اخر الاخبار

يعتبر الإنترنت إحدى الأدوات الأساسية للتواصل والعمل في العصر الحديث، بل واصبح عصب الحياة، ومع ذلك ما زال العراقيون يعانون من صعوبات كبيرة في الوصول إلى خدمة الإنترنت المناسبة.

ومرت سنوات طويلة بينما لا يزال الحديث يدور حول تحسين هذه الخدمة، الا ان ضعف أداء وزارة الاتصالات والحكومة بصورة عامة في هذا الملف، ساهم في تراكم مشكلات هذا القطاع بشكل كبير.

ومن بين الأسباب الرئيسة لهذا الوضع وفق ما يفيد به اصحاب الاختصاص، هو عدم الاستثمار في تحديثها وتطويرها بما يتلاءم مع التطورات التكنولوجية الحديثة. كما أن الحكومة لم تقدم الدعم الكافي لتحسين خدمة الإنترنت، ولم تتمكن من ايجاد آلية رقابية على مزودي خدمة الإنترنت للمواطنين.

لجنة نيابية: مشكلات عديدة!

في هذ الصدد، يوضح عضو لجنة النقل والاتصالات البرلمانية، كاروان علي ياوريس، ان هناك مشاكل عديدة في قطاع الانترنت؛ فالخدمة التي تُقدم هي ليست بمستوى الطموح.  ويشير ياوريس الى ان وزارة الاتصالات كانت قد وضعت برنامجا واستراتيجية لحل مشكلتي (أجور الاشتراك والخدمات)، لكنها لم تتوصل الى نتائج ملموسة حتى الان.

ويذكر ياوريس، في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “مشكلة الانترنت والضعف في الخدمة وغيرها هي ليست وليدة اليوم”.

ويلفت الى انه في احد اجتماعات اللجنة مع الوزارة قدمت الاخيرة ملخصا حول اجراءاتها في هذا الصدد و”نأمل أن تكون هناك حلول مجدية قريبا”.

تباين في رسوم الشركات

ويبين بالقول ان هناك “تواصلا يوميا ولقاءات مباشرة ومذكرات رسمية بين الطرفين بخصوص مشاكل الانترنت وسبل معالجتها، وان هذه الاجتماعات التداولية مع الوزارة تهدف الى الوقوف على اسباب ضعف الخدمة وسبل تحسينها وتنظيم سعر الاشتراك في الانترنت”.

وينوه النائب قائلا ان هناك “مشاكل لدى شركات الانترنت التي تقدم الخدمة في العراق. وهنالك تباين في النسب التي تدفعها الشركات للحكومة”، مشددا على ضرورة تنظيم هذه العملية من اجل “خلق منافسة ايجابية بين هذه الشركات لتقديم افضل خدمة للمواطن”.

غياب الرؤية والوضوح

وعلى صعيد متصل، قال الخبير في مجال التكنلوجيا، علي انور، ان الوزارة والادارة الحالية فيها لا تتحمل المسؤولية بكاملها لوحدها، لان المشكلة في الاساس تراكمية، وقد ورثت هذا الواقع من الحكومات المتعاقبة.

وأضاف بالقول: إن المشاكل “تراكمت وتتلخص في عدم وجود استراتيجية واهداف لدى الادارات السابقة للوزارة. بينما الادارة الحالية هي الاخرى غير واضحة في طريقة عملها: عادة ما تذهب باتجاه الحديث حول الانترنت المدعوم الذي فشل، ولا نعرف ما هو مصيره، بينما لم يصدر عنها اي توضيح بشأن نجاح او فشل المشروع، او لماذا باشرت العمل به من الأساس، ومن ثم قامت بإلغائه”.

وتابع في حديثه مع “طريق الشعب”، ان وزيرة الاتصالات هيام الياسري “ظهرت في اكثر من محفل ومؤتمر وتحدثت عن مزايا الانترنت المدعوم، وانه سيوفر كذا وكذا، لكن لم يتحقق ما تحدثت به الوزيرة، وهذا يؤثر بكل تأكيد على مصداقية الوزارة”.

وعزا انور التلكؤ في قطاع الانترنت وضعف الخدمات الى “ عدم وجود سياسات تنظم عمل هذا القطاع في العراق. أي السياسات المطبقة على شركات الانترنت في العراق. وغياب الرؤية والاهداف الواضحة بالنسبة للوزارة، اضافة الى ضعف التنسيق في ما بين وزارة الاتصالات وهيئة الاتصالات، والذي يؤثر بشكل كبير ايضا”.

ضعف مراقبة جودة الخدمات

واشر الخبير في مجال التكنلوجيا ضعفاً كبيراً في أدوات الوزارة بمراقبة جودة الخدمة التي تقدمها الشركات، مؤكداً ان الاتصالات حتى الان لا تمتلك الادوات الصحيحة التي تراقب من خلالها جودة الاداء بالنسبة للخدمة، اي انها لا تعرف ما اذا كان الانترنت الذي يصل الى منازل المواطنين جيدا ام رديئا.

وفي الحديث عن المعالجات، لخص أنور ذلك بعدد من النقاط وهي: “الاسراع في إتمام مشاريع الكيبل الضوئي الواصل الى المنازل والمعروف اختصاراً (ftth)، اضافة الى وضع سياسة تحكم وتنظم قطاع الانترنت في العراق، واعادة النظر بأسعار الانترنت بالنسبة لسعات التمرير الخاصة بوزارة الاتصالات”.

وعلل أنور ارتفاع اسعار خدمات الانترنت، بسبب ايجار السعات الذي تفرضه الوزارة على شركات الانترنت، فالتحاسب في وزارة الاتصالات هو واحد لكل الشركات، مردفا “لكن قبل فترة بسبب سياسة الانترنت المدعوم، قامت الوزارة بوضع سياسات جديدة لآليات التحاسب لكنها فشلت مرة أخرى، لان الامور لم تتم وفق دراسة صحيحة”.

ولفت الى ان “الوزارة بعد أن أدركت خطأها في آلية التحاسب وغيرها، أخذت تعيد النظر الان بالسياسات الخاصة بها، وهذه هي الحسنة في الامر، لكن ما يثير مخاوفنا هو أن الوزارة لا تستمع لخبرات الجهات التي هي خارج صندوق الوزارة سواء الشركات أم المستفيدين ام المصارف والقطاعات الاخرى، انما تعتمد على نفس الاشخاص، وبالتالي تحصل على النتائج ذاتها”.

وخلص الى تساؤله عن سبب تقوقع وزارة الاتصالات على نفسها؟ مبيناً ان الاستماع الى مختلف الآراء وتبني المنطقي منها، الذي يعالج المشكلة ليس عيباً، فالوزارة نظمت ورشا كثيرة، لكنها كانت شكلية وطبقت ما تريده هي، فحسب.

الوزارة تعلن الفشل

ويبدو ان وزارة الاتصالات، اعترفت أخيرا بفشل إجراءاتها بإنجاز مشاريع الكيبل الضوئي من خلال إعلانها الشروع في إدخال خدمة الإنترنت عبر الفضاء.

وذكرت الوزارة، في بيان طالعته “طريق الشعب”، “سعياً من وزارة الاتصالات لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمؤسسات ونظراً لأن مشاريع تقديم خدمة الإنترنت عبر الكيبل الضوئي تتطلب وقتاً طويلاً نسبياً ليكتمل انتشارها في جميع المناطق نتيجة لصعوبات المد والحفر وكلف التمويل العالية لهذه المشاريع”.

أضافت: “وبهدف تنويع مصادر تقديم الخدمة مما يسهم في زيادة المنافسة وخفض الأسعار، فقد أقرت هيئة الرأي في وزارة الاتصالات الموافقة على الشروع بالإجراءات التعاقدية لإدخال خدمة (الإنترنت عبر الفضاء) للعراق ولأول مرة”.

وشارت الى أن “ذلك يأتي أسوةً بالدول المتقدمة في العالم باستخدام تقنيات الأقمار الصناعية واطئة المدارات التي تقوم بتزويد خدمة الإنترنت مباشرةً إلى المستخدمين على الأرض عن طريق شبكة ضخمة من الأقمار الصناعية توفرها عدد من الشركات العالمية الرصينة”.

ولفت إلى أن “الوزارة قامت بفتح قنوات التفاوض المباشر مع هذه الشركات للمضي بإجراءات التعاقد بغية إيصال هذه الخدمة للعراق بأسرع وقت ممكن”.