اخر الاخبار

أقام منتدى بيتنا الثقافي، السبت 17 حزيران 2023، جلسة حوارية عن ظاهرة انتشار المخدرات في العراق، ضيّف خلالها رئيس قسم علم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة بغداد، الدكتور خالد حنتوش، للحديث عن هذه الظاهرة وأسبابها وتداعياتها.

وأدارت الجلسة السيدة اخلاص حميد، تحت عنوان «المخدرات في العراق.. العوامل، النتائج والحلول»، والتي شهدت عرضا مفصلا من قبل المتحدث عن أسباب الظاهرة والأرقام والبيانات التي تتعلق فيها.

مقدمات ومفاهيم الأزمة

بدأ المتحدث محاور موضوعه باستعراض سريع لقانون رقم 50 لعام 2017 والذي أصدره البرلمان بخصوص المخدرات. واعتبر هذا القانون جيدا من حيث المضمون في التعامل مع المشكلة، حيث لا يحاكم المتعاطون كمجرمين وانما كمرضى، بشرط العلاج والتشافي او التعهد بذلك، وبخلاف ذلك تترتب عليهم إجراءات قانونية، لكنه يشدد على أهمية تعديل القانون وفقا لما يراه خبراء ومختصون.

وقال حنتوش إن الحكومة صنفت في عام 2021 ظاهرة المخدرات كأول المخاطر التي تواجه البلاد، واضعة إياها قبل الإرهاب والفساد لما للأمر من تأثيرات كارثية.

وبالنسبة لتعاطي أو تجارة المخدرات، فهي وفقا للمتحدث ترتبط بالخلل البنيوي الذي تعاني منه الدولة والنظام السياسي، على حد سواء.

ولفت إلى أن المختصين والصحفيين الاستقصائيين يجدون عند متابعهم قضية المخدرات مئات المشاكل التي تطفو على السطح وترتبط بشكل او بآخر بهذه الظاهرة، مثل الفساد ومشاكل الأمن والحدود وغيرها. وعلى الصعيد العالمي، تحل تجارة المخدرات بالمرتبة الثالثة بعد الدواب والسلاح، حيث أنها من الهموم العالمية ذات الأرقام المخيفة.

ومضى بالقول: في العراق، تبين الاحصائيات أن عدد المدمنين تضاعف حوالي 10 مرات؛ ففي عام 2004 كان هنالك 252 معتقلا بتهم مخدرات. أما الآن فصار العدد 25 ألفا، وهذا تزايد بنسبة 10 اضعاف فضلا عن تأكيدات بأن 5 في المائة فقط هم من تطالهم القوات الأمنية، وهذا يجعلنا أمام رقم هائل يصل إلى حوالي 500 ألف شخص لا تصله قوات الأمن. وأما نسبة الذين يتلقون العلاج فلا تتجاوز 1 في المائة فقط.

أنواع المواد المخدرة

وتابع حنتوش، ان وزارة الداخلية تؤكد أن 40 في المائة من المتعاطين يتعاملون مع مادة «الكريستال» الخطيرة جدا. وأما المادة الثانية فهي «الكبتاغون» وبنسبة 31 في المائة، لتأتي خلف هاتين المادتين أنواع أخرى مثل الحشيشة وغيرها، لافتا إلى أن الباحثين يعانون من صعوبة الحصول على الأرقام من وزارة الداخلية.

وشدد المتحدث على أن الجهات الأمنية غير متهاونة مع الموضوع، لكن الملف يرتبط بقضايا سياسية. كما أن تعدد الجهات الأمنية التي تتعامل مع المخدرات تعتبر نقطة ضعف وليس قوة، وهي واحدة من المشاكل البنيوية في البلاد. وما يزيد من صعوبة التعامل مع المخدرات هو عدم الاستقرار في كوادر الأجهزة الأمنية المختصة من خلال كثرة حالات النقل من والى الدوائر الأمنية، بينما يتطلب أن تكون عناصر الدوائر المعنية بالمخدرات ثابتة، لتحظى بتراكم الخبرات.

وبيّن أن عدد المدمنين يتراوح بحسب الاحصائيات ما بين 400 الى 500 ألف شخص، بينما لا يملك العراق سوى 500 سرير وهذا فرق شاسع يوضح فداحة الأوضاع، أي أن هناك سريرا واحدا لكل 1000 مدمن. ومع هذا، تخلو الموازنة من أي تخصيص أو ذكر للظاهرة رغم المطالبات بإدراجها بشكل رسمي، مشيرا إلى حاجة البلاد لمركز وطني لدراسة وتقييم الوضع، وإلى جهاز لتوحيد القوى الامنية المعنية بالمخدرات.

وأوضح، أن الضباط الذين يلاحقون تجار المخدرات، يشكون شحّ المصادر المعلوماتية التي يحتاجون اليها في عملهم. ومن ضمن الأسباب الأخرى لانتشار المخدرات هو سياسة الأحزاب المتنفذة التي ساهمت بذلك، من خلال الفساد أو التعامل بانتقائية مع الملف. فضلا عن ذلك، هناك حاجة إلى محاكم وقضاء خاص بالمخدرات، فهناك ضغط اجتماعي وعشائري على العناصر الأمنية الذين يلاحقون التجار ولا يملك البلد سوى 3 مختبرات لتحليل الدم وهذا ما يجعل بعض القضايا تتأخر لشهور طويلة داخل المحاكم.

ومن القضايا الهامة التي أشار اليها حنتوش، هو وضع المتهمين والمدانين بقضايا المخدرات في نفس الأماكن، وهذا الأمر يحوّل السجون إلى ورش تدريبية حول كيفية التعامل مع القضاء والافلات من العقاب، فواحد من هذه الأمور ـ وبسبب الروتين والتأخير ـ هو ما يقوم به المتاجرون من تحويل صفتهم إلى متعاطين، ليكون الأمر اهون عليهم قضائيا.

وشهدت الجلسة مداخلات واسئلة عديدة من الحضور أجاب عليها المتحدث بشكل ضاف، قبل أن يُكرم بشهادة تقديرية من قبل الإعلامية حذام يوسف.