اخر الاخبار

تُثابر الأسر في سوريا والعراق ولبنان واليمن على كفاحها في سبيل الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة لأحبائها المخفيين والحصول على تعويض عما قاسته من جراء اختفائهم. اقرأوا القصص عن كفاح العائلات وتبادلوها مع الآخرين لإبداء تضامنكم.

أسر المخفيين تناضل من أجل الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على تعويض في مواجهة لامبالاة الدول

تقوم سلطات الدول والأطراف الفاعلة غير التابعة للدولة، مثل جماعات المعارضة المسلحة، في مختلف دول الشرق الأوسط، باختطاف الأشخاص وتعريضهم للإخفاء، باعتبار ذلك طريقة لسحق المعارضة وترسيخ جذور سلطتها وبث الرعب في المجتمعات؛ وكثيرًا يتمّ ذلك في ظل الإفلات الكامل من العقاب. وغالبًا ما يُستهدَف تحديدًا المدافعون عن حقوق الإنسان والمتظاهرون السلميون والصحفيون والمعارضون السياسيون.

وتعيش أسر المخفيين وأحباؤهم في حالة من عدم اليقين ويقاسون عذابًا نفسيًا مستمرًا على مدى أعوام عديدة، بل وأحيانًا على مدى عقود من الزمان. وتقود النساء، في أغلب الحالات، النضال من أجل الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على تعويض، فيعرّضن أنفسهن لخطر مواجهة الترهيب والاضطهاد والعنف. وتقع الأعباء المالية على عاتق النساء؛ إذ يتولَّيْن تأمين سبل المعيشة لأسرهن ورعايتها، إما بدعمٍ قليل من الدولة أو بدون أي دعمٍ على الإطلاق في أغلب الأحوال، وتحت وطأة المعايير الأبوية القمعية. فلا يمكنهن تنظيم جنازة كريمة لدفن ذويهن أو الحزن عليهم بشكل سليم، ويمضِين حياتهن في تنظيم الحملات لمُطالَبة السلطات بالكشف عن مصير ذويهن وأماكن وجودهم.

في دول سوريا والعراق ولبنان واليمن وحدها، يصل العدد الإجمالي للأعوام التي أمضتها جميع أسر المخفيين في انتظار أي أنباء عن أحبائها المفقودين والنضال من أجلهم إلى أكثر من مليون عام.

في حين أن حكومات معظم هذه الدول لم تُجرِ أي تحقيقات بشأن حالات الاختفاء ولا أعطت أي أعداد دقيقة للمفقودين أو المخفيين، فإن جمعيات العائلات، ومنظمات حقوق الإنسان، وهيئات الأمم المتحدة قد نشرت تقديرات لعدد الأشخاص المختطفين والمخفيين في كل بلد. ففي العراق، تتراوح أعداد المخفيين بين 250,000 ومليون شخص. وفي لبنان، يُقدّر العدد الرسمي بحوالي 17,415. وفي سوريا، فتُقدِّر منظمات حقوق الإنسان عدد المخفيين بأكثر من 100,000. وفي اليمن، وثّقت منظمات حقوق الإنسان 1,547 حالة اختفاء. وعند ضرب هذه الأرقام بتقدير متحفظ لعدد السنوات التي كان خلالها ولا يزال هؤلاء الأشخاص في عداد المفقودين، تظهر صورة مأساوية لعدد السنوات الموجع الذي أمضته العائلات في انتظار الأجوبة – وهو عدد يزيد على مليون سنة.

 وفي ظل عدم اتخاذ أي إجراءات فعَّالة من جانب الدول، فقد اجتمعت أسر المخفيين تحت لواء جمعيات مؤلفة من الأسر والناجين للمُطالَبة بحقوقها، في مقابل تكبُّدها ثمنًا باهظًا وتعرُّضها لمخاطر شخصية. ويحظى حق الأفراد والمجتمعات في معرفة الحقيقة باعتراف القانون الدولي؛ وفي سياق حالات الاختفاء القسري، يعني هذا الحق  “الحق في معرفة ما يتعلّق بسير التحقيق ونتائجه ومصير الأشخاص المخفيين وأماكن وجودهم وظروف حدوث حالات الاختفاء وهوية الجاني (الجناة)”.

 وبمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، تنشر منظمة العفو الدولية قصصًا حول مثابرة أسر المخفيين ومنظمات حقوق الإنسان في كلٍ من هذه البلدان وحول تضحياتها الاستثنائية. وتختلف رحلة البحث عن الحقيقة والسعي إلى إحقاق العدالة والحصول على تعويض في قصص الأسر من كل بلد، إلا أن ما يجمعها هو نضالها المشترك ورؤيتها لمجتمع أكثر حريةً وأمانًا وتماسكًا.

تبادلوا هذه القصص تضامنًا مع أسر المخفيين وطالبوا باتخاذ إجراءات فعَّالة للكشف عن مصير أحبائها وأماكن وجودهم. لقد انتظرت العائلات أحبائها المفقودين وناضلت من أجلهم لما مجموعه أكثر من مليون سنة.

 

يشهد العراق أحد أكبر الأعداد من حالات الاختفاء في العالم؛ فقد تعرَّض أشخاص للاختطاف والإخفاء القسري خلال عهد نظام حزب البعث (1968 – 2003)، وفي إبان غزو العراق واحتلاله بقيادة الولايات المتحدة (2003 – 2011)، وخلال أعوام العنف الطائفي (2006 – 2008)، وفي أثناء النزاع مع الجماعة المسلحة التي تُطلق على نفسها اسم تنظيم الدولة الإسلامية (2013 – 2017)، وفي إبان الحملة القمعية ضد المتظاهرين خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مختلف أنحاء البلاد في 2019 وفي أعقابها.

وعلى الرغم من تصديق العراق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري، تقاعست الحكومات العراقية المتعاقبة بصورة متكررة عن اتخاذ أي خطوات فعَّالة لإجراء تحقيقات بشأن حالات الاختفاء، أو الكشف عن مصير المخفيين وأماكن وجودهم، أو محاسبة المُشتبَه بمسؤوليتهم الجنائية عن وقوع هذه الحالات. ومن الأمور بالغة الأهمية أن السلطات العراقية لم تعترف بعد بالإخفاء القسري باعتباره جريمة قائمة بذاتها في التشريعات الوطنية، ولم يُقاضَ أي أفراد مُشتبَه بمسؤوليتهم الجنائية عن وقوع حالات الاختفاء القسري.

وفي أبريل/نيسان 2022، أطلقت أسر المخفيين حملة بعنوان “عدلين ميتين نريدهم” (“نريد عودتهم أحياءً أو أمواتًا”) #DeadorAliveWeWantThem للمُطالَبة بإجابات حول مصير وأماكن وجود أحبائها الذين اختفوا في خلال النزاع مع تنظيم الدولة الإسلامية. وحظيت الحملة بدعمٍ من مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، التي تُساعد الأسر في تنظيم مواقفها وتحركاتها على مستوى البلاد وتوحيد مطالبها في مختلف أماكنها وعلى مختلف خلفياتها وظروف اختفاء أحبائها. وفي 15 أغسطس/آب 2023، قبل حلول اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، احتشدت أسر المخفيين العراقية والناجون من الإخفاء القسري ومنظمات حقوق الإنسان في تظاهرات في مختلف أرجاء البلاد للمُطالَبة بالكشف عن الحقيقة حول حالات الاختطاف والاختفاء القسري وتحقيق العدالة من أجل ضحاياها.

وفقًا لما ذكرته لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، يُقدَّر عدد المفقودين في العراق بما يتراوح بين 250,000 ومليون شخص مفقود منذ 1968، ما يجعله أحد البلدان التي تشهد أكبر أعداد مفقودين في العالم.

 

مطالب موجهة إلى السلطات العراقية:

ضمان إجراء تحقيقات مستقلة ووافية بشأن حالات الاختفاء القسري على وجه السرعة ومُوافاة عامة الجمهور بمستجدات سير هذه التحقيقات بانتظام ومع مراعاة الشفافية؛

ضمان حماية أولئك الذين يلتمسون العدالة من التعرُّض لأعمال انتقامية.

عرض مقالات: