوجوم والسخط الذي غطى وجه أبي وصحبه. ولم يتطوع أحد حينها ليبدد مخاوفي، رغم تنقلي بين المطبخ حيث تقبع أمي كعادتها وبين “المضيف” حيث يجتمع ملاك الأرض لأمر خطير داهم “مملكتهم”. وإشتدت الخشية بعد ذلك بشهرين عندما تنّمر عليّ بعض أترابي لإني أنحدر من أسرة موالية للعهد المباد، دون أن أفهم معنى ما يقولون. وحين إعتقلت الشرطة أحد أقاربنا ممن عُرف بنضاله الوطني والطبقي العنيد قبيل الثورة وبسالته في الدفاع عنها، أمتزجت المخاوف بتساؤلات مضنية، فكيف يمكن أن تجمع سجون نظام ما أعداءه ومؤيديه معاً!

لكني كنت محظوظاً، بمعرفة رجال بددوا قلق الطفل وأزاحوا مخاوف الصبي وزرعوا في وعي الفتى، قيماً، ستبقى على الدوام خير ما حلم به بنو البشر.

كان أولهم، مدير المدرسة، الرفيق الراحل جلال علي أكبر، هذا التموزي الذي نجح في أن يبدد قلق الطفل، فسمح لي بالمشاركة الفاعلة في الإحتفالات المبهجة التي عاشها الناس في تلكم السنوات، وغمرني ـ ومن تنّمر عليّ ـ بحنانه وإهتمامه، فزال التنّمر وحلت محله، صحبة طيبة مع زملائي، قائمة حتى اليوم.

وكان الموقف الثاني بعيد إنقلاب شباط الأسود، يوم دخلت عصابة من سقط المتاع، لتعتقل معلمينا جميعاً، ماعدا واحداً، ولتحاول أن تكسرهم وتهشم ما في عقول الطلبة من صورعنهم. حينها بهرني ثبات أولئك الرجال الشيوعيين والتموزيين والعزيمة التي إستوطنت عيونهم والإبتسامة التي رأيتها على وجوههم والتي بددت مخاوف الصبي ومنحته ثقة لا حدود لها.

وفي الموقف الثالث، كنت أحدّث الرفيق جابر خضير، الشيوعي والتموزي الجميل، عن موقف حصل بين أبي وفلاح عجز عن تسديد قروض بذمته، فجاء يتوسل أن يؤجل موعد السداد، وكيف عجز عن ذلك، حتى أخبر أبي بأن عائلته لم تذق طعم اللحم منذ سنة، وكيف صرفه أبي إثرها، ليعترف، وربما على مضض، بدور الشيوعية في إستعادة البشر لإدميتهم ويقول: مو حقهم العالم يصيرون شيوعيين، إذا هذا وعائلته ما يعرفون شنو طعم اللحم. حينها فهمت من أبي نصير، أطال الله عمره، ما هي الشيوعية ولماذا قامت ثورة 14 تموز، وماذا حققته، وكيف أعادت الأرض الزراعية للمنتجين بعد إن كان 2% من العراقيين يملكون 70% منها ويتحكمون بـ 80% من الناتج الزراعي الإجمالي، ولماذا ومن وأد الثورة!

ومرت السنون، وأنا أستذكر تلكم المواقف وأولئك الرجال، وأتعلم عن الثورة، بمنجزاتها وخيباتها، ما يذكي جذوة العشق والفرحة، بذكرى إنتصار فريد ووحيد، للعراقيين في تاريخهم المعاصر. فلأول، وربما لأخر مرة، يحول الناس انقلاباً عسكرياً إلى ثورة شعبية عبر دعمه بإنتفاضة جماهيرية، زاد عدد المشاركين فيها عن 100 ألف مواطن، وإلزام (وربما إقناع) قادتها بتحطيم أسس النظام الملكي وإبداله بنظام مختلف عنه جوهرياً، وبتغيير القاعدة الاجتماعية التي يرتكز عليها النظام، من طبقة الإقطاعيين وملاكي الأراضي، إلى الفئات الوسطى والبرجوازية الوطنية، وبإعتماد الهوية الوطنية الجامعة وإعلاء شأنها، بديلاً أساسياً للهويات الفرعية.

ولأول مرة تتمكن الجماهير المنتفضة من تحقيق مجموعة منجزات كبيرة، دفعة واحدة، تمثلت في الإستقلال السياسي الناجز (إنهاء القواعد الأجنبية والخروج من حلف بغداد وإعتماد سياسة خارجية مستقلة) وفي تحسين الإستقلال الاقتصادي (قانون رقم 80 لتحرير الثروة النفطية والخروج من قبضة الإسترليني) وفي توفير قدر أفضل من العدالة الإجتماعية (الإصلاح الزراعي، قانون العمل، قانون الأحوال الشخصية، تطوير التعليم المجاني، إسكان الطبقات المعدمة). ورغم سعي الطبقات الوسطى، تبوء الدور الأرأس في الحكم، الا أن منجزات الثورة شملت أغلب الطبقات والفئات الاجتماعية، ولم تستهدف سوى النخب الحاكمة في العهد الملكي، من ملاكي الأرض والبرجوازية البيروقراطية، والتي كانت تستحوذ لوحدها، على ثلث الدخل القومي للبلاد.

وفي المقابل، عجزت الجماهير المنتفضة، بسبب الطبيعة الطبقية لقيادة الثورة، من صيانة هذه المنجزات وتواصل السير على طريقة التنمية والتقدم، مما أوقع البلاد في خيبات عديدة، قد لا تجرح صفحة الثورة الناصعة، ولكنها تشكل، بالتأكيد، دروساً مهمة للأجيال القادمة. فقد عجزت، أو مُنعت، الفئات الوسطى من أن تطرد الإقطاعيين والبرجوازية البيروقراطية وأن تتبوأ القاعدة الاجتماعية للنظام الجديد، وسرعان ما تفككت وتشظت لأسباب عديدة ليس أقلها الصراعات الأيديولوجية والمناطقية، بين شرائحها، الأمر الذي أفقد الثورة الرافعة الحقيقية لبناء هوية وطنية جامعة ومؤسسات ديمقراطية فاعلة. 

وكان للهيمنة غير المبررة للعسكر على جميع المواقع الحاسمة، دور تقويضي خطير، في ظل غياب مؤسسات شرعية منتخبة ومجتمع مدني قوي من جهة، وفي ظل غياب درجة مناسبة من الوحدة والإنضباط في صفوف العسكريين المتنفذين، وغياب الحد الأدنى من التوازن في تمثيلهم للتنوع الأثني والديني للشعب من جهة مكملة. وقد أدى ذلك كله إلى وقوع النظام فريسة سهلة لليمين والمحافظين، الذين تمكنوا من إسقاطه والإعتماد على البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية العسكرية والمدنية (التي تغولت بإتساع دور الدولة كرب عمل رئيسي)، وإحلالها قاعدة للحكم.

وكان لضعف يقظة القوى الديمقراطية والوطنية وتشتتها والغرور، حد التصابي، الذي وقع فيه العسكر، دور إضافي في نجاح تحالف واسع من الاقطاعيين ورجال الدين المحافظين والليبراليين والقوميين في الداخل، والقوى الإستعمارية الكبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا ودول الإقليم كأيران والسعودية وتركيا ومصر الناصرية في الخارج، في وأد الثورة والعودة إلى الخراب الذي يتواصل في وطننا حتى اليوم.

********************** 

قصيدة الشهيد حسن عوينة:

ثورة 14 تموز

من قصيدة نظمها الشهيد حسن عوينة وألقاها في الصحن الحيدري الشريف في موكب العزاء الحسيني الذي نظمته لجنة النجف للحزب الشيوعي العراقي ليلة العاشر من شهر محرم 1958

رفرفتْ رايةُ النضالِ العنيدِ

فوقَ هام المحررين الصّيدِ

أيُّ نصرٍ بفجركَ المتسامي

بالأماني وأيّ يومٍ مجيدِ

ثرتَ فالصبحُ بسمةٌ وحياةٌ

ثرتَ فالليلُ صادحٌ بالنشيدِ

ثرتَ فالأفقُ قد تهلّلَ بشراً

فيهِ شعّتْ دماءُ كلِّ شهيدِ

وتلاقى عبيرُ حلمٍ حبيبٍ

عبقٍ طيبُهُ بطيبِ الورودِ

ثرتَ فانهدَّ للمذلّينَ صرحٌ

وهوى العرشُ في زئير الأسودِ

إيهِ شعبَ العراقِ كم قد تمادتْ

فيك بالجورِ زمرةُ التنديدِ

حسبَ السّادرون أنّكَ ثاوٍ

أنّ جفنيكَ أُسلِما للرقودِ

فاستبدّوا بظلمهم وتمادوا

وغلوا بالأسارِ والتّقْييد

ونسوا أنّكَ الذي لا تبالي

بالملمّاتِ والليالي السّودِ

ونسوا جيشكَ المظفّرَ يزهو

بطريفٍ مِن مجدِهِ وتليدِ

أينَ عبدُالإله أين طغاةٌ

أثقلونا بكلِّ قيدٍ شديدِ

أين وجهُ المستعمرين توارى

أين بل أين وجهُ نوري السعيدِ

حدثينا بغدادُ مهد الخلودِ

عن جليل المنى وغارٍ عتيدِ

حدّثينا عن دمعةِ الشيخ رقّتْ

لِابتهاجٍ عن ابتسام الوليدِ

حدّثينا عن الحناجرِ تدوي

من حشودٍ تشدُّ أزرَ حشودِ

كيفَ أهوتْ معاقل الشرِّ وانها

رتْ ذُراها على رؤوس العبيدِ

ياابنَ بنتِ الرسول إنّا اقتدينا

بكَ فيما نرومُهُ للوجودِ

فلَكَ المجدُ والخلودُ وإنّا

لكَ فيما رسمْتَ خيرُ جنودِ

********************* 

اغتيال ثورة 14 تموز 1958 في العراق

د. عبد الحسين الطائي

كتاب بعنوان: (اغتيال ثورة 14 تموز 1958 في العراق)، للباحث عارف عبد الواحد المحمودي، الصادر عن عن مؤسسة ثامر العصامي – بغداد، في 2017، تضمن معلومات رصينة ذات أهمية بالغة في رصد مجريات الأحداث التي رافقت ثورة 14 تموز وحجم التآمر عليها.

تضمن الكتاب (13) فصلاً ومقدمة وافية تشير إلى أن تاريخ العراق منذ القدم وإلى الآن يكتب من قبل السلطات الحاكمة، حسب أهوائها في تزييف الحقائق وادعائها لنفسها أو هبتها لآخرين كانوا على هامش الأحداث لتمجيد من لا يستحق المجد. تشخيص دقيق من الباحث لما حصل لثورة 14 تموز 1958 بعد اغتيالها وظهور آخرين بالادعاء بأنهم من الضباط الأحرار والمخططين لها.

غطى الفصل الأول طبيعة الحياة السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية المليئة بالأحداث المريرة التي سبقت مرحلة النظام الملكي، وألحقها بأحداث الحرب العالمية الأولى 1914 بين الحلفاء والمانيا، وإنحياز الدولة العثمانية إلى جانب المانيا.  وأشار إلى أن الحملة البريطانية بقيادة الجنرال “مود”، نجحت بتحويل العراق إلى مستعمرة بريطانية يديرها المندوب السامي. وقد استخدم المواطن العراقي في أعمال السخرة وتم تحويل الاقتصاد الزراعي لخدمة المجهود العسكري البريطاني لتموين قواته المتواجدة في المنطقة.

شكلت بريطانيا حكومة من بقايا ضباط واداريي الدولة العثمانية، من قوميات عدة لا رابطة تربطهم بالعراق سوى المصالح والمناصب. بعدها تأسست المملكة العراقية، وكُتب الدستور برعاية بريطانية، وتأسست المؤسسات العسكرية من جيش وشرطة ومحاكم للنظر في حل النزاعات، وتم الشروع في بناء البنية التحتية من مستشفيات ومراكز صحية ومدارس.

خصص الفصل الثاني لأحداث ثورة 14 تموز ودور قائدها الزعيم عبدالكريم قاسم في التحول النوعي في الحياة الاجتماعية للشعب العراقي وبناء الشخصية العراقية التي كسرت حاجز الخوف والتردد في المطالبة بحقوقها المشروعة والتعبير عنها بوضوح من خلال وسائل الاعلام المتاحة وتنظيمات المجتمع المدني المهنية كالجمعيات الفلاحية ونقابات العمال، المعلمين، المهندسين وذوي المهن الصحية والأطباء والصيادلة وجمعية الحقوقيين، والاقتصاديين ورابطة المرأة واتحاد الطلبة.

واتيحت الفرصة لصدور الصحافة الوطنية المعبرة عن الرأي العام العراقي، واجيز استمرار عمل بعض الصحف التي كانت تصدر في العهد الملكي كصحيفة الاستقلال، البلاد، الزمان، الأخبار، اليقظة، الرأي العام، صوت الأحرار، الحضارة، الحرية، الثورة، اتحاد الشعب، البيان، الأهالي وصوت الطليعة، بالإضافة إلى مجلة 14 تموز والعهد الجديد والدوريات التي كانت تصدرها المؤسسات التابعة للدولة.

وخلال الأشهر الأولى للثورة سنت الحكومة القوانيين والتشريعات التي تصب في خدمة المجتمع، أهمها قانون الاصلاح الزراعي رقم (30) لسنة 1958، الذي حدد الملكية الزراعية للفلاح، علماً بأن القطاع الزراعي في العراق يمثل  (86%) من الأيدي العاملة، مما يعني أن هذا القانون يشكل طفرة نوعية في رفع الحيف عن الأغلبية من سكان العراق. وفي نهاية عام 1961 شرع قانون رقم (80) بعد تعنت شركات النفط الاحتكارية بمفاوضاتها مع العراق، فكان الجواب استرداد الحقوق المشروعة للشعب العراقي.

وضع الباحث الفصل الثالث تحت عنوان: المتآمر عبد السلام عارف الذي تولى إذاعة بيانات الثورة وإعلان الجمهورية. كان أحد المنفذين لخطة الثورة التي وضعها عبد الكريم قاسم. اعطى الباحث وصفاً دقيقاً لشخصية عبد السلام، بأنه سريع الغضب ومتهور إلى حد كبير ويحب أن يحمد بما ليس فيه، وأفكاره مزيج بين القومية العنصرية المتطرفة والاسلامية الطائفية والمذهبية المتعصبة، مستنداً بوصفه على ما ورد في مذكرات عبد اللطيف البغدادي ج2 ص 78. وأكد بأن عبدالسلام، بعد نجاح الثورة، قد استغل منصبه وقام بزيارات متعددة للألوية والقى خطابات غير متزنة وبعيدة عن العقلانية بين الجنود والمواطنين.

وبينما تتوالى منجزات الثورة، كانت التجمعات والتظاهرات التي ينظمها المتآمرون من عملاء المخابرات المصرية من أدعياء القومية العربية والبعثيين ومطالبتهم بانجاز الوحدة مع مصر وسوريا قبل أي هدف من الأهداف الوطنية التي تهم الشعب العراقي.

استعانوا برئيس وزراء العراق في العهد الملكي رشيد عالي الكيلاني في عملية التخطيط والتآمر. كانت تحركاتهم مرصودة من المخابرات العراقية، فتمت احالتهم إلى المحكمة العسكرية التي اصدرت بحقهم أحكاما متباينة منها الاعدام شنقاً حتى الموت بحق الكيلاني، إلا أن الزعيم بعد فترة أصدر عفواً عنه وعن مجموعته.

توسع الباحث كثيراً في الفصول المتبقية بتفاصل أحداث التآمر ضد ثورة 14 تموز وقائدها، منها: مؤامرة حامية الموصل، والمتآمر عبدالوهاب الشواف، وتمرد 8 آذار 1959، ومحاكمة المتآمرين في مؤامرة الموصل. والدور التآمري التخريبي الكبير الذي قام به الرئيس المصري جمال عبدالناصر بتحالفه مع الرجعية ضد العراق، بما فيها المحاولة الفاشلة في اغتيال الزعيم عبد الكريم.

وتطرق الباحث إلى الدور التخريبي للشركات النفطية العاملة في العراق، وخصص الفصل التاسع بعنوان: مطالبة العراق باستعادة الكويت، وتحدث عن التمرد الكردي في شمال العراق، وأحداث مؤامرة شباط 1963، وختم بحثة بالكشف عن طبيعة الصراع والتصفيات التي طالت رموز البعث والتيار القومي، والاشادة بمواقف الزعيم عبدالكريم قاسم الأخلاقية والوطنية المشرفة.  

*************** 

الصفحة الثامنة 

يوم 14 تموز من حركة للجيش إلى إعلان للثورة

د. علي مهدي

تتصاعد الأصوات بين الحين والأخر من قبل أبناء وأحفاد الإقطاعيين وكبار الملاك والتجار، وهي تبغي التقليل من شأن يوم 14 تموز يوم إعلان الثورة وتأسيس الجمهورية وإنهاء الحكم الملكي، هؤلاء الذين أقضٌت مضاجعهم هبة جماهير الشعب الغفيرة فرحا وسعادة عند سماع بيانها الأول، لتناصر الثورة في يومها الأول ولتفشل تحركات فلول عملاء الاستعمار وإذنابه.

إن لكل الدول والشعوب يوما تحتفل به، يمثل انعطافة لتاريخ جديد، بولادة نظام يخلف من ورائه نظاما اكتساه الصدأ، وطبقة اجتماعية وسياسية لم تعد تجاري منطق الحياة والعصر. ان ولادة النظام الجمهوري تعبير عن تناقضات قد اختمر وقت انفجارها، وشرارة حان اندلاع سعيرها، وقد سرت إلى كل إرجاء البلاد. أنها ليست رغبة شخص معين او مجموعة محددة، بل تطلع شعب نحو ذرى الحرية والتقدم إلى إمام وهذا هو مبرر قيامها.

ويدلنا التاريخ انه في العادة لا يكون مسار الدول والشعوب في خط متصاعد على الدوام، فهناك تعرجات وانقباضات وحتى تراجعات بين فترة وأخرى، لكن المحتم أنه لا عودة قهقهرية للوراء، ولنا في تاريخ فرنسا خير الدروس والعبر، فالثورة البرجوازية الفرنسية لسنة 1789 التي اندلعت يوم 14 تموز باقتحام سجن الباستيل والتي قضت على نظام الإقطاع والنبلاء ودشنت عصر سيادة الشعوب وقيام الجمهوريات، صاحبة إعلان الحقوق والمواطنة، عانت من حالات الخسائر والهزائم وبالتالي الإحباط والقنوط، والتي وصلت إلى حد عودة النظام الملكي في سنة 1814 وبقائه حتى ثورة 1848، ومع كل ذلك يحتفل الفرنسيون كل عام و بأجواء مهيبة في يوم 14 تموز الذي اعتبر عيدا وطنيا.

إن الشعوب لا تحاكي ماضيها وأحداثه ووقائعه، بالمآلات التي تنتهي اليها فقط بقدر ما تنظر إلى ارتباطها بتطلعاتها لتجاوزه القيود التي كانت جاثمة على تحررها من كل أشكال الهيمنة والاستبداد، ودخولها لعتبة من المتغيرات التي تضعها في مواءمة مع العصر وقيمه نحو ركاب التطور والتقدم.

وهذا ما كانت عليه ثورة 14 تموز المجيدة، ونحن نستعيد ذكراها الـ 63.

تحتل ثورة الرابع عشر من تموز لسنة 1958 صفحة مضيئة من تاريخ العراق الحديث، وتشكل مكانة بارزة في كفاح شعبنا من اجل الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي.

جاء هذا الحدث الثوري بعد تحرك قطعات من الجيش بقيادة تنظيم الضباط الأحرار وسيطرتها على المواقع المهمة في العاصمة وبمعرفة أحزاب جبهة الاتحاد الوطني، وقد توج هذا التحرك بخروج الجماهير إلى الشوارع فور الإعلان عن نجاحه تعبيراً عن تضامنها وفرحتها بهذا الحدث الذي قل نظيره في العالم من حيث التلازم ما بين الإعلان عن نجاح الجيش في الاستيلاء على المراكز المهمة في البلاد والتفاف الجماهير حوله ليتحول منذ يومه الأول إلى ثورة ظافرة استطاعت إزاحة العهد الملكي ورموزه، وإعلان قيام النظام الجمهوري ليغير بذلك  من المسار السياسي للعراق وعموم المنطقة.

كُتب الكثير من الكتب والرسائل العلمية والبحوث والمقالات حول ثورة الرابع عشر من تموز ومن منطلقات وجوانب متعددة، وقد تزايد عدد الكتابات التي تنتقص من قيمة ثورة 14 تموز بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، واشترك فيها، مع شديد الأسف، قسم ممن كانوا محسوبين عليها، ويعتبرون ما حدث هو مجرد انقلاب عسكري وليس بثورة ويحمّلونها الكثير من مساوئ ما جرى للعراق بعد ذلك، وكان الأجدى أن يبذلوا العناء والتمحيص بالمزيد من الوقائع والمجريات ليجدوا أن بعض القوى السياسية، المدعومة من الدول الإقليمية والدولية، تتحمل المسؤولية الكبيرة، حيث أنها ناصبت الثورة العداء منذ أيامها الأولى وفعلت المستحيل من أجل وأد الثورة وإجهاض مسارها وفي المقدمة منها  حزب البعث والقوى القومية التي قامت بانقلابها المشؤوم في 8 شباط 1963.

 فكل حدث تاريخي في حياة الشعوب تتمخض عنه احتمالات متعددة ولكل واحد منها مبررات للنجاح والفشل، لكن يبقى الحدث يشكل انعطافة نوعية في المجتمع بغض النظر عن المآل التي تمخض عنه.

ماذا يعني كل من الانقلاب والثورة:

من اجل فهم معنى مصطلح الانقلاب العسكري وما يميزه عن الثورة وتوضيح الفرق بينهما ومتى يكون الانقلاب مجرد تبديل في شخوص النظام وكذلك الانقلاب المؤدي الى الثورة، لابد ان نذهب الى بعض القواميس لغرض استجلاء المدلول العلمي لكل منهما، دون الركون الى المواقف العاطفية المسبقة.

فقد عرف قاموس اوكسفورد الموجز لعلم الاجتماع: الانقلاب العسكري بأنه “استيلاء عنيف وفوري على سلطة الدولة بواسطة القوات المسلحة غالبا”، واختصر هذا التعريف الانقلاب بعمليتي استخدام العنف من قبل الجيش، والاستيلاء على سلطة الدولة، دون إي إضافات أخرى. أما الموسوعة البريطانية فقد توسعت في تعريف المصطلح بأنه “الإطاحة الفجائية بحكومة قائمة من جانب فرد أو مجموعة صغيرة، عادة بواسطة عنف محدود وأحيانا بلا عنف على الإطلاق، ويسفر الانقلاب عادة عن استبدال سريع للشخصية الرئيسة الحاكمة بخلاف ما يحدث في الثورة. ولا يؤدي إلى تغييرات في السياسات الاقتصادية والاجتماعية”. وقد جاء التوسع في التعريف من خلال التمييز ما بين الانقلاب والثورة حيث اقتصر الانقلاب على استبدال الشخصية الرئيسة دون طاقم الحكم، اي التركيز على تغيير الشخصية الرئيسة في النظام من دون الطبقة التي يمثلها، وهذا ما تم في الانقلاب الذي قام به الجيش العراقي بقيادة بكر صدقي عام 1936 وكذلك ما قام به الجيش في اليونان عام 1967 وفي تركيا عام 1980، وفي هذه الانقلابات لم يتم اي تغيير في النظام السياسي والاقتصادي ودون اي مساس بالسياسة العامة المعتمدة في الدولة .

إما الثورة فهي منحى أخر غير الانقلاب، فقد عرفتها موسوعة الهلال الاشتراكية بأنها “تؤدي إلى تغيير التكوين الطبقي للمجتمع، وتعديل إشكال الدولة، كما أنها تلغي علاقات الإنتاج القديمة لتحل محلها علاقات جديدة، وتحدث تغييرا في الظروف الاجتماعية، وفي مؤسسات الناس العقائدية، وحياتهم الفكرية”. أي أن الثورة تغير من طبيعة النظام الطبقية وهذا هو المهم، وهو ما قامت به الثورة الفرنسية في 14 تموز 1789 عندما أسقطت الطبقة البرجوازية بالتحالف مع العمال النظام الملكي وجردت طبقة النبلاء والإقطاع من السلطة السياسية، وكذلك عندما قام العمال والفلاحون الروس في 7 تشرين الثاني عام 1917 بالثورة والاستيلاء على السلطة وإسقاط الحكومة البرجوازية.

الثورة في العراق

منذ أول يوم من نجاح الجيش في السيطرة على المواقع المهمة في البلاد تم الإعلان عن قيام النظام الجمهوري وإسقاط النظام الملكي وهي سابقة لم يجرؤ اي تحرك للجيش أن يقوم بها، فقد انتظر تنظيم الضباط الأحرار مفجر ثورة 23 تموز 1952 في مصر حتى 18 تموز 1953 أي ما يقارب السنة ليعلن عن إلغاء النظام الملكي وقيام النظام الجمهوري. أما الإعلان عن قيام الجمهورية في العراق فقد تم في نفس يوم تحرك الجيش، وهذا أحد معالم قيام الثورة.

لقد قامت ثورة 14 تموز بإسقاط الحكم الملكي المدعوم من طبقة الإقطاع والملاكين الكبار وطبقة الكومبرادور، حيث كان 3 في المائة من مجموع مالكي الأراضي الزراعية يملكون ثلثي الأراضي وثمانية من هؤلاء لكل واحد منهم أكثر من مائة ألف دونم، ولهذا أصدرت الثورة قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 الذي استطاع أن يقلص من حيازة الإقطاعيين للأراضي الزراعية ويوزعها على الفلاحين لكي يحد  من القاعدة الاقتصادية لتلك الطبقات وليوسع من القاعدة الاجتماعية للثورة.

إن تنظيم الضباط الأحرار يعبر عن تطلعات الطبقة البرجوازية الوطنية والتي تمثلت من خلال تبنيها القضايا الوطنية قالبة سياسية النظام الملكي الخارجية، رأسا على عقب، وهي التي ربطت العراق بالمشاريع الاستعمارية، اذ تبنت الثورة سياسة عدم الانحياز وألغت كل المعاهدات الاستعمارية التي أخلت بالاستقلال الوطني وسيادته وأخرجت العراق من حلف بغداد وحررت الاقتصاد العراقي وعملته من الكتلة الإسترلينية وحررت 99.5 من الأراضي العراقية من سيطرة الشركات النفطية الاحتكارية بعد إصدار قانون رقم 80 لسنة 1961، وعقدت الاتفاقيات من اجل بناء مؤسسات صناعية وطنية. وأطلقت الثورة، وبالأخص في السنة الأولى، الحريات العامة والسماح لعمل الأحزاب السياسية وتشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات، فهذه المؤسسات ساهمت في جر الآلاف من جماهير الشعب إلى معترك العمل السياسي والمهني المنظم، وأصدرت قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ويعتبر من أفضل القوانين المتحضرة في المنطقة العربية حتى الان من خلال تنظيمه العلاقات العائلية.

وقد وصف التقييم الصادر عن الكونفرنس الثالث للحزب الشيوعي العراقي لسنة 1967  ثورة تموز بالآتي:  ثورة وطنية ديمقراطية من حيث محتواها، السياسي والاجتماعي ومن حيث القوى المشتركة فيها، ولا يمكن فهم أسباب اندلاع ونجاح الثورة بتلك السرعة من دون الحسبان التام للنضالات الشعبية التي سبقتها، فالنضالات الجماهيرية الوطنية والطبقية في المدينة والريف، والوعي الثوري الذي اكتسبته الجماهير عبر عشرات السنين، والعزلة التي كان يعانيها النظام الملكي العميل، كل ذلك يفسر سر تحول الانقلاب العسكري في 14 تموز ( زحف القطعات العسكرية على بعض النقاط الإستراتيجية في بغداد) كرأس رمح، إلى ثورة شعبية حقيقية صنعتها الملايين

وقد أكد ذلك بقوة الباحث الشهير في التاريخ العراقي حنا بطاطو عندما تساءل: “هل ترقى أحداث 14 تموز إلى مستوى الثورة أم أنها مجرد انقلاب؟ ويجيب قائلاَ: والواقع أن إلقاء نظرة سريعة على الآثار اللاحقة ، يكفي لجعلنا نعرف أننا أمام ثورة أصيلة. ولم يكن لظاهرة سياسية سطحية أن تطلق كل تلك المشاعر بهذا العنف... والواقع إن 14 تموز أتى معه بأكثر من مجرد تغير في الحكم. فهو لم يدمر الملَكية أو يضعف كل الموقع الغربي في المشرق العربي بطريقة جذرية فحسب، بل أن مستقبل طبقات بأسرها ومصيرها تأثر بعمق. ولقد دمرت إلى حد كبير السلطة الاجتماعية لأكبر المشايخ ملاكي الأراضي ولكبار ملاكي المدن، وتعزز نوعياً موقع العمال المدينيين والشرائح الوسطى والوسطى الدنيا في المجتمع. وتغير كذلك نمط حياة الفلاحين نتيجة لانتقال الملكية من ناحية ولإلغاء أنظمة النزاعات القبلية وإدخال الريف في صلب القانون الوطني من ناحية أخرى.

من كل ذلك يتضح ان الحدث كان في البدء تحركا للقوات المسلحة بهدف تغيير النظام برمته وليس شخص رئيس الدولة، وهذه الحركة هي امتداد لتاريخ نضالي وعبر محطات متواصلة من الكفاح منذ تشكيل الدولة العراقية، وهذا ما يفسر خروج الآلاف من الجماهير للشوارع مؤيدة لها وما قامت به السلطة الجديدة من إجراءات ومواقف أسبغت عليها صفة الثورة التي احدثت تغييرات في طبيعة الطابع الطبقي للسلطة.

 ****************

تموز أنصفنا.. وشباط ظلمنا

عبد جعفر

كانت منطقة الشاكرية (ضمن مناطق الخضراء حاليا) ملاذا للفلاحين الهاربين من ظلم الاقطاع في العهد الملكي في الجنوب، كما أوجدت (العاصمة والميزرة “المجزرة”) وما سمي خلف السدة ملاذا آخرا لهم.

عانى أبناء الشاكرية من استعلاء أبناء بغداد عليهم وخصوصا من البيوتات الغنية المعروفة، أذ كانوا ينظرون لهم باحتقار واضح، ويطلقونه عليهم كلمة (الشروگـية) وعدوهم مواطنين من الدرجة الثانية، وسخروا من لهجتهم الريفية، رغم أنهم أصبحوا شغيلة في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص بكافة أنواعه.

السلطات الملكية تركتهم ضمن (الغيتو) الذين يعيشون فيه، محرومين من خدمات الماء النقي والكهرباء والمدارس والمستوصفات والشوارع المسفلتة، ومن الطريف أن حدود الشاكرية تنتهي عند حدود الشوارع المبلطة في مركز العاصمة بغداد.

وعندما جاءت ثورة 14 تموز، فأن أول ما فكر به رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم هو أن ينهي حزام البؤس في بغداد، من خلال بناء بيوت ملائمة لهؤلاء الفقراء.

فبدأت مشاريعه في “ألف دار” في تل محمد، ومدينة الشعلة والثورة، والحرية.

 لم يكتمل مشروع مدينة الثورة كما هو مخطط له بعد انقلاب 8 شباط 1963 الأسود، أذ صب الانقلابيون الفاشيون جام غضبهم على أبناء هذه المناطق التي قاومتهم.

وقد خطب رئيس الوزراء آنذاك أحمد حسن البكر في تموز 1963، بأن الحكومة ستهدم الشاكرية وأن حكومته ومن باب كرمها ستتبرع لكل عائلة بدينار وحمولة لوري من التراب لبناء بيوت طينية هناك.

وهدمت البلدوزرات بيوت الشاكرية الطينية الآيلة للسقوط أصلا، وكنست صرائفها، ونشرت الخراب ليس في الشاكرية فقط بل في عموم العراق.

 ونزحت العوائل أطفالا ونساءً وما تبقى من رجالها الذين لم يعتقلوا أو يقتلوا إلى أرض جرداء، حسب القطع الموزعة عليهم (التي كانت مشروع دور جاهزة للمواطنين حسب خطة قاسم).

 والطريف أن عوائل الشاكرية لم تحصل على هذا (الكرم) الضئيل من الحكومة، ربما أن البكر غضب من ضحك البعض من تصريحه، وقد سخر أحدهم منه علنا، فأمر الحرس القومي باعتقاله، وقد حكم عليه بالإعدام ولكن لم ينفذ، واستبدل إلى المؤبد لاحقا.

 وجد الشاكريون أنفسهم بلا سقف ينامون تحته، تشاطرهم الأرض الحشرات والافاعي والسحالي، وكان الحر شديدا في قيظ الصيف اللاهب، وهاجمهم البرد بقسوته في الشتاء أذ وصلت حرارته إلى درجة الانجماد عام 1964، البعض بادر لبناء صريفة والآخر بيت طيني ومن لديه بعض الماء بنى غرفة من الطابوق تؤويه، أو البعض الآخر من لديه المال هرب إلى مناطق أخرى كمستأجر فيها. والجدير بالذكر أن برميل الماء كان يباع عبر سيارات التانكر بدينار وهو مبلغ باهظ جدا آنذاك، على العوائل الفقيرة التي تستخدم الماء من أجل الشرب والغسل أو البناء.

 ذهبت أحلام الفقراء أدراج الرياح بعد اغتيال ثورة تموز، ولم تنصفهم الحكومات المتعاقبة إلى اليوم.

وظلت هذه الثورة عنوانا للأمل، وعنوانا للإنصاف الذي لم يتحقق بعد. فهل تأتي ثورة مثلها وتزيل تراكم الفاشية القديمة والجديدة، وتعلو كرامة الانسان العراقي؟ هذا ما نتمناه، والأيام حبلى بالمتغيرات، ولابد أن يزاح الطغاة.  

وكما قال الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو (مهما اشتدت ثورة البراكين تبقى أضعف من ثورة النفوس)..

********************

 الصفحة التاسعة

من ذكريات مناضل

ملاذ الخطيب

تزخر ذاكرة مناضلي الحزب الشيوعي العراقي على مدار تأريخه الطويل بذكريات نضالهم المجيد في مواجهة أنظمة الحكم المستبدة والدكتاتورية، من أجل الدفاع عن مصالح الشعب العراقي وتنفيذ سياسة الحزب عبر سنوات العمل السري والعلني، وفي غياهب السجون المنتشرة في أنحاء العراق، وفي النضالات الجماهيرية اليومية المتواصلة باستمرار.

في زيارة ودية للتهنئة بذكرى ثورة 14 تموز، التقت طريق الشعب الرفيق الملازم أول أحمد صبحي الخطيب (أبو ملاذ) في منزله في مدينة النجف، وهو من ضباط الجيش العراقي في فترة النظام الجمهوري الأول بعد ثورة 14 تموز 1958، وتعرض للإعتقال بعد انقلاب 8 شباط 1963 وحوكمَ وتنقّل في الأشهر الأولى من الإنقلاب بين عدد من السجون وأهمها (سجن رقم واحد) في معسكر الرشيد، وكان من ضمن المناضلين المرسلين إلى سجن نقرة السلمان في قطار الموت في 4 تموز 1963، واستذكرَ لنا مشكوراً بعضاً مما مرَ به.

عن البدايات وثورة تموز:

وُلدتُ وترعرت في مدينة البصرة في عائلة تمتلك الحس الوطني تجاه قضايا الشعب والوطن وقريبة من الأفكار الشيوعية ومساندة لنشاط الحزب أيام الملكية، وبعد الثانوية التحقت في الكلية العسكرية في بغداد، وكنتُ برتبة ملازم عند اندلاع ثورة 14 تموز المجيدة، وحينها كانت لدي 8 أشهر لإكمال دورة خاصة في الهندسة العسكرية.

شكلت تلك الثورة انعطافة تاريخية كبيرة نظراً للدعم الجماهيري الواسع الذي حصلت عليه منذ يومها الأول، واتسع هذا الدعم لاحقاً.

انتميت للحزب الشيوعي العراقي عن طريق الصديق علي العگيلي الذي فاتحني بالموضوع اثناء زيارته وشقيقه الصديق أيضاً قاسم العگيلي، وكلاهما ضابطان من نفس دورتي في الكلية العسكرية، مشيراً لمعلوماته أني من عائلة شيوعية ( شقيقي الأكبر المحامي أكرم الخطيب كان منتمياً للحزب الشيوعي قبلي، وانتمى شقيقي الأصغر محمد الخطيب بعدي، وكانت شقيقتي لمعان عضوا في الحزب أيضاً، وشقيقتاي مليحة وفاطمة كانتا من المشاركات النشيطات في النشاطات الجماهيرية في البصرة، وشقيقنا الأكبر عبد الأمير كان عضوا في الحزب الوطني الديمقراطي). انتميتُ للحزب ولاحقاً أصبح مسؤولنا الحزبي المحامي الفقيد عبد الرزاق الصافي وكانت اجتماعاتنا خارج المعسكر وأثناء تجوالنا في المدينة، ولاحقاً في الحلة وكان يحضر للمعسكر ويجتمع معنا في غرفتي، وبعدها نُقلت إلى الديوانية وكان يزورني هناك أيضاً ونلتقي في النادي العسكري. اتذكر أنه في إحدى المرات كنا مجتمعين أنا والفقيد الصافي وصديق ضابط من نفس معسكر الحلة ودخل علينا آمر الكتيبة وشاهدنا، وكانت فضيحة وخطأ أن نعقد اجتماعنا في المعسكر. هكذا كانت البداية واستمر تواصل عملي الحزبي.

عن عبد الكريم قاسم:

بعد أسبوع من انتصار الثورة كان لدينا معتقلون من اللواء الأول يطلق عليهم جماعة المسيب، قيل عنهم انهم مناوئون للثورة، وتم توقيف رئيس أركان الجيش القديم، جيش الملكية، واسمه محمد رفيق عارف ورتبته فريق أول ركن وهو من الشخصيات المعروفة وذات التأثير الكبير، كان الوقت عصرا حين حدثت ضجة في المعسكر، استفسرتُ وقيل حينها ان عبد الكريم قاسم وصل، تصورت انه سيأتي بكوكبة كبيرة، خاصة ان الثورة عمرها اسبوع، دخلت الساحة التي أمامنا سيارة جيب عسكرية صغيرة مكشوفة، وفيها قاسم الجنابي وهو المرافق وكان برتبة رئيس أول (رائد) وكان يجلس بجانب الزعيم، وفي الأمام يجلس عريف، ذو بشرة سوداء ويمسك رشاشا صغيرا من نوع استرلنك الانكليزي. نزل عبد الكريم قاسم، وقدمت نفسي له بعد تحيته بالاسم ومهمتي كضابط خفر. من عادته التحدث بسرعة وسألني: عارف عارف وين عارف؟؟ أجبت في هذه الغرفة، رد عليّ افتح افتح افتح، وفتحت له باب الغرفة. عارف من الشخصيات القوية المهابة، ولكن عند دخول عبد الكريم قاسم بدا خائفاً جداً، ويرتجف وتراجع إلى الحائط، وبدأ بالصياح والقول “سيدي والله لم أفعل شيئاً” وكررها عدة مرات، وقال عبد الكريم قاسم “عارف عارف عارف، هل رأيت؟ هذه نتيجتكم، خنتوا الشعب، ولكن الشعب سيحاسبكم بالقانون وكرر بالقانون”. غادر الغرفة وطلب غلق الباب، وغادر المكان. كان هذا لقائي الأول مع عبد الكريم قاسم.

عن انقلاب شباط:

في نهايةعام 1961، بدأ عبد الكريم قاسم يغير سياسته، قرَبَ البعثيين والقوميين إلى جانبه وصاروا هم باتجاهه وبدأوا يحرضون ضد الشيوعيين، وثارت ثائرته ضد الشيوعيين وبدأ يحاسبهم ويؤذيهم ويحاول التنكيل بهم، ومن ضمن الأشياء التي كانت تحدث مثلاً، أنا ضابط هندسة تم نقلي إلى المستشفى العسكري في الديوانية بقصد تجميدي، بقيت هناك 3 أشهر وعدت بعدها إلى مكاني السابق. كنا نشعر ان هناك تحركات تنم عن توجهات لحركة انقلابية، وبدأ الرفاق الضباط يشتكون إلى الرفيق سلام عادل، وجرى تنبيه عبد الكريم قاسم أن هؤلاء البعثيين والقوميين يتحركون ويريدون ان يقوموا بحركة ويشاركهم في هذا التحرك شيوخ الإقطاع، وحتى المرجعية كانت تشارك ضد الشيوعيين، ولكن لم يحدث شيئ إزاءهم سوى انه في شهر كانون الثاني 1963 تمت إحالة بعض الضباط من البعثيين والقوميين إلى التقاعد. وهنا بدأنا بتحرك آخر لإبلاغ رأينا، لأن الإحالة على التقاعد لا تفيد إذا لم يتم القبض عليهم وتوقيفهم، فسيتمكنون من ارتداء ملابسهم العسكرية ويدخلون إلى معسكراتهم، ويقومون بالمهمة التي يريدونها، ولم تتم الاستجابة، وبالفعل حدث انقلاب شباط عام 1963، وحدث تماماً ما توقعناه، ان نفس الضباط الذين تمت إحالتهم على التقاعد ارتدوا ملابسهم ودخلوا إلى معسكر الحلة ونفذوا خططهم.

في اليوم التالي 9 شباط كنت حينها في المعسكر وطلبوا حضوري إلى الآمرية، وعند وصولي قال لي أحد القادة ملازم اول احمد لدينا شغل معك وطلب مني ان اسلمه مسدسي واعطيته له، وبعدها اجلسوني في سيارة وارسلوني إلى معسكر الوشاش في بغداد، متنزه الزوراء حاليا، التقيت ضابطا برتبة ملازم وانا برتبة ملازم أول وواجهني لماذا أرتدي البيرية على الجهة اليسرى وهل انا شيوعي؟ أجبته وما شأنك انت؟ ونادى على الرائد عبد الغني الراوي وهو من البعثيين الكبار، وأشرف مع عبد السلام عارف لاحقاً على تحريك قطار الموت، سأل الملازم اين أرسل هذا إلى سجن رقم واحد أو إلى دار الإذاعة؟ وتبين لاحقاً ان الارسال إلى الإذاعة يعني الإعدام، والسجن رقم واحد يعني التوقيف، وارسلوني إلى سجن رقم واحد العسكري، وهناك  بدأ التعذيب والضرب على الوجه وعلى الآذان ولازلت لدي صعوبة في السماع في الأذن اليسرى،  وكانوا وباستمرار ينادون على أحد الأسماء وبعد قليل نسمع اطلاقات نارية من رشاشات أو بنادق ولن يعود الينا الشخص الذي أخذوه منا فقد كانوا يعدمونه مباشرة، بقينا على هذا الحال في سجن رقم واحد بعدها نقلونا إلى سجن بعقوبة وهناك قضيت شهر واحدا ثم اعادوني إلى سجن رقم واحد، بعدها نقلنا إلى الحلة لمدة شهر ونصف في منطقة تسمى المحجر، وبعد ذلك اعادونا مرة اخرى إلى سجن رقم واحد في معسكر الرشيد.

خلال تلك الفترة تمت محاكمتي في بغداد وحضرها احمد ابو الجبن وقدم شهادته، وقال انه تم سجنه وتعذيبه وسحله بالسيارات قبل الإنقلاب، ورد عليه القاضي “بس بس أحمد بعد ما أتحمل ما تقوله، تدخلت للقاضي وقلت له سيدي، هذا صار له ساعة يتحدث وانا لاعلاقة لي به وماهو ذنبي؟ هل تحدثت معه أو عذبته أو عملت شيئ معه؟ سأله القاضي ماذا فعل معك؟ أجاب لم يعمل معي أي شيئ، قلت للقاضي اذن ما ذنبي؟ هنا صرخ القاضي مطلقاً حكمه عليّ “أطلع كلب ابن الكلب خمس سنين سجن”.

عن قطار الموت:

كان من ضمن خطة حركة حسن سريع في تموز 1963، أن يتم الحضور إلى معسكر الرشيد وإطلاق سراح الضباط المعتقلين، وكما هو معروف لم تنجح الحركة وتم اعدام حسن سريع صاحب البطولة النادرة وله الرحمة. في اليوم التالي انهضونا باكراً وطلبوا ارتداء الملابس وحمل حاجياتنا وكان هناك ممر طويل في سجن رقم واحد، وأوقفونا ضباطا وسياسيين على طول الممر الطويل وقسمونا إلى مجاميع بعدد 6 لكل مجموعة، ثم أجلسونا في الممر وبدأوا ينزعون عنا رتبنا العسكرية بشكل عنيف، ونقلونا بشاحنات إلى محطة قطار جنوب بغداد، وهي محطة القطارات المتجهة للبصرة ولم نعرف وجهتنا، وشاهدنا عبد السلام عارف وعبد الغني الراوي. نادى عبد السلام على الراوي وطلب منه أخذ جماعة الدبابات من معسكرابو غريب وهم بحدود 30 معتقلا، وهم كانوا يشرفون على عبد السلام عارف عندما كان معتقلاً لديهم في وقت سابق، وطلب اعدامهم في معسكر الرمي القريب، رد الراوي انه لايقوم باعدام جماعة ابو غريب فقط، أما ان يعدم جماعة القطار جميعهم او لايعدم احداً، فتركوا أمر الإعدام، ووضعونا في قطار الموت وهو عبارة عن حاويات حديدية لنقل الأحمال، كان ذلك في اليوم التالي لحركة حسن سريع في 3 تموز 1963، كنا مستغربين انه حتى الحيوانات والأثاث توضع في قاطرات وحاويات مفتوحة أما اغلاق الأبواب فهذا يعني انهم لايتعاملون معنا كبشر، وقسمونا بعدد كل 30 سجينا في حاوية، واعطونا صفيحة فيها ماء وطاسة وصفيحة اخرى مفتوحة وفارغة أتضح انها للتبول واغلقوا الأبواب وراءنا، لم نكن نتوقع ذلك وهذا الوضع لا تتحمله حتى الحيوانات، سار بنا القطار وكان الجو صباحاً بارد، وصار الجو حارا عند وصولنا إلى الحلة، وعند الديوانية كانت درجات الحرارة لا تطاق وحديد القطار كان حارا جداً.

عن نقرة السلمان:

وبعد وصولنا بواسطة قطار الموت تعرفتُ بعد فترة على قيادة المنظمة الحزبية في سجن نقرة السلمان الذين أغلبهم من البصرة مثلاً عبد الوهاب طاهر، سامي أحمد العباس، سامي احمد البدر الذي كان من معارفي وأصدقائي في المحلة في البصرة وعباس المظفر. بعد استقراري تم اختياري لأكون واحداً من ثلاثة مسؤولين عن مخزن الخبز وتوزيعه، كنا نقوم باستلام الخبز وعَدِهِ وتوزيعه على قاعات السجن، واستقرينا نحن الثلاثة أنا وضابط آخر وعبد القادر العيداني، وانضم الينا لاحقاً رفيقان آخران، والمخزن صغير بقياس 3×3 متر، وفيه “طبگة” من الخشب وفيها فتحة ومنها ينزل درج غير ثابت ، ينزل ويصعد إلى الأعلى، وهذه “الغرفة الفوقانية” تستخدم ما يشبه المركز لتنصت الأخبار، ويعمل رفاق لجنة الأخبار على جهازي راديو ترانسستر وجهازي تسجيل (ابو الشريط) يعمل ببطارية أيضا، فتتم متابعة اغلب الإذاعات العالمية وكانوا ينصتون إلى إذاعة الحزب، صوت الشعب العراقي التي كانت تبث من براغ، ويتم تفريغ الأشرطة على الورق لاحقاً، وكان المسؤول عن ذلك سامي أحمد البدر وآخرين، وكنا نحن الثلاثة نعرفهم ولا أحد عدانا. الجميع يعلم ان هذه الغرفة خاصة لحفظ الخبز، ولكنها في الطبگة العليا لهذا الغرض.

في صباح كل يوم وعندما تقوم الشرطة بتعداد السجناء في قاعات السجن ويخرجون، نبقى جميعاً لمدة بين ربع ونصف ساعة جالسين على أفرشتنا، ننتظر قراءة نشرة الأخبار العامة، العالمية أو أخبار بغداد أو اخبار قيادة الحزب في الخارج، كل ما يجري في العراق، يكتبونه وينقلوه ونحن نستمع لهم.

بعد 1968:

بعد اتمام محكوميتي بدأت حياة جديدة لي، وكانت لديّ طفلتي الأولى ملاذ وهي بعمر 5 سنوات، حيث وُلدت وأنا في أشهري الأولى في السجن، ولم يكن متاحاً لي العودة إلى مهنتي السابقة ضابطاً في الجيش، وبمساعدة من شقيقي عبد الأمير، تم تعيني من قبل مدير معامل بيبسي كولا في العراق الصديق فارق النقيب،  بوظيفة مدير مخازن في الكوت، وكان يعلم بأني ضابط وسجين سابق، وبعد ستة اشهر انتقلت إلى الموصل، وبعد سنة وأكثر في نهاية 1969 انتقلت إلى الديوانية، مديراً للمخازن الخاصة بشركة بيبسي كولا، و كنت استأجرت بيتاً بجانب المخزن، وفي عصر أحد الأيام طُرق باب البيت، وكان هناك شاب سألني عن اسمي واني كنت ضابطاً وسجينا سابقا، وأبلغني أني مطلوب للحضور في اليوم التالي أمام الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع، وذهب.

مرت تلك الليلة وانا غير مستقر، في صباح اليوم التالي سافرت إلى بغداد، ودخلت إلى مبنى الاستخبارات العسكرية في بهو كبير، وعند الجلوس انتبهت انني لست الوحيد هنا، كان هناك ضباط كثر من صنوف مختلفة، الطيران، الدبابات، الهندسة والمشاة مجموعنا 40 ضابطا، وفي فترة الانتظار، اطمأئيت قليلاً عندما شاهدت الآخرين معي في نفس القاعة.

وبعد فترة من الإنتظار دخل علينا شخص يرتدي بدلة سوداء، وشكله أخضر اصفر ينقط سُماً، قيل ان هذا صدام حسين، مسؤول التنظيم العسكري لحزب البعث في الجيش العراقي، ومعه مرافقه ، جلس وقال: انا جئت للدردشة معكم، انتم ابناء عمومتنا، نحن صنعنا ثورة والآن في البداية نُعيد اخوتنا واقربائنا إلى الجيش، وانتم لن نعيدكم للجيش لأننا نخاف منكم، ولكننا سنعيدكم بوظائف مدنية، قدموا طلباتكم ومن الغد انتم معينون بوظائف مدنية، ولكني احذركم ان احدا منكم “يلعب بذيله”، والجيش ليس بعيدا عنكم وننتظر ان تساهموا معنا بالعمل في الوزارة والجيش بعد ان نطمئن لكم.

الطيار بهزاد خليل نوري قال له: استاذ انتم لاتستطيعون الإستغناء عنا بأي سياسة من السياسات، انتم لديكم نيّة لتحرير فلسطين، وفلسطين لن يستطيع أحد تحريرها اذا لم نكن نحن معكم، ضعوا هذا في ذهنكم.

كرر صدام مرة اخرى علينا “ديروا بالكم أحد يلعب بذيله”، واضاف: أنتم قادمون من المحافظات وعاطلين عن العمل، قسم من خارج السليمانية، قسم من الموصل، من الديوانية، من البصرة، ونحن نعلم أن اكثركم عاطل لا يملك عملاً. نادى على المرافق الذي سلمه مظروف، وقام هو برمي المظروف بطريقته الخاصة وقال: هذه كمية من النقود تستفادون منها وتتصرفون بها، وانتم تتقاسمونها.

صديقنا الطيار بهزاد خليل نوري وكأنه يعلم ماذا يوجد في المظروف قال: استاذ نحن نتشكر منك على هذا الشيئ، ورغم حاجتنا المادية ولكننا نرفض هذا المبلغ ونقدمه هدية إلى، وهنا رد صدام بصوت عالي وسريع “منو؟”، وهو يمتعض عندما يقاطعه أحد أو لا يقبل بما يقوله هو، وسأل من هو هذا الذي أحوج منكم لهذا المبلغ؟ أجابه بهزاد اننا نقدمها هدية إلى التنظيمات الفلسطينية الفدائية. هنا ضحك صدام بتكبر وقال “عافرم عافرم بارك الله فيكم”. وتركنا وودعنا بالقول “اعتبروا انفسكم مُعينين بوظائف مدنية” وذهبَ.

بعد ذلك تم تعيين جميع الضباط الذين قدموا طلبات للعمل المدني في الإصلاح الزراعي، وأطلق سراح جميع السجناء السياسيين، وكانت تلك خطوات للتهيئة لإقامة جبهة مع الحزب، تبعتها خطوات اخرى مثل قانون العمل رقم 50 وبيان 11 آذار وتأمميم النفط، مما أدى إلى إعلان الجبهة عام 1973.

الآن، وانا في خريف العمر، يحق لي أن أفخر بتاريخ الحزب الشيوعي العراقي الطويل والفعّال، وحضوره العلني بين جماهير الشعب، وأفرح كثيرا عندما كنت أزور مع الفقيدة أم ملاذ ولاحقاً مع بناتي، مقر الحزب في النجف في المناسبات الوطنية والحزبية، وألتقي مع رفيقات ورفاق بمختلف الأعمار، وانا فخور جدا بإنطلاقة إنتفاضة تشرين على أيدي شابات وشباب العراق الأبطال، رغم الضحايا الكثيرة من الشهداء والجرحى، ولكن هذا هو طريق النضال، صعب وشاق، ولكنه سيؤدي للنصر حتماً.

*******************

الصفحة العاشرة

على أبواب مؤتمره الحادي عشر

مقترحات وملاحظات للنظام الداخلي لحزبنا الشيوعي العراقي

جاسم علي هداد

منظمات الحزب في داخل الوطن وخارجه، منغمرة في التحضير والتهيأة للمؤتمر الحادي عشر لحزبنا الشيوعي العراقي، رغم الظروف السياسية والأمنية والصحية المعقدة، لكنها لم تزد الشيوعيين ألا اصرارا على انجاز مهمتهم، وبعد نشر مسودة النظام الداخلي، نشطت المنظمات الحزبية كخلايا النحل في دراسة هذه الوثيقة المهمة، واغنائها بالملاحظات والمقترحات، ولم يقتصر الأمر على الشيوعيين المنتظمين في تنظيمات الحزب، بل تم نشر هذه الوثيقة في صحافة الحزب وموقعه الألكتروني، وجعلها متيسرة لأصدقاء الحزب ومناصريه وجماهيره.

ولا نبالغ القول إذا قلنا ان الحزب الشيوعي العراقي، هو الحزب الوحيد من الأحزاب العراقية، الذي ينشر وثائقه للعلن، مواصلا هذا التقليد النضالي في اشراك اصدقاء الحزب ومناصريه وجماهيره في مناقشة هذه الوثائق، والمساهمة بتطويرها واغنائها من خلال الملاحظات عليها والمقترحات المفيدة لها.

ومساهمة في هذه الجهد، ندرج ادناه اهم المقترحات والملاحظات التي نراها مفيدة لتطوير النظام الداخلي للحزب:

أولا: المادة (1) المبادئ التنظيمية للحزب ونشاطه:

الفقرة: 3 أ: النص: قرارات مؤتمرات الحزب الوطنية وقيادته ملزمة لجميع أعضائه وهيئاته ومنظماته.

المقترح:

حذف “ وقيادته”، ويكون النص: قرارات مؤتمرات الحزب الوطنية ملزمة لجميع أعضائه وهيئاته ومنظماته.

الفقرة 3 ج: النص: حق الأقلية في مناقشة ............ والتعبير عن رأيها في منابر الحزب الإعلامية ، على أن لا يعيق ذلك التزامها تنفيذ قرارات الهيئات القيادية.

المقترح:

توضيح وتفعيل (والتعبير عن رأيها في منابر الحزب الإعلامية)، ويضاف لها: (وتخصيص صفحة خاصة لهذه الآراء في منابر الحزب الأعلامية).

الأسباب الموجبة:

لم يتم التعبير عن رأي الأقلية في منابر الحزب الأعلامية، مما يضطر اصحاب هذه الآراء النشر في مواقع التواصل الأجتماعي..

الفقرة 3 د: ........... والهيئة القيادية ملزمة بالنظر فيه خلال شهر واحد من تأريخ استلامه من قبل الهيئة التي تصادق على القرار.

المقترح:

يضاف النص التالي: وفي حال اخفاق الهيئة القيادية بالتزامها، يحق للمنظمات الحزبية وأعضاء الحزب أن يكونوا في حل من تنفيذ القرار محل الأعتراض.

الأسباب الموجبة:

اشاعة الديمقراطية في العمل الحزبي، وإلزام الهيئات القيادية في تنفيذ واجباتها الحزبية، والحد من تغولها على المنظمات الحزبية وأعضاء الحزب.

ثانيا: المادة (3) حقوق عضو الحزب:

الفقرة 3: نشر وجهات نظره في القضايا الفكرية والسياسية في المنابر الأعلامية للحزب.

المقترح:

نشر وجهات نظره في القضايا الفكرية والسياسية في صفحة آراء حرة في المنابر الأعلامية للحزب.

الأسباب الموجبة:

تمكين أعضاء الحزب من التعبير عن وجهات نظرهم فعلا وليس قولا.

الفقرة 7: حضور أية مساءلة حزبية شخصيا، الا إذا تعذر عليه ذلك، وله أن يعترض على أي اجراء يتخذ بحقه لدى الهيئات الحزبية القيادية.

المقترح:

يضاف إلى النص: وفي حال رفض العضو الحزبي حضور المساءلة الحزبية بدون أي مبرر، يحق لهيئته أو الهيئة القيادية إتمام المساءلة بدون حضوره.

الأسباب الموجبة:

من خلال التجارب، يحدث ان يرفض العضو الحزبي حضور المساءلة الحزبية. 

ثالثا: المادة (4): واجبات عضو الحزب:

الفقرة 7: أن يخبر مرجعه الحزبي عند ترك محل اقامته.

المقترح:

يضاف لها: أن يخبر مرجعه الحزبي عند ترك محل اقامته أو سفره

الأسباب الموجبة:

للوضوح حيث أن البعض لا يبلغ المرجع الحزبي عند السفر، بحجة انه لم ينتقل من محل سكنه.

رابعا: المادة (5): الترشيح لعضوية الحزب:

الفقرة 1: على من يرغب .......... ومن التزكية الشخصية والسياسية عنه من قبل الخلية الحزبية المعنية، وموافقتها واقرار الهيئة الحزبية المسؤولة عنها.

المقترح:

على من يرغب .......... من التزكية الشخصية والسياسية والأجتماعية عنه من قبل رفيقين وموافقة الخلية الحزبية المعنية ومصادقة الهيئة الحزبية المسؤولة عنها.

الأسباب الموجبة:

لأزالة الأبهام وعدم الوضوح في النص السابق.

خامسا: المادة (7): إجراءات الانضباط الحزبي:

الفقرة 1: كل عضو حزبي معرض للمساءلة الحزبية في هيئته عند خرقه النظام الداخلي، وتتخذ منظمته الحزبية الأجراءات الأنضباطية الضرورية في هذا الشأن.

المقترح:

كل عضو حزبي معرض للمساءلة الحزبية في هيئته عند خرقه النظام الداخلي، وتقترح هيئته الحزبية الأجراء الأنضباطي الضروري في هذا الشأن، وفي حال عجز الهيئة عن القيام بذلك، لأي سبب كان، يحق للهيئة الأعلى اقتراح الأجراء الأنضباطي الضروري، على أن تتم المصادقة عليه من قبل الهيئة الحزبية الأعلى.

الأسباب الموجبة:

في كثير من الأحيان يتغلب الخجل البرجوازي على الأصول المبدأية، فيحجم الرفاق في الهيئة، عن اقتراح الأجراء الأنضباطي الضروري، ولنا في ذلك تجارب وأمثلة.

سادسا: المادة (13): منظمات الحزب في الخارج

الفقرة 2: تقرر اللجنة المركزية شكل قيادة منظمات الحزب في الخارج وطريقة ارتباطها بعد التشاور معها.

المقترح:

تقرر اللجنة المركزية شكل قيادة منظمات الحزب في الخارج وطريقة ارتباطها بعد التشاور معها. مع مراعاة المنظمات الحزبية الكبيرة واعتبارها منظمات محلية.

الأسباب الموجبة:

هذه المنظمات الكبيرة، السويد مثلا، تضم كوادر حزبية، وفي كل مؤتمر وطني ترفد قيادة الحزب بكوادر منها، ومن اجل اعطائها ما تستحقه من دور حزبي.

سابعا: المادة (16) المؤتمر الوطني للحزب

الفقرة 2 ج: المختصين والشخصيات الحزبية ممن تسميهم اللجنة المركزية أعضاء في المؤتمر، على ان تحظى هذه التسمية بمصادقة المؤتمر، وان لا تتجاوز نسبتهم 10% من المندوبين المنتخبين. ويعتبر مراقبا كل من لا تجري مصادقة المؤتمر عليه.

المقترح:

المختصين والشخصيات الحزبية ممن تسميهم اللجنة المركزية أعضاء في المؤتمر، على ان تحظى هذه التسمية بمصادقة المؤتمر، وان لا تتجاوز نسبتهم 5% من المندوبين المنتخبين. ويعتبر مراقبا كل من لا تجري مصادقة المؤتمر عليه.

الأسباب الموجبة:

ان نسبة 10% عالية، لحضور رفاق غير منتخبين، ثم يصبحون أعضاء في المؤتمر في حال المصادقة عليهم، وهذا يحصل في الغالب، وسيكونون كتلة انتخابية لها تأثير على قوى التصويت.

الفقرة 2 د: يحق للجنة المركزية دعوة مراقبين إلى المؤتمر

المقترح:

يحق للجنة المركزية دعوة مراقبين إلى المؤتمر، على ان لا تتجاوز نسبتهم 5% من المندوبين المنتخبين.

الأسباب الموجبة:

تحديد نسبة معينة للحد من التصرف بدون حدود.

الفقرة 3: قواعد الأنتخاب ونسب التمثيل تحددها اللجنة المركزية، مع الأخذ بنظر الأعتبار ضرورة تناسب التمثيل في المؤتمر مع مجموع أعضاء الحزب في كل منظمة، ويشترط ان لا يقل العمر الحزبي للمندوب إلى المؤتمر عن ثلاث سنوات.

المقترح:

قواعد الأنتخاب ونسب التمثيل تحددها اللجنة المركزية، مع الأخذ بنظر الاعتبار ضرورة تناسب التمثيل في المؤتمر مع مجموع أعضاء الحزب في كل منظمة، مع مراعاة منظمات الحزب في الخارج، ويشترط ان لا يقل العمر الحزبي للمندوب إلى المؤتمر عن ثلاث سنوات.

الأسباب الموجبة:

نظرا لأهمية الأستفادة من الخبرات المتراكمة لدى منظمات الخارج، يتطلب مراعاة نسبة تمثيلها في المؤتمر.

ثامنا: المادة 18: اللجنة المركزية ــ مهماتها وصلاحياتها

الفقرة 2: تحدد سياسة الحزب ومواقفه، في إطار برنامج الحزب وخطه السياسي العام المعتمد، وتعمل على تعبئة وتنظيم القوى الحزبية والجماهيرية، واقامة التحالفات السياسية الضرورية لتحقيق الأهداف والمهمات الوطنية والديمقراطية والأجتماعية.

المقترح:

تحدد سياسة الحزب ومواقفه، في إطار برنامج الحزب وخطه السياسي العام المعتمد، وتعمل على تعبئة وتنظيم القوى الحزبية والجماهيرية، واقامة التحالفات السياسية الضرورية، بما لا يخالف الخط السياسي العام للحزب، لتحقيق الأهداف والمهمات الوطنية والديمقراطية والأجتماعية.

تاسعا: المادة (21) احكام ختامية

الفقرة 1: للجنة المركزية للحزب صلاحية اتخاذ قرار الدخول في تحالفات مع احزاب وكتل سياسية اخرى.

المقترح:

تحذف هذه الفقرة: ويكون النص: صلاحية اتخاذ قرار الدخول في تحالفات مع احزاب وكتل سياسية اخرى، للرأي العام الحزبي، من خلال اجراء استفتاء داخلي لجميع المنظمات الحزبية دون استثناء.

****************

ملاحظات توضيحية

إذ تتواصل الحوارات والنقاشات بشأن النظام الداخلي للحزب، وسيشمل ذلك أيضا الوثائق الأخرى، والتي لا تخص أعضاء الحزب فقط، بل أصدقاء وجماهير الحزب والمواطنين عامة، نشير هنا الى عدد من الملاحظات التوضيحية.

ان عرض وثائق الحزب للنقاش العام ظاهرة يمكن القول انها فريدة في الحياة السياسية في بلادنا، ولذا نريد لها ان تتعزز بالمزيد من التفاعل والحوار المستند الى وقائع وحقائق موضوعية ملموسة:

  1. انها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها الحزب وثائق حزبية أقرت في مؤتمر وطني سابق واعتبارها مسودات في سياق التحضير للمؤتمر الوطني القادم، فقد حصل هذا مرات عدة.
  2. ان الوثيقة المطروحة الان للنقاش العام سبق، وخلال أشهر، ان ناقشها أعضاء الحزب في هيئاتهم وقدموا بشأنها ملاحظات وتعديلات عديدة، قامت اللجنة المكلفة بشان النظام الداخلي باعدادها وتبويبها، وستكون موضع دراسة في اجتماع للجنة المركزية للحزب حيث ستقر فيه مسودة النظام الداخلي المقدمة الى المؤتمر الوطني الحادي عشر، أخذا بالاعتبار حصيلة المناقشات الداخلية للهيئات والرفاق، وكذلك ما يقدم في النقاش العام .
  3. ان هذه الوثيقة هي ذاتها التي اقرها المؤتمر الوطني العاشر وستخضع للتدقيق والتعديل وفقا للنقاشات الجارية.
  4. الحزب، ومنذ المؤتمر الوطني الخامس، مؤتمر الديمقراطية والتجديد، حرص على تجديد وثائقه، بما في ذلك النظام الداخلي، حتى لا تكون بعيدة عن حركة الواقع الموضوعي وعمل الحزب ومهماته، وهذا ما سيحصل أيضا في المؤتمر ١١ للحزب. ومن يراجع بدقة وعناية النظام الداخلي سيجد المتغيرات العديدة التي أدخلت عليه في مؤتمرات الحزب، سواء في المؤتمر الخامس او تلك التي جاءت بعده.

والهدف كان وما يزال تعزيز الديمقراطية الداخلية والقيادة الجماعية، ووحدة الإرادة والعمل الطوعية، وتحقيق التفاعل بين مختلف الهيئات الحزبية وتقريبها من الهيئة القيادية، وسلاسة أداء المهام الحزبية ونهوض الحزب بدوره.

  1. جرت الإشارة الى الأوضاع السياسية التي يعمل فيها الحزب في عدد من المساهمات، ولا نريد الدخول في تفاصيلها الان حيث ستنشر اللجنة المركزية مسودة التقرير السياسي الى المؤتمر القادم، وعندها يمكن الحوار والنقاش بشأنها.
  2. لم تتوان صحافة الحزب ومنابره الإعلامية عن نشر مختلف الآراء، ولَم تشترط الا ان تكون رصينة وموضوعية، وان لا تشير الى الحياة الحزبية الداخلية التي هي ملك الحزب، حسب النظام الداخلي أيضا، ولكون المواطن لا يعرف تفاصيل وحيثيات ما ينشر، مع الإشارة الى ان الباب مفتوح على الدوام للنشر في النشرة الداخلية الخاصة بأعضاء الحزب “مناضل الحزب”، في ما يخص القضايا التنظيمية والحياة الداخلية للحزب.
  3. تحرص قيادة الحزب على التفاعل مع اراء ومقترحات الرفاق والتعامل مع رسائلهم. ونشير هنا الى متابعة لجنة الرقابة المركزية للحزب لذلك أيض. قد يحصل بعض التاخير في الرد، لظروف العمل التي تجري في أوضاع نصفها دوما بانها صعبة ومعقدة، ولكن ليس من باب الإهمال المقصود.
  4. ان هيئات الاختصاص ذات الصفة المكوناتية تعمل بانتظام وبسلاسة ولا تعاني من صعوبات تتعلق بالعلاقة بين رفاقها، بل على العكس تماما.

نشير الى هذه الملاحظات التوضيحية المختصرة، اعماما للفائدة وللجدل الموضوعي وفِي مسعى لرصيده والارتقاء به.

“طريق الشعب”

********************** 

المؤتمر الحادي عشر للحزب

مهام وتحديات كبيرة

أمام الشيوعيين العراقيين

يتهيأ الشيوعيون العراقيون ومعهم كل جماهير الحزب لاستقبال المؤتمر الحادي عشر للحزب، وما ينتظرهم من مهام وتحديات تمليها ظروف البلاد، وهي بالتأكيد بالغة التعقيد والخطورة، ليسهموا في صياغة وثائق الحزب بما يتناسب وتلك المهام والتحديات، والتأكيد على دور الشيوعيين بين الجماهير في تبني مصالحها والدفاع عنها، خاصة عبر الحراك الجماهيري الذي يعول عليه في التغيير والخلاص من منظومة الفساد والمحاصصة الطائفية والاثنية وممن يستقوي بالخارج على حساب المصالح العليا للشعب والوطن.

وانطلاقا من التطبيق الخلاق للمنهج الماركسي على واقع العراق والظروف الموضوعية التي يمر بها، والتقييم العلمي لإمكانات الجماهير والحزب، نتطلع أن يضع المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب خارطة طريق لنشاطاته السياسية والفكرية والتنظيمية والجماهيرية باتجاه خوض نضالات صعبة مقبلة تتعلق بحاضر ومستقبل العراق، ومخرجات تسهم في انتشال البلاد مما هي عليه. كما هي فرصة أمام كل المخلصين للاستفادة منها، خاصة أن تلك المخرجات هي حصيلة لدراسات ونقاشات معمقة قبل وأثناء المؤتمر.

وكما عودتنا مؤتمرات الحزب دائما، يحدونا الأمل بإقرار وثائق ناضجة متقدمة للتقرير السياسي والبرنامج والنظام الداخلي تنسجم مع المهام المستقبلية، ينفذها الشيوعيون بإبداع. ونأمل أيضا أن يؤدي انتخاب قيادة الحزب إلى تعزيز وجود العناصر النسوية والشبابية فيها.

صالح العميدي

********************

الصفحة الحادية عشر

11 شخصاً يموتون كل دقيقة بسبب المجاعة

أوكسفام: ضحايا الجوع أكثر من وفيات كورونا

أكدت منظمة مكافحة الفقر البريطانية (أوكسفام) أن 11 شخصاً يموتون كل دقيقة في العالم بسبب المجاعة ونقص التغذية مقابل 7 وفيات بسبب الإصابات بفيروس كورونا.  المنظمة البريطانية في تقريرها السنوي الذي حمل عنوان “فيروس المجاعة في تكاثر”، والذي نشرته وكالة فرانس برس يوم الجمعة الماضية، دعت الدول الغنية والمانحين إلى توفير مساعدات غذائية عاجلة، من أجل وضع حد لهذا “الفيروس” الأكثر فتكاً في العالم. فيما عبَرت عن مخاوفها من ظهور بؤر جديدة للمجاعة في دول تتمتع باقتصاد متزن.

تهديد حياة الملايين

وكشفت المنظمة أن عدد الوفيات بسبب الجوع في العالم يفوق عدد الوفيات بسبب جائحة فيروس كورونا، مشيرة إلى وجود زيادة بمقدار 6 أضعاف في عدد الأشخاص الذين يعانون من ظروف قد تشبه المجاعة.

وقالت “أوكسفام”: “إن نحو 11 شخصاً قد يموتون خلال كل دقيقة، بسبب الجوع أو سوء التغذية بحلول نهاية السنة الجارية، مقابل 7 وفيات ناتجة مباشرة عن وباء كوفيد 19”.

من ناحية أخرى تعد النزاعات المسلحة من بين الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى المجاعة حسب “أوكسفام”، التي ذكرت أن نحو 155 مليون شخص بالعالم يعيشون في حالة من انعدام الأمن الغذائي، أي بزيادة تقدر بـ20 مليون شخص مقارنة بالعام 2020، مشيرة إلى أن انتشار وباء كوفيد 19 زاد مشكلة المجاعة تعقيداً ونمواً.

دول عربية تواجه أزمة مجاعة

من بين الدول التي تعاني بشكل أكبر، من المجاعة الحادة، خصت منظمة “أوكسفام” بالذكر كلاً من أفغانستان واليمن وجنوب السودان وسوريا. وهي دول تعاني معظمها من نزاعات مسلحة طويلة أدت إلى تدهور البنية التحتية والاقتصادية فيها، حسب المنظمة البريطانية.

أما في منطقة الساحل، فالدول التي تعيش صراعات مسلحة طويلة الأمد كبوركينا فاسو مثلاً، ارتفعت فيها نسبة المجاعة بنسبة 200 في المائة بين عامي 2019 و2020.

هذا، وبعد النزاعات المسلحة، تحتل جائحة كوفيد 19 المرتبة الثانية من حيث الأسباب التي أدت إلى ازدياد المجاعة في العالم. فمنظمة “أوكسفام” أشارت في تقريرها، إلى أن 520.000 شخص تعرضوا لمشكلة المجاعة منذ بدء انتشار فيروس كورونا في العالم.

في المقابل لم تستثن كذلك مشكلة التغير المناخي باعتباره عاملاً ثالثاً في اتساع فجوة المجاعة، لاسيما في الدول التي تتميز بطبيعة صحراوية أو شبه جافة.

من جانبها قالت غابرييلا بوشيه، المديرة التنفيذية لمنظمة “أوكسفام”: “إن استمرار النزاعات المسلحة، إضافة إلى انتشار وباء كوفيد 19 وتفاقم أزمة المناخ، من الأسباب التي دفعت حوالي نصف مليون شخص نحو المجاعة”، مضيفةً: “بدلاً من التصدي للجائحة، قامت الأطراف المتناحرة بمحاربة بعضها بعضاً. هذا التصرف أدى إلى توجيه ضربة قاضية لملايين من الناس الذين كانوا أصلاً يعانون من الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية ومن جائحة فيروس كورونا”.

عامل آخر زاد حدةَ المجاعة، حسب المنظمة البريطانية، هو انعدام المساواة بين الناس في ما يتعلق بتوزيع اللقاحات المضادة لفيروس كوروناوالاستفادة منها.

فحسب الغرفة التجارية الدولية، قد يتسبب غياب مبدأ المساواة في الحصول على اللقاحات ضد كوفيد 19، في خسائر اقتصادية تصل إلى 9200 مليار دولار على المستوى العالمي وبظهور بؤر جديدة للمجاعة، كتلك التي يمكن أن تطرأ في الهند بسبب تراجع إنتاجها الوطني الخام بـ27 في المائة، ما يمثل نحو 786 مليار دولار من الخسائر المالية، حسب تقرير المنظمة.

المجاعة الحادة

من ناحية أخرى سلطت المنظمة الضوء على بعض البلدان التي تعاني من المجاعة الحادة، من بينها اليمن، فيما توقعت أن تمس المجاعة 3 ملايين شخص جدد بحلول نهاية عام 2021، إضافة إلى 13.5 مليون يعانون من هذه المشكلة منذ اندلاع الحرب قبل ست سنوات. الشيء نفسه في أفغانستان، حيث أدت جائحة فيروس كورونا إلى ارتفاع عدد الناس الذين يعيشون في حالة يسودها “انعدام الأمن الغذائي”، حسب المنظمة التي صنفت هذا البلد في المرتبة الثالثة عالمياً بمجال النقص الغذائي بعد اليمن وجنوب السودان. لكن ما تخشاه هذه المنظمة أكثر، هو ظهور بؤر جديدة للمجاعة وسوء التغذية في بلدان تملك اقتصاداً مزدهراً نوعاً ما، كالبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، إذ إن جائحة كوفيد 19 زعزعت ركائز اقتصاديات هذه الدول، ما أدى إلى ارتفاع عدد الناس الذين يعانون من سوء التغذية الحادة.

*********************** 

الغارديان: واشنطن لم تتعلم من دروس فيتنام في حربهافي أفغانستان

كتب جوليان بورغر، محرر الشؤون العالمية في صحيفة الغارديان البريطانية في مقال له بعنوان “أفغانستان: انتهاء “أطول حرب أمريكية” وسط اتهامات بالخيانة”، يقول: “لم يكن من المفترض أن تكون حرب الولايات المتحدة في أفغانستان فيتنام أخرى”.

وأضاف إن القوات الأمريكية قاتلت في فيتنام لمدة ثماني سنوات، بينما تقاتل في أفغانستان منذ 20 عاما. “لقد كانت أطول حرب أمريكية حتى الآن”.

وأشار الكاتب إلى إصرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على ألا يكون الانسحاب الأمريكي من أفغانستان كاملا “لكن المئات القليلة المتبقية من القوات الأمريكية في أفغانستان موجودة هناك في مهمة حراسة. ويمثل التخلي عن قاعدة باغرام الجوية يوم الجمعة النهاية الحقيقية للوجود العسكري الأمريكي في البلاد”.

الدرس المستفاد

ويضيف: “كان الدرس العسكري المستفاد من فيتنام هو أن الولايات المتحدة لا تستطيع القيام بمكافحة تمرد، على بعد آلاف الأميال من الوطن، ضد عدو مدفوع أيديولوجيا ومتجذر في مجتمع رأى القوات الأمريكية في نهاية المطاف كقوة احتلال. لقد كان درسا مستفادا، ثم تم نسيانه في الحماسة التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر”.

ويشير الكاتب إلى أنه ووفقا للأمم المتحدة ، فإن “ما لا يقل عن 50 منطقة من مناطق أفغانستان البالغ عددها 400 قد سقطت في أيدي حركة طالبان منذ أيار. ومع رحيل الولايات المتحدة، يحاول المدنيون الأفغان تنظيم ميليشيات للدفاع عن النفس، وللدفاع عن قراهم ضد القوات المنتظرة في الريف المحيط بهم”.

ويضيف: “أصبحت كلتا الحربين مثل الوحل، حيث سحبت المزيد والمزيد من القوات والمال والمعدات لتبرير وحماية ما تم إنفاقه أو فقدانه بالفعل. وبمجرد أن قُتل الأمريكيون والأفغان من أجل طرد طالبان وفتح المدارس للفتيات ودعم الجيش، بدا الانسحاب وكأنه خيانة”.

وتابع يقول: “هذه العقلية أبقت على “الحرب الأبدية” مستمرة، لكن هذا لا يعني أنها لم تكن حقيقية. أولئك الذين يحملون السلاح للدفاع عن قراهم والعديد من الأفغانيات ونشطاء المجتمع المدني يشعرون الآن بالخيانة، من قبل الأمريكيين المغادرين”.

واختتم: “مهما حدث، فإن المزيد من الموت والمعاناة أمر لا مفر منه. لن يتمكن جو بايدن والولايات المتحدة من الإفلات من درجة معينة من المسؤولية، حتى لو لم يكونوا هناك (في أفغانستان)”.

*********************** 

أدولف هتلر السيرة النهائية والأدق رغم صاحبها واحتياطاته

ابراهيم العريس    

في الوقت الذي انكب فيه الكاتب الأميركي نورمان ميلر خلال السنوات الأخيرة من حياته قبل رحيله في عام 2007 على كتابة ذلك النص الرائع، الذي تخيل فيه طفولة الدكتاتور النازي متسائلاً عن تلك اللحظة التي “استولى عليه فيها الشيطان” فحوّله من مراهق أقرب إلى العادية إلى ذلك الوحش الذي عرفته البشرية خلال النصف الأول من القرن الـ20. لم يكن الصحافي والمؤرخ الألماني فولكر أولريخ قد أصدر بعد الجزءين الأساسيين من كتابه الذي كرسه لسيرة هتلر التي لم يكن أحد قد تمكن من كتابتها بعد. وسبب غيابها كان بسيطاً: في الوقت الذي بدأ فيه صعوده المدوي خلال النصف الثاني من سنوات العشرين وأصدر كتابه “كفاحي”، تعمد هتلر أن يحرق ويخفي ويزيل أي أثر لأية وثائق تتعلق بالعقود الأولى من حياته.

كل شيء في “كفاحي”

بالنسبة إليه، كل ما يحتاج العالم إلى معرفته موجود في “كفاحي” محاط بكل أنواع الأكاذيب والتوابل وضروب العظمة. وهكذا، حتى بالنسبة إلى مناوئيه، لم يكن ثمة مفر من الاعتماد على ذلك الكتاب البائس، أو على المخيلة لرسم حياة ألفوهرر. والسؤال الذي يهمنا هنا هو: ترى لو أن المراجع والوثائق التي عثر عليها فولكر أورليخ ومكنته من كتابة أوفى سيرة لهتلر كانت في حوزة نورمان ميلر هل تراه كان وضع كتاباً مختلفاً عن روايته الرائعة “قصر في غابة”، الذي تخيّل فيه بدايات هتلر وتحوله إلى وحش؟

لن يغيّر حرفاً

أبداً بالتأكيد. لم يكن من شأن ميلر أن يغير حرفاً، وذلك لأنه لم يكن في الواقع يؤلف كتاباً تاريخياً موثقاً عن طفولة دكتاتور، بل تحديداً كان يكتب رواية عن بدايات الوحش. ومن هنا لم تكن الوقائع ما يهمه ولا الحقائق التاريخية بل الدلالات التي تكمن خلف ذلك كله. وهنا يكمن بالتأكيد الفارق الكبير بين التأريخ والإبداع. ففي حين قرئت رواية ميلر ككناية عن صعود الوحش داخل الإنسان، أيّ وحش وكلّ إنسان، لن يقرأ كتاب أولريخ إلا بوصفه السيرة الموثقة والمشغولة بعناية علمية لذلك الوحش المحدد الذي كانه الزعيم النازي. ولكن إذا كان هتلر قد محى كل ماضيه وكل أثر لطفولته وصباه، بل كل ما سبق “كفاحي” الذي وضعه في عام 1924 حين كان نزيل السجن لمشاركته في محاولة انقلابية نازية ويخطط لوصوله إلى أعلى درجات السلطة في ألمانيا، فكيف تمكن أولريخ من العثور على كمّ من المعلومات والوثائق كان كافياً لآلاف الصفحات التي كتبها؟

دهشة مؤلف

أولريخ نفسه ظل مدهوشاً لسنوات إزاء اكتشافات حققها في هذا المجال، متسائلاً كيف أفلتت مئات الوثائق والمدونات من براثن هتلر وأزلامه فوصلت إليه هو في نهاية الأمر، وساعدته على رسم صورة تكاد تكون أقرب إلى الواقع عن البدايات المربكة لذلك الطاغية؟ ففي مقال نشره في صحيفة “تزايت” التي يكتب فيها عادة، يحكي أولريخ عن دهشته الفائقة لعثوره على كميات هائلة من وثائق “لم يرها أحد من قبلي بل لم يحاول أحد أن يقلب صفحاتها ولو من باب الفضول”. ويشير أولريخ إلى أنه لم يكن في سبيل ذلك بحاجة لأن يسافر إلى روسيا أو إلى أميركا لأن الوثائق كانت أمامه في برلين وبرن وميونيخ، ومن أهمها أحد عشر مجلداً تحتوي يوميات المدعو غوتفريد فيدير، الذي كان مستشار هتلر الاقتصادي، وكانت مصنفة في معهد ميونيخ للتاريخ الاقتصادي، ويقول أولريخ أن فيدير “يبدو منسياً تماماً اليوم لكنه كان يمارس تأثيراً كبيراً على هتلر”، وهو كان من عادته أن يدون يومياً كل ما يدور بينه وبين سيده من أحاديث مختلفة، كما تكشف اليوميات.

أخ لهتلر ضد ألمانيا

وفي السياق نفسه، يبدي أولريخ دهشته الفائقة لكون أحد لم يهتم من قبل بالرجوع إلى الملفات والتقارير التي كان يدونها المساعد العسكري المباشر لـ”المستشار” هتلر. وهي وثائق وجد أولريخ مئات منها مصححة على هوامشها بخط... هتلر نفسه وبشكل يضعنا أمام مئات المعلومات حول التفاصيل الدقيقة لحياة هتلر اليومية ولقاءاته الحميمة.

وأما في ما يتعلق بالبدايات التي أراد هتلر محوها ونجدها ماثلة بتفاصيلها في الجزء الأول من تلك السيرة الفريدة التي كتبها فولكر أورليخ، فإنها تصور لنا أدولف صبياً عادياً كابن للمدعو ألويز الذي كان موظفاً في الجمارك النمساوية، أنجب ثلاثة أطفال من زوجته الثانية كلارا أضافهم إلى طفلين من زواج سابق له. وهو سمى واحداً منهم ألويز الصغير، وهذا الفتى هرب باكراً من بيت العائلة ليعيش حياة أفاق متشرد، ويتزوج بدوره مرتين وينجب ولدين أحدهما من أم إيرلندية أسماه ويليام باتريك. وهذا سوف يهاجر لاحقاً إلى الولايات المتحدة حيث سيحاول أن يقوم بمحاولات لابتزاز عمه الذي صار زعيماً في ألمانيا، مهدداً إياه بالكشف عن طفولته وأسرار مراهقته. ومن ثم بعد فشل تلك المحاولات سيحاول أن يخلق لنفسه حياة أميركية بدأها بالانضمام إلى البحرية وخوضه الحرب العالمية الثانية ضد... ألمانيا.

طفولة وحش

وطبعاً نعرف أن ليس ثمة ذكر لأي شيء من هذه “الحكايات” كلها، لا في “كفاحي” ولا في أي من الكتب الرسمية، بل حتى غير الرسمية التي صدرت عن هتلر طوال الفترة التي تزعم فيها ألمانيا وقاد العالم إلى تلك المجزرة المهولة، ولا حتى في تلك التي صدرت بعد رحيله وهزيمة ألمانيا. فأحد لم يكن قد تمكن من اكتشاف تلك الصفحات التي قيض لأولريخ أن يكتشفها. ولا حتى نورمان ميلر بالطبع الذي يبقى كتابه “قصر في غابة”، واحداً من أجمل الروايات الخيالية، بل واحداً من الكتب الأكثر دقة في وصف طفولة الوحش.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“اندبندنت عربية” – 5 تموز 2021 (مقتطفات)

********************** 

الصفحة الثانية عشر 

المشاركة الواسعة في الانتخابات

طريق أمضى لمحاربة المحاصصة والفساد

نجم خطاوي

مع مرور الزمن وتكشف الحقائق وتجذر الأزمات، صار لا يختلف إثنان، على مسؤولية أحزاب الطائفية والمحاصصة في العراق، وبأشكالها القومية والدينية والمذهبية، في الذي جرى ويجري من ويلات وأزمات وكوارث ...

في استقراء أشكال تكون أحزاب العراق السياسية، يلحظ المتابع إلى استناد أغلبها تقريبا إلى القومية والدين والمذهب، وما يتبعها من تفرعات، وتصطف معها أيضا القوى والأحزاب العشائرية والمناطقية.

وضمن هذا المشهد السياسي، يكاد الحزب الشيوعي العراقي وعبر تاريخه النضالي الممتد لأكثر من ٨٧ عاما، ان يكون الحزب الأكثر تميزا ووضوحا عبر برنامجه ونظامه الداخلي وتوجهاته، والتي تستند إلى حقيقة تمثيله الطبقي لمصالح العمال والفلاحين ولشغيلة العمل والفكر.

في صف جبهة الشيوعيين تقف مجموعة القوى والأحزاب والمنظمات المدنية والوطنية التي تستند في برامجها وسياساتها إلى الهم الوطني خلافا للتسميات الأخرى.

في أربعينات القرن الماضي شهد العراق نشاطا ملحوظا وتأسيساً لعدد من الأحزاب السياسية التي جاهرت بتمثيلها لمصالح الفئات البرجوازية الصغيرة والوسطى، وللتجار والملاكين، لكنها وبسبب الظروف لم تستطع مواصلة العمل، وظلت امتداداتها حاضرة حتى اليوم، ولكنها ليست بالقدرة والفعالية والتأثير.

في العراق اليوم قانون ينظم عمل الأحزاب، ويفترض به أن يكون فاعلا وحقيقيا ومتابعا لعمل ونشاط وتكوين وتمويل جميع الأحزاب، ولكن الحقيقة غير ذلك، في الركن المتعمد لهذا القانون وتنحيته جانبا وبقصد وإصرار.

على امتداد ١٨ عاما تقريبا، كان الصراع ضاريا بين القوى المدنية والوطنية والديمقراطية وأبناء الشعب الطامحين لدولة المواطنة بعيدا عن التشظي والمسميات الأخرى، وبين قوى الشر المتشبثة بعنكبوت الطائفية والمحاصصة وتعدد الولاءات ...

 وكانت الصورة أكثر وضوحا وسطوعا مع ما أفرزته انتفاضة تشرين الباسلة من نتائج مذهلة وصادمة، وهي تشير دون رتوش لمن تسبب في مصائبنا، راسمة الطريق الأمضى في مستقبل العراق.

 الأبرز في المشهد هو انصياع قوى السلطة وتنازلها عن الحكم مرغمة، وتشريع قانون انتخابات جديد، جاهدوا لأن يكون وفق مقاساتهم، والمضي مع المطلب الشعبي الصارخ في انتخابات مبكرة نزيهة وعادلة..

تمخض الصراع داخل الحركة التشرينية إلى فرز اتجاهات أربعة، حيث اصطف الاتجاه الأول مع الأحزاب الطائفية وأحزاب السلطة، والثاني مع الكاظمي، والأخر في تبني شعارات البعث الداعية لإسقاط العملية السياسية. ويبقى الاتجاه الرابع الأقرب إلى نبض الشارع العراقي والوطني في توجهاته، ويضم مجموعات وأفراد من الشبيبة التشرينيين الذين استخلصوا دروسا بليغة، وأولها خطأ ولا جدوى شعار كلا كلا للأحزاب وتخوين الجميع، مستدركين لاحقاً أن الحزب الشيوعي العراقي والقوى المدنية حليف استراتيجي لهم. وقد تبلور هذا الاتجاه عبر تكوين عدد من الكيانات الشبابية وعدد من الرموز المستقلة، ولهم حضورهم الفعلي في ساحة العمل الانتفاضي والمعارض..

 استمرار المواقف المبدئية المشاركة والداعمة للحراك، يشكل ضمانة لدوامه، وعبر توحيد جهود الجبهة المدنية الديمقراطية وتوفير أجواء صحيحة ضامنة لانتخابات نزيهة، وبأطر سلمية وشعارات واضحة بعيدة عن المحلية والفئوية..

هناك فرق شاسع بين اعتبار الانتخابات شكلا من أشكال الديمقراطية، التي ناضل الشعب طويلا لتجسيدها، وبين من يريدها وسيلة لتكريس الاستحواذ والمحاصصة واستمرار التحكم بمصائر الوطن والشعب.

وفي هذه الوجهة تبرز أهمية الخطاب الداعي لاستمرار الضغط الشعبي في الفترة التي تسبق الانتخابات من أجل التوعية وانتزاع التنازل من العدو الطبقي، وإيقاف مسلسل مصادرة الحريات وجرائم القتل وتزوير الانتخابات.

الموقف الوطني يدعونا إلى الابتعاد عن الخطاب الداعي لأسهل الحلول والداعي إلى العدمية والسلبية ومقاطعة الانتخابات والجلوس في البيوت، مع دوام التعبئة باتجاه الموقف الوطني المسؤول والواعي، وبغض النظر في حال الاشتراك في الانتخابات من عدمه.

ومن الأهمية التركيز على امكانية انتزاع وتحقيق المكاسب الوطنية، في حال تقارب وتنسيق وتعاون القوى المدنية والديمقراطية واليسارية ومنظمات المجتمع المدني من نقابات ومنظمات اجتماعية وشبابية ونسوية وطلابية.

التوازن السياسي يبقى الحاسم والمقرر الأرأس في المعادلة السياسية العراقية. وعلى كيفية العمل على تغيير الظروف والبيئة والأسباب التي يستند إليها هذا التوازن، يظل الرهان على قوى الشعب الحية والواعية، وعبر الانخراط ميدانيا في خوض النضال والمقاومة، ولصالح هدف كسب أكبر المؤيدين والداعمين لمشروع التغيير الوطني والديمقراطي المدني لتغيير مسارات التوازن السياسي الحالي ...

الشعارات المطالبة بتوفير بيئة صحية للانتخابات، وتوفير شروطها، هي شعارات واقعية وصحيحة، ولها سندهها الشعبي، وتبقى هذه الشعارات قائمة وفعلية ومؤثرة، وسيمتد تأثيرها طوال الفترة التي تسبق الانتخابات، وستكون حاضرة مع مواقف الناخبين واختياراتهم، وحتى لاحقا بعد الانتخابات وما يتمخض عنها من نتائج.

الموقف من المشاركة من الانتخابات من عدمه، يبقى في كل الأحوال موقفا سياسيا وفكريا، وهو ليس بالقرار الهين والسهل، خصوصا في ظل أوضاع عراقية صعبة ومتشابكة ومعقدة، ومع تكاثر وتزايد أعداد المتبارين في هذا المجال.

في الموقف من الانتخابات، يفترض النظر لمجمل اللوحة السياسية، وليس لجزء مختصر منها، فإلى جانب المعارضين والذين سيقاطعون، والمضمونة حقوقهم دستوريا، هناك قوى وأحزاب سياسية ومنظمات وأفراد، يريدون الاشتراك والمساهمة في هذه الانتخابات، من خلال المشاركة الفعلية بمرشحين، أو من خلال التصويت الفعلي.. ووسط هذه القوى خليط غير متجانس من الأهداف والنوايا لكل الأطراف، والتي يضمن لها الدستور وقانون الأحزاب هذه الممارسة الديمقراطية رغم علاتها...

 القوى المدنية والديمقراطية وعموم الطامحين لدولة السلام والإعمار والعدالة، لا يمكنهم تخوين الأحزاب والمنظمات الأخرى، فقط لكونها أحزابا ومنظمات بمسميات معينة، بل يمكن خوض الصراع الفكري والسياسي وحتى الأيديولوجي في توضيح خطل ولا جدوى ولا نفع سياسات وبرامج هذه الأحزاب، وعبر إقناع أكبر عدد من جماهير الشعب لعدم منحها الأصوات والتأييد، مقابل الترويج لبديلها من برامج وتوجهات مدنية وديمقراطية.

هناك أشكال من المقاطعة والرفض للانتخابات، وأبرزها المقاطعة الواعية والإيجابية والمتمثلة في المعارضة والاستعداد في العمل والفعل التغييرين، والمقاطعة السلبية وعبر الجلوس في البيوت وانتظار نتائج الانتخابات عبر شاشات التلفاز، وربما التأفف على نتائجها.

وعبر الحساب الرياضي البسيط، فأن نتائج المقاطعة الواعية عبر الحضور والتصويت بالرفض، لن تكون كبيرة ومؤثرة في النتائج، في ظل استعداد قوى مختلفة لخوض الانتخابات.

ومقارنة مع هذا الموقف الرافض والواعي، يبقى الموقف المشارك الواعي والمدرك، ذا تأثير أكبر وأعمق وأكثر دلالة، خصوصا وهو يسهم في تغيير خارطة النتائج المحتملة للانتخابات، وفي تمكين أصوات الشعب الحية في الحضور فعليا في واحدة من حلبات الصراع، وأقصد البرلمان العراقي، ومن خلال المشاركة الفعلية في الانتخابات عبر التعريف بالمرشحين المدنيين والوطنيين والشيوعيين، ودعوة جماهير الشعب للمشاركة بوعي ودراية، وحجب التأييد عن مرشحي قوى الفساد والطائفية، سيكون له فعله الايجابي وهذا لن يكون ذا تأثير أو قيمة، في حال مشاركة الشيوعيين منفردين في هذا الموقف، بل عبر جبهة بديل واسعة تضم قوى انتفاضة تشرين وكل القوى المدنية والشخصيات المدنية الوطنية المستقلة ومنظمات المجتمع المدني والنقابات بمختلف أشكالها .

هذه المشاركة ستكون أكثر فعالية وقوة وتأثير في حال استمرارها على مطالبها التي تخص توفر شروط الانتخابات، وغيرها، والاستمرار على كسب التأييد الشعبي والجماهيري لهذه المطالب، ومنها بالتأكيد تغيير نظام المحاصصة، الذي لن تغير الانتخابات القادمة الكثير من أسسه ومرتكزاته...

المشاركة الواعية الواسعة شعبيا من قبل قوى الانتفاضة والأحزاب المدنية وقوى الشعب الحية، ستكون رفضا واعيا لقوى الشر والمحاصصة.. وتغيير موازين القوى سيكون فعالا حين تتعدد جبهاته، ومنها بالتأكيد جبهة الشارع وسط الجماهير..

في المشاركة الواعية سوف لن تمنح القوى الفاسدة والمحاصصة الشرعية، بل بالعكس حين يكون الموقف برفضها، وعبر اختيار الوجوه المدنية والوطنية البديلة، واستمرار خوض النضال الوطني والمعرفي الذي سيطول لسنوات قادمة..

كانت مواقف الشيوعيين والمدنيين متقاربة ومتناسقة مع مواقف قوى تشرين والانتفاضة والفاعلين فيها، كانت قوية ومؤثرة، وسيكون لها حضورها الشعبي.

********************* 

مقاطعة الانتخابات وآفاق التغيير المنشود !!

ماجد لفته العبيدي

إن المشاركة في أو المقاطعة للانتخابات هما وجهان لعملة الديمقراطية السياسية، وتعتبر المقاطعة تعبيرا ديمقراطيا عن رفض الاستمرار بذات السياسة القديمة للقوى الحاكمة التي لم تستطع تجاوز الأزمة العامة التي تمر بها بلادنا، والتي صنعتها سياستها العشوائية على مختلف الاصعدة، ابتداء من سياسة اقتصاد السوق الحر المدمر وما خلفه من دمار وفوضى أوصلت البلاد إلى حافت الهاوية.

إن البرامج الانتخابية المكررة التي تطرحها الأحزاب المتنفذة منذ الانتخابات السابقة  (2005، 2010، 2014، 2018 )  و ما تطلق عليه من تسمية ( برنامج الإصلاح والتغيير)  لم يجد تطبيقه العملي  خلال الدورات الانتخابية السابقة، وظلت السجالات الفارغة و الخطب الرنانة و الخطط الوهمية عناوين ومانشيتات لوسائل الإعلام المختلفة خلال الدعاية الانتخابية، و لكن على صعيد الواقع  لم تنسجم  هذه الشعارات  والسياسات  مع الممارسات  العشوائية في مختلف الأصعدة، والأدهى أن البعض منهم ذهب  إلى  أبعد من ذلك في تشكيل أحزاب مدنية تتبنى شعار الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية، في اعتقاد منه أنها قادرة على  احتواء الشارع السياسي وإفراغ الحراك الجماهيري من مضمونه الاجتماعي والسياسي، معتمدين على سياسة الترهيب والترغيب لكسب قوى الحراك  الجماهيري التشريني والقيام ببعض الإجراءات الجزئية في  ملفات الفساد التي لم تطل حيتان الفساد الحقيقية، ومحاولة  أظهار حيادها واستقلالها الشكلي عن تأثير القوى الاقليمية والدولية، والتنصل من مسؤوليتها عن جرائم الطرف الثالث وعصابات الاغتيالات والكواتم، في الوقت الذي تواصل سياسة أللا دولة التي تسيطر عليها المليشيات المنفلتة والسلاح المنفلت، وتجري حماية الفاسدين الذين يسيطرون على  دولة الظل التي أدت إلى انهيار البنية  التحتية للدولة العراقية وساهمت في إشاعة سياسة الفوضى واستشراء الفساد، وقد أهدرت هذه القوى الحاكمة منذ سقوط الدكتاتورية الفاشية مايقارب 1400 مليار دولار من مبالغ الميزانية ناهيك عن الخراب المادي والبشري الذي أحدثته بسبب الطائفية والفساد وفقدان البلاد آراضيها وثرواتها المادية والبشرية.

لقد أكد الحراك الجماهيري التشريني  أن هذه القوى تتحمل المسؤولية الأساسية عن الخراب والدمار الذي تعانيه بلادنا، و أن  الصراع الدائر اليوم هو صراع  بين القوى المتنفذة من جانب والجماهير الشعبية الكادحة المسحوقة من الجانب الأخر، وهو نتيجة  منطقية لسياسة هذه القوى في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية،  والتي أحدثت  اصطفافا طبقيا بات واضح المعالم على الصعيد الاجتماعي، حيث يمثل القوى المتنفذة  تحالف اجتماعي متمثل في تحالف البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية المتحالفة مع الرأسمال الاحتكاري العالمي، ومن الجانب الآخر تقف ضد هذه السياسة جماهير الكادحين والشغيلة والمعدمين والطبقة الوسطى بجميع فئاتها الاجتماعية، والذي تمثله  كل القوى السياسية الوطنية والديمقراطية والشعبية وقوى المجتمع المدني  والتي يرى غالبيتها اليوم أهمية مقاطعة الانتخابات بعد تشريع قانون انتخابي جرى تفصيله على مقاسات القوى المتحاصصة، وبدأ المال السياسي ينفق بمئات الملايين لشراء اصوات الناخبين وشراء  صناديق الانتخابات  في ظل غياب الرقابة الحقيقية على العملية الانتخابية ووجود الكثير  من الثغرات المتعلقة بالعمليات اللوجستية وحرمان أربعة ملاين عراقي من المهجرين والمهاجرين خارج العراق من حق التصويت.

إن مقاطعة الانتخابات تصب في ذات الهدف المنشود للحراك الجماهيري الرامي إلى التغيير وإيجاد البديل السياسي لنظام لمحاصصة والفساد وكسر احتكارها للسلطة السياسية والذي تحاول تكريسه عبر القانون الانتخابي الجديد والذي يعتمد الهويات الطائفية والعشائرية الفرعية لإعادة إنتاج نظام المحاصصة. وتؤسس المقاطعة لوعي انتخابي جديد وتوجه ديمقراطي شعبي للنضال ضد سياسة الاستبداد والإقصاء وعدم الاعتراف بالآخر.

يذهب البعض من خلال التصريحات عبر وسائل الإعلام إلى اعتبار المقاطعة للانتخابات اصطفافا مع القوى المعادية للعملية السياسية الديمقراطية، وأن الديمقراطية الناشئة لا تتحمل المقاطعة وأنها تصب في مصلحة القوى المتنفذة التي روجت من قبل لمقاطعة الانتخابات لتحجيم المشاركة التي تصب في مصلحتها  وتضمن لها النتائج، ولكن أصحاب هذا الرأي لم يمعنوا جيدا في الخريطة السياسية الجديدة التي احدثتها أنتفاضة تشرين والتي كسرت معادلة هيمنة القوى المتنفذة وأنشأت معادلة جديدة غيرت الكثير من الوقائع وأوجدت اصطفافا جديدا على المستوى الاجتماعي والسياسي، اذا أحسن استخدام نتائجه سوف يساهم  في  تجاوز والتشتت  والانقسامات ولملمة الصفوف والارتفاع بمستوى  التنسيق والتعاون بين القوى الوطنية  الديمقراطية إلى العمل على توفير شروط  البديل الديمقراطي للتغيير.

وفي ظل الأوضاع التي تمر بها بلادنا يظل خيار المقاطعة رغم مخاطره المحدقة هو الخيار الأفضل الذي يعري قوى المحاصصة المتنفذة ويطعن بشرعية استمرارها في الحكم وفق النهج السابق ويؤمن التهيئة والتحضير للبديل الديمقراطي المنشود.

*********************

الصفحة الثالثة عشر

رابطة المرأة العراقية والحضانة في المادة (57)

هادي عزيز علي

عندما صدر قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ونشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 280 في 30 \ 12 \ 1959 كانت المادة 57 منه تتضمن الأحكام المتعلقة بحضانة المحضون، وشكلت تلك المادة حالة متقدمة في حقوق الطفل وحقوق الأم فضلا عن انسجامها مع أحكام التطور حينئذ. وبعد مرور ما يقرب من العقدين من الزمن ومن خلال التطبيق وما طرحته الأحكام القضائية تطبيقا لنصوصها لوحظ أن ثمة نواقص تعتريها مع وجود وحالات غيرمعالجة تشريعيا فضلا عن كونها أعطت للقاضي سلطات تقديرية واسعة في حالة غياب النص التشريعي، والسلطة التقديرية هذه وبموجب أحكام القانون الزمت القاضي بالرجوع إلى مباديء الشريعة الاسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص القانون ومن دون التقيد بمذهب معين،  وهذا الأمر أدى إلى اختلاف الأحكام القضائية الصادرة عن محاكم الأحوال الشخصية  بسبب اختلاف الرؤى والأفكار في المذاهب الاسلامية التي اعتمدها القضاة في إصدار أحكامهم فتكون الحاجة والحالة هذه لا بد من إصدار نصوص تشريعية جديدة تسد النقص الحاصل في أحكام هذه المادة أولا، وتقليص حالة الرجوع إلى مباديء الشريعة الاسلامية ثانيا، وهذا الأمر يتطلب من دون شك معالجة تشريعية ملبية لهذه  المطالب.

القوى الوطنية حينئذ وخاصة رابطة المرأة العراقية ومن خلال حرصها على وجود مدونة قضائية رصينة تتعامل مع الأسرة بشكل حضاري وملبية لحاجات المحضون وحق الأم في محضونها، بدأت تفكر جديا بلزوم طرح الأفكار والرؤى والمقترحات المطلوبة لتعديل هذه المادة بما ينسجم وأحكام التطور وعرض الموضوع على السلطة التشريعية في حينها لتشريعه، وقد انظم إلى هذا الجهد النبيل الراحل الدكتور صفاء الحافظ والذي كان على صفة استشارية في مشروع قانون إصلاح النظام القانوني في حينه والذي أوصل المشروع إلى مرحلة النضح فكانت موضوعات التعديل المطلوب تشريعها هي  :

1– إن  الحضانة تدور وجودا وعدما مع مصلحة المحضون .

2– إن الأم أحق بحضانة ولدها لأن هذه الأحقية تصب في مصلحة المحضون

3– إن الأم تبقى محتفظة بالحضانة ولو تزوجت بشخص آخر بعد الفرقة.

4 – أما بالنسبة لمدة الحضانة فقد تم الاقتراح أن تكون عشر سنوات قابلة للتمديد.

5 – إن الأم التي انتزعت منها الحضانة بحكم قضائي يمكن أن تستردها إذا ثبت لها تضرر المحضون وبأسرع وقت.

6– إذا فقدت الأم أحد شروط الحضانة تنتقل الحضانة إلى الأب أو من تختاره المحكمة ومن دون تدخل بقية الأولياء.

7– ليس لأقارب الأب من النساء والرجال حق منازعة الأم في حضانة ولدها.

8– إذا مات أبو الولد فيبقى المحضون لدى أمه ولو تزوجت بأجنبي.

9– إذا أخل الزوج الأجنبي بتعهد في رعاية المحضون كان ذلك سببا للأم الحاضنة أن تطلب التفريق منه.

هذه المطالب والمناشدات والمصحوبة بالحراك  الفاعل كان فعلا نضاليا من أجل الطفل والأم  حمله الهم الوطني إلى المشرع الذي تلقاه واستجاب له لمشروعيته  فأصدره بالقانون رقم 21 لسنة 1978 وقد تلقى المواطن العراقي هذا التعديل بالترحاب والمؤازرة وانحاز اليه بكل مشاعره وإرادته لما له من آثار إيجابية على الطفل والأم والأسرة والمجتمع، وثبتت صحة نصوصه من خلال الأحكام القضائية وتطبيقاتها لنصوص المادة 57 بصيغتها الجديدة  التي استمرت في التطبيق لما يقرب من نصف قرن من دون شكوى من أحكامه لا من الأسرة ولا من المجتمع بمختلف انتماءاته ولا من السلطة القضائية التي طبقتها بشكل سلس وهادىء أفضى إلى استقرار الأسرة وخلق نشىء منتم لها ومعبأ بالإحساس بالمواطنة جراء النصوص القانونية النازعة نحو خير الإنسان واستقامة مسيرته وحسن تنظيم العلاقات بين الأفراد وبينهم وبين مؤسسات الدولة. وتعززت هذه النصوص بعدئذ بنصوص ساندة ومؤيدة لحضانة الأم لولدها واستقرت مبادئها على هذا التوجه في تشريعات عدة منها ما جاء به قانون رعاية القاصرين المرقم 87 لسنة 1980 اذ أكدت المادة 27 منه على: (ولي الصغير أبوه ثم المحكمة). أي أن هذه المادة وبالصيغة المنصوص عليها أبعدت بقية الأولياء في مزاحمة الأم في حضانة محضونها.

المتحمسون لتعديل أحكام الحضانة الآن، وقراءة المشروع قراءة أولى في مجلس النواب مع الضجيج الإعلامي  لبعض النواب وهم يروجون له في وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات  ولمقاصد لا تخفى على اللبيب وعند سؤالهم عن هذا الحماس غير المعهود في السياسة التشريعية لهذا المشروع على الرغم وجود مشاريع قوانين أكثر اولوية منه، فيجيبون بأجوبة عدة منها أن هذا القانون هو قانون ( بعثي ) وبذلك فهو موروث منسوب لحقبة البعث وهذا الجواب فيه غمط لجهد النضال الوطني النبيل ولرابطة المراة العراقية على وجه الخصوص، واستخفاف بالمنجز الفكري الذي أفضى إلى تشريعه بالصيغة المعروفة ومن خلال مختصين في العملية التشريعية والصياغة القانونية وفي مقدمتهم قضاة مشهود لهم بسعة العلم والإحاطة الكبيرة بأحكام الفقه الإسلامي، ولا يجوز اطلاقا انكار فضلهم في وضع القانون موضع التطبيق، والقول ببعثية النص يشكل أحد التبريرات التي وضعتها الأحزاب السياسية ذات الخطاب الديني لالغاء المكتسبات الكبيرة التي حققتها المرأة من خلال مسيرتها النضالية التي قدمت فيها الكثير من أجل الانسان والوطن، فضلا عن أن قانون الأحوال الشخصية ومنذ الأيام الأولى لتشريعه شكل اللبنة الأساسية لبناء الدولة المدنية، وهذا النزوع لا يروق لخصوم الدولة المدنية فكشروا عن أنياب أسلحتهم لمخاصمة كل منجز تتطلبه الدولة لكونهم خصومها ما داموا متمسكين بالهوية الجزئية .

 ************************

قانون الأحوال الشخصية في العراق

مقترح تعديل المادة 57 يواجَه برفض واسع

يستمر الجدل منذ أيام في العراق بشأن تعديل منظور في البرلمان للمادة 57 من قانون الأحوال الشخصية اعتبره حقوقيون ومواطنون رجوعا إلى الوراء وحرمانا للمرأة من أبنائها، بينما يقول نواب إنه مطروح للمناقشة.صدر الصورة،GETTY IMAGES

يراد بتعديل القوانين عادة ملاءمتها مع تطورات القوانين واللوائح الدولية والحقوقية العالمية.

وعندما يتعلق الوضع بقوانين الأحوال الشخصية وبنود تتعلق بالمرأة يكون التعديل عادة مدفوعا بتطور في الأوضاع الحقوقية للمرأة في ذلك البلد نحو الأفضل.

لكن رافضي تعديل المادة 57 يقولون إن عكس ذلك يحدث الآن في العراق في ما يتعلق بالتعديل المطروح على البرلمان.

ما هي التعديلات المنظورة؟

البند الذي أثار الجدل الأكبر في التعديل، الذي أتم البرلمان قراءة أولى له منذ أيام، هو تعديل المادة 57 الخاصة بحضانة الأم لطفلها بعد الطلاق.

كانت المادة 57 من القانون عدد 188 الصادر عام 1959 تقول:

1-الأم أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ما لم يتضرر المحضون من ذلك.

2- يشترط أن تكون الحاضنة بالغة عاقلة أمينة قادرة على تربية المحضون وصيانته، ولا تسقط حضانة الأم المطلقة بزواجها، وتقرر المحكمة في هذه الحالة أحقية الأم أو الأب في الحضانة في ضوء مصلحة المحضون.

ويقول الفصل الخامس منه:

5- إذا أتم المحضون الخامسة عشرة من العمر يكون له حق الاختيار في الإقامة مع من يشاء من أبويه أو أحد أقاربه لحين إكماله الثامنة عشرة من العمر إذا أنست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار.

أما التعديل المنظور فيقترح أن تكون الأم المطلقة أحق بحضانة الولد حتى يتم السابعة ويشترط عدم زواجها لأخذ الحضانة.

ما يعني أن الأصل في الأمر يصبح حرمان الأم من الأحقية في حضانة أبنائها عندما يتموا السابعة من العمر وحرمانها من الأحقية في الحضانة مباشرة إذا تزوجت مرة أخرى .

لكن لا يشترط في الأب عدم الزواج لنيل حضانة الأبناء.

ويعتبر التعديل الجد من الأب أحق بالحضانة من الأم في حال توفي الأب أو انتفت لديه شروط الحضانة.

رفض شعبي وحقوقي

قوبلت التعديلات المقترحة برفض شديد وواسع داخل العراق وخارجه.

وخرجت فعاليات للتنديد بالتعديل، وما زالت الدعوات مستمرة للتظاهر رفضا لحرمان الأم من حضانة أبنائها في بغداد وفي مخلتف محافظات العراق.

وأطلق تجمع النساء المدنيات في العراق حملة جمعت توقيعات المئات من النساء وممثلات منظمات نسوية وحقوقية للتنديد بمقترح التعديل والتعبير عن رفضه.

ثم أطلق التجمع حملة توقيعات إلكترونية على بيانه .

وعبر وسائل التواصل الاجتماعي في العراق، تتصدر وسوم رافضة للتعديل، مثل وسم كلا_لتعديل_المادة_٥٧ ، قوائم المواضيع الأكثر تفاعلا منذ أيام.

ودفع الجدل الذي أثاره التعديل والرفض الذي لقيه حتى داخل البرلمان، بعض النواب إلى الدعوة إلى تأجيل النظر فيه “لحين وجود اتفاق وتوافق سياسي برلماني على فقرات التعديل” و”من أجل منع حدوث أي خلافات سياسية جديدة” حسب ما نقلت وسائل إعلام محلية عن النائب باسم خشان.

كما نقلت وسائل إعلام عن نواب في البرلمان القول إن هذا التعديل لا يزال مطروحا للنقاش.

أثر التعديل على المرأة والأسرة

الغاضبات والغاضبون من التعديل المنظور يقولون إن هدفه “ليس مصلحة الطفل” وإنها هو “يستهدف تقييد المرأة وإهانتها” .

ووصف الإعلامي والأكاديمي زيد عبد الوهاب الأعظمي اقتراح التعديل “بالعبث بمستقبل الأسرة والطفل” .

بعض الرجال من مؤيدي القانون يقولون إنه “سيضع حدا لظاهرة التفكك الأسري” وإنه “في مصلحة الطفل” و”يتناسب مع تعاليم الدين” ويرون من الأفضل أن يعيش الطفل مع أبيه من أن يعيش مع زوج أمه .

رجال آخرون يؤيدون التعديل لضمان راحتهم في حال قرروا الزواج من امرأة مطلقة.

لكن إرساء هذا القانون، قد يعني أن تفقد المرأة أبناءها إذا أقدمت على الطلاق.

وقد يجبر ذلك نساء كثيرات على تحمل أشكال مختلفة من العنف حفاظا على قربهن من أبنائهن.

وهو ما تحذر منظمات مناهضة للعنف ضد المرأة من تبعاته على سلامة المرأة والأطفال على حد سواء.

كما أن التعديل الجديد قد يمنع المرأة من الزواج ثانية بعد طلاقها حتى لا تحرم من أبنائها، فتحرم بذلك من حقها في خيارات حياتية تناسبها.

ويخشى الرافضون لتعديل القانون 57 من أنه سيفتح مجالا “للمساومة” بين المرأة والرجل.

نموذج العراق

يذكر أن القانون المعمول به في العراق الآن (قبل التعديل) كان يعتبر “نموذجا” لبعض الدول و”طموحا” لدى مجموعات تحارب من أجل منح الأم حق حضانة أبنائها.

ففي لبنان مثلا، الذي تعاني فيه نساء من قوانين المحكمة الجعفرية التي تحرمهن حضانة أبنائهن، كانت النساء تتطلع إلى النموذج العراقي وتقارن الوضع في لبنان به، خاصة وأن المرجعية للمحاكم الجعفرية في لبنان مركزها العراق.

وبرغم ذلك فالقانون الذي يسري على كل العراقيين بمختلف الأديان والطوائف يمنح الأم الأحقية في حضانة الأطفال.

على الجانب الآخر يحرم القانون المعمول به الآن الرجال من التمتع برؤية وصحبة أبنائهم في ظروف طبيعية وتكوين علاقة صحية معهم.

فبعد الطلاق وعندما يكون الطفل في حضانة الأم لا يسمح للأب برؤية أبنائه إلا في المحكمة لساعات محدودة كل فترة.

وقد سعت منظمات وجماعات حقوقية للدفع نحو تغيير هذا البند.

لكن التغيير الذي طلب منه المساواة وتحقيق الأفضل لمصلحة الطفل جنح نحو حرمان الأم هذه المرة من أبنائها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“بي بي سي” – 7 تموز 2021

******************** 

نوّاب… خارج إطار الزمن

سلوان الآغا

في كل مرة يطل علينا أعضاء مجلس النواب بمقترحات ومشروعات قوانين ليست ضمن أولويات وحاجات الناس، مؤخرا جاءت إحدى هذه الإطلالات بخصوص تعديل الفقرة 57 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 والخاصة بأحقية حضانة الأطفال في حالات الطلاق، وبحسب ما ذكرته مسودة القانون المعدل في الأسباب الموجبة ومنها “ الحفاظ على الأطفال من الضياع والتشتت وتنظيم الروابط الأسرية وتحقيق التوازن بين حقوق الطفل وذويه . . . “ وأسباب اخرى متذرعين بها على إنها تتفق مع مبادئ الشريعة الاسلامية. كذلك حسب تصريح بعض أعضاء اللجنة القانونية النيابية أن الغرض من التعديل لتحقيق العدالة بموضوع حضانة الأطفال، وإن بعضهم ساق حججا واشاع أن ذلك يقلل من حالات الطلاق اذ أنه يمثل تهديدا أو هاجسا لدى الزوجة بفقدان حضانة الأطفال.

والتعديل جاء بالتحديد أن تكون حضانة الأطفال للأب مباشرة وليست كما معمول به الآن وهي أن الحضانة للأم ويسمح للأب برؤية الأطفال بشكل دوري. وهنا نقف أصلا على أسباب الطلاق ومسبباته وهي كثيرة وترجع للزوجين حصراً، أما الأطفال فهم ضحية هذا التصرف والموقف وهو الطلاق، وبادعاء أن التعديل يقلل من حالات الطلاق أي أن الزوجة يجب أن تتحمل سلوكيات وتصرفات الزوج السيئة ومعاملته غير الانسانية لها وهو ما يجعل الزوج يفعل ما يفعل بها وتبقى صامتة خوفا من فراق أطفالها وحضانتهم. وفي ادعاء آخر أن حضانة الأطفال مع الأم قد يعرضهم لتعسف وتعنيف زوج الأم الجديد، وفيما يخص البنات من الأطفال يتحول لموضوع تحرش، متناسين أن الحضانة للأب ايضا قد تعرض الأطفال لتعسف وتعنيف وسوء المعاملة من قبل زوجة الأب، وواقعا فإن حالات تعرض الأطفال المحضونين لدى الأب لمعاملة سيئة من قبل زوجة الأب هي الأكثر شيوعا وانتشارا وهو ما مطلوب أن يكون له تشريع وقوانين ضامنة لسلامتهم. ومن هذا نلاحظ ما تحمله عقلية المشرع من فكر ذكوري يكرس لسطوة الرجل في المجتمع ويزيد من ضعف موقف المرأة والزوجة بالتحديد في ظل مشاكل وتعقيدات كبيرة تعاني منها المرأة العراقية في وقت تشهد كل بلدان العالم والتجمعات البشرية تحولا نحو العدالة والمساواة وتمكين المرأة، أضف لذلك أن الخوض في قوانين ومشروعات لا تحتل مراتب متقدمة من أولويات مشاكل المجتمع مقارنة بالفقر والبطالة والسكن والتراجع الأمني والاقتصادي والحريات العامة ومكافحة الفساد وكثير من المشاكل والقوانين التي تنتظر الحل والتحديث بما يسهم في تعزيز رفاهية المجتمع ، يبقى الخوض في تلك القوانين والتفصيلات الثانوية امراً يبين مقدار الفجوة بين الشعب وممثليهم في السلطة التشريعية وانعزالهم تماما إلا بما يخدم مصلحتهم وعقدهم العقلية وتوجهات كبارهم .

******************

الصفحة الرابعة عشر  

فضاء شعبي

الاسلوب الدرامي الشعبي

في قصائد ضياء محسن

علوان السلمان

(للشاعر:

اغنيلك..

وكلك يا تعب فدوة

العمر سيس هرش بالماي)

النص الشعري بكل اشكاله وعوالمه عاطفة متوهجة خالقة للتساؤلات بالفاظ محققة لفعلها وتفاعلها الانساني وهي تسعى لتحقيق ذاتها المنتجة..كونه نشاطا ذهنيا يركز على اللحظة المستفزة ويسجلها بالفاظ موحية خالقة لصورها الشعرية التي تعني بمظاهر الخطاب اسلوبا وبناء ودلالة..

ـ حباب ضي الكمر.. مشط الكاع او غاب

ـ خاف الماي يصعد غيم.. ويجيس السواجي تراب

ـ ونص الصورة القصير جدا اخر المحطات الشعرية والشكل الحداثي المجاري لحركة العصر والتطورات  الحضارية شكل انعطافة تاريخية وتحولا فنيا وفكريا معبرا عن رؤى المنتج (الشاعر) القائمة على التكثيف اللغوي والايجاز والاختزال الجملي والرمز والحذف والاضمار مع ضربة اسلوبية ادهاشية..وهذا ما تكشف عنه نصوص الشاعر ضياء محسن الشعبية التي تميزت بغنائيتها ومضمونها الانساني وتجاوزها مبنى ومعنى.. وهي تحث الخطى متناغمة والصوت النوابي المجدد شعريا..

بين الآه والحسبات

افك بيبان المعاتب

وكلك يا حلم ترضه

الشمس شحت ضواها اوياي

اكلك يا حلم ياليوجعني منين

وانت تعرف هنه هواي.

  فالنص يطرح افقا متجاوزا بتفجيراته الدرامية المرتكزة على تقنيات فنية امتدت على امتداد الجسد النصي السابح في عوالم متصارعة مؤطرة باكثر من زاوية رؤية فكرية بحكم حركة التحول والانفعالات المشهدية التي تقوم على شبكة من العلاقات (الحدثية والشخصية والصورة الشعرية..) التي تؤطرها وحدة عضوية نابضة بالحياة.. وكاشفة عن مكنونات الذات الانسانية ومناطقه الفنية وصوره المستفزة للذات الآخر (المستهلك) من اجل استنطاق ما خلفها والكشف عن عوالمه..

انت

يبريسم ضحكتي

وگطرة من ماي السواجي

 الغافية ابفي العمر..

من يشد الفجر حيلة

ايطيح گلبي

ابكوسر اعتابك شذر..

افديوة غطيني ابگذلتك

الغيم لليابس عذر

فالشاعر يوظف الفاظا يومية لتدخل في سياق شعري يكشف عن صراع درامي متنقل من صورته الخارجية الى منطقة الصراع الداخلي باعتماد السرد الحكائي.. فضلا عن استخدامه افعالا  متحركة مشحونة بدلالات مركزية عبر سياق شعري قائم على الصراع الدرامي والحوار الذاتي...

وبذلك قدم المنتج (الشاعر) نصوصا مكتنزة بمدلولاتها عبر لغة تؤكد على الموضوعية والحركية..بنسج الجزئيات نسجا رؤيويا يرقى من المحسوس الى الذهني المتخيل....

****************

الأهوار فردوس السومريين

هناء العبودي

هذا الكتاب نتاج باكورة أعمال امرأة عراقية سومرية الجذور ، ولدت وسط حضارة ماروس السومرية وهي مدينة سوق الشيوخ حاليا ، فيه إشارات ومفردات تذكر لأول مرة عن عالم الاهوار العراقي الساحر ، الكتاب من تأليف هدى الجاسم ، صادر عن دار الحكمة للطباعة والنشر في القاهرة الطبعة الأولى لسنة 2019 ، يقع في 391 صفحة من القطع الكبير ، يتكون من عشرين فصلا ، جاء الفصل الأول بعنوان (في جنوب العراق) تتحدث فيه الكاتبة عن منطقة الاهوار ، اذ تشكل مساحة المحافظات الجنوبية الثلاثة : البصرة والناصرية والعمارة ، وهي تعد اقليما (ان صح التعبير) فريدا من نوعه في العراق والعالم اجمع يسمى (إقليم القصب) نظرا لوفرة القصب فيه ، وقد قدرت مساحته بـ (10000) كم٢ من العراق تميزت المنطقة بوفرة مائها وقلة ارضها اليابسة ، إضافة إلى أقاليم أخرى مثل إقليم تربية الجاموس،  وإقليم الزراعة ، بينما جاء الفصل الثاني بعنوان (المرأة الاهوارية) ، تحدثت فيه هدى الجاسم عن المرأة في الاهوار والظلم الكبير الذي وقع عليها نتيجة العادات والتقاليد السائدة في المنطقة تحت وطأة القبيلة والعشيرة،  وقد شكلت هذه المرأة صورة جميلة وعميقة بمؤازرتها لاخيها الرجل سواء كان زوجا أو أبا أو اخا في أغلب المجالات، فيما تحدثت في الفصل الثالث (الفن بالاهوار) عن آلة الناي، والجدية في الحب والشجن عند عشتار حين تندب وتنوح على الفتى السومري العاشق (الاله تموز) ، والناي تاريخيا من أقدم الآلات الموسيقية بحسب المصادر التاريخية والرقم الطينية التي عثر عليها عند السومريين والبابليين والمصريين ، والاسم القديم له ( نا) أو( نابو) ، وتحدثت ايضا عن أبرز المطربين الريفيين في تلك الحقبة ومنهم مسعود العمارتلي الذي اشتهر بطور المحمداوي الذي نشأ في عشائر آل بو محمد واول من غناه محمد بن يسر ، وطور الصبي نسبة إلى طائفة الصابئة الحالية ، إضافة إلى أطوار أخرى كطور الصالحية والساعدية ومن أشهر مطربيها نسيم عودة ، فيما تخصص الفصل الرابع لاصحاب الديانة المندائية في الاهوار الذين يتكلمون اللغة المندائية  mandaen وهي من اللغات السريانية والإرامية القديمة، واليهود الذين يتكلمون اللغة العبرية وعلاقة كلتا الديانتين مع المسلمين ، أما الفصل الخامس فقد تخصص بـ ( المعدان) وهم اقوام عربية سكنت الاهوار ومفردها (معيدي) ويتميزون بتربيتهم الجاموس واعتمادهم على صيد الأسماك كمصدر للرزق كما يتميزون ببناء صرايف القصب ذات الطراز المعروف بـ ( المضيف) فضلاً عن صنع قوارب الخشب التي تسمى المشاحيف (جمع مشحوف) أما الفصل السادس والسابع فقد تحدثت الكاتبة فيهما عن معنى كلمة ( هور) وهو القطيع من الغنم سمي به لان من كثرته تجعله يتساقط بعضه على بعض كما جاء في معجم تاج العروس ، والراي الثاني ما لا يرى طرفاه من سعته كما جاء في لسان العرب لابن منظور ، فيما خصصت الفصل الثامن عن الأمثال الشعبية الشائعة في الاهوار باللهجة العراقية الدارجة وهي الأمثال نفسها التي يتداولها سكان مدن الناصرية وميسان والبصرة.

والفصل التاسع عنوانه ( الاهوار والمبدعون) وفيه سلطت الباحثة الضوء على بعض الأسماء الاهوارية المبدعة مثل الشاعرة فدعة الازيرجاوية والاديب والكاتب فهد الأسدي،  فيما خصصت الفصل العاشر للحديث عن العادات والتقاليد في الاهوار مثل ( الرادة) وتطلق عادة على الرجل الذي يرغب بالزواج من امرأة يقولون عليه ( رجل عنده رادة)، و ( المشاية) عندما يذهبون لخطبة فتاة، وكذلك عادات وتقاليد أخرى خصوصا ايام الاعياد منها زيارة الاهل والأقارب ومضيف الشيخ لإلقاء التحية والسلام في العيد وتناول الأكلات الشعبية المشهورة مثل ( المسموطة) وهي الأكلة المفضلة لدى الاهواريين،  واكلة ( الطابك) و( السياح) فيما تحدثت في الفصل الحادي عشر عن الاهوار وجمالها بعنوان ( لوحة من الاهوار ) أما الفصل الثاني عشر بعنوان ( حضارة القصب) وتذكر فيها اول أداة للكتابة وهو القلم المصنوع من القصب الذي جعلت حافته مدببة ليكتب على لوح الطين الحرف الأول من حضارة وادي الرافدين، تسترسل الباحثة بقية فصول الكتاب ، فيأتي الفصل الثالث عشر بعنوان ( الرسالة الاخيرة) وفيه تحدثت عن ارتفاع منسوب المياه في بعض ايام السنة والبحث عما يأويهم من (شكوص) (جمع شكص) وهو مجرد سقف من القصب إلى( بارية) والتي تكفي فقط للجلوس .

أما الفصل الرابع عشر بعنوان ( عشق الاهوار) والفصل الخامس عشر بعنوان ( قصائد من الماء والقصب والبردي)، الفصل السادس عشر (منازل القصب)، الفصل الفصل السابع عشر بعنوان ( سفينة دجلة)   الفصل  الثامن عشر عن ( البيئة في الاهوار) ، الفصل التاسع عشر عن  ( المصايف في الاهوار) ، وأخيرا الفصل العشرون بعنوان (حكايات واساطير) والذي اختتمت به الباحثة الكتاب بما هو متداول بين الناس جيلا بعد جيل من اساطير وحكايات أشبه بالخيال مثل أسطورة الطنطل،  عصا كلكامش ، يشن ابو الذهب ، وأبرزها وأشهرها ( تل حفيظ) الشهير الذي يعتقد أنه يحتوي ص على كنوز نبي الله سليمان وليس بمقدور أي شخص الوصول لهذه المنطقة وان وصل تطاله لعنة الاختفاء!

*********************

مشتهيك

سامي عبد المنعم

الغربة هزتني .. وإجيتك

كلّش إمغيم  حزن

گلبي إبغيابك

سلّمتلك كل مفاتيح العمر..

وبعدك .. إمعسعس ليل

يا مطوّل عقابك

مدري ليش ..؟

أتخيلك شباچ .. وآنه إبسجن

وألتذ إبعذابك

إنته بيدر كرم .. للمگطوع دربة

وآنه سايل .. ذايب إمنلخجل

مصلوب إعله بابك

جيتك إمچلچل برد ...

وضلوعي تتراجف مطر

مشتاق أشم ريحة ثيابك

خرّبت كل العمار الچان بيّه

ولك .. يامحله خرابك

مشتهيك ...

مشتهي أرجع طفل

كلّش طفل .. وزغير كلّش

حته أحس إبهيبتك

وأحسب إحسابك

ومشتهي إتعذبني كلّش حيل

كلّش حيل .. وأرتاح العذابك

شوفني ...

ولك شوفني أترجاك يمعوّد

ولو مرّة إبحياتك

لابس ثياب الحزن للدوم ..

وإنته عدل بيّه

إشراح ألبس في مماتك ..؟

إنته ليلي ..ودنيتي

وعمري الخسرته

وآنه أتباها على الوادم ..

إبراحة بال..وأعتزإبصفاتك

بيّه سولة صبّي ..وإنته الماي

وماخذني الغرام ..

ليش يا شط الفرح تجري عكس

شنهو المرام ..؟

ليش كاتلني العطش

وعيونك إبروحي زلال

ياما صحتك ..إشكثر صحتك

وحشميت الناس..كل الناس

يمعوّد تعال

وما إجيت ...

ماإجيت .. وشمتت بيّه درابين العمر

والوكت سواني محطّة إبلا قطار

 وما إجيت..وخلص كل عمري إنتضار

تردس إبروحي ردس عايل ..

أوتتبختر دلال ..وآنه مجنون إبحلاتك

مثل ميّت عشگ..محتاج الصلاتك

آنه .. مثل أمراية بالظلمه ..

ومحتاج الضواك

إتريد أضويلك عشگ ..؟

لوأطفه وحدي

هاي مرهونه إويه ذاتك

مرّة حذّرتك إتعاشر ليل ..

وإيجيسك ندّه

وإتصير لذّة عسل بيّه

وأسكر إبمزّة حلاتك

آنه ودّي إتضيع ويّه الورد

نسمة ليل ترفه  ..

حته أضل محتار 

إنته الماخذ إمنلورد خدّه

لوهو ماخذ من صفاتك

ياحلاتك .. ياحلاتك

وياحلات العمر لوضل دوم

محتار إبصفاتك

*****************

إصدار

كتاب جديد بـ 3 اجزاء

لـلشاعر كاظم السيد علي

صدر للصحفي والشاعر كاظم السيد علي , كتاب بعنوان (الفرات المغرد ) من ذاكرة الادب الشعبي العراقي بثلاثة اجزاء , وهو يضم دراسة موجزه لعدد كبير من الشعراء الاموات منهم والاحياء , وحسب الحروف الابجدية من الشعراء الذين تناولهم الكاتب: ابراهيم الخليل ابو شبع – جياد الاعمى – حسين الاديب  رسول محي الدين – زايرالدويج– زامل سعيد فتاح – شكر حاجم الصالحي – صاحب الضويري– ضياء محمد – طاهر المصري – عبود غفلة - فلاح الفتلاوي –  كاظم المنظور – كاظم خبط– لطيف حسين – محمد علي القصاب- ناظم السماوي - هادي العكايشي . وغيرهم , يقع الكتاب  بحدود ( 144 ) صفحة لكل جزء , فهو من القطع المتوسط صمم الغلاف الفنان الدكتور فلاح الخطاط . 

******************

الصفحة الخامسة عشر 

نقد

تعدد الرواة في رواية “ خلو “ لطه حامد الشبيب

نقد الشخصيات هو تعدد وتباين المواقف والرؤى

رنا صباح خليل

يقدم الروائي طه الشبيب روايته (خِلوّ) ويمنحها مساحة نصية كبيرة تفترش عليها وجهات نظر متعددة ومفاهيم متداخلة وأحداثاً تختلط بسنواتها وأيامها، يتبنى طرحها ويملأ موائدها سردا رواة عديدون يمنحهم الروائي مقاليد الروي ويسلمنا نحن القراء مفاتيح الدخول للتعرف على كل شخصية وهي تعبر بطريقتها عن نفسها وعالمها والحيوات التي عاصرتها أو تنبأت بوجودها، وبذلك انتفى وجود أنا مهيمنة من بداية الرواية الى نهايتها على الرغم من إن الروائي يفتتح الكلام بصيغة المتكلم،  لكننا حين نلج القراءة ونتهجى سفحها بروية نقف على أنوات متعددة وحكايات متداخلة متوالدة الأمر الذي يجعلنا نظن أن هناك أنا أخرى تختفي وراء جميع الأنوات وهي الأنا الكبرى التي ربما هي الأنا المفاهيمية وليست أنا المؤلف أو السارد التي كثيرا ما تتخفى مقنّعة نفسها لأغراض فنية أسلوبية؛ وما يجعلنا نؤكد ذلك الظن ما يتضح لنا خلال الروي من أن مفهوم الغيرة ودلالته هو الصنو المتخفي لتلك الأنا المفاهيمية التي أشرنا إليها وهي  كثيراً ما جاهدت لتثبت وجودها ونجحت في تجسيد أبعادها عن طريق مواقف وأحداث ليس بوسعهاأن تنمو وتتضافر لولا بروزها على السطح وتشكلها بكينونات متعددة وابتعادها عن كينونة واحدة يستأثر بها الراوي؛  ذلك ان الراوي الذي يروي مستعينا برواة عديدين وأصوات مختلفة  هو لا يروي سيرته  وأيامه،  فقد  مثلت رواية (خِلوّ) فوضى أنظمة سياسية ومجتمعية قد تُوهمنا أحيانا بمفهوم البطولة كلما تبنت شخصية من الشخصيات مهمتها في إزجاء رؤاها وإدلاء مضامينها داخل المتن الروائي لتمتحن فينا مسألة مهمة في الرواية وهي غياب الحكاية الذاتية الواحدة إذ هي رواية مجتمع  انتهكته الفنطازيا ممزوجة بالخيال ومتزينة بأحداث واقعية آنية ومستقبلية لتشكل جملة هموم تداخل زمنها واستعمل فيها الروائي تقنية الأنحراف السردي، ليبدأ السرد انطلاقا من مقتل (حاتم الديو) أمام باب بيته ويمضي استرجاعياً حيناً واستباقياً حيناً آخر… ومن ثم الوصول لشخوص حالمة وباحثة عن الحياة، ولكنها تقع في معترك خيبات شعب أصيب بالهذيان الذي كثيرا ما نتلمسه في مضامين الروي .

إن تعدد الشخصيات الرواة في رواية (خِلوّ) هو تعدد وتباين في المواقف والرؤى، فهناك شخصية تنطلق من مبدئها القيمي البسيط وخيالها الفنطازي وهذا ما يمثله (حاتم الديو) الذي أحدث الروائي معه نوعاً من التخييل العجائبي وذلك بتجاوز الزمن وتخيل الأحداث بعد عقود في الرواية، وهناك شخصية تنطلق من وعيها الرائي عن بعد ويمثلها الراوي الذي يسرد بعض التفاصيل ويوصل الشخصيات الأخرى الى منصة الحكي ويقلدهم أوسمة الأفصاح والأدلاء، بينما تتبنى شخصية أخرى الأنطلاق من أحلامها رابطة مفاهيمها وافكارها بالواقع المعيش وهو دور اتخذته شخصية المثقف (ضرغام) في الرواية، بقي لدينا من الرواة (ابو الهدى) وهو الشخصية التي تنسج من الماضي بساطاً تمده على مساحة الحاضر مستعينة بخيوط فنطازية منمقة بصبغة أحداث آنية ووقائع قائمة على صرح الرواية مأخوذة من حيوات شعب وآمال أجيال، أما الشخصية الخامسة للروي فهي (نشمية ام الخبز) وهذه بمجرد النظر الى تسميتها يأخذنا الانجرار الى الشخصية الشعبية البسيطة الواعية وعياً تعبوياً موروثاً يمدها بمصل المقاومة والمساندة في الاعتصام الكبير اذن هي الشخصية المنطلقة من ذاتها والمندفعة بفعل همٍّ تراكمي متعلق بحب الوطن وحب الأرض ممتزجاً بإحساس أمومي شجي ينضح قساوة ونضوباً في الوقت نفسه لعدم وجود حياة حرة كريمة، ومن ذلك يتضح أن تلك الخطابات التي ترك أمرها السارد للشخصيات كانت متلفظة ومبئرة في الوقت نفسه وفي مواجهة مباشرة مع القارئ  تُبئر الحكي  خلال وعيها معلنة اختفاء الراوي العليم مثبتة أن موقع الرؤية أو صورة الراوي في رواية (خِلوّ) هي الشخصيات الرواة وبالتالي كرست لفكرة التبئير الداخلي حسب مفهوم جيرار جينيت في تصنيفه لأنماط التبئير.

مستويات اللغة لرواة (خِلوّ):

إن اللغة في العمل الأدبي تؤدي وظيفة جمالية، لا وظيفة إخبارية تقريرية، كما هي حقول أخرى، على حد قول أوستن وارن ورينيه ويليك في كتابهما المعروف “نظرية الرواية” فقد أكدا قبل غيرهما، على أن اللغة في الأدب تحمل نبرة المتحدث بها وتهدف الى التأثير في القارئ وتغيير موقفه (1) . وما يلفت الانتباه أن هذه الرواية ليست رواية للتسلية والترفيه مع أن القيمة الجمالية شاخصة فيها وفي لغتها وهي تذهب باتجاه طرح حداثي يدخل في ادلجة منظومة مجتمعية امتدت لاجيال وتشعبت وتشابكت في أزمنتها وهي تكشف عالم الشخصيات النفسية والاجتماعية والفكرية وعلاقاتها بما دار ويدور في محيطها من أحداث كبرى، أما متعة التلقي فهي تكمن في ارتياد التجربة الإنسانية بألوانها المتعددة وأبعادها المتنوعة عن طريق الخيال الابتكاري والتشكيلات اللغوية غير المألوفة من مثل “ حاتم انخطف قبل منحه الإجازة رفضها. الصوت امره بالمكوث حيث يقف عند مدفعه اللايزال ينفث دخانا” ص8 .

الرواية تبتدئ بقصة دولة نشبت بينها وبين جارتها من الدول حربا كان فيها من الجنود المتحاربين (حاتم الديو) الذي يُرفع في إحدى المعارك الى فوق ويُرفع معه جندي آخر من البلد العدو بالكيفية نفسها ليجتمعا بطريقة عجائبية ويتآخيا، وتبدأ رؤاهما لما يدور في الأسفل مع اجترار التنبؤ بالمستقبل وأحداثه، ولم يسمِ الروائي تلك الحرب ولم يذكر بين من نشبت فقد تجاوز المسميات الصريحة وهذا نهج انتهجه على مدار أحداث  الرواية حتى في الموضوعات التي تلت تلك الحرب وصولا الى التنبؤ بنزول كائنات فضائية تجبر الناس على المكوث في المنازل وإلى قيام اعتصامات كبرى وإلى بناء نفق كبير لتهريب خيرات البلد وإلى انتهاك الحقوق وانعدام المنطق وخنق الحريات بمفهومها الصحيح ومناقشة معنى الديمقراطية مع حضور طاغٍ لابراز درجات متفاوتة من الوعي كانت تستدعي لغة قادرة على التعبير عن الألم المتأصل في النفس بأصوات مختلفة.

لم يعمل الروائي على ابراز طوبوغرافيا البلد الذي واجه تلك الأحداث مع وجود إشارات بسيطة لمعالمه الخارجية وانصباب التركيز على الداخل وعلى الأحداث المريرة من مثل التهجير للناس الذين يتبين عدم تجذرهم أصالة لذلك البلد.

 هناك تسليط للضوء على زوايا معينة شكلت همّا جمعيا لذلك البلد على مدار سنين وعقود من الزمان بهدف خدمة الحدث العيني وكأن الروائي يستعير من السينما تلك التقنية ومن ذلك كلام ابي الهدى وهو يحدث السارد بما جرى في بلده فيقول: “ في الحقيقة والواقع استاذ إنه خبر الأخبار.. قصدي ابو الأخبار جميعا.. الخبر يقول إن هناك أعمال حفر تحت سطح الأرض .. لم تتوقف منذ ابتدأت ولا للحظة واحدة .. ولا لرمشة عين واحدة . منذ متى؟ منذ ساد الخِلو مدن بلادنا. إنها اعمال حفر عظيمة هائلة عملاقة .. استاذ احتاج كلمات للتعبير .. قاموسي فقير . الحفريات تبدأ من الجانب الآخر لحدود البلاد .. قصدي من تحت سطح ارض البلاد البعيدة، ثم تستمر وتستمر حتى تمر من تحت خط الحدود.. فتدخل بلادنا . واين تنتهي؟ الخبر يقول إنها وصلت إلى جميع مدننا وقرانا.. وصلت تخومها فعلا وحقا” ص69. 

من النص السابق يتبين لنا أمران أولهما أن أبا الهدى يتحدث وهو مؤمن بأن قاموسه اللغوي  فقير نسبة الى السارد الحقيقي للرواية وهذا يدلل على علو لغة السارد وتفوقها عليه وثانياً أن النص يشير إلى الانتهاكات المستمرة لذلك البلد من قبل الجوار وهي على مدار سنين كثيرة وتلك زاوية نظر تم التركيز على تبيانها في الرواية على وفق مشاهد وسرودات أحداث غذت جانباً كبيراً من هموم الروي داخل الرواية .  

ليس من الصعب على القارئ الحاذق اكتشاف أن ذلك البلد هو العراق خلال استشعاره ألما حارقاً وجرحاً نازفاً مع نضوب الإحساس بالغيرة على الوطن وهو يتلمس جانبا تعتليه شلة من الخونة تكون بيدهم منصة الحكم في البلد مع  تنامي الإحساس بالغيرة وبقوة في جانب آخر يتبنى تمثله (حاتم الديو) و (ابو الهدى) و (المثقف ضرغام) و ( نشمية ام الخبز) ومن مسوغات ذلك الأكتشاف ما يتضح من غرائبية موت حاتم الديو والاختلاف على وقت وفاته أو مقتله إذ إن الرواية تفتتح بمقتله ويوهمنا أبو الهدى أحد الرواة المهمين في الرواية بأن موته جاء متأخراً وربما مع أحداث فترة الخِلو أي في وقت نزول الكائنات الفضائية وخلو الشوارع من الحياة أو في فترة الهيجان الكبير ومن ذلك ندرك أن الروائي أراد افهامنا بأن الشخص الذي قُتل في تلك الحرب التي جرت أحداثها في بداية الرواية هو نفسه صاحب الغيرة الذي واجه فترة الخِلو وهو نفسه الذي خرج في الاعتصام وقت الهيجان الكبير وهو نفسه من تجره الغيرة في الذود عن الوطن بالروح قبل كل شيء في جميع المواقف والأحداث وبذلك اتضحت لنا فكرة الأنا المفاهيمية التي أشرت إليها في بداية حديثي، إذ ان السرد هو شكل من أشكال التمثيل المتمحور حول الفعل الإنساني وأن افعال الشخصيات تُظهر حقيقة حالتهم النفسية اكثر مما يظهره وصف افكارهم الداخلية لفهم الفعل ولفهم المغزى الذي يكتنف أي موقف، وهذا يحتم على الروائي بناء الرغبات والأهداف والمعتقدات والخطط التي تقوم بتحفيز الشخصيات الفاعلة وهي جميعها هنا شخصيات راوية ارتضت لنفسها المنظور الايديولوجي الذي يوافقها ويكون متلائما مع لغتها ومنطلقاتها من دون أن تجعل المتلقي في ذلك مستلبا أو مخدوعا ويعني هذا أن هذا النوع من الروي مختلف تماما عن الروي المونولوجي الأحادي الموقف والأحادي في الأسلوب واللغة والمنظور وذلك بوجود تعددية حوارية حقيقية على مستوى السراد.

حرص الروائي على التركيز في روايته على اللغة السردية الغنية في إشاراتها وايماءاتها مع الأغراق في الطرح الفلسفي الذي يتحدث به عامة الناس أي الطرح الذي لا يستند الى نظريات وإنما الى وجهات نظر قد يتحدث بها جندي بسيط مثل(حاتم الديو) الذي له آماله واحلامه التي لا تتعدى العيش الكريم في عائلة متحابة وتطلعات نحو الاشباع الجنسي والتمتع بنعم النساء وهذا له لغته التي يتحدث بها ويفهمها كل من يمشي في شوارع محلته لبساطتها فعالمه ليس فيه سوى زوجته وصاحبه الجندي العدو وقريبه عامل المقهى وهذه الشخصية لا تحتاج إلى مستوى عالٍ من اللغة فأبو الهدى ابن المحلة المتنور يمتلك لغة أعلى منه، إذ تميل لغته الى الحكمة والحذر والتروي مع مسحة فنطازية لعبت دوراً مهما في تبني رؤاه حين كان يتحدث عن (حاتم) الذي سمع عنه ولم يلتقِ به وكأنه عاصره،  أو امرأة أمية مثل (نشمية أم الخبز) التي تمتلك مخزوناً معرفياً اكتسبته من تجارب الحياة وتميل لغتها الى الشعبية الدارجة مخلوطة بحنكة الكبار، وجميع من ذكرت تتفاوت مستويات اللغة لديهم صعوداً ونزولاً على الرغم من توازنها ولكنهم جميعاً في اختلاف واضح المستوى ولو قورنوا مع السارد لوجدنا أن حديث السارد أعلى منزلة من تلك الشخصيات التي ذكرت ولا يتفوق عليه سوى المثقف ضرغام الذي كان يحكي له ما جرى في الهيجان الكبير؛ ذلك أن بنية هذه الشخصية تشكلت بتفاعلها وتمازجها مع شخوص أخرى قد يختفي الحد الفاصل للتمييز بين كلامها وملفوظاتها مع بعض الشخصيات مثل ضرغام الذي قلنا إن لغته كانت أعلى من السارد بامتلاكه لغة الحماس أحياناً والتسرع أحياناً أخرى والضخ القوي للمعلومات في أحياناً كثيرة والاستئثار بأغلب صفحات الروي فهو في جميع الأحوال والمواقف يكتنز جعبة مفاهيمية ليست هينة تتطلب لغة والفاظاً واسلوباً مختلفاً غايته خلق التماهي بين المحيط واللغة من ناحية، وبين الشخصيات التي يلتقيها في الرواية مثل ابي الهدى وسرد الأحداث من ناحية ثانية .

إن تكثيف اللغة في عمقها الرؤيوي والفلسفي كان أكثر وعياً في بعض المواقع كحديث أبي الهدى عن الكائنات الفضائية وكيفية تزاوجها أو انقضاضها على البشر وطريقة أكلها لهم أو حديث ضرغام عن القناة التي تؤمن للشباب خروجهم من فتحتها كي ينكبون على التواصل الاجتماعي عبر الفيس بوك والموبايلات لغرض انجاح ثورتهم واكتساب حقوقهم، وفي ذلك قد يتعدى الروائي خطوطه دفعاً بالشخصيات نحو التسامي مع القارئ فهو يقدم سردا فيه مزيج من خرافات وقصص عجيبة تحتاج إلى فرز وتمحيص دقيق كي يتمكن المتلقي من معرفة أسرارها حين يصوغ أبعاد لغة أبي الهدى وأسلوبه، وكذلك حين يتحدث عن واقعية ما يقوله ضرغام فالروائي بالنتيجة معني بإبراز هوية أصحاب الأصوات أي الرواة حتى وإن تكشفت حالة من التنافر بين مستوى اللغة المحملة بالكثير من الرموز والإيماءات، وبين أفكار هذه الشخصيات المعروفة للقارئ وهنا يبرز صوت السارد الذي كثيراً ما يحدث نوعاً من البلبلة وهو يتسلل إلى الروي من مواقع مختلفة يتحكم بها الروائي بنفسه. 

******************* 

أبٌ محتملٌ

حميد حسن جعفر

قبلَ سبعة و ثلاثين عاماً،و قُبَيْلَ أن أعبرَ العتبةَ،

عاينتُ ما ورائي، كانت الرحبةُ واسعةً،

رأيتُ نعجةً حبلى، و أكياسًا من شعير و هرطمان ،

و رأيتُ حوضَ ماءٍ تتوسطه نافورةٌ،

و إمرأة  تحفُ بها ملائكةٌ،

إمرأةٌ ما زالت  تذكرني ب -حَلَبَ-

و أُذكرها ب- القيروان -

،،،،

حين أنفلتُّ من المستطيل  الذي يملؤه ضوء الباب،

قلتُ:لها الله ولي الوشاة  والشعراءُ،

لها الهرطمانُ ولي القاطراتُ،

لها الشعيرُ،و ما جفَّ من الخبز

و لي المرائبُ ،و بساطيلُ الجند ِ

لها الرائقُ من الماء ،و لي الحدودُ، و تقلبات  الغوايةُ،

لم أستطع أن أنسى إمرأةً لم تتركني حين انفردَ الوجدُ بها،

لم أتركْ جسدا ًكنتُ أتنقلُ و إيّاهُ في غرفِ الأمانات،

أو عند  صبية وعدتها بالمحبةِ،لم أدفعْ بعربةٍ كنتُ

أستقلها  بين أوحالٍ،و أرصفةٍ،و نسوةٍ لم يتعلمن  اللعبةَ،

كنتُ أ عدُّ وضوحي ،لأبتعدَ عن الأخطاء،

ووووووو

كيف كنتُ و إيّاكِ نلملمُ أصابعنا على بعضها،

لنحسَ إنّا بعيدينِ عن التهلكة،

ما كنتِ الفراشةَ التي أسلمتني للسيرك،

ولا الطريقَ المؤديةَ الى الجنةِ،

وما كنتِ اللغةَ ذاتها  قبل سبعة و ثلاثين عاما،

وووو

بعد  سبعة و ثلاثين فرقداً

و حين دفعتُ بضلفة الباب ،

-وكان المفتاح قد انتهى  وسط كومة من الصدأ،-

واجهتني المئاتُ من  الخراف  التي تشبه  غيوماً،

و مثلها أو ما يزيدُ من النعاج الحوامل،و العشرات

من الرعاة،كلٌ يحمل عصاه على كتفه،و كل عصا

تنتهي بزوادةٍ،

واجهتُ نسوةً متلفعاتٍ بالبخار،

كانت السهولٌ فسيحةً كالظلمةِ،و أحواضُ الماء

متناثرةً كالشهبِ ،و كان اللهُ حاضراً في كل مكان،

حين عاينتُ النسوةَ ،

نسوةَ الرعاةِ،او نسوة الندلِ،أو نسوة الطباخين،،

رأيتكِ تتوسطين أطفالًا بعدد أبواب الجنة ،

قلتُ:من أولئك؟

قلتِ :بنوكَ،

قلتُ:ألم تكوني معي حين إجتزتُ حمرينَ؟

ألم تتقدمي حشودي في نبسابور؟

ألم تغسلي قميصي -ذاك الليموني - على

شاطيء المتوسط،-حيث غزة -?

ألم تكوني التي راقصت جسدي عند أقصى

حدود الهند؟

قلتِ:وبنوكَ!

عاينتهم  واحدًا واحدًا ،إثنينِ إثنينِ،حشدًا ،حشدًا ،

كانوا كأصابعي ،وجوه تتطلعُ نحو أبٍ محتملٍ،

أسناجبُ تلكَ؟أم حملان ،أم الباب  لم تكن التي

كنتُ قد خلفتها قبل سبعة و ثلاثين عاماً أو قبل

 أربعين خطوة  وما سوانا،

—أنا والمرأةُ و نطف قد أكون أو لا أكون مرجعيتها —

وما سوانا كانمأخوذاً بأحواضِ ماء كالنيازك،و بقدور

حليب  يغلي،و بهرطمان يملأ السهوبَ،و بأسوارٍ من أسلاكٍ،

تُبّعِدُ ما  يلوح لها كالذئاب،أو من اللصوص،او الغزاة ،

قالتّ:قد ترغبُ بكوب شاي،أو بشيء من الزبدة بالسكر

بخبزة  شعير،أو  بآنيةٍمن الرز  مع لبن رائبٍ،

أما زلتَ كما كنتَ؟تبدو معافى كأي كبش مبارزة،

قلتُ:ماعدّتِ كما رأيتكِ،فكيف  أكونُ كما كنتُ،

و ذاك الجراب  تملؤه أعشابٌ و عيدانٌ،و برامج

تغذيةٍ،و إبرٌ صينيةٌ ، وأدواتُ حجامة ٍ،

قالتً:أرى عليك الدهشةَ،،ألم تر فضاءًكهذا ،

و أُناساً كهؤلاءِ؟

قلت:رأيتُ و لكن،

كان باباً تطل على الفسيح من الأرض،

و تلالاًمن الشعير  و الهرطمان  واليابسُ من الخبز،

كانتْ نعجةًمن غير راعٍ،و حوضًا كمشكاةٍ،

لا جحافل،لا ناقلات جندٍ، لا أصحاب إحتياجات ٍ خاصةً،

لا أناشيد،

قالت ;و الآن،

قلتُ:ابناء   كالمخافة ِ،و بيت مفتوح للجميع ،

أكتافٌ تسندُ بنادقَ لا عصيَ، لا عصافيرَ بين أحجار السور،

لا غسقَ تصنعه المواقدُ،ولا دخان ابيض يعلن عن إنطفاء

الحرب ،أو إفتتاحِ جنةٍ، او إقامة صلاة الذي عاد ،

و إمرأتان  لم أنس التي تركتها خلفي،،ولم أتذكر التي

استقبلتْ بقاياي ،

قلتُ:ومن سيمتحن الآخر ؟

قالتْ:تلك أجوبتي ،كانتْ في الخمسين ،أو في السنةِ

التي قبلها،،او التي بعدها،تفوحُ بقوامِ كالبريةِ،

شفتاها الرمانُ،وما تنطقُإنِ الا بعضَ فيء السيسبان،

لم تكن التي سقتني الزنجبيل  عند تخوم يثرب،

او التي منحتني كرسيها حين دخلتُ مشرقاً  في

اصفهان، أو التي دلتني على صحف ٍ و موائدَ،

لأعلن َ عن مضيعة أوقاتي،

لم تكن التي أودعتها عقاراتي ،و وَرِقاً من ذهبٍ خالصٍ،

و فرسي،أو التي سأقتسمُ و إياها ثغاء النعاج و وسم

التزاوج، وما يفيض من ظل ِ شاخصٍ مدفونٍ،

وما كانت بقادرةٍ على أن تهشَ على زقورةٍ،

إوأن تطردَ ضيفاً،—وإن كان ذئباً— من على مائدتها٠

**********************

الصفحة السادسة عشر 

إصدار

الدولة العقيمة

عن “دار المدى للطباعة والنشر” في بغداد، صدر أخيرا كتاب بعنوان “الدولة العقيمة: تجربتي في حكومة حيدر العبادي”، من تأليف وزير الموارد المائية السابق، حسن الجنابي. جاء في مقدمة الكتاب التي كتبها د. عقيل عباس، أن هذا الكتاب “يجمع بين ميزتين أساسيتين، الميزة الأولى هي وظيفة شاهد العيان من خلال موقعه الوظيفي العالي في الدولة، وزير في الحكومة على مدى أكثر من عامين، اتيحت له فرصة نادرة ومهمة لرؤية الأحداث والمساهمة فيها، فضلا عن الاطلاع على وثائق ومواقف وصراعات مرتبطة بهذه الأحداث وأخرى غيرها ذات صلة بالشأن العام. أما الميزة الثانية، فهي حضور حس التوثيق التاريخي المهتم بتتبع الأحداث ضمن سياقاتها الدقيقة”.

****************** 

في كربلاء

احتفاء برموز الثقافة والابداع

كربلاء - غانم الجاسور

بحضور الكاتب الرفيق رضا الظاهر ممثلا عن قيادة الحزب الشيوعي العراقي والرفيق الدكتور علي ابراهيم عضو اللجنة المركزية للحزب، اقامت اللجنة المحلية في كربلاء احتفاءها السنوي الثامن برموز الثقافة، وذلك مساء السبت الماضي، على قاعة “فندق الفنار”، وسط مشاركة جمهور غفير من الشخصيات الثقافية والمحتفى بهم وعائلاتهم.

وشارك في الحفل وفد من محلية بابل الى جانب الدكتور عمار المسعودي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق والرفيق الدكتور عبد الحميد الفرج، الشخصية الاجتماعية المعروفة والعضو السابق لمجلس محافظة كربلاء.

بعد عزف النشيد الوطني افتتح الرفيق سلام القريني سكرتير محلية كربلاء الحفل قائلا: تحت شعار “انتفاضة تشرين انعطافة نوعية في الوعي العراقي” تقيم اللجنة المحلية احتفاءها السنوي الثامن برموز كربلاء الثقافية تزامنا مع ثورة تموز الوطنية في ذكراها الـ 63”، داعيا الجميع الى الوقوف دقيقة صمت حدادا على ارواح شهداء انتفاضة تشرين.

واستعرض الرفيق القريني، الذي أدار الحفل، السير الذاتية الموجزة للمحتفى بهم وهم كل من: الشاعر عادل الياسري، الدكتور عبد عون المسعودي استاذ علم النفس في الكلية المفتوحة، الدكتور عدنان عبيد المسعودي استاذ الفلسفة في “جامعة اهل البيت”، والاستاذ خالد الجبوري مدير البيت الثقافي في كربلاء، والشاعر ميثم عبد الجبار العتابي، والشاعر نبيل نعمة الجابري، والروائي سعد السمرمد، والمخرج السينمائي حسين فالح، ومن الهندية الشاعر عماد الدعمي، والمخرج المسرحي احمد الوائلي، والفنانة التشكيلية الواعدة زبيدة محمد الوائلي.

وألقى الرفيق عبد الرزاق جليل كلمة اللجنة المحلية، وجاء فيها: “حرصت محلية كربلاء على اقامة هذا التقليد السنوي ايمانا منها بأهمية دعم الثقافة التي عمادها المثقف الصانع للجمال والذي يثري الحياة بإبداعه في مجالات الادب والفن على الرغم من آثار جائحة  كورونا”.

الدكتور عمار المسعودي ألقى نصا جميلا حمل عنوان “مجازات شيوعية”، تناول فيه البدايات الماركسية في منطقة الحسينية (منشور نصه في موضع آخر من الصفحة).

بعد ذلك دعا الرفيق سلام القريني الرفيق رضا الظاهر والرفيق الدكتور علي ابراهيم والدكتور عبد الحميد الفرج والروائي والناقد الاستاذ جاسم عاصي والدكتور عمار المسعودي، الى تقليد الأوسمة التذكارية للمبدعين المحتفى بهم.

مسك الختام كان عرضا مسرحيا حمل عنوان “وداع الحنظل” من تأليف الشاعر المبدع صلاح السيلاوي واخراج وتمثيل الفنان المتألق عباس شهاب والفنانة وداد هاشم. وقد ألهب العرض مشاعر الحضور وهو يختتم بأغنية “بغداد لا تتألمي” للفنان كاظم الساهر.

*********************** 

مجازات شيوعية

 د. عمار المسعودي

مرة، وفي ليل دامس غزير المطر، زمهرير البرد، كنا أطفالا نتغطى أنا واخوتي بغطاء واحد في المضيف الطيني الذي يقع في أنف البيت المكون من ثلاث غرف وكنا نسميها “طياني”، وطارمة مفتوحة على الشرق أملا في الصباح كنا نحمي بها الأبقار، حتى كنا على طول السنة نعيش وحدة وجودية معها، ففي أنوفنا روائحها وفي آذاننا خوارها. 

في تلك الليلة تم ايقاظنا ونقلنا تحت زخات مطر قاسية تمثل سلطة الشتاء إلى طينية باردة وبعيدة يسيل المطر من جهاتها الأربع .. تخر، وحينما سألنا عن السبب قالوا: الشيوعيون يجتمعون. إنه المجاز الأول الذي تعلمت منه إن الفكر والمبدأ هما أكبر المعاني، ويعدان مجازا في البرد والمطر صوب الصحو والدفء والأمل.  

مرة، تم تطويق بيتنا فقامت أمي، خشية من كتب الشيوعيين وأوراقهم المحملة أدبيات الخلاص من الظلم والاستعباد والامتهان لوجود الانسان، برمي كل “كارات الاوراق” من النافذة الطينية “الرازونة”، فكأنها قد سقطت أمام الشرطة التي تطوق البيت فجرا، وحينما فرحوا باللقية هذه وقاموا بفتح الصرة أو الكارة، وجدوها أوراق تسديد سلف زراعية وهويات أحوال مدنية وأوراق تمليك الأرض وهذا مايعد مجازا في الأوراق. 

مرة، وحينما كان أبي يذهب بانتظام لاجتماعات الخلايا كانت تعترضه مجموعة كلاب شرسة وكان من شدة التحامها وتقربها للفتك به يلقم بندقيته الكسر طلقة تحاشيا لما قد يصيبه منها، وقد تكرر هذا الحال مرارا؛ لكن في يوم مر أبي دون أن تنبحه تلك الكلاب فأجال بنظره شمالا وجنوبا، لكن في استعجاله لاستكمال واجبه الحزبي لم يدقق بالأمر طويلا، في العودة وجد استمرارا للهدوء الحذر؛ ولكونه كان مستغربا ظل يدقق بالمكان واذا ببيت من الشَعر قد بُنِي حديثا وله كلاب شرسة ايضا.. من هنا كان الهدوء، دائما ما يسوقه أبي مثلا للتوازن الدولي الذي في ظله حصل انتعاش الدول النامية، وهذا مجاز آخر من الواقع الحسي إلى الذهني السياسي.

مرة التقيت بشخصية سياسية بعد التغيير في مجلس المحافظة وقد تعارفنا انا وهو ابتداء من ذكر عمه الذي كان قياديا شيوعيا وكادرا تخرج من معهد لينين للفلسفة. ولأني ذكرته بعمه الشيوعي وأمام محفل يغص بالمتزلفين ممسوخي الهوية والوجود، قال لي: ماذا جنينا من الحزب الشيوعي، قدمت إلى دار المعلمين فلم أقبل، إلى الكلية العسكرية فلم أقبل، فقلت له:  انت الآن رئيس مجلس أحد الاقضية لو كنت بعثيا لكنت مجتثا الآن ؛ وأمام تندر زملائه قلت له أيضا: الشيوعية بصمة في الزمن وقفت ضد الاستعمار وضد الاقطاع وضد الفاشية والجهوية والعنصرية وظلت وطنية لهذا اليوم، وهذا مجاز آخر في المواقف بين الثبات وبين التحول الانتهازي.

************************ 

المحلية العمالية

تطلق «فرحة طفل»

بغداد - عامر عبود الشيخ علي  

في سياق حملات التكافل الاجتماعي التي يواصل الشيوعيون العراقيون تنظيمها لمساعدة العائلات الفقيرة والمتعففة، نظمت اللجنة المحلية العمالية للحزب، أخيرا، حملة بعنوان “فرحة طفل”، تزامنا مع قرب حلول عيد الأضحى.

تضمنت الحملة، توزيع ملابس ولعب وأعداد من مجلة “مجلتي” ونسخ من قصص موجهة للصغار، على العديد من أطفال العائلات الفقيرة، في مناطق متفرقة من بغداد.

وجاءت هذه المواد، تبرعا من أحد الرفاق في اللجنة المحلية.

وقد أعرب الأطفال الذين شملتهم الحملة، عن فرحتهم وسرورهم بما تسلموه من ملابس وهدايا، فيما أشادت عائلاتهم بمبادرات الحزب الإنسانية لمساعدة الفقراء والكادحين.

********************* 

راية

عبد الحميد الفرج!

رضا الظاهر

أطل بخطاه المثقلة، لكن الواثقة، ليشارك في حفل محلية كربلاء السبت الماضي لتكريم نخبة من المبدعين.

دخل القاعة مهيباً، هذا الشيخ الجليل، الفتى الشيوعي الذي جاوز التسعين، وعقوده مليئة بالمثل الملهمة، والكفاح المضيء من أجل غايات ساميات، منذ تلك الأيام التي كان فيها، أواخر أربعينات القرن الماضي، سجينا مع الرفيق فهد وكوكبة من المناضلين الشيوعيين، وحتى أيامنا المثقلات بالألم، المنيرات بالتحدي. 

راية الفتى الشيوعي عبد الحميد الفرج دخلت القاعة تسبقه خفاقة في سماء كربلاء .. وطيفه الذي يمضي أمامنا، ينير درب المكافحين من أجل الوطن الحر والشعب السعيد .. هذا الطيف يجول في شوارع البلاد التي أقسم أن يغير مصائرها ويشيّد مستقبلها، مستقبل الفقراء، الذين ظل الطبيب الشيوعي القادم من سوق الشيوخ، إحدى القلاع الثائرة، الى كربلاء، رمز تحدي الظلم، يمنحهم يده وروحه الكريمة، ويرهف السمع الى نبضات قلوبهم بسماعته التي تلتقط المعاناة .. والحزن العميق.

هذا الحزن الممتد من دموع عشتار على تموز، ودموع زينب على الحسين، حتى نداءات الأمهات اللواتي يذيب نحيبهن الصخر وهن يندبن شهداءهن .. هذا الحزن هو الذي يشعل شرارات السخط في جموع تتعاظم مواكبها السائرة الى تلك الضفاف، وتتعالى أصواتها الصادحة بالاحتجاج والأمل، وهي ترفع راية عبد الحميد الفرج.

مازلت أتذكر كيف كان يقف، يوم الثامن عشر من نيسان عام 2014، وقد كنا معاً في موقع سجن نقرة السلمان، في ذلك المهرجان الحاشد لتكريم المناضلين السجناء القدامى، نتأمل ما تبقى من هذا الدليل الذي أهمله، عن قصد، طغاة بلادنا، خصوم الفكر النيّر، مرتعبين من تاريخ هذا الفكر وأمثولته .. كنا نصغي اليه وهو يحدثنا عن تلك الأيام، وعن الرفيق فهد، وصفحات من سير الشيوعيين في سجن السلمان.

يومها ألقيت كلمتي (زهرة السلمان) التي افتتحتها بالقول: “من المرجح أن غلوب باشا لم يكن يعرف شيئاً عن نخل السماوة، وتلك السمراء التي “طرّته” .. لا عن حيرة جلجامش الوجودية .. ولا عن الفرات الذي يزداد جمالاً كلما ازداد طغياناً .. ولا عن مفارقات هذه البلاد التي تنهض ما بين نهرين !

ومن المرجح، أيضاً، أنه لم يدر في خلد الجنرال الانجليزي أن الصحراء التي شيد فيها سجناً ما كانت تقوى على إلحاق هزيمة بزهرة في أرض السلمان !”

واختتمتها بالقول: “نحن الشيوعيين .. نحن السعاة الى تحطيم السجون، كل السجون، تمهيداً لتغيير الحياة عبر الاطاحة بعالم الاستغلال، وإقامة العدالة الحقيقية على أنقاض سجون رأس المال ..

ما من مجد يليق بنا أسمى من نخل السماوة ..

ما من تراتيل ننشدها أعذب من تراتيل الوركاء ..

ما من زهرة نحتفظ بها أجمل من زهرة السلمان ..

نحن الذين نخسر أغلالنا لنكسب عالماً بأسره ..”

اليوم، أهدي زهرة السلمان للفتى الشيوعي الذي جاوز التسعين، وهو يدخل جليلاً، مهيباً، الى قاعة الاحتفال، محاطا بحنو رفاقه وتلامذته..

اليوم، نناديه من جديد: تظل، أيها المعلم الشيوعي، منارا نهتدي به .. ونظل، نحن تلامذتك المخلصين، نرفع عاليا الراية التي لا تنتكس: راية عبد الحميد الفرج !

************************ 

دعا إلى استلام البطاقات الانتخابية

“ماراثون ميسان” بأكثر من 100 متسابق

العمارة – وكالات

شهدت مدينة العمارة، السبت الماضي، تنظيم ماراثون جري لمسافات قصيرة، بمشاركة أكثر من 100 متسابق بمختلف الأعمار.

وتم تنظيم الماراثون من قبل مكتب مفوضية الانتخابات في ميسان، بالتعاون مع مديرية الشباب والرياضة في المحافظة و”أولتراس نادي نفط ميسان الرياضي”. وقد نشرت خلال السباق شعارات تثقيفية تدعو المواطنين إلى استلام بطاقاتهم الانتخابية والمشاركة الفاعلة في الانتخابات القادمة.  

وتنافس المتسابقون، في الماراثون الذي أطلق عليه “ماراثون ميسان”، على قطع مسافة 2 كيلومتر، انطلاقا من “مجسر شهداء الجمعة”، وصولا إلى “فلكة الماجدية”.

وقال عضو الهيئة التنظيمية للماراثون، الكابو أبو عراق، ان “فكرة الماراثون الرياضي جاءت لإيصال رسالة إلى جميع أرجاء العالم تفيد بأن ميسان مدينة تعشق السلام والحب والرياضة، وتدعم كل الثقافات”، مبينا في حديث صحفي، أن “منظمي المهرجان وجهوا دعوة إلى جميع الرياضيين في المحافظة للمشاركة في هذا المهرجان الذي شهد حضورا جماهيريا واسعا”.

*************************

النجف

اتحاد الأدباء يعلن نتائج

مسابقته الشعرية

النجف – علي العبودي

أعلن نادي الشعر في اتحاد الأدباء والكتاب في النجف، عن نتائج مسابقته الشعرية الأخيرة المخصصة للشعراء الشباب، والتي حملت اسم الشاعر الراحل عبد الحسين حمد.

وتم إعلان النتائج في حفل أقيم على “قاعة الحبوبي” في مقر الاتحاد، واستهل بكلمة لرئيس الاتحاد الروائي محمود جاسم عثمان، رحب فيها بالحاضرين وثمّن جهود لجنة التحكيم التي أشرفت على فحص النصوص المشاركة واختيار الفائزين.   بعدها ألقى الشاعر د. عماد الحيدري كلمة باسم لجنة التحكيم، أعقبه الشاعر والمربي حسن الظالمي، بقصيدة حيّا فيها الشعراء الشباب المشاركين في المسابقة، ليعلن رئيس نادي الشعر، الشاعر قاسم الشمري، النتائج، إذ حل في المركز الأول، الشاعر مهدي المهنا، وفي المركز الثاني حل الشاعر رسول باقر. فيما كان المركز الثالث من نصيب الشاعر عباس مازن، وبعده الشاعر محمد حسين الذي فاز بقرار لجنة التحكيم. 

وفي الختام، وزع الشاعر د. صباح عنوز برفقة رئيس الاتحاد، ألواحا تقديرية وجوائز تشجيعية على الشعراء الفائزين، وعلى لجنة التحكيم التي ضمت كلا من د. عماد الحيدري، د. ناهضة ستار ود. إيمان السلطاني.

*********************** 

البصرة

رابطة المرأة تحتج على تعديل المادة 57

البصرة – باسم محمد حسين

نظمت رابطة المرأة العراقية في محافظة البصرة، الجمعة الماضية، وقفة احتجاج ضد مقترح تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية العراقي لسنة 1959.

وتجمعت المحتجات، من رابطيات ونساء أخريات، في “شارع الفراهيدي” للثقافة والفنون بمركز المحافظة، لينضم إليهن العديد من رواد الشارع، من مثقفين ومهتمين في الشؤون الاجتماعية والقانونية. وعبر المحتجون، عن رفضهم الشديد لمقترح تعديل مادة القانون، معتبرين أن صيغة التعديل الجديدة “تتنافى مع الأعراف الإنسانية، وأعراف المجتمع العراقي بعامة”. فضلا عما يسببه ذلك من ضرر شديد على الأطفال وأمهاتهم، لينعكس بالتالي على المجتمع ككل. 

ورفع المحتجون لافتات وشعارات تعبر عن رفضهم تعديل مادة القانون، وعلقوا قسما منها على الأشجار وأعمدة الإنارة في الشارع.

 ***********************

اختصاصيون يحددون أسباب تراجع الأغنية العراقية

بغداد – وكالات

أفاد اختصاصيون في مجالي الشعر والغناء، بأن الأغنية العراقية اليوم فقدت أغلب مقوماتها الجمالية، وتراجعت كلماتٍ ولحناً وغناءً. وعزا رئيس جمعية الأدباء الشعبيين العراقيين، جبار فرحان العكيلي، سبب التراجع الى “عدم وجود لجان متخصصة لفحص الأصوات وكلمات الأغنيات والألحان”، مبيناً في تصريح صحفي، أن “بعض الفضائيات أصبحت تستقطب المطرب استناداً إلى شهرته في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أحد أسباب التراجع”. من جهته، عدّ الفنان حميد منصور، الأغنية “مهمة وطنية تنعطف بتوجهات الناس نحو الجمال والتسامح. لذا يجب سن قانون يمنع انتشار الأغنيات الهابطة”.

وفي السياق نفسه، رأى الموسيقي جمال السماوي، ان “الأغنية تمثل وعي المجتمع وثقافته ورؤاه الانسانية، وبخروجها عن محددات الذائقة، انحدرت”، داعيا في حديث صحفي، الفضائيات الى “عدم نشر الأغنيات غير المجازة، لحناً من نقابة الفنانين، وكلمات من جمعية الأدباء الشعبيين”.