اخر الاخبار

الصفحة الأولى

على طريق الشعب

بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لثورة 14 تموز

دروس تشكل الهاماً للمنتفضين

عندما تفشل المحاولات السلمية للشعوب في اصلاح انظمتها السياسية المناهضة لها ولتطلعاتها المشروعة، تصبح الثورة حاجة موضوعية، تتصدر المشهد السياسي كتعبير عن اكتناز التجارب السابقة، وتراكمها المفضي ـ لا محالة ـ الى التغيير النوعي في طبيعتها واساليبها، وطريقة معالجتها للأزمات القائمة. وهذا ما فعلته ثورة 14 تموز 1958، على خلفية أوضاع سياسية واقتصادية – اجتماعية غاية في التخلف والرجعية والولاء للأجنبي، على حساب المصلحة الوطنية للشعب العراقي.

كانت ثروات البلاد تنهب جهاراً نهاراً من قبل المستعمرين الإنكليز وحكام العراق الاوفياء لأسيادهم، بحيث باتت رايات الثالوث الكارثي (الجوع والجهل والمرض)، ترفرف في سماء العراق من أقصاه الى أقصاه، فلا صناعة ولا زراعة ولا خدمات تليق ببني البشر. التعليم كان متاحاً لنخبة محدودة، فيما الغالبية محرومه منه، وعدد المدارس محدود جداً، والامية كانت لصيقة بهم. الطبقة العاملة الوليدة تعاني الأمرّين، سواء على صعيد الأجور ام الحقوق النقابية، وظروف العمل ونسبة البطالة اكثر من عالية.

اما في الريف فقد حوّل المستعمرون شيوخ العشائر الى اقطاعيين، ومنحوهم الاراضي التي كانت سكناً جماعياً للعشيرة، الامر الذي أدى الى هضم مصالح الفلاحين، وحرمانهم من ابسط حقوقهم. وبلغ التفاوت الطبقي، لا سيما في الريف، حداً لا مثيل له. كما كانت الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي ترسف في غياهب الجهل والخرافة والأفكار المتخلفة.

وفي الوقت ذاته كانت شركات النفط الاحتكارية، وخاصة البريطانية، تهيمن بصورة كاملة على اقتصاد البلد، ولا تترك للعراقيين سوى الفتات.

وعلى الصعيد السياسي تعامل ممثلو الائتلاف الطبقي الرجعي الحاكم مع الاحتجاجات الجماهيرية على هذا الواقع المزري بقوة الحديد والنار، خصوصاً في زمن الطاغية، نوري السعيد.. وسقط العشرات من الشهداء، وسجن وعذب وشرد الآلاف من خيرة بنات وأبناء الشعب العراقي، وتحولت الانتخابات النيابية الى مسرحية كوميدية، كما أعلنت حالة الطوارئ لمرات كثيرة، لتمعن السلطات الحاكمة بمصادرة الحريات الشخصية والعامة، وبتوجيهات مباشرة من المستشارين الإنكليز، الذين لم تكن تخلو وزارة او مؤسسة عراقية منهم، وبموازاة جيوشهم الجرارة في معسكر الشعيبة والحبانية.

وكانت السياسة الخارجية للحكومة العراقية آنذاك، معادية للدول العربية، وغارقة في الاحلاف العسكرية المعادية لشعوب المنطقة، وخصوصاً حلف بغداد الاستعماري.

إنّ السياسات القمعية للنظام الملكي، ووحشيته التي تمثلت، من بين ممارسات بشعه أخرى، بتعليق أجساد المناضلين في الساحات، سدت منافذ أي تطور سلمي، وان التوجهات السياسية والاقتصادية – الاجتماعية، والتي لا يجمعها جامع بمصلحة الشعب العراقي وجماهيره الكادحة، تنفي أية إمكانية مهما كانت ضئيلة لعملية التغيير السلمي، كما كان يرغب العراقيون، وتنفي ايضاً اية إمكانية في تحول النظام الى الديمقراطية، كما يدعي بعض المتحذلقين، والمدافعين عن العهد المباد انطلاقاً من ردة فعلية على سياسات الأنظمة الدكتاتورية التي تعاقبت على حكم العراق.

لقد اندلعت ثورة 14 تموز المجيدة، رداً على هذا الواقع المأساوي، وفي سبيل استعادة حقوق العراقيين في الحرية والكرامة والعيش الرغيد. وحققت الثورة إنجازات هائلة خلال عمرها القصير، الذي لم يتجاوز أربع سنوات ونصف السنة، ولذلك اغتيلت في 8 شباط 1963 على يد البعثيين وحلفائهم، بعد ان حجزوا مقاعدهم مبكراً في القطار الأمريكي، كما اعترف في حينها أمين سرهم، علي صالح السعدي.

واستمر مسلسل الانقلابات العسكرية، والأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية، وكان مثالها الأكثر سوءاً نظام صدام حسين، ليحل محله نظام المحاصصة الطائفية – الاثنية وما جلبه للشعب العراقي من خراب ودمار شاملين، لأنه نظام ولاّد للأزمات بطبيعته، وهو خارج التاريخ من الناحيتين السياسية والفلسفية.

ان الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة والمجتمع والسلاح المنفلت ميليشياوياً وعشائرياً، ولدى عصابات الجريمة المنظمة، والنهب المنظم للمال العام وتزوير الانتخابات وتدني المستوى المعيشي لغالبية العراقيين، مقروناً بالانحدار السريع تحت خط الفقر، والبطالة، وغياب الخدمات، خاصة الكهرباء والماء والسكن والصحة والتعليم، وقتل المتظاهرين السلميين المطالبين باستعادة وطنهم من هيمنة الفاسدين والفاشلين، وغيرها الكثير، هي العناوين التي يركز عليها المنتفضون البواسل، الذين قدموا مئات الشهداء وآلاف الجرحى، ليخطوا بدمائهم الزكية طريق النضال المفضي الى النصر طال الزمن أم قصر.

ولا شك في ان دروس ثورة تموز الوطنية تحفز هؤلاء الابطال على استعادة الوحدة الوطنية لجماهير الشعب العراقي، وعبور الطائفية والهويات الفرعية، باعتبار ذلك الشرط الذي لا غنى عنه لإحراز النصر، وإقامة النظام الديمقراطي الحقيقي والعدالة الاجتماعية، وسيكون الشيوعيون، كما هو ديدنهم دائماً وابداً، في الصفوف الأولى لإنجاز هذا الهدف النبيل.

عاشت الذكرى الثالثة والستون لثورة 14 تموز المجيدة.

عاش الشعب العراقي صانع الانتصارات.

 ****************************

مجلس الوزراء حاول تمريرها خلسةً الى البرلمان

«قائمة السفراء».. صفقة سياسية عابرة للحدود

بغداد ـ علي شغاتي

مرّر مجلس الوزراء، الاسبوع الفائت “بشكل مريب” قائمة تضم عشرات الاسماء المرشحة لشغل منصب سفير في 80 دولة، الى البرلمان، ما أثار جملة من الانتقادات والشد والجذب بين اوساط برلمانية وسياسية، بسبب اعتمادها مطب المحاصصة الطائفية والقومية في توزيع المناصب، بعيدا عن مبدأي الكفاءة والنزاهة.

مرشحو الكتل السياسية

وقال مصدر في مجلس الوزراء لـ”طريق الشعب”، إن “مجلس الوزراء صوّت على قائمة السفراء بعد تسلمه مرشحي الكتل السياسية لشغل هذه المناصب”، مشيرا الى ان “الكتل الكبيرة داخل مجلس النواب ضغطت باتجاه استبعاد مرشحي بعض الكتل السياسية، ما اثار سجالا سياسيا”.

وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، أنّ “طريقة الاختيار اعتمدت على نفس الطرق السابقة في اختيار السفراء، باتخاذها المحاصصة نهجاً، بسبب تركيبة القوى السياسية المسيطرة على مجلس النواب”.

ورجح المصدر أن يعيد مجلس الوزراء النظر في القائمة “بناء على توافق الكتل السياسية في ما بينها”.

واكد المصدر ان “اسماء عديدة فرضت على  رئيس الحكومة، برغم عدم قناعته بها”، لافتا الى ان “الكتل السياسية المتنفذة تسعى الى تمرير القائمة قبل اجراء موعد الانتخابات، خوفا من تغيير خارطة التوازن في البرلمان المقبل”.

صفقة بين الحكومة والقوى السياسية

من جانبه، كشف عضو مجلس النواب محمد شياع السوداني عن وجود صفقة سياسية بين القوى السياسية المتنفذة والحكومة من اجل تمرير القائمة.

وقال السوداني في تصريح صحفي، طالعته “طريق الشعب”، “ذكرت سابقا ان هناك صفقة يعد لها بين القوى السياسية الممسكة بالسلطة وبين الحكومة المنبطحة أمام هذه القوى”، مشيرا الى “انتهاء هذه الصفقة بتقديم أسماء مرشحين للسفارات ولمناصب وكلاء وزارات ومدراء عامين وتم التصويت عليهم جميعا دفعة واحدة في جلسة مجلس الوزراء، يوم الثلاثاء الماضي”.

واضاف السوداني، ان “الحكومة لم تعلن عن قراراتها خلافا لما هو معمول به، وجرت الامور  خلسة وفي واقع مريب”، منتقدا “اصرار الحكومة على منهج المحاصصة المقيتة”.

ترسيخ للمحاصصة

من جهته، المراقب السياسي علي الربيعي، ان الكتل السياسية والحكومة “ماضون في ترسيخ المحاصصة الطائفية والقومية، وابعاد الكفاءات عن شغل هذه المناصب”.

وقال الربيعي لـ”طريق الشعب”، ان “اكثر من ثلثي المرشحين لشغل هذه المناصب هم مرشحو كتل سياسية متنفذة، فيما قام الكاظمي باختيار البقية بنفسه ضمن توافقات سياسية بين الكتل الكبيرة والرئاسات الثلاث”.

وعزا الربيعي رفض بعض الكتل السياسية داخل مجلس النواب للقائمة الى “خسارتها لمكاسبها لحساب كتل اخرى”.

وبيّن ان “القائمة المصوت عليها في مجلس الوزراء رسخت المحاصصة بشكل مقيت من خلال اقتراح تعيين شخصيات غير مؤهلة لشغل هذه المناصب”، داعيا الى “اختيار شخصيات نزيهة وكفوءة ومشهود لها دبلوماسيا لشغل هذه المناصب، من اجل ضغط النفقات وضمان تمثيل سياسي متزن للعراق في دول العالم”.

وخلص الربيعي الى ان “عددا كبيرا من السفراء التابعين للكتل السياسية المتنفذة يعملون وفق رؤية كتلهم السياسية، ويرعون مصالح احزابهم، متجاهلين مصلحة العراق”، مشددا على “ضرورة اختيار المؤهلين والكفوئين لشغل هذه المناصب، بعيدا عن ضغط رؤساء الكتل السياسية المتنفذة”.

 *****************************

جهات متنفذة ترفع ملف الخدمات كشعار انتخابي

بغداد - طريق الشعب

يشكل الملف الخدمي أبرز أوراق المرشحين الى انتخابات تشرين الاول، بعد اطلاق الحملة الدعائية، نهاية الاسبوع الماضي، والتي تعد الأطول زمنيا منذ سنة 2005، إذ تستمر 3 أشهر.

ولم يكن كثير من المرشحين ينتظرون ضوءا أخضر من مفوضية الانتخابات، بل باشروا حملاتهم مستغلين مناصبهم، والمال السياسي في ترويج تلك الحملات.

ويخمن متابعون أن تشهد نسب المشاركة الانتخابية تدنيا كبيرا “بعدما التفّت القوى السياسية المتنفذة ـ أمام أنظار الحكومة ـ على مطالب المنتفضين وسوفت قضاياهم الرئيسة”.

وفي مقابل ذلك، أعلنت قوى سياسية واجتماعية عديدة عن إمكانية مقاطعتها الانتخابات، إذا ما بقي الوضع كما هو عليه.

ويؤكد مواطنون في مناطق متفرقة من البلاد، قيام المرشحين ومنذ فترة بعيدة بطباعة الملصقات الترويجية حتى قبل أن يعرفوا أرقامهم التسلسلية التي أعلنتها المفوضية قبل أيام قليلة مضت.

 ****************************************

الشيوعي العراقي يلتقي وفداً من شباب الشرقاط

بغداد - طريق الشعب

التقى الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي عصر امس الاحد بوفد من شباب قضاء الشرقاط.

وبيّن الوفد الزائر اوضاع المدينة بعد تحريرها من تنظيم داعش الارهابي، وما تعانيه من نقص في الخدمات، ومن هيمنة سياسية لبعض الاحزاب المتنفذة، ما يعيق التطور والاستثمار في القضاء، خصوصا في الجانب السياحي، برغم توفر البيئة المناسبة لذلك.ووفقا للوفد فان الاعداد الشبابية الكبيرة من هواة الرياضة في الشرقاط، تفتقر للمراكز الرياضية، ولا يوجد اي دعم يذكر من وزارة الشباب والرياضة.

من جانبه، اكد الرفيق فهمي دعمه الكامل لكل المشاريع التي تدفع الى استقرار القضاء، وتوفر الارضية الخصبة للاستثمار وتنشيط كافة المشاريع الاقتصادية، التي من شأنها ان توفر فرص عمل للاهالي.

هذا وحضر اللقاء اضافة للرفيق فهمي، كل من الرفيق عزت ابو التمن والرفيق وسام الخزعلي، عضوي قيادة الحزب.

 ****************************

 راصد الطريق

هل هو بالون يسبق الانتخابات!؟

أعلن مجلس القضاء الأعلى يوم الخميس (٨-٧-٢٠١٩)، عن إصدار القضاء مذكرات “قبض بحق متهمين بقتل هشام الهاشمي “ وبين أيضا بان “بعض قضايا قتلة المتظاهرين أنجزت، منها صدور احكام الإعدام بحق ضباط”.

ونشرت وسائل الاعلام بعد ذلك بيوم بانه قد صدرت احكام بالاعدام في البصرة طالت “فرقة الموت” التي ذكر بانها مسؤولة عن اغتيال النشطاء: على الحسين، ريهام يعقوب، احمد عبد الصمد وغيرهم.

من دون شك هذا امر جيد بان تتم عملية كشف وملاحقة القتلة المجرمين وإنزال القصاص العادل بهم، وهذا مطلب المنتفضين والمحتجين والقوى المدنية والديمقراطية العراقية، وان تأخر ذلك، ولكنه خطوة يتوجب ان لا تكون رسالة لها ارتباط بالانتخابات وبما يشي بان الأجواء آمنة ومستقرة لاجرائها.

ومن جانب اخر، والتجربة ماثلة، فقد صدرت احكاما قضائية عدة، ولكنها بقيت حبيسة الأدراج، ولم تجد طريقها الى التنفيذ.

فهل ستنفذ هذه الإجراءات أم تكون مثل سابقاتها، وتجري “ طمطمة” الموضع بهذا الشكل او ذاك ويجهد البعض نفسه في تبرير ذلك!؟ انه سؤال موجه الى السلطتين القضائية والتنفيذية.   

 ***************************************

الصفحة الثانية

توجه لإعفاء قيادات أمنية في 4 محافظات

بغداد ـ طريق الشعب

تحدث عضو لجنة الأمن والدفاع، في مجلس النواب، عبد الخالق العزاوي، أمس الأحد، عن صدور قرارات بإعفاء قيادات أمنية تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في 4 ـ 5 محافظات.

وقال العزاوي، إن “هناك انزعاجا حقيقيا من تكرار الخروقات الامنية في بعض المحافظات العراقية وسقوط ضحايا، ناهيك عن استهداف خطوط الطاقة”، لافتا إلى أن “هناك قرارات بإعادة النظر في ملف أمن العديد من القواطع الأمنية والسعي لحلول تسهم في دعمها من ناحية الاستقرار”.

وفي الأشهر الأخيرة، تعرض عدد من الناشطين إلى محاولات اغتيال، تبعها موجات احتجاجات في عدد من المحافظات الجنوبية، فيما نشطت عمليات داعش، وعمليات استهداف أبراج نقل الطاقة، في مناطق شمال العاصمة بغداد، وديالى وصلاح الدين، وكركوك، ونينوى.

وتحدث العزاوي عن “قرارات ربما تصدر قريبا تتضمن إعفاء بعض القيادات الامنية التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع في 4-5 محافظات شهدت خروقات مؤخرا، في اطار تصحيح مسار العمل الامني والسعي لتغير الخطط الميدانية من اجل تعزيز استقرار الداخلي”.

**************

اضاءة 

المعاناة .. متى تنتهي ؟

محمد عبد الرحمن

الأوضاع في بلدنا لا تسر أحدا من العراقيين المخلصين والحريصين على امنه واستقراره ورقيه ورفاه شعبه، وعلى تسخير امكاناته الكبيرة للانتقال به الى حال آخر مختلف تماما عما يشهده من كوارث وازمات لا تنتهي. 

ومؤكد ان المواطنين ضاقوا ذرعا بحالة اللااستقرار  وضياع هيبة الدولة والانفلات الأمني ومصادرة قرار المؤسسات الشرعية  من طرف جماعات مارقة خارجة عن القانون تصول وتجول ولا رادع لها، بل وهناك من السياسيين المتنفذين من يتماهى مع افعالها واعمالها الخارجة عن كل عرف وقانون.

ومن المضحك المبكي ان يصر البعض المتنفذ على  الحديث عن هيبة الدولة فيما هي تمرغ بالوحل كل يوم وكل ساعة. فاية هيبة مع استمرار حالات الاغتيال والتغييب وإفلات الفاعلين وبقائهم طليقين بعيدا عن سلطة القانون. وكل هذا يجري على مرأى ومسمع من بيده القرار، في السلطة وخارجها.

وليس اقل إيلاما بالطبع ما تشهده البلاد من أزمات اقتصادية ومعيشية، وشح في الخدمات لا سيما الأساسية منها، كالكهرباء والماء والصحة والتعليم، فيما تتزايد اكثر من أي وقت مضى نسب البطالة والفقر الجوع.

ومن المؤكد انه ليس بوسع المواطنين تحمل كل هذا الظلم والعسف والقهر متعدد الاشكال،  وانعدام تكافؤ الفرص ومعه القدر الادنى من العدالة الاجتماعية، مع غياب اي ضوء في نهاية النفق، وهم الذين عبروا واقعا عن الاستياء والغضب والاحتجاج بأدوات سلمية متنوعة، وتوجوا ذلك بانتفاضة تشرين الأول ٢٠١٩ الباسلة التي قدموا فيها تضحيات كبيرة من الشهداء والجرحى والمصابين والمغيبين.

ولقد  حان الوقت منذ زمن كي تدرك الغالبية الساحقة المتضررة من الوضع القائم ونهج المحاصصة والفساد السائد فيه، ان وراء معاناتها منظومة حكم بائسة ومنهجا فاشلا تدار به الدولة ومؤسساتها واشخاصا متنفذين سبق ان جُرب كثير منهم اكثر من مرة، ولا يصح باي حال من الأحوال ان يعاد انتخابهم، ففي ذلك استمرار للازمة والمعاناة، اللتين قد تأخذان  مسارات اكثر تعقيدا ومأساوية.

وفيما الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وهي التي اراد لها الوطنيون والمنتفضون ان تكون من روافع الانطلاق نحو التغيير، فليس مقبولا باية حال وتحت أي عنوان او ذريعة ان يعاد انتخاب الفاسدين والمفسدين والمرتشين والفاشلين والمرتدين على الدولة وقوانينها، ففي ذلك، أيّا كانت النوايا، إسهام في ادامة الوضع المزري الذي يطول غالبية أبناء الشعب، خاصة من الفقراء والكادحين ومحدودي الدخل وحتى من الفئات الوسطى.

من جانب آخر بينت التجربة ان أيّ تراجع في زخم الحراك الاحتجاجي والمطلبي، سيفسح في المجال لاستمرار الأقلية المتنفذة في غيها ومواقفها الانانية الضيقة واجنداتها، على حساب مصلحة الشعب والوطن. وظهر ذلك جليا في القوانين التي مررها مجلس النواب في الفترة الماضية بضغط من كتله المتنفذة ، بما في ذلك قانون الانتخابات غير العادل والمفصل على مقاسات المتنفذين وبما يسهل لهم الاحتفاظ بمواقعهم ونفوذهم.

ان الاختلال الحاصل اليوم في موازين القوى لصالح المتنفذين يتوجب تخطيه عبر كسر احتكار السلطة، ولن يتحقق هذا من دون ان تعي أوسع الجماهير الامر وتدرك ان مصلحتها مرتبطة بالخلاص من هذه المنظومة المتنفذة التي ارجعت البلد القهقرى وادخلته في دوامة  الازمات، ومن دون اطلاق خطوات التغيير المنشود.

***************** 

خريجو طب الاسنان في السليمانية يشتكون من البطالة

نهر الفرات ينقذ المتظاهرين من عنف قوات الأمن

بغداد ـ طريق الشعب

لا يزال الملف الخدمي والانتهاكات التي تطال الناشطين وغير ذلك، تؤجج ميادين الاحتجاج في عدد من المحافظات؛ إذ تظاهر عدد كبير من المواطنين في محافظة ميسان، مطالبين بمحاسبة قتلة الشهيد حيدر الحسيني، فيما قام خريجو الكليات والمعاهد بغلق مبنى ديوان محافظة ذي قار، احتجاجا على مصادرة حقوقهم في التعيين، قبل ان تتدخل قوات الأمن مستخدمةً العنف المفرط لتفريقهم، ما اضطر كثيرا منهم الى رمي أنفسهم في نهر الفرات.

قطع للشوارع

وفي العاصمة بغداد, اقدم عدد من المواطنين على قطع الطريق الرابط بين سريعي القناة ومحمد القاسم في منطقة الرستمية، مطالبين بتوفير الخدمات.

وذكر مراسل “طريق الشعب”, ان “قطع الشارع تسبب بزخم مروري على طول الطريق الرابط بين محافظتي واسط وبغداد”, مشيرا الى ان “ابرز مطالب الاهالي تتمحور حول توفير الكهرباء والخدمات الاساسية لمنطقتهم”.

القصاص من القتلة

وفي محافظة ميسان, تظاهر المئات من المحتجين في قضاء قلعة صالح، داعين الى محاسبة قتلة المتظاهر حيدر الحسيني، وتقديمهم للعدالة.

وقال مراسل “طريق الشعب”, ان “المتظاهرين طالبوا بمحاسبة قتلة الشهيد الحسيني وتقديمهم للعدالة”, مشيرا الى ان “المتظاهرين اكدوا ان الحسيني قتل بدم بارد من قبل القوات الامنية جراء مطالبته بالخدمات”. وجدّد العشرات من طلبة الدراسات العليا في المحافظة، تظاهرتهم أمام مبنى مديرية التربية، مطالبين بمنحهم كتاب عدم ممانعة لإكمال دراستهم خارج البلد, مؤكدين ان اكمالها لا يتعارض مع التزاماتهم تجاه دوائرهم.

في غضون ذلك, نظم عدد من العاملين بالمجان في مستشفى الكحلاء الجراحي، تظاهرة احتجاجية أمام دائرة صحة ميسان، مطالبين بتحويلهم إلى عقود أو أجور يومية.

واشار العاملون الى أن عملهم مستمر بشكل طوعي في المستشفى منذ 5 اعوام, فيما هددوا بالاضراب في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

فرص عمل

وأغلق المئات من خريجي الكليات والمعاهد المطالبين بتوفير فرص العمل في الشركات النفطية مبنى محافظة ذي قار.

وذكر مراسل “طريق الشعب”, ان “الخريجين المطالبين بتوفير فرص العمل اغلقوا مبنى المحافظة ومنعوا الموظفين من الدخول، احتجاجا على رفع اسماء من غير المتظاهرين للتعيين في الشركات النفطية”, منوها الى ان “المحتجين قطعوا شارع الامام علي وسط مدينة الناصرية”.

واضاف ان “قوات الامن استخدمت العنف المفرط تجاه المتظاهرين في محاولة لتفريقهم”, مشيرا الى “بعض المتظاهرين قاموا برمي انفسهم في نهر الفرات، خوفا من عنف القوات الامنية, فضلا عن اصابة عدد اخر بجروح”.

في الاثناء, أغلق العشرات من المحتجين من اهالي منطقة الصابئة في قضاء سوق الشيوخ، التابع الى محافظة ذي قار، احد جسور المشاة وسط القضاء بالاطارات المحترقة، احتجاجا على تردي واقع الخدمات في مناطقهم.

وطالب المحتجون بتنفيذ شبكة مجاري جديدة، واكمال المدارس المتلكئة، وتبليط الشوارع الداخلية.

وقطع منتسبو مصفى ذي قار النفطي, مئات الكيلومترات، لتنظيم وقفة احتجاجية، أمام شركة مصافي الجنوب في محافظة البصرة، مطالبين بإطلاق المخصصات المالية الخاصة بهم والمتوقفة منذ فترة طويلة, منوهين الى توقف المصفى كان خارج ارادة العاملين، ولاسباب تتعلق بالاحتجاجات الشعبية.

يُذكر ان عددا من المحامين نظموا وقفة داخل مقر محكمة استئناف البصرة الاتحادية، احتجاجاً على مقتل المحامي حيدر الموسوي، مطالبين بتعديل قانون المحاماة المرقم 173 لسنة 1965، بما يتناسب مع التهديدات الامنية الراهنة.

الى ذلك, تظاهر عدد من أهالي قضاء السلمان في محافظة المثنى, أمام مقر الشركات الأجنبية العاملة في الرقعة الاستكشافية رقم 12، مطالبين بتوفير فرص العمل لاهالي القرية.

ووفقا لاحد المتظاهرين, فإن “العقود المبرمة مع هذه الشركات من قبل وزارة النفط تنص على اعطاء الاولوية لسكان المناطق القريبة في التشغيل، فضلا عن انشاء مشاريع خدمية لهذه المناطق”, مؤكدا ان “هذه الشركات لم تنفذ اي من بنود هذه العقود”.

تلويح بالاضراب

ولوّح العشرات من موظفي المؤسسات الصحية في واسط، بالإضراب عن العمل في حال عدم شمولهم في توزيع الأراضي السكنية.

ودعا الموظفون خلال وقفة احتجاجية نظموها امام مستشفى الزهراء التعليمي الى ترتيب أولويات توزيع قطع الاراضي، بما يتناسب مع الجهود المبذولة من قبل الكوادر, مؤكدين ان عددا غير قليل من زملائهم، توفي جراء خدمته في مراكز الحجر الصحي.

اعتداء على المتظاهرين

وفي قضاء القاسم، جنوب بابل، تعرض المحتجون الى اعتداء من قبل مجهولين على خلفية تظاهرة للأهالي تطالب بتوفير الخدمات.

وقال مراسل “طريق الشعب”, رضا المنصوري, ان “عددا كبيرا من اهالي المدينة نظموا تظاهرة احتجاجا على محاولة اكساء المدينة دون معالجة التخسفات الموجودة في الشوارع”, مشيرا الى ان “المتظاهرين طالبوا بايقاف العمل واقالة القائممقام ومحاسبة الفاسدين”.

واضاف ان “مشادة كلامية حدثت بين المتظاهرين والقائمقام بسبب اصراره على استمرار العمل”, مبينا ان “جماعة مجهولة قامت بالاعتداء على المتظاهرين بالاسلحة البيضاء بعد ذلك”.

تظاهرة لأطباء الأسنان

ونظم العشرات من خريجي كلية طب الاسنان في جامعة السليمانية للأعوام الماضية، وقفة احتجاجية، امام مكتب برلمان اقليم كردستان في المحافظة، مطالبين بتعيينهم اسوة بالخريجين الجدد.

وبينّت المشاركة في الوقفة أواز عثمان, انها “تخرجت من كلية طب الاسنان برفقة 500 طالب اخرين في عام 2016”, مشيرة الى ان “جميع الخريجين ما زالوا بدون عمل”.

واستغربت عثمان من “تعيين دفعات من الخريجين الجدد وتجاهلهم”, منوهة الى ان “الحكومة كانت تتحجج بأن هناك حرباً على داعش في وقتها وعدم وجود تخصيصات مالية وانخفاض اسعار النفط”.

****************

بلاسخارات تزور المكدام.. وانتقادات للحكومة

بغدادـ طريق الشعب

زارت رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت، يوم امس، الناشط المدني علي المكدام الذي يرقد في مستشفى ابن سينا داخل المنطقة الخضراء.

وقالت بلاسخارت في تدوينة تابعتها “طريق الشعب”, “اتمنى للصحفي علي المكدام الشفاء العاجل. اننا نحيي شجاعته وتصميمه، وندين الاعتداءات الجبانة التي تهدد أحد أركان الديمقراطية.. حرية التعبير”. 

وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي, قام بزيارة المكدام بعد العثور عليه على الطريق السريع في منطقة الدورة، جنوب بغداد.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان مقتضب طالعته “طريق الشعب”، أنّ “الكاظمي اطمأن على صحة الصحفي والناشط علي المگدام في أحد مستشفيات بغداد، بعد أن حررته القوات الأمنية من خاطفيه”.   

وظهر المكدام في عدد من الصور، وعليه آثار تعذيب وضرب من جراء اختفائه لساعات عدة.

وقال مصدر امني لـ”طريق الشعب”, ان “القوات الامنية لم تحرر المكدام من خاطفيه”, مبينا ان “القوات وجدت المكدام مرميا على الارض، بعد ورود اخبار عنه”.

ورجح المصدر ان تكون هناك “عملية تفاوض” بين الحكومة والخاطفين.

يُشار الى أن علي المكدام تعرض للاختطاف يوم الجمعة الماضي، في منطقة الجادرية وسط بغداد. وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات لاذعة للحكومة، بسبب استمرار افلات الجناة من العقاب، وفشلها في محاسبة القتلة والمجرمين الذين يواصلون العبث بأمن المواطنين.

ودعا رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الحكومة الى اجراءات جادة في محاربة المجاميع الخارجة عن القانون، وحصر السلاح بيد الدولة.

**************

الصفحة الثالثة

مراقبون يؤشرون تجاهلا للبرامج الانتخابية وتشويها للعمل البرلماني

جهات متنفذة ترفع ملف الخدمات كشعار انتخابي

بغداد – طريق الشعب

جاء إعلان مفوضية الانتخابات، الخميس الماضي، عن بدء الدعاية الانتخابية، متأخرا، وفق ممارسات الكثير من المرشحين الذين باشروا حملاتهم قبل هذا الإعلان بكثير، مستغلين الملف الخدمي وكل ما يمكن توظيفه بطرق غير مشروعة من أجل الفوز بالمنافسة الانتخابية القادمة التي تشهد جدلا واسعا بشأن جدواها، في ظل انتشار هذا الانفلات وتوظيف المتنفذين إمكانيات الدولة لحملاتهم.

تجارة بهموم المواطنين

ويتوقع الكثير من المحللين والمتابعين للشأن الانتخابي، إن نسب المشاركة ستكون هذه المرة مهددة بعدما التفّت القوى السياسية المتنفذة ـ أمام أنظار الحكومة ـ على مطالب المنتفضين وسوفت قضاياهم الرئيسة، فيما لم تنجز الحكومة أهم وعودها، وهي كشف قتلة المتظاهرين ومحاسبة الفاسدين.

وفي مقابل ذلك أعلنت قوى سياسية واجتماعية عديدة عن إمكانية مقاطعتها الانتخابات، إذا ما بقي الوضع كما هو عليه.

وبرزت قبل الإعلان عن بدء الدعاية الانتخابية بأشهر، ظاهرة استغلال الملف الخدمي وتوظيف المتنفذين له من أجل حصولهم على الأصوات في الانتخابات المقبلة. وبما أن قانون الانتخابات الجديد قد حصر نشاط المرشح في نطاق ضيق لا يتجاوز حدود منطقته الجغرافية، كان على الكثير ممن لا يريد المنافسة الشريفة أن يجعل من الخدمات شعاره الأول، أي تحويلها إلى بطاقة تضمن له أصوات الناخبين، فيما لم يعد الحديث عن البرامج الانتخابية من وجهة نظرهم ذا جدوى، فالعلاقة بين النائب أو المرشح، والناخبين، يراد منها أن تكون علاقة زبائنية تتضمن شروط التصويت مقابل توفير بعض الخدمات هنا وهناك.

ويؤكد مواطنون في مناطق متفرقة من البلاد، قيام المرشحين ومنذ فترة بعيدة بطباعة الملصقات الترويجية حتى قبل أن يعرفوا أرقامهم التسلسلية التي أعلنتها المفوضية قبل أيام قليلة مضت.

ويتحدث عبد الله خالد، وهو مصمم طباعي وصاحب مطبعة في بغداد عن “توجه المرشحين لطباعة الكثير من البطاقات والملصقات الترويجية خلال الفترة الماضية دون الخوف من عواقب هذه المخالفات، التي يمكن أن ترصدها المفوضية”.

ويقول خالد لـ”طريق الشعب”، ان هؤلاء المرشحين “يأتون لنا ويعرفون تماما ماذا يفعلون، فهم يضعون عبارات مطاطية داخل التصاميم، فيها جانب دعائي غير مباشر لتجنب أي عقوبة قد تحصل”، مبينا أن “بعض التصاميم تكون على شكل شكر وتقدير للمرشح على قيامه بتعبيد أحد الشوارع أو فتحه أحد أنابيب المجاري. أي أنه يعلق لافتة من هذا النوع باسم المواطنين وكأنهم بادروا بذلك، وغير ذلك من الأمور المخجلة. فيما لم نشهد طباعة أي برنامج انتخابي واضح كما يحصل في بلدان كثيرة”.

تشويه الديمقراطية

ويقول الدكتور مهند حامد، المختص في مجال الإعلام، ان تشويها كبيرا تتعرض له العملية الديمقراطية الناشئة في العراق، بعدما أصبحت أغلب القوى السياسية تتجاهل البرامج السياسية، وتعمل على توجيه الرأي العام للانتخابات من خلال الخدمات الغائبة.

ويضيف حامد خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، أن هذه الممارسات “ستعطي نتائجها الوخيمة مرة أخرى على أحوال البلد ما لم يرفض المواطنون المحرومون هذا السلوك. وهو أمر صعب الحدوث لأنهم يريدون توفير أبسط مستلزمات العيش اللائق كالشوارع المعبدة والمجاري ومياه الشرب، وهي لا تتوفر في غالبية الأوقات من قبل الدولة، وأصبحت ورقة انتخابية موسمية، يديرها المتنفذون الذين باستطاعتهم توظيف الجهد الهندسي والخدمي لبعض الدوائر المتلكئة وتجييرها لهم كدعاية انتخابية”.

خدمات مقابل الأصوات

وعلى صعيد ذي صلة، يؤكد الباحث في الشأن الانتخابي، دريد توفيق، ان قانون الانتخابات الجديد “يعزز استغلال المال السياسي انتخابيا، فالمتنفذون سيستخدمون أموالهم في دوائرهم الصغيرة، لتقديم المساعدات وشراء ولاء الفقراء، وسيشرفون عبر سطوتهم على المشاريع الخدمية التي تمثل أكبر منفذ لاستغلال المال العام وكسب رضا المواطنين”.

ويقول توفيق لـ”طريق الشعب”، إن اشراف أي نائب أو مرشح على اكساء شارع، او تقديم معونات اثناء الاقتراب من الانتخابات، وغيرها من الممارسات، هو “فساد فاضح”، داعيا إلى “قطع الطريق على الفاسدين ورفض هذه المساومات التي لا تهدف إلى بناء بلد وانما لشراء الذمم واستغلال تردي الخدمات التي وصلت الى هذا الحال، بسبب الجهات السياسية التي تقف خلفهم”.

ووفقا للناشط الشاب سجاد صبحي، فإن “هذه السلوكيات تضع الكثير من علامات الاستفهام على مصداقية نتائج الانتخابات المقبلة، لأن الأحزاب أو المرشحين الذين يملكون المال السياسي، يقومون بشراء الأصوات بهذه الطريقة، ما يجعل منافسة المرشحين النزيهين صعبة”.

ويضيف صبحي لـ”طريق الشعب”، أن الكثير من الناخبين “أصبحوا يقبلون بهذه الصفقة لأنهم لا يحصلون على الخدمات الا في مواسم الانتخابات، وهذا ما يضع دورا اضافيا على عاتق المفوضية والجهات المعنية بمحاسبة عدد ليس بالقليل من المرشحين على عدم التزامهم بحدود اللوائح الانتخابية وخرقهم لها من خلال استغلال المال العام”.

ويشدد المتحدث على ان “هذا السياق المشوه في العملية السياسية حوّل اهتمام المواطنين من السؤال عن مضامين البرامج الانتخابية للمرشحين الى ما الذي يمكن ان يقدموه على الصعيد الخدمي ولو بشكل مؤقت”، لافتا إلى أن “بعض المرشحين يقومون بسحب بطاقات الناخبين وتسليمها لهم قبل موعد الاقتراع بقليل، ويتم شراؤها بعدما اصبحت عتبة الوصول الى البرلمان، اقل من السابق بقليل”.

 ************************************

إلغاء امتيازات أعضاء مجلس النواب.. هو الطريق للإصلاح

بغداد ـ طريق الشعب

تتواصل الحملة الوطنية لـ(إلغاء امتيازات اعضاء مجلس النواب)، بتفاعل عشرات المفكرين والاكاديميين والفنانين، للضغط على أصحاب القرار بإلغائها.

ويسعى القائمون على الحملة الى تدويلها عبر ممثلية الأمم المتحدة في العراق، والاتحاد الأوربي، ومنظمات حقوق الانسان العربية والدولية.

هذا وشارك في الحملة التي يقودها الدكتور قاسم حسين صالح، رئيس تجمع عقول، عشرات الباحثين والمثقفين والشخصيات السياسية. وتصدر القائمة بحسب التسلسل الوارد في المذكرة: (د. تيسير عبدالجبار الآلوسي، نهاد القاضي، د. غالب العاني، أ.د. هاني الحديثي، ود. طارق الكبيسي)، وآخرون.

وفي ما يأتي نص المذكرة:

الأخوات والأخوة الموقعون

تم رفع المذكرة الى ممثلية الأمم المتحدة وجهات أخرى .. ولكي تأخذ مذكرتكم صيغة الحملة الوطنية، نرجو من كل من وقع عليها وورد اسمه، نشرها في صفحته والترويج لها، كما فعل الأخ الدكتور طاهر البكاء في امريكا وآخرون.

ليكن هذا الأسبوع أسبوع حملتكم المباركة.. تحياتنا.

 

السيد رئيس الجمهورية المحترم

السيد رئيس مجلس الوزراء المحترم

السيد رئيس مجلس النواب المحترم

تحية طيبة..

يعني البرلمان، هيئة تشريعية تمثل السلطة الأعلى في الدولة، المخول بموجب دستورها اصدار تشريعات وقوانين تعبر عن ارادة الشعب واولياته، وتمثيل الشعب امام حكومة نيابية يراقب أداءها بتأييدها ان اصابت، ومحاسبتها ان اخطأت. وهو السلطة الأقرب للمواطن واهتماماته، لأن افراده يأتون عن طريق الاقتراع العام باساليب ديمقراطية، تضمن سرّيتها ونزاهتها، ويشترط فيهم حسن السيرة والسمعة.

   ويحدد النص الدستوري العراقي ان يكون لكل مئة الف مواطن نائب واحد ليكون البرلمان ممثلا للشعب. فيما يشير واقع حال البرلمان العراقي الى انه لم يحقق هذا النص؛ ففي انتخابات 2010 حصل 15 نائبا فقط على القاسم الانتخابي والعتبة الانتخابية، ما يعني ان (310) نائبا لم ينتخبهم الشعب بل فازوا بما تصدقت عليهم اصوات كياناتهم، بينهم من حصل على (78) صوتا! وبموجب هذه الحقائق الواقعية والدستورية التي كشفت عن ان ثقة الناخبين العراقيين استقطبت فقط (15) شخصية من بين اكثر من ستة آلاف مرشح، وباعتراف مفوضية الانتخابات فان البرلمان العراقي الحالي الذي جاء في 2018 بـ(329) عضوا كانت نسبة المشاركة فيه هي الأدنى، ما يعني انه لا يمثل الشعب من الناحية الشرعية. 

وتتعدد الروايات في المبالغ التي يتقاضاها اعضاء البرلمان العراقي، غير ان الحقيقة المؤكدة أن رواتبهم تفوق رواتب اقرانهم في كثير من بلدان العالم بمن فيها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا ودول اوربية. فوفقا لجريدة الصباح الرسمية فان مجموع راتب عضو البرلمان هو 32 مليون دينار بين راتب اسمي ومخصصات الحماية والسكن وغيرها، فضلا عن سلفة تبلغ 90 مليون دينار لا ترد.

 وباعتبار عضو مجلس النواب بدرجة وزير فانه يتقاضى ايضا 600 دولار في اليوم في حالة السفر، وانها وفقا لخبراء اقتصاديين كلفت الدولة اكثر من ملياري

دولار.

ولقد منح قانون مجلس النواب ( 13 لسنة 2018) حقوقا خارج المنطق القانوني بأن جعل خدمة عضو مجلس النواب خمس عشرة سنة ليمنحه تقاعدا يخالف الدستور بشكل سافر الذي ينص في المادة (14) منه على أن العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز، حيث أن قانون التقاعد الموحد يحدد الحد الأدنى للخدمة بـ(15 سنة)، ولا تضاف خدمة لمن كانت خدمته تقل عن هذه المدة، فيما منح النائب حق التقاعد حتى لو كانت خدمته تقل عن اربع سنوات!

ويتفق قانونيون وبرلمانيون على ان ما يتقاضاه عضو مجلس النواب هو مكافاة وليس راتبا. ومن الناحية القانونية فانه لا يستحق تقاعدا، وهي حالة ما حصلت في البرلمانات العالمية، ويصفها برلمانيون بانها غير معقولة وخيالية.

ومن مفارقات ما ينفرد به البرلمان العراق، كثرة تزوير الشهادات والمعلومات والغيابات، الأمر الذي يجب احالة من ارتكب هذه المخالفات من النواب الى المحاكم المختصة للنظر في فصلهم واستعادة كل ما تقاضوه من رواتب وامتيازات، واعتبار جريمتهم مخلة بالشرف.

اننا الموقعون في ادناه نرى ان الغاء امتيازات اعضاء مجلس النواب سيحقق نتائج ايجابية في جميع مناحي الحياة: سياسية، اقتصادية، اخلاقية، اجتماعية، ثقافية، ومعنوية.

  • فعلى الصعيد السياسي، سيسهم الغاؤها في مجيء مرشحين يهدفون الى خدمة الشعب ويحد من مجيء اشخاص طامعين بالثروة والمنصب.
  • واقتصاديا، سيحقق الغاؤها اكتفاء ماديا بتوفيره مليارات الدولارات لتستثمر في الخدمات العامة وبناء الوطن.
  • واخلاقيا، سيسهم الغاؤها في اعادة المنظومة القيمية للناس واحياء الضمير الأخلاقي الذي ضعف او تهرأ عند كثيرين.
  • واجتماعيا، سيعمل الغاؤها على احياء الطبقة المتوسطة، وتقليص الهوة التي احدثتها بين خلقها طبقة سياسية مرفهة استفردت بالثروة وبين 13 مليون فقير تحت مستوى خط الفقر باعتراف وزارة التخطيط. وبه ستقضي على الغبن الفاحش الذي الحقته بالناس.
  • وثقافيا، ستسهم في اشاعة الثقافة التي تقول الحقيقة، وتشيع حرية الصحافة التي احتل فيها العراق مرتبة متأخرة عالميا.
  • واجرائيا، سيترتب على عضو البرلمان الكشف عن أرصدته المالية وامواله الثابتة والمنقولة داخل العراق وخارجه، وشهاداته العلمية مصدقة من وزارتي التربية والتعليم العالي في العراق حصرا.
  • ومعنويا، سيعيد الغاؤها (رد الاعتبار) للعراق الذي اعتبر واحدا من افسد ثلاث دول في العالم.

ان صوت الشعب يقول لكم (كفاكم ثراء وكفانا فقرا) فهناك اكثر من (13) مليون عراقي دون خط الفقر في سابقة ما حدثت في تاريخ بلد يعد واحدا من أغنى عشرة بلدان في العالم. واننا بوصفنا أصحاب رأي من مفكرين وأكاديميين ومثقفين وفنانين.. نكون بطلبنا هذا قد ادينا واجبنا نحو شعبنا الذي ندعوه الى الضغط على اصحاب الِشأن لاتخاذ القرار بإلغاء امتيازات اعضاء مجلس النواب العراقي.. وبدونها ستكون الأيام حبلى بما لا يسر حتى الطامعين ببقائها.

 

عنهم

أ.د. قاسم حسين صالح

4/7/2021   

نسخة منه الى:

  • ممثلية الأمم المتحدة في العراق
  • الاتحاد الأوربي
  • منظمات حقوق الانسان العربية والدولية
  • منظمات المجتمع المدني
  • وسائل الإعلام العراقية والعربية والعالمية

 ***********************************

الصفحة الرابعة

التخطيط “أهدرت” مخصصات الإسكان على الحروب

اقتصاديون: مبادرة الكاظمي لا تحل أزمة السكن

بغداد ـ طريق الشعب 

اعلن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، مؤخرا، عن خطة لتوزيع نصف مليون قطعة أرض على عوائل الشهداء والشرائح الفقيرة والأجهزة الأمنية والحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب والصحفيين، في خطاب بثه  التلفزيون الرسمي.

ودرج رؤساء الحكومات المتعاقبة على إعلان مبادرات كهذه، لكنها لم تكن تتجاوز الحفلات الدعائية التي ترافقها. لكن الكاظمي يحاول ان يكون مختلفا هذه المرة “هذه التجربة مختلفة عن باقي التجارب، وسنعلن تفاصيلها بكل شفافية” هكذا علّق على مبادرته.

ولا يعوّل مختصون في قطاع الاسكان على هذه الوعود قائلين انها “مجرد دعاية انتخابية”.

وقبل العام 2003 كانت هناك مؤسسة الإسكان الجماهيرية التي ترتبط بوزارة الاعمار والاسكان، وهي تبيع الاراضي وفي بعض الاحيان توزعها، وهي أيضاً مسؤولة على توزيع قطع الاراضي لكبار شخصيات الدولة والموظفين، لكن عند سقوط النظام بعد ذلك العام، تم حل هذه المؤسسة، بينما لم تُقدم آلية واضحة بشأن أزمة الاسكان، على مدى 18 عاما. 

نصف مليون قطعة

وأعلن مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الإعمار والخدمات، صباح عبداللطيف، أن الحكومة تعتزم توزيع نصف مليون قطعة أرض سكنية على المواطنين، مشيراً إلى البدء بتفعيل بوابة تسجيل إلكترونية للتقديم على قطع الأراضي خلال الأسبوعين المقبلين مع اعتماد نظام النقاط في المفاضلة بين المتقدمين.

ونقلت وكالات أنباء محلية عن عبداللطيف ـ وهو شقيق الكاظمي ـ قوله  إن “مبادرة توزيع الأراضي السكنية للمواطنين تشمل كل أنحاء العراق ما عدا محافظات إقليم كردستان، وستكون هناك بوابة إلكترونية يتاح لكل العراقيين الدخول إليها والتسجيل على فرصة الحصول على أرض سكنية”.

وأوضح أن “البوابة تعتمد تسجيل الوضع الاجتماعي للشخص (متزوج/ أعزب/ أرمل - أرملة)، والوضع الاقتصادي (مشمول بقانون الرعاية الاجتماعية) وأيضاً وضع الشهداء، في تحديد المستحقين من عدمهم فكل الشهداء لهم حق التقديم سواء شهداء الحروب أم الإرهاب أم تظاهرات تشرين”.

وتابع أنه “من خلال النقاط تتم المفاضلة بين المتقدمين، ما يعني أن كل فئات الشعب العراقي تستطيع التقديم للحصول على فرصة الحصول على أرض سكنية، لكن هناك أولوية للأرامل وعوائل الشهداء والمشمولين بالرعاية الاجتماعية بحكم الحاجة”.

دعاية انتخابية

وعلّق باسم جميل انطوان، الخبير الاقتصادي، بقوله ان “رؤساء الوزراء والمسؤولين يقدمون وعودا بتوفير سكن لشرائح مختلفة مع اقتراب كل دورة انتخابية”.

وأضاف أنطوان لـ”طريق الشعب”، ان البلاد بحاجة الى ثلاثة ملايين ونصف المليون وحدة سكنية، مشيرا الى ان هذا يعني “ان نصف الشعب لا يملك سكنا”.

وتابع “اذا وفرنا مستلزمات البناء سوف تتوفر لنا فرص عمل كثيرة فضلاً عن ان الصناعات الانشائية ستعمل كلها وهي تشكل 50 في المائة من صناعات العراق”.

مدن لا مجمعات سكنية

ووفقا لأنطوان فان “القضاء على ازمة السكن في العراق يحتاج لبناء 200 الف وحدة سكنية في العام الواحد، على ان يستمر هذا المشروع 25 عاما”، مشدداً على ضرورة ان “يكون التوجه لبناء مدن سكنية وليس مجمعات سكنية، وشرط ان تكون خارج إطار المدن التي اكتظت بالسكان”.

وحمل الخبير الاقتصادي وزارة التخطيط المسؤولية عن “عمق الازمة وتخصيص المبالغ الكافية لمعالجتها”، لافتا الى ان “الاموال التي كانت مخصصة لقطاع الاسكان اهدرت في الحروب التي خاضها العراق “.

الكاظمي يرد

وردّ رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، بأنه لا يستهدف أي غاية انتخابية، في مبادرته الاخيرة.

ووفقاً للحساب الرسمي لرئيس مجلس الوزراء على “تويتر” فإن الكاظمي قال إنه “سيتم الإعلان للتقديم إلكترونياً على الأراضي، وسنضع مُحددات الشرائح المستحقة وحسب النقاط التي تجمع سيحصل المتقدمون على قطعة أرض”. 

وأوضح ان “المستهدفين في توزيع قطع الأراضي هم عوائل الشهداء أولاً، والشرائح الفقيرة والأجهزة الأمنية والحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب والصحفيين”.

وأكد أنه سيتابع شخصياً الفريق المسؤول عن توزيع الأراضي والفريق المسؤول عن تصميم الموقع الإلكتروني، وستكون تجربة مختلفة عن باقي التجارب، وسنعلن تفاصيلها بكل شفافية، والتوزيع سيشمل عموم العراق.

ونفت بلديات محافظة بغداد ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من خبر مفاده عدم الايفاء بالتزاماتها في مسألة توزيع الاراضي على الفئات المستحقة.

وأصدرت بلديات محافظة بغداد، بيانا تلقته “طريق الشعب”، أكد أن “المديرية لم تصدر اي توضيح بهذا الخصوص، حيث نعمل ضمن الالية المتبعة وبصدد استكمال الإجراءات الكاملة للمباشرة بالتوزيع”.

واوضح ان “بلديات محافظة بغداد بانتظار تعليمات رئيس مجلس الوزراء حول مشروع توزيع الاراضي الذي اطلقه مؤخرا”.

إحصائيات

وبحسب مصادر في مفوضية حقوق الانسان، فان بغداد وحدها تضم أكثر من ألف موقع عشوائي، وبذلك فهي تتصدر قائمة المحافظات، تليها البصرة بـ 700 موقع. فيما تأتي بعدهما محافظتا النجف وكربلاء بواقع 98 موقعاً.

وكان المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، قال في تصريحات صحفية في وقت سابق، إن “عدد المنازل العشوائية في البلاد تقدر بنحو 4000 منزل، يسكن فيها نحو 3 ملايين و400 ألف نسمة”.

وأضاف أن “هناك مسودة قانون مقدمة إلى مجلس النواب العراقي لمعالجة مشكلة العشوائيات في البلاد، تتضمن مادتين أساسيتين، الأولى الحد من انتشار هذه العشوائيات، والثانية إيجاد معالجات لهذه العشوائيات، والتي تتضمن اتخاذ عدة اجراءات، منها تأهيل هذه المناطق في حال لا تمثل تجاوزات على التصميم الأساسي للمدن”.

 *******************************************

لجنة برلمانية تريد أن يكون تشريعه أبرز إنجازاتها

«التقاعد والضمان الاجتماعي»

مشروع قانون ينشط كل أربع سنوات

بغداد ــ طريق الشعب

في مواسم الدعايات الانتخابية اعتاد المواطنون على تلقي الوعود بإقرار القوانين المأمولة، من بينها قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، الذي طالما انتظره العاملون في القطاع الخاص، لكنهم فهموا اللعبة جيدا: الترويج الانتخابي يقتضي الاحتيال على آمال الناس.

وعلى الرغم من الوقت الطويل الذي تمت فيه مناقشة ودراسة مشروع القانون بين مجلس النواب السابق ومجلس شورى الدولة، لحين تهيئة النسخة الحالية المركونة في أروقة البرلمان حاليا، فان الكثير من فقراته تواجه معارضة شديدة من قبل النقابات العمالية.

وتحاول لجنة العمل البرلمانية، تمرير قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، قبل حلّ البرلمان بعد ثلاثة أشهر من الان، لأنها تعد تشريعه “ابرز انجازاتها”، بحسب الامين العام الاتحاد العام لنقابات عمال العراق عدنان الصفار.

ويقول الصفار لمراسل “طريق الشعب”، ان الاتحاد “لديه جملة ملاحظات على مسودة القانون، التي في صدد مناقشتها مع لجنة العمل البرلمانية، ومن ثم يتم تقديمها الى مجلس النواب للتصويت”.

ومن أبرز المطالبات التي يريدها الاتحاد، ما يتعلق بان “تكون الدولة طرفا في دعم صندوق الضمان الاجتماعي ماليا، وان تبقى نسبة اشتراكات العمال 5 بالمائة، ولا تزيد على 7 بالمئة من مجموع الراتب، لأجل ضمان عدم عزوف العمال عن الانضمام الى صندوق الضمان الاجتماعي”.

ويدعو الصفار أيضا الى “رفع نسبة اشتراك اصحاب العمل من 12 بالمائة الى 13، وذلك من اجل تحقيق دعم اكبر لصندوق الضمان الاجتماعي”.

وتابع، ان “الاتحاد لديه ملاحظات تتعلق بعمر العامل المشمول بالضمان الاجتماعي بعد انتهاء خدمته، فضلا عن ملاحظات حول الفئات التي سيتم شمولها بالقانون”، منبها الى أن “مسودة القانون استثنت بعض الفئات من شمولهم بالضمان على الرغم من أحقيتهم”.

“النقابات العمالية سترفض ذلك بشدة”، يؤكد الصفار.

من جانبها، كشفت لجنة البرلمانية عن مصير مشروع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي.

وقال رئيس اللجنة رعد الدهلكي في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب”، ان “قانون التقاعد والضمان الاجتماعي يعتبر من القوانين المهمة والجوهرية المعول عليها لمعالجة العديد من المشاكل، أولها حفظ حقوق العاملين في القطاع الخاص، ما يسهم في تقليل الضغط على القطاع العام، ويوجه بوصلة الشباب الى العمل بالقطاع الخاص بعد توفر الضمانات الكاملة لمستقبلهم وعوائلهم، ضمن مواد القانون”.

وبيّن الدهلكي أن “اللجنة انجزت مراحل متقدمة من مسودة قانون التقاعد والضمان الاجتماعي وهي الان في المستويات النهائية لمراحل تشريع القانون، من أجل التصويت عليه في أقرب وقت ممكن”.

واوضح أن هناك “لمسات بسيطة وبعض التعديلات والمناقشات مع عدد من المختصين، اضافة الى عدد من ورشات العمل التي تعكف اللجنة على استكمالها خلال الفترة القصيرة المقبلة”.

وتعتزم لجنة العمل البرلمانية، بحسب رئيسها الدهلكي، “استكمال مسودة القانون بشكلها النهائي وتقديمها الى رئاسة مجلس النواب بغية عرضها للتصويت، لتكون واحدا من أهم منجزات مجلس النواب عموما واللجنة خصوصا خلال الدورة البرلمانية الحالية”.

وعلى الرغم من قناعة الكثير من عمّال القطاع الخاص بان القانون التقاعد والضمان الاجتماعي حال تشريعه سينهض بواقعهم، الا انهم لا يثقون بما يصرح به المسؤولون، بل يعتبرون ذلك مجرد “وعود للكسب الانتخابي”.

المواطن حيدر علي، عامل في احدى الشركات الاهلية، قال لـ”طريق الشعب”، انه يعمل منذ 7 سنوات كمندوب مبيعات مقابل اجور 400 الف دينار، وساعات عمل تصل الى 12 ساعة يوميا “واحيانا يفرض علينا المبيت”.

وأضاف علي أنه وزملاءه يواجهون ظلما كبيرا من جانب صاحب المال، نتيجة لضعف الحماية القانونية للعاملين في القطاع الخاص.

وزاد المتحدث، انه حاول ذات مرة إيجاد ضمان لعمله، لكن صاحب العمل رفض تزويده بكتاب يؤكد انه عامل في شركته، وذلك تلافيا لدفع المستحقات المالية عن العامل الى صندوق الضمان، التي تقع على عاتق صاحب العمل، مخيّرا اياه بالطرد أو ترك فكرة الضمان، على حد قوله.

وعن مساعي البرلمان لتشريع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، ذكر علي انه تعود سماع وعود كهذه في مواسم الانتخابات “لا شيء يلمسه العامل من حكومات تبنى على المحاصصة الطائفية والفساد”.

اما مصطفى رعد، الذي يعمل بصفة سائق في احدى شركات القطاع الخاص، فأكد لـ”طريق الشعب”، ان “صاحب الشركة قرر فصل الكثير من العمال، لكونهم طالبوا برفع اجورهم”.

وقال رعد، ان عددا من العاملين تم فصلهم بعد تعرضهم الى وعكة صحية او أصيبوا بفيروس كورونا.

 ************************************

أسعار البيض والدجاج لا تزال مرتفعة.. والرقابة غائبة

تحذيرات من انهيار قطاع الدواجن بسبب الاستيراد

بغداد ـ رقية مجيد

يواجه أصحاب الدواجن حالة من القلق والترقب بسبب الخسائر التي لحقت بهم، نتيجة لانخفاض قيمة الدينار، في الوقت الذي ارتفعت أسعار الأعلاف والمواد التي تدخل في انتاج الدجاج وبيض المائدة، فضلا عن فتح باب الاستيراد مرة أخرى، برغم تحذيرات وزارة الزراعة من “انهيار تام في قطاع الدواجن” بسبب عدم ضبط المنافذ الحدودية.

نهج تخريبي

وقال المواطن علي فاضل، وهو من أصحاب المداجن في بغداد، إن “قطاع الدواجن تعرض إلى خراب كبير بسبب النهج الذي ادارته بعض الجهات المتنفذة، من أجل الاستفادة من عمليات الاستيراد الخارجي”.

وأوضح فاضل لـ”طريق الشعب”، أن التلاعب الذي أضر بالكثير من أصحاب المشاريع في هذا القطاع يتركز على “أسعار الإعلاف واستيراد البيض والدجاج للأسواق، مقابل تهميش المنتج المحلي”، لافتا إلى أن “الكثير من أصحاب المداجن تعرضوا لخسائر فادحة خلال العام الحالي بسبب الديون وعدم قدرتهم على إدارة مشاريعهم، مقابل انفلات عملية الاستيراد الخارجي”.

وزاد المتحدث أن “ارتفاع كلفة اليد العاملة والتعامل بالآجل مع أصحاب معامل الأعلاف ومفاقس الدجاج، في ظل انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، ساهم في تسريح مئات العاملين، وإغلاق تلك المشاريع التي كانت تخدم السوق المحلية، وتوفر فرص عمل في نفس الوقت”.

الزراعة تحذر من الانهيار

وفي السياق، أكد المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، أن “ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق، أثّر على ارتفاع مدخلات الدواجن ومنها الاعلاف وفول الصويا وغيرها من المواد التي تدخل في انتاج الدجاج وبيض المائدة”.

وأوضح النايف خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، أن “الوزارة أبرمت اتفاقا مع منتجي الدواجن لغرض عدم زيادة سعر طبقة البيض لأكثر من 5 الاف دينار”، مبينا أن “الحلقة المفقودة ما بين سعر 5 الاف دينار للمنتج وما بين المستهلك الذي تصله بسعر 7 الاف دينار هو ضعف الرقابة الأمنية”، على حد تعبيره.

وأضاف المتحدث، ان “فتح الاستيراد لبيض المائدة سيؤدي الى انهيار قطاع الدواجن بالكامل، وأن وما بنيناه في ثلاث سنوات لتنمية ودعم هذا القطاع سيتلاشى”، لافتا إلى أن “فتح الاستيراد أمام البيض والدجاج سيدفع اصحاب الدواجن الى بيع حقولهم وسيسرح الكثير من العاملين فيها، وبالتالي سيضطر أصحاب الدواجن الى انشاء حقول جديدة في دول الجوار وسيعاود العراق استيراده مرة اخرى من الخارج”.

يذكر ان اسعار بيض المائدة والدجاج ارتفعت بشكل متزايد ليصل سعر الطبقة الواحدة الى 7 الاف دينار. بينما كان يتراوح سعرها ما بين 4 - 5 الاف دينار.

تقصير حكومي

وعلى صعيد ذي صلة، تحدث المواطن هادي سالم، عن “مسؤولية وزارة الزراعة عن ضبط ملف استيراد وتصدير المنتجات الزراعية والسلع المرتبطة بها”.

وقال سالم لـ”طريق الشعب”، انه بعد التوجه الحكومي في الفترة الماضية نحو الاعتماد على المنتجات المحلية “كنا كمواطنين في فرحة لا توصف، لكننا تفاجأنا حاليا بغلاء أسعار الدجاج وبيض المائدة وغياب الرقابة المعنية بهذا الشأن. حيث أصبح الاقبال على شراء هذه المواد ضعيفا جدا من قبل الفقراء ومحدودي الدخل وفئات عديدة”.

وأشار المتحدث الى “اضطرار المواطنين لشراء المواد المستوردة، اذ اصبحت ارخص من المنتج المحلي، خصوصا مع ارتفاع سعر الدولار الذي أثر على السلة الغذائية، ولكن هذا لا يعفي من الاشارة الى مسؤولية وزارة الزراعة والحكومة بشكل عام من اجل متابعة قضية الاسعار ودعم المشاريع المحلية وعدم افشالها”.

وتحدث مدونون عبر مواقع التواصل الاجتماعي اثناء موجة الاستياء التي ابداها مواطنون بشأن غلاء اسعار البيض والدجاج، عن ضرورة قيام الجهات الحكومية المعنية بـ”تقديم الحماية اللازمة للمنتجات المحلية وتخفيض اسعار الاعلاف والعلاجات البيطرية، بدلا من اغراق الاسواق بمنتجات الدواجن المستوردة التي اثرت سلبا على قطاع الدواجن. وذلك يكون من خلال تفعيل برنامج وطني لدعم مربي الدواجن والمستثمرين لغرض تطوير هذا القطاع الحيوي”.

اضطراب في الاسواق

واستطلعت “طريق الشعب”، الأوضاع في الأسواق، بعد هذه الأزمة التي اثارت استياء المواطنين واصحاب الدخل المحدود.

وتحدث المواطن ابو فهد، صاحب أحد محال الجملة التجارية في بغداد، عن ارتفاع كبير في اسعار البيض والدجاج، قائلا: ان “سعر طبقة البيض كان يتراوح ما بين ٣ - ٥ الاف دينار، بينما يتراوح حاليا بين 6 - 8 الاف دينار، فيما قفز سعر الدجاج المستورد الى 6 - 8 الاف دينار، بعدما كان يباع بمبلغ 3500 دينار وللأوزان الخفيفة”.

من جهته، قال المواطن أبو شهد، ان “الاقبال اصبح ضعيفا جدا على شراء البيض والدجاج، لأن الكثير من المواطنين غير قادرين على دفع هذه المبالغ في ظل الأزمة الاقتصادية وانعدام فرص العمل، حيث أن الكادحين وأبناء المناطق الفقيرة يعتمدون على أجورهم اليومية، وهي ضئيلة، ولا تستطيع تغطية هكذا ارتفاع مفاجئ في الأسعار”.

وبيّن المواطن وهو يتحدث لـ”طريق الشعب”، ان “الحديث عن عدم كفاية المنتج المحلي والتوجه لإغراق الاسواق بالمواد الاجنبية، لا يشير الى اصل المشكلة، والتي تكمن في عدم دعم قطاع الدواجن من اجل انتاج البيض والدجاج ومساندة اصحاب الحقول والمربين والمزارعين”، متسائلا عن “دور وزارة الزراعة مما يجري حاليا”.

وشدد على أن “العراق قادر على الوصول الى الاكتفاء الذاتي من البيض والدجاج حيث ان ذلك يعود بفوائد كبيرة للبلد لو توفرت الارادة”، داعيا الحكومة إلى “مساندة مشاريع الدواجن ودعمها باللقاحات والأعلاف والكهرباء واللجان الطبية، لأن ذلك يعود الى مصلحة البلد والمواطنين قبل كل شيء”.

 *****************************

الصفحة الخامسة

الإهمال هو السبب

عطش ومخلفات حربية وحرائق تهدد رئة الموصل الطبيعية

الموصل – وكالات

يوم بعد آخر تنحسر مساحات غابات الموصل ويتراجع عدد أشجارها تحت وطأة الإهمال والجفاف والتجاوزات والحرائق، لتختنق هذه الرئة الطبيعية الخضراء البارزة التي تتوسط المدينة بمساحة تصل إلى نحو 700 دونم.

وعرفت غابات الموصل، كأحد أبرز المتنفسات السياحية الجميلة لسكان مدينة الموصل والسائحين، وقد أنشئت عام 1954 في الساحل الأيسر من المدينة، وسميت في حينها “غابة الحدباء النموذجية”.

وتضم هذه الغابات أنواعا عديدة ومختلفة من الأشجار مثل “اليوكالبتوس” و”الاسبندر” و”الجنار” و”الدردار” و”الصنوبر”، وغير ذلك من الأنواع والأصناف النباتية التي تلائم الظروف البيئية للمدينة.

بين الحرائق والعطش

منذ حزيران الماضي ولغاية اليوم، اندلعت في غابات الموصل أربعة حرائق، آخرها يوم 6 تموز الجاري تم إخماده والسيطرة عليه من قبل فرق الدفاع المدني، بعد أن التهم عددا كبيرا من الأشجار. وبحسب تصريحات مديرية الدفاع المدني، فإن هذا الحريق كان مفتعلا بفعل فاعل. إذ تمكنت الجهات الأمنية من إلقاء القبض على المشتبه به “وهو تاجر خشب قد حصل على مناقصة مسبقاً لتقطيع الأخشاب في الاشجار الميتة وبيعها”.

وعلى إثر هذه الحرائق، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بكتابات الكثيرين من المدونين، الذين طالبوا الجهات المعنية، بضرورة حماية هذه المساحات الخضراء والحفاظ على ما تبقى منها.

وفي حديث صحفي، أوضح العديد من المواطنين أن “غابات الموصل، وبمجرد الوقوف عند مداخلها، ستبدو متهالكة ومشاهد البؤس والعطش واضحة عليها، وذلك لما تعرضت له من أضرار إبان الحرب على إرهاب داعش، بالإضافة إلى إهمالها وضعف دعمها”.

نقص مرعب في الكوادر

من جانبه، يقول مسؤول شعبة الغابات في الموصل، المهندس زيد أحمد، إن “الشعبة تعاني نقصاً مرعباً في الكوادر. فهي كانت تمتلك 400 عامل داخل الغابات، وبعد 2017 لم يبق لديها سوى 12 عاملاً فقط”.

ويضيف في حديث صحفي قوله، أنه “بالإضافة إلى نقص الكوادر، فإن الشعبة فقدت كل آلياتها الزراعية، ولم يتبق لديها سوى جرار واحد وشفل صغير. وهي اليوم تحاول جهد الإمكان الحفاظ على الغابات، بهذه الإمكانات”، مشيرا إلى أن “الغابات لا تزال ممتلئة بالمخلفات الحربية التي تعمل المنظمات المختصة على تطهيرها، وقد أكملت مساحة 50 دونما حتى الآن”.

ويلفت أحمد إلى أن “الشعبة قامت بزراعة بعض المساحات بالأشجار، بعد رفع المخلفات الحربية عنها، وأن بقاء هذه المخلفات في المساحات الأخرى يمنعهم من زراعة المزيد من الأشجار”.

ويتابع قوله، أن “الغابات شهدت خلال السنوات التي أعقبت تحرير الموصل، زراعة 21 ألف شجرة، لكنها لا تزال بحاجة إلى المزيد”، مبينا أن “الغابات ليست بأكملها تابعة للبلدية. فقد خسرت الدائرة 80 في المائة منها بعد ان تنازعت مديرية التربية معها قانونياً، وأثبتت أن عائدية الارض لها. وبهذا فإن ما تبقى من مساحة الغابات بيد البلدية هي 275 دونما فقط، أي ما لا يتجاوز الـ 20 في المائة من المساحة الكلية”.

مساع لاستحداث غابات

مدير بلدية الموصل، يوضح من جهته أن “سبب حرائق الغابات هو عدم وجود منظومة متكاملة للري. وقد تم إعداد كشوفات لتجهيز شعبة الغابات بمنظومة ري حديثة”، موضحا في حديث صحفي، أن “البلدية تسعى الى استحداث غابات جديدة في الموصل وتطويقها بحزام أخضر للحد من الرياح الترابية التي تجتاح المدينة بين الحين والآخر”. ويستدرك في قوله: “لكن البلدية تعمل وفق التخصيصات المالية وبما هو متوفر”.

15 حريقاً خلال 2021

إلى ذلك، يؤكد مدير عام الدفاع المدني في نينوى، حسام خليل، أن “هذا العام شهد قرابة 15 حريقاً في منطقة الغابات، نجح الدفاع المدني في السيطرة عليها”.

وعن أسباب الحرائق، يلفت خليل إلى أن “الإهمال هو السبب الرئيس. إذ لم تسجل المديرية أي مؤشرات حول وجود حرائق متعمدة، كما أثيرت بعض الشكوك خلال الفترة الماضية”، مشيرا إلى أن “الادغال والاعشاب الكثيفة هي التي تتسبب في اندلاع هذه الحرائق، وأعقاب السجائر أو ما شابهها أحد الأسباب أيضاً”.

************

الأمبير بـ 25 ألفا

في "حي الجهاد"!

بغداد – غنية فاضل

شكا مواطنون من سكان المحلتين ٨٥٨ و٨٧٣ في حي الجهاد بجانب الكرخ من بغداد، ارتفاع سعر أمبير الكهرباء لدى المولدات الأهلية، والذي وصل إلى 25 ألف دينار، مشيرين في حديث لـ "طريق الشعب"، إلى ان ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام الماضية، شجع أصحاب المولدات، خاصة الجشعون منهم، على استغلال المواطن، وإرغامه بدفع هذا المبلغ الذي يخالف التسعيرة المحددة من قبل الحكومة المحلية.

وأكد المواطنون، أن معظم سكان المحلتين من الفقراء والكسبة وذوي الدخل المحدود، ما يصعب عليهم دفع هذه المبالغ، مناشدين الجهات المعنية محاسبة أصحاب المولدات المخالفين، وإلزامهم باستيفاء مبالغ الاشتراك وفق التسعيرة المحددة.

****************

أمام أنظار وزارة المالية ومصرف الرافدين

قبل ثلاث سنوات، أعلن مصرف الرافدين في محافظة المثنى عن منح سلف للمتقاعدين، في القطاعين المدني والعسكري، مبلغها 3 ملايين دينار، ونسبة فوائدها 7 في المائة. ووقتها قدم الكثير من المتقاعدين، وأنا منهم، على السلف، وحصلنا عليها وتم استقطاع الفائدة مقدما، وكانت تبلغ 210 آلاف دينار.

بعد مرور ثلاثة شهور على تسلمنا السلف، أبلغنا المصرف بأن هناك سلفة تكميلية للسلفة الأولى تبلغ 7 ملايين دينار، تمنح حصرا للمتقاعدين الذين يتسلمون راتبا تقاعديا من 500 ألف دينار شهريا فما فوق، ليصبح المبلغ في النهاية 10 ملايين دينار، على أن تبقى الفائدة ذاتها، ووقت التسديد نفسه من دون تغيير (60 شهرا). لكن الذي فاجأنا - نحن المستفيدين من السلفة التكميلية –  أن هذه السلفة لم تكن محتسبة ضمن شروط تسديد سلفة الـ 3 ملايين الأولى. فقد أبلغنا المصرف بأن الـ 7 ملايين التكميلية تسدد هي الأخرى في 60 شهرا وبفائدة قدرها 3 ملايين دينار، الأمر الذي ناقض الشروط المحددة في البداية، وأدى إلى إرباك المستفيدين من هذه السلفة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

لذلك، نطالب وزارة المالية وإدارة مصرف الرافدين، بوضع حل لهذه المشكلة التي لم تكن في الحسبان، خاصة أن غالبيتنا من ذوي الرواتب الضعيفة التي لا تتجاوز الـ 700 ألف دينار.

لفيف من المتقاعدين

عنهم/ أبو ياسين الرميثي

***************

قضاء بلد

توزيع “أكشاك عصرية” على الباعة المتجولين

تكريت – وكالات

أعلنت إدارة قضاء بلد جنوبي محافظة صلاح الدين، أخيرا، عن انجاز خطة لتشغيل العاطلين عن العمل وازالة تجاوزات الباعة عن الاملاك العامة، وذلك من خلال توزيع “أكشاك عصرية” عليهم.

وقال قائم مقام القضاء، حيدر اسماعيل البلداوي، انه “تمت المباشرة بتوزيع اكشاك عصرية على العاطلين عن العمل في المدينة، شملت 54 مستفيدا”، مبينا في حديث صحفي، أن ذلك يأتي “لمعالجة ظاهرة التجاوزات غير الحضارية على الاملاك العامة، وتأثيراتها السلبية على جمالية المدينة”.

واشار الى ان “هناك مشاريع اخرى للأكشاك العصرية، تتضمن نصب اكثر من 90 كشكا على طريق الامام محمد في اطراف بلد، و11 أخرى في منطقة بنت الحسن داخل القضاء”، مبينا أن “مشاريع الأكشاك نفذت من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبلدية قضاء بلد”.

واعتبر البلداوي هذه المشاريع، “خطوة رائدة لتشغيل اكبر عدد من العاطلين ومعدومي الدخل، وفق آليات وضوابط تضمن للمستحقين الأولوية”.

 

*************

مواساة

  • ببالغ الاسى والحزن تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى، الرفيق نجيب داود بوفاة زوجة شقيقه الشهيد الشيوعي المناضل فارس داود، وذلك اثر مرض عضال ألم بها.

للفقيدة الذكر الطيب ولاهلها ومحبيها في ناحية الوجيهية، الصبر والسلوان.

  • تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، الرفيقة ام نوفل بوفاة شقيقها الرفيق عبد الكريم الشذر اثر مرض عضال لم يمهله طويلاً.

الصبر والسلوان للرفيقة ام نوفل وعائلتها الكريمة، وللفقيد الذكر الطيب على الدوام.

  • بألم وحزن شديدين، يعزي المركز الاعلامي للحزب الشيوعي العراقي، ورابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين، رفيقهم شاكر جبار (أبو أكد) بوفاة والدته.

للفقيدة الذكر الطيب، وللرفيق أبو أكد وعائلته الكريمة أحر التعازي وأمنيات بالصبر والسلوان.

*************

الصفحة السادسة

وقفة اقتصادية

تجليات الإصلاح الاقتصادي في البرامج الحكومية

إبراهيم المشهداني

بعد كل تشكيلة حكومية منبثقة عن العمليات الانتخابية  تنشغل الماكنة الاعلامية الحكومية الرسمية  كما تنشغل وسائل الاعلام الأخرى بتصريحات رئيس الحكومة حول إصلاح اقتصادي كفيل بشفاء الاقتصاد العراقي من أمراضه المزمنة، وبنفس المعنى ينشغل البرلمانيون بمطارحات حامية تمنح وعودا مجانية للشرائح الاجتماعية المكتوية بالخيبات السابقة، لكن هذه البرامج الإصلاحية ومهما كانت حبكتها البلاغية  لم تكن بمعزل عن نصائح المؤسسات المالية الدولية التي تعايشت مع السياسات الاقتصادية للدولة  دون ان تخرج الاقتصاد  من حالة الركود.

إن أية عملية للإصلاح الاقتصادي تتجلى في البحث الجاد عن عملية تنمية اقتصادية مستدامة تعيد للاقتصاد عافيته المفقودة وتنتصر للشرائح الاجتماعية الأشد فقرا ليس بصيغة أوراق اقتصادية ملونة تحمل هذه الشرائح عبء إصلاح اقتصادي مفترض، والتخطيط لوضع برنامج اقتصادي واقعي من خلال استغلال الموارد المتاحة سواء كانت طبيعية أو بشرية وتحديد الأولويات واستخدام النظم والبرامج الفاعلة بالمشاركة الشعبية الواسعة في تنفيذ ومراقبة هذه البرامج.

ومن أولويات السياسة الاصلاحية إعادة النظر في البنية الاقتصادية الراهنة التي تتجلى في أحادية الاقتصاد المقترنة بإهمال واضح في تنمية القطاعات الانتاجية السلعية الأساسية المتزامنة مع توسع مفرط في تطبيق سياسة استيرادية أدت إلى اعادة تصدير رأس المال المتأتي عن طريق البترول بشكل تهريب للعملة الصعبة والاحتفاظ بها في المصارف الأجنبية واستثمار القسم الاخر من هذه الأموال خارج العراق.

والمهمة الأرأس أمام أية حكومة مستقبلية تتمثل بعملية إعادة تكوين الناتج المحلي الاجمالي الذي يعتمد في الوقت الحاضر بنسبة 60 بالمائة على الإيرادات النفطية في وقت يتراجع دور القطاعين الأساسيين الصناعة والزراعة اللذين لا يزيد نصيبهما من الانفاق العام في موازنة 2021 عن 1،9 في المائة  بالإضافة إلى القطاعات الأخرى غير النفطية في تكوين هذا الناتج فلم تعد الصناعة عنصرا بارزا في هذا الدور لأسباب عديدة منها ما يتعلق بسوء إدارة الدولة، علما بأن  الصناعة كانت تشكل  في الربع الأخير من القرن العشرين 10 بالمائة من الناتج  المحلي الإجمالي، بينما لا تشكل الآن سوى 2،5 بالمائة من هذا الانتاج  وخاصة الصناعة التحويلية التي لها دور أكبر  يتعلق بالأمن والاستقرار الاجتماعي، ولا تقل الزراعة شأنا في إعادة تكوين الناتج المحلي الإجمالي، فقد كانت الزراعة في خمسينات القرن الماضي تشكل 35 بالمائة من هذا الناتج إلا أن نسبة مساهمتها الآن لاتزيد عن (3) بالمائة مما يستدعي إيلاء الاهتمام الجدي في هذا القطاع بتوافر إرادة حقيقية في إحداث ثورة خضراء من خلال دعم المزارعين والاهتمام بالريف العراقي من النواحي الخدمية والصحية والتعليمية سبيلا للحد من الهجرة إلى المدينة وترك الريف يتاكل شيئا فشيئا، وتفعيل المبادرات الزراعية عبر وضع خطة زراعية واقعية تحقق الأمن الغذائي عبر تسهيل تقديم القروض الزراعية ودعم السوق العراقية عبر الإجراءات الحمائية.

إن الانتصار لهذين القطاعين لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تنشيط الاستثمار في القطاعين العام والخاص وتشجيع الاستثمار الاجنبي وخاصة العربي بالتنسيق بين السياستين المالية والنقدية وتفعيل دور الجهاز المصرفي الحكومي والخاص في دعم عملية التنمية الاقتصادية وإعادة النظر بالسياسة الاستيرادية المبنية على أساس حاجة السوق العراقية ونوعية البضائع المستوردة وانقاذ السوق من البضائع الرديئة.

ولكي يمكن تحقيق معدلات نمو متطورة في هذه القطاعات لابد من إيلاء العنصر البشري الاهتمام الكافي من أجل بناء قوة انتاجية بشرية قادرة على تشغيل هذه القطاع بمستوى عال، وهذا يتطلب وضع خطة تشغيلية علمية تعالج مشكلة البطالة من خلال تطوير  مهارات العاملين ورفع مستوى التعليم بكافة مراحله وإعادة النظر بالمناهج التعليمية بما تستجيب لمتطلبات  الخطط الانتاجية .على أن تقترن كل هذه السياسات  بعملية  شاملة لمكافحة الفساد في مختلف مستويات الدولة الحكومية المغرقة اصلا بالفساد، وتنظيم حملة رقابية رسمية و شعبية توفر للقضاء العراقي  الأدلة والبيانات المتعلقة بالفساد وانشطة الفاسدين .

****************

“فاو” تدرج العراق ضمن 10 دول بحاجة لتأمين الغذاء

مستشار حكومي: 4 أسباب فاقمت الفقر والبطاقة التموينية أحد الحلول

بغداد - نورس حسن

أدرجت منظمة الغذاء والزراعة (فاو) في تقرير صدر عنها، مؤخرا، العراق “ضمن 10 دول عربية بحاجة الى مساعدات خارجية، من اجل الغذاء، بسبب النزاعات الداخلية المتعلقة بالمناخ”.

وقال التقرير ان “تأثيرات جائحة كورونا، اثرت بشكل سلبي على مستويات الدخل ما أدى الى تفاقم نقاط الضعف وارتفاع المستويات الحالية من انعدام الأمن الغذائي، فضلا عن استمرار النزاعات والصدامات المتعلقة بالمناخ في تعزيز المستويات المرتفعة لانعدام الأمن الغذائي الشديد”.

4 أسباب فاقمت الجوع

وفي هذا الشأن، يرى المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح، ان “ارتفاع النسب السكانية في البلاد بمعدل الضعف تقريباً خلال العقدين الماضيين، بسبب النزوح أولا، فضلا عن التغير المناخي، أثرا سلبا على المجتمعات الزراعية”.

وتابع أن “تراجع الإمدادات المائية في نهري دجلة والفرات من قبل دول الجوار خاصة خلال فصل الصيف، أثر بشكل كبير على حدة الانهيار الاقتصادي في البلاد”.

ويرى صالح انه من المفترض ان يكون الموسم الصيفي هو من أفضل المواسم الزراعية في العراق الا ان التجاوزات الخارجية إزاء المياه، أدت الى خسائر كبيرة في المنتجات الزراعية المحلية، ما أدى الى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وبالتالي خلق الحاجة الى الدعم الخارجي للأمن الغذائي في البلاد”.

وتابع صالح في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “تأثيرات جائحة كورونا تفاقمت هي الأخرى كثيرا على مستويات دخل العائلة العراقية. كما ادت الى ارتفاع نسب الفقر الى مستويات مخيفة في البلاد، وبالتالي فان ذلك أخذ جانبا بارزا في حاجة العراق الى الدعم الخارجي للأمن الغذائي”.

حلول

وحول الإجراءات الحكومية لتعزيز الأمن الغذائي، ذكر د. مظهر صالح “نحن اليوم بحاجة الى مرونة اقتصادية من ناحية تخفيض نسب التعريفات الجمركية إزاء المواد الغذائية، وعدم الحزم في تطبيق الروزنامة الزراعية. كما أننا بحاجة الى دراسة كفاية المنتجات المحلية، إضافة الى ضرورة دعم البطاقة التموينية للعوائل العراقية”.

سلات غذائية

هذا وأعلنت وزارة التجارة كمبادرة لتعزيز الامن الغذائي في البلاد عن “المباشرة في اطلاق سلات غذائية وتوزيعها على وكلاء المواد الغذائية لإيصالها الى المواطنين المستفيدين من الحصة التموينية”.

وقال الوزير الجبوري خلال مؤتمر صحفي، تابعته “طريق الشعب”، ان “مخازن وزارة التجارة تستقبل منذ ايام كميات كبيرة من المواد الغذائية ذات النوعية الجيدة من مفردات السلة الغذائية وهي الزيت والسكر والحمص والفاصوليا ومعجون الطماطم والرز البسمتي الهندي”.

وفي هذا الشأن، أفاد أحد وكلاء المواد الغذائية لـ”طريق الشعب” ان “ما يعلن عنه في الاعلام عن تعزيز مفردات البطاقة التموينية غير حقيقي”، مؤكدا ان الوزارة “عملت هذا الشهر على حجب مادتي الطحين والرز عن المواطنين واستبدالهما بمواد معجون الطماطم والحمص والفاصوليا”.

استبدال وليس اضافة

وقال الوكيل الذي طلب حجب اسمه، ان ذلك الاجراء “هو ليس من اجل تعزيز الامن الغذائي للمواطن وانما بسبب فارق السعر، لا اكثر”، مبينا ان “البقوليات ارخص ثمنا من مواد السكر والزيت والطحين والرز، التي تعد مواد رئيسة للعائلة”.

بدورها، أفادت الخبيرة الاقتصادية د. سلام سميسم ان “الحكومة اليوم تتحمل كافة المسؤوليات بحماية الامن الغذائي من ناحية توفير كافة مستلزمات الغذاء لأفراد الشعب”.

وذكرت سميسم لـ”طريق الشعب” ان توقف عجلة الإنتاج وبالتالي خلق معدلات بطالة كبيرة، أدى الى ارتفاع نسب الفقر الى نسب 50 بالمائة. وجميعها أدت الى دق جرس الإنذار من ناجية تحقيق الامن الغذائي لدى المواطنين”.

وترى سميسم انه من “الضروري العمل على توفير المواد الغذائية من مواد الطحين والرز والسكر والزيت بكميات كافية ونوعيات جيدة لصالح المواطنين المستفيدين من الحصة التموينية، والعمل على تعزيزها بمفردات أخرى، لا استبدالها بمواد غذائية يعدها المواطن غير ضرورية”.

واتهمت سميسم، الحكومة بـ”الفشل في ملف البطاقة التموينية”.

 

***************

الموارد المائية تؤكد عدم انطلاق المفاوضات مع تركيا

أنقرة وطهران تطلقان البضائع وتمنعان المياه عن الجار المستهلك

بغداد ـ طريق الشعب

يبدو أن الحكومة العراقية عاجزة عن الاستفادة من ورقة الاستيراد التي تشكل ثقلا في إيرادات تركيا وإيران، اللتين لم يتوصل معهما العراق الى صيغة تفاهم على حصصه المائية، بينما تعاني أغلب أراضيه من شح، وتفاقم في ظاهرة التصحر.

 وبسبب السياسات المائية لدور الجوار، واجهت بعض الانهر الجفاف التام، ما أدى الى خسارة أراض زراعية ليست بالقليلة.

وتستعد وزارة الموارد المائية لمفاتحة الجهات المعنية في حكومتي طهران وأنقرة، لأجل “مراعاة حقوق العراق المائية”.

واعلنت تركيا، مؤخراً، أن العراق جاء ثانياً كأكبر مستورد من البلاد، خلال النصف الأول من العام الحالي 2021.

وقال الرئيس المنسق للاتحادات التركية للمصدرين بمنطقة البحر المتوسط نجدت سين، في بيان: إن “الاتحادات سجلت أرباحاً تقدر بـ 7.32 مليار دولار، خلال الفترة بين كانون الثاني وحزيران من العام الجاري”.

وأشار البيان إلى “تسجيل زيادة في حجم الصادرات بنسبة 40 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق”، لافتاً الى ان “هولندا تصدرت قائمة الدول المستوردة بواقع 495 مليون دولار، تلاها العراق بـ495 مليوناً، ثم روسيا بـ337.4 مليون”.

وتضم منطقة البحر المتوسط في تركيا 8 ولايات هي قهرمان مرعش، عثمانية، هطاي، أضنة، مرسين، أنطاليا، إسبارطة وبوردور.

يقول الخبير الاقتصادي ابراهيم المشهداني لـ”طريق الشعب”، انه “لا توجد ارقام محددة عن حجم الاموال التي نستورد بها من تركيا وايران”.

وأضاف ان “حجم الاستيراد من ايران اكبر بالتأكيد من تركيا بكثير، لان الحدود شبه مفتوحة بين البلدين”، مردفا ان “ايران تصدر لنا بضائع، يغطيها المنتج المحلي مثل الخضراوات وبيض المائدة”.

وأكد الخبير ان “الاستيراد فيه فوضى كبيرة، يجب ان يكون للبنك المركز ووزارة التجارة والزراعة دور في الموضوع”.

وعن الدور السيئ الذي يلعبه حكومات تلك البلدان برغم ان العراق يعتبر رئة اقتصادية لها، قال ان “المفاوض العراقي ضعيف جداً كما ان الحكومة لم تدخل بمستوى عالً بالمفاوضات مع هذين البلدين (تركيا وإيران)”. 

وأشار الى انه “ليس الاستيراد وحده ما تستفيد منه أنقرة، بل ان العراقيين هم ابرز مشتري العقارات في تركيا، فضلاً عن الاعداد الكبيرة التي تقيم هناك، وتحول لها الاموال من العراق بالدولار”.

من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية، عوني ذياب، ان “أزمة ملف المياه بدأت منذ ستينات القرن الماضي ومنذ ذلك الحين بدأت المباحثات والمفاوضات لكنها لم تصل الى صيغة نهائية لأجل تقاسم المياه بصورة عادلة، وكل ما جرى هو بعض مذكرات التفاهم والبروتوكولات”، مشيراً الى انه “يربطنا مع ايران اتفاقية الجزائر 1975 وفيها ملحق بروتوكول يتعلق بالأنهر المشتركة من البلاد ذاتها”.

وأكد انه “لا توجد اتفاقية ثنائية تحدد مع تركيا حصص المياه. الحكومة التركية لا تعترف اساساً بأن النهرين دوليين لكن مفاهيمها تغيرت وفقاً للعرف الدولي السائد”.

وأشار الى ان “العراق لم يرسل وفداً تفاوضياً لغاية الان، وكل الوفود التي أرسلت هي وفود فنية. اما التفاوض فانه يخضع لجوانب سياسية اكثر مما هي فنية”.

وأردف أن “موضوع التبادل التجاري او بالتحديد الاستيراد يمكن أن يكون ورقة رابحة للضغط على دول الجوار، لاسترداد حصصنا المائية”.

******************

الصفحة السابعة

المعارضة تحدثت عن انقلاب

ماذا بعد مقتل الرئيس في هاييتي؟

متابعة ـ طريق الشعب

جمهورية هايتي إحدى بلدان البحر الكاريبي، كانت مستعمرة إسبانية، ولاحقا فرنسية. تُعد هاييتي أقدم جمهورية من أصل أفريقي في العالم، تمتعت بالاستقلال، منذ عام 1804؛ ولكنها خضعت باستمرار لحكام مستبدين، لم يبذلوا أيّة جهود لرفاهية شعبهم، فابتليت على الدوام بأعمال العنف السياسي. يبلغ عدد سكانها أكثر من 10 مليون نسمة (إحصاء 2009)، اغلبهم من الأفارقة الذين جلبوا كعبيد.

في 7 تموز، قتلت مجموعة مسلحة رئيس جمهورية هايتي، جوفينيل مويس، في مقر إقامته. وبعد مقتل الرئيس، أصبح وضع البلاد متوتراً. وفي اليوم التالي تظاهر السكان عفويا في جميع أنحاء البلاد، مطالبين بتوضيح سريع لخلفية الحدث، وتحقيق انتقال ديمقراطي للسلطة. شكك رئيس الوزراء المكلف أرييل هنري، الذي عين رئيسًا جديدًا للحكومة في أحد آخر الإجراءات الرسمية للرئيس الراحل، لكنه لم يؤد اليمين الدستورية، في شرعية رئيس الوزراء الفعلي كلود جوزيف.

لا يبدو أن جوزيف يفكر في ترك منصبه. ومجموعات معارضة اعتبرت ما حدث محاولة انقلابية. وفي حالة خلو منصب الرئيس، وفقًا للدستور، يقرر البرلمان كيفية نقل السلطة. ولكن عمل البرلمان معلق منذ أكثر من عام. وجرى تأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية لمرات عديدة، بسبب الاحتجاجات العنيفة ضد الرئيس. وتمسك مويس، المتهم بالفساد، واعتماد أساليب الدولة البوليسية بمنصبه، على الرغم من أن الدستور نص على انهاء مهامه في بداية شباط الفائت.

وكان الرئيس المقتول قد حكم البلاد، أخيرا بالمراسيم، ويبدو أن رئيس الوزراء الانتقالي يريد أن يحذو حذوه، حتى لو تظاهر حتى الآن بالتمسك بأجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 26 أيلول، فبعد ساعات قليلة من الهجوم على مويس، أعلن حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، مما يمنحه صلاحيات إضافية لمدة أسبوعين، يمكن أن تؤدي، بين أمور أخرى، إلى تقليص حقوق المواطنين بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، حشد رئيس الحكومة الفعلي الجيش والشرطة للحفاظ على “النظام العام”.

وفي غضون ذلك، أعلنت الشرطة الهايتية، الخميس الفائت، أن الهجوم على مويس نفذه “مرتزقة محترفون للغاية”. وقال ليون جارلس، رئيس الشرطة الوطنية: “نفذت مجموعة من 28 مهاجمًا، بينهم 26 كولومبيًا، عملية اغتيال الرئيس”. وقد تم اعتقال 15 منهم حتى الآن وقتل ثلاثة آخرون. وكان من الممكن أيضًا القبض على ثلاثة أمريكيين من أصل هايتي. وأوضح الجمعة أن 11 من المشتبه بهم اعتقلوا في مقر سفارة تايوان في العاصمة بورت أو برنس. وهايتي هي واحدة من 15 دولة في جميع أنحاء العالم تعترف بالجزيرة الصينية كدولة مستقلة.

لا يُعرف، حتى ساعة اعداد هذا التقرير، سوى القليل عن خلفية العملية. وقالت مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة في هايتي، هيلين لايم، خلال مؤتمر صحفي، عقدته الخميس على الإنترنت، إن البلاد طلبت مساعدة دولية في التحقيق في الهجوم. كما طلبت هاييتي من مجلس الأمن الدولي تقديم دعم أمني إضافي. ودعت صحيفة واشنطن بوست يوم الأربعاء إلى “تدخل دولي سريع وقوي” في هايتي.

 ***********************************

الصين تستنكر إدراج أمريكا شركاتها ضمن القائمة السوداء

بكين ـ وكالات

انتقدت وزارة التجارة الصينية إدراج نظيرتها الأمريكية 23 شركة صينية لقائمتها الاقتصادية السوداء، على خلفية انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان. جاء هذا في بيان صادر عن وزارة التجارة الصينية، أمس الأحد، بحسب “رويترز”.

وقالت الوزارة الصينية إن إدراج الكيانات الصينية يعد “انتهاكا خطيرا لقواعد الاقتصاد والتجارة الدولية”.

كما وصفت الوزارة الصينية هذا الإجراء بأنه “قمع غير مسؤول” للشركات الصينية.

وأضاف البيان أن الصين سوف تتخذ الإجراءات الضرورية لضمان الحقوق والمصالح المشروعة للصين. ويوم الجمعة، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على شركات وكيانات أخرى ذات صلة بممارسات الجيش والسياسة الصينية تجاه الأقلية المسلمة من الإيغور، وتسهيل الصادرات إلى روسيا وإيران.

وقالت وزارة التجارة الأمريكية في بيان لها إن هذه الكيانات عوقبت “لتورطها في أنشطة تتعارض مع السياسة الخارجية ومصالح الأمن القومي للولايات المتحدة”، بحسب ما نقلته وكالة “فرانس برس”.

 *****************************************

محكمة النقض المصرية تؤيد حكماً بالمؤبد لعشر قيادات إخوانية في قضية “اقتحام ‏السجون”‏

القاهرة ـ وكالات ‏

ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، أمس الأحد، أن محكمة النقض أيدت ‏بحكم نهائي أحكام السجن المؤبد على عشرة من قيادات جماعة الإخوان ‏المسلمين المحظورة في القضية التي عرفت باسم “اقتحام السجون”، ‏ودارت أحداثها خلال انتفاضة يناير 2011.‏ وقالت الوكالة إن المحكمة رفضت الطعون التي قدمها المتهمون وأيدت ‏الأحكام الصادرة من محكمة جنايات القاهرة في أيلول عام 2019.‏

والقيادات العشرة التي شملها الحكم هم محمد بديع مرشد الجماعة آنذاك ‏ورشاد البيومي ومحيي حامد ومحمد سعد الكتاتني وسعد الحسيني ‏ومصطفى الطاهر الغنيمي ومحمود أحمد زناتي وحازم فاروق عبد الخالق ‏ومحمد البلتاجي وإبراهيم أبو عوف.‏

وألغت المحكمة أحكاما بالسجن لمدة 15 سنة على ثمانية من قيادات ‏الجماعة وقررت تبرءتهم. وتضمن الحكم انقضاء الدعوى بحق عصام العريان ‏لوفاته قبل البت في القضية.‏

 ***********************************************

إستونيا تعزز الإجراءات الحدودية

للحد من تدفق المهاجرين من بيلاروسيا

تالين ـ وكالات

أعلنت سلطات إستونيا عن تعزيزها الإجراءات الخاصة بحماية الحدود، على خلفية ارتفاع حاد في وتيرة تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الاتحاد الأوروبي عبر أراضي بيلاروس.

وأكد رئيس هيئة حرس الحدود في إدارة الشرطة، إيغيرت بيليتشيف، حسب هيئة البث الوطنية ERR، أن هذه الدولة تتخذ الإجراءات اللازمة تحسبا لاحتمال تطبيق السيناريو الذي تواجهه ليتوانيا المجاورة حاليا.

وأوضح أن أجهزة الأمن رفعت مستوى التأهب الأمني عند الحدود وزادت عدد الدوريات عند حدود البلاد وفي أراضيها، بالتزامن مع إنشاء بنى تحتية جديدة عند الحدود الشمالية (مع بيلاروس) بما يشمل سياجا وأجهزة خاصة بالرقابة.

ويأتي ذلك على خلفية إعلان ليتوانيا حالة الطوارئ بسبب قضية المهاجرين، وشروعها في بناء سياج عند حدود بيلاروس.

وأعلن رئيس ليتوانيا، غيتاناس ناوسيدا، أن الاتحاد الأوروبي سيرسل إلى بلده مروحيات لمساعدته في مراقبة الوضع عند حدوده.

كما أكد نائب رئيس حرس الحدود الليتواني، فيداس ماتشايتيس، أن إستونيا استجابة لطلب حكومة بلده أرسلت إليها عناصر ومركبات من قوات حرس الحدود، بالإضافة إلى طائرات مسيرة ستعمل على البحث عن المهاجرين غير الشرعيين الذين يختبؤون عند الشريط الحدودي. وصرح الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، في وقت سابق من الشهر الجاري أن بلده لن يعود لردع تدفق المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي، لأن مينسك “لا تملك الأموال والقدرات المطلوبة لذلك، نتيجة للعقوبات الغربية” المفروضة عليها.

 ***********************************

حرب اليمن .. انجلز مرّ من هنا

عبد المنعم الاعسم

لا أحد، حتى أساطين المنجمين، يعرف الى أي مآل ستنتهي حرب اليمن التي لا يمكن نزع انتمائها الى تاريخ الحروب في هذه البلاد العريقة. فريدريك انجلز، وفي رسالة الى كارل ماركس، كتب انه كان يكفي ان تنشب حرب واحدة في هذا الجزء من العالم”حتى يتم اخلاء البلد من سكانه”، ووصف ما كان يحدث من اضطرابات غامضة هناك بالقول ان تدميرا مباشرا وعنيفا يجري الى درجة لا يمكن تفسيره الا بالغزو الحبشي.

والحال، في اليمن الآن حرب اهلية كلاسيكية: الكل يحارب الكل.. الحوثيون يحاربون الجماعة الارهابية المسلحة “القاعدة” وكلاهما يحاربان الدولة التي تتصدى لهما بوسائل الاستقواء المستعارة من وراء الحدود، لكن الشيء الآخر الخطير الذي تطرحه الحرب اليمنية يتعلق بالحرب نفسها كوسيلة لحل الخلافات، او وسيلة للوصول الى السلطة، في وقت دخل العصر مرحلة بدت كما لو انها فتحت الآفاق نحو الطريق السلمي (الاحتجاجات. العصيان المدني. الاضرابات. التعبئة الشعبية) كمعبر الى التغيير.

لا جديد في القول ان وصفة الحرب اليمنية الجديدة “الكل يحارب الكل” ستعم مناطق كثيرة من العالم التي تعاني من اثار اللاعدالة في نظام العولمة الجديد، والمهم ان اسباب اندلاع الحروب لا تزال، كما في السابق: التغيير بالقوة. هيرودوت، ابو التاريخ، اعاد اسباب الحروب الفارسية اليونانية قبل الفين واربعمائة عام الى فساد وجبروت “سادة” المدن، لكنه يحذر من الاعتقاد الخطأ بان جميع الحروب تندلع لاسباب مشروعة، فالشرعية قضية تثير التباسات واختلافات منذ حروب طروادة التي يختلف حول شرعيتها المؤرخون حتى الآن، لكن الاكثر مدعاة للحذر من القبول بمبدأ الحرب كحل للخلافات بين الدول هو ان الامم تعطي العدو خلال حروبها صورة يصبح معها قتله، والتمثيل بجثته، مشروعا.

في غضون ذلك اكتشف الكثيرون وصفة “سحرية” لتأويل حروب غير عادلة، لا أخلاقية، أو لا داعي لها، وفي الغالب تكون النزعات المغامرة واجهة للعنجهية والطموحات المريضة، لأنها تهيء الاسباب الواهية للكثير من الحروب. كاليغولا، كان يقول: “أريد الحصول على القمر. ثم أعيّن حصاني رئيسا لمجلس الشيوخ” أما صدام حسين فانه اعتبر الحرب “كونه” يثبت خلالها قوته وتفوقه، وأول اسم تمثّل فيه، كمحارب، هو “محمد الفاتح” الذي نجح في فتح القسطنطينية.

الاقوال في الحرب كثيرة، واطرفها قول جورج أورويل بان “أسرع طريقة لإنهاء الحرب هي أن تخسرها”، وحكمة أجاثا كريستي القائلة “الانتصار في الحرب مشؤوم مثله مثل خسارتها”، وقول فولتير ”ليس القوي من يكسب الحرب دائما، إنما الضعيف من يخسر السلام دائما”، والشاعر بول فاليري من قوله “الحرب مجزرة تدور بين أناس لا يعرفون بعضهم البعض لحساب آخرين يعرفون بعضهم البعض ولا يقتلون بعضهم البعض”، اما اينشتاين فقد كان يقول “لا أعلم بأي سلاح سيحاربون في الحرب العالمية الثالثة، لكن سلاح الرابعة سيكون العصي والحجارة”.

وإذ يتفق المؤرخون على اللوازم الخاصة بكسب الحرب، في السياسة وفي غيرها، فان واحدة من اهم اللوازم وجوب التفكير والتحسب والاستشارة قبل المغامرة في خوضها، وفي كتاب “زهر الالباب” للحصري القيرواني محاورة عميقة المعنى، حيث أتى قوم من العرب شيخا لهم قد أربى على الثمانين، فقالوا له: ان عدونا تجاوز على اراضينا، فأشرْ علينا بما تدرك به لمواجهته، فقال: “الضعف فسخ همتي، ونكث ابرام عزيمتي، ولكن شاوروا الشجعان من ذوي العزم، والجبناء من ذوي الحزم، ثم اخلصوا من الرأي بنتيجة تبعد عنكم معرة نقص الجبان وتهور الشجعان، فاذا نجم الرأي على هذا كان أنفذ على عدوكم من السهم الصائب والحسام القاضب”.

وفي تاريخنا المعاصر ثمة حصيلة واسعة للحروب. اسبابها، ظروفها ونتائجها، وتعد بلاد اليمن بحد ذاتها ارشيفا لحروب في عمق التاريخ حتى ليبدو تاريخ اليمن كسلسلة من الحروب لتغيير السلاطين والحكام من بلقيس ملكة سبأ حتى علي عبدالله صالح. فمن الكثير من المدونات نعلم ان اليمن لم تنعم باستقرار الا ونزلت عليها نازلة الفتن، ولم تنصرف الى البناء الا وأغارت عليها الفيضانات والاعاصير والدوامات، وكانت الدورات الكونية قد منـّت عليها بجنتين “فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم” واللافت هنا بان الازمات اليمنية الدورية تنطلق من نقطة غامضة ثم لا تلبث ان تشغل العالم بوصفها قدرا أو كابوسا، لكأن الهدهد لا يزال يخاطب سليمان حتى اليوم “وجئتك من سبأ بخبر يقين”.

وفي كتابه (رحلة اثرية الى اليمن) رصد الدكتور أحمد فخري امجاد اليمنيين اذ فرضوا سيطرتهم على خط القوافل التجارية من الجوف الى الشام، كما انهم فرضوا ثقافتهم وابداعاتهم الصناعية والشعبية في زمن كانت الامم تغط في ظلام دامس الامر الذي عبرت عنه آثار مدن قرنو وقتبانو ووائل حتى القرن العاشر قبل الميلاد، حيث شيدت مملكة سبأ العريقة التي عرفت اعرق ديمقراطية في مجالس المشورة والجدل، وتمثل نقوشها الآن مفاتيح معارف للدخول الى مغاليق تاريخ الشرق وفصوله الأكثر مثاراً للجدل حيث انهارت المملكة اليمانية الاولى تحت سنابك خيول الممالك المجاورة، ورحل ملوك وجاء ملوك غيرهم.

الى ذلك يجمع المؤرخون على ان الظاهرة السبأية من حيث الصعود الى المجد والهبوط الى الخراب استمرت في حقب التاريخ اليمني باشكال مختلفة حتى تحولت هذه البلاد العريقة الى حكمة بالغة الدلالة، فثمة لديها جواب لأي سؤال.. ولديها دواء لكل داء، ولديها حرب لكل سبب.

ولم تكن تلك الحروب اليمنية، والحرب الدائرة الآن غير سيناريوهات لمستقبل يسهل فيه التأكد ان الحرب سياسة بوسائل قذرة.

******************************

استدراك:

كان آل كوبوني، رجل العصابات الامريكي، يقول:

“يمكنك الذهاب إلى مدى بعيد بابتسامة، ويمكنك الذهاب إلى مدى أبعد بكثير بابتسامة ومسدس”.

 

 **************************************************

الصفحة الثامنة

على طريق تحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط

خلفيات وتأثيرات انتفاضة الشعب الفلسطيني الأخيرة

اعداد: رشيد غولب*

انتفاضة الشعب الفلسطيني على خلفية المساعي الإسرائيلية للاستحواذ على مساكن فلسطينية جديدة في الشيخ جراح، وما تبعها من عدوان وغطرسة إسرائيلية، ربما سيكون له تأثير يتجاوز حدود الصراع في فلسطين، ليمتد إلى بلدان المنطقة ويؤثر على الكثير من الأدوار الإقليمية والدولية فيها، ومن هنا تأتي أهمية المساهمة في معرفة خلفيات الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة.

سلبيات “التطبيع” مع اسرائيل

جاءت الانتفاضة لتفضح الهدوء الوهمي جراء انخراط عدد من الأنظمة العربية في تطبيع علاقتها مع إسرائيل. ويمكن تفسير الانتفاضة على أنها رد على التهميش الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، على الرغم من السبب المباشر، التهديد بالاستيلاء على منازل فلسطينية في حي الشيخ جراح في القدس. والمعروف أن هذه الصراعات بين الفلسطينيين وسلطة الاحتلال مستمرة منذ سنوات، وأسبابها الحقيقية عميقة الجذور، فعلى الرغم من توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 وتأسيس الإدارة الفلسطينية، التي كان من المفترض وفقًا للتفاهم العام أن تهيئ لقيام الدولة الفلسطينية من خلال بناء المؤسسات، تدهور وضع السكان بشكل مطرد منذ ذلك الحين. ويستمر الاحتلال بكل تداعياته، في بناء المستوطنات، وشن الاعتقالات التعسفية، والقيود المفروضة على حرية تنقل الفلسطينيين، وغيرها الكثير، وقد تعمقت هذه الممارسات خلال عهد ترامب، الذي أطلق يد حكومة إسرائيل لتوسيع وتعميق التعسف.

في التقارب بين إسرائيل وبعض الدول العربية، ورد ذكر فلسطين بشكل عابر، لم يحتل مستقبل فلسطين أي أهمية في المفاوضات. لقد تولد لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انطباع بأن إسرائيل تستطيع إدارة الصراع مع الفلسطينيين على أساس طويل الأمد، اعتمادا على اعتقاده أن المعارضة الفلسطينية ستكون محدودة جدا.

لقد كشفت الأحداث أن هذا الافتراض كان خاطئا. والشعب الفلسطيني لا يقبل القمع الدائم والحرمان من حقوقه المشروعة. لقد تصدر المشهد جيل جديد من الشباب، لا تمثل اتفاقات أوسلو بالنسبة له بصيص أمل يقود إلى إقامة دولة فلسطينية، جيل يعتبر اتفاقيات أوسلو ميتة وبالتالي لم يعد جيل أوسلو يمثله. ان ما شاهدناه انفجار جيل جديد احبطته السياسات الخاطئة.

امتداد المواجهة إلى داخل إسرائيل

الحرب على غزة وامتداد المواجهات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ترتبط في جزء منها بأزمة الديمقراطية الإسرائيلية. ويعكس اللجوء إلى أربعة انتخابات عامة خلال عامين أزمة مؤسسية دفعت إسرائيل إلى حافة العجز، وأكدت، حتى بالمقاسات الإسرائيلية شرعية ناقصة. لقد خاض بنيامين نتنياهو ومؤسسته العسكرية حربا بلا غطاء برلماني. وظل فراغ السلطة السياسية لصيقا  بالمؤسسات الإسرائيلية، ولا ندري مدى قدرة حكومة اليمين المتطرف التي ازاحت نتنياهو على الاستمرار.

على الرغم من ان الكيان الإسرائيلي بني على الاحتلال والاستيطان والإرهاب وتشريد سكان البلاد الأصليين، وممارسة الإرهاب ضدهم، الا أن انفجار الصراع في الداخل الإسرائيلي، ألغى حتى الروابط الضيقة في الأحياء، وأصبح الذعر من هجمات اليمين والمتطرفين الصهاينة الليلية على جدول العمل، وسببا مباشرة لردود فعل عنيفة من ضحايا هذه الهجمات. واستجدت تصدعات خطيرة لا يمكن معالجتها إلا بشكل مستدام من خلال دمج جميع الفئات السكانية كمواطنين متساوين، ولكن هل يمكن لحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف انجاز مثل هذه المهمة؟

الفلسطينيون والصواريخ

تمثل القدس بالنسبة للشعب الفلسطيني رمزية وطنية جامعة، تسقط أمامه, كل المراهنات. لقد أثارت صور اقتحام قوات الأمن الإسرائيلية للحرم في القدس خلال شهر رمضان وأطلاقها الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على المتجمعين هناك غضبًا فلسطينيا كبيرًا في جميع انحاء فلسطين. ولم يؤثر على هذا الاجماع الشعبي، التباين في الموقف من إطلاق الصواريخ على إسرائيل في إطار صراع مراكز للسلطة الفلسطينية الرسمية في الضفة والقطاع، والتكتيكات المتقابلة التي تستخدمها هذه المراكز في الصراع العدمي والضار بمصالح الشعب الفلسطيني.

 وضع مأساوي

إن استمرار الاحتلال واستمرار سياساته في العزل والحصار وقضم الأرض، والظروف المعاشية المأساوية في القطاع، كلها أسباب تعمق شعور الفلسطينيين بأن ليس لديهم ما يخسرونه. وليس لسكان القطاع أي أمل في التفاوض أو العمل مع إسرائيل، كما تفعل السلطة الفلسطينية، في سياق التعاون الأمني. يدعم سكان القطاع، إلى حد كبير، كل أشكال المقاومة. والمسألة تتعلق، بدعم خيار المقاومة، وليس الدعم السياسي أو الأيديولوجي لحركة حماس. يشترك في المقاومة نشطاء حزبيون من مختلف الفصائل وجمهرة واسعة من المواطنين المستقلين، بعيدين عن تيارات الإسلام السياسي. ويرفض الفلسطينيون، لعبة إسرائيل وحلفائها الإعلامية، بتبرير ارهابها المنظم ضد الفلسطينيين، وتدمير البنية التحتية في القطاع بأطلاق حماس للصواريخ. ويمارس الفلسطينيون حقهم المشروع بالمقاومة لاحتلال استمر منذ أكثر من خمسة عقود، مؤكدين ان مقاومة الاحتلال بكل الوسائل هو استرداد للكرامة.

جيل مقاوم جديد

يبدو أن السلطة الفلسطينية بقيادة فتح تواجه صعوبات جديدة، وينحسر رصيدها الجماهيري، وهناك تيارات من فتح بدت منافسة قوية لتيار الرئيس الفلسطيني داخل فتح. أضف إلى ذلك القناعة التي تتسع بعدم كفاءة أدائها وانتشار الفساد في مفاصلها. وجاءت الغاؤها الانتخابات، حسب مراقبين رضوخا للضغوطات الإسرائيلية، واضعافا للعملية الديمقراطية وتهميشا للناخبين الراغبين في انتخاب من يحكمهم، ربما كان هذا أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبتها السلطة منذ سنوات. لقد بعثت عملية التحضير للانتخابات، بعد سنوات من الركود، الآمال في الحركة السياسية، وعدم تحققها عمق أزمة الثقة بين السلطة والغالبية العظمى من الجماهير. لذلك انحصر نشاطها في الأروقة الدبلوماسية والأمم المتحدة. ولهذا كانت مساحة النقد لها في وسائل التواصل الاجتماعي واسعة. وهناك تقارير تقول إن أنصار الرئيس عباس وحملة صوره لم يكن مرحبا بهم في الاحتجاجات التي شهدتها منطقة الحرم.

صحيح أن مقاومة الشعوب عمل تراكمي، وليس هناك مقاومة وطنية واجتماعية منقطعة الجذور، ولكن ما شهدناه هو ظهور حركة فلسطينية جديدة ومستقلة، وقبل كل شيء، عابرة للحدود. لقد شهدنا أول اضراب فلسطيني غطى كامل فلسطين منذ عام 1936. وكان هناك دعم فاعل في جميع مناطق الشتات الفلسطيني في البلدان العربية وأوربا وامريكا. ان هناك آمالا بأن ما حدث سياسيا، سوف لن يختفي بانتهاء التصعيد. ما يعني أن اتجاهات تطور الصراع مفتوحة، على الرغم أن الفيتو الأمريكي خصوصا والغربي عموما، يشكل دائما المصد السريع لأي ادانة دولية لسلوك حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما أكدته الأحداث الأخيرة أيضا.

التضامن المطلوب

التجربة التاريخية رغم قساوة ما عاشه الفلسطينيون تؤكد تعمق تسييس حياة الفلسطينيين اليومية وتزايد وعيهم. ورفضهم التقسيم، وفق المنطق الإسرائيلي، ليس فقط في الكيانات الأربعة التي تفرضها سياسة الاحتلال: غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وإسرائيل نفسها، وكذلك في جميع أنحاء العالم أيضًا. ولهذا سوف تتزايد الضغوط على السلطات الإسرائيلية، وفرض شرعية النضال من أجل الحقوق الوطنية المشروعة للفلسطينيين، ومن أجل المزيد من الحقوق المدنية والديمقراطية داخل اسرائيل. ومن هنا فان التضامن الأممي سيكون مطلوبا في جميع بقاع العالم سواء كان في العراق أو تشيلي أو المانيا.

وأخيرا تبقى وحدة الصف الوطني الفلسطيني على أساس القيم الوطنية والديمقراطية خيارا لا غنى عنه لأي نجاح أو انتصار قادم، وكذلك التعاون والتنسيق بروح أممية عالية بين قوى اليسار والتقدم في الأراضي الفلسطينية المحتلة وداخل الكيان الإسرائيلي، الذي أثبت في أكثر من مناسبة أهميته في مواجهة العنصرية الصهيونية وكامل منظومة الأفكار المتطرفة.

ـــــــــــــــــــ

* تمت الاستفادة من بعض التحليلات المنشورة في اعلام حزب اليسار الألماني

 ***************************************

عندما تكون دولة المؤسسات فاعلة

في ثلاث دول سلطة القانون تؤكد حضورها

عادل محمد

عادة ما تهيمن الصراعات الجيوسياسية والحروب وأخبار الكوارث الطبيعة وتطورات انتشار كورونا على مؤسسات الإعلام المهيمنة. ولا تعطي هذه المؤسسات الاهتمام الكافي للكثير من أحداث السياسة العالمية، وخصوصا تلك الاحداث التي تصب في مجرى تعزيز التوجه الديمقراطي، التي تؤدي إلى محاسبة مستبدين وفاسدين، وجماعات اللوبي. أما إعلام الأنظمة المستبدة والفاسدة، فلا مصلحة له في التعريف بذلك، فالكثير من الحاكمين في بلدان الاستبداد والفساد، يرعبهم محاسبة أقرانهم في البلدان الأخرى. في هذا التقرير نشير إلى نماذج حدثت أخيرا في ثلاثة بلدان، أكدت حضور دولة المؤسسات، واحترام سلطة القانون، تمت بموجبها محاكمة رؤساء سابقين، وشخصيات أمنية وعسكرية مرموقة ارتكبت جرائم في ظل أنظمة دكتاتورية سابقة، وديمقراطية راهنة.

إدانة رئيس جمهورية جنوب افريقيا السابق

في 29 حزيران الفائت، أصدرت المحكمة الدستورية في جنوب افريقيا، حكما بالسجن لمدة 15 شهرا، غير قابلة للنقض بحق رئيس الجمهورية السابق جاكوب زوما (2009 – 2018)، وجاء قرار المحكمة لرفضه المثول أمام المحكمة، وتقديم تفاصيل تتعلق بتهم الفساد الموجهة اليه. وسبق له أن مثل أمام المحكمة مرتين آخرها عام 2019، وغادرها اثناء الاستراحة وخارج السياقات القانونية. ولم يعلق الرئيس السابق على القرار الصادر بحقه، وسبق له أن أرجع محاكماته إلى مؤامرة دولية تديرها أجهزة مخابرات عالمية، وأن القضاء في جنوب افريقيا لا زال يستخدم أساليب الفصل العنصري. 

ويُتهم زوما بتعيين الموالين له في المفاصل المؤثرة في الدولة والشركات الحكومية، لمنح عقود الدولة لأصحاب المشاريع الذين يشير إليهم بصفة “أصدقائه”. وتقدر الأضرار المترتبة على ذلك رسميا بقرابة 30 مليار يورو. ويحاكم الرئيس السابق حاليًا في قضية فساد أخرى تتعلق بأكبر صفقة أسلحة في جنوب إفريقيا بعد القضاء على نظام الفصل العنصري.

الأرجنتين.. إدانة القتلة ولو بعد حين

في بداية حزيران الفائت أدانت محكمة في سان مارتن الأرجنتينية خمسة من كبار مسؤولي المخابرات العسكرية السابقين، بينهم الحكم بالسجن المؤبد بحق رئيس جهاز المخابرات خلال سنوات حكم الدكتاتورية (1976 – 1983) بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وشملت الجرائم المرتكبة الخطف المنهجي والاختفاء القسري والتعذيب والقتل المؤكد لـ 94 معارضا. وامتدت خارطة الجرائم من الأرجنتين إلى البرازيل وبيرو وبوليفيا وإسبانيا. واستمرت المحاكمات لمدة عامين، استمع خلالها إلى 250 شهادة للناجين من القمع وعوائل الضحايا. إن الجرائم التي ثبتت بعد 40 عاما من ارتكابها، والاحكام الصادرة بحق مرتكبيها تمثل مدخلا مهما لدراسة دور جهاز المخابرات في ممارسة القمع.

واستمرار محاكمة رئيس الجمهورية السابق

رفعت وكالة مكافحة الفساد الأرجنتينية تهماً ضد الرئيس اليميني السابق ماوريسيو ماكري (2015 – 2019) بسبب اخفائه معلومات عن ثروته خلال فترة ولايته واحتمال قيامه بعمليات غسيل أموال. وكشف التحقيق الذي أجراه المدعي العام السابق والرئيس الحالي لـمكافحة الفساد، فيليكس كروز، أخيرًا شبكة من ممتلكات شركة غير مبلغ عنها من قبل ماكري وزوجته جوليانا عواضة. وتلقى ماكري أرباحا من هذه الشركة على مدار السنوات العشر الأخيرة، بغض النظر عن تحقيقها أرباح من عدمه. ويشتبه المحققون في أن الشركاء الآخرين هم شخصيات فضائية وأن الشركة استخدمت في التهرب الضريبي وغسيل الأموال. ولماكري ووالده سوابق في التهرب الضريبي، وقد صدرت بحقهما أحكام قضائية لم تأخذ طريقها للتنفيذ، بسبب الحماية التي وفرها قاضيان في المحكمة العليا، و تم عزلهما لاحقا من مجلس الشيوخ.

وكانت ملفات “أوراق بنما” قد كشفت العديد من الشركات الخارجية وحسابات غير معلنة له ولمقربين منه. وفي جانب آخر بدأت النيابة العامة في كانون الثاني الفائت تحقيقا مع الرئيس السابق بتهمة التجسس على رؤساء شركات وموظفين وفنانين وشخصيات من المعارضة، وشخصيات من إدارة الرئيس ذاته.

سابقة قضائية في البرازيل

لأول مرة، أدانت محكمة في ساو باولو بالبرازيل ضابط شرطة سابق لارتكاب جرائم في سنوات الدكتاتورية العسكرية (1964 - 1985). وصدر الحكم على ضابط الشرطة السابق كارلوس ألبرتو أوغوستو بالسجن لمدة عامين وأحد عشر شهرًا بتهمة اختطاف أحد جنود مشاة البحرية المعارضين. وطالب المدعي العام بعقوبة اشد وينوي استئناف قرار الحكم الصادر.

ووصف المدعي العام أندريه ميندونسا الحكم بأنه مهم لأنه يظهر “الطبيعة المنهجية للممارسات. وأن هذه الجرائم لم تكن أفعالا فردية”. ولا يزال النظر في القضية يعتبر استثناءً، ففي السنوات القليلة الماضية، فتح الادعاء العام ملفات أكثر من 50 دعوى جنائية، رفضتها المحاكم أو أوقفت النظر فيها.

وقال، رئيس لجنة حقوق الإنسان في نقابة المحامين في ساو باولو لياندرو سارسيدو: “هذا قرار مهم ويمكن أن يساعد في إعادة وضع جرائم العسكر على جدول الأعمال”. لكن سيكون من الصعب تأييد الحكم. لأن 50 سنة فترة طويلة بالنسبة لجريمة اختطاف” و “للأسف، ومن الناحية القانونية، لا أثر للضحية”.

والمعروف أن العسكر كانوا قد شرعوا قانونا يعفو ويحمي كل المسؤولين عن مخالفات قانونية، قبل العودة إلى الديمقراطية مجددا، واشترطوا عدم الغائه. وقامت حكومة الرئيس اليميني المتطرف الحالي بتفعيل القانون الذي لا يزال نافذ المفعول.

وفقًا لتقرير لجنة الكشف عن الحقائق، قُتل ما لا يقل عن 434 شخصًا وتعرض الآلاف للتعذيب خلال سنوات الديكتاتورية. وهاجر العديد من أعضاء المعارضة إلى المنفى أو اختفوا. ويعرب الرئيس الحالي بولسونارو باستمرار عن تعاطفه مع سنوات حكم الديكتاتورية العسكرية.

إن ما تقدم يشير إلى أن المستبدين والفاسدين وامتداداتهم ليسوا بمنأى عن الحساب وإن طال أمده، والعراق المبتلى بمنظومة المحاصصة والفساد، التي تتصارع على المغانم، ولكنها تتفق حين تتعرض منظومة سلطتها المشتركة للخطر، لذا يقف هؤلاء بشراسة في وجه رياح التغيير، لكيلا يواجهوا مصير نظرائهم في البلدان التي أشرنا اليها. لقد انحدروا إلى درك غير معقول، عندما جعلوا الماء والكهرباء الضروريين للحياة في صيف العراق اللاهب وسيلة للضغط والابتزاز. تجارب الشعوب تقول في النهاية لا يصح إلا الصحيح، ولا أحد مهما طغى وتجبر يمكن ان يكون فوق القانون.

 ************************************

الصفحة التاسعة

الدولة والسلطة السياسية .. بعض الاشكاليات

د. صالح ياسر

تتضمن السلطة السياسية لطبقة ما، والتي هي نتاج وشرط لسيادتها الإقتصادية، سلطة فعلية لممثلي هذه الطبقة على جهاز الدولة. ولأن هؤلاء الممثلين هم أنفسهم دوماً أعضاء في “شريحة” محددة من الطبقة المسيطرة فإنه يمكن للسلطة السياسية أن تكون رهاناً للصراع في ما بين هذه الشرائح. ومنعاً لأي التباس منهجي يجب عدم خلط السلطة الفعلية الخاصة بالماسكين بآلة الدولة مع سلطة الدولة المنظمة قانونياً على المجتمع، ذلك لأن هذه الأخيرة هي التي تؤول الى تحقيق السلطة الفعلية. ان هذه السلطة المنظمة قانونيا هي التي تؤول الى تحقيق السلطة الفعلية. ولا تظهر السلطة السياسية للدولة دائما، في شكل علاقة مباشرة بين طبقة واخرى. كما انه لصحيح من جهة، ان العلاقة الطبقية تحفظ ويعاد انتاجها على مستوى السلطة السياسية للدولة، ومن جهة ثالثة، فان وجود الدولة كأداة، يحقق في شكل معدل، الهيمنة السياسية للطبقة المسيطرة.

إن التجليات المختلفة التي تتخذها الدولة وأشكالها ترتبط بتبديل مراكز القوة بين فئات وشرائح الطبقة المسيطرة. غير أنه يتعين التأكيد على أن السيطرة الإقتصادية والهيمنة السياسية لا تكونان متماثلتين بشكل ميكانيكي، إذ يمكن لإحدى فئات الطبقة المسيطرة أن تلعب الدور المسيطر في الإقتصاد ولكن من دون أن تحظى بالهيمنة السياسية، والتاريخ شاهد لا يجامل. هكذا كان الحكم الملكي المطلق في القرنين السابع والثامن عشر، إذ كان يحافظ على التوازن بين النبلاء والبرجوازية في الصراع القائم بينهما، وهكذا كانت البونابرتية في الإمبراطورية الأولى ولاسيما في الإمبراطورية الثانية في فرنسا، إذ كانت تحرض البروليتاريا على البرجوازية والبرجوازية على البروليتاريا. وهو ما اشار إليه ماركس في عمله الهام (الثامن عشر من برومير “لويس بونابرت”).

في كل مرحلة من مراحل التطور يصبح نمط من علاقات الانتاج هو النمط السائد في المجتمع، وتحتل الطبقة التي تتوافق معه المكان السائد في الانتاج الاجتماعي، وهي لا تستطيع ان تكتسب هذا المكان وتحتفظ به إلا بقدر ما تستطيع ان تكسب السيطرة على جهاز الدولة وتحتفظ بها. ومن هنا ففي كل عصر – وطالما ظل المجتمع منقسما الى طبقات متنافرة – تستولي طبقة معينة على سلطة الدولة وبذلك تقيم من نفسها طبقة حاكمة.

لماذا تجد السلطة السياسية تعبيرها

في الدولة؟

ان السلطة العامة كما هو معلوم تعود الى الطبقة السائدة اقتصاديا، ومن جراء ذلك تصبح هذه الطبقة، الطبقة السائدة سياسيا. تتحقق هذه السلطة على الصعيد التنظيمي بصورة “فصيلة خاصة” من الناس تتركز في يدها مقابض ادارة المجتمع. وبهذا الصدد كتب ماركس يقول “ان وجود سلطة الدولة يجد تعبيرا عنه على وجه الدقة في موظفيها، وجيشها، وادارتها، وقضائها، واذا تجردت من صورتها المجسدة هذه، فانها لن تكون سوى ظل، سوى خيال، مجرد اسم”.

على ان من الضروري الاشارة طبعا الى ان التحليل اعلاه لا يعني القول بعدم وجود أي “تفاوت” بين مصالح الطبقة المسيطرة وقرارات الدولة، إذ ان هذه الاخيرة ليست مجرد اداة طيعة وعملية: فهي تبذل مقاومات تبقي عليها التناقضات الداخلية بين “شرائح” الطبقة المسيطرة. وبما ان الدولة ليست آلة تحكمها بعض الفئات المهيمنة، انها اكثر تعقيدا في تمثيل المصالح التي تحققها وفي عملها الملموس، يجب اذن ان يترافق تحليل البنية الطبقية بتحليل ملموس للاشكال التي تتخذها هذه السيطرة. ولهذا فان الماركسية تنطلق من تعريف طراز الدولة، من طابعها المميز للتطور الفكري كصراع آيديولوجي، وان يظهر هذا الصراع الاجتماعي. كما ان السمة المميزة للعلم الماركسي حول طراز الدولة، هو انه يركز انتباهه لا على التمظهرات الثانوية والمشتقة، في الحياة السياسية، بل على قوانينها الداخلية الجوهرية، على استجلاء القوانين الموضوعية للتطور التاريخي لهذه الظاهرة الاجتماعية المعقدة. اذن ليس من قبيل الصدفة ان لا تستخدم النظرية الماركسية في منظومتتها المفاهيمية المقولة المجردة “طراز الدولة”، بل تستخدم مقولة “طراز الدولة التاريخي”، هذه المقولة التي تعكس العمليات الاجتماعية الفعلية والتي ترتبط بمفهوم التشكيلة الاجتماعية – الاقتصادية في وضع تاريخي محدد.

ولما كانت التشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية التي هي البناء الذي يشمل اسلوب الانتاج والبناء الفوقي في وحدتهما العضوية، وهي تعبر عن مرحلة محددة للتطور الاجتماعي في خطوطها العريضة بكل تناقضاتها، فان ترجمة تلك التناقضات لا تفسر عندما نقول ان الدولة هي “اداة “ للطبقة المسيطرة، فهي “تمثل” بالفعل اكثر من الطبقة المسيطرة، أي “تمثل” كافة الطبقات المتصارعة في فترة تاريخية محددة. ولا يجب ان تغطى وتضيع الخطوط الفاصلة للطبقات والصراعات في ما بينها داخل التشكيلة، فالدولة ليس بذلك محايدة وحكما بين قوى متصارعة، في الواقع يجب ان ننظر الى سلطة الدولة بكونها وحدة متناقضة. هذه الوحدة ممكنة، اذ ان المؤسسات في الدولة الطبقية تمتلك تماسكا داخليا خاصا بها ومستقلا تجاه البنى الاقتصادية ولكن ايضا تجاه الطبقات او فئات الطبقات المسيطرة. هذه الملاحظة مهمة اذ انها تتحاشى جعل الدولة مجرد شيء وأداة في ايدي الطبقة المسيطرة.

ومن الضروري في هذا المجال التذكير بأنه وعندما يجري الحديث عن ستقلالية أجهزة الدولة فان ذلك لا يعني استقلالها عن الطبقات المتصارعة، بل عن الفئات الطبقية المسيطرة. فاستقلال أجهزة الدولة لا يكون إلا في تبعيتها المباشرة للطبقة المسيطرة ككل. معنى هذا أن استقلالها النسبي يتيح لها ضبط تطور التناقضات الثانوية بين فئات الطبقة المسيطرة ومنعها من أن تنفجر بشكل يهدد علاقة السيطرة الطبقية نفسها حين تعجز فئة أو شريحة عن فرض هيمنتها الطبقية داخل الطبقة المسيطرة ( أو الائتلاف الطبقي). إن التدخل المباشر لأجهزة الدولة هو، إذن، لإنقاذ الوجود المسيطر للطبقة السائدة، بتحقيق الهيمنة الطبقية للفئة المهيمنة فيها، والتي تعجز، في ظروف تاريخية محددة، عن فرض هيمنتها.

تعني الملاحظات السابقة ان الدولة تقوم على تحقيق تماسك التكوين الاجتماعي عن طريق ثلاث وظائف اساسية:

  1. الوظيفة الاقتصادية، حيث تقوم في ظل التكوينات الرأسمالية بدور مزدوج مماثل لدور الرأسمالي: دور الاستغلال، ودور تنظيم عملية العمل، والاشراف عليها، وكذلك وضعها لمجموعة من التشريعات القانونية المنظمة للمبادلات الرأسمالية.
  2. الوظيفة السياسية، والتي تستهدف المحافظة على وحدة التكوين الاجتماعي، ببسط سيطرة الدولة السياسية الطبقية عن طريق جهازها البيرقراطي واجهزتها القمعية.
  3. الوظيفة الآيديولوجية، ممثلة بدور الدولة في التربية والتعليم، وهو ما عبر عنه غرامشي في سياق تعريفه للمجتمع المدني، ومفهوم الهيمنة.

تتيح الملاحظات السابقة بلورة الخلاصات التالية:

- أن الدولة ليست فوق المجتمع بل هي نتاج له؛

- أن الدولة هي أداة بيد الطبقة المستغِلة لإضطهاد الطبقة المستغَلة؛

- وهذا يؤكد أن طبيعة الدولة وجوهرها إجتماعي محض لا تجريد يفصلها عن قاعدتها الطبقية؛

- انها أداة للهيمنة الطبقية والقمع الطبقي، أداة لضمان ملكية ومصالح مالكي وسائل الانتاج ضد بائعي قوة العمل، لجنة تسيير شؤون البرجوازية، العنف المنظم للرأسمال من اجل اخضاع العمل؛

- وفي التشكيلة الرأسمالية، الدولة نتاج التناحرات الطبقية لهذه التشكيلة والقوة الناظمة لها؛

- إن للدولة بداية ومن الطبيعي، لذلك، أن تكون لها نهاية. وطالما أن بدايتها هي ظهور التناقضات المستعصية على الحل، فإن نهايتها لابد أن تواكب حل هذه التناقضات. ولهذا حددت الماركسية بداية الدولة وظهورها بظهور التناقضات، وحتمت إضمحلالها وزوالها في المجتمع اللاطبقي.

ان الملاحظات اعلاه تعني ان الكلاسيك الماركسي أماط، لاول مرة في تاريخ البشرية، اللثام ونزع كل الحجب عن الدولة “المؤلهة” المقدسة، الموضوعة فوق الطبقات. لقد أنزلت الماركسية الدولة من سماء الحياد المجلل بالضباب الى حيث هي في الواقع، الى معمعان الصراع الطبقي الذي تمثل فيه قيادة اركان الفئة أو الطبقة (أو التحالف الطبقي)، السائدة في مرحلة تاريخية معينة.

 ************************************

هل العمال حفارو قبور الرأسمالية؟

مات فيدال* 

ترجمة: باسل نجم

تقول السردية السائدة أن التاريخ أثبت خطأ نظرية ماركس عن الطبقة العاملة. تستند هذه السردية على ما يسمى بأطروحة «حفاري القبور».

وفقًا للكثير من الباحثين في العلاقات الصناعية وعلم الاجتماع فأن تنبؤات ماركس حول أن البروليتاريا سوف تتحدى وتطيح بالرأسمالية لمجرد موقعها في نظام الإنتاج لم تكن صحيحة.

من الصحيح أن ماركس وأنجلز كتبا في البيان الشيوعي: «أن البرجوازية تنتج قبل كل شيء حفاري قبرها، فهلاكها وانتصار البروليتاريا كلاهما امر محتوم لا مناص منه». لكن قراءة أوسع لمجمل العمل توضح أن هذا كان طرحا بلاغيا يهدف إلى تحريض الطبقة العاملة على العمل، وليس تنبؤا علميا.

البيان عبارة عن كتيب سياسي والغرض الواضح منه هو تثقيف وتحريض الطبقة العاملة. أن مجرد صدور هذا البيان بحد ذاته دليل على أن تطور الوعي الطبقي الثوري ليس حتميا. إذا كان الأمر كذلك، لما صدر هذا البيان السياسي أصلاً!

تظهر عبارة «حفاري القبور» في البيان الشيوعي في الجزء الذي يقدم رسما تخطيطيا للتاريخ بدءا من روما القديمة وحتى القرن التاسع عشر في عشر صفحات! في حين أن المناقشة الكاملة للرأسمالية والثورة الرأسمالية «الحتمية» الوشيكة تم طرحها في ست صفحات فقط.

غياب أطروحة حفاري القبور في كتابات ماركس اللاحقة

تكاد تكون هذه الأطروحة غائبة تماما عن كتابات ماركس العلمية اللاحقة. في المجلدات الثلاثة من (رأس المال)، ناقشها ماركس فقط في قسم من ثلاث صفحات من المجلد الأول، وأعاد صياغة الطرح السابق الذكر في البيان الشيوعي.

وفي كتابات ماركس الأخرى، بما في ذلك (الثامن عشر من برومير)، أضفى أهمية بالغة وبعمق على تشظي الطبقات وتأكيده على العمليات السياسية والأيديولوجية المعقدة اللازمة لتطور الطبقات إلى حركات اجتماعية واعية طبقيا.

أكدت كتاباته اللاحقة على العوائق التي تحول دون تكوين بروليتاريا متحدة وواعية طبقيا، بما في ذلك تشظي الطبقة العاملة على أساس المهارة والسلطة، والتضليل المتعمد للعلاقات الطبقية من قبل المؤسسات الرأسمالية، والاعتماد المادي على الأجر، وارتفاع مستويات المعيشة.

ماهي إذن نظرية ماركس عن الطبقة العاملة؟

إذا لم تكن أطروحة حفاري القبور محورية في نظرية ماركس عن الطبقة العاملة، فما هو جوهر نظريته عن الطبقة العاملة؟

إن تسمية البروليتاريا بالطبقة الثورية، حفاري قبور الرأسمالية، لم يكن، كما لاحظ هال دريبر، «وصفا للأحداث الجارية»، بل بالأحرى تصنيفا للبروليتاريا على أنها «طبقة لها القدرة التاريخية على صنع ثورة». بينما ركزت الثورة البرجوازية السلطة في أيدي طبقة الأقلية، فإن الثورة البروليتارية ستنقل السلطة إلى طبقة تمثل الأغلبية.

رأى ماركس أن الرأسمالية تقوم على بنية طبقية تتكون من طبقة رأسمالية صغيرة وطبقة عاملة كبيرة تضم الغالبية العظمى من السكان. فبدلاً من رؤية عملية عالمية للتكيف تؤدي إلى طبقة عاملة متجانسة وغير ماهرة، كما ينسب عموما إلى ماركس، جادل بأن الرأسمالية ستتطلب تقسيما معقدا للعمل بما في ذلك العمال غير المهرة والعمال المهرة وتسلسل هرمي من المديرين لغرض تنسيق وإدارة العمل.

في الغروندريسه، كتب أنه حتى في ظل تقسيم العمل، سيبقى هناك «تسلسل هرمي لقوى العمل، يتوافق مع سلم للأجور... إلى جانب التدرجات في التسلسل الهرمي، يظهر الفصل البسيط بين العمال المهرة وغير المهرة».

في (رأس المال)، المجلد الثالث، وضع ماركس نظرية كيف أن تقسيم العمل التفصيلي يتطلب تسلسلا إداريا معقدا: «يتطلب جيشا صناعيا من العمال تحت قيادة الرأسمالي، مثل الجيش الحقيقي، الضباط (المديرين) وضباط الصف (رؤساء العمال والمشرفين)، الذين يقودون العمل باسم رأس المال».

طور عالم الاجتماع إريك أولين رايت نموذجا لبنية طبقية تميز تسعة أجزاء بناء على مستوى المهارة (خبير، ماهر، غير ماهر) والسلطة (مدير، مشرف، بلا سلطة) وكما يوضح الجدول:

بناء على هذا النموذج، تشمل الطبقة الرأسمالية الأشخاص العاملين لحسابهم الخاص الذين يوظفون عشرة موظفين أو أكثر. تتكون فئة الخبراء والمديرين بأكملها من العمال ذوي الدخل المرتفع. فئة «أصحاب الأجور العالية» هي جزء من الطبقة الرأسمالية الموسعة بسبب روابطها الكثيفة مع الطبقة الرأسمالية، بما في ذلك تقاسم السلطة على العمال المأجورين، والمشاركة في صنع السياسات التنظيمية، وحصة مالية جيدة في النظام الرأسمالي. تتكون شظايا الطبقة المتبقية من العمال بالأجر بالساعة. بالنظر إلى أنه من المرجح أن المشرفين (المهرة وغير المهرة) قد تمت ترقيتهم من وظائف العمال (المهرة وغير المهرة)، فإن هذه المجموعات الأربع من المواقع لها علاقة وثيقة بسوق العمل. على هذا النحو، فهم يشكلون الطبقة العاملة.

بناءً على التعريف السابق، تبلغ الطبقة العاملة كنسبة مئوية من إجمالي القوى العاملة 76٪ في السويد، و71٪ في المملكة المتحدة، و67٪ في الولايات المتحدة، و66٪ في كندا. تختلف اليابان نوعاً ما، حيث يعمل 23٪ من سكانها بالكامل في العمل الحر و53٪ في الطبقة العاملة.

تم تأكيد تنبؤ ماركس بأن الرأسمالية ستولد طبقة عاملة موسعة، تشكل غالبية السكان وليس لها ملكية في وسائل الإنتاج. ومع ذلك، فإنها لا تزال متباينة داخليا على أساس المهارة والسلطة والهوية والتوجه السياسي. هذه هي القضية المركزية للتحليل الطبقي والسياسة الطبقية.

الوعي الطبقي

كتابات ماركس عن وعي ومفهوم الطبقة متناثرة، لكنه جادل باستمرار بأنه فقط من خلال النضال النشط - أي الحركة العمالية النشطة والتنظيم الحزبي - ينتشر وعي الطبقة العاملة.

كتب ماركس وانجلز في كتاب (الأيديولوجيا الألمانية): «من أجل إنتاج هذا الوعي الشيوعي على نطاق واسع ، ومن أجل نجاح القضية نفسها، فإن تغيير الناس على نطاق واسع ضروري، وهو تغيير لا يمكن إلا أن يأخذ مكان في حركة عملية، أي الثورة».

جادل ماركس في (بؤس الفلسفة) بأن المصالح المشتركة ليست كافية لتنمية الوعي الطبقي:

«لقد حولت الظروف الاقتصادية لأول مرة جماهير الشعب في البلاد إلى عمال. لقد أدى الجمع بين رأس المال إلى خلق حالة مشتركة ومصالح مشتركة لهذه الكتلة. وبالتالي، فإن هذه الكتلة هي بالفعل طبقة ضد رأس المال، ولكنها ليست لذاتها بعد. في النضال، الذي لم نلاحظ منه سوى بضع مراحل، تتحد هذه الكتلة وتشكل نفسها كطبقة لذاتها».

أخيرا، في الجزء الأول من رأس المال، أكد ماركس كيف أن مزيجا من الأيديولوجية المهيمنة يعاد إنتاجه خارج الإنتاج الرأسمالي جنبا إلى جنب مع الاعتماد المادي على الأجر يعمل على إعاقة تحقيق وعي الطبقة العاملة:

«يؤدي تقدم الإنتاج الرأسمالي إلى تطوير طبقة عاملة تنظر من خلال التعليم والتقاليد والعادات إلى متطلبات هذا النمط من الإنتاج كقوانين طبيعية بديهية... في المسار العادي للأشياء، يمكن أن يُترك العامل لـ «قوانين الإنتاج الطبيعية»، أي أنه من الممكن أن يركن على اعتماده على رأس المال، الذي ينبع من ظروف الإنتاج نفسها، وهو مكفول إلى الأبد من خلالهم».

تقترح نظرية ماركس عن صنمية السلع أن المؤسسات الرأسمالية تخفي (عن عمد) آليات عمل اقتصاد السوق والمصدر الحقيقي للربح (أي جهد العمال).

خاتمة

باختصار، جادل ماركس باستمرار بأن النضال الطبقي النشط فقط (التنظيم النقابي والتنظيم الحزبي) يمكن أن يغير وعي العمال. في غياب مثل هذا النشاط، فإن ظروف العمل المشتركة التي تعيشها الغالبية العظمى من الطبقة العاملة لن تكون كافية لضمان تطوير وعي الطبقة العاملة الثوري.

كما جادل بأن مؤسسات المجتمع تقدم الرأسمالية على أنها طبيعية وحتمية، وأن العمال يعتمدون على الأجور من أجل لقمة العيش وأن مستويات المعيشة في ظل الرأسمالية تزداد، حتى بالنسبة للطبقة العاملة (ولكن بمعدل أبطأ بكثير من نمو الإنتاجية وتراكم رأس المال).

ــــــــــــــــــ

* محاضر متخصص في علم الاجتماع والاقتصاد السياسي في جامعة لوبورو بلندن.

 ***************************************

الصفحة العاشرة

يجب فرضهما بالتضامن

كرامة الإنسان وحريته تتطلبان الحماية 

رعد موسى الجبوري

مرت في الخامس من آذار الماضي الذكرى الـ 150 لميلاد المناضلة الشهيدة والمفكرة الماركسية المدافعة عن الحرية والعدالة. كانت روزا لوكسمبورغ بالنسبة للينين “نسرا” بين الدجاج وبالنسبة إلى كلارا زيتكين “تجسيدا لطاقة ليس لها مثيل”، ويعتبرها الكثيرون من أعظم السياسيين اليساريين في القرن العشرين أو حتى في كل العصور – وجعل منها موتها المريع الى جانب كارل ليبكنخت شهيدة كبيرة. من كانت هذه المرأة التي دعت، بصفتها رائدة في الحركة العمالية، الى “حرية أولئك الذين يفكرون بشكل مختلف”؟ وما هي افكارها؟

من هي ؟

ولدت روزا لوكسمبورغ في جنوب شرق بولندا وتاريخ ولادتها الدقيق ليس واضحا تماما، فتشير شهادة الميلاد إلى 25 ديسمبر 1870 ، لكنها ذكرت لاحقا انها ولدت عام 1871 وكانت تحتفل بعيد ميلادها في 5 آذار. كان والدها تاجر أخشاب واهتم بشكل كبير بتعليم أطفاله. تعلمت روزا عدة لغات، فعلمت نفسها القراءة والكتابة في سن الخامسة، عندما اضطرت إلى الرقاد في السرير لمدة عام تقريبا بسبب صعوبات المشي. بعد انتقال الأسرة الى وارسو ذهبت إلى المدرسة الثانوية هناك، وبينما كانت لا تزال في المدرسة انضمت إلى مجموعة ماركسية سرية- وبعد تخرجها من المدرسة الثانوية اضطرت إلى الفرار إلى سويسرا.

وفي عام 1890بدأت تدرس في زيورخ، والتحقت بدراسة الفلسفة والرياضيات وعلم النبات وعلم الحيوان، ثم درست الاقتصاد والقانون الدولي، من بين أمور أخرى. وكانت روزا الصغيرة من أشد المدافعين عن كتابات كارل ماركس. وسرعان ما كونت صداقات مع الكثير من المثقفين اليساريين الذين يعيشون في سويسرا والذين اضطروا مثلها إلى الفرار من الملاحقة والقمع، ومن بينهم ليو جوغيشيز من ليتوانيا، وهو سياسي اشتراكي ومؤسس مشارك لاحقا في الحزب الشيوعي الألماني، واصبح شريك روزا لوكسمبورغ على المدى الطويل اذ وقفا معا من أجل حركة دولية - ضد الرأسمالية والملكية. وبدأت روزا لوكسمبورغ تكتب لصحيفة المنفى البولندية “قضية العمال” وأسست حينها حزبها الخاص - “الاشتراكية الديموقراطية لمملكة بولندا”. في عام 1897 أنهت أطروحة الدكتوراه حول التنمية الصناعية في بولندا.

وانتقلت في عام 1898 إلى ألمانيا - وبصفتها ألمانية تمكنت من الانتقال إلى برلين وانضمت هناك إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني وسرعان ما أصبحت الناطقة باسم الجناح اليساري في الحزب. ودعت لوكسمبورغ إلى استيلاء البروليتاريا على السلطة رغم كل مقاومة من داخل حزبها وحذرت باستمرار من الحرب الوشيكة.

ناضلت روزا لوكسمبورغ من أجل قناعاتها بمثابرة وصلابة في وقت كان فيه المرء لا يستطيع أن يقول شيئا ويعبر عن رأيه دون عقاب. في عام 1904، تم إرسالها إلى السجن لمدة ثلاثة أشهر بتهمة الفسوق. في عام 1906 حكم عليها بالسجن شهرين آخرين بتهمة “التحريض على الكراهية الطبقية”.

نشرت العمل الرئيسي لها عام قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، وهو “تراكم رأس المال”. وصفت الإمبريالية - بأنها أصل كل الشرور ورأت أن السلام العالمي معرض للخطر بسبب المنافسة بين الدول الرأسمالية.

قضت روزا لوكسمبورغ كامل فترة الحرب العالمية الأولى رهن الاعتقال، وخلال العامين الأخيرين من الحرب ، تم وضعها في “الحجز الأمني”، أولاً في قلعة فرونكي ثم في فروكلاف. واندلعت في ألمانيا، بعد الحرب الخاسرة، انتفاضة شعبية وتم طرد الإمبراطور وتأسست جمهورية فايمار، وكانت روزا لوكسمبورغ مع مجموعة “سبارتاكوس” يودون لو ذهبوا إلى أبعد من ذلك بكثير. وفي بداية عام 1919 وجدوا أنفسهم في الحزب الشيوعي الألماني الذي تأسس حديثا. وسجل التاريخ على أنها انتفاضة سبارتاكوس على الرغم من أن جماعة سبارتاكوس لم يبدأوها، لكنهم شاركوا فيها لاحقا فقط. تم قمع المحتجين في الشوارع في جميع أنحاء برلين بوحشية من قبل جمعيات ومليشيات فريكوربس ورايشفير اليمينية. وتمت مطاردة قادة جماعة سبارتكوس. وفي 15 يناير/ كانون الثاني 1919القت الشرطة والمليشيات القبض على كارل ليبكنخت وروزا لوكسمبورغ وبعد ساعات من الاستجواب والتعذيب والانتهاكات الشديدة تم قتلهم بشكل شنيع ولم يتم العثورعلى جثة روزا لوكسمبورغ إلا بعد شهور من وفاتها  بعد أن ألقى القتلة بها في قناة لاندفير في برلين. ولكن اسم روزا ظل خالدا ورمزا للمطالبة بالحرية، وحتى يومنا هذا تسير الجموع سنويا الى نصبها في برلين لتحي ذكرى نضالها من اجل الحرية.

الحرية هي دائما حرية الآخرين

نادت وطالبت روزا لوكسمبورغ بأن تكون الحرية، حرية حقيقية في مواجهة أي انتهازية، وليست إكراها لتغطية التكيف والتحوير والمخادعة، ويجب على الحرية  أن تعزز حرية الآخرين من الذين يختلفون معك في الرأي بنشاط. في هذا الصدد سبقت روزا الحركات الاجتماعية التحررية المعاصرة، وسعت جاهدة من أجل عالم حي تتوفر فيه مساحة للعديد من العوالم، فكانت عندها المساواة في الحرية هي المساواة بين جميع المختلفين، والسلوك كشخص حر، كما فهمته ومارسته روزا، يتحقق تحديدا بمنح الآخر الفرصة ليكون حرا مثل جميع الآخرين. وقبل أن تصبح هذه الحرية حقا، فهي استحقاق مفروض على السلوك الشخصي الذي عليه أن يتغلب على جميع علاقات الاستغلال والقمع - وليس أقلها تجاه أولئك الذين يفكرون بشكل مختلف. لا يوجد أحد لديه الحرية بالطبيعة أو بالميلاد، فكرامة الإنسان وحريته ضعيفة وتتطلب الحماية، ولا يمكن لأحد أن يفرض حقوقه بشكل دائم إذا لم يكن متضامنا مع منحها للآخرين وتمكينهم منها بنشاط. وإلا سيصبح هو أو هي من الطغاة الظالمين أو من المستغلين، ولكي يكون المرء حراً، يجب عليه قبل كل شيء أن يمنح الحرية للاخرين، ويكافح من أجل الآخرين ويؤكد حريتهم. وإلا فان حريته مسروقة أو مشتراة.

ليست للحرية في مفهوم روزا لوكسمبورغ نهاية، والحرية عندها تتجاوز الأنانية الليبرالية للسوق أو عبادة وتحقيق الذات. الحرية، كما مارستها روزا لوكسمبورغ نفسها، فضيلة اخلاقية اشتراكية، فكان نضالها من أجل حرية الآخرين. فليس كل مجتمع تحرر هو مجتمع أحرار، لا يدافع مواطنوه فيه إلا عن أنفسهم ضد اضطهادهم، فالتجارب تظهر أنهم سيسعون سريعا جدا لقمع الآخرين، إذا ما تغيرت موازيين وعلاقات القوى واصبحت تسمح بذلك واذا جعلت أنانيتهم الخاصة قمع الاخرين مفيدا. سيكون هؤلاء الناس أحرار فقط وحقا عندما يدافعون هم بأنفسهم ضد اضطهاد الآخرين، حتى ولو كانوا هم أنفسهم مستفيدين من هذا الاضطهاد.

في فهم روزا لوكسمبورغ، الحرية هي سلوك يؤسس لعلاقات يسمح من خلالها توفير شروط الحرية للآخرين. و بالمثل ينطبق هذا على مسألة القيم الأساسية للحرية، وأيضا على تفكيك تلك الامتيازات التي لا تساهم في التغلب على عدم المساواة الاجتماعية، ولكن هذا سيكون مستحيلا دون تغيير أساسي في علاقات الملكية والسلطة والتغلب على هيمنة مفهوم الربحية على الاقتصاد والمجتمع. ولهذا اصبحت روزا اشتراكية.

ولا يمكن لمجتمع ان يدعى حرا الا حين يكون كل فرد فيه حرا، ولكن لن يكون هذا ممكنا إلا إذا كان التطور الحر لكل فرد يساهم ويصب في تطور تضامني حر للجميع. ولا يعتقد سوى المؤمنون العميان أو المتهكمون، حسب لوكسمبورغ، أن ذلك سيتم بواسطة الأيدي “الخفية” للسوق أو الأيدي “المرئية” للدولة دون تدخل منا، وهذا سيعني تفويض أو منح مسؤولية حرية الآخرين، بشكل مريح أو جبان الى جهات اخرى، وبالتالي نصبح غير أحرار، وبهذا المعنى، كانت السياسة تعني للوكسمبورغ المشاركة المقاومة الدائمة في الممارسة التحريرية التضامنية.

إن حرية استثمار الأموال، التي تصبح حركتها استثمارا شموليا لرأس المال يسود العالم ويقرر توزيع الثروة  والفقر والصحة والمرض والتعليم والأمية والسلام والحرب بين وعلى الجماعات والطبقات الاجتماعية والشعوب والقارات المختلفة، كان عند روزا لوكسمبورغ هو الطغيان والاستعباد الظالم. ووصفت الحرية، التي تستند الى حقيقة أن نسبة قليلة من سكان العالم يستهلكون الجزء الأكبر من موارده، بأنها سيادة وحشية. وكان “النظام العالمي الحر” المسلح حتى قمة الرأس بالنسبة لها سياسة إمبريالية عسكرية. وكانت ستصف الافعال تحت مسمى الحرية المطبقة حاليا في توسيع القدرة على التلاعب والتصرف بالرموز الجينية ومخزونات المعرفة كملكية خاصة وفي تطوير وامتلاك القدرة النووية وصواريخ القتل، بأنها سطو إجرامي، وكانت ستلعن كل تدمير للتنوع البيولوجي في هذه الأرض وكل تخريب للبيئة الطبيعية وقتل وتهجير لسكانه وتصفه بالبربرية. من أكثر الأفكار المسبقة إلحاحا في المجتمعات القائمة على حرية عقيدة دينية منفردة حاليا هي أن الحرية تعارض العدالة السماوية. ولكن فهم روزا لوكسمبورغ للحرية يستند على التضامن. ففقط أولئك الذين يمكّنون الآخرين المختلفين في العقيدة من العيش بحرية يتسمون بالنزاهة ويمكن ان يتصفوا بالعدالة. أن هذا المفهوم للحرية، الذي يقوم على اساس التضامن ويهدف إلى المساواة مع حرية المختلف، لا ينتقد بشدة تحويل الحرية إلى بربرية من خلال  التمتع بالامتيازات الاجتماعية فقط، لكنه يقف، وفي نفس الوقت، ضد الجميع البنى الاجتماعية والمؤسسات وموازيين القوى التي يتضمنها هذا الاستغلال لمفهوم الحرية ويضعه موجها ضد الحرية الحقيقية ويجعل الهمجية ممكنة في المقام الأول. ويمكننا تفسير كلمتها الشهيرة “الاشتراكية أو البربرية” والتي أستخدمتها مرارا وتكرارا، بأنها تعني “الحرية أو البربرية”. وستكون جملة “الحرية أو الاشتراكية” سخيفة بالنسبة لها كما هي الجملة مثل “الحرية أو الحرية”. إن هذا الإرث الذي تركته، ومارسته طوال حياتها واستشهدت من اجله، هو ما يجعل روزا لوكسمبورغ اسطورة تاريخية..

 *********************************************

رسائل روزا لوكسمبورغ من السجن

عندما توقف العندليب عن الغناء

من بين الرسائل الكثيرة التي كتبتها روزا لوكسمبورغ من السجن رسائل كتبتها الى صوفي ليبنخت، زوجة كارل ليبنخت، التي كانت روزا تدلّلها باسم «سونيا» او«سونيوشا» او «سونيوشكا». ننشر هنا احدى هذه الرسائل:

... في نيسان من العام الماضي اتّصلت بك عند العاشرة صباحاً لكي تحضري فوراً إلى الحديقة النباتية من أجل الاستماع إلى العندليب الذي كان يؤدي واحدة من معزوفاته المعتادة هناك، أتذكرين؟ اختبأنا خلف شجيرات كثيفة وجلسنا على الصخور بالقربِ من جدول ماء سلسبيل. وعندما توقف العندليب عن الغناء، حلّ مكانه فجأة بكاء رتيب نوّاح صوته أشبه بـ «كلِكلِكلِكلِكلِكلِكلِك!». قلت حينها إنه لا بد من أن يكون نوعاً من طيور الأهوار، كارل وافقني الرأي، لكننا لم نعرف ما هو نوعه. تخيلي، سمعت منذ أيام قليلة في الصباح الباكر هنا الصوت نفسه آتياً من مكان قريب. انتظرت بفارغ الصبر كي أعرف أيّ طائر هو، ولم يهدأ لي بال إلى أن عرفت. اتضح في النهاية أنه ليس طائر أهوار. إنه طير اللوّاء، لونه رمادي وحجمه أكبر بقليلِ من حجم عصفور الدوري. وقد اكتسب اسمه من إيماءاته الجذابة والغريبة والتواءات عنقه التي يؤديها بهدف ترهيب أعدائه لحظة شعوره بالخطر. وهو يقتات على النمل فحسب، يجمعها بلسانه الدبق تماماً كحيوان «آكل النمل». الإسبان يسمونه «أورميغيرو. hormiguero وضع موريكه (1) بعض الأبيات الممتعة عن اللوّاء، ودمج هوغو وولف (2) صوته في الموسيقى. الآن وقد علمت ما هو الطائر صاحب البكاء الرتيب، أشعر بالسرور كما لو أنني تلقيت هدية. قد ترغبين في مراسلة كارل لإخباره بذلك، سيرغب في معرفة هذه المعلومة.

تتساءلين عما أقرأ. العلوم الطبيعية في غالب الأحيان. إني أدرس توزيع النبات والحيوان. البارحة كنت أقرأ عن أسباب اختفاء الطيور المغردة في ألمانيا. لقد أدى انتشار الحراجة العلمية والبستنة والزراعة إلى إقصائها عن أماكن تعشيشها وعن مصادرها الغذائية. نحن نقضي أكثر فأكثر على الأشجار المجوفة والأراضي البور والآجام والأوراق المتساقطة. انفَطر قلبي. لم أفكر كثيراً بفقدان البشر للمتعة، لكنني تألمت من فكرة التدمير البطيء والمعاند لهذه المخلوقات الصغيرة المسالمة، التي لا حول لها ولا قوةَ، وانهالت دموعي على وجهي. تذكرت في تلك اللحظة كتاباً قرأته في زيوريخ، يصف فيه العالم سييبر (3) هلاك الهنود الحمر في أميركا الشمالية، إذ تم نفيهم تدريجاً من أراضي الصيد الخاصة بهم من قبل البشر المتحضرين، تماماً كالطيور.

لا بد من أنني متوعكة لكي استشعر بالأشياء كلها بهذا العمق. مع ذلك، يبدو لي أحياناً أنني لست كائناً بشرياً على الإطلاق، بل طائراً أو حيواناً في هيئة بشرية. أشعر بالاطمئنان والراحة في حديقة صغيرة كتلك الموجودة هنا، وأكثر منها في المروج التي يطن النحل في عشبها، ومن المؤتمرات الحزبية التي كنا نعقدها. لا بأس إن أخبرتك بذلك، أعلم أنك لن تتهميني بخيانة الاشتراكيّة! فأنت تعلمين أنني أود أن أموت في أحد قتالات الشوارع أو في السجن.

لكن وجداني الأعمق ينتمي إلى طيور القرقف أكثر منه إلى الرفاق. هذا ليس لأنني أبحث عن ملجأ لأجد الهدوء والسكينة في أحضان الطبيعة، على غرار ما يفعل العديد من السياسيين المفلسين روحياً. بل على خلاف ذلك، فإنني أرى في الطبيعة من قسوة ووحشية ما يجعلني أتألم بشدة.

سأروي لك حدثاً لن أنساه ما حييت. في الربيع الماضي وبينما كنت أمشي في طريق هادئٍ ساكن، عائدة من نزهتي الريفية، رأيت بقعة سوداءَ صغيرة على الأرض. انحنيت إلى الأمام، وإذ بي أرى مأساة بكماءَ تحدث. خنفساءَ ملقية على ظهرها تلوّح بقوائمها عاجزة، بينما يحتشد حولها جمع من النمل يلتهمونها حيّة! أصابني الرعب، فأخذت منديلي من جيبي ورحت أبعد النملات الصغيرة المتوحشة عنها. لكن النملات كانت عنيدة ومتشبثة إلى درجة أن الأمر استغرق مني بعض الوقت قبل أن أحرر الخنفساء  البائسة. وعندما وضعتها على مسافة آمنة بين الأعشاب، أدركت أن اثنتين من قوائمها كانتا قد قضمتا بالكامل... هربت من المشهد وأنا أشعر بأني أسديت خدمة مريبة وملتبسة.

غسق المساء يدوم طويلاً هذه الأيام. أحب هذه اللحظات. في «الطرف الجنوبي» كان يوجد الكثير من طيور الشحرور، لكن هنا لا مرأى لها ولا مسمع. كنت أطعم زوجاً منها في الشتاء، لكنهما اختفيا.

كنت أتجول في الشوارع في هذا الوقت من النهار عندما كنت في «الطرف الجنوبي». لطالما سحرتني المصابيح الغازية عندما تسطع ببريقها المتورد مع ضوء المغيب البنفسجي، يبدو نورها غريباً في ضوء الدجّة، كما لو أنها تخجل من نفسها. ثمّ ترين هيئة شخص يتحرك مسرعاً في الشارع، ربما تكون خادمة تسرِع الخطى لإحضار شيءٍ من الفرّان أو البقّال قبل قفل المتاجر. كان أولاد صانع الأحذية أصدقائي، وكانوا يلهون في الشوارع بعد حلول الليل إلى أن يستدعيهم نداء صارخ إلى الداخل. وكان هناك دائماً شحرور متباطئ لا يهدأ، يواصل الزعيقَ كطفل شقي أو يستيقظ فجأة من غفوته ويحلق من شجرة إلى أخرى. أما أنا فكنت لا أبرح مكاني وسط الشارع، أعد النجوم وهي تظهر في السماء، عزوفة عن العودة إلى البيت، رافضة مغادرة النسيم العليل والغسق الذي يتداعب فيه الليل والنهار برقة وحنو.

سونيوشا، سأكتب لك قريباً. كوني مطمئنة البال، كل شيء سيصبح على ما يرام وسأكون بخير، كارل كذلك. أودعك حتى الرسالة المقبلة.

مع حبي،

روزا

ڤرونكه، 2 أيار ١٩١٧

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شاعر ألماني

(2) مؤلف موسيقي نمساوي

(3) عالم نبات تشيكي

موقع مجلة (بدايات) – العدد 22 – 2019

 ******************************************

الصفحة الحادية عشر

الجديد في المكتبة

  • “تمثلات السرد القصصي/ قراءة في نماذج عراقية” كتاب نقدي من تأليف أ. د. خليل شكري هياس. المؤلف يقدم تجارب ابداعية عديدة كاشفا عن مواهب جديدة.

 

  • “فردوس على الأرض” مجموعة شعرية صدرت عن دار الرواد دار الرواد للشاعر السرياني الراحل عزيز قاشا أعدتها ابنته وتحتوي على معظم قصائده التي كتبها الشاعرالمولود في نينوى كرملش من اقضية بخديدا  والذي’بدا الكتابة منذ’عام 1960 وكان متأثرا بالجواهري وجميل بثينة وعمارة ونزار قباني وقد أدى الكثير من المطربين السريان أشعاره في اغنيات، وقد ساهم في العديد من المهرجانات الشعرية والامسيات الثقافية.

 *****************************

رأي

الأنوثة المشوّهة

ابتهال بليبل

عندما أفكّرُ في (الأنوثة المشوّهة) تتبادر إلى ذهني دائما صورة امرأة لا تحبّ نفسها ولا ترغب باستكشاف حقيقة ذاتها، تلك الحقيقة التي غالبا ما تكون مخبأة في الظل بسبب شعورها بالذنب ووصمة العار وغيرها من مشاعر وتراكمات تشابكت واندمجت مع معتقدات المجتمع وأفكاره المسيطرة حول كيف يجب أن تتصرف أو تفكّر أو حتى كيف يجب أن تشعر!!

فهي ليست واثقة عند اتخاذ القرارات أنها ستحترم وجودها وتعبّر بصدق عن ذاتها. بمعنى آخر، أن بها حاجة دائمة لأي تأثير خارجي يدعمها ويساندها حتى لا ترتكب -كما أعتقد أنا وغيري من النساء- جريمة تغيير واقعها بأي شكل من الأشكال.. فهي تسير في طريق لا يخصّها.. لا تعرف توجهاته، وهنا ستصادفها الحواجز والتقطعات والزحامات. ومن ثمّ سيشكل وجودها تهديداً.. لأنّها ببساطة تمشي في طريق غريب موحش لا تعرف تضاريسه المجهولة.

إنّ الأنوثة المشوّهة. ترسّخُ غالباً بداخل كل امرأة بأن عليها أن تعمل بجدية أكبر وأن تفعل كل شيء للحصول على أهمية ما، فالصراع الذي يتأرجح بين العدوانية والسلبية، هو ذاته الصراع الذي يغذي تشوهاتي.. بيد أنّني أفشل دائما في رؤيته وهو يشكلني ضحية تتخذ خياراتها وتعرض سلوكياتها بوعي أو بغير وعي.

فتشوهاتي كأنثى مخيفة، فوضوية، وتتلاعب بعاطفتي لتلبية احتياجاتها عبر قناعة الآخرين.. لقد كانت تأتي في بعض الأحيان خاضعة ساكنة، ضعيفة، وفي أحيان أخرى عنيدة، مدمرة ومن ثمّ، فأن قوة تشوهاتي استمدها من خارج ذاتي.. من الآخرين، ولكن بدرجات متفاوتة، اعتمادا على مقدار جروحي التي تجعلني امرأة تفترض أنّها جزء من “التشوهات” نفسها وتقوم بتجسيدها بعدوانية.

وكأن هذا نوعا من القتال، حتى أنني أخفقت في تحديد الفرق الدقيق بين امتلاك جسدي واستعماله، بين الضعف والمقاومة.

في أعمال الخيال الجنسي الذي يظهر بصور أشكال أنثوية مشوّهة، وكذلك تجارب الرسم الآلي و(الجناس الناقصة) للفنان الألماني هانز بيلمر (1902-1975) الذي اشتهر بصناعة سلسلة من الدمى الأنثوية وتصويرها منذ منتصف الثلاثينيات.

في هذه الأعمال التي يقال إن من حفزته لصنعها سلسلة من أحداث حياته الشخصية إذ ينسب الفنان الفضل لوالده في إثارة أزمة نفسية لديه جسدها فنيّا في الدمى، حيث كان تمرد الطفولة والاستياء تجاه سلطة أبوية قاسية منهله الأول.

وهنا أتساءل عن ما يمكن أن تنقله دمى هانز بيلمر فهل يمكن أن نعتقد أنها تأييد لإيجابية الأنثى؟  وهل ستؤدّي إلى تحديد الفرق العميق بين امتلاك الجسد واستعماله؟ هذه هي المشاعر الذي تفرضها التشوهات في الشكل أقصد الجسد.. الجسد الذي لا ينفصل عن المشهد السلبي.. لمجتمع، تنشّطت فيه الجروح والندب.

أخيرا يمكن أن نقول إن الأنوثة المشوّهة تتعلّق بكيفية اتخاذ القرارات بشكل عاطفي خالص من دون ارتباط بالعقل والعقلانية، ومن دون تجاوز كلمة ضحية. فالأنثى التي تضع نفسها طواعية هناك، لا تتمكن من التمييز بين الحاجة أو الميل إلى التلاعب العاطفي، بل الاعتراف بأن ديناميكيّات الشعور بالخزي الجسدي هي الأصح.. إنها تدعونا للتعامل مع معايير (تدمر في النهاية احترام الذات) ولذا نجد في أبسط الأمثلة على الأنوثة المشوهة هو خوف المرأة الدائم من الشيخوخة.

إنّ الشعور بالخزي الجسدي يتحكّم في رؤيتنا تجاه جروحنا التي نظنّ أنّها أزلية مهما كانت بلا آثار أو بقايا ندب، هي تشوهات متأصلة في نفوسنا أفقدتنا تلك النظرة الطبيعية تجاه أجسادنا. فصرنا نراها مشوهة مراراً على الرغم من أنها سوية وغير معاقة.

 *******************************

نكهة الصباح

فنجنسو رومانيوولو

ترجمها عن الايطالية: عبدالوهاب الدايني

افتحُ عينيَ

على ضوء ِ الصباحِ

ينتهي الحلمُ

لكن على عجالةٍ

تظهرينَ انتِ لي

مثل ملاك

يسقطُ من السماءِ

*

أشمك

بواسطة إيَماءةٍ بسيطةٍ

من أبتساَمتك

من تلَميحةِ شفتيك

الورديتين

الواهنتين

بنكهتهما

كنكهةِ العسلِ

*

تكونينَ أنتِ

الفرح لوجودي

الذي يعطي

احساسا تاماً

لحلمِ حياتي

*

تمرُ ألحياة ُمعك

بأطمئنانٍ  ودِعةٍ

ويكون ألعيشُ جميلاً

يجعلني احسُ  دائماَ

متصالحاً مع نفسي

يكفي فقط

انكِ التي تفتحين قلبكْ

 وأنا.... أعيشُ الحبْ.

 **************************************

شكوى من مواطن عربي

د. وليد الصراف

باسمي يسالم من يسالم

ويسلّ سيفا من  يقاوم

ويُقر حجم القبعات ويُنتقى لون العمائم

تنمو القسيّ ويورق الزيتون اغصانا تحج ّ لها الحمائم

وتهم بالشكوى خوافي ريشهاالدامي فتزجرها القوادم

ويباع باسمي الشعر قبل النضج في كل المواسم

كالراقصات يثاب بالدينار قائله ويرشق بالدراهم

والفعل يمضي نحو غايته وتخطئه النواصب و الجوازم

وتشكل الاسماء ان سكنت وتجمع جمع تكسير وسالم

باسمي اذا امر المليك الشيخ يفتينا بتحليل المحارم

ويقول ان ّ الفسق والايمان والالحاد اخوان توائم

ويفسر الآيات من وحي تنزّل  كالبروق من الصوارم

ويخالف المفتي  بماافتى به مفت سواه أو يوائم

والدوح باسمي صار تابوتا لمحكوم وكرسيّا لحاكم

وتقاطعت باسمي دروب الحرب مابين المنايا والغنائم

وانسلّ لفظ النصر من معناه بعد الحرب كي يعني الهزائم

باسمي من الاكتاف يصنع مرتق نحو الملايين السلالم

ويعاد تعريف  الكرامة كل يوم من جديد والمكارم

وتراق في الليل الطلا وتمد في الصبح الولائم

باسمي  ووحدي من يجوع ومن يهان ومن يعذّب كالبهائم

ويقاتل الاعداء في الحرب التي دامت قرونا وهو راغم

يُردى ويردي خصمه من دون ان يدري على ماذا يخاصم

ويموت مرتجفا ويعلَن انه لاقى المنيّة كالضياغم

ويقال في الفردوس يحيا بينما للدود يلقى والاراقم

 ************************************

قصص قصيرة

باسم الشريف*

ذيليون

بحسب ما ورد عن دارون فإن الإنسان كثيرًا ما يحنّ إلى ذيله، وعلى وفق هذه الرؤية الحنينية الخالصة اجتمع الذيليون على مقربة من إحدى الغابات معلنين عن تشكيل نواة لتنظيم جديد عُرف فيما بعد بـ (تنظيم الذيليين الجدد) ما لبث أن اتسعت رقعته وذاع صيته في أرجاء المدن الحالمة. ذات فجر، وكما جرت العادة في كل انقلاب، وبعد التأكد من خلود قادة الفرق الموسيقية الوطنية للنوم بعد إحياء حفل سيمفوني بهيج امتد إلى ما بعد منتصف الليل، أعلن الذيليون تمردهم على الشرعية في جمهورية (كستاليا)(*) الشعبية منهين بذلك عهد الوعي والرخاء الذي كان يقوده الثوري الفذ (هرمان هيسه) والاستيلاء على جميع مفاصل وبنى اللعبة التي كان يديرها عبر كريات وعيه الزجاجية كاشفين عن عهد جديد أطلقوا عليه (لعبة الرقصات الذيلية) واضعين بهذا حداً لمسيرة تطور حافلة بالإنجازات التي توصل اليها قائدهم.

(*)(كستاليا) مدينة ورد اسمها في رواية «لعبة الكريات الزجاجية» للكاتب الالماني “هرمان هيسه”.

وشايات

عندما وشى برفاقه ذات سقوط، كان القلم في جيبه يصغي بصمت مرير. وقبل أن يجتاز البوابة الرئيسية لمبنى دائرة الأمن بعد التوقيع على وثيقة قدموها له تعثّر بصنيع ما فعله. استغلّ القلم سقطة حامله وهمّ هاربًا من الجيب الذي امتلأ بأوراق خضر لم يكن يألفها من قبل. أخذ يتدحرج خارج الأسوار، وما إن أصبح في الشارع حتى تنفّس الصعداء. على أرصفة ساحة الميدان كان ساهمًا مع مجموعة أقلام تنتمي لأجيال شتى يرقب المتبضعين الذين أدمنوا المواظبة على التجوّل في السوق صبيحة كل جمعة. لم يمر وقت طويل حتى التقطته يد شخص عارف بأنساب الأقلام بعد أن أدرك بفطنته بأن لهذا القلم قيمة ليست بالضرورة القيمة الكامنة (بسلايته) الذهبية ولا بالماركة التي ينتمي إليها، إنما قيمته بهيبته التي لا يعرفها إلا الكتّاب المجيدون، الكتّاب الذين خبروا سرّ الكلمة المصحوبة بجمال الموقف. أُشُتري القلم دون مساومات، ونادرًا ما يحدث مثل هذا الأمر لأن السوق لا يؤمّه إلا المعوزون.

ذات مساء وفي ذروة سعادة مقتنيه راح القلم يسطّر بنشيج مرّ كل ما جرى من وشايات أودت بحياة الكثير وسط دهشة مالكه الجديد.

أطياف النهر

ما إن انتهينا من مراسيم استخراج الجثث من مدفنها الجماعي حتى وطأت أقدامنا الباحة النهريّة للقصر المشؤوم. ارتعدت فرائصي ورحت أضربُ كفًا بكفّ من فرط الألم. كان دوي الرصاص واستغاثات الفتية الذين استدرجوا لهذا الفخ الدموي ما زالت عالقة بالمكان. أرتقي السُلم الرخامي المؤدّي للشرفة المطلة على الدكّة. من علو رحت أدعو الجموع لمشاهدة ما كان يتراءى لي تحت فضاءات الجسر الذي هدّ دعائمه القصف.

ذوو المغدورين أوقفوا عويلهم، الشعراء كفّوا عن إلقاء قصائدهم، مصورو الفضائيات أنزلوا كاميراتهم من فوق أكتافهم، وجوقة موسيقى الجيش، هي الأخرى، كفّت عن عزف المارشات الجنائزية، وصاروا يرمقونني بانشداه.

- ها هم هناك يلوّحون لنا...

رحت أصرخ. كانوا يضحكون رغم الألم الذي يعتصر نفوسهم. عدتُ أدراجي الى الدكّة مخذولاً. لم يكن بإمكانهم تخيل ما جرى، والتسليم بأنني رأيت أرواحاً ضاجّة، طفت فجأة وأخذت تجوب فضاءات النهر، أرواح أزهقت غدرًا، أجل غدرّا وهي تنتظر من يوصل أبدانها للجنوب كي يلتئم جمعها بوادي السلام. عادت الموسيقى لجنائزيتها المفرطة، العويل يزداد تفجعًا، والشعراء يهيئون مراثيهم. أما أنا فلم يعد أمامي سوى أن ألقي بنفسي من ذات الدكّة التي ألقي منها ولدي إلى النهر مضرجًا بدمه علني أعرف من صحبه الواقفين على الماء كم يستغرق سير الجثة من هذه الأصقاع الى البصرة.

إبداء رأي

أغلقتُ الكتاب، ورحت أشاهد فلمًا سينمائيًا قصيراً طلب مني أن أبدي رأيًا فيه. كان الوقت متأخراً بعض الشيء عندما قُطع التيار الكهربائي عن الحي، لم يكن في الصالة سوى لمب يعمل بشاحن ذاتي، راح يُلقي بضوء شحيح. لم ينقطع الفلم بل استمرت أحداثه عبر سيل الأخيلة التي غمرتني. قرقعة لأعقاب بنادق، صوت مزلاج ضخم يفتح، وأشخاص يُقتادون عبر ممرات طويلة، لمحت بينهم شخصًا يشبهني غير أن الهوّة الزمنية التي تفصلني عنه بعيدة جداً.

قلت: قطعاً لم أكن أنا.

بدا وكأنه يرسل عبر الكاميرا نداء لي. كاد توازني الذهني يختل لولا صياح زوجتي المريضة، وضحكات ابني المتخلّف عقلياً، التي بدت لي جزءًا من المؤثرات الصوتية للفلم. تعالى نشيج زوجتي فكاد يفسد عليّ متابعتي للأحداث. كنت على وشك تعنيفها لولا أني رأيت يد شبيهي تمتدّ لتكفكف عنها دموعها، تلبستني حيرة مخزية وأنا أنظر لليد التي هدّأت آلام زوجتي. لم يمهلني زوار الفجر فرصة معاقبته على فعله المشين. همّوا مسرعين اجتازوا العديد من الأبواب الحديدية مصطحبين معهم عددًا من الأشخاص الذين تمّ حشرهم بأقفاص مموّهة، وما إن تجاوزوا نقاط المراقبة حتى أخذت العربات العسكرية تلتهم الدروب المظلمة مخلفة وراءها أعمدة النور لينتهي بها المطاف عند الصحراء.

صباحًا سمعت زوجتي تقول: حلمت.ُ

قلت في سرّي قطعًا بأخي المعدوم..... زوجها.

فــاقة

ذات فاقة جيء بي إلى ثلة من أعراب اتخذوا من كتف الشط مقامًا لهم،. فتحوا لي أبواب خزائنهم وقالوا: عيبك أنك لم تخرج بعد من غيبوبة وهمٍ ما زلت تسميه وطناً ونخيلاً.. الوطن هو المال. سنمنحك جنسيته فور تعاونك معنا في الوصول إلى خرائط جينات النخل.

قلت: امهلوني بعضًا من الوقت علّني أجد مخرجًا لغيبوبتي. عدت إلى (المختارة) صافي الذهن أنقّب بين البساتين عمن يدلني على معسكر (علي بن محمد)، فقد يمنحني ثقة بعضٍ من خلاياه النائمة.

سر

سأحرّركم: قال. قلت: يا أخا السجن، نفسك أولى منّا بهذا. قال: أنا في قيد الله.... ولي سرّ معه لا يُفشى إلا بالصلب. وأشار إلى الجدار فتحوّل إلى فجوات. تسلّلوا، قال.... فلا حرية لي إلا برضاه.

نزاهة

ذات انتخابات وصفت نتائجها بالنزيهة عمد أحد مرشحي دوائر المدن الفقيرة إلى توزيع أحذية، قيل بأنها صنعت على وفق أحجام مؤخرات الناخبين. وقبل الإعلان عن بدء مرحلة الصمت الانتخابي بساعات اجتمع المرشح بأنصاره وأعطى كل واحد منهم فردة حذاء على أمل ان يوافيهم بالأخرى حين سماعه اعلان الفوز.

مشاركة

طيلة أعوام الحرب وأنا أرعى الدود في موضعي، حتى أنه أمسى يشاركني تمري وفتات رغيفي وما ينضح من ماء (زمزميتي).

ولكثرة اطمئنانه لي راح يتوسّد جسدي، وينام على وقع نبضي. من يدري؟ علّه يحفظ لي هذا في موضع آخر من مواضع محنتي.

حيرة

مع كلّ صبيحة عيد تحار الأمّ بين وجهتين، وعندما تشير بوصلة روحها إلى جهة الأسلاك الشائكة تقول: الحيّ أبقى رغم أن الميّت أعزّ..

--------------------------------

*آخر ما كتبه القاص العراقي (البصري) باسم الشريف قبل رحيله في 15/ 9/ 2020، وقد خصنا به الشاعر حبيب السامر.

 *********************************

الصفحة الثانية عشر

إصدار

حكايات المعبد الياباني

عن “دار التكوين” للطباعة والنشر في دمشق، صدر أخيرا كتاب بعنوان “حكايات المعبد الياباني”، من تأليف الشاعر السوري د. محمد عُضيمة.

في هذا الكتاب، وعبر رسائل موجهة إلى صديق افتراضي، يقدم عُضيمة تفاصيل كثيرة عن بلاد اليابان التي يقيم فيها منذ حوالي عقدين من الزمن، واصفا إياها كما هي من الداخل، ومعرجا على ثقافاتها ودياناتها وحكاياتها التراثية وأسرار تقدمها، فضلا عن طبيعة شعبها وطرق تفكيرهم ونظرتهم إلى الشعوب الأخرى، وغير ذلك من التفاصيل الدقيقة.

****************

ليس مجرد كلام

لنكرمَ الأنثى..

هي الأصل دائماً!

عبد السادة البصري

منذ بدء الخليقة كانت الآلهة أنثى، وهي مصدر الخصب والنماء دائماً، أكرمها الربّ ورسله بالأقوال والأفعال والوصايا، إذ ان المرء في عالم الغيب (الذر) ينادى عليه بابن فلانة وليس ابن فلان، وهو تكريم للمرأة التي تتحمل أعباء الحمل والولادة والرضاع والتربية. وان المرأة التي تموت أثناء الولادة تعتبر شهيدة في حكم الشرع، وعلى الرجل واجبات كثيرة يقدّمها للمرأة التي ستشاركه الحياة غير المهرــ لكن الكثير من الناس لم يتطرقوا إليها ــ وان هناك أحاديث نبوية كثيرة تقدّس وتثمّن دور الأم في الوجود منها على سبيل المثال “الجنّة تحت أقدام الأمهات ــ ولم يقل الآباء ــ وأمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك”. هذا يعني أن الأم هي كل شيء في وجود المرء سواء كان ذكراً أم أنثى!

وان العلاقة بين الأم وطفلها متينة جدا لن تنفصم عراها مهما حدث. فلماذا نسمع بعض الأصوات النشاز التي تطالب بازدراء الأم وتقويض دورها، بل تهميشه وكأنهم لم يولدوا من أرحام نساء، ولم يرضعنهم نساء، بل جاءوا من شقٍّ في الحائط ، للأسف!

 ألم يقل الشاعر “الأم مدرسة إذا أعددتها / أعددت شعبا طيّب الأعراق)!؟

الأم يا سادة مقدّسة في جميع الأعراف والقيم السماوية والأرضية الحقّة، لأنه قبل أن يكون الكون عماءً كانت الآلهة أمّاً!

إنها منبع الخصب والولادة والنمو، وحينما أقرّت المادة 57 ضمن القرار 188 في عام 1959 كانت تكريماً واستحقاقاً لها ولدورها الكبير في صنع المجتمع في كل زمان ومكان. إذ ان الشعوب في كل أرجاء العالم وضعت للمرأة قوانين تحميها وتحترمها وتوقّرها وتعطيها حقها المشروع في الحياة، لا أن تهينها وتذلّها وتعتبرها كيانا ثانوياً وهامشياً في الكون!

كم من القصص والحكايات التي تؤكد انحراف المرء (ذكرا أم أنثى) بسبب ظلم امرأة الأب، والأب أيضاً؟!

وكم من الأحداث المأساوية الحقيقية التي حدثت في حياة بعض الناس سببها طغيان وعنجهية ولا مبالاة وفساد الآباء؟!

وكم سمعنا ونسمع منها الكثير، ومثال حقيقي على ذلك هو قصة ابنتي الصغرى مع زوج لا يعرف معنى الزواج الحقيقي وقدسيته ولم يمتلك من الرجولة والنبل والشهامة والغيرة والإنسانية شيئا. حيث رماها وطفلها الذي كان جنينا في رحمها على قارعة الطريق ذات ليلة ظلماء، والحكاية طويلة ومتشعبة للأسف!

كل الحكايات تؤكد أن للأم حقّها المشروع اليوم، وغداً في حضانة وليدها مهما كانت الظروف والأسباب والنوايا!

الحق أقول: برلمانيونا وسياسيونا بعدما أصلحوا كل أزمات البلاد والعباد وصرنا ننعم بالرفاهية والازدهار والأمان والتقدم والعيش الرغيد، التفتوا إلى احترام وتوقير المرأة التي حملتهم وأنجبتهم حين فتحوا الباب على مناقشة هكذا قرارات مجحفة بحقّها، ونسوا أنها هي الأصل وعلينا واجب إكرامها!

***************

الناصرية تزيح الستار عن تمثال للشاعر عريان السيد خلف

الناصرية – وكالات

ازيح الستار الأربعاء الماضي في مدينة الناصرية، عن تمثال للشاعر الشعبي الكبير الراحل عريان السيد خلف، من إنجاز النحات خليل خميس.

وتوسط التمثال مركز المدينة التي ينتمي إليها الشاعر الراحل، إلى جوار مبنى البهو. وقد رافق مراسيم ازاحة الستار، مهرجان للشعر الشعبي.

من جانبه، قال النحات خليل خميس، أن التمثال مصنوع من مادة البرونز النقي، وهو بارتفاع مترين ونصف المتر، مبينا أن كلفته بلغت 40 مليون دينار، وقدم كهدية منه إلى بلدية الناصرية، تقديرا لمكانة السيد خلف الشعرية والوطنية. 

واضاف قائلا، أنه تلقى تكريما وإشادة بعمله هذا، من قبل محافظ ذي قار، موضحا أن التمثال يعد باكورة أعمال مشروع يعمل عليه منذ مدة، يتضمن إنجاز تماثيل لـ 40 شخصية مبدعة من محافظة ذي قار.

*****************

من شعارات الذكرى الـ 63 لثورة 14 تموز

 

  • المجد لثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ الخالدة وقادتها الاماجد
  • ثورة تموز حافز لتعظيم زخم الحركة الاحتجاجية لاحداث التغيير الشامل
  • لا لتعديل المادة 57 من قانون الاحوال الشخصية
  • لا إنتخابات حرة نزيهة في ظل السلاح المنفلت والمال السياسي
  • متى نرى قتلة المحتجين وراء القضبان؟

****************

في الديوانية

د. نصير جابر يستعرض “من ذاكرة الشجن”

الديوانية - فاضل الفتلاوي

احتفى اتحاد الأدباء والكتاب في الديوانية بالتعاون مع قصر الثقافة والفنون في المحافظة، أخيرا، بالقاص والباحث والشاعر د. نصير جابر وبكتابه السردي الجديد "من ذاكرة الشجن".

حضر جلسة الاحتفاء جمع من الأدباء والمثقفين ومحبي الأدب، فيما أدارها نائب رئيس الاتحاد، القاص فاضل الفتلاوي، الذي قدم عرضا موجزا لمضمون الكتاب، وقال: "نحن امام مؤلف يستعرض الشجن العراقي على مدى قرن او أكثر بقليل. وهو من صنف السهل الممتنع، ويتطرق بشكل موجز لحوادث واشخاص واماكن في الديوانية والعراق".

بعد ذلك، تحدث د. جابر عن كتابه ومراحل تأليفه، ملقيا الضوء على جوانب من مضمونه.

وفي سياق الجلسة، قدم عدد من الحاضرين مداخلات عن كتاب المحتفى به، ليتسلم هو من جانبه، في الختام، باقة ورد من السيدة كريمة الطائي، مهداة إليه من منظمة المرأة في الديوانية.

******************

نساء بابل

يرفضن تعديل المادة 57

الحلة – طريق الشعب

نظمت رابطة المرأة العراقية في بابل، الخميس الماضي، وقفة جماهيرية احتجاجا على تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية العراقي.

وتجمعت المشاركات في الوقفة، ومعهن عدد من الناشطين، أمام مبنى محافظة بابل. وقد رفع الجميع شعارات تعبر عن رفض تعديل المادة المذكورة “الذي لا ينسجم مع الدستور العراقي من ناحية المساواة، ويؤدي بالضرر على المرأة والطفل”. وطالبوا بإلغاء التعديل والإبقاء على المادة السابقة.

وكانت المادة 57 من القانون الصادر عام 1959، تقول أن الأم أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة، أما التعديل الجديد الذي تمت قراءته قراءة أولى في البرلمان، فيقول أن الجد من الأب أحق بالحضانة من الأم في حال توفي الأب أو انتفت لديه شروط الحضانة.

*******************

جولات إعلامية راجلة

في مدينة الحرية

بغداد – طريق الشعب

شكلت خلية كاظم شرهان وخلية سعدون الشبابية، التابعتان لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الحرية ببغداد، اليومين الماضيين، فرقا إعلامية جوالة جاب شوارع المدينة وأسواقها سيرا على الأقدام.

ووزعت الفرق على المواطنين واصحاب المحال التجارية ورواد المقاهي، نسخا من “طريق الشعب”، ومن البيان الأخير الصادر عن اللجنة المركزية للحزب، والمنشور في “طريق الشعب” تحت عنوان “أزمة الكهرباء تجسيد لأزمة منظومة الحكم”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شبيبة ألقوش

تدعم المنتج الوطني

الموصل – طريق الشعب

استكمالا لحملة دعم المنتج الوطني التي كان قد أطلقها فرع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في بلدة ألقوش بمحافظة نينوى، نظم فرع الاتحاد، الجمعة الماضية، بازارا مخصصا لعرض المنتجات المحلية، وذلك على حدائق “متنزه توما توماس” وسط البلدة.

حضر البازار قائم مقام قضاء تلكيف، باسم بلو، ومدير المركز الصحي في ألقوش، بادر بلو، بالإضافة إلى الأب هرمز ممثلا عن “دير السيدة”، وعدد من ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والمؤسسات التربوية، فضلا عن حشد من الأهالي.

وبعد كلمة باسم الاتحاد ألقاها الناشط فادي سمير، تم قص شريط افتتاح البازار، ليطلع الحضور على المواد المعروضة، المنتجة في مزارع ألقوش ومعاملها.

وكان فرع الاتحاد قد بدأ حملته هذه بخطوتين سابقتين، الأولى تضمنت زيارة المنتجين من أصحاب المزارع والمعامل، ودعوتهم للمشاركة في البازار. فيما تضمنت المرحلة الثانية تصوير فيديو يحتوي على شروح وافية حول المواد المنتجة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شيوعيو الكاظمية

في مهرجان رياضي

بغداد – طريق الشعب

لبت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الكاظمية، ممثلة بسكرتيرتها الرفيقة نسرين حسين وعدد من رفاقها، دعوة وجهها إليها مدير نادي الكاظمية الرياضي، لحضور مهرجان للألعاب الرياضية.

وشاركت في المهرجان، فرق رياضية من مدينتي الكاظمية والأعظمية، ومن كلا الجنسين. إذ نظمت استعراضات في ألعاب الفنون القتالية والمصارعة الحرة ولعبة “الزورخانة” التراثية.

من جانب آخر، شكلت خلايا “صاحب مهدي” و”سعد متروك” و”محمد حسين أبو العيس” التابعة إلى منظمة الحزب، فرقا إعلامية جوالة جابت شوارع المدينة وأسواقها.

ووزعت الفرق على المواطنين وأصحاب المحال التجارية، عشرات النسخ من “طريق الشعب”، ومن البيان الصادر أخيرا عن اللجنة المركزية للحزب، تحت عنوان “أزمة الكهرباء تجسيد لأزمة منظومة الحكم”.