اخر الاخبار

الصفحة الاولى

اللجنة المركزية  للحزب الشيوعي العراقي:

اكشفوا قتلة إيهاب الوزني ومن يقف وراءهم وحاسبوهم

فلا مشاركة في الانتخابات من دون ذلك

صدمت جريمة الاغتيال الغادرة للناشط المدني  ايهاب جواد الوزني جماهير شعبنا بشدة وهزتها من الاعماق، خصوصا وانها ارتكبت من قبل فرق كاتم الصوت لدى الجماعات المسلحة، وبعد وقت قصير من اعلان الشهيد امام الملأ وإبلاغه القوات الامنية في محافظته كربلاء، انه يتعرض للتهديد بالقتل من جهات عدة. وبالفعل تمت جريمة الاغتيال بدم بارد، ومن دون ان يوفّر للشهيد أيّ نوع من الحماية.

ان هذه الجريمة الشنيعة الجديدة ضد الاصوات الحرة المتغنية بحب الوطن، والمنادية بحقوق المواطنة الاساسية وبالتغيير والخلاص من منظومة الفساد والمحاصصة، وبمحاسبة القتلة والفاسدين والمسؤولين عن الخراب الذي حلّ ببلادنا وعن المعاناة الشديدة لشعبنا وشبيبته، انما تأتي في سياق مسلسل الاغتيالات وصنوف الاعتداءات التي طاولت الكثير من الناشطين والمحتجين والمنتفضين السلميين، وبطرق ووسائل متماثلة من طرف جهات تمتلك حرية تحرك واسعة، وتمارس نشاطها الاجرامي من دون أي رادع.

وتؤكد العملية الغادرة الجديدة فشل وعجز الحكومة واجهزتها الامنية ليس فقط عن الايفاء بوعودها في الكشف عن قتلة المتظاهرين والمنتفضين ومحاسبتهم، وضمان سلامة من يجاهرون برفضهم للفساد والفاسدين، وفي شلّ ايدي من يستخدمون السلاح لترويع المواطنين، بل حتى عن الحيلولة دون سقوط المزيد من الشهداء ودون استمرار ملاحقة الناشطين  السلميين واستهدافهم.

وفي ظل هذه الاجواء المحملة بالمخاطر، لم يعد الحديث عن توفير اجواء مواتية لاجراء انتخابات حرة ونزيهة، تسمح للناخب والمرشح بالتعبير عن آرائهم بحرية وأمان، الا ضربا من الخيال، وكلاما تدحضه الوقائع والاحداث يوميا.

لقد اكد حزبنا دوما حرصه على تعزيز العملية الديمقراطية، وعلى تحقيق التغييرالمنشود الذي يفرضه الواقع المأزوم للبلاد عبر الطرق الدستورية الانتخابية. ومن هذا المنطلق شدد الحزب على وجوب توفير شروط ومناخات اجراء الانتخابات الحرة النزيهة، وفي صدارتها المنظومة الانتخابية العادلة النزيهة والمستقلة فعلاً لا قولاً عن القوى المتنفذة، وتأمين بيئة سياسية آمنة واشراف ومراقبة دوليين، وتطبيق دقيق لقانون الاحزاب الذي تمنع بموجبه مشاركة الاحزاب ذات الاذرع المسلحة، والذي ينص على الكشف عن مصادر التمويل ومحاسبة واقصاء القوى والاحزاب التي تستخدم المال السياسي لشراء الاصوات وإفساد العملية السياسية.

الا ان توالي الاغتيالات، وغياب الاجراءات الرادعة لحَمَلة السلاح المنفلت، وعدم الكشف عن القتلة ومحاسبتهم، الى جانب استمرار تدفق المال السياسي، وعدم تطبيق قانون الاحزاب .. ان هذا كله يثير شكوكا حقيقية في قدرة ورغبة السلطة والقوى المهيمنة عليها في ضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولهذا وفي غياب هذه الشروط لن تكون المشاركة في الانتخابات الاّ توطؤاً لاعادة انتاج المنظومة السياسية  ذاتها، المسؤولة عن الحال الكارثي الذي انتهت اليه البلاد. وستتحمل القوى الماسكة بالحكم والمتحاصصة ما سيترتب على اغلاق الباب امام التغيير السلمي الديمقراطي من عواقب وخيمة تهدد السلم الأهلي ومصائر الشعب والوطن.

لهذه الاسباب فاننا في الحزب الشيوعي العراقي نعلق مشاركتنا في الانتخابات على ما ستتخذه الحكومة والسلطة التشريعية من اجراءات حازمة ورادعة،  لوضع حد لمسلسل الاغتيالات والجرائم الاخرى، بدءاً بالكشف عن قتلة المتظاهرين ومن يقف وراءهم، خاصة قتلة الشهيد ايهاب الوزني الذي ما زال دمه المسفوح حارا، وتقديمهم الى القضاء، وإنهاء ظاهرة  السلاح المنفلت  وفرق الاغتيال التي لا تستقيم بوجودها أيّة ممارسة للتعبير الحر والمنافسة الانتخابية.

وفي الوقت نفسه ندعو الناشطين السلميين والمنتفضين وعموم المواطنين الى ممارسة الضغوط بمختلف اشكالها على الحكومة والبرلمان، لدفعهما الى القيام بواجباتهما في مواجهة المجموعات المسلحة المتمردة والسلاح المنفلت والحيلولة دون تخريبها العملية الانتخابية ودفع البلاد الى دوامة جديدة خطيرة الآفاق والمآلات.

اللجنة المركزية

للحزب الشيوعي العراقي

9/5/2021

  المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي:

 نستنكر بشدة جرائم الاحتلال الاسرائيلي في القدس

  تواصل قوات الاحتلال الاسرائيلي اعتداءاتها الوحشية ضد الفلسطينيين في مدينة القدس، رغم تصاعد اصوات الإدانة والاستنكار الدولية لهذه الجرائم، والمطالبة بوقفها فوراً، وانهاء عمليات الاستيلاء على منازل المواطنين المقدسيين وتهجيرهم القسري من ديارهم. 

وتشهد القدس المحتلة منذ بداية شهر رمضان تصعيدا للجرائم التي تنفذها القوات الاسرائيلية وعصابات المستوطنين. وأدت الاعتداءات على المصلين في المسجد الأقصى وباب العامود والمواطنين في حي الشيخ جراح خلال اليومين الماضيين الى اصابة حوالي 250 شخصا.

وحذرت مفوضية حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة من ان هذه الاعتداءات "قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب". وطالبت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بـ"الوقف الفوري لجميع عمليات التهجير القسري ضد الفلسطينيين".

كذلك اعلنت الأمم المتحدة أن ما شهده حي الشيخ جراح في القدس وتعرض أسر فلسطينية الى خطر الطرد، والأنشطة الاستيطانية جميعا بما فيها الاجلاء والهدم، غير قانونية بموجب القانون الدولي. وكان قرار مجلس الأمن رقم 2334، الصادر في أواخر 2016، قد طالب بوقف الاستيطان الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

ان اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي المتواصلة على مدينة القدس، والهادفة الى  إفراغها من سكانها الاصليين الفلسطينيين وتهويدها، تمثل حلقة أخرى في تنفيذ "صفقة القرن" سيئة الصيت، بتواطؤ مفضوح من أنظمة التطبيع العربية، لتصفية القضية الفلسطينية وتعزيز الهيمنة الامريكية على منطقة الشرق الاوسط من خلال تحالف اقليمي بقيادة اسرائيل.

واذ يدين حزبنا الشيوعي العراقي بقوة الهجمة الصهيونية الشرسة في القدس، ويحيّي مقاومة الشعب الفلسطيني وتصديه البطولي لعمليات التوسع الصهيوني والضم والاحتلال، يؤكد مجدداً التضامن الثابت مع النضال الفلسطيني العادل من اجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي البغيض، وإقامة الدولة الوطنية المستقلة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس. 

   المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

8 ايار 2021

  راصد الطريق

هي ذي الحيّة .. فمن يقطع رأسها؟

 

خرج قطار محمل بمشتقات نفطية، الاسبوع الماضي، عن مساره بين منطقتي المشاهدة والدجيل، فوقعت لحسن الحظ اضرار مادية فقط. وقالت وزارة النقل في بيان ان الحادث جاء بعد نجاحها بالتعاقد مع وزارة النفط لنقل المشتقات النفطية.

 في السياق نفسه قال سائقون لشاحنات تنقل النفط الخام، انهم يتعرضون للابتزاز من طرف مسؤولي سيطرات متواطئين مع متنفذين، فيدفعون من جيوبهم، لكنهم لم يعد بامكانهم السكوت، خصوصاً ازاء ما يحصل في مصفى بيجي، فلجأوا للتظاهر احتجاجا.

والمستفيدون من مثل هذه الحوادث هم المتنفذون، الذين يكدسون المال الحرام عن طريق الابتزاز وتخريب البنى التحتية، كي يبقى الامر بيدهم وحدهم، فتتعزز ارصدتهم وتكبر كروشهم على حساب ولد الخايبة.

والحال نفسه في بقية القطاعات. فمن يريد الاستحواذ على شركات الكهرباء الحكومية يعطل انتاج الكهرباء، ومن يريد تهريب البضائع يخرب " القبان الالكتروني" قرب المنافذ، وهكذا.

هناك قول متوارث عن الفاعل المكشوف في اية مشكلة، يقول انه "مثل الحيّة، تكرص وتضم راسها".

واليوم ايضا نحن بحاجة الى من يقطع رأس الحيّة.

**********

الصفحة الثانية  

محلية الشيوعي العراقي في كربلاء :

ندين جريمة اغتيال ايهاب الوزني

هزّنا من الاعماق نبأ اغتيال الناشط المدني الصديق إيهاب جواد الوزني، صباح هذا اليوم الأحد الموافق 9 أيار، فها هي يد الغدر والجريمة تمتد من جديد لتسكت صوتاً آخر حرا. لا ذنب له سوى أنه يدعو لبناء وطن آمن، كامل السيادة وخال من الفساد والفاسدين. 

اننا في اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كربلاء، إذ نعبر عن الغضب والسخط على إسكات صوت مدني، وعن شديد الإدانة للجريمة الشنعاء، نطالب الحكومة المحلية والجهات الأمنية العمل، بجد، بإلقاء القبض على الجناة، وتقديمهم الى القضاء لينالوا القصاص العادل.

المجد والخلود لشهداء الحركة الاحتجاجية

والخزي والعار لأعداء الوطن والشعب.

اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي/ كربلاء

*************

اضاءة

الواقع لا يعرف المجاملة

محمد عبد الرحمن

في شهر رمضان تكثف  الفضائيات عادة لقاءاتها مع الشخصيات السياسية وممثلي الكتل والأحزاب والناشطين في الحراك والمتخصصين .

وفي هذه اللقاءات تسمع النقد العالي، حتى يتولد الانطباع  ان المسؤولين ليسوا هم المتحدثين ذاتهم او احزابهم وكتلهم، التي إدارت شؤون البلاد  والعباد منذ عام ٢٠٠٥ في الاقل حتى يومنا هذا . 

وتلاحظ خلال ذلك القليل الشحيح من النقد للذات وإلاستعداد  لتحمل المسؤولية، واذا جاء فمغلفا بعبارات وكلام وحوادث تجعله باهتا بلا طعم ولا رائحة: الظروف الصعبة التي مر بها البلد، الإرهاب وداعش، ضآلة التخصيصات والموارد، التركة الثقيلة للنظام المباد، المحتل ودوره ، التدخلات الخارجية .. الخ . وتلك أمور عانى منها البلد حقا، لكن هناك مقابل  كل قول وعبارة حزمة أسئلة مشروعة طويلة وعريضة:  نعم، كان لهذا تاثيره بشكل او بآخر، لكن انتم ماذا كان دوركم؟ ماذا فعلتم؟ وهل خففت افعالكم من وطاة الظروف ام زادت الطين بلة، ودفعتم  الأمور الى ما هو أسوأ بكل المقاييس وفي مختلف المجالات؟   .

وعندما  تستمع الى الحديث الذي يدور حول الفساد، تتخيل ان كل من تولى المسؤولية كان نزيها، يداه نظيفتان وأبعد ما تكون عن التلاعب بالمال العام والتلوث بالسحت الحرام! فاذا كان هؤلاء المتحدثون جميعا يدينون الفساد والفاسدين، فمن ياترى هو الفاسد المسؤول عما حل بالعراق من كوارث؟

المواطن ليس ساذجا بالطبع، وهو يعرف ان الامر ليس كذلك. فالكثير من المتنفذين اكدت تقارير حكومية رسمية غرقهم في رذائل السرقة والتطاول على المال العام وارتكاب جرائم الفساد الإداري والمالي والسياسي .

ويثير البعض من المتحدثين قضايا غريبة وعجيبة. فإن كان له تمثيل في الحكومة والبرلمان، فالامور خير على خير وعال العال. اما اذا كان خارجهما فسرعان ما يبدا  التذمر والتعبير عن السخط  والشكوى من عدم تمثيل هذا المكون او ذاك، فيما هو في الواقع يندب حظه لعدم حصوله على الفرصة!

مسكين هذا المكون ومسكينة تلك الطائفة او القومية، فكم تتم المتاجرة باسمائها!

والامر الآخر هو هذا الخلط العجيب الغريب بين من هيمن على القرار السياسي والاقتصادي والأمني، وبين كتل وأحزاب وشخصيات أخرى حرصت على عدم إهدار قطرة دم عراقية واحدة، وعدم امتداد أيديها الى دينار واحد، بل ولم تكن في موقع المسؤولية أصلا. فمن الظلم ان يوضع الكل في خانة واحدة، واذا كان البعض عاجزا عن  قول الحق وتسمية الأشياء باسمائها، فالافضل له ان يسكت، فالسكوت هنا من ذهب .

ويحدث ايضا في اللقاءات المذكورة ان يصب البعض، من دون مبرر او سند، جام غضبه على أحزاب وتيارات معينة، ويحذر من الاقتراب من أخرى، فتغيب الحقيقة ويضيع التقييم الموضوعي .

والانكى ان تجد من يتغزل بانتفاضة تشرين، وهو الذي ناصبها العداء وقتل شبابها. فهو كمن يدعي وصلا بليلى، وهي ترفضه وتلفظه. 

ان من شأن استمرار هذه الازدواجية في الحديث والتقييم، وهذا التهرب من المسؤولية ومن الاستعداد للمراجعة والتخلي عن النهج الخاطيء والسلوك الضار،  ان يؤديا الى تضبيب المواقف والتستر على النواقص والعورات الجدية.

الا انه وفي كل الاحوال، يبقى ناصعا ما قيل منذ القِدم من ان “شعاع الشمس لا يحجبه غربال”. 

***************

مفوضية حقوق الانسان يؤشر “فشل” المنظومة الأمنية

اغتيال الوزني يشعل الغضب في بغداد المحافظات

بغداد ـ محمد التميمي

أثار الشارع العراقي يوم أمس, ردود فعل غاضبة، على خلفية اغتيال الناشط المدني ورئيس تنسيقية كربلاء للاحتجاجات، إيهاب جواد الوزني؛ حيث أقدم محتجون في محافظات عدة على قطع الطرق واحراق الإطارات، في ردة فعل على العملية الاجرامية, مطالبين بإيقاف مسلسل الاغتيالات، والقاء القبض على الجناة ومحاسبتهم.

عملية جبانة

وفي الساعات الأولى من صباح يوم امس, اقدم مسلحان مجهولان يستقلان دراجة نارية على اغتيال الناشط المدني ورئيس تنسيقية كربلاء للحراك المدني, عبر اطلاق الرصاص عليه بواسطة مسدس, امام منزله في منطقة حي الحداد، وسط المحافظة.

وسرعان ما أعلنت خلية الاعلام الأمني، في بيان طالعته “طريق الشعب”, ان “شرطة المحافظة شرعت فور وقوع الحادث بتشكيل فريق عمل مختص لجمع الأدلة والمعلومات في هذه الجريمة”, مشيرة الى “استنفارها كل الجهود للبحث عن الجناة”. فيما أكد محافظ كربلاء المقدسة، نصيف جاسم الخطابي، امس الأحد، وضع القوات الأمنية في الانذار والانتشار لملاحقة مرتكبي جريمة الاغتيال.

الشرطة تصد المشيعين 

وتناقلت وسائل اعلام محلية وشهود عيان، اخبارا عن منع قيادة شرطة كربلاء, دخول حشود المحتجين القادمين من بقية المحافظات من اجل تشييع الشهيد, حيث قامت القوات الأمنية باغلاق مداخل المدينة، خوفا من الغضب الجماهيري.

من جانبه, وجّه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أجهزة وزارة الداخلية، بسرعة الكشف عن قتلة الناشط إيهاب الوزني.

ونقل المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء، كلمة الكاظمي خلال جلسة مجلس الوزراء، ان “قتلة الناشط المدني إيهاب جواد الوزني موغلون في الجريمة، وواهم من يتصور أنهم سيفلتون من قبضة العدالة”، لافتا الى “اننا سنلاحق القتلة ونقتص من كل مجرم سولت له نفسه العبث بالأمن العام”.

ووجه الكاظمي “أجهزة وزارة الداخلية بسرعة الكشف عن قتلة الناشط الوزني”، مشيرا الى ان “المجرمين أفلسوا من محاولات خلق الفوضى، واتجهوا الى استهداف النشطاء العزّل، لكن القانون سيحاسبهم مثلما سقط آخرون في قبضة العدالة من قبل”.

احتجاجات غاضبة

وعلى خلفية حادثة الاغتيال, خرجت جموع غاضبة للتظاهر وسط مدينة كربلاء, حيث اقدم المحتجون على حرق الإطارات وقطع الشوارع الرئيسة المؤدية إلى فكلة المحافظة وفلكة زيد وشارع حي النقيب وطرق الحسينية والسدة وغلق الطرق المؤدية الى فلكة التربية، ونصب خيم الاعتصام فيها, للمطالبة “بملاحقة القتلة، والكشف عن ملابسات الجريمة”.

وفي الناصرية, قام متظاهرون غاضبون بقطع جسري الزيتون والنصر وسط المدينة، احتجاجا على اغتيال الناشط الوزني, واستمرار مسلسل الاغتيالات, مطالبين الحكومة والأجهزة الأمنية بتحمل مسؤوليتها وملاحقة القتلة والكشف عن هوياتهم والجهات التي تدعمهم.

وشهدت محافظات بابل وواسط والديوانية, احتجاجات غاصبة, على استمرار انفلات الوضع الأمني واستمرار عمليات الاغتيال التي تطال الناشطين، معبرين عن تضامنهم مع عوائل الضحايا, فيما طالبوا القوات الأمنية والحكومة بضرورة اخذ زمام المبادرة والسيطرة على السلاح المنفلت.

70 عملية اغتيال خلال عام

من جهته, عدّ عضو مفوضية حقوق الانسان، علي البياتي، ان “اغتيال الناشط إيهاب الوزني في هذا الوقت، جاء لكونه مؤثراً بساحة التظاهرات في كربلاء”.

وذكر البياتي في تصريح صحفي، ان “أكثر من 70 عملية اغتيال طالت ناشطين في التظاهرات منذ تشرين الاول لعام 2019 وحتى الآن حيث أدت الى مقتل 25 ناشطا، وجرح العدد الآخر”.

وأشار الى “وصول أعداد المغيبين في ظروف التظاهرات الى ما لا يقل عن 80 شخصا، وهذا يثير التساؤلات حول وعود الحكومة بالكشف عن الجناة والفاعلين”.

وأضاف، أن “4 لجان شُكلت لحسم ملف التحقيق بعمليات الاغتيال، ولكن حتى الآن لم تظهر اية نتائج”، مشيرا الى “امتلاك الحكومة وأجهزتها الأمنية الامكانيات للكشف عن الجناة، لكنها تفتقد الجدية والإرادة”.

ودانت المفوضية العليا لحقوق الانسان، أمس الأحد، اغتيال الوزني، مؤكدة أن عودة مسلسل الاغتيالات يدل على “فشل” المنظومة الأمنية في حماية المدنيين.

وقالت المفوضية في بيان ورد لـ”طريق الشعب”، إن اغتيال الوزني يأتي “استكمالًا لمسلسل الاغتيالات ضد الناشطين وأصحاب الكلمة الحرة”، مبدية “اسفها البالغ لما جرى”.

وأكدت وجود “ضعف بالمنظومة الامنية في حماية الناشطين، ما اضطر العديد منهم لمغادرة العراق، والمتبقي منهم أصبحوا فريسة لهذه الحوادث المأساوية”.

وطالبت المفوضية، القائد العام للقوات المسلحة باتخاذ الإجراءات المناسبة، لحماية الناشطين والاعلاميين والمدونين واصحاب الكلمة الحرة، وتقديم الجناة للعدالة وتعزيز الجهد الأمني والاستخباراتي، فيما شددت على أن تكون التحقيقات “عاجلة وتعلن للرأي العام بشكل مباشر، وان لا تكون كسابقاتها مثل حادثة استشهاد الصحفي هشام الهاشمي”.

*****************

احتجاجات متواصلة لذوي العقود والمعلمين والفلاحين

بغداد ـ طريق الشعب

يواصل العاملون من اصحاب العقود والاجور اليومية  في دائرة ماء الديوانية اضرابهم عن العمل للأسبوع الثاني, للمطالبة بتنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 315 لسنة 2019.

وقال مراسل “طريق الشعب”, ان “العمال يطالبون بتحويلهم الى عقود وزارية,  وضع هيكلية جديدة للرواتب وزيادة التخصيصات المالية”.

رفض لسلم الرواتب

وفي محافظة المثنى, جدد العشرات من اصحاب العقود في دوائر مديريات وزارة الكهرباء, احتجاجاتهم الرافضة لسلم الرواتب الجديد الموضوع من قبل الوزارة.

وذكر مراسل “طريق الشعب”, ان “مطالب المحتجين هي صرف اجورهم وفق السلم المقرور في عام 2020, وعدم تخفيضها”, مكدا ان “اصحاب العقود عاقدي العزم على مواصلة احتجاجهم لحين الاستجابة لمطالبهم”.

صرف الرواتب المتأخرة

من جانبهم, نظم عدد من اصحاب العقود في شركة ابن ماجد التابعة لوزارة الصناعة والمعادن في محافظة البصرة, وقفة احتجاجية, امام بوابة للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة منذ العام الماضي, وتجديد عقودهم.

الى ذلك, نظم عدد من اصحاب العقود في جامعة البصرة (مجمع كليات باب الزبير), وقفة احتجاجية, لمطالبة وزارة التعليم العالي, بشمولهم ضمن قرار 315 والعدول عن قرارها فيما يخص استثناء الأشهر الثلاثة الاخيرة من العام الماضي.

وهدد المتظاهرون خلال وقفتهم بالتصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم, مشيرين الى انه ورغم إتمام الإجراءات الإدارية والقانونية للتعاقد معهم إلا ان القرار الوزاري باستثناء الأشهر الثلاثة كان مجحفا بحقهم.

تنفيذ قرار 315

من جهتهم, يواصل العشرات من اصحاب العقود في جامعة واسط الاعتصام أمام بوابة الجامعة الرئيسية للمطالبة بتخصيص المبالغ المالية لهم ضمن قرار 315.

ورهن المعتصم علي قاسم, في حديث لـ”طريق الشعب”, “انهاء اعتصامهم بالاستجابة لمطالبهم من خلال توفير ضمانات مالية لتطبيق قرار رقم 315”, محذرا من “التصعيد في حال تسويف مطالبهم”.

تظاهرة للمعلمين والفلاحين

في المقابل, تظاهر العشرات من الكوادر التربوية امام مبنى مديرية تربية محافظة ميسان, للمطالبة باطلاق العلاوات وصرف اجور مراقبة الامتحانات.

وطالب المعلم محمد عيسى, عبر “طريق الشعب”, “وزارة التربية والحكومة المركزية بالاستجابة لمطالبهم المشروعة وصرف مستحقاتهم المالية واطلاق الترفيعات بدون اي تأخير”.

في الاثناء, نظم العشرات من المزارعين في قضاء الكميت شمال محافظة ميسان, وقفة احتجاجية  أمام معمل تنقية البذور في القضاء, للمطالبة بفتح شركة لاستلام البذور في محافظة ميسان وبقية محافظات الجنوب, بسبب وفرة الانتاج من محصولي الحنطة والشعير.

****************

الصفحة الثالثة

نواب ومراقبون يؤشرون «إخفاقات كثيرة» لدى الحكومة

عام مرّ.. «الورقة البيضاء» أنهكت الناس

بغداد ـ علي شغاتي

بعد مرور أكثر من 365 يوما من عمر الحكومة، أشّر نواب ومراقبون وناشطون، إخفاقا كبيراً وعجزاً واضحاً عن معالجة غالبية الملفات، التي وعدت في معالجتها، لكن “لم تتغير حياة المواطنين، بل صارت اسوأ مما كانوا عليه”, بحسب المتحدثين.

وفي استعراض بسيط للبرنامج الحكومي، علّق ناشطون بأن “تفاصيل بسيطة تكاد لا تذكر”, عملت عليها الحكومة الحالية. ونعت المتحدثون الورقة البيضاء بأنها “سيف سُلط على رقاب العراقيين، من خلال فرض الضرائب ورفع سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي”.

وقال المتحدثون، ان الحكومة “فشلت” في تحقيق أي تقدم ملموس في ملفات الفساد، السلاح المنفلت، المحاصصة، ظاهرة الاغتيالات، وتحقيق مطالب المتظاهرين.

“إنجازات الحكومة”

وفي هذه المناسبة، تحدث تقرير حكومي عن عدد من الخطوات المتحققة في الجوانب الاقتصادية والتنموية.

وأعلنت خلية الإعلام الحكومي، امس الاول، عن المتحقق في الجوانب الاقتصادية والتنموية من قبل وزارة التخطيط خلال عام من عمر الحكومة الحالية.

وذكرت الخلية في بيان طالعته “طريق الشعب”، أن “وزارة التخطيط، حققت عددا من الخطوات المهمة واتخذت المزيد من الإجراءات المتعلقة بالواقع التنموي والاقتصادي في البلاد”, مشيرة الى ان “جميع المشاريع المستمرة والمتوقفة، تم حصرها ضمن البرنامج الاستثماري وبرنامج تنمية الأقاليم، وإيجاد المعالجات والإجراءات المطلوبة لإعادة هذه المشاريع إلى العمل أو إلغائها أو استثمارها، كما تم حصر مبالغ الالتزامات المالية الخاصة بإكمال المشاريع الاستثمارية “.

واضاف البيان, ان “الوزارة عالجت المشكلات الفنية والتعاقدية لأكثر من (70) مشروعاً، وأعدت دليل فحص وتقييم المطابقة للمركبات، وهي مستمرة في استكمال مشروع الرقم الوظيفي لموظفي الدولة العراقية”, مؤكدا “الاستمرار في الاستعداد لتنفيذ التعداد العام للسكان عندما تسمح الظروف الصحية والمالية بإجرائه, فضلا عن اعداد استراتيجية تطوير وتحسين القطاع العام في العراق، وإعداد خطة الدراسات العليا على مستوى البلد وخطة القبول في المجموعة الطبية”.

انتقادات برلمانية

من جانبها, وصفت عضو مجلس النواب ريزان الشيخ دلير, الحكومة بـ”الضعيفة”, وغير القادرة على تحقيق الوعود التي قطعتها للمواطنين.

وقالت دلير, في بيان تلقته “طريق الشعب”, “مّر عام على تشكيل الحكومة, قطع خلالها رئيسها وعودا كبيرة للشعب العراقي فور تسلمه المنصب وجعل من الشعب العراقي يعلق اماله على تلك الوعود ولكن بعد مرور 365 يوما لم تتغير حياة المواطنين بل صارت اسوأ مما كانوا عليه”, مشيرة الى ان “ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وعد في بداية تسلمه في تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن المحاصصة, ولكن حصل العكس منذ الخطوة الاولى عندما قبل في مرشحي الكتل السياسية وتوزيع المناصب الحكومية على اساس الطائفية والقومية وبهذا فشل في تنفيذ وعده الاول”.

واضافت دلير، ان “التحدي الكبير امام حكومة الكاظمي كان حصر السلاح في يد الدولة, لكن المليشيات والمجاميع الخارجة عن القانون اصبحت اقوى في ظل الحكومة الحالية”, مبينا ان “البيان الاول للكاظمي اثلج قلوب النشطاء ومتظاهري تشرين عندما وعد بمحاكمة قتلة المتظاهرين والقناصين, لكن لغاية اللحظة الشباب الطامح بالتغيير مازال على امل محاكمة عادلة للمسلحين الذين واجهوا المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي”.

وأكدت النائبة، أن “ على الحكومة حماية الانتخابات المقبلة من هيمنة السلطة والسلاح وهدر المال العام للدولة، وهذا صعب في ظل هذه الحكومة الضعيفة”, مستبعدةً “قدرة الحكومة السيطرة على السلاح المنفلت ومنع تغيير الارادة الحقيقية للناس من صناديق الاقتراع الى اتفاقات الغرف المظلمة وتوزيع كراسي البرلمان بين المستفيدين”.

وشككت دلير في “عملية تشكيل مفوضية الانتخابات وآلية مراقبة الانتخابات وعدم اعطاء ضمانات من قبل المفوضية بعدم تكرار سيناريو انتخابات 2018، وهذا يجعلنا امام شك واقعي ان الانتخابات في ظل الحكومة الحالية، لن تكون اكثر عدالة ونزاهة من الانتخابات السابقة”.

لا انجاز يذكر

من جهتها, اكدت عضو الامانة العامة لحزب (نازل اخذ حقي) أميرة الجابر, ان الحكومة لم تحقق اي منجز رغم مرور عام على تشكيلها.

وذكرت الجابر, في حديث لـ”طريق الشعب”, ان “البرنامج الحكومي المقدم تضمن تعهدات كان من ابرزها كشف ومحاسبة قتلة المتظاهرين واصلاح النظام السياسي وتقويض سلطة السلاح المنفلت, ولكن ماحدث هو  غير كل ذلك, ولم نلمس خطوات جدية في هذا الاتجاه”, مؤكدة ان “البرنامج الحكومي لم ينفذ منه شيء سوى بعض التفاصيل البسيطة التي لاتذكر, ولو سعت الحكومة لتنفيذ مطالب حصر السلاح بيد الدولة وكشف قتلة المتظاهرين لساندها الشارع العراقي”.

وأضافت الجابر, أن “البرنامج الحكومي هو اداتنا لمراقبة الحكومة، وتقييم عملها، وكان يفترض عدم وضع برنامج لا تستطيع الحكومة تنفيذها”.

وانتقدت الجابر، “الحكومة لوضعها ورقة الاصلاح الاقتصادي (الورقة البيضاء) التي وصفتها بـ(السيف) المسلط على رقاب العراقيين من خلال فرض الضرائب ورفع سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي”, مبينة أن “الحكومة لا يمكن لها ان تنجح بسبب سيطرة القوى المتنفذة عليها”.

لا ايفاء بالوعود

بدوره, اشار الناشط المدني حسن المياحي, الى ان الحكومة الحالية لم تفِ بوعودها للمتظاهرين والشعب، على حد سواء. وقال المياحي في حديث لـ”طريق الشعب”, ان “المسؤولين عن قتلة المتظاهرين، تم تكريمهم وتعيينهم في مناصب عليا، ولم تتم محاسبتهم على القتل العمد، بالاضافة الى عدم معالجة موضوع التهم الكيدية، ضد المحتجين وملاحقتهم”.

ولا يزال مسلسل استهداف الناشطين حاضراً، برغم الوعود الحكومية بمكافحة هذه الجرائم، إذ  قام مسلحون مجهولون، ليلة السبت/ الاحد، باغتيال الناشط البارز في احتجاجات كربلاء، إيهاب الوزني. وقد فرضت قوات الامن، على أثر ذلك، انتشارا مكثفا في المحافظة بحثا عن الجناة.

ووفقا للمياحي، فإن الحكومة “اغلقت ابواب التواصل التي فتحتها في السابق مع المحتجين، ولا توجد طريقة للتفاهم معها على مطالب المواطنين المشروعة”.

وأضاف المياحي, أن “الحكومة عجزت عن معالجة ملفات المحافظين، سوى محافظة ذي قار، بسبب إصرار اهلها، وتقديمهم للدماء في سبيل تحقيق أهدافهم, اما بقية المحافظات فما زالت خاضعة للقوى المتنفذة التي تتقاسم السلطة في ما بينها”. ويعزو المياحي العجز الحكومي الى “نظام المحاصصة والفساد, وانتشار السلاح المنفلت”.

لا حلول اقتصادية

الى ذلك, علّق الخبير الاقتصادي، احمد خضير، على موضوع معالجة الحكومة للمشاكل الاقتصادية، وتوفير فرص العمل. وقال خضير لـ”طريق الشعب”, ان “الحكومة الحالية خضعت بشكل كبير الى توصيات صندوق النقد الدولي من خلال فرض سياسات اقتصادية، حملت المواطن البسيط، مسؤولية الفشل والفساد وسوء الادارة لموارد الدولة وثرواتها”, مشيرا الى ان “الحكومة عالجت العجز في انخفاض اسعار النفط من خلال القروض، ولو عادت اسعار النفط للانخفاض مجددا فانها سوف تعود للاقتراض, نتيجة لغياب الرؤية الاقتصادية الصحيحة”.

واضاف, ان “الحكومة الحالية تعمد الى خصخصة وبيع الشركات الرابحة وتحويل ملكية هذه الشركات الى الفاسدين في مشهد غريب، لا يخدم سوى القوى الفاسدة والمتحكمة في البلد منذ عام 2003”.

تردي التعليم

وحول وضع التربية والتعليم, واوضح عضو اتحاد الطلبة العام عبدالله غالب, ان الحكومة الحالية تعاملت مع ملف التربية والتعليم “بصورة غير علمية وعملية”، ومن دون تخطيط، ما تسبب في تراجع مستوى التعليم في البلاد بشكل كبير. وذكر غالب لـ”طريق الشعب”, ان “الحكومة لا تملك رؤية واضحة حول كيفية بدء العام الدراسي والانتهاء منه, وقامت باستئناف الدوام وايقافه في مرات عديدة، في مشهد خلق ارباكا كبيرا لدى الطلبة وذويهم”.

تراجع الخدمات

في غضون ذلك, تراجع مستوى تجهيز الكهرباء والخدمات بصورة عامة، ما تسبب بخروج العديد من الاحتجاجات في مناطق متعددة من البلاد.

وحول هذا الامر, اكد الناشط المدني سجاد جواد لـ”طريق الشعب”, ان “ساعات تجهيز الكهرباء تراجعت خلال فصل الشتاء هذا العام، في مشهد غير مألوف، الأمر الذي أنبأنا مبكرا بموسم سيّئ للكهرباء صيفيا”, مشيرا الى “استمرار مشكلة انقطاع مياه الاسالة في عدد كبير من المناطق، وتراجع مستوى الخدمات وانتشار النفايات بشكل كبير”.

واضاف جواد ان “الحكومة عجزت عن تحديد سعر ثابت للكهرباء من المولدات الاهلية, وعجزت عن السيطرة على اسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت بشكل كبير، بعد قرار خفض قيمة الدينار، امام الدولار الامريكي”.

النازحون والمنافذ الحدودية والمياه

وتحدثت الصحفية ايناس الحسن عن عدم ايفاء الحكومة بتعهداتها بعودة النازحين الى مناطقهم, حيث ما زال هناك حوالي 29 الف عائلة تسكن المخيمات.

ولفتت الحسن الى “وعود الحكومة بالسيطرة على المنافذ الحدودية وزيادة ايرادات الدولة منه, ولكنها توقفت عن الحديث عن ذلك، بسبب عجزها عن السيطرة عليه، برغم ارسالها عناصر امنية مدربة”.

كما أبدت استغرابها من “تلكؤ عملية اتمتة الكمارك من اجل القضاء على الفساد، وايقاف هدر المال العام”.

وفيما يخص ملف المياه وحصة العراق من نهري دجلة والفرات, اكد المهندس الاستشاري السابق حسن فلاح لـ”طريق الشعب”, ان “الحكومة ورغم ادعائها بامتلاكها علاقات حسنة مع دول الجوار، لكنها عجزت عن الحصول على حصة معقولة من مياه النهرين، بسبب رفض تركيا اطلاق المياه صوب نهر دجلة، وقيام ايران بقطع عدد من الروافد”, مؤكدا “عدم تحرك الحكومة في هذا الاتجاه وفشلها الذريع”.

في ندوة الكترونية نظمتها صفحة «حوار التنوير»

عامر حسن فياض حول بناء الدولة المدنية في العراق

بغداد- طريق الشعب

نظمت صفحة “حوار التنوير” اخيرا ندوة بالفيديو تحت عنوان “افكار اولية لبناء الدولة المدنية.. العراق نموذجا”، ضيّفت فيها الاكاديمي والباحث د. عامر حسن فياض، الذي تناول اهم سبل ومعوقات اقامة الدولة المدنية في العراق.

وقال د. فياض في بداية حديثه ان بناء دولة “يقودنا الى الحديث عن مسارات وقرارات عدة يجب اتخاذها”، موضحا ان “بناء دولة مدنية ليس رغبة او نزوة، بل هو عملية تحتاج من الصبر الكثير”.

وتطرق الى قول الفيلسوف هيغل “ان الدولة معطى من معطيات الحداثة”  في اشارة الى ان مفهوم الدولة حديث المنشأ وقد سبقته مسميات اخرى كالإمارة والولاية والإمبراطورية والمملكة وغيرها.

الثقة .. الثقة

واضاف  ان “تعزيز الثقة بين الحاكم والمحكوم هو المفتاح الاساس للتفكير والعمل لبناء الدولة المدنية”.

واستحضر في هذا الشأن ما ورد في احدى الاطاريح الصينية القديمة حول بناء الدولة، ومفاده ان تلامذة حكيم صيني سألوه عن الحكم الصالح والعناصر الواجب توفرها فيه، فقال انها  ثلاثة عناصر: القوت (الغذاء) والجند(القوة) وأخيرا الثقة بين الحاكم والمحكوم .

سأله احد طلابه: هل نستطيع التخلى عن احد هذه العناصر ويبقى الحكم صالحا؟ أجاب: نعم، يمكن ان نتخلى عن الجند (القوة) ويبقى الحكم صالحا.

عندها سأله طالب آخر: وهل يمكن ان نتخلى عن احد العنصرين الباقيين ويبقى الحكم صالحا؟

فقال: نعم، نستطيع التخلى عن القوت (الغذاء) ويبقى الحكم صالحا فالثقة بين الحاكم والمحكوم مثلها مثل الحصان الذي يجر العربة، فهو يجلب القوت والقوة.

سيادة القانون

وبخصوص سيادة القانون وأهميتها في بناء الدولة قال فياض ان “العراق اليوم بحاجة ماسة الى سيادة القانون كي يبني دولته”. واستحضر في هذا الخصوص حكاية احد حكماء اليونان الذي قال لتلامذته ان “المدينة بحاجة الى بناء سور ثان” لحمايتها، وحين لاحظ امتعاضهم وهم  يتذكرون آبائهم الذين قضى كثيرون منهم او تعوقوا وهم ينقلون الصخور الكبيرة لبناء السور الاول، بيّن لهم انه لا يقصد بناء سور آخر من الحجر، فالسور الثاني الذي يعنيه لحماية المدينة هو سور القانون اي سيادة القانون.

وتطرق فياض الى  مبدأ التمدن وقال انه “لتحقيق ذلك لا بد لنا ان نلمس وجود دور للعبادة واخرى للعدالة وثالثة للمعرفة، يتمتع قاطنوها وشاغلوها والعاملون فيها ومراجعوها جميعا بالاحترام”.

ولفت د. عامر فياض الى الجدليات في بناء الدولة قائلا “ان عملية بناء الوحدة السياسية  تتحكم فيها  قوانين الداخل والخارج، وجدلية التجزئة والتوحيد، واخيرا قانون تنازع الهويات”.

واوضح ان “ان قانون الداخل والخارج يؤخذ حتى الان في بناء وتشكيل الدولة العراقية، وأمامنا التدخل الخارجي في الارادة العراقية الداخلية”. وتابع انه فيما  يتعلق بقانون التجزئة والتوحيد فانه عبر عن نفسه بعد عام 2003 في الدعوات الى تقسيم العراق الى اكثر من دولة، وايضا في الفدرالية التي تميل في بعض الاحيان الى دائرة التفكك”.

وبخصوص قانون تنازع الهويات بيّن ان “العراق يضم كيانات وديانات وقوميات وهويات متعددة، ولا يمكن تشكيل الدولة اذا لم تكن لها هوية سياسية موحدة”.

مستلزمات بناء الدولة

ومن الضروري في رأي  د. فياض توفر اربعة مستلزمات لبناء الدولة المدنية، وهي مستلزمات سياسية، واجتماعية، واقتصادية، وفكرية.

وقال ان “السياسية من اهم تلك المستلزمات، نظرا لكونها المعوّل عليها في توفير النهج الموضوعي(من خلال هيئة او جماعة) في بناء الدولية المدنية”.

 واضاف ان من الضروري “ان يتضمن المستلزم السياسي عقدا اجتماعيا يحتضن عدة مبادئ، منها الإقرار بالتعددية السياسية، ومبدأ التمثيل عبر  الانتخابات، واحترام حقوق الانسان وحرياته، وكل هذا على اساس استقلال القضاء والتداول السلمي للسلطة”.

ورأى د. فياض ان المستلزم الاقتصادي في بناء الدولة “هو الاصعب لكونه  بحاجة الى اقتصاد مستقر ومتوازن يعمل على توفير المتطلبات الاساسية التي تحفظ كرامة المواطن، ويقوم على اساس الانتاج والاستهلاك”.

وبخصوص المستلزم الفكري ذكر الفياض”ان هناك دولا قائمة رغم ان مستلزماتها الفكرية غير مكتملة” وتابع في شأن المستلزم الاجتماعي قائلا انه “يتطلب من الدولة الاهتمام بالطبقة الوسطى، التي تتصف بكونها ميسورة الحال ومتعلمة”.

عناصر بناء الدولة المدنية

وقال د. عامر حسن فياض ان هناك ثلاثة عناصر اساسية لبناء الدولة، وهي تتمثل في “الفرد والجماعة والسلطة”.

وقال انه “لبناء الدولة المدنية نحتاج الى افراد موصوفين”، بمعنى ان يكونوا ذوي صفات محددة.

اما الجماعات “فينبغي ان لا تكون تقليدية (من مثل العشائر، والجماعات الدينية، والقوميات)، وانما جماعات غير تقليدية كمؤسسات المجتمع المدني والاحزاب السياسية النزيهة”.

وحول عنصر السلطة المطلوبة لبناء الدولة المدنية قال فياض انها “يجب ان تكون مقبولة عبر الانتخابات، ولا بد لها ان تنجز ذلك لكي تستمر وتثبت شرعيتها”.

معوقات البناء

وتطرق د. فياض الى المعوقات التي تحول دون بناء دولة مدنية في العراق، واشار الى:

*العوز في التشريعات التأسيسية لبناء الدولة المدنية الحديثة

*عجز الخدمات الصحية والتعليمية وخدمات البنى التحتية بصورة عامة

*العوق المؤسساتي

*العشق للماضي

* العمى ازاء الاولويات

*العبث بالمال العام (الفساد)

*العقم في الانتاج والخصب في الاستهلاك.

*العرج المعرفي

آلية تجاوز المعوقات

وشدد د. عامر حسن فياض وهو يختتم حديثه في اطار “حوار التنوير” على ان “العراق اليوم بحاجة ماسة الى رجال دولة وليس الى رجال سياسة، رجال دولة يمتلكون ثقافة الاستقالة لا ثقافة الاستطالة، محصنين بثقافة المعارضة، ويعرفون جيدا كيفية التعامل مع الاولويات والعمل على تحقيقها”.

ونبّه في الختام الى ان “اخطر ما في الديمقراطية ان تجري ممارستها من قبل غير الديمقراطيين، فلا يمكن للديمقراطية ان تتحقق من دون استقلال ولا يمكن للاستقلال ان يتحقق من دون ديمقراطية”.

*****************

الصفحة الرابعة 

وزارة العمل تؤكد شمول 208 آلاف عامل 

الضمان الاجتماعي.. مطلب يهدد عاملي القطاع الخاص بـ «التسريح»

مع حلول 1 أيّار (عيد العمال العالمي)، تنشر “طريق الشعب” سلسلة تقارير، تسلط الضوء على اوضاع العمّال والمصاعب المعيشية والمشكلات التي يتعرضون لها في العمل.

بغداد ـ عبدالله لطيف

يصطدم العاملون في القطاع الخاص بالمماطلة من قبل اصحاب العمل عندما يطالبون بتسجيلهم على قانون الضمان الاجتماعي، ويؤكدون انهم يواجهون خطر التسريح ما ان يطالبوا بذلك.

ويقول ناشطون نقابيون ان هناك تحايلا من جانب اصحاب الشركات والمعامل في ما يخص قانون الضمان، فهم لا يسجلون عدد العمال الحقيقي في مواقع العمل، مشيرين بذلك الى وجود فساد داخل لجان التفتيش التابعة لوزارة العمل.

ووصف الامين العام لأتحاد نقابات عمال العراق اصحاب رؤوس الاموال في القطاع الخاص بأنهم يبحثون عن الربح اكثر مما يحاولون الحفاظ على ارواح ومستقبل العاملين، ويذكر ان احدى الملاحظات التي تسجلها النقابات على هذا القطاع هي عدم تطبيقه قانون الضمان الاجتماعي.

لم يعترفوا بالقانون

احمد صادق، الذي كان يعمل في مطعم هارديز التابع لشركة امريكانا، ثم تعرض للتسريح بعد مطالبته بتطبيق قانون الضمان الاجتماعي، يقول انه “عندما وقعت عقد العمل معهم، علمت أنني مسجل من خلاله على الضمان الاجتماعي والصحي”. 

ويضيف صادق في حديث لـ”طريق الشعب” انه “بعد مرور ثلاثة اشهر على بدء عملي، اجتاح فايروس كورونا العراق وقررت الحكومة فرض حظر التجوال الشامل في منتصف شهر آذار 2020. وعند نهاية الشهر ذاته سلمتنا الشركة اجور نصف شهر فقط، وهذا مخالف للقانون”.

وتابع انه تحرك على زملائه العمال “وابلغتهم ببنود القانون وقلت لهم ان الشركة ارتكبت مخالفة قانونية، لكنهم لم يستجيبوا لي”.

ويوضح صادق، انه قرر بعد ذلك” مواجهة الشركة بالقانون لكنها لم تعترف بالقانون. بعدها قدمت شكوى الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عبر خطوطها الساخنة، لكنهم حتى الان لم يفعلوا شيئا، ولم يقوموا بجولة تفتيش على المطعم، بحسب ما اخبرني زملائي الذين واصلوا عملهم هناك”.

ويبيّن صادق ان “لجان التفتيش تزور مقر الشركة وتحسم كل شيء في المقر، من دون ان تذهب الى موقع العمل في المطعم، لأن اصحاب  الشركة لم يسجلوا كل العاملين في الضمان، وبقي التسجيل من نصيب العاملين الاوائل في المطعم فقط”.

تحايل ورشاوي 

وتقول الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق العمال رؤى خلف انه “ليس كل العمال مسجلين ليشملوا بقانون الضمان الاجتماعي”، مبينةً ان “هناك تحايلا من قبل اصحاب الشركات والمعامل على قانون الضمان، فهم لا يسجلون عدد العمال الحقيقي في مواقع العمل، وفي بعض الاحيان يستثمرون وجود عمال كبار في السن ومتقاعدين اصلا لتجنب تسجيلهم في الضمان”.

وتضيف قائلة لـ”طريق الشعب” ان “ارباب العمل يقدمون رشوة قدرها100 الف دينار الى متفشي وزارة العمل، كي يوقعوا على سجل الضمانات الاجتماعية من دون تدقيق وبحث”. وتؤكد ان “اللجنة توقع على السجلات رغم رؤيتها عدد العاملين الحقيقي، الذي هو  اكبر بكثير من عدد الموجودين في السجلات”.

وتشير خلف الى ان “عدد موظفي مديرية تفتيش وزارة العمل لا يتناسب مع عدد العاملين في القطاع الخاص، حيث يبلغ 100 موظف فقط”.

اغلاق 50 الف موقع عمل

بدوره يقول الامين العام لاتحاد نقابات عمال العراق عدنان الصفار لـ”طريق الشعب”  انهم يدعمون وجود القطاع الخاص “لكن هناك معوقات يعاني منها القطاع تتسبب في تسريح العاملين، ومنها اغلاق المعامل والورش بسبب عدم توفر المواد الاحتياطية والكهرباء، فضلاً عن فقدان الجانب الامني الى جانب المنافسة غير المتكافئة بينه انتاجه والسلع المستوردة”.

ويشير الى ان القطاع الخاص “اضطر الى اغلاق آلاف المعامل والورش والمؤسسات، وحسب احصاءات اتحاد الصناعات العراقي بلغ عدد مواقع العمل التي اغلقت وتعطلت حوالي 50 الف موقع”، مؤكداً ان هذا “ادى الى تسريح آلاف العمال، وتقليص اجور العمال الآخرين، الى جانب فقدان مقومات العمل الاخرى المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية”.

وبيّن الصفار ان “واحدة من الملاحظات التي تسجلها النقابات على القطاع الخاص هي عدم تطبيقه قانون الضمان الاجتماعي للعمال ، الذي يضمن حقوقهم”، وان “الاحصائيات الرسمية في دائرة التقاعد تشير الى تسجيل 400 الف عامل في عموم العراق في الضمان الاجتماعي، وهذا يؤشر خللا كبيرا    لان تعداد القوى العاملة في العراق يصل الى حوالي 10 ملايين نصفها يعمل في القطاع الخاص، وهذا ما دفع العمال الى البحث عن عمل في القطاع العام، ضمانا لمستقبلهم”.

شمول 208 آلاف عامل

الى ذلك قالت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في بيان لها حصلت “طريق الشعب”، على نسخة منه،  إن “عدد العمال المضمونين المسجلين في دائرة التقاعد والضمان بلغ 570 ألفا حتى الان”.

وبحسب البيان، فان “الوزارة تمكنت من شمول 208 آلاف عامل منذ فترة تسلم الوزير الجديد، عادل الركابي، مهام وزارة العمل وخلال 6 أشهر من تشكيل الحكومة”، مشيرا إلى “الجهود الكبيرة التي بذلها العاملون في دوائر العمل والتدريب والتقاعد والضمان الاجتماعي في الوزارة، لشمول هذا العدد من العاملين بالقطاع الخاص بالضمان الاجتماعي”.

وأكدت الوزارة انها “ستبدأ بحملة تفتيش كبرى من أجل تعظيم إيرادات صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، مع أهمية نقل رسالة تثقيفية توعوية للمواطن بأهمية قانون الضمان الاجتماعي”. وبحسب ما أشار اليه البيان فان “الوزير  شدد خلال ترؤسه اجتماعا في الوزارة على ضرورة شمول العاملين في وسائل الإعلام بمختلف مسمياتها وشركات الهاتف النقال والكليات والمدارس والمستشفيات الأهلية بالضمان الاجتماعي”.ى وأكد الوزير “أهمية العمل على توعية المواطن وترسيخ مفهوم احترام القانون، خاصة مع قرب التصويت على مشروع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي في البرلمان”.

*******************

اللجنة الزراعية: مخطط لضرب «الاكتفاء الذاتي»

عاد الصيف وعادت حرائق الاراضي الزراعية 

النجف ــ طريق الشعب

من بين الأشياء تُجبر العراقيين على أن يعتادوا عليها صيفا، الى جانب ارتفاع درجات الحرارة، وتردي الطاقة الكهربائية، مسلسل حرائق الاراضي الزراعية، والذي يقرأه نقابيون ونواب على أنه استهداف للاقتصاد الوطني والمنتج المحلي.

وتحذر لجنة برلمانية من أن هذه «المخططات الخبيثة» التي تشمل افتعال ازمات واحراق مزارع وحقول، لا تريد لمحاصيلنا ان تحقق الاكتفاء الذاتي، بل الابقاء على أبواب المنافذ الحدودية مشرعة أمام المنتجات المستوردة.

توجيه حكومي

وفي جلسة مجلس الوزراء، التي عقدت امس الاثنين، وجّه ‏رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الأمانة العامة لمجلس الوزراء والمحافظين بـ»اتخاذ الاجراءات الكفيلة لمنع تكرار حوادث حرق المحاصيل الزراعية التي حصلت في الأعوام السابقة». وقال رئيس اللجنة سلام الشمري، في بيان صحفي، اطلعت عليه «طريق الشعب»، ان «اللجنة حذرت من مخطط خبيث لضرب الاقتصاد الوطني، عبر افتعال ازمات واحراق مزارع وحقول دون اجراءات فاعلة للحد منها او انهائها».

الاهمال هو السبب

عدّ رئيس الجمعيات الفلاحية في النجف احمد سوادي، ان هذه الظاهرة «استهدافا للعملية الزراعية، وتقصيرا واضحا من الحكومة لغياب الخطط الزراعية الخمسية والعشرية، مقارنة بدول الجوار».

وخمّن سوادي ان يكون الحادث الاخير في ريف المشخاب «ليس بفعل فاعل، وانما نتيجة للإهمال»، فيما ثمن دور «وحدات الدفاع المدني والفلاحين الذين تمكنوا من اطفاء الحريق ومنع انتشاره وانقاذ 450 دونما مجاورة».

وطالب سوادي في حديث لـ»طريق الشعب»، يوم أمس، بـ»تعويض المتضررين وتسليمهم اثمان المحاصيل للمواسم السابقة، لكي يتمكنوا من ادارة شؤونهم».  واقترح وضع مفرزة دفاع مدني في كل مقاطعة زراعية، لمعالجة الحوادث حال وقوعها.

واكد مدير زراعة النجف المهندس الزراعي منعم، رواية عدم وجود فاعل جنائي للحريق، مطالبا الفلاحين بوضع فواصل بواسطة الديسك او الفدان بين أراضيهم للسيطرة على انتشار الحرائق.

خطة للمواجهة

وأكد المنسق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني في النجف، علي تويج، في حديثه لمراسل «طريق الشعب» عدم وجود خسائر بشرية في الحادثة، مشيرا الى ان «المديرية وضعت خطة كاملة لمواجهة مخاطر الحرائق في المزارع والحقول والتهيئة لنشر مفارز قريبة من الاراضي الزراعية في مناطق ريف المشخاب».

محاولة لضرب الاقتصاد الوطني

وفي هذا السياق، وصفت لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية، عودة الحرائق الى الأراضي الزراعية انه «مخطط لضرب الاكتفاء الذاتي من المحاصيل، خاصة الاستراتيجية منها».

وقال رئيس اللجنة سلام الشمري، في بيان صحفي، اطلعت عليه «طريق الشعب»، ان «اللجنة حذرت من مخطط خبيث لضرب الاقتصاد الوطني، عبر افتعال ازمات واحراق مزارع وحقول دون اجراءات فاعلة للحد منها او انهائها».

واضاف الشمري، ان «ما تشهده بعض المحافظات منها ديالى وكربلاء، من عمليات حرق لمزارع الحنطة والشعير وغيرها، دليل واضح على خطة اجرامية، لا تريد للعراق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل والمنتجات الزراعية». وشدد الشمري على ضرورة «العمل على انهاء هذه الافعال الاجرامية، التي تبدأ وقت حصاد المحاصيل وغايتها ضرب جهد الفلاح والمزارع من جهة، واقتصاد البلد من جهة اخرى».

**********************

الشيوعي اللبناني يقاطع وزير خارجية فرنسا والسوداني يدعم الشعب الفلسطيني

الولايات المتحدة «تعترف»:  قوّضنا النظام الدولي

بغداد  ــ طريق الشعب

اعتذر الحزب الشيوعي اللبناني، عن المشاركة في اللقاء الذي دعا اليه وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان، مؤخراً، مؤكدا موقفه من النظام السياسي الطائفي ومحاولات إعادة تعويمه.

فيما اعلن الحزب الشيوعي السوداني تضامنه مع الشعب الفلسطيني، ورفضه لما تقوم به قوات الاحتلال من اجراءات، هدفها السيطرة الكاملة على القدس الشرقية.

على صعيد آخر، اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية، الجمعة، باتخاذ بعض الإجراءات التي أدت إلى تقويض النظام الدولي خلال السنوات الماضية.

التحرر من الطائفية

وقال الحزب الشيوعي اللبناني، انه “رفض دعوة لحضور لقاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، يوم الخميس الماضي، في قصر الصنوبر في بيروت، وذلك من ضمن دعوة موجهة إلى أحزاب وقوى ومجموعات أخرى”.

وأكّد الشيوعي اللبناني، موقفه المبدئي المتمسّك بضرورة إطلاق سراح الأسير جورج عبدالله، وأنّ استمرار اعتقاله يشكّل عائقاً أمام تقدم العلاقات بين البلدين. وأكّد الحزب في بيان حصلت “طريق الشعب” على نسخة منه “موقفه من النظام السياسي الطائفي ومحاولات إعادة تعويمه، وضرورة أن يندرج أساس الحلّ الداخليّ المنشود في إطار دولة تستلهم مُثُل العلمانية والديمقراطية والمساواة، وتكون متحررةً من سطوة تحالف الزعامات الطائفية ورأس المال الاحتكاري”.

تضامن مع فلسطين

الى ذلك، عبّر الحزب الشيوعي السوداني، في بيان صحفي حصلت “طريق الشعب” على نسخة منه، عن تضامنه الكامل لنضال الشعب الفلسطيني العادل في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ضد الاحتلال الصهيوني ومحاولات تهويد القدس.

واضاف البيان “تشهد فلسطين المحتلة وغزة وبشكل خاص مدينة القدس، مظاهرات جماهيرية عارمة تأييداً لحق المقدسيين في الدفاع عن منازلهم وممتلكاتهم وتمسكهم بأرض أجدادهم. لقد اندلعت المظاهرات في القدس ضد الهجوم البربري لمجموعات يهودية متطرفة رفعت شعارات تتضمن (الموت للعرب، القدس يهودية)”.

ونبه الشيوعي السوداني الى خطورة الوضع في مدينة القدس وحق سكان القدس في الدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم في وجه محاولات الاحتلال الصهيوني بمساندة امريكية وصمت عربي رسمي مريب للاستمرار في مصادرة وتدمير بيوت الفلسطينيين في القدس خاصة في حي الشيخ الجراح في القدس الشرقية.

وطالب الحزب على ضوء التطورات الخطيرة “السلطة السودانية بالتراجع عن سياسة التطبيع مع العدو الصهيوني وادانة الجرائم المتكررة التي تقوم بها دولة الاحتلال. كما طالب كل القوى السياسية السودانية بالتضامن مع الشعب الفلسطيني خاصة سكان القدس”.

امريكا: قوضنا النظام الدولي

وفي اعلان لافت، اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية، الجمعة، باتخاذ بعض الإجراءات التي أدت إلى تقويض النظام الدولي خلال السنوات الماضية.

جاء ذلك في تصريح لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال جلسة نقاشية لمجلس الأمن الدولي، بعنوان “صون السلم والأمن الدوليين”.

وقال بلينكن: “أعلم أن بعض أفعالنا في السنوات الأخيرة قوّضت النظام (الدولي) القائم على القواعد، وجعلت الآخرين يتساءلون عما إذا كنا لا زلنا ملتزمين بها؟”.

وأضاف “يجب على الجميع تحمل المسؤولية عن ولائهم للالتزامات التي قطعوها بشكل طوعي (..) ونطالب العالم أن يحكم على التزاماتنا من خلال أفعالنا.”

ومضى قائلا “انضممنا إلى اتفاقيات باريس المناخية مرة أخرى، وعدنا للعمل مع منظمة الصحة العالمية، ونعمل على العودة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.”

********************

الصفحة الخامسة

كانت الأحدث والأكبر على مستوى المنطقة في السبعينيات

4 مصانع في البصرة تنتظر صحوة حكومية لكسر نمطية الاقتصاد الريعي

بغداد ـ طريق الشعب

تنتظر محافظة البصرة، صحوة حكومية تنتشلها من شرنقة مستنقعات النفط، الذي لم يجن أهله سوى ملوثاته البيئية، حيث لا تزال نيران انتاج النفط، تزيد حياتهم جحيما.

هذه الصورة المأساوية يمكن لأربعة مصانع حكومية أن تمحوها من حياة البصريين، لكنها تحتاج الى إرادة سياسية جادة، تتولى تأهيل معامل (الأسمدة الكيماوية، الورق، البتروكيماويات والحديد والصلب)، التي كانت الأحدث والأكبر من نوعها على مستوى المنطقة، لكن معظمها معطل اليوم.

مصنع الورق

مصنع الورق هو أحد أهم المصانع الحكومية الكبرى في البصرة، ويعود تأسيسه إلى عام 1970، ويتكون من خمسة خطوط إنتاجية كانت تنتج آلاف الأطنان سنوياً من مختلف أنواع الورق، وعند إسقاط نظام صدام عام 2003، تعرض المصنع للنهب والتخريب، وبقي معطلاً منذ ذلك الحين مع احتفاظه بكوادره الهندسية والفنية الإدارية.

ويروي مدير المصنع رمضان عباس سلمان في حديث صحفي تابعته “طريق الشعب”، أن “محاولتنا لتشغيل المصنع جزئياً من خلال التعاقد مع شركة فرنسية لتأهيل ماكينة إنتاج الورق الصحي لم تتكلل بالنجاح، فالشركة انسحبت من العمل عام 2014 قبل إنجاز مشروع التأهيل بسبب قلقها من الأوضاع التي كانت سائدة في ظل الحرب ضد تنظيم داعش”، مضيفاً أن “نسبة إنجاز الماكينة 85 في المئة، وهي مصممة لإنتاج 16 طناً في الساعة، والسوق العراقية بحاجةٍ إلى أكبر من هذه الكمية بثلاثة أضعاف لتغطية الاستهلاك المحلي”.

ويعتقد سلمان أن “الحل الأمثل لإحياء المصنع هو عرضه للاستثمار ليتسنى للقطاع الخاص تأهيله وتشغيله، وتم اتخاذ قرار بهذا الصدد”، كاشفاً أن “دراسات الجدوى جاهزة، وقريباً سنعلن عن المشروع على أمل تلقي عروض وإجراء مفاوضات مع شركاتٍ أجنبية أو عراقية ترغب في الاستثمار في المصنع”.

وكان المصنع يعتمد على نبات القصب كمادةٍ أولية لإنتاج الورق، ولهذا كان محاطاً بمساحاتٍ شاسعة من مزارع القصب المتاخمة للأهوار، لكن هذه الأراضي تم تجفيفها عبر قطع المياه عنها، فخلت من القصب. وبحسب معاون مدير المصنع أحمد شريف المنصوري، فإن “المصنع في حال إعادة تشغيله سنلجأ إلى إعادة تدوير الورق المستهلك، ودوائر الدولة مُلزمة بتسليمنا مخلفاتها الورقية وفقاً لقرارٍ حكومي، وخزيننا من الورق المستهلك لا يقل حالياً عن أربعة آلاف طن”.

مصنع البتروكيمياويات

عند افتتاح مصنع البتروكيمياويات في أواخر السبعينات، كان من أضخم مصانع فئته في الشرق الأوسط، والفائض من إنتاجه كان يُصدر عبر الموانئ إلى دولٍ عدة. وعلى غرار مصنع الورق تعرض المصنع لأعمال تخريب خلال عام 2003 تسببت بتعطل خطوطه الإنتاجية، وبقي المصنع غير منتجٍ منذ ذلك الحين، ومطلع عام 2018 بدأت الحكومة خطواتٍ لإعادة تشغيله بنصف طاقته التصميمية.

ويفيد مدير الشركة العامة لصناعات البتروكيماويات عقيل المظفر في تصريح صحفي لوكالة “ اندبندت عربية” بأن “المصنع على وشك معاودة إنتاج الحبيبات البلاستيكية بطاقة 60 ألف طن سنوياً”، مضيفاً أن “المصنع قبل أن يعاود الإنتاج تلقى طلبات تجارية مسبقة بتجهيز كمياتٍ من الحبيبات، لأنها ستكون ذات جودة أعلى وأسعار أدنى من الحبيبات المستوردة”.

ويلفت المظفر إلى أن “الحكومة العراقية تخطط منذ أعوام لإنشاء مجمعٍ صناعيٍ جديد للبتروكيماويات في البصرة، وسيكون مصنعنا بمثابة حجر الزاوية لهذا المشروع في ضوء الخبرات الهندسية والفنية المتوافرة لدينا”، معتبراً أن “المشروع إذا ما أبصر النور سيضع العراق على مسار الدول الرائدة في صناعة البتروكيماويات، ويمكن أن يفتح الأبواب أمام العراق لتطوير صناعات استراتيجية أخرى”.

وكانت وزارة الصناعة وقعت اتفاقية مع شركة “شل” العالمية عام 2012 لبناء مجمع “النبراس” الصناعي للبتروكيماويات بطاقة إنتاجية تصل إلى مليون و800 ألف طن سنوياً، وبحسب تصريحات رسمية سابقة فإن المجمع الاستثماري سيكون رابع أكبر مصنع للبتروكيماويات في العالم، والأول على مستوى الشرق الأوسط، ولا تقل الكلفة الاستثمارية للمشروع عن 11 مليار دولار. ومن المتوقع أن يحقق أرباحاً سنوية تزيد على مليار دولار، ويوفر أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل مباشرة. لكن المشروع الذي من المخطط أن يستغرق تنفيذه خمسة أعوام لم يدخل حيز التنفيذ لغاية الآن.

مصنع الحديد والصلب

تعود بداية مصنع الحديد والصلب إلى عام 1974 عندما تعاقدت الحكومة العراقية مع شركة فرنسية لبنائه، وتم تشغيل معامله تدريجاً، ففي عام 1978 تم تشغيل معمل الصلب، وبعد عام معمل الدرفلة، ومطلع عام 1980 معمل الحديد الإسفنجي. وكان المصنع عند تدشينه أحد أهم ركائز الصناعة العراقية، ويغطي حاجة السوق العراقية من الحديد الإنشائي والحديد الإسفنجي والأنابيب الحديدية، لكن أجواء حرب الخليج الأولى أسفرت عن تعطيل المصنع من عام 1980 حتى 1987، ثم عاود الإنتاج بأقل من طاقته التصميمية، واستمر بالعمل لغاية 2003، إذ تعرض لأعمال تخريب أدت إلى تعطله.

وفي محاولةٍ متأخرة لإعادة تشغيل المصنع تعاقدت وزارة الصناعة والمعادن عام 2012 مع شركةٍ تركية لتجهيز ونصب أفران صهر ومعدات ومكائن جديدة بكلفة 700 مليون دولار، وكان من المقرر أن يُنجز المشروع خلال ثلاثة أعوام، لكن المشروع على أرض الواقع يسير ببطءٍ شديد لأسباب تتعلق بالتمويل. وتترقب إدارة المصنع قرضاً من الحكومة المحلية في البصرة لتمويل المرحلة الأخيرة من مشروع التأهيل. وفي حال حصولها على القرض فإن المصنع سيعاود الإنتاج أواخر العام الحالي بطاقة 600 ألف طن سنوياً.

وبغياب المصنع الحكومي عن حلبة المنافسة يشهد قطاع الحديد والصلب غزارة في الاستثمارات، فقد تم بناء مصنع أهلي عام 2013 بجوار المصنع الحكومي المعطل في منطقة خور الزبير، كما منحت هيئة الاستثمار في البصرة أواخر عام 2020 رخصة لشركة عراقية لبناء مصنع في المنطقة نفسها بكلفة 53 مليون دولار، وبطاقة 127 ألف طن سنوياً، وتعتزم إصدار رخصة أخرى لبناء مصنع أكبر بطاقة مليون طن سنوياً، لكن المصنع الحكومي القديم يتفرد بميزةٍ تنافسيةٍ تتجسد في امتلاكه خزيناً من الحديد الخردة يصل إلى مليون طن، ويمكنه بحكم عائديته الحكومية الحصول بسهولةٍ نسبية على إمدادات منتظمة من الحديد الخردة، بينما تواجه المصانع الأهلية المحلية تحديات في تأمين احتياجها من الحديد الخردة.

مصنع الأسمدة الكيماوية

مصنع الأسمدة الكيماوية هو أفضل المصانع الحكومية في البصرة، على الرغم من تهالك معظم آلاته ومرافقه الإنتاجية، فالمصنع أنشأته شركة “ميتسوبيشي” اليابانية عام 1977، ودخل طور التشغيل التجريبي عام 1980، وفي العام نفسه نشبت حرب الخليج الأولى، وأسفرت عن توقفه عن العمل، ثم عاود الإنتاج بعد انتهاء الحرب عام 1988، وهو يتكون من أربعة خطوط إنتاجية أساسية تبلغ طاقتها التصميمية مليون طن سنوياً.

ويقول مدير قسم الاستثمار في الشركة العامة للأسمدة الكيماوية بديع عبدالله أحمد، إن “المصنع أعيد تأهيل بعض خطوطه الإنتاجية عام 2015 بتمويل من قرضٍ ياباني مُيسر، وحالياً يُنتج بنسبة 60 في المئة من طاقته التصميمية”، موضحاً أن “الكميات المُنتجة من سماد اليوريا تُجهز بشكلٍ حصري لوزارة الزراعة، لكن خلال عام 2016 واجهنا مشكلة ناجمة عن عدم سحب المنتج من قبل الوزارة، ما أدى إلى تكدس 64 ألف طن من الأسمدة في المخازن، وعانينا من تسويقها على مدى ثلاثة أعوام”.

ويشير أحمد إلى أن “الشركة بصدد تشغيل خطٍ انتاجيٍ آخر متوقف حالياً، وعند تشغيله سيحقق العراق الاكتفاء الذاتي من سماد اليوريا”، مضيفاً أنه “خلال عام 2019 وقعنا عقد مشاركة مع شركةٍ بريطانية لإنشاء مصنع ملحق بمصنعنا لإنتاج سماد (DAP) الفوسفاتي للمرة الأولى في العراق، وبطاقة 500 ألف طن سنوياً، وهذه الكميات كافية لسد حاجة القطاع الزراعي من هذا النوع من الأسمدة، ومن المؤمل أن يفتتح المصنع الجديد قبل نهاية العام الحالي”.

ويرى اقتصاديون عراقيون أن مصانع البصرة الحكومية المعطلة في حال تشغيل خطوطها وتطويرها منشآتها وتحديث أنظمتها التكنولوجية يمكن أن تلعب دوراً محورياً في تبديد ظاهرة البطالة وتحسين الوضع الاقتصادي، كما يمكن أن تحد من نزف العملة الصعبة إلى الخارج، فالعراق يعتمد على الاستيراد في تغطية احتياجاته من معظم أنواع البضائع، ولذلك أدى قرار الحكومة أخيراً بتخفيض قيمة صرف الدينار مقابل الدولار إلى ارتفاع أسعار جميع أنواع البضائع في الأسواق، بما فيها المنتجات المحلية لأن تصنيعها يعتمد على آلات وموادٍ أولية مستوردة، وبذلك لا تستمد البصرة مكانتها الرسمية في الحاضر كعاصمة اقتصادية للعراق إلا من ثروتها النفطية الهائلة وموانئها التجارية النشطة، مع أنها كانت مدينة زراعية بامتياز، ومصانعها المعطلة شاهدة على أهميتها الصناعية المهدورة منذ 18 عاماً.

**************

متنفذون يعيقون انطلاق مشاريع تنموية تشمل الغاز والكهرباء والبتروكيماويات 

شركات كبرى تتجنب المنافسة على استثمار الغاز العراقي

بغداد ـ طريق الشعب

لم تبدِ الشركات الكبرى المتخصصة في استثمار الغاز المصاحب للنفط، رغبة واضحة للمنافسة على تطوير العمل في الحقول العراقية، ويعود ذلك الى جملة عوامل وأسباب داخلية وخارجية، بحسب ما حددها مسؤولون ومراقبون.

ومن جملة الاسباب الداخلية، التي تعيق استثمار الغاز، تتعلق بآلية اختيار وزراء النفط، على مدى الحكومات المتعاقبة، إذ يذكر نواب ان هذا المنصب لم يتقلده شخصية أكاديمية، انما وزراء يحملون أفكارا سياسية وليست اقتصادية، بحسب قولهم.

كما ان هناك جهات داخلية تستفيد من استيراد الغاز.

وخارجيا، يشير النواب الى أن بعضا من دول الجوار لا تريد جعل العراق دولة منتجة للغاز، وإبقاءها دولة مستوردة له.

وتفيد التقديرات الأولية لوزارة النفط بأن العراق يمتلك احتياطياً يقدر بنحو 132 تريليون قدم مكعب من الغاز، حيث أن نحو 70% من الغاز العراقي هو غاز مصاحب لاستخراج النفط لمعالجته، ويحل العراق المرتبة الحادية عشر بين دول العالم الغنية بالغاز الطبيعي.

وكان تقرير للبنك الدولي، نشر سابقا، أشار إلى وجود أربع بلدان من بينها العراق ما زالت تحرق الغاز، شملت كلا من روسيا والعراق والولايات المتحدة وإيران، مبينا أن ذلك يمثل 45% من جميع عمليات حرق الغاز عالميا لثلاث سنوات متتالية (2017-2019)”.

وبحسب البنك الدولي، يجري حرق الغاز المرتبط باستخراج النفط، بسبب القيود التقنية أو التنظيمية أو الاقتصادية أو بسببها كلها، مشيرا الى ان “ذلك يؤدِّي إلى إطلاق أكثر من 400 مليون طن من مكافئ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام، وتبديد مورد ثمين، إضافة إلى أنه يُخلِّف آثارا ضارة بالبيئة من جراء انبعاثات غاز الميثان غير المحترق والكربون الأسود”.

وبينما يدفع العراق مبالغ كبيرة في استيراد الغاز الطبيعي من إيران، فإنه يحرق 10 أضعاف الكميات التي يستوردها منها، وذلك بحسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وبهدر يصل إلى 2.5 مليار دولار سنويا.

مشاريع عملاقة

وزير النفط إحسان عبد الجبار، كشف في تصريحات صحفية تابعتها “طريق الشعب” عن وجود “مشروع عملاق تقوده (شركة غاز البصرة) لبناء منشآت جديدة وهي قيد تنفيذ مرحلتها الأولية وهو إنتاج 400 مليون متر مكعب قياسي، وصولا فيما بعد إلى 1000 مليون قدم مكعب قياسي”.

وأضاف عبد الجبار، أن “هناك مشاريع أخرى في محافظة ميسان لمعمل غاز بطاقة إنتاج 300 مليون متر مكعب قياسي، وآخر في محافظة ذي قار لمعمل غاز لإنتاج 200 مليون متر مكعب قياسي”.

وينتج العراق معظم الغاز الذي يحصل عليه من النفط المصاحب بعد ان تعاقد مع شركات عملاقة لإنتاجه، في حين ما زالت الحقول الغازية الطبيعية بعيدة عن الاستثمار.

وفي هذا الإطار، أوضح وزير النفط أن “الوزارة أجرت قبل عام مناقصة جديدة للاستثمار في حقل المنصورية الغازي، إلا أن الشركات الكبرى مثل (توتال، إكسون موبيل، ايني، وشيفرون) لم تبد رغبتها في التنافس على تطوير الحقل بسبب المشكلات الأمنية”، مبينا أن “الشركات التي تتنافس على الحقل حاليا هي من المستوى الثاني”.

شح المال

بدوره، رأى أستاذ هندسة النفط في جامعة بغداد، محمد صالح الجواد في حديث صحفي لوسائل اعلام محلية ، أن “بناء معامل لإنتاج الغاز التي تتكون من معامل تحلية وإزالة المياه وكبس الغاز، تحتاج إلى أموال كبيرة، وبالتالي فإن الموازنة غير قادرة على تخصيص مثل هذه الأموال مما يدفع العراق للاستعانة بالشركات العالمية لبناء هكذا معامل”.

وقال صالح الجواد، إن “مشكلة بناء هذه المعامل في العراق هي ليست مشكلة تكنولوجية بقدر ما هي مالية”، لافتا إلى أن “معظم الغاز المستخرج هو مصاحب للنفط، حيث أن كل مليون برميل من النفط يتم الحصول على نصف الكمية من الغاز”.

وأشار إلى أن “عملية فصل الغاز واستخراجه تتم حاليا، لكن العراق ما زال يقوم بحرق نصف هذا الغاز المصاحب”.

إهمال للثروة

عضو لجنة النفط والطاقة، في البرلمان، غالب محمد، نوه بدوره إلى وجود “أسباب داخلية وخارجية تعيق استثمار الغاز في العراق”، مبينا أن “أهم الأسباب الداخلية تعود إلى أن الوزراء الذين تقلدوا منصب وزارة النفط ليسوا أكاديميين وأفكارهم سياسية وليست اقتصادية حيث يعملون على زيادة النفط ويهملون إنتاج الغاز الطبيعي”.

وبين محمد في حديث صحفي، أن “العامل الخارجي يكمن في أن دول الجوار لا تريد جعل العراق دولة منتجة للغاز، وإبقاءها دولة مستوردة له، فضلا عن وجود جهات أخرى تستفيد من استيراد الغاز”.

ولفت إلى أن “العراق يمتلك احتياطيات غازية هائلة سواء كان هذا الغاز مصاحبا ام طبيعيا. وبالإمكان في حال استثماره بشكل صحيح، ان يحقق الاكتفاء الذاتي منه، وحتى تصدير الفائض منه للخارج”.

معوقات انتاج الغاز

من جهته، أكد الخبير النفطي حمزة الجواهري، أن “هناك مشاريع كبيرة تجرى حاليا في العراق أدت لمعالجة الغاز الذي يحرق”، مشيرا إلى أن “وزارة النفط ستشرع بزيادة انتاج الغاز المصاحب للنفط بعد الزيادات المتوقعة في الانتاج النفطي خلال الفترة المقبلة، فضلا عن استثمار الحقول الغازية الطبيعية في المنصورية في ديالى وعكاز في الأنبار”.

وتطرق الجواهري، إلى أبرز معوقات إنتاج الغاز في العراق، بالقول إن “التدخلات الكثيرة من قبل بعض المتنفذين او المليشيات أو ما تسمى “الدولة العميقة”، تعيق أي مشروع تنموي بالعراق ومنها الغاز والكهرباء وإنشاء المصافي والبتروكيماويات”.

وتابع أن “هناك آلاف الشركات العالمية الراغبة بالاستثمار في العراق، إلا أن هناك من يعرقل قدوم هذه الشركات لأسباب عديدة منها داخلية وأخرى خارجية”.

اتفاقيات جديدة

وبعد تصاعد الاهتمام بالغاز عالميا من باب تقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ارتفعت أسهم الغاز، نظرا لما يتسم به من خصائص اقتصادية وبيئية جعلته مادة أولية في صناعات مهمة، زد على ذلك خفته على البيئة ما دفع وزارة النفط للاتجاه نحو زيادة إنتاج الغاز وخاصة ان العراق يحتاج إلى الغاز الجاف لتشغيل محطاته الكهربائية الذي يستورده من دول الجوار.

ووقع العراق وعملاق الطاقة الفرنسية توتال في 29 آذار الماضي اتفاقية ثنائية في مجال الغاز تهدف لاستثمار 1000 ميغاواط من الغاز.

واكد وزير النفط رئيس المجلس الوزاري للطاقة احسان عبد الجبار، الاتفاقية ستبدأ، وتوتال ستنشئ مجمع غاز ارطاوي بطاقة 600 مقمق / يوم و على مرحلتين لكل مرحلة 300 مقمق / يوم من حقول غرب القرنة 1 ، مجنون ، بن عمر ، ارطاوي، طوبى، صبة، لحيس”.

وهذه الاتفاقية التي تشير الى عودة قوية لعملاق الطاقة توتال بعد مائة سنة من الابتعاد عن الاستثمار في العراق، تشكل خطوة مهمة في مجال تطوير قطاع الغاز العراقي الواعد.

وكانت وزارة النفط قد وقعت عقداً، في (23 تشرين الثاني 2011)، مع شركة شل لمعالجة الغاز المصاحب للنفط في الحقول النفطية الجنوبية بعد موافقة مجلس الوزراء في (15 من تشرين الثاني 2011)، على تأسيس شركة غاز البصرة التي ستتولى معالجة الغاز المصاحب للنفط من حقول الرميلة والزبير وغرب القرنة بالمشاركة بينها وشركة غاز الجنوب المملوكة لوزارة النفط بنسبة 51% وشركتي رويال داتش شل 44% وميتسوبيشي اليابانية بنسبة 5%.

**************

الصفحة السادسة 

في مواجهة عمليات تزوير التاريخ ونشر الأوهام

في يوم التحرير ..  ليتواصل النضال ضد الفاشية

ومن أجل الديمقراطية والتسامح

رشيد غويلب

قبل 76 عاما، في الثامن من أيار حسب تقويم وسط أوربا، والتاسع من أيار حسب التوقيت الروسي، انتهت الحرب العالمية الثانية في أوربا باستسلام المانيا النازية. لهذا فان هذا اليوم من أيار هو يوم انتصار الحرية على الفاشية والعنف، وقد تحقق هذا النصر بفضل تحالف قوى عالمية واسعة، كان الدور الرئيس فيها لشعوب الاتحاد السوفيتي وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة وفرنسا، وللمقاومة ضد الفاشية في أوربا والصين وشرق آسيا، والتي كان الشيوعيون يشكلون قوتها الأساسية.

ويجرى استذكار المناسبة هذا العام والاحتفال بها، فيما قوى السلام والتقدم في العالم تستعد لاحياء الذكرى الـ 80 لغزو المانيا النازية للاتحاد السوفيتي في 22 حزيران 1941، ذلك الاعتداء الاجرامي الذي شكل نقطة تحول نوعية في مسار الحرب، وكان في الوقت نفسه بداية النهاية للنازية والفاشية والعسكرية اليابانية. فالغزو الذي اعتقد هتلر في البداية أنه سيكون نزهة تحقق أحلامه المريضة، تحول إلى كابوس بالنسبة لنظامه، وانتهى بدخول الجيش الحمر برلين واسقاط نظامه العدواني.

لقد أدت الحرب العالمية الثانية إلى سقوط أكثر من 60 مليون ضحية من العسكريين والمدنيين، كان نصيب الاتحاد السوفيتي منها 20 مليونا على الأقل. وشكلت وحشية النازيين وحلفائهم وصمة عار في تاريخ البشرية، وشملت جرائم الإبادة الجماعية التي اقترفوها ملايين الأبرياء في أوربا، لأسباب عرقية ودينية وثقافية، ولهذا فمن الضروري ان تبقى الذاكرة الجمعية للشعوب حية ولا تنسى ما حدث.

وكانت معالم خطر صعود الفاشية قد تشكلت في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين، في سياق الكساد الاقتصادي العظيم، وبدعم من قوى الرأسمالية المهيمنة في أوربا ، التي شجعت هجومها ضد جبهة الديمقراطية والسلام، وبهدف القضاء على دولة البديل الاشتراكي في الإتحاد السوفيتي.

وسوف لن ينسى التاريخ ممهدات هذه الحرب التي تمثلت في الانقلاب الفاشي في ايطاليا واحراق الرايشتاغ (البرلمان الالماني) في برلين، وغزو الحبشة وحرب الغازات فيها، والانقلاب الفاشي في اسبانيا، ومعاهدة الخيانة في ميونخ في ايلول 1938، التي عقدت في 30 ايلول 1938 بين ألمانيا النازية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا الفاشية،.

وتحتفل قوى اليسار والسلام والتقدم والنقابات والحركات الاجتماعية، وكل المناضلين من أجل عالم أفضل، بيوم الانتصار على الفاشية باعتباره انتصارا للحياة على الموت. وكانت محاكمات نورنبيرغ بعد الحرب محطة تاريخية أصدر فيها العالم قراره بحق الفاشية. ووجد شعار “لا للحرب.. لا للفاشية ثانية” صدى واسعا في العالم. ومثّل عام 1945 عام انجاز كبير لصالح قوى الديمقراطية والتقدم، على طريق نضالها ضد القوى الرجعية والمحافظة.

وعندما تنشر هذه السطور تكون الاحتفالات بيوم النصر قد عمت مناطق واسعة من العالم، لكن الاحتفال في روسيا الاتحادية وألمانيا يكتسب أهمية خاصة تاريخيا وسياسيا وثقافيا، انطلاقا من  أن روسيا الاتحادية هي وريث الاتحاد السوفيتي في النظام الدولي السائد، وبالتالي فهي حريصة على تسليط الضوء على انتصارات الجيش الأحمر ونضالات شعوب الاتحاد السوفيتي التي تحملت القسط الاكبر في مواجهة الغول النازي. ومن جانب آخر يلعب الدفاع عن تقييم تاريخي موضوعي دورا في الصراعات الجيوسياسية المتصاعدة مع الغرب الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي المانيا يمثل الاحتفال بالانتصار على الفاشية مناسبة لتأكيد الدفاع عن القراءة التاريخية الصحيحة لمسار الحرب، ولمسؤولية النظام النازي عن اندلاعها وجرائمه المروعة. وهو ضروري لمواجهة سعي اليمين التقليدي والمتطرف وكل القوى المحافظة  أو التي ما زالت تعتبر الانتصار على الفاشية هزيمة قومية المانية.

 وفي هذا السياق جاءت التصريحات الصادرة من قوى اليسار الجذري في المانيا على اختلاف مشاربها الفكرية، منسجمة في المشترك المتمثل في الدعوة إلى اعتبار الثامن من أيار يوم عطلة واحتفال رسميين، باعتباره يوما للتحرر من الفاشية، في حين تصر قوى معسكر اليمين وقوى واسعة في الوسط، باستثناء حزب الخضر، على رفض هذا المطلب الذي تطرحه الكتلة البرلمانية لحزب اليسار في البرلمان الاتحادي الالماني مرارا وتكرارا. والاستثناء الوحيد هنا هو قرار برلمان ولاية برلين في عام 2020، بمناسبة الذكرى الـ 75 للانتصار على الفاشية، اعتبار هذا اليوم يوم عطلة رسمية لمرة واحدة فقط.

يذكر أن حزبي اليسار والخضر طرفان في التحالف الحاكم في الولاية بزعامة الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

وفي عام 1985 استذكر الرئيس الالماني آنذاك ريتشارد فون فايتسكر، الذي خدم كضابط في الجيش النازي خلال سنوات الحرب، استذكر يوم 8 أيار باعتباره “يوم التحرير من النظام اللاإنساني للاستبداد الاشتراكي القومي” (اي النازي).

وبالإضافة إلى ذلك تشدد قوى اليسار على أن يوم التحرير هو تفويض لمكافحة كل أشكال العنصرية والفاشية، ولمواجهة محاولات تحريف التاريخ ونشر الأوهام. وأن نهاية الحرب العالمية الثانية كانت محفزا قويا للنضال ضد الحرب والنزعة العسكرية.

ويذكًر اليسار بان خطر اليمين المتطرف والنازية ما زال قائما، وما زال الناس يعيشون في خوف جراء جرائمه، وينكشف المزيد والمزيد من التفاصيل المخيفة حول شبكات الإرهاب اليمينية. ولا يزال الكثير من الناس يعانون من الإقصاء والعداء والحرمان بسبب أصلهم او مظهرهم او جنسهم او دينهم وخصوصياتهم. وتعمل قوى اليسار للتغلب على هذه الانقسامات، والاعتراف والالتزام بحقوق واحتياجات جميع الناس على قدم المساواة.

***************

الشيخ جراح: مقاومة التطهير العرقي .. قصص معاناة وصمود

د. ماهر الشريف

منذ مطلع شهر أيار/مايو الجاري، تواجه أربع عائلات فلسطينية، أو 30 شخصاً، خطر الطرد من منازلهم في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، بعد أن رفضت محكمة إسرائيلية، في منتصف شباط/ فبراير الفائت، الالتماسات التي قدمتها ضد قرارات إجلائها من الحي.

كما من المتوقع أن تعاني ثلاث عائلات أخرى من المصير نفسه في مطلع شهر آب/أغسطس القادم، بعد أن رفضت محكمة إسرائيلية كذلك استئنافاً تقدمت به هذه العائلات ضد قرار إخلاء منازلها في الحي لصالح المستوطنين. وتمثّل عمليات الطرد هذه وما يتلوها من إحلال المستوطنين اليهود في الممتلكات المسروقة من الفلسطينيين جزءاً من الخطة التي وضعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتعزيز الأغلبية اليهودية في المدينة.

قصة حي الشيخ جراح

يسكن حي الشيخ جراح في مدينة القدس الشرقية المحتلة لاجئون فلسطينيون طردتهم المليشيات الصهيونية من بلداتهم وقراهم خلال نكبة 1948. وكانت الحكومة الأردنية قد توصلت في سنة 1956 إلى اتفاق مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ، قضى بتوطين 28 عائلة فلسطينية من هؤلاء اللاجئين في القدس وتزويدها بالمساكن، التي بنتها الحكومة الأردنية، على أن يتم نقل ملكية العقارات تلقائياً إلى أسمائهم بعد موافقتهم على التخلي عن صفة لاجئين، بحيث أصبح السكان، في سنة 1959، أصحاب عقاراتهم. ونمت هذه العائلات الـ 28 منذ ذلك الحين لتصل إلى حوالي 72 عائلة ونحو 550 شخصاً، غالبيتهم من الأطفال.

بيد أنه بعد قيام إسرائيل باحتلال القدس الشرقية خلال عدوان حزيران/يونيو 1967، فوجئ سكان الشيخ جراح في سنة 1972 بحصول منظمات استيطانية يهودية على ملكية أرض في منطقة كرم الجاعوني في الشيخ جراح، وطالبت هذه المنظمات بإخلاء أربع عائلات فلسطينية تقطن على هذه الأرض. وكان قانون أملاك الغائبين الصادر سنة 1950 قد مكّن الحكومة الإسرائيلية من مصادرة ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين “الغائبين”، على الرغم من منعهم من العودة، كما سمح قانون صدر سنة 1970 وحمل اسم “ قانون الشؤون القانونية والإدارية”، للمستوطنين اليهود بالاستيلاء على أملاك فلسطينية في القدس الشرقية إذا تمكنوا من “إثبات” أن عائلاتهم كانت تعيش في هذه المدينة قبل حرب سنة 1948، وهو أمر لم يكن صعباً عليهم[1].

وفي سنة 2001، جرت أول محاولة للاستيلاء على منازل فلسطينية في كرم الجاعوني، عندما اقتحم نشطاء من اليمين اليهودي المتطرف منزلًا ورفضوا مغادرته. ثم صدر في سنة 2008، حكم من إحدى المحاكم الإسرائيلية قضى بأن جزءاً من حي الشيخ جراح “كان مملوكاً لليهود السفارديم الذين استقروا هناك خلال العهد العثماني”، في وقت سعى فيه عدد من المستثمرين الإسرائيليين والأميركيين، المدافعين عن “القدس اليهودية”، إلى شراء ممتلكات فلسطينية في الحي. وفي شباط/فبراير 2010، صادق مجلس بلدية القدس على مشروع لبناء 16 وحدة سكنية للمستوطنين الإسرائيليين في الشيخ جراح [2].

تجارب معاناة الفلسطينيين

تمثل تجربة نبيل الكرد الشخصية مع الاحتلال الإسرائيلي خير مثال على معاناة الفلسطينيين على أيدي المستوطنين. فهذا الفلسطيني السبعيني، الذي يعاني من خطر الطرد من الحي، بنى في سنة 2001 منزلًا مجاوراً للمنزل الذي كان يمتلكه بالفعل، قبل أن تصادر سلطات الاحتلال الإسرائيلي المفاتيح وتمنعه من الانتقال إليه. وفي سنة 2009، وصل مستوطنون مسلحون واحتلوا المنزل، فنصب خيمة عند مدخل المنزل صار يتردد عليها نشطاء فلسطينيون وأوروبيون ويهود للتعبير عن دعمهم له. لكن المستوطنين قاموا بمضايقتهم، ورشّوهم باللبن الزبادي، ورشقوا عليهم الفاكهة والخضار المتعفنة والقمامة. وبعد خمس سنوات أضرم المستوطنون النار في الخيمة، ولم تتوقف المضايقات ضد الأسرة حتى بعد أن أنهت اعتصامها.

ويقول نبيل لموقع Middle East Eye: “كان المستوطنون يجردون أنفسهم من ملابسهم ويقفون عند النوافذ المطلة على منزلنا؛ فكان عليّ تعليق قطعة من القماش لحماية زوجتي وبناتي”. ويؤكد الرجل أن المستوطنين ليس لديهم أي دليل على امتلاكهم هذه الأرض ويسعون لإخراج الفلسطينيين منها تماشياً مع سياسة التهويد الإسرائيلية في القدس الشرقية. ويقول إن سكان الحي لا يملكون أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم ما لم يلجأوا إلى القانون، لكن هذا المسار محفوف بالعقبات بعد أن “أظهر نظام العدالة الإسرائيلي بشكل متكرر تحيزه لصالح المستوطنين”. وكانت قريبة له تدعى فوزية الكرد، المعروفة باسم أم كامل الكرد، قد طردت قسراً من كرم الجاعوني في سنة 2008، فصارت تزور الحي ثلاث مرات في الأسبوع وتمشي أمام منزلها، الذي يسكنه المستوطنون حالياً، لإظهار صمودها وتأكيد رفضها للتخلي عنه.

وتقول: “عشت في هذا المنزل أربعين سنة. كانت السنوات الخمس الماضية هي الأصعب حيث استولى الإسرائيليون على نصف منزلي بالقوة قبل أن يرموني في الشوارع مع زوجي المريض. وعلى الرغم من ذلك، لم أستسلم وعشت في خيمة بجوار منزلي لمدة عام كامل”.

أما كرمل القاسم ، أحد منسقي حملة #SaveSheikhJarrah ، الذي يعيش في الحي، فيؤكد أن عائلته مُنحت حتى أوائل أيار/مايو الجاري لمغادرة المنزل الذي عاشوا فيه منذ سنة 1956.

ويشير إلى أن الهدف من هذه الحملة لإنقاذ الحي من التهويد هو إيصال صوت سكان كرم الجاعوني ومعاناتهم إلى بقية العالم وتوليد ضغط سياسي دولي لإنهاء تهجير وتشتيت سكانها مرة أخرى”. وقال “مطلبنا الوحيد هو السماح لنا بالعيش بسلام في منازلنا مثل أي أسرة عادية في أي مكان في العالم، دون أن نكون مهددين بالإخلاء والتشريد”. ويضيف أنه “لن يتنازل عن حقه في مقاومة سياسة الإخلاء وسيواصل السير على خطى والدته الراحلة أمل القاسم اللاجئة التي طردت من يافا عام 1948”. بينما قال عارف حماد، عضو لجنة إسكان اللاجئين التابعة للشيخ جراح ، لموقع Middle East Eye “إن عائلات السكافي والقاسم والكرد والجاعوني وحماد والداودي والدجاني يستأنفون أمام المحكمة الإسرائيلية العليا، وهي الملاذ الأخير في معركة قانونية ضد مذكرات الإخلاء الصادرة في الدرجة الأولى”. ووفقاً له، ، فإن 169 من سكان الحي تلقوا إخطارات إخلاء، بينهم 46 طفلاً من 12 عائلة[3].

المحاكم الإسرائيلية أداة طرد الفلسطينيين

في كانون الثاني/يناير 2021، اعتبر مايكل لينك، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1967، أن أوامر الطرد التي تصدرها المحاكم الإسرائيلية ترقى، عندما تنفذ، إلى مستوى انتهاك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، “لحظر التهجير القسري للسكان المحميين بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة”، مؤكداً أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، لضمان احترام إسرائيل الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القدس الشرقية.أما منظمة “السلام الآن” الإسرائيلية فهي ترى أن المحاكم التي تصدر أوامر الطرد هذه ليست “سوى الأداة التي يستخدمها المستوطنون، وبدعم وثيق من سلطات الدولة، لارتكاب جريمة تهجير مجتمع بأكمله واستبداله بمستعمرة واحدة”، مضيفة أنه “لا توجد مشكلة لدى الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين في ترحيل آلاف الفلسطينيين باسم “حق العودة”، بينما يؤكدون بشكل قاطع أن آلاف الإسرائيليين الذين يعيشون على أراض مملوكة للفلسطينيين قبل عام 1948 لا يمكن ترحيلهم؛ لم يكن هناك مثل هذا الترحيل من القدس منذ طرد حي المغاربة لتوسيع ساحة الحائط الغربي في عام 1967 “.

ووفقًا لتقارير أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ، فقد زادت في الآونة الأخيرة طلبات الإخلاء القسري من منظمات المستوطنين، إذ إن هناك في الوقت الحالي نحو 877 شخصاً من بينهم 391 طفلاً، معرضون لخطر الإخلاء القسري نتيجة هذه المطالب، وأن عمليات الإخلاء القسري في القدس الشرقية تطال مئات العائلات الفلسطينية، بما في ذلك في البلدة القديمة وأحياء الشيخ جراح وسلوان.

وتؤكد هيئة الأمم المتحدة أن ما يدور من أحداث في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، وتعرض أسر فلسطينية لخطر الطرد، “هو غير قانوني بموجب القانون الدولي”. وبحسب ستيفان دوجاريك الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فإن موقف المنظمة الدولية “لم يتغير، إذ إن جميع الأنشطة الاستيطانية، بما فيها الإجلاء والهدم هي غير قانونية بموجب القانون الدولي”، وأن قرار مجلس الأمن رقم 2334، الصادر في أواخر سنة 2016، طالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، مشدداً على أن المجتمع الدولي لن يعترف بأي تغيير يطرأ على حدود 1967 بما فيها ما يتعلق بالقدس، “باستثناء أي اتفاقيات تتوصل إليها الأطراف عبر مفاوضات”[4].

مقاومة مستمرة ضد عمليات الطرد

وتندلع منذ سنوات احتجاجات أسبوعية في حي الشيخ جراح يشارك فيها ناشطون وسكان فلسطينيون ومتضامنون يهود وأجانب. وفي الأسبوع الأخير من شهر نيسان/أبريل الفائت، كان الحضور في هذا الحدث الأسبوعي أكثر من المعتاد، إذ شارك المئات من النشطاء اليساريين اليهود إلى جانب الفلسطينيين في مظاهرة تصدت لها الشرطة الإسرائيلية بوحشية، وشهدت المظاهرة مشاركة نائب الكنيست عن القائمة المشتركة عوفر كاسيف الذي ضُرب بقسوة من قبل ضباط الشرطة، التي أعلنت أنها فتحت تحقيقاً في الحادثة، لكن كاسيف قال لتايمز أوف إسرائيل إنه يشك في أن يؤدي التحقيق إلى أي شيء، لأن التحقيقات الداخلية “منحازة لصالح إرهابيي المستوطنين”[5].

وفي مساء يوم الاثنين في 3 أيار/مايو الجاري وقعت صدامات بين محتجين وقوات الشرطة الإسرائيلية على هامش مظاهرة دعم لعائلات فلسطينية مهددة بالطرد لصالح مستوطنين يهود، جُرح خلالها عشرة أشخاص، وأعلنت الشرطة أن المتظاهرين عرقلوا السير ورموا حجارة وزجاجات الماء على أفرادها. وقال صحافي في وكالة فرانس برس إن قوات الأمن، بما في ذلك شرطة الخيالة، فرقت المتظاهرين برش الماء عليهم[6].

[1] https://french.palinfo.com/news/2021/3/12/Un-plan-isra-lien-pour-tablir-deux-projets-juda-ques-dans-le-quartier-de-Sheikh-Jarrah-J-rusalem

[2] https://www.streetpress.com/sujet/1799-a-sheikh-jarrah-un-quartier-palestinien-de-jerusalem-est-les-constructions-israeliennes-vont-commencer

[3] https://www.middleeasteye.net/fr/reportages/jerusalem-sauver-sheikh-jarrah-palestiniens-colons-israel-expulsions

[4] https://haitiliberte.com/arretez-lexpulsion-des-familles-palestiniennes-du-quartier-de-cheikh-jarrah-a-jerusalem-est/La bataille de Jérusalem

[5] https://fr.timesofisrael.com/protestation-contre-les-expulsions-et-les-violences-policieres-a-jerusalem-est/

[6]https://www.journaldemontreal.com/2021/05/04/jerusalem-arrestations-lors-dune-manifestation-contre-leviction-de-palestiniens

* مؤسسة الدراسات الفلسطينية

** موقع “حزب الشعب الفلسطيني”

****************

الأمم المتحدة: القدس الشرقية أرض

فلسطينية وفق القانون الدولي

جنيف – وكالات

حثت الأمم المتحدة، إسرائيل على "الوقف الفوري لجميع عمليات التهجير القسري ضد الفلسطينيين، خاصة في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية"، محذرة من أن هذه الإجراءات "قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب".

وأشار المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، روبرت كولفيل، أثناء مؤتمر صحفي عقده، مساء السبت في جنيف، إلى أن "الأوامر بتنفيذ عمليات التهجير، إذا صدرت ونفذت، ستمثل انتهاكا من قبل إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي."

وتطرق المسؤول الأممي إلى القانونين اللذين تستند إليهما إسرائيل في تنفيذ عمليات التهجير القسري، هما قانون أملاك الغائبين وقانون الأمور القانونية والإدارية لعام 1970، لافتا إلى أن إسرائيل تطبقهما بطريقة تمييزية، بناء على جنسية المالك أو أصله، ما يتيح لها عمليا نقل سكانها إلى القدس الشرقية المحتملة.

وتابع انه "يحظر نقل مجموعات من السكان المدنيين التابعين للسلطة القائمة بالاحتلال إلى الأراضي التي تحتلها بموجب القانون الإنساني الدولي، وقد يرقى ذلك إلى مستوى جريمة حرب."

وحذر كولفيل من أن "970 فلسطينيا على الأقل منهم 424 طفلا، يواجهون خطر التهجير بموجب دعاوى إخلاء رفع معظمها بمبادرة من جمعيات استيطانية"، مضيفا انه "نظرا للمشاهد المثيرة للقلق في الشيخ جراح خلال الأيام الماضية، نود التأكيد على أن القدس الشرقية تظل جزءا من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويسري عليها القانون الإنساني الدولي".

وطالب المتحدث السلطات الإسرائيلية بـ"احترام القانون والممتلكات الخاصة في الأراضي المحتملة"، مشددا على أنه "لا يجوز لإسرائيل فرض قوانين خاصة بها في الأراضي المحتلة لطرد السكان الفلسطينيين من منازلهم".

*****************

الصفحة السابعة 

احتراق الممتلكات العامة بين تدني الأداء الوظيفي وفساد الذمم

خليل ابراهيم العبيدي

منذ خمسينات وستينات القرن الماضي، ونحن نتابع تطور الأداء الوظيفي في العراق، وقد كنا في خضم الوظيفة العامة، لم نسمع أو نشاهد تعرض مرفق عام للاحتراق أو السرقة، ربما حصل ما هو نادر، ولكن أن يتحول إلى ظاهرة كما هي الحال بعد عام 2003، فهذا موضوع بحاجة للتأمل والاستقصاء. وقبل الدخول في تفاصيل بحثنا هذا نود أن نذكر وزارة الصحة بحريق مستشفى اليرموك الذي أدى بحياة ثلاثة عشر طفلا خديجا وجرح عدد آخر، وذلك حسب الناطق باسم وزارة الصحة آنذاك، وقال الناطق إن الحرق كان متعمدا وذلك بسبب استعمال مواد حارقة، ولم تقدم وزيرة الصحة آنذاك أي اعتذار أو الاستقالة ، كما قدمها وزير الصحة الاردني جراء وفاة ستة مرضى بكورونا لعدم توفر غاز الأوكسجين ، أننا هنا لا نتطرق إلى ثقافة الاستقالة بقدر تطرقنا إلى نتائج التحقيق، واليوم يصعق العراق بحريق مستشفى ابن الخطيب ومقتل 82 مريضا وجرح 110 ، والسؤال هنا لا يوجه فقط إلى وزارة الصحة، بل قبلها إلى وزارة الداخلية، شرطة الحراسات الخاصة والدفاع المدني، فلقلة احترام المواطن المراجع للقانون ولتهاون الشرطي المسؤول تجد أن المستشفيات والدوائر الحكومية كافة صارت مقاهي لكل من هب ودب، وكان على مديرية الدفاع المدني أن لا تغادر هذه المستشفى وغيرها من دوائر الدولة إلا وقد تم تنفيذ تعليماتها، وهنا أود أن اذكر هذه المديرية بأن موظفيها في السابق كانوا يتعايشون معنا في الحفاظ على الأموال العامة ومخازن حفظ هذه الأموال، وهنا أود أن أقول إن الوظيفة العامة بقوانينها لم تعد ترهب الموظف بل على العكس صار الموظف هو من تخاف منه الدائرة أو الوظيفة لانتمائه إلى هذا الحزب أو تلك الكتلة، كما أن القضاء لم يعد قضاء العراق المعروف بل قام بالسير إلى جانب المتنفذين الذين أغلقوا قضية حرق البنك المركزي، أو ترك دون حساب معلن لمن تسبب بتسرب المياه التي أدت إلى اتلاف سبعة مليار دينار، أو لم تعرض على العامة نتائج تحقيق احتراق طابق العقود في وزارة النفط، ، أو لم يشر أحد إلى حريق هيئة التقاعد العامة يوم الجمعة الموافق 19 آذار 2021 . نعم يوم الجمعة حيث لا تجد مراجعين، أو حريق وزارة الصناعة المسكوت عنه أو حريق شركة الصناعات البتروكيماوية، أو لمن يريد المزيد نذكر كل مسؤول شريف بحريق مخزن وزارة التجارة في الرصافة الذي كان يضم صناديق الاقتراع الخاصة بانتخابات عام 2018، اننا لا نريد فتح الجروح، ولكن نسعى إلى مداواة واقع بلدنا المؤلم الذي صار بلد الالغاز واعذار تسرب الغار او اعذار التماس الكهربائي.

إن ارتفاع مناسيب الاحتراق في الممتلكات العامة ناجم عن تدني منسوب الوطنية ووضاعة الوظيفة أو تدني مستوى شاغلها من حيث الكفاءة والإخلاص أو القدرة على استيعاب مهام عمله والكل العامل يشترك في ذلك، وهذه العوامل يغلفها من الخارج الفساد الذي بات يبطش في كل مرافق الدولة وصار الموظف الصغير فاسدا ومدير القسم محابيا والمدير العام متواطئا والوزير مزورا، وصار الحريق وسيلة لإخفاء الشواهد وصارت اللجان التحقيقية تدافع عن السارق، والقضاء لم يعد قادرا على اكتشاف الحقائق، ولم يعد الشعب المسكين قادرا على إطفاء كل هذه الحرائق..  

*****************

دولة مكونات أم دولة مواطنة؟

منعم جابر

عشنا تجربة الجمهورية الأولى بعد ثورة 14 تموز 1958 وتفاعلنا معها وصفقنا لها واعجبنا بزعيمها وقادتها لمواصفاتهم الوطنية العالية ونزاهتهم النموذجية، وعاش الشعب العراقي اياماً تاريخية وتفاعل مع الثورة وايامها وكانت فعلاً تجربة وطنية صادقة جاءت للشعب ومن أجله، عرباً وكرداً وتركماناً وصابئة وآثوريين وايزيديين، وكل اطياف الشعب.  سمعت وقتها أن زعيم الجمهورية الأولى كان يسعى لتسمية رئيساً لجامعة بغداد فوقع اختياره على العالم الدكتور عبد الجبار عبد الله (العراقي الصابئي) وقد أثار هذا الاختيار حفيظة بعض من رجال الدين والمتعصبين وبعض (القومجية)، لأن هذا العالم كان صابئياً. فقال زعيم الثورة للمعترضين: “هل عينت هذا الرجل إماماً لمسجد؟”، انه شخصية وطنية عراقية وعالم في الفيزياء ويحمل شهادات عليا في العلوم واستاذه العالم انيشتاين، وكان في حينها استاذاً في إحدى الجامعات الامريكية وقد قدمت له اغراءات مالية للبقاء في الولايات المتحدة، إلا أنه رفض كل هذه الاغراءات وعاد إلى وطنه ليخدم الثورة والجمهورية الناشئة، وفعلاً عيّن الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيساً لجامعة بغداد.

هكذا يتوجب أن يفكر الوطنيون في بناء دولتهم، فالمواطنون سواسية على اختلاف اديانهم ومذاهبهم وقومياتهم وعشائرهم ومدنهم، حيث يفترض وضع الكفاءة وأداء الواجب الوطني في المقام الأول. اما اليوم فقد ذهب المخلصون والأوفياء وتراجعت حصتهم وسادت توجهات جديدة وأصبحت الطائفية والعشائرية والقومية والمناطقية والحزبية الضيقة هي السائدة، وتقدم الصفوف الضعفاء والمحسوبون والمنسوبون، بعيدا عن الكفاءة والمعرفة والخبرات الميدانية.

ونجد اليوم التظاهرات الاحتجاجية في كل محافظات الوطن لسوء الخدمات لأن العاملين في هذه المجالات لا يلبون مطالب الجماهير واحتياجات الفقراء، وأيضاً لأن قادة هذه المؤسسات ليسوا بمستوى الحدث، ولا يمتلكون الكفاءة لقيادة هذه القطاعات، فهم نتاج المنهج الطائفي المحاصصاتي، الذي رسمه المحتل ونفذه اتباعه، فليس مفاجئاً أن نجد هذا التراجع الكبير والمخيف..

ولكي نعود إلى دولة المواطنة علينا ان نعتمد الإصلاح الجذري لأنه صار مطلباً وطنياً ملحاً ولا يمكن لعملية الإصلاح أن تتم إلا من خلال ترسيخ مبدأ المواطنة والتخلص من منهج المحاصصة الذي يحاصر النظام، وعلى القوى السياسية أن تواجه هذا النهج الخطير باتخاذ إجراءات حاسمة وجذرية.

********************

الديمقراطية والانتخابات والعبودية

حاكم محسن محمد الربيعي

مصطلح الديمقراطية أصوله يونانية ويتكون من كلمتين معناهما حكم الشعب، وقد عرفت كثيرا بشكل أصبح الشعب العراقي يعرف ماذا تعني الديمقراطية. كما علمته السياسة الكثير من مصطلحاتها وبالتالي ليس غريبا على الشعب العراقي مصطلح الديمقراطية. ربما الغريب هو أن الديمقراطية كممارسة في الحكومات العراقية غريبة، لأنه ليس هناك ديمقراطية بمعناها الكامل رغم ما تتضمنه الدساتير من نصوص، ولكن الدساتير بقيت حبرا على ورق، والتجارب العربية أو العراقية أو من دول العالم الثالث كثيرة، ففي دولة حصل فيها التغيير قبل أقل من عشرين عاما مثلا هناك مغيبون لا يعلم أحد بهم إلا الخاطفون هل هم احياء أو في عالم الغيب، ماذا فعلوا ربما تظاهروا وربما قالوا كلاما أو اي شيء من هذا القبيل وهذه ضمنتها وعملت بها دساتير بعض الدول الاوربية، لكن في دول العالم الثالث، يحاسب من يعتقد أن هناك ديمقراطية ويريد أن يقول ما يريد أو يحتج أو أي ممارسة وهي ممارسات أباحها الدستور، فأي دستور هذا ؟ وعلى اساس ديمقراطي بإمكان المواطن في دولة أن ينتخب المرشح الذي يقتنع أنه أهل للترشيح من خلال اطلاعه على البرنامج الانتخابي للمرشح، وهكذا هي الديمقراطية وهكذا تجرى الانتخابات، وما هو سائد في معظم الدول، والتجارب معروفة، لكن البعض في بعض الدول ايضا أن من لهم حق التصويت والانتخاب ينتخب ما يراه أنه سيده رغم علمه بفساده وخيانته وسرقته للمال العام. ويذكرنا ذلك بأن الإغريق الذين علموا الناس الديمقراطية كانوا يمنعون العبيد من التصويت في الانتخابات لأنهم يعلمون أن العبد سيصوت لسيده مهما كان فاسدا، ويتساءل البعض. هل مازال بيننا عبيد؟

***********************

عمالة الأطفال ظاهرة يجب محاربتها!

مجيد إبراهيم خليل

منذ سقوط النظام الدكتاتوري في 2003، ولحد الآن تشهد بلادنا تزايدا في معدلات البطالة، وخصوصا بين الشباب، حيث يشعر الكثير منهم بالغبن في الحصول على فرصة عمل، ويضطر الكثير منهم إلى البحث عن مورد رزق، ولو شحيح، ولا يتناسب وتحصيلهم العلمي، لسد الرمق. وهذا الأمر غير مقتصر على الشباب، بل هو ظاهرة تعم المجتمع رجالا ونساء، فالنظام السياسي الحاكم، المتقاطعة مصالحه مع مصالح الشعب لا يبادر إلى بناء المنشآت الإنتاجية الزراعية أو الصناعية، أو إعادة تشغيل المتوقفة منها، ويلجأ إلى الاستيراد لإثراء الفئات الفاسدة، معتمدا على اقتصاد ريعي أحادي الجانب، متمثلا في النفط، الخاضع سعره للتقلبات. وقد دفعت الفاقة والحاجة الأطفال إلى سوق العمل، تاركين مقاعد الدراسة، ومنهم من فقدوا معيلهم لأسباب مختلفة في ظل انعدام الأمن، والوضع المزري للبلاد، والبعض منهم يمارس أعمالا شاقة، منافسا الكبار.

ولم يقتصر الأمر عند الصغار على بيع الورق الصحي والبالونات وزجاجات الماء، فقد نافس الأطفال الكبار في مهن عديدة وأعمال شاقة في ورش الحدادة والنجارة أو العمل كحمالين، تحني ظهورهم الأحمال الثقيلة، وامتهن بعضهم تلميع الأحذية! فهذه فتاة يافعة تجلس، منكمشة على نفسها، أمام صندوق صغير، فيه معدات التلميع من دهون وفرشاة، وهي تنكس رأسها خجلا من موقف الذل الذي وضعت نفسها فيه مرغمة. إن الذي يجب أن يخجل في الحقيقة هو من جعل مثل هذه الطفلة أن تلجأ إلى هذه المهنة لتضمن اللقمة والكرامة المهدورة.

إن الموقف الوطني يدعو، كما يرى الحزب الشيوعي العراقي إلى معالجة ظاهرة عمالة الأطفال و”مكافحة البطالة باعتبار ذلك من الأهداف الرئيسية للسياسة الاقتصادية، وإعطاء الأولوية إلى البرامج الاستثمارية وإلى خلق الحوافز للمناطق والقطاعات التي عانت التمييز، و”ضمان الالتزام بجميع المواثيق الدولية المتعلقة بحماية المرأة وحقوق الطفل”.”

وفي مجال حقوق الطفل يرى الحزب أن “ سن القوانين والتشريعات التي تتفق مع القوانين الدولية الخاصة بحقوق الطفل، والتي تهدف إلى حماية الطفولة ورعايتها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية قدراتها ومواهبها، وحمايتها من العنف والتعسف في العائلة وفي المدرسة والمجتمع، ومنع عمالة الأطفال وحظر جميع أشكال الاستغلال التي تمارس بحقهم”.

ولن يتحقق سن مثل هذه القوانين، ومعالجة هذه الظاهرة الخطيرة، ودرء عواقبها الكارثية على المجتمع ككل، إلا بنضالات مطلبية متصاعدة، وضغط جماهيري واسع، يجعل هذه المطالبات أمرا واقعا ومحققا، ونحن نعيش في ظروف تحتم نهجا مغايرا لسياسات السلطة الحاكمة، القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية والفساد. ولنا أن نأخذ من دروس تجربة انتفاضة تشرين ما يحفزنا على النضال من أجل تحقيق مطامح شعبنا في حياة حرة كريمة في وطن يسوده العدل والأمان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملاحظة: النصوص الواردة بين الأقواس مأخوذة من برنامج الحزب الشيوعي العراقي المقر في مؤتمره العاشر، كانون الأول 2016.

****************************

الفقراء بين مطرقة الفقر وسندان التفجيرات

ملاذ الخطيب

مسلسل التفجيرات يعود من جديد ليحصد العشرات من ارواح الفقراء بين شهيد وجريح، وهو نتيجة حتمية لصراعات بعض الكتل والاحزاب المتنفذة الحاكمة في سباقها المحموم للحفاظ على سلطتها وهيمنتها، بعد ان هز ثوار تشرين عروشهم الفاسدة. والضحية دائما هم الفقراء الأبرياء الذين يتم استهدافهم في الأماكن المزدحمة، حيث يتواجدون من اجل كسب لقمة عيش عوائلهم في الاسواق او مساطر العمل. وما تكسبه الجماهير هو مجرد تصريحات تصدر من بعض المسؤولين توضح ان الانفجار ناجم عن عربة، تحمل مواد شديدة الانفجار.

وبعدها تشكل لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات الحادث، وماذا بعد التصريحات وتشكيل اللجان، هل سيحاسب الفاعل؟ هل ستتوقف حملة التفجيرات؟ هل ستؤدي القوات الأمنية دورها في حفظ أرواح الناس، التي هي من واجبها ومسؤوليتها؟ اين كانت هذه القوات عندما تدخل السيارة او الانتحاري مكان الحادث؟

على ما يبدو ان جميع هذه القوات بأصنافها مفتوحة عيونهم فقط على من يطالب بأبسط حقوقه. وكما يقول المثل (ابوي ما يكدر بس على امي!).. وبعد كل تفجير تعمل ماكنتهم الاعلامية على اثارة النعرات الطائفية. ومن اجل طمس الجريمة والهاء البسطاء، والضحك على الذقون، فيبدأ بث الشائعات من خلال اللعب على وتر الطائفية، متناسين ان اللعبة باتت مكشوفة. مؤسف ان تكون الطائفية كرة في ملعب الفاسدين، ومؤلم ان يجري النيل من الطوائف واقحامها في التفجيرات والعمليات الإرهابية.

ان استغلال الشحن الطائفي هو جريمة بحد ذاتها، تكون نتائجها حصد أرواح الابرياء بالتفجيرات والعمليات الإرهابية.. ولو كانت هناك قوانين صارمة تجرم الطائفية وخطاب الكراهية والتحريض على القتل من أي جهة كانت، لما استطاع اي احد ان يحاول تمزيق النسيج الاجتماعي للبلد.

كم عائلة عانت جراء التفجيرات، وكم بيت تهدم واصبحت العوائل دون مأوى، وكم ارملة فقدت معيلها وكم طفل تيتم؟؟؟ الأعداد في ازدياد مستمر.. هنا لا بد من القول ان ما يحدث الان وغدا هو كما قيل “اذا اتفق السياسيون سرقونا واذا اختلفوا قتلونا”. عندما يصل حد الفقر في بلدنا الى أكثر من ٣٠ في المئة، والشعب يعيش عيشة الكفاف يعني انهم متفقون على السرقة والنهب. وفساد السلطة لم يعد مخفيا بل في العلن. وأحدهم يهدد الاخر بملفات فساد في الفضائيات! انهم يسرقونا يا سادة. وعندما يختلفون في ما بينهم يبدأ عرض حلقات مسلسل الإرهاب ويقتلونا. فلنترك قليلا اتفاقاتهم واختلافاتهم.

هل حاولنا نحن يوما ان نتفق؟!

 

*****************

الصفحة التاسعة

لنقرأ ماركس وانجلز معا

خطوط أولية لنقد الاقتصاد السياسي

ثامر الصفار

خلافا لماركس، لم يحصل انجلز على التعليم الجامعي، فقد كان والده، صاحب مصنع للنسيج، يرغب بأن يكون ابنه تاجرا مثله. لكن شغف انجلز بالمعرفة والنشاط العملي دفعه الى تعليم نفسه بنفسه ليبلغ صف المفكرين والكتّاب البارزين في زمنه، بل ليتجاوزهم أيضا.

كان لإقامته في إنكلترا بين عام 1842 و1844 فرصة له لدراسة الحياة الاقتصادية في هذا البلد الذي كان يحتل موقع الصدارة في العالم الرأسمالي آنذاك، والاطلاع عن قرب على الحركة العمالية الإنجليزية، والتعرف على زعماء الحركة الشارتية. وقد ساعده هذا في تقديم تحليل علمي لعواقب الملكية الخاصة، وكانت نتيجة هذه الدراسة مقالة بعنوان خطوط أولية لنقد الاقتصاد السياسي أنجزها في أواخر عام 1843 وأوائل عام 1844 ونشرها في العدد الأول والوحيد من الحوليات الألمانية – الفرنسية التي أصدرها ماركس بالتعاون مع صديقه الهيغلي الشاب أرنولد روغه عام 1844.

يبدأ انجلز مقالته بوصف الاقتصاد السياسي بعلم الإثراء الذي نشأ من «حسد التجار المتبادل وجشعهم ...المختوم بالطمع» ثم يتطرق الى معرفة هؤلاء التجار مع مرور الزمن ان «الرأسمال القابع بلا حركة في الصندوق هو رأسمال ميت...ولكي ينمو يجب ان يجري تداوله في السوق» لهذا بدأ التجار لا يرون ضررا من «دفع مبلغ أكبر من اللازم للسيد “ أ “ لقاء بضاعته ما دام يمكن بيع هذه البضاعة الى السيد “ ب “ بثمن أكبر أيضا. وعلى هذا الأساس بني النظام التجاري».

ويشير انجلز الى مفهوم الميزان التجاري الذي تقيس به البلدان ثروتها، فهي غنية طالما زادت الصادرات على الاستيراد، ولتذهب الى الجحيم كل الأخلاق والمعايير الإنسانية التي تقف في وجه ذلك، فقد كان «للتجارة أيضا حملاتها الصليبية ومحاكمها التفتيشية».

وبرغم الثورة التي حدثت في الاقتصاد السياسي خلال القرن الثامن عشر «لم يخطر في بال الاقتصاد السياسي ان يطرح مسألة شرعية الملكية الخاصة». ولكي يزداد الطين بللا، ظهرت نظرية الكاهن مالثوس (توماس روبرت مالثوس، الاقتصادي الانجليزي البارز الذي اشتهر ببحوثه عن التكاثر السكاني – 1766-1834) عن السكان (سنتطرق الى تفاصيلها لاحقا) التي يكمن جوهرها في مفهومها الديني عن الطبيعة. فهذه النظرية هي «التعبير الاقتصادي للدوغما الدينية، في ما يتعلق بتناقض الروح والطبيعة والفساد الناتج عن كليهما». لكنها لم تكن فقط دوغما دينية، بل كانت أيضا محاولة لدمج اللاهوت البروتستانتي مع الحاجات الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي، أي تقديم تبرير ديني يسمح بالمتاجرة في كل شيء، حتى الأرض التي هي شرط وجود الإنسان من خلال «احتكارها (الملكية الخاصة) من قبل عدد قليل من الأفراد، وحرمان البقية من الشرط الأساسي لحياتهم».

ثم يقوم انجلز بفضح موقف نظرية مالثوس من الفقراء، إذ نستنتج منها «بما ان الفقراء، تحديدا، هم الفائضون، فلا يتعين فعل أي شيء من أجلهم عدا تسهيل موتهم جوعا قدر الإمكان، وإقناعهم بأنه يستحيل تغيير أي شيء في هذا الصدد، وبأن الخلاص الوحيد لأجل طبقتهم يتلخص في التكاثر أقل ما يمكن». وهذا بالضبط هو «ما يحفزنا على وضع حد لإذلال البشرية هذا عن طريق القضاء على الملكية الخاصة والمزاحمة وتضاد المصالح».

وبالتالي فأن القول بأن حالة الفقر هي نتاج لقانون طبيعي أو لحكمة ربانية هو قول كاذب وباطل. إنها بسبب «قانون الإنسان الذي يقف بالضد من قانون الطبيعة»

وفي معرض انتقاده للاقتصاد السياسي يبحث انجلز بعض المقولات الأساسية ويكشف التناقض الذي يولده نظام التجارة الحرة. من هذه المقولات مقولة «الثروة الوطنية» التي يؤكد انجلز ان لا معنى لها «ما دامت الملكية الخاصة قائمة». ونحن أكثر الشعوب تفهما لذلك، فالعراق من اغنى البلدان من حيث الثروة الوطنية لكننا من أفقر الشعوب. ثم يعرج الى التجارة التي يعتبرها «نتيجة مباشرة للملكية الخاصة» وقد نتج عنها عدم الثقة المتبادل بين التجار من جهة، ومن جهة أخرى تبرير كل الأساليب اللاأخلاقية للوصول الى الهدف، ان التجارة هي «خداع يجيزه القانون» ويمكن أن نضيف ويحلله الدين.

ويناقش انجلز أيضا عددا من المقولات التي ستغدو الأساس الذي يعتمد عليه ماركس في كتاباته الاقتصادية مثل القيمة، وخصوصا القيمة الفعلية (عند الإنجليز) أو القيمة الاستعمالية (عند الفرنسيين) وكذلك القيمة التبادلية.

كما يقدم لنا انجلز ولأول مرة فكرة ان العمل الذهني (قابلية الاختراع) يشكل وحدة مع العمل البدني الجسدي، وعلى هذا الأساس تبدو مقولة شغيلة اليد والفكر التي نعتمدها هي الأصح نظريا في ظل التطورات الحاصلة والمتواصلة في عالمنا اليوم.

ويتخذ انجلز موقفا مضادا لممارسة الربا فيكتب «ولكن لا أخلاقية المراباة، لاأخلاقية الحصول على دخل بدون بذل العمل لمجرد منح قرض، جلية للعيان، وعلى الرغم من ان جذورها تكمن في الملكية الخاصة، إلا ان الوعي الشعبي اكتشفها من زمن بعيد وهو عادة ما يكون على حق في أمور من هذا النوع».

ويقدم لنا انجلز تأكيدا على حدوث الأزمات الاقتصادية التي «ستزيد بصورة أسرع فأسرع تعداد أفراد الطبقة التي لا تعيش إلا بالعمل؛ ولا بد بالتالي، من أن تزيد بصورة ملحوظة عدد الأفراد الذين يحتاجون الى عمل – الأمر الذي يشكل معضلة إقتصاديينا الرئيسية، وأخيرا لابد لكل هذا ان يستتبع ثورة اجتماعية».

*********************

تاريخ موجز للنيوليبرالية

من دولة الرعاية الى النيوليبرالية

سوزان جورج*

لو أنك اقترحت في العام ١٩٤٥ أو ١٩٥٠ أيّاً من الأفكار والسياسات التي تشكل اليوم عدة شغل النيولييربالية القياسية، لطُردت من المسرح ترافقك الضحكات الساخرة أو أرسلت إلى مستشفى للمجانين. في ذلك الوقت كان الجميع كينزيّاً (نسبة الى العالم الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز – 1883-1946)، على الأقل في البلدان الغربية، أو اشتراكيا ديموقراطيا أو مسيحيا ديموقراطيا اجتماعيا أو منتميا إلى منوع أو آخر من منوّعات الماركسية. إن فكرة السماح للسوق بأن يتخذ القرارات الاجتماعية والسياسية الكبرى، والفكرة القائلة بأنه يجب أن تتخلى الدولة طوعا عن دورها في الاقتصاد، وأنه ينبغي إطلاق الحرية الكاملة لكبريات الشركات، وأنه يجب قمع النقابات وتقليص الحماية الاجتماعية للمواطنين بدلاً من زيادتها — كانت مثل هذا الأفكار أجنبية عن روح العصر. وحتى لو وافق أحدهم على تلك الأفكار، فقد يتردد، أو تتردد، في اتخاذ مثل ذلك الموقف علنا وكان سيصعب عليه كثيرا العثور على جمهور.

ومهما يكن ذلك مستبعد التصديق في أيامنا هذه، خصوصا لدى الجمهور الشاب، كانت النظرة إلى «صندوق النقد الدولي» و«البنك الدولي» أنهما مؤسستان تقدميتان. كانا يسميان «توأمي كينز» ولدا من جون ماينارد كينز وهاري دكستر وايت، والأخير أبرز مستشاري فرانكلين روزفلت. وعندما نشأت المؤسستان في أعقاب «بريتون وودز» (مؤتمر النقد الدولي الذي انعقد في غابات بريتون في الولايات المتحدة عام ١٩٤٤)، كانت مهمتهما المساعدة على الحيلولة دون نشوب نزاعات مقبلة بتقديم القروض لإعادة الإعمار والتنمية ومن أجل حل المشكلات المؤقتة التي تطرأ على ميزان المدفوعات. لم يكن لهما التحكم في القرارات الاقتصادية للحكومات الفردية ولا كانت مهمتهما تتضمن الإذن بالتدخل في السياسة الوطنية.

انطلقت «دولة الرعاية» و«العقد الجديد» في الأمم الغربية في الثلاثينيات من القرن الماضي، إلا أن الحرب أوقفت انتشارها، فكان أول بند على جدول الأعمال بعد الحرب هو إعادة الاعتبار لها. أما البنود الأخرى الكبرى على جدول الأعمال فكانت تحريك التجارة العالمية – وقد تحقق ذلك من خلال «مشروع مارشال» الذي حوّل أوروبا مجددا إلى الشريك التجاري الأكبر للولايات المتحدة الأميركية، صاحبة أقوى اقتصاد في العالم. وفي ذلك الوقت، هبّت رياح النضال ضد الاستعمار، ونالت شعوب الحرية أكان على شكل تنازل كما في الهند، أم من خلال الكفاح المسلح كما في كينيا وفيتنام وسائر الأمم.

على العموم، كان العالم قد شرع في تنفيذ جدول أعمال تقدمي جدا. نشر الباحث الكبير كارل پولانيي رائعته «التحول الكبير» في العام ١٩٤٤، وهو نقد عنيف لمجتمع القرن التاسع عشر الصناعي المسير بواسطة السوق. منذ خمسين عاما، تنبأ پولانيي بهذا القول الاستشرافي والحديث: «إن السماح لآلية السوق بأن تكون المسيّر الأوحد لمصير البشر وبيئتهم الطبيعية… سوف يؤدي إلى تدمير المجتمع» (ص ٧٣). وعلى الرغم من ذلك، كان پولانيي مقتنعا بأن مثل هذا التدمير لن يحدث في عالم ما بعد الحرب لأننا «نشهد داخل الأمم تطورا بطُل فيه تحكم النظام الاقتصادي في المجتمع وتأمنت أسبقية المجتمع على ذاك النظام»، على ما قال (ص ٢٥١).

مع الأسف، إن تفاؤل پولانيي لم يكن في محله – فكل فكرة النيوليبرالية تقوم على تمكين آلية السوق من أن تتحكم بمصير البشر. يجب على الاقتصاد أن يملي قوانينه على المجتمع، وليس العكس. وتماما كما استشرف پولانيي، فهذه العقيدة تقودنا مباشرة نحو «تدمير المجتمع».

فما الذي جرى؟ كيف وصلنا إلى تلك الحالة بعد نصف قرن من نهاية الحرب العالمية الثانية؟ والجواب الموجز هو «بسبب جملة من الأزمات المالية الحديثة في آسيا». لكن هذا يتفادى السؤال – فالسؤال المطروح هو «لماذا نشأت النيوليبرالية من معزلها الأقلوي جدا لتصير العقيدة الطاغية في عالم اليوم؟ لماذا يستطيع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التدخّل كيفما شاءا لإجبار البلدان على المساهمة في الاقتصاد العالمي في شروط غير مناسبة؟ لماذا دولة الرعاية مهددة في جميع البلدان التي طُبّقت فيها؟ ولماذا تقف البيئة على حافة الانهيار ولماذا يوجد هذا العدد من الفقراء، في البلدان الغنية كما الفقيرة، في وقت لم توجد فيه ثروات ضخمة أبدا كمثل الثروات الموجودة الآن؟ تلك هي الأسئلة التي يتعين الإجابة عنها من منظار تاريخي.

وكما حاججتُ في الفصلية الأميركية «ديسنت» Dissent (الانشقاق)، فأحد التفسيرات لانتصار النيوليبرالية وللكوارث الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الملازمة لها هو أن النيوليبراليين قد اشتروا نسختهم الخاصة المؤذية والرجعية من «تحوّلهم الكبير» ودفعوا ثمنها. فقد أدركوا ما لم يدركه التقدميون، أن للأفكار مترتبات. ابتداء من نواة في جامعة شيكاغو مع الفيلسوف - الاقتصادي وفي مركزها فريدريش فون هايك وتلامذته أمثال ميلتون فريدمان، نسج النيوليبراليون وممولوهم شبكة ضخمة من المؤسسات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمنشورات والباحثين والكتّاب وخبراء العلاقات العامة الدوليين من أجل بلورة وتعليب أفكارهم وعقيدتهم ونشرها بلا هوادة.

لقد أنشأوا هذا الإطار الأيديولوجي بالغ الفاعلية لأنهم أدركوا ما كان يعنيه المفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي عندما طوّر مفهوم الهيمنة الثقافية. فإذا كنت تستطيع احتلال أدمغة البشر فسوف تتبعها قلوبهم والأيادي. لست أملك الوقت الكافي لإعطائكم أدلة هنا ولكن صدقوني: إن العمل الأيديولوجي والدعوي الذي قام به اليمين كان رائعا بالمطلق. أنفقوا مئات الملايين من الدولارات لكن النتيجة كانت تساوي كل قرش أنفقوه لأنهم جعلوا النيوليبرالية تبدو وكأنها شرط طبيعي وعادي من شروط البشرية. ومهما يكن عدد الكوارث المتنوعة التي أتى بها النظام النيوليبرالي على نحو مؤكد، ومهما تكن الأزمات المالية التي قد تكون نتجت عنه، ومهما يكن عدد الخاسرين والمنبوذين الذين خلقهم، بدا كل هذا وكأنه حتمي مثله مثل فعل من أفعال الرب، على اعتباره النظام الاقتصادي والاجتماعي الممكن الوحيد المتاح لنا.

دعوني أشدد على أهمية أن ندرك أن هذه التجربة النيوليبرالية الواسعة التي نحن ملزمون بالعيش في ظلها قد خلقها بشر عن قصد. وما إن ندرك ذلك، ما إن نفهم أن النيوليبرالية ليست قوة مثل الجاذبية وإنما هي بناء مصطنع كليا، نبدأ بفهم أن ما صنعه البعض يمكن أن يغيره البعض الآخر. لكنهم لن يستطيعوا تغييره دون الاعتراف بأهمية الأفكار. أنا مؤيدة كل التأييد للمشاريع القاعدية، ولكني أحذر أيضا من أن هذه سوف تنهار إذا كان المناخ الأيديولوجي الشامل معاديًا لأهدافها.

وهكذا فمن طائفة صغيرة غير محبوبة شبه معدومة التأثير، باتت النيوليبرالية الدين العالمي الأساس بعقيدته اليقينية وكهنته ومؤسساته التشريعية وربما الأهم من الجميع، بنار جهنم التي يتوعد بها الكفرة والخطأة الذين يتجرأون على وضع الحقيقة المنزلة موضع شك. إن أوسكار لافونتين، وزير المال الألماني السابق، الذي سمته الـ«نيويورك تايمز» «كينزيا لم يتعرض للإصلاح» قد ألقي في نار جهنم للتو لأنه تجرأ على اقتراح ضرائب مرتفعة على كبريات الشركات وخفوض ضريبية على الأسر المتواضعة ومحدودة الدخل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عالمة اجتماع وسياسة ومناضلة أميركية. لها كتابات عديدة حول التخلف والمجاعة والمديونية وفي نقد النيوليبرالية وسياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. من أعمالها Another World is Possible  (2004) وShadow Sovereigns (2015) عن سيطرة الشركات العابرة للقوميات على السلطة في العالم.

* المصدر: موقع مجلة “بدايات” (فصلية ثقافية فكرية) – العدد 30 – 2021

**************************

الصفحة العاشرة 

مسرحية

جسر الزيتون

علي عبد النبي الزيدي

( تنديد )

هذا النص وثيقة مسرحية للتأريخ عن ما حدث في ساحة التظاهرات والاعتصامات في العراق عموماً ومنها ساحة الحبوبي وجسر الزيتون في مدينة الناصرية/ جنوب العراق، وهي مدينة المؤلف. لقد حدثت مجازر لشباب العراق الذين لا يحملون سوى علم بلادهم، يقابلهم من الجانب الآخر قوات أمنية مدججة بالسلاح والحقد والكراهية ورصاص دولة القناصين، هذه الوثيقة تشير لشهر تشرين 2019 وما زالت الاحداث مستمرة في لحظة كتابة هذا النص عام 2020 !

(الإهداء)

أهدي هذا النص المسرحي لروح الشهيد الشاب عمر سعدون الطالب في كلية الإعلام وكل الشباب الذين استشهدوا معه في تلك الليلة الموجعة التي شهدتها مدينة الناصرية، والتي استشهد فيها أكثر من 50 شاباً بعمر الورود وجرح المئات...

المؤلف

الشخصيات

-سائق الستوتة

-شاب1

-شاب2

-هو

المكان: جسر الزيتون في مدينة الناصرية- جنوب العراق...

-نرى شخصية (هو) داخل التظاهرات بملابس بدت غريبة جداً، يصرخ ويلوح بعصاه مسانداً المتظاهرين، سرعان ما تقع بجانبه قنبلة غاز مسيّلة للدموع، نراه يختنق، تقع عصاه منه، يحاول التنفس بصعوبة، يقع أرضاً، يأتي سائق (الستوتة) وهو يخترق جموع المتظاهرين، يحمل (هو) بصعوبة ويضعه في داخل سيارته الصغيرة، ينطلق سائق الستوتة مسرعاً...)

سائق الستوتة: (لـ الغريب) لا تخف يا عم.. خُذ نفساً طويلاً...

هو: (يتنفس بصعوبة) أنا أختنق...

سائق الستوتة: ستعيش.

هو: قنبلةُ الغازِ وقعت بالقربِ مني.

سائق الستوتة: تنفّسناه طويلاً فصار هو الأوكسجين يا عم.

هو: (يحاول مسح دموعه) دموعي لا تتوقف.

سائق الستوتة: ستفرح.

هو: يا رب...

سائق الستوتة: ماذا تعني؟

هو: أعني يا رب...

سائق الستوتة: لم أفهم!

هو: يعني يا الله...

سائق الستوتة: الله؟..................... ماذا تقصد؟!

هو: الذي خلقك فسواك...

سائق الستوتة: آسف.. ذاكرتي معبأة بالدخانِ يا عم!

هو: ولكنه الله...

سائق الستوتة: سمعتُ عنه كثيراً فأحببته أكثر قبل أن أراه، أبي يقول هو أرحمُ عليك منّي، أمي تؤكدُ بأنه أقربُ إليكَ من عينيك.. ولكنني بحثتُ عنه قريباً من دمائِنا في ذاك الشارع (يشير للشوارع القريبة) وذاك وذاك وهذا الشارع، قريباً من الرصاصِ الذي ينامُ في صدورِهم والدخان، قريباً من أنفاسِهم ونظراتِهم الأخيرةِ التي تودعنا بكُلِّ الجراحات، ولم أجده.. فأين هو؟ (يصيح) أين أنت يا ربَّ الشباب؟ يا ربَّ الزيتون وطور سنين وهذا البلد الذي يعيش الجحيم! (بخيبه) وكما ترى.. كالعادة لا يجيبني!

هو: هو موجودٌ يصدُّ عن صدوركم الرصاص بصدرِه الكبير، ويتنفس بدلاً عنكم قنابل الغاز لتعيشوا...

سائق الستوتة: وهل يختنق مثلنا؟

هو: لا...

سائق الستوتة: أتدمع عيونه؟

هو: لا...

سائق الستوتة: ينزف دماً؟

هو: لا...

سائق الستوتة: لا فائدة اذاً.

هو: ولكنه ينزف مطراً من أجلكم!

سائق الستوتة: مطراً؟ هذا يعني بأنه يعلم بما يحدث لنا؟

هو: هو العارفُ بكُلِّ شيء.

سائق الستوتة: (يتلفت) وأين هو؟

هو: افتح قلبك وستراه.

سائق الستوتة: سلبوا قلبي يا عم.

هو: وروحك؟

سائق الستوتة: يا روح؟ نحن في كُلِّ لحظةٍ هنا ننزفُ أرواحاً يا عم، ننزف حكايات، ننزف امهات، ننزف وطناً... (يهدأ، يتفحصه) تبدو غريباً!

هو: (يتنفس بصعوبة) كنتُ غريباً يا بني وليس الآن.

سائق الستوتة: حتى في سوق البالات لا يبيعون هذه الملابس التي ترتديها!

هو: لا أملك سواها.

سائق الستوتة: أين تسكن؟

هو: لا بيت عندي.

سائق الستوتة: شكلُك...

هو: (يقاطعه) قلبي يُوجعني كلما وقفت على جسر الزيتون هنا!

سائق الستوتة: وقلبه أيضا...

هو: من؟

سائق الستوتة: جسر الزيتون!

هو: (يتنفس بصعوبة) أكادُ أختنق...

سائق الستوتة: لا تخف.. هذه الستوتة حملت المئات قبلك، منهم من رحل الى هناك طائراً بلا جناحين (يشير للسماء) ومنهم من لفَّ جراحه بالوطن وعادَ مشياً الى جسر الزيتون مرةً أخرى.

هو: أريد أن أفهم ما الذي يحدث؟

سائق الستوتة: وأين كنت أيها الغريب؟

هو: أنا لم أكن، أو أنا من زمنٍ آخر لا يشبه زمنكم...

سائق الستوتة: (ينطلق بالستوتة بشكل أسرع) لا يشبهُ زمننا؟ حرارتُك مرتفعة كما يبدو يا عم.

هو: أنا بكاملِ عقلي (يستدرك) الى أين ستأخذني؟

سائق الستوتة: (يضحك) لمتنزه الناصرية مثلاً أو مدينة الألعاب، لا تقلق، شبيك؟ سآخذك الى خيمةِ المُسعفين في ساحة الحبوبي، ليست ببعيدة، اصبر قليلاً يا عم.

هو: يا رب.. ما الذي يجري هنا؟

سائق الستوتة: تكرر يا رب كثيراً؟

هو: إنك لا تعرفه جيداً كما أعرفه.

سائق الستوتة: لم ألتقِ به من قبل!

هو: كيف؟ وهو الروح التي فيك؟

سائق الستوتة: فيَّ؟ أكانت تجوع عندما لم أجد في بيتنِا رغيفاً واحداً أوزّعه على أخوتي في ليالٍ لا شيء في البطون سوى الأحلامِ وسخامِ الوجوه؟ أكانت تتوجع لوجعي مثلاً وتتلقى سياط الحياة بدلاً عن قلبي؟ أكانت تمرض أو تحلم أو تصرخ مع صراخي؟ إذا كانت تلك الروح التي فيَّ هي الله كما تؤكد أنت؟ كيف وأنا لست على قيد الحياة!

هو: (يصرخ به) توقف وامسح هذه الأفكار التي تنام في رأسك...

سائق الستوتة: وما شأنك؟ لقد قررنا أن نُخصي أنفسنا نهائياً، ورفعنا شعاراً لا حلّ سوى الإخصاء!

هو: ولكنه سبحانه خلقكم أحياء من أجل أن تنجبوا أحياء.

سائق الستوتة: كنتُ أعتقدُ ذلك مثلك أيضا... (يتوقف سائق الستوتة فجأة، يصيح) لا بنزين في الستوتة.. خرب حظي...

هو: لماذا توقفت؟

سائق الستوتة: (ينزل من عربة الستوتة) وكيف تسير دون بانزين؟ (يصيح) يا شباب أحتاج الى بنزين، عندي حالة طارئة الله يخليكم...

هو: البنزين؟! (يتنفس بصعوبة، لا يستطيع السيطرة على دموعه) من أنت يا بني؟

سائق الستوتة: قلتُ لكَ سائق الستوتة التي تنقل القتلى والجرحى...

هو: وما اسمك؟

سائق الستوتة: نسيت اسمي في زحام الموت!

هو: عمرك؟

سائق الستوتة: ليس مهماً.

هو: متزوج؟

سائق الستوتة: اعتقد ذلك.

هو: ماذا تعني؟

سائق الستوتة: أنا وزوجتي رفعنا في بيتِنا شعار العقم والى الأبد.

هو: ولِــمَ هذا الشعار؟

سائق الستوتة: حتى لا نُنجب أطفالاً يشبهوننا، ويعيشون حياة تشبهنا، ويحلمون بنفسِ الأحلامِ السخيفةِ التي تشبه أحلامنا القديمة السخيفة، حتى لا يشتموننا كما نشتم الآن أباءنا السخفاء الذين نشبههم...

هو: وكيف ستستمر الحياة دون انجاب؟

سائق الستوتة: مُشكلتها!

هو: من؟

سائق الستوتة: الحياة.

هو: حرام...

سائق الستوتة: (يصرخ به) اسكت الله يخليك، الحرام أن نولد!

هو: لا تصرخ.. الله يسمع دون صراخ.

سائق الستوتة: وأين هو؟

هو: (يتنفس بصعوبة) أنت في حضرة الله دائما.

سائق الستوتة: (يتلفت) أين أين أين؟ (يتحسس جبينه بيده) ما زالت حرارتك مرتفعة كما يبدو يا عم.

هو: لا أقوى على التنفس...

سائق الستوتة: ما الذي جعلك تخرج للتظاهرات وأنت بهذا العمر؟

هو: (يشير للسماء) أرادني أن أرى.

سائق الستوتة: أرادك؟ وهل رأيت؟

هو: (يتنفس بصعوبة، مؤكداً) نعم رأيت...

سائق الستوتة: وماذا؟

هو: فرعوناً يسلم الراية لفرعونٍ آخر!

سائق الستوتة: فرعون؟ أيُّ فرعون يا عم، ما بك؟ إنها مجردُ قنبلةِ غازٍ مسيلةٍ للدموع، ألم ترَ الشباب يصدّونها برؤوسِهم وصدورِهم...

هو: رأيت، والله رأيت...

هو: أنا جديدٌ على حياتِكم.

سائق الستوتة: هل كنت مغترباً؟

هو: لا.

سائق الستوتة: نائم وصحوت الآن؟

هو: لا.

سائق الستوتة: أسيرُ حرب؟

هو: لا.

سائق الستوتة: كنتَ في غيبوبة؟

هو: لا.

سائق الستوتة: حيرتني...

هو: لا عليك، سأقول لك... (صمت، بعدها بهدوء....) أنا الموت!

سائق الستوتة: الموت؟! ماذا تعني؟

هو: أنا من يحتضن الارواح ويأخذها بعيداً عن حضن أمهاتهم!

سائق الستوتة: (يضحك) قل غيرها يا عم.

هو: حاول أن تصدِّق.

سائق: الوقت غير صالح للمزاح.

هو: أنا هو.. حاول أن تستوعب.

سائق الستوتة: أنت الموت الذي في كلِّ مكان؟!

هو: والمسؤول عنه.

سائق الستوتة: (يصرخ به) وماذا تريد؟ أما يكفي يا موت اذا كنت أنت الموت فعلاً؟

هو: أنا أمارس عملي كما تعرف، وقد أرسلني الله هذه المرة أن أحذركم من اخصاء أنفسكم، أحذركم من الموت!

سائق الستوتة: (يضحك بقوة) الموت يحذرنا من الموت؟

هو: نعم أحذركم يا سائق الستوتة...

سائق الستوتة: كنتُ في كُلِّ لحظةٍ أشعر أن الموت يطاردني.

هو: أعرف.

سائق الستوتة: لم أعش بعد لكي أموت.

هو: أعرف.

سائق الستوتة: ربما أكون قد مت ولا أدري!

هو: ربما...

سائق الستوتة: اذهب من هنا ومارس عملك يا موت.

هو: لن أمارس عملي، لقد تعبت...

سائق الستوتة: تعبت من ماذا؟

هو: من عيون الأمهات التي تعاتبني دائماً!

سائق الستوتة: قالوا أن لا رحمة في قلبك.

هو: كُلُّ الرحمةِ في قلبي.

سائق الستوتة: (يضحك بقوة) ماذا يجري على جسر الزيتون يا ربي؟ قنابل الغاز المسيّلة للدموع حوّلت هذا الرجل الى ملك الموت (يصيح) يا شباب، يا شباب الزيتون.. عندنا ملك الموت ضيفاً في التظاهرات...

هو: لا تصرخ يا بني.

سائق الستوتة: دعهم يسمعون هذا التحشيش...

هو: تحشيش؟

سائق الستوتة: وماذا تسمي أن أتحدث مع الموت؟

هو: فرصة للحياة...

سائق الستوتة: مازال القتل، القهر، الضيم مستمراً يا موت.

هو: أنا في مأزقٌ...

سائق الستوتة: مأزق؟

هو: أرسلني الله سبحانه لكم.

سائق الستوتة: لنا؟

هو: من أجل أن تعيشوا لا أن تموتوا، وهذه مهمة خارج عن عملي الحقيقي، أنا الموت ولا أومن بشيءٍ اسمه الحياة.

سائق الستوتة: خذ أرواحنا واذهب...

هو: (يصيح بهم) قلتُ لك جئتُ لكي أبلغكم أن تتوقفوا عن عمليات إخصاء أنفسكم.

سائق الستوتة: جئتَ في وقتٍ متأخر.

(نسمع أزيز رصاص بكثافة، مع سقوط الكثير من القنابل المسيلة للدموع قريباً من /هو/ وسائق الستوتة...)

سائق الستوتة: (يصرخ بـ هو) دعنا نختبئ يا عم، الرصاص يشتد...

هو: وأين نختبئ؟

سائق الستوتة: الموت يختبئ؟ هذا ليس وقتاً صالحاً للضحك لضحكت بصوتٍ عال... (يصيح به) يا موت سنموت هنا، تعال معي، هيا بسرعة...

(يركضان بسرعة، يجدان باباً مفتوحاً فيدخلان الى بيت يبدو مهجوراً من ساكنيه، أو ربما هربوا منه بسبب اشتداد الرصاص على بيتهم، نجد شاب1 وشاب2 يختبئان في غرفة النوم.. هي لزوجين حديثي الزواج)

- شاب1 وشاب2 ينهضان مباشرة...

شاب1: (يصرخ بهما) من أنتما؟

شاب2: وماذا تريدان؟

سائق الستوتة: لا شيء.. جئنا نختبئ من الموت خارج هذه الغرفة.

شاب1: ما زال الموت هناك.

سائق الستوتة: وأنتما ماذا تفعلان هنا؟

شاب2: لا شيء.. جئنا نختبئ من الموت لبعض الوقت!

هو: نختبئ مني؟!

شاب1: (يشير للغرفة) انظروا.. غرفة زوجين ما زالا في شهر عسلهما.

سائق الستوتة: هو بيتٌ هجرهُ أصحابه كما يبدو.

شاب2: (لسائق الستوتة) من الرصاص!

هو: من الخوف...

سائق الستوتة: (ينظر لـ هو) من الموت...

شاب1: (يصغي باهتمام) الرصاصُ يشتد...

سائق الستوتة: دخلنا البيت بصعوبة.

هو: (يتنفس بصعوبة) ما الذي حدث؟

شاب1: (باستغراب يشبر لـ هو) من هذا؟

هو: أنا...

سائق الستوتة: اختنق بالدخان فحملته في الستوتة...

شاب2: (لـ هو) كُلُّ هذه الكارثة وتسأل ما الذي حدث يا عم؟

هو: لا أستوعب هذا الحريق هنا!

شاب1: ماذا تعني؟

سائق الستوتة: أصيب العم أيضاً بقنبلةٍ مسيلةٍ للدموع...

شاب2: الدموع لا تنتهي...

شاب1: ولا شيء سوى الموت يتجول من ساحة الحبوبي الى جسر الزيتون!

هو: الموت؟.............. أنا هو، أنا الموت.

شاب2: أنت هو؟ (لـ هو) أعرف أن هذا تأثير الغاز عليك.

هو: لالا.. أنا الموت فعلاً.

شاب1: الموت؟

شاب2: (يصغي) الرصاصُ يشتد أكثر...

هو: الموت يشتد.

سائق الستوتة: (للشابين) لقد شاهدَ فرعوناً جديداً كما يقول.

شاب1: أرجوكما.. يكفينا صوت الرصاص والغازات وقنابل الدخان، الوقت لا يبدو مناسباً للنُكات.

سائق الستوتة: قلت لك هو فعلاً الموت كما يؤكد، انظر لشكلهِ وملابسهِ...

شاب1: حتى يكتمل فلم الرعب عندنا.

شاب2: وماذا تريد يا موت إذا سلمنا بأنك الموت فعلاً؟

هو: أن تعيشوا...!

شاب1: لا معنى هنا لكلمة تعيشوا.

شاب2: الإخصاء يا موت تمردٌ على سلطةِ الحياة.

هو: وسنةُ الله؟

سائق الستوتة: الموت فرصة للسعادة يا موت! هذه هي السُّنة.

هو: ستنقرضون...

شاب2: (يضحك) نحن لم نعش أصلاً حتى ننقرض.

هو: وهذي الحياة؟

سائق الستوتة: ومن قال بأنها حياة؟

شاب2: أما تسمع أزيز الرصاصِ الموجَّه لأرواحِنا منذ سنواتٍ طويلة؟ رصاصة تسلم الراية لرصاصة أخرى وأخرى...

هو: أسمعهُ...

شاب1: كنتُ في بطني أمي يا موت وأنا أسمعُ هذي الأصوات، وأحترقُ بنارِها، وأخافُ من دويِّها! وأعدُّ الشهور في بطنِها خوفاً من الخروج

هو: أسمعهُ...

شاب2: لقد زرعني أبي في رحم أمي شجرة صفصاف لا تثمر سوى الحزن!

هو: قلتُ أسمعهُ.

سائق الستوتة: إنك لا تسمع وربما لا ترى، لأنك تريدنا أن ننجبَ أطفالاً سيكونون نسخة طبق الأصل من تأريخ أرواحنا يا موت؟

هو: كلماتك لا تلتقي مع هذه العربة التي تقودها!

سائق الستوتة: يكفي أنها هي الوحيدة التي أقودها، وهو قدرُ الشبابِ هنا أن يُوضعوا في مكانٍ لا شيء فيه سوى الخراب بعد سنواتٍ طويلةٍ من الدرس والطباشير.

شاب1: وقدري أيضا يا موت.

شاب2: قدرنا كلنا...

هو: ولكن الإخصاء...

شاب1: (يقاطعه) لا يمكن للموتى أن ينجبوا أحياء، ولا يمكن للآباء التعساء أن يُنجبوا أولاداً سعداء. 

هو: ما الذي يجري؟ أين الخطأ في كُلِّ هذا؟

شاب2: (للموت) قل من هو المسؤول عن كُلِّ هذا؟!

هو: (يصيح) ليس من مهمتي أن أجيب على الأسئلة.

سائق الستوتة: اذن اتركنا واذهب الى عملك بعد أن يتوقف الرصاص.

هو: الله كلمني وأمرني أن أوقف قراركم، ولن أعود حتى تتوقفوا عن اخصاء أنفسكم.

شاب1: جئتَ في وقتٍ متأخر.

هو: ماذا تقصد؟

شاب1: لا رجعة في قرارِنا بالموت.

هو: (يصيح) يا رب تدخّل بنفسك، برحمتك.. فلا قدرة لي على إيقاف هذه الفوضى.

شاب2: اتخذَ القرار بالإجماع.

سائق الستوتة: وأُفهمَ علناً.

هو: لا حياة تستمر على الأرضِ من دون أن تُنجبوا جيلاً جديداً.

شاب1: وهل تُسمي هذه البالوعة أرضاً؟

هو: الله خلقها لتكون مستقراً لكم الى حين.

سائق الستوتة: (يضحك) مستقراً؟ (يهز جسمه ساخراً) نحن نهتزززززز... وكلما وقفنا للحظةٍ واحدةٍ وقعنا، وكلما حاولنا أن ننهضَ سقطنا، وكلما ارتفعت رؤوسنا قليلا ركعنا، وكلما رفعنا أيدينا لربِّ هذي الأرض لم يسمع منا...

هو: الله الحكيم يسمع ويرى.

سائق الستوتة: يتفرج!

هو: لا.

شاب1: يتمتع! 

هو: لا.

سائق الستوتة: يتألم.

هو: لا.

شاب2: يصمت!

هو: لا...

سائق الستوتة: ماذا ينتظر إذاً؟

هو: ينتظركم...

شاب2: كيف وقد خُلقت توابيتنا مع لحظة ولادتنا يا موت؟

شاب1: نحن من ننتظره!

سائق الستوتة: من يُفترض أن ينتظرَ الآخر؟

هو: هو ينتظرُكم أن تكسروا تلك التوابيت.

شاب2: لا نملك فأساً.

شاب1: أية مفارقةٍ عجيبةٍ أن يطلبَ الموت منا أن نعيش!!

سائق الستوتة: ملِلنا من هذي الخطابات يا موت، دعنا نُخصي أنفسنا، وتلك ثورة.. أن لا يأتي أي جيلٍ بعدنا.

هو: حرام.. أن تُخصوا أنفسكم ويتوقف نسلكم. وهذا يعني أنه احتجاجٌ ضد الله.

شاب2: (لـ هو) نحن نحتجّ على الحياة التي وضعنا الله فيها دون موافقة منا!

هو: (يصفع شاب1) اسكت.. إياك وتجاوز الحدود.

شاب2: (يضحك) الموت يصفع أيضا!

سائق الستوتة: (لـ هو) إنك لا تفهم لأنك لم تعش معنا.

شاب1: الحياة التي ابتدأت بكارثة اسمها الولادة ماذا تنتظر مثلاً أن تكون النهاية؟

شاب2: الحياةُ التي ماتت كُلّ احلامنا فيها.

هو: ولكنكم ستذهبون بعدها لدار النعيم؟

شاب2: (يضحك) هي لهم أيضا يا موت...

شاب1: وحقك هي لهم.

سائق الستوتة: وسيقتلوننا هناك...

هو: قلوبكم تمتلئ شكاً بعدالتهِ سبحانه...

سائق الستوتة: ألم ترى العدالة شريط الدماء الطويل؟ تعددت الأسباب وقتلنا واحدُ، الكُلُّ يشهد بأننا لم نسكت، صراخنا بوجه الخوف، رفضنا، تمردنا على سلطة الرصاص، ولكن الدم ظل يلاحقنا كظّلِنا، تعددت الأسباب وموتنا واحد، واحد، وكأن هذا الموت لا يعرف غيرنا، وكأن خارطة هذا الكون اختصرت بوطنٍ واحدٍ هو نحن، واختصر بشباب هذا الكون بشبابنا، وبدماء العالم بدمائنا، وبقبور الدنيا بقبور احبائنا، (يصرخ وهو يرفع رأسه للسماء) ماذا يحدث هناك يا رب؟ ماذا نفعل حتى تتحقق تلك العدالة التي تتحدث عنها يا الله؟

هو: هو أعدلُ العادلين، وفي آخرِ النفقِ سترون نور الشمسِ، تلك هي حكمةُ الله دائماً.

شاب2: في آخر النفق سنرى ظلاماً.

سائق الستوتة: (لـ الغريب) أنت ترفعُ شعاراتٍ لم تعد صالحة للحياة هنا.

شاب1: وقديمة جداً...

هو: كلامه.. اذا قال للشيء كن فيكون.

سائق الستوتة: فليقل...

شاب2: ماذا ينتظر؟

هو: هو يعرفُ متى يفعل.

شاب1: نحتاجُ الى معجزة.

هو: أنتم معجزةُ الله، فلا تنتظروا ربيعاً من دون أن تزرعوا الأرض بالحبِّ.

سائق الستوتة: هذا يا حب؟

شاب1: الموت يتحدث عن الحب.. أجمل نكتة سمعتها في حياتي.

شاب2: (للغريب) اذهب الى عملك فالكثير من أرواح الشباب تنتظرك الآن!

هو: قلتُ لكم جئتُ لكي أمنعكم من الإخصاء.

سائق الستوتة: لا سلطة لك علينا.

هو: لابدَّ من جيلٍ قادم، لابدَّ من حياةٍ أخرى...

سائق الستوتة: تعِبنا.. تعِبنا من عمرٍ يابسٍ ليس فيه سوى سنواتٍ تأكل الأخرى، وكلماتٍ تافهةٍ تنزفُ الأخرى، وأحلامٍ جبانةٍ تَقتلُ الأخرى وليالٍ موحشةٍ تدفنُ الأخرى، تعبنا من كُلِّ أخرى وأخرى...

هو: (يصرخ بهم) ستنقرضون...

(الثلاثة يضحكون بقوة، ضحك متواصل حتى يتعبوا من ضحكهم.. يتوقفون)

هو: لِــمَ تضحكون؟

شاب1: أنت تقول ستنقرضون.

هو: الإخصاء.. يعني أن لا جيل بعدكم.

شاب2: نحن انقرضنا أصلاً.

هو: وما ينفع الإخصاء؟

شاب2: نريدُ أن نُدفنَ في قبورِنا دون هذا الشيء، ونُعلن رفضنا الحياة لجيلٍ قادمٍ حتى وأن كنّا في قبورِنا!

هو: يا ربي.. دعني أرحل عن جسر الزيتون لمكان آخر؟

سائق الستوتة: نحن ننتظر أن يتوقفَ الرصاص لنجد من يُخصينا.

هو: رأيت آلاف الشباب تقف في طوابير عند ساحة الحبوبي.

شاب2: إنها طوابير الإخصاء.

هو: (يصرخ) تمرد تمرد تمرد...

سائق الستوتة: احتجاج...

شاب1: في داخل كل واحد منا ألف حكاية وحكاية، وألف وجع ووجع.

شاب2: سمعتهُا تتحدث للبناتِ هنا عن قِصَّةِ حبِّنا التي ليس كمثلِها قِصَّة، سمعتُها تحكي لهم عن حبيبِها كأنها تتحدث عن سلطانٍ من ذلك الزمان والكان يا ما كان، ورُغم خجلي ولكنني كنتُ سعيداً لأننا كنا نحلمُ معاً ان نكونَ يوماً ما تحت سقفٍ واحدٍ وحبٍّ واحد وأحلامٍ واحدة، يجمعنا البيت والأولاد والضحكات وتُصبح هذه البنت ملكة الجمال في بيتي، ولكن.. تلك الرصاصة لن تستحي مني عندما يطلقها القناص! ولن تخجل من عشرين شمعة من عمري، ولا تعرف أن هناك حبيبة ستموت بنفس الرصاصة قبل موتي (يصيح) يا الله.. سينقرض الحب في هذي البلاد، ولن تجد أحداً يتحدث عن قصةِ حبهِ بعد الآن...!

سائق الستوتة: هذه الستوتة شاهدة عيان على قلوبٍ كانت عاشقة.. ولكن كانت غرف الطب العدلي بانتظارها.

شاب1: بعضهم كان يُحبُّ من طرفٍ واحد.. وكل الشباب هنا على جسر الزيتون يعرفون قصصهم.

شاب2: كان البردُ والليلُ الطويلُ فرصة لتلك الحكايات.

هو: لم أسمع من قبل بتلك القصص الجميلات...

سائق الستوتة: لم يبقَ منهم سوى قصصهم.

شاب1: الذكريات يا موت.. ليس فيها سوى أزيز الرصاص!

شاب2: الرصاص.. دائما بانتظار صدورنا...

سائق الستوتة: (يصرخ) الرصاص...

 (يشتد أزيز الرصاص، نرى دخاناً يدخل الى الغرفة التي يحتمون بها، يصرخون ببعضهم الآخر، يخرج الجميع من الغرفة باتجاه الشارع بعد أن يختنقوا بالغاز المسيل للدموع وهم يسعلون بقوة، يحاولون الوقوف وسط الشارع، يظل أزيز الرصاص متواصلاً، يختفون وسط الدخان، ولا نسمع سوى صوت /هو/ ينادي عليهم، يتوقف كل شيء، الرصاص، الدخان يتلاشى، نرى (هو) وسط المكان وهو يشاهد الدماء بالقرب من الشباب الذين سقطوا أرضاً على جسر الزيتون وعلى امتداد الشارع المؤدي للجسر، يقترب منهم الواحد بعد الأخر...)

هو: اذا كنت أنا هناك فمن سلب أرواحكم؟! من؟ من تدخل في عملي وأخذ دوي؟ أنا بريء من أرواحكم، صدقوني لا علاقة لي بما حدث... انتظروا قليلاً، لا تموتوا، مهمتي أن تعيشوا أيها الأولاد الصغار... (يشير لجثث الشباب، يتفحصهم، يجدهم جميعا تم اخصاءهم...) اخصاء.. كلهم أخصوا أنفسهم! توقفتُ عن مهمة الموت وجئت لكي أتفاوض معكم وايقاف طوابير الإخصاء فوجدتني جئتُ في وقتٍ ضائعٍ لا حياة فيه... (يرفع رأسه) لم أعد أدرك ما يحدث يا رب، لم أعد أفهم سر هذا الموت الذي لا يقطف سوى الورود. ما الحياة هنا؟ أ هي الموت ولا أدري؟ فلماذا يولدون اذن اذا كنت أنا بنفسي أقف لهم في أول الشارع.. أول الحياة لأمنعهم من الاستمرار؟ لماذا يأتون ويرحلون في اللحظة نفسها؟ يا رب.. إنهم يُخصون أنفسهم الآن حتى تتوقف تلك الولادات وأتحوّل الى عاطل عن الموت! يا رب، أفضل أن أكون عاطلاً عن الموت، وأعيش بثياب جديدة مع تلك الورود، أشاركهم التمرد والرفض وأحتج على كل ما يحدث لهم في هذه الحياة... 

(يخرج الموت سكيناً من تحت ملابسه، يرفعه، يدير جسمه الى الخلف ويقوم بإخصاء نفسه).

***********

الصفحة الحادية عشر

كتب ماركسية جديدة

بهدف نشر الثقافة الماركسية وتحقيق حضور ثقافي علمي تقدمي؛ صدرت مؤخراً عدة كتب ماركسية هي:

- قصة حياة كارل ماركس/ تأليف فرنسيس وين وترجمة سعدي عبد اللطيف.

- الانسان في الفلسفة الماركسية/ د. احمد حبيب كاظم. وكلا اكلتابين صدرا عن دار سطور/ بغداد.

- أطياف ماركس/ لجاك دريدا. ترجمة منذر العياشي- دار نينوي/ دمشق.

- ماركس 2020 بعد الازمة/ تأليف: رونالك وينك. ترجمة يزن الحاج- دار المتوسط.

- حكايات عن ماركس/ وليم ليبليخت وترجمة كامل ناصر/ اصدار دارين الكتب.

- ماركس والطبيعة البشرية/ نقص الأسطورة/ نورمان كريس/ ترجمة الطيب الحصني/ اصدار دار المتوسط.

- اقتناء خطى المادية التاريخية/ رينيه اندرسون/ ترجمة: يزن الحاج. اصدار دار المتوسط.

- الماركسية والإسلام المعاصر/ علي شريعتي انموذجاً. تأليف: د. علي عبدون- دار الفارابي- بيروت.

- تأهيل الفلسفة للذين ليسوا بفلاسفة/ و “ان تكون ماركسياً في الفلسفة” كتابان من تأليف: لويس التوسير. ترجمة د. الياس شاكر- اصدار دار الفارابي- بيروت.

**************

خيبة أنكيدو

يحيى السماوي

جالَ في أرجاءِ أوروكَ طويلاً

باحِثاً عن أمسهِ المُشمِسِ في أحياءِ عدنانَ

وطيٍّ ومُضَرْ

 

بـعـدَ سـبـعٍ فـي نـعـيـمِ الـغـابـةِ الـعـذراءِ

حـيـثُ الـمـاءُ والـخـضـرةُ والـزيـتـونُ والـتـيـنُ

وحـيـثُ الـلابَــشَــرْ

*

شَــدَّ أنـكـيـدو الـى أوروكَ عـزمـاً..

حـاسِــراً عـن شَــبَـقِ الـفـحـلِ   لـ “ شـامـاتَ” (*)

وعـن زخَّـةِ لـثـمٍ مـن إلـهِ الـعـشـقِ والأمـطـارِ “ إيـنـانـا “

وكـأسٍ مـن نـبـيـذِ الـعـقـلِ فـي حـانـةِ “ ســيـدوري “ ..

تـخـفّـى ..

سـارَ كـالـلـصِّ بِـخُـفٍّ مـن حَـذَرْ

*

خـوفَ أنْ يُـلـقـي عـلـيـه الـقـبضَ

حُـرّاسُ إلـهِ الـريـحِ والإعـصـارِ “ إنـلـيـلَ “ (**)

فـيـمـضـي الـعـمـرَ فـي اللامُـسْـتَـقَـرْ

*

جـازَ فـي عـودتِـهِ ســبـعـةَ أنـهـارٍ مـن الـخـمـرِ

وسـبـعـاً مـن سـواقـي الـمَـنِّ والـسـلـوى

وغـابـاتِ تـراتـيـلَ ووديـانَ سَــهَــرْ

*

خـلـعَ الـثـوبَ الـذي كـانَ مـن الـعـشـبِ

وأوراقِ الـشـجـرْ

*

وارتـدى مـايـرتـديـهِ الـنـاسُ فـي الأمـسِ بـأوروكَ:

ثـيـابٌ مـن حـريـرٍ تـحـتَ قـفـطـانٍ مُـوشّـىً

بـالـدُّرَرْ

*

طَـمَـغَ الـجـبـهـةَ (***)

قـصَّ الـشَّـعـرَ

واخـتـارَ لـهُ إســمـاً جـديـداً

واكْـتـنـى غـيـرَ الـذي كـان يُـسـمّـى..

فـهـو الانَ “أبـو الـخـيـرِ عـلـيٌّ “

و “ أبـو الـعـدلِ عُـمَـرْ “ ..

*

وهـوَ الـمُـنـقِـذُ والـحـامـي / الـقـويُّ / الـزاهـدُ / الـمُـؤتَـمَـنُ / الـسَّـبـعُ

إذا هـدَّدَ أوروكَ خـطـرْ

*

جـالَ فـي أرجـاءِ أوروكَ طـويـلاً

بـاحِـثـاً عـن أمـسـهِ الـمُـشـمِـسِ فـي أحـيـاءِ عـدنـانَ

وطـيٍّ ومُـضَـرْ

*

راعَـهُ أنَّ دروبَ الأمـسِ لا تُـفـضـي الـى الـيـومِ

وشـامـاتَ قـضَـتْ نـحـبـاً بـسـاطـورِ ولاةِ الأمـرِ بـالـمـحـشَــرِ

والـنـهـي عـن الـعـشـقِ..

وإيـنـانـا اسْــتـخـارتْ غـيـرَ أوروكَ مـلاذاً ..

والـمـغـانـي لا أثـرْ

*

ورأى الـفِـتـيـةَ والـصـبـيـانَ يـمـشـون حـفـاةً ..

بـعـضُـهـمْ

يـبـحَـثُ عـن بُـقـيـا طـعـامٍ فـي بـرامـيـلِ الـنـفـايـاتِ  ..

وبـعـضٌ

يـبـسـطُ الـراحـةَ يـسـتـجـدي نـقـوداً  ..

وكـثـيـرونَ عـلـى أرصـفـةِ الـذلِّ يـبـيـعـونَ دخـانـاً ومـنـاديـلَ

وأشـيـاءً أُخَـرْ

*

ورأى بـعـضـاً مـن الـقـومِ ـ قـلـيـلـيـنَ ـ يـسـيـرونَ طـواويـسَ

ويـمـشـي خـلـفـهـمْ جـنـدٌ كـثـيـرونَ  ..

رأى مِـنْ بِـدَعٍ فـي الـديـنِ ما لا تُـغـتَـفَـرْ

*

سـألَ الـمـاشـيـنَ عـن “إنـكـي” و”أوتـو” (****)

فـأتـاهُ الـردُّ:

“ أوتـو “ مـنـذ  ســادَ الـشـرُّ فـي أوروكَ  فَـرْ

*

وإلـهُ الـحـرفِ والـقـرطـاسِ والأشـغـالِ “ إنـكـي “

كَـرِهَ الـعـيـشَ أسـيـراً لـجَـهـولٍ

فـانـتـحَـرْ

*

فـزَّ أنـكـيـدو  ..

سَــرَتْ فـي قـلـبـهِ رعـشـةُ مـوتٍ

لـم يـعـدْ يـعـرفُ

هـل مُـبـتـدأً أضـحـى لأوروكَ الـتـي شَـدَّ إلـيـهـا الـعـزمَ

أمْ مـحـضَ خـبـرْ!

*

كـلُّ حَـيٍّ دولـةً صـارَ

لـهُ جـيـشٌ وقـاضٍ وإمـامٌ مُـنـتـظَـرْ

*

كُـلُّـهـمْ فـي مـجـمَـعِ الآلـهـةِ الـزورِ

يـبـيـعـونَ عـلـى الـنـاسِ الأمـانـي والـخَـدَرْ

***

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أديليد -أستراليا

الخميس 6 /5 /2021

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) شامات: في ملحمة كلكامش هي الحسناء التي أغوت أنكيدو فمكّنته من نفسها فتأنسن بعد توحّش. وإينانا إلهة الحب والجمال والمطر .. سيدوري: صاحبة الحانة المعروفة بالحكمة وسداد الرأي، وهي التي نصحت كلكامش ببناء السور العظيم.

(**) إنليل: إله الرياح والأرض والعواصف وكان راعيا للوحش المدمّر خمبابا

(***) طمغ: ختمَ ، جعل له علامة ـ كوشم الجبين مثلا ـ وهي كلمة تركية معرّبة .. إكتني: إتخذ له كنية / إسما مستعارا غير اسمه الحقيقي.

(****) أنكي: إله الحِرَف والصناعات والثقافة، وأوتو إله الشمس في الملحمة.

*************

الصفحة الثانية عشر 

إصدار

الشخصية العراقية في نصف قرن

عن “دار ضفاف للطباعة والنشر والتوزيع” في بغداد، صدر أخيرا كتاب بعنوان “الشخصية العراقية في نصف قرن”، من تأليف أ.د. قاسم حسين صالح.

يقول المؤلف في مقدمته ان الكتاب “يوثق أحداثا وقعت في العراق في نصف قرن، بينها دراسات تستطلع آراء مواطنين عراقيين، وأخرى تحلل عددا منها من منظور علم النفس السياسي، وأخرى من منطلقات سيكولوجية، وأخرى نتناولها بأسلوب كوميدي ساخر من نوع (شر البلية ما يضحك)”.

يقع الكتاب في 530 صفحة من القطع المتوسط.

**************

ليس مجرد كلام

لماذا نكرَهُ بعضَنا ..؟!

عبد السادة البصري

منذ نعومة أظافري، وحين تفتّحت عيناي على القراءة والكتابة ، عرفت أن كلّ كلمةٍ تمنحني شيئاً من الخُلُقِ الحَسِن ، وتهذّب كلامي وتصرفاتي ومعاملتي مع الناس، وما أن عبرتُ أشواطاً في القراءة والكتابة حتى سكنتني الطيبة وحب الوطن  والتسامح والمحبة والتواضع ونكران الذات ــ أتمنى أن لا يُحسب كلامي هذا غروراً ، أو تملّقاً ، أو تمسكناً أبدا ــ بل هو الحقيقة ، و حياتي التي أعيشها وأعمل بها مع الجميع !

ومنذ صغري وأنا أحمل الطيبة التي زرعاها في روحي ونفسي أبي وأمي ( يرحمهما الله ) ، بالإضافة لما استنشقته وشربته من فضاءات القرية وماء الشط ورائحة الأرض وطلع النخيل وسقسقة البلابل وهديل الحمام ، وما صقلتْهُ القراءة والسياحة في أدب الشعوب والأمم ، وما توارثناه من عادات وتقاليد حميدة طبعا!

أفضْتُ بكلامي هذا ، وتحديداً هذه الأيام ، لأنني اشعر بالألم والحسرة على ما يتفوه به البعض ممن يرفعون شعار الكلمة سلاحا ومصباح هدى وسبيلا لحياتهم ،لأنني أقرأ هنا وهناك كلمات لا تمت للأخلاق والإنسانية بصلة، وكأننا أعداء لابدّ أن نقتصّ من بعضنا!

*هل من المعقول أن يسكننا كل هذا الكره والبغض لبعضنا ؟!

*هل يعقل أن يحقد الإنسان على أخيه الإنسان لدرجة سفك دمه أو المطالبة بقتله دون أدنى سبب ؟!

* هل .. هل .. هل ...؟!

تساؤلات كثيرة سكنتني وأوجعت قلبي وروحي !

لماذا لا نفتح صفحاتٍ جديدةً من المحبّة والتسامح والتآخي، ونفوّت الفرصةَ على مثيري النعرات والطائفية ومشعلي الحرائق وخفافيش الظلام ، ليسقطوا في شرِّ أعمالهم ؟!

صدقوني .. مَنْ يرقص على مشاكلكم وجراحكم لا يحبكم أبداً ! ولن يحبكم  مهما تملّق لكم بالكلام المعسول ، ودغدغ مشاعركم !! انتبهوا وانبذوا القاتلين ، والسارقين ، والمخربين، الأولين والحاليين ، لأن الأولين فاشست  سرقوا أعماركم بالحروب والاعتقالات والإعدامات والتشريد ، والحاليين فاسدون سرقوا كل شيء وخرّبوا البلاد وأذاقوا العباد الهوان بعدما قتلوا الشباب بدم بارد!

ولأن الشباب نزلوا للساحات والشوارع يريدون وطناً خاليا من هؤلاء وأولئك ، فما علينا إلاّ أن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً وكلمةً واحدةً وروحاً واحدةً وضميراً واحداً وعقلاً واحداً ،  لنرسم وطناً يليق بنا حتماً!

بالحب والتسامح والإخلاص والانتماء الحقيقي المخلص للوطن سنجعل الخائن والحاقد والمندّس والمريض نفسيا في خانة الرفض والعزل بعيداً عنا ، ونبدأ بالبناء والعمران والزراعة والصناعة .. وقبل كل شيء التعليم  والثقافة!

**************

في ضيافة شيوعيي كربلاء

عبد المنعم الأعسم متحدثا

عن “الإعلام المعاصر”

كربلاء – عادل الياسري

ضيّفت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كربلاء، صباح الجمعة الماضية، الكاتب والإعلامي عبد المنعم الأعسم، الذي قدم محاضرة بعنوان “الإعلام المعاصر/ الوظائف المتضاربة”، بحضور جمع من الشيوعيين والمهتمين في الشأن الإعلامي.

أدار المحاضرة سكرتير اللجنة المحلية الرفيق سلام القريني، الذي رحب بالضيف وتحدث بإيجاز عن سيرته الذاتية ومسيرته الإعلامية.

واستهل الأعسم محاضرته بالحديث عن الإعلام باعتباره مفهوما واسعا يضم عناوين كثيرة، ملقيا الضوء على إعلام الجريمة والرعب “الذي نشط في العقود الأخيرة من خلال القنوات الفضائية والمطبوعات الهادفة اليه بطرق ووسائل متعددة”.

وأضاف ان “إعلام الجريمة ظهر في العصر الحديث إثر سلسلة طويلة ومعقدة من التحولات، ليشكل عاملا مساعدا في اشاعة الجريمة والرعب وتغطية الخطايا بحق الشعوب”، لافتا إلى أن “الرسالة الإعلامية عرفت بأنها تعنى بتكوين رأي عام بمواجهة سلطة القرار، وتكوين مجسات لمعرفة آراء المجتمع بشكل عام”.

وتابع قوله انه “كلما ازداد تأثير المال على الصحافة، كلما ازداد استحواذ سلطة الاستبداد، الأمر الذي يتسبب في ظهور رؤية جديدة تسمى توازن الرعب”، موضحا انه “لكي نحلل الإعلام نحتاج الى حزمة من العلوم ووسائل التحليل النفسية والاجتماعية”.

وأكد الاعسم أن “هناك تقنيات حديثة واساليب إعلامية غاية في المخاتلة، تتخذ اسلوبا هادئا و”موضوعيا” لاستهداف الرأي العام ووضعه تحت تأثير هذا الإعلام. كما ان هناك سباقا إعلاميا محموما ليس لكسب العقول فقط، وانما لكسب المال وتنظيم المذابح وسوق الملايين الى محارق الصراعات”.

وانتقل الاعسم الى الحديث عن الحرب، وعن المفاهيم الحديثة التي دخلت عليها ودور الإعلام في ذلك، متطرقا إلى “الحرب الباردة التي عادت الآن الى ساحة المواجهة”، وضاربا في الوقت ذاته المثل في ما تخوضه الولايات المتحدة الأمريكية من صراعات مع أقطاب متعددة مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران وغيرها.

وتناول الأشكال المتعددة للصراعات، والتي منها الدينية والعرقية والقومية وصراعات الحدود والصراعات الاقتصادية.

كذلك عرّج على الصورة الفوتوغرافية والصورة الرقمية، وقال انهما لعبتا دورا كبيرا في تسويق افكار الحرب وإشاعة الرعب الذي يستخدم من اجل كسر شوكة الحركات الوطنية وحركات التحرر الوطني. وبيّن ان “الصورة مارست دورا في اغتيال براءة العين. فالعين إذا رأت مشهد مذبحة دمعت، لذا نجد أن الصورة مارست دورا في إخضاع العين للتزوير والكذبة”.

وفي ختام المحاضرة التي شهدت مداخلات واستفسارات من الحاضرين، قدم سكرتير المكتب الإعلامي للجنة المحلية، الرفيق عادل الياسري، باقة ورد للكاتب والإعلامي عبد المنعم الأعسم.

******************

في جامعة بابل

بازار لمنتجات الأرامل والمطلقات

الحلة – مائدة جميل

نظمت “جمعية المواطنة” لحقوق الإنسان، أخيرا في حرم جامعة بابل، بازارا لمنتجات مشاغل الخياطة التي كانت قد افتتحتها الجمعية العراقية الكندية للنساء الأرامل والمطلقات.

وتم تنظيم البازار ضمن فعاليات الاحتفال الذي أقامته الجامعة في مناسبة ذكرى تأسيسها. وقد تضمنت البضاعة المعروضة، أعمالا يدوية وملابس ومفروشات من إنجاز عاملات المشاغل من الأرامل والمطلقات.

وكانت الجمعية العراقية الكندية قد افتتحت مشاغل من هذا النوع في محافظة بابل وغيرها من محافظات ومدن العراق، بهدف توفير فرص عمل للنساء اللاتي يعلن أسرهن.  من جانب آخر، وزعت الجمعية العراقية الكندية تجهيزات رياضية على العديد من الفرق الشعبية الشبابية في منطقة “حي العامل” ببغداد.

*****************

اتحاد نقابات عمال النجف يهنئ بالأول من أيار

النجف - أحمد عباس

في مناسبة عيد العمال العالمي، نظم فريق من اتحاد نقابات عمال محافظة النجف، جولات ميدانية في “مساطر العمال” والأحياء الصناعية و”علوة الخضار” في مركز المحافظة.

والتقى الفريق بالكثير من العمال، وهنأهم بعيدهم ووزع عليهم ورودا وكمامات. كما وزع على العديد من العمال والعائلات العمالية الفقيرة، سلات غذائية جاءت تبرعا من بعض أصدقاء الاتحاد وداعمي الحركة النقابية.

ورفع الاتحاد في العديد من الأماكن العامة وسط النجف، لافتات تحيي الطبقة العاملة في عيدها. كما طالب في المناسبة، الجهات الحكومية بتوزيع الحصة التموينية كاملة على المواطنين، وتخصيص مبالغ مالية شهرية لشريحة العمال وكل الذين تضررت أعمالهم بسبب جائحة كورونا وتداعياتها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شيوعيو كركوك

يوزعون الورد على العمال

كركوك – طريق الشعب

نظم الشيوعيون العراقيون في كركوك، جولة إعلامية راجلة في شوارع المدينة وأسواقها، وذلك في مناسبة عيد العمال العالمي، الأول من أيار.

وتجول الشيوعيون في “ساحة العمال” ومنطقتي “أحمد آغا” و”رأس الجسر”. وهنأوا الكسبة، من عمال المساطر وأصحاب الحرف اليدوية وباعة الخضار المتواجدين هناك، بعيدهم العالمي، ووزعوا عليهم الحلوى والورد ابتهاجا بالمناسبة.

كما وزعوا عليهم نسخا من بيان الحزب الصادر في المناسبة تحت عنوان “الضرورة ملحة إلى سياسة اقتصادية بديلة”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الديوانية

اتحاد الشبيبة

يختتم بطولته الكروية

الديوانية - ميعاد القصير

اختتمت الجمعة الماضية في مدينة الديوانية، بطولة كرة قدم “سباعي”، كان قد نظمها فرع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في المدينة، بمشاركة ثمانية فرق شعبية.

وشهدت البطولة التي انطلقت يوم الثلاثاء 4 أيار الجاري، مباريات بين الفرق المشاركة، وفق نظام خروج الخاسر.

وكانت المباراة النهائية بين فريقي “أكاديمية الطلبة” و”أكاديمية النهرين”. وقد انتهت بفوز الأول بهدفين مقابل هدف واحد، ليتوّج بكأس البطولة.

وحضر المباراة التي أدارها الحكم خالد جبار، جمهور من الرياضيين ومحبي كرة القدم.

وفي الختام، وزعت جوائز على الفريقين، وعلى أفضل لاعب وأفضل هدّاف وأفضل حارس مرمى في البطولة. كما وزعت شهادات تقدير على لاعبين رواد ومثقفين وداعمين لنشاطات الشبيبة.