اخر الاخبار

العربي الجديد

يتحوّل مربع القصور الرئاسية في منطقة البراضعية، في محافظة البصرة في أقصى جنوب العراق إلى مصدر قلقٍ أمني وسياسي بتدرجٍ سريع، مع تنامي الغضب الشعبي في المدينة الأغنى في البلاد، بعد تنظيم ناشطين بصريين تظاهرات ووقفات عديدة سرعان ما تفاعل معها الشارع البصري، للمطالبة بإخراج الفصائل المسلحة من القصور الرئاسية التي تسيطر عليها منذ سنوات وتتخذها مقرات لها.

والقصور الرئاسية في منطقة البراضعية، تطل على شط العرب الذي يحدها من جهة الشرق، فيما يقع شمالها نهر الخورة ومن الغرب نهر الأميلح ومنطقة مناوي لجم، ومن الجنوب نهر السراجي. ويحتوي مجمع القصور على مستشفى كبير، وقصرين تاريخيين قديمين، أحدهما قصر أغا جعفر، والآخر قصر عبد الوهاب الخضيري، شُيّدا في عام 1902.

كما يضمّ مجمع القصور قصر الدار المبحر، وخمسة قصور فرعية أخرى، إضافة إلى مبانٍ ومجمعات باتت تحت سيطرة "الحشد الشعبي"، التي اتخذتها مقرات لألويتها والفصائل المسلحة.

وتحوّلت المنطقة إلى عنوان تجاذب أمني وسياسي في كثير من الأوقات في البصرة، خصوصاً خلال حكومتي مصطفى الكاظمي (2020 ـ 2022)، وعادل عبد المهدي (2018 ـ 2020)، بعد اتهامات بإيواء العناصر المسؤولة عن اغتيال الناشطين والمتظاهرين والناشطين السياسيين في تلك المنطقة.

ولا يُسمح لقوات الأمن من الشرطة والجيش بدخولها إلا بتصريح رسمي، وحصلت العام الماضي مناوشات بين القوات الأمنية وحرس تلك القصور بعد محاولة الأمن الدخول لاعتقال أحد المتهمين بتصفية ناشط مدني بارز بالبصرة والدخول إلى منطقة القصور الرئاسية.

وخلال الأيام الماضية تظاهر مئات من البصريين أمام مجمع القصور الرئاسية للمطالبة بإخراج المسلحين الذين ينتمون تنظيمياً لـ"الحشد الشعبي"، متهمين هذه الفصائل بتنفيذ عمليات من شأنها الإخلال بالسلم والأمن في المدينة.

وجاءت هذه التظاهرات على خلفية قيام مسلحين مجهولين بمهاجمة عدد من منازل ناشطين، إلى جانب أربعة من أعضاء "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر. وتسربت أخبار فيما يبدو عمدا من الشرطة المحلية تؤكد أن المهاجمين انسحبوا بعد تلك الهجمات إلى داخل مجمع القصور الرئاسية.

وهذه الحالة ليست الأولى، إذ إنه خلال فترة الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، أشارت غالبية التحقيقات الأمنية والقضائية والشهادات والإفادات إلى أن المسلحين الذين أقدموا على اغتيال الناشطين والمتظاهرين، من ضمنهم الصحافيان أحمد عبد الصمد، وصفاء غالي، والناشطة رهام يعقوب، كانوا قد انسحبوا إلى مجمع القصور الرئاسية بعد تنفيذ هجماتهم.

لكن المسؤول المحلي السابق في البصرة، طه التميمي، أوضح في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الحشد الشعبي والفصائل المسلحة لا يسيطرون بالكامل على منطقة القصور الرئاسية، إذ إن هناك جزءاً من ساحل مجمع القصور يضمّ متنزهات للعائلات يمكنهم الدخول إليه".

وأضاف أنه "كان على الحشد الشعبي أن يعسكر خارج المدينة لا داخلها، لأن في ذلك تهديدا للأمن، واستفزازا للقوى المدنية والأهالي الرافضين للسلاح داخل المدن".

وأقرّ التميمي في الوقت ذاته أن "الفصائل المسلحة الموجودة في مقرات داخل مجمع القصور الرئاسية متهمة بتنفيذ سلسلة من الانتهاكات ضد الأهالي، من بينها حماية مطلوبين ومتورطين بتهريب بضائع وممنوعات، إضافة إلى تهديدات تطاول المدنيين وأصحاب الرأي".

ولفت إلى أنه "خلال الأعوام الماضية شهدت القصور الرئاسية هجمات بالصواريخ من جهات مجهولة، إضافة إلى انفجار عبوات ناسفة داخل المجمع، واشتباكات ومداهمات بين مليشيات وقوى أمنية نظامية، وكل ذلك يحدث داخل المدينة"، معتبراً أن "هذا الانفلات يهدم الثقة بين الدولة والمواطن، وتغاضي الحكومة عن الأزمة يزيد الأوضاع سوءاً".

 

عرض مقالات: