اخر الاخبار

لا يمكن الحديث عن إحصائيات دقيقة تتعلق بالفقر والبطالة ومستويات الدخل لجميع العراقيين من دون تعداد سكاني يوفر قاعدة بيانات حقيقية، وليست تخمينية كما يجري حاليا. وبالتالي فان إيجاد معالجات فاعلة لمشكلات الفقراء واحتياجات ومطالب الناس والمحافظات، لن يتحقق من دون تعداد سكاني.

وأخيرا، أعلنت وزارة التخطيط تأجيل التعداد السكاني إلى العام المقبل، نتيجة لتأخر إقرار الموازنة ما يقارب ستة أشهر. وفي ايلول العام الماضي، أعلنت الوزارة أنّها تتوقع بلوغ عدد السكان الإجمالي في البلاد 50 مليون نسمة بحلول عام 2030، وسط تحذيرات من تأخّر الحكومة في إعداد خطة شاملة لمعالجة أزمات السكن، والتعليم، والصحة، والبطالة، والفقر.

ويعتمد العراق في الوقت الراهن على أرقام تخمينية في تقدير عدد السكان سنوياً، وانتهى العام الماضي بتقديرات وصلت الى 42 مليونا.

يشار إلى ان التعداد السكاني المرتقب يتضمن قياس معدلات الفقر، ومستوى الدخل، والخدمات في كل مدينة عراقية، كما يرصد مؤشرات اجتماعية مختلفة مثل الأمية والتعليم والصحة.

لما التأجيل؟

وعن سبب تأجيل قرار التعداد السكاني، يقول المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لـ”طريق الشعب”، إنه مرتبط بتأخر إقرار الموازنة، وانتهاء ما يقارب نص عام دون إقرارها، إضافة الى “أننا نحتاج لتخصيصات مالية لتغطية عملية التعداد السكاني”.

ويضيف قائلاً، إن “هناك متطلبات كثيرة لإجراء التعداد السكاني، من بينها المدد الزمنية، لذا صار من غير الممكن استكمال كل هذه المتطلبات في غضون ستة أشهر”.

ما متطلبات إجراء التعداد السكاني؟

ويوضح الهنداوي، أن إجراء التعداد السكاني يتطلب أجهزة لوحية وتصنيعها واستيرادها من الخارج، وتدريب العدّادين لمدة تقارب الشهرين، فضلاً عن إجراء عمليات الحصر والترقيم التي تحتاج إلى أكثر من شهرين، وأيضاً إجراء التعداد التجريبي، وغيرها من التفاصيل التي تحتاج إلى مدة زمنية ليست بالقصيرة.

ويؤكد، “أننا لا نملك وقتا كافيا لإنجاز كل هذه المتطلبات، لذلك جرى تأجيل هذه العملية إلى العام المقبل بشكل اضطراري”.

ويتوقع الهنداوي أن يصل عدد نفوس العراق إلى 43 مليون نسمة بنهاية العام الجاري، بواقع 50.5 في المائة للذكور و49.5 في المائة للنساء.

ما أهميته؟

باسم جميل أنطوان، الخبير الاقتصادي، يحث على أن تكون هناك إجراءات للتثقيف الشعبي والتهيئة قبل إجراء التعداد السكاني، وان يحظى القرار بإجماع سياسي، كون بعض أصحاب القرار يحاولون استغلال القضايا الاجتماعية لصالحهم السياسي.

ويبيّن انطوان في حديثه مع “طريق الشعب”، إن التعداد السكاني ليس مجرد أعداد تحتسب، انما يعكس واقع الحال اقتصاديا واجتماعيا، إضافة الى معرفة وضع التعليم والصحة، ومعرفة حصة كل فرد من الدخل القومي.

ويجد ان التعداد مسألة أساسية، حيث لا يمكن التخطيط او وضع حلول دقيقة إذا لم يكن هناك معلومات حقيقية.

ويؤكد أنطوان ضرورة الاستعجال، بشرط أن يكون هناك إجماع سياسي، وأن يتم تخصيص مبالغ مالية كافية.

وينوه انطوان ـ الذي عمل في وقت سابق ضمن لجنة التنظيم الخاصة بالتعداد السكاني ـ بأنه جرى في وقت سابق تخصيص مبالغ مالية لمسالة التعداد السكاني “اربع مرات”، لكنها تختفي في كل مرة، بحسب قوله.

ويتابع قائلا: ان “الخلافات والصراعات السياسية بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، تمثل سبباً رئيسيا في إفشال العديد من المشاريع المهمة”.

هل يعكس الرؤية السياسية؟

يعتقد أنطوان ان التعداد له علاقة بـ”الرؤية السياسية التي تتبناها الحكومات”، فعلى أثر نتائج التعداد يتحدد حسم العديد من القضايا السياسية، بما يتوافق مع المزاج السياسي لكثير من القوى.

ويشير أنطوان الى ان “الفئات الفقيرة والمهمشة هي الأكثر تضررا من تأخر التعداد السكاني في البلاد، كون حصتها من الناتج المحلي ينعدم، إضافة الى ان معرفة نسبة الفقر عن طريق التعداد، من المفترض ان تسهم في توزيع الدخل بشكل عادل؛ وكلما كانت المعلومات دقيقة استطاع المواطن الحصول على حصته من التموين او ضمان حقه بالتسجيل في شبكة الحماية الاجتماعية، التي غالبا ما يحصل فيها تزوير، حيث تكشف السلطات بين فترة وأخرى عن اسماء لغير المستحقين في شبكة الرعاية الاجتماعية”.