اخر الاخبار

مأساة تغير المناخ في العراق

نشرت مجلة (الصحة والنزاع والتنمية) في عددها الأخير دراسة للباحث دلشاد الجاف، حول أفاق مواجهة تغير المناخ في العراق، أكد فيها على أن عقودًا من الصراع ساهمت في تدمير البيئة الطبيعية وزادت من آثار تغير المناخ سوءًا. وذكر بأن مجموعة من التقارير، منها ما نشرته ناشيونال جيوغرافك في 2017، كشفت بأن تغير المناخ وندرة المياه ساهمت بشكل مباشر في دفع بعض المزارعين والمجتمعات اليائسة للانضمام إلى داعش، فيما أفادت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح 21314 شخصًا في عام 2019 و20000 شخصاَ في عام 2021 بسبب ندرة المياه.

أسباب المأساة

وذكر الباحث بأن المنظمة الدولية للهجرة قد أكدت في العام الماضي على عدم قدرة النازحين العودة إلى مناطقهم الأصلية بسبب التغييرات المناخية، وأن أرقام النازحين تعّد متواضعة قياساً بما يحدث على الأرض، حيث تسبب ندرة المياه والتنافس على الموارد، توترات عرقية وطائفية وقبلية ونزوحا إلى المناطق التي للهاربين قواسم مشتركة مع سكانها.

وانتقد الباحث الاتفاقية التي صدرت عن مؤتمر COP27، 2022، لمساعدة البلدان الأكثر تضررًا من تغير المناخ، لأنها أغفلت تأثير الصراع العسكري على البيئة، ولم تحدد ضوابط الصرف، التي تضمن عدم وصول أموال المساعدة لجيوب الحكومات الفاسدة. وأعرب عن إعتقاده بأن حالة العراق، مثال على القصور في الجهد الأممي، حيث لا تتم معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة، المتمثلة بالعنف وشحة المياه.

دمار الحرب

وأشار الباحث إلى ما عانته البيئة خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث أنخفضت أعداد النخيل بنسبة 50 في المائة، وأنتشرت المواقع الملوثة والمواد الخطرة وحرائق النفط، وعاش الناس بين 50 مليون لغم أرضي وذخائر غير منفجرة، وبقيت التربة والمياه في كردستان ملوثة بعوامل الحرب الكيماوية والتي أدت، من بين أسباب اخرى، لتقليل الغطاء الخضري بما لا يقل عن 55 في المائة. كما ذكّر الكاتب بقيام القوات العراقية بإشعال ما بين 600 و 800 بئر نفطي أثناء انسحابها من الكويت، العام 1991، وحرق سبعة ملايين برميل نفط يومياً وسقوط الأمطار الحمضية السوداء من سحب محملة بملايين الأطنان من السخام، وبحرائق حقول نفط القيارة وحريق مجمع الكبريت في المشراق أثناء الحرب ضد الإرهاب، ثم مشكلة التلوث من الإشعاع بسبب ما جرى لموقع التويثة للأبحاث النووية في بغداد خلال حروب الخليج الثلاثة، وما سببته من إنتشار للسرطان والعقم، ناهيك عن إستخدام الأمريكان وحلفائهم ما لا يقل عن 150 طنًا من ذخائر اليورانيوم المستنفد خلال حرب 2003، ملوثين بذلك التربة والسلسلة الغذائية.

الجفاف

وحول ندرة المياه، أكد الباحث على أن العراق سيفقد 20 في المائة من موارده المائية خلال السنتين القادمتين، بعد أن فقد حتى الأن حوالي 50 في المائة منها، فيما تشير التوقعات إلى أن هطول الأمطار السنوي سينخفض بشكل كبير مستقبلاً.

وأشار إلى استخدام المياه كسلاح أثناء الصراع، حيث حاول الجيش الإيراني الاستيلاء على سد دربنديخان مما أثار حينها الرعب من فتح أبواب السد لإغراق بغداد. وكان إحتمال نسف داعش لسد الموصل مثيراً للقلق على المدينة ومحيطها، فيما سبق لصدام أن جفف الأهوار التي يشير برنامج الأمم المتحدة للتنمية إلى فقدانها 90 في المائة من مياهها وتنوعها البيولوجي، مما سبب تدميراً للنظام البيئي وكان له تأثير وخيم على حياة السكان. وحول تأثير الجفاف، أكد الباحث بأنه كان السبب في الإضرار بأكثر من 50 في المائة من الأراضي الزراعية وتدمير الماشية وزيادة تواتر العواصف الترابية (من 24 يوم إلى 122 يوم في السنة).

أسس الحل

وفي إطار تطرقه إلى العديد من المشاريع التي تفيد في تقليل حجم المأساة، كمشروع إحياء بلاد ما بين النهرين ومشروع خطة التكيف الوطنية، أكد الباحث على أن الحلول تشترط توفر إرادة سياسية تعالج الأسباب الجذرية للمشاكل، وتعمل على الإلتزام بالقانون الدولي وإلزام الأخرين به، وتعزيز التعاون حول الموارد الطبيعية والمصالح البيئية المشتركة بالمنطقة.