اخر الاخبار

الموازنة المثيرة للجدل

نشر موقع الشرق الأوسط في واشنطن، مقالاً للباحثة رندة سليم، المختصة بشؤون حل النزاعات، وصفت فيه الموازنة العراقية التي أقرها مجلس النواب مؤخراً، بالموازنة الضخمة والمثيرة للجدل في آن. وأشارت الباحثة إلى أنه ورغم التحضيرات المسبقة التي شهدت توافقاً بين بغداد وأربيل حول صلاحيات الحكومة الفيدرالية في مراقبة عائدات النفط والغاز، فأن قانون الموازنة جاء ليمثل الرؤية السياسية قصيرة المدى للائتلاف الحاكم ويحافظ على نفوذ الأطراف الأقوى فيه.

وبعد أن إستعرضت سليم أبرز بنود الموازنة، تطرقت إلى ثلاث ملاحظات مهمة حول قانونها، أولها الزبائنية التي تميزت بها من خلال زيادة الإنفاق العام لتوظيف مئات الآلاف في القطاع العام، في مسعى لكسب أكبر عدد من الأصوات في الإنتخابات القادمة. وإعتبرت سليم ذلك رؤية قصيرة المدى، لأنها تتعارض مع توصيات مجلس الوزراء نفسه، وتقلص حجم الإستثمار، المهم جداً لتحقيق التنمية، إلى 37.9 مليار دولار أي بنسبة 25 في المائة فقط.

أما ملاحظتها الثانية فتعلقت بزيادة الإنفاق العسكري سواءً في العدد أو العدة، مما سيعطي لبعض من القوات الأمنية تحكماً أكبر في الحياة السياسية، على حد تعبيرها، فيما تؤكد ملاحظتها الثالثة على أن طبيعة الخلافات في الإئتلاف الحاكم، الذي يضم الحزبين الكرديين، أثناء إقرار الموازنة، تنبئ بالصعوبات التي سيواجهها رئيس الحكومة إذا ما أراد تنفيذ وعده بتشريع قانون النفط والغاز، وهي ذات الصعوبات التي واجهها أسلافه.

وذكر المقال بأن آليات المساومة بين بغداد وأربيل حول السيطرة على موارد النفط والغاز كانت لصالح أربيل، حتى صدور حكم محكمة التجارة الدولية في آذار الماضي، الخاص بعدم شرعية تمرير تركيا لنفط كردستان عبر أراضيها بدون موافقة بغداد، وكذلك صدور حكم المحكمة الفيدرالية العليا في العراق في عام 2022 بشأن عدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، حيث تحولت آليات المساومة لصالح بغداد.

متى تستأنف صادرات النفط من كردستان؟

في محاولة للإجابة على هذا السؤال، كتب شهريار شيكلار، مقالاً في دورية (أسعار النفط) أشار فيه إلى أنه ورغم ترحيب ودعم معظم الأحزاب العراقية في الداخل والأصدقاء الأجانب على المستوى الدولي، باتفاقية أربيل وبغداد بشأن النفط المنتج في كردستان، فأن تصديره عبر خط الأنابيب التركي، مازال متوقفاً منذ 75 يوماً، فيما لم تصل المفاوضات الثلاثية بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الإتحادية في بغداد والحكومة التركية، إلى نتيجة حاسمة.

وإستعرض المقال تاريخ الخلافات بين بغداد وأربيل بشأن تصدير النفط المنتج في كردستان، إبتداءً بتمرير قانون النفط والغاز في البرلمان الكردستاني، وإنشاء وزارة الموارد الطبيعية للإشراف على سياسات النفط والغاز في الأقليم وإشتداد التوترات بعد ربط خط أنابيب النفط في كردستان بخط أنابيب تركي، بغية الوصول إلى الأسواق الدولية، وانتهاء بحكم المحكمة الاتحادية العليا الذي أعتبر كل ذلك أمراً غير دستوري، وهو ما أدى، من بين اسباب أخرى، إلى مغادرة بعض الشركات الأجنبية لمشاريع النفط وتقلص إنتاجه إلى حد كبير.

وأعرب كاتب المقال عن إعتقاده بأن الخلافات الحادة التي رافقت إقرار الموازنة الإتحادية، وقرارات المحكمة العليا، والتي جاءت على الأغلب بالضد من تصورات أربيل، ستعيق بشكل كبير الوصول إلى قانون متوافق عليه للنفط والغاز وستلحق ضرراً بمصالح كردستان، لاسيما إذا ما تم تنفيذ فقرة الموازنة التي تلزم أربيل بتسليم نفطها المنتج لتكريره محلياً، عند عدم تمكنها من تصديره عبر ميناء جيهان، وهو الأمر الذي سيقلل من حماسة بغداد في الوصول إلى تسوية سريعة مع أنقرة لإستئناف ضخ النفط عبر أراضيها.

كما رأى الكاتب بأن الفرق في تكاليف الإنتاج بين كردستان وباقي أرجاء البلاد، والتي على أربيل دفعها، لن تؤدي إلى زيادة العقبات المالية أمام حكومة إقليم كردستان فحسب، بل وستقلل من ميزانيتها الخاصة بتطوير المشاريع المستقبلية، مما يؤخر عودتها لتصدير فعال.