اخر الاخبار

يورنيوز

شدد الاتحاد الأوروبي في ميثاق جديد سياسة الهجرة واللجوء؛ إذ سيتم إنشاء مراكز على الحدود الخارجية للتكتل لدراسة طلبات من لديهم فرصة ضئيلة للبقاء. وتسعى الإجراءات الجديدة لأن تكون أسرع وأكثر إنسانية رغم الانتقادات الكثيرة.

وحققت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في العشرين من شهر كانون الأول 2023 الجاري اختراقاً، وصف بـ"التاريخي"، بعد الاتفاق على ميثاق بلور سياسة مشتركة للهجرة واللجوء.

وتم التوصل لهذا الاتفاق بعد مفاوضات ماراثونية معقدة اضطرت كل الأطراف المشاركة فيها لتقديم تنازلات. ويعتمد الميثاق الجديد نهجاً يسعى لأن يكون أكثر صرامة وفعالية على المدى الطويل لمعالجة تدفقات الهجرة واللجوء في التكتل القاري. وتركز الاتفاقية على عدة مجالات رئيسية، من بينها تعزيز مراقبة الحدود الخارجية، وتحسين إجراءات اللجوء، وزيادة التعاون بين الدول الأعضاء. ومن بين التدابير الأساسية الجديدة، هناك إنشاء مكتب اللجوء الأوروبي، الذي يهدف إلى تمكين تقييم موحد وسريع لطلبات اللجوء. وتهدف هذه الخطوة إلى المساعدة في سد الاختلافات القائمة في أنظمة اللجوء الوطنية وتوزيع العبء بشكل أكثر توازناً.

وتباينت ردود الفعل على ميثاق الهجرة الجديد بين الحذر والارتياح، ففيما رأى البعض أن الاتفاقية خطوة مهمة نحو التضامن والاستجابة المنسقة لتحديات الهجرة، أعرب آخرون عن مخاوفهم بشأن سبل التنفيذ العملي وقدرة الاتحاد الأوروبي على تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية للدول الأعضاء والقيم التي يقوم عليها التكتل القاري.

وبهذا الشأن كتبت صحيفة "أفتونبلاديت" السويدية (الديمقراطية الاشتراكية) الصادرة في ستوكهولم الخميس الماضي معلقة: "يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى سياسة هجرة مشتركة وستستمر هذه الحاجة في التزايد. لا يوجد دليل على أن عدد الصراعات العسكرية آخذ في التناقص، إضافة إلى تزايد عدد الأشخاص الذين سيضطرون إلى الفرار من الكوارث المناخية. إن حقيقة التوصل الآن إلى اتفاق من قبل التكتل القاري، يعد إنجازاً سياسياً (..) وعلينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كان الاتفاق سيحل المشاكل حقاً. فهل سيموت عدد أقل من الناس في البحر الأبيض المتوسط، حيث غرق حوالي 17 ألف مهاجر منذ عام 2014؟ (...) ربما تكون الإجابة على كل هذه الأسئلة بالنفي. قد يكون الاتفاق الذي تم التوصل إليه في بروكسل تاريخياً، لكن سياسة الهجرة وقانون اللجوء ستظل قضية مثيرة للجدل في الاتحاد. وسيستمر الناس في الموت وهم يحاولون الوصول إلى بر الأمان".

أهم مضامين ميثاق الهجرة الأوروبي الجديد

في ما يلي النقاط الرئيسية للتسوية التي تم التوصل إليها بشأن "ميثاق الهجرة واللجوء":

ـ إنشاء آلية للتضامن؛ إذ اتفقت الدول الأعضاء على آلية موحدة تهدف إلى توزيع عبء تدفقات الهجرة بشكل أكثر عدالة. وتضمن هذه الآلية أن البلدان التي تتأثر بشكل خاص بحركات الهجرة يمكنها الاعتماد على دعم الدول الأعضاء الأخرى. ويهدف هذا إلى ضمان الاستجابة القائمة على التضامن لتحديات الهجرة. في إطار هذه الإجراءات يتوقع توفير حوالي 30 ألف مكان استقبال في مراكز مخصصة لاستقبال ما مجموعه 120 ألف مهاجر سنوياً.

ـ معايير لجوء مشتركة: هناك جانب رئيسي آخر من الاتفاقية يتعلق بوضع معايير مشتركة للجوء. والهدف هو ضمان معاملة موحدة وعادلة لطلبات اللجوء في جميع بلدان التكتل القاري. ويهدف هذا إلى المساعدة في ضمان حصول طالبي اللجوء على فرص متساوية للوصول إلى إجراءات اللجوء العادلة والفعالة.

ـ حماية الحدود والتعاون مع "الدول الثالثة": يعتزم الاتحاد الأوروبي زيادة جهوده في مجال حماية الحدود وتكثيف التعاون مع دول ثالثة. ولا تهدف هذه التدابير إلى ضمان الأمن على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي فحسب، بل وأيضاً للمساعدة في معالجة أسباب الهجرة وتخفيف الأزمات الإنسانية.

ويذكر أن المدة التي تشملها الإجراءات على الحدود الأوروبية، تبلغ اثني عشر أسبوعاً للبت في طلبات اللجوء، قد يضاف اليها اثني عشر أسبوعاً أخرى تتعلق بإجراءات الترحيل، اي ما مجموعه ستة أشهر كمدة قصوى. وقد احتفظ الميثاق الجديد بما يسمى بـ "لائحة دبلن الثالثة" التي يكون بموجبها البلد الأول الذي يدخله طالب اللجوء في الاتحاد الأوروبي مسؤولاً عن دراسة ملفه. غير أنه تمت إضافة معايير أخرى تسمح لبلد أوروبي آخر للبت في ملفات اللجوء غير البلد الأول الذي دخله طالب اللجوء، وذلك لضمان تقاسم الأعباء وتخفيف الضغط على دول الجنوب المعرضة أكثرمن غيرها لتدفقات الهجرة غير النظامية.

بين الترحيب والتحفظ

وتباينت ردود الفعل في ألمانيا وباقي الدول الأوروبية حول ميثاق الهجرة الجديد. ففي حين رحب البعض بالخطوة باعتبارها تقدماً ضرورياً نحو حل أوروبي مشترك، رأى آخرون أنها غير كافية ودعوا إلى إصلاح أكثر شمولاً لسياسة الهجرة واللجوء. وبهذا الشأن نددت ستيفاني بوب من منظمة "أوكسفام" غير الحكومية، بـ"النقطة المتعلقة بمزيد من الاعتقالات خاصة لأطفال في مراكز تشبه السجون" حسب وصفه.

رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا قالت إن "اليوم هو يوم تاريخي حقاً"، معتبرة أن إصلاح سياسة اللجوء في الاتحاد الأوروبي "ربما يكون أهم حزمة تشريعية في هذه الفترة التشريعية". غير ان عدداً من الباحثين والنشطاء الحقوقيين والمنظمات غير الحكومية وممثلي المجتمع المدني والكنائس، انتقدوا الميثاق الجديد، محذرين من عواقب وخيمة على الأشخاص الذين يحتاجون الحماية.

وانتقد إريك ماركوارت عضو البرلمان الأوروبي (الخضر)، ما أسماه بالتسرع في المفاوضات: "بسبب المطلب السياسي لتحقيق نتيجة بحلول نهاية العام. هذه ليست الطريقة التي ينبغي أن يعمل بها المؤسسة التشريعية الأوروبية". وقال إن سياسة "الردع" التي تبناها الإصلاح الجديد "لن تضعف الشعبوية اليمينية، بل ستقويها".

من جهته حذر يوخن أولتمير الخبير في شؤون الهجرة من أوسنابروك الألمانية من أن تؤدي المخيمات المخطط لها على حدود الاتحاد الأوروبي إلى ظروف كارثية مماثلة لتلك الموجودة في مخيم موريا اليوناني. وتعرض المخيم الواقع في جزيرة ليسبوس اليونانية لانتقادات لفترة طويلة بسبب سوء أوضاع طالبي اللجوء، قبل أن يدمره حريق في ايلول 2020. ويرى أولتمير أن البنية التحتية في إيطاليا واليونان مثقلة بالفعل ولن تكون قادرة في الظروف الحالية على الأقل على تنفيذ مقتضيات الميثاق الأوروبي الجديد.

عرض مقالات: