اخر الاخبار

يؤكد ناشطون بيئيون أنّ الجهات المعنية لا تزال تنتهج نهجاً بدائياً في التخلص من النفايات؛ فنحن حتى الان نعتمد على طمرها أو حرقها في مطامر “لا صحية”. وهذه تتوسع باستمرار، بل أن بعضها جرى إنشاؤه بالقرب من مراكز المدن.

وحذر الناشطون من استمرار هذه الآلية في التخلص من النفايات، مشددين على ضرورة اعتماد نهج جديد في تدوير النفايات والاستفادة منها، وجعل هذه الملوثات تحقق موردا اقتصاديا مهما، عبر استثمارها.

نفايات تنتج طاقة

وتعتبر هذه الدولة الإسكندنافية في طليعة الدول في مجال الاستفادة من الطاقة الناتجة عن حرق النفايات، فما يقارب 20 في المائة من الكهرباء في السويد يتم توليدها من إعادة تدوير النفايات.

وفي محطات إعادة التدوير يتم فصل المواد التي يمكن إعادة استخدامها، بينما يتم حرق الباقي في محطات متخصصة لتنتج الكهرباء. وقد اتبعت السويد اجراءات وسياسات تهدف إلى تخفيف أضرار الانبعاثات الناتجة عن عملية الحرق، وهذا ما جعل السويد تستفيد لأقصى درجة من كل طن نفايات. ولذلك يمكن القول أن السويد من أكثر دول العالم محافظة على مصادر الطاقة والبيئة.

أمانة بغداد تتهرب

وتواصل مراسل “طريق الشعب”، مع المتحدث الرسمي باسم أمانة بغداد، لطرح العديد من التساؤلات بخصوص هذا الملف. وكان رد المتحدث محمد الربيعي بان هذا الموضوع “مستهلك وجرى الحديث عنه كثيرا”، وقاطع الربيعي أسئلة الصحيفة وحاول التملص من أسئلة مراسلنا، وانهاء الاتصال.

مطامر لا صحية

من جهته، يقول الناشط البيئي، ارشد ميرزا ان “المطامر الصحية ومحارق النفايات تعد واحدة من اهم العوامل الملوثة للبيئة. ونحن لا نحرق النفايات التي تخص المواطنين او تلك التي في الشارع فقط، بل ان هناك شكلا اخر من هذا التلوث تساهم فيه وزارة الصحة، حيث تحرق المستشفيات مخلفاتها الطبية وتنفث الدخان في الهواء الطلق بدون أية مراعاة او اتخاذ اجراءات معينة.

ويضيف في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “هذا التلوث يعد سببا اساسيا للكثير من الامراض التي تلاحق الناس، خصوصاً من يسكنون بالقرب من هذه المطامر او من يعملون فيها ـ النباشون ـ فهذا الدخان المنبعث هو ملوث رئيسي للطبيعة ويؤثر على الكائنات الحية عموماً”، مؤكدا ان “المطامر اللاصحية ملف مهمش لا يتم تداوله او النظر فيه؛ فعلى سبيل المثال في مركز مدينة الحلة هناك طمر لا صحي تابع للبلدية. ويبعد 14 كم عن مركز المدينة”.

وينبّه ميرزا الى ان الناشطين البيئيين وأصحاب الاختصاص يناهضون هذا السلوك اللاحضاري وغير المسؤول؛ فهذا ابسط انواع التلوث الموجود في البلاد، والذي على بساطته وامكانية ايجاد الحلول له، إلا ان الجهات المعنية ما زالت تستعمل آليات قديمة عفا عليها الزمن في التخلص من النفايات. ويشير إلى ان “التلوث أصبح آفة خطرة تنهش بالبيئة، بينما صانع القرار لا ينظر بجدية لهذا الخطر المتنامي يوما بعد اخر، والأداء الحكومي في هذا الصدد لا يلبي الطموح. نحن بحاجة كبيرة الى مصانع لتدوير النفايات لأهميتها في تدوير النفايات بمختلف أنواعها بدل حرقها، إضافة الى أنها رافد اقتصادي مهم، يوفر فرص عمل، فهو اجراء منطقي للحد من التلوث الناجم عن حرق النفايات والمخلفات”. ويذكر الناشط البيئي بالقول: “قبل 10 سنوات سمعنا ان هناك مشروعا يخص مصنعا لتدوير النفايات في محافظة بابل، وقبل شهر تقريبا أعلنت الجهات المعنية انه سيرى النور. لكننا لم نر شيئا على ارض الواقع”. ويخلص الى ان بات من الضروري ان يعي صناع القرار مدى الخطر المحدق والضرر الناجم عن مصادر التلوث في البلاد. وعلى الحكومة ان تعرف أننا في قعر الأزمة، وان لا يتم تجاهل هذا الملف (الملوثات البيئية) فنحن بحاجة الى معالجات جادة وحقيقية كان يجب ان توضع قبل 10 سنوات قبل ان تتفاقم عوامل التلوث وتتعمق الأزمة اكثر”.

قصور في الرؤية

وعلى صعيد متصل يجد الناشط البيئي، علي المسعودي اننا حتى الان لا زلنا  نفكر بعقل متخلف ونسير ببطئ شديد على مختلف الصعد منها ملف البيئة والتلوث الذي يؤثر فيها وينعكس بشكل سلبي على المواطنين.

ويتابع قائلا انه “ لا فائدة من المطالبة والمناشدة، فعلى مدى السنوات الماضية بحت الاصوات التي تطالب بوضع حلول لقضية حرق النفايات وانشاء مصانع تدوير لها ولكن لا اذان صاغية للأصوات الهادرة”، متسائلاً حول  “من سيسمعنا؟ من الذي سيستجيب للمطالبين بضرورة الحد و القضاء على مصادر التلوث، لا احد لان صانع القرار العراقي، لا يضع هذا الملف ضمن اولوياته، ولا يعامله بجدية توزاي حجم خطورته، والا لما تفاقمت الازمة ووصلت الى مديات مخيفة”.

ويردف في سياق حديثه لـ”طريق الشعب”، قائلاً:

حين نرى مواطنون يحرقون النفايات في مكان ما بعد تجميعها ننتقد هذا الفعل ونعيب الامانة او البلدية نتيجة تقصيرها، ولكن على الجانب الاخر نجد ان الجهات المعنية ذاتها هي تنتهج هذا النهج وفي الكثير من المطامر تحرق النفايات بدل ان تدفن كما يجب ان يحدث”.

ويلفت المسعودي الى انه “ من الضروري تدارك الامر وتوفير مصانع ومعامل لتدوير النفايات، والدولة قادرة على انشاء هذه المصانع فمبالغ انشائها لا شيء مقارنة بالمبالغ التي يتم صرفها في مجالات لا تنفع الناس، وفي ذات الوقت يمكن للدولة ان تفتح باب الاستثمار في هذا القطاع، والذي يعود على الدولة بأرباح كبيرة ويرفد ميزانيتها، ويتم تحويل هذه الظاهرة من كونها سلبية ومصدر للتلوث الى رافد اقتصادي كبير”.

ويؤكد على ان هنالك “قصور في الرؤية وتقصير كبير، فمن غير المعقول اننا حتى الان نعتمد وسائل بداية في التخلص من نفاياتنا بينما مختلف دول العالم، تعتمد تدويرها والاستفادة منها بل ان بعض الدول تشتري النفايات لتستفيد منها في مجالات الطاقة”.

ويخلص الناشط الى  انه بات ملحاً ان “نلجأ لهذا الحل، ففي واقع الحال المطامر تتوسع يوم بعد اخر وتتسع رقعتها وتقترب من المدن، وهي بالمجمل لا تتوافر فيها شروط الصحة والسلامة وتساهم بالتلوث، وعلى امانة بغداد ومديريات البلدية في عموم المحافظات ان تضع هذه القضية في اولوياتها، وان تعمل سريعاً على معالجتها بالتعاون مع الحكومة والجهات ذات العلاقة”.