اخر الاخبار

تحديات التنوع والتسامح في العراق

نشر شيفان فاضل مقالاً على موقع معهد الشرق الأوسط حول التنوع الديني والقومي في العراق، ذكر فيه بأن للبلاد تاريخ مليء بالقمع والعنف، لاسيما في ظل النظام البعثي أو بعد إسقاطه إثر حرب عام 2003 والتي أغرقت العراق في حالات من الفوضى والصراع، كان آخرها صعود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي، الذي استهدف بشكل خاص الأقليات العرقية والدينية، ولاسيما تلك التي تعيش في نينوى، المحافظة ذات الأعراق والأديان المتعددة كالآشوريين والكلدانيين والكاكائيين والشبك والسريان والتركمان والإيزيدية، وسعيه ليس فقط لمحو هويتهم الثقافية، بل وايضاً محو ثقافة قرون من التعايش القومي والطائفي.

المهمشون

وعلى الرغم من أن العراق يتمتع الآن بأكثر فتراته استقراراً، حسب رأي كاتب المقال، فإن هناك حاجة ماسة للتمعن في الآثار المدمرة للعنف، خاصة تجاه الشرائح الأكثر تهميشًا وضعفًا في المجتمع، كالأقليات المنتشرة في شمال العراق والتي لا تعيش فقط على الهوامش الجغرافية للمناطق شبه الحضرية ولكن أيضًا على هامش المجتمع وهياكله، مع مجرد تمثيل سياسي رمزي وحراك اجتماعي متجمد وصور سلبية نمطية عنها، يتم تبنيها في كثير من الأحيان كحقائق.

ورأى كاتب المقال بأنه ورغم خفوت حدة النزاع المسلح والعنف، فلا تزال القيود المفروضة على حرية الدين، وكذلك العنف والمضايقة ضد الأقليات، منتشرة على نطاق واسع في أجزاء كثيرة من البلاد، حيث يستمر خطاب الكراهية وتنتشر أشكال مختلفة من التمييز والشمولية وعدم احترام أو تجاهل التنوع، وإزدراء المهمشين والسخرية من ثقافتهم وممارساتهم.

مأساة الإيزيديين

وتطرق المقال إلى مأساة الإيزيديين التي بدأت مع إحتلال الإرهاب لمناطقهم، والتي تأخذ حتى الأن أشكالاً متنوعة، منها ما حدث في نيسان الماضي، حين جرى اتهام بعضهم بحرق مسجد في منطقة سنجار خلال مظاهرة سلمية ضد عودة العائلات المشتبه في انتمائها إلى داعش للمنطقة، قبل أن يتأكد الجميع من هذه الإكذوبة، حيث كانت صور المسجد المحترق تعود لعام 2016 حين أدت العمليات العسكرية ضد داعش إلى تدمير واسع.

ورأى الكاتب بأن آلاف التدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي والتي جاءت رداً على تلك الشائعة ودعت إلى العنف ضد الإيزيديين، تتطلب تنشيط الحوار حول التسامح واحترام التنوع ومنع التلاعب بالمشاعر الشعبية وتجنب الاستخدام المتعمد للمفاهيم الخاطئة والأساطير التي تغرس عدم الثقة والكراهية بين الناس.

المفاهيم الخاطئة والمسبقة

وأكد المقال على خطورة وجود مفاهيم مسبقة وخاطئة عن ثقافة الأقليات العراقية، وهو ما يسبب بقاء العديد منها محاصرة في حلقة مفرغة، تواجه تهديدات لعقيدتها وحياتها وأمنها وتعيش في عزلة وتمارس طقوسها في الخفاء للحفاظ على مجتمعاتها وهويتها الثقافية، وهو ما يؤدي بدوره إلى تعزيز المفاهيم الخاطئة الأساسية والصور النمطية الضارة وإلى مزيد من التعصب ضدها. ودعا المقال الحكومة وباقي مؤسسات الدولة إلى معالجة هذه المشاكل عبر التعليم والإعلام ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، وتنظيم برامج التعليم الديني غير المتكافئ.

معالجة التهميش

وذكر الكاتب بأن خلاص هذه الأقليات من التهميش يتطلب برامج علمية لدمجهم في مجتمعهم العراقي عبر الاعتراف الرسمي بهم في الدستور والتشريع، وإعتراف المراجع الدينية التقليدية بهذا التنوع، وتحقيق الاعتراف الشعبي، والذي يعّد الأصعب والمغذي الأبرز لخطاب الكراهية والتمييز.

كما تلعب مواجهة التمييز والإقصاء في سوق العمل، بما في ذلك التوظيف في الحكومة والقضاء والقطاع العام دوراً مهماً، لاسيما إذا ما حدث هذا الإستبعاد على أساس ديني، وهو ما يجبر الأقليات على إخفاء ثقافتهم، كي يستطيعوا أن يعملوا ويكسبوا معيشتهم، مما يؤدي إلى شعورهم بالعزلة وعدم الإنتماء لبلدهم