اخر الاخبار

المياه والمناخ وعلاقات العراق بتركيا

نشر معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي مقالاً للكاتب محمد صالح حول علاقات العراق بتركيا، اشار فيه إلى إنه ومع إعادة انتخاب أردوغان رئيساَ، اصبحت مشكلتا المياه والبيئة، القضية الحاسمة في العلاقات بين أنقرة وبغداد، مما سيلقي بظلاله على تحركات كلا البلدين بشأن مجموعة من القضايا ذات العلاقة.

 

المياه والبيئة

وأكد المقال على أن ندرة المياه والتدهور البيئي المرتبط بها، قد أضرت بشكل كبير بجنوب ووسط البلاد، حيث يشّكل نهرا دجلة والفرات، النابعين من تركيا، المصدر الأساسي للمياه فيها، مما يجعل العراق في الطرف الأضعف من معادلة تزداد صعوبة جراء عدم اليقين والتعقيدات الناشئة من المصالح المتضاربة للعديد من الجهات الفاعلة الوطنية والإقليمية.

وبعد أن إستعرض المقال دور الرافدين في ظهور الحضارة القديمة وفي نشوء العراق المعاصر، أكد بأنه وللمرة الأولى يبدو أن بقاء نهري دجلة والفرات في العراق معرض لخطر جسيم بسبب تناقص منسوب المياه، بنسبة 40 في المائة في العقود الأربعة الماضية، مما ينذر بإختفاء نهر الفرات بحلول عام 2040، في بلد صنفته الأمم المتحدة كخامس دولة معرضة للتأثر بتغير المناخ في العالم، حيث يتوقع البنك الدولي أن يفقد العراق 25 في المائة من مياهه العذبة بحلول عام 2050 مع كل زيادة في درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة وانخفاض هطول الأمطار بنسبة 10 في المائة.

وبيّن المقال بأن من الأسباب الرئيسية لإنخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات، بناء تركيا 22 سداً ضمن مشروع GAP، الذي أطلقته في الستينيات لتسخير مياه النهرين، بإعتبارهما ـ من وجهة نظرها غير دوليين ـ لتوليد الطاقة الكهرومائية وتطوير الزراعة، وهو المشروع الأغلى كلفة والأكبر حجماً في تاريخ البلاد.

ويعتقد الكاتب بأن تركيا قد استخدمت المياه كأداة للضغط على العراق، فبعد أن وافقت على صرف 500 متر مكعب من المياه في الثانية، انخفض المعدل إلى حوالي 200 متر مكعب في الثانية من نهر دجلة و175 مترا مكعبا في الثانية من نهر الفرات، مشيراً إلى أن التخفيضات التركية قللت من كمية المياه المتاحة لكل عراقي، من 5000 متر مكعب في عام 1997 إلى 2400 متر مكعب في عام 2009.

 

متاهة العلاقات

ورغم التوترات التي تميزت بها العلاقة بين البلدين، بسبب وجود مقاتلي المعارضة الكردية التركية على الإراضي العراقية ومساعي أنقرة لخلق توازن بين نفوذها ونفوذ طهران على بغداد، كما هو جار تاريخياً، وجد الكاتب بأن ميزان التبادل التجاري بينهما يميل بشدة لصالح انقرة، التي صدّرت بضائعاً إلى العراق بقيمة 14 مليار دولار مقابل صادرات عراقية لم تتجاوز قيمتها 1.5 مليار دولار، وهي قفزة كبيرة حيث كان التبادل منحصراً في 100 مليون دولار العام 1995.

وأضاف بأن استثمار الشركات التركية في قطاع الطاقة في إقليم كردستان والسماح بتصدير النفط منه عبر ميناء جيهان، قد شدّد من تعقيد العلاقات، خاصة حين نظرت تركيا إلى احتياطيات الغاز والنفط في إقليم كردستان كمصدر منخفض التكلفة للطاقة.

وخلص الكاتب إلى القول بأن سعي تركيا لإخضاع العراق إلى إرادتها، يجعلها تستخدم المياة كسلاح للتدجين، وإجهاض محاولات العراق اللجوء إلى التحكيم بشأن نزاع المياه مع أنقرة، وأخيراً إظهار القوة العسكرية والعمل على زعزعة استقرار العراق، وضرب أهداف عميقة داخل أراضيه.

ونقل الكاتب عن خبراء دعوتهم لتبني بغداد استراتيجية كلية بدلاً من استراتيجية مجزأة، أي ربط قضية المياه مع الإستثمار والتجارة والطاقة والأمن، داعين إلى جذب تركيا للمشاركة في طريق التنمية، والمشاريع الزراعية وإنتاج الغذاء على نطاق واسع.