اخر الاخبار

العربي الجديد

على الرغم من وضع المفوضية العليا للانتخابات في العراق حداً أقصى للإنفاق في الحملات الانتخابية المُقرر انطلاقها قبل ستين يوماً من الانتخابات المحلية (انتخابات مجالس المحافظات)، المنتظرة في 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، تشكّك أطراف سياسية عراقية بإمكانية التزام الأحزاب المتنفذة بتلك الحدود، وسط دعوات لمتابعة مصادر الأموال التي تُصرف في الحملات الانتخابية.

يأتي ذلك في وقت قرّرت فيه المفوضية العليا للانتخابات، الأحد الماضي، تمديد فترة تسجيل المرشحين للانتخابات، وتسجيل التحالفات والأحزاب السياسية لغاية يوم 20 أغسطس/ آب الحالي. وقد أعلنت في وقت سابق عن مشاركة 50 تحالفاً انتخابياً، بينها 33 تحالفاً جديداً.

وعزا رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل، في حديث لـ"العربي الجديد"، هذا التمديد إلى "بعض الإجراءات الفنية والقانونية"، لافتاً إلى أنه "لن يؤثر على موعد إجراء الانتخابات إطلاقاً، والمفوضية أنهت الاستعدادات المهمة والضرورية لنجاح العملية الانتخابية، والشهر المقبل سيتم إجراء عملية محاكاة تجريبية استعداداً لها".

ومن المقرر أن يُجري العراق الانتخابات المحلية في 18 ديسمبر المقبل، وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013. وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولهم صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور العراقي.

 

تعليمات بشأن الإنفاق في الحملات الانتخابية العراقية

وحددت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، في وقت سابق، تعليمات بشأن الحد الأعلى للإنفاق على الحملات الانتخابية، وذكرت فيها أن مدة الإنفاق الانتخابي تبدأ من تاريخ بدء الحملة الانتخابية ولغاية يوم الصمت الانتخابي، الذي يحدد بقرار من مجلس المفوضين.

والحد الأعلى لإنفاق المرشح الواحد، بحسب التعليمات، هو 250 ديناراً عراقياً (0.19 دولار) يُضرب بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية المرشح عنها. كما أن سقف الإنفاق الانتخابي للحزب والتحالف السياسي هو نفسه المبلغ المخصص للمرشح أي 250 ديناراً مضروباً بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية ومضروباً أيضاً بعدد المرشحين لقائمة الحزب أو التحالف السياسي في الدائرة الانتخابية.

وبالتالي فإن المدينة التي يبلغ عدد ناخبيها 500 ألف سيكون مسموحاً للمرشح عنها الإنفاق بواقع 125 مليون دينار، أي نحو 90 ألف دولار. ويدفع هذا الرقم للتشكيك بالتزام المرشحين بما حددته المفوضية، إذ إن بعض حفلات ومؤتمرات الأحزاب التي تتضمن ولائم وهدايا في أكثر من مكان بوقت واحد تتجاوز هذه الميزانية بكثير.

وفي هذا السياق، قال جميل، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك لجاناً مختصة فنية في المفوضية ستعمل على متابعة ومراقبة الإنفاق على الحملات الانتخابية من قبل كل الكتل والأحزاب المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات"، وأضاف أن "أي تجاوز لهذا الإنفاق سوف يعرّض تلك الكتلة للمحاسبة وفق القوانين".

 

انتخابات عراقية مختلفة عن سابقاتها

وأكد جميل أن متابعة مصدر أموال الحملات الانتخابية والإنفاق العالي من مهمات وعمل هيئة النزاهة والتي تنسّق مع المفوضية بهذا الملف، لافتاً إلى أن "المتابعة والرقابة ستكون شديدة جداً على ملف الإنفاق على الحملات الانتخابية، كما ستكون هناك متابعة لمنع أي استغلال لموارد الدولة وأموالها في الحملات الانتخابية".

وفيما اعتبر جميل أن الانتخابات المقبلة "ستكون مختلفة تماماً عن سابقاتها من كافة النواحي الفنية والقانونية"، حذّر من أن "أي مرشح يثبت استغلاله لموارد الدولة وأموالها في الحملات الانتخابية، سيتم استبعاده". وأشار إلى أن "هناك فرقاً من جهات مشتركة تعمل على متابعة هذا الملف".

من جهته، قال عضو لجنة النزاهة البرلمانية باسم خشان، لـ"العربي الجديد"، إن "القوى المتنفّذة تعمل دائماً على استغلال موارد الدولة وأموالها بالحملات الدعائية الانتخابية"، موضحاً أنه "لهذا نجد أن هناك إنفاقاً مالياً كبيراً من قبلها في الحملات الانتخابية". ومقابل ذلك لفت خشان إلى أنه "لا توجد أي رقابة على تلك الصرفيات من قبل الجهات ذات العلاقة".

وأشار خشان إلى أن "المال السياسي، الذي تعمل على صرفه بعض الكتل والأحزاب في حملاتها الانتخابية جاء نتيجة الصفقات والسرقات التي حصلت طيلة الفترة الماضية"، لافتاً إلى أن "هناك جهات تصرف ملايين الدولارات بكل حملة انتخابية لها". وفي السياق، شدّد على أهمية أن تكون هناك مراقبة حقيقية لمعرفة مصدر أموال كل جهة سياسية تشارك في الانتخابات.

وفي هذا الإطار، اعتبر خشان أن "المجاملات والضغوط السياسية سوف تمنع أي محاسبة حقيقية لأي كتلة وحزب يتجاوز حد الإنفاق على الحملات الانتخابية". وأضاف أن هناك ملايين الدولارات تُصرف على هذه الحملات في كل انتخابات من دون أي محاسبة أو إجراء تحقيق أو تحرك لمعرفة مصادر تلك الأموال رغم أن الكل يعرف مصدرها، وهي برأيه "من الفساد المستشري في كافة مؤسسات الدولة".

بدوره، قال المتحدث باسم حركة وعي (حركة سياسية تضم مدنيين)، حامد السيد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الكتل والأحزاب المتنفّذة تعمل على تمويل نفسها وتمويل حملاتها الدعائية للانتخابات من المال العام"، وحوّلت مؤسسات الدولة إلى مكاتب اقتصادية لها، وهو أمر معلوم لدى الجميع، بحسب قوله.

وأوضح أن "هناك شبهات فساد كبيرة وخطيرة في صرف الكتل والأحزاب المتنفّذة على حملاتها الدعائية للانتخابات"، مشيراً إلى صرف ملايين الدولارات مجهولة المصدر فضلاً عن استغلال موارد الدولة في الدعاية الانتخابية. وأضاف أن هذه الكتل والأحزاب "بدأت بحملات تعبيد الشوارع وغيرها من التصرفات غير القانونية، التي تدفع لمحاسبة تلك الجهات على الخروقات الانتخابية".

ولفت إلى أنه "في كل انتخابات نسمع عن متابعة الإنفاق المالي للحملات الانتخابية، لكن في الحقيقة لم نجد متابعة حقيقية لهذا الملف ولم نر محاسبة لأي جهة تتجاوز هذا الحد". وطالب السيد مفوضية الانتخابات والجهات الرقابية الأخرى بـ"متابعة هذا الملف، الذي يمكن من خلاله كشف الكثير من ملفات الفساد والسرقات التي حصلت داخل الدولة العراقية".

عرض مقالات: