اخر الاخبار

الصين وقطاع الطاقة

في العراق

نشر معهد الشرق الأوسط الأمريكي دراسة للباحث جون كالبريسي حول الدور المتنامي للصين في قطاع الطاقة العراقي، أشار فيها إلى هيمنة عائدات النفط على إقتصاد البلاد، حيث تشكل 99 في المائة من الصادرات و85 في المائة من إيرادات الحكومة و42 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

البصمة الصينية

وذكرت الدراسة بأن الركيزة الأساسية للعلاقة الثنائية، بين بغداد وبكين، تعتمد على تجارة النفط، حيث تستورد الصين حوالي 30 في المائة من صادرات النفط العراقية، ويّعد العراق ثالث أكبر مورد لها، لاسيما بعد أن زادت هذه الإستيرادات بنحو 50 في المائة في العام الماضي. كما تتمتع شركات الطاقة الصينية (مؤسسة البترول الوطنية CNPC، شركة النفط البحرية الوطنية CNOOC، شركة الصين للبتروكيماويات) بمساهمات قوية في سوق التنقيب والإنتاج والتكرير، إضافة إلى مجموعة أخرى من شركات الخدمة، مقابل بقاء شركتين غربيتين في هذا القطاع هما شل وإكسون موبيل.

الطاقة أولاً

ونقلت الدراسة عنAEI China Global Investment Tracker ، قولها بان 24 من 41 عقدًا من عقود البناء التي منحها العراق لشركات صينية بين عامي 2007 و2022 كانت لمشاريع الطاقة، حيث كان العراق المستفيد الأول من استثمارات مشاريع الطاقة في مبادرة الحزام والطريق. وأضافت الدراسة بأن شركة CPECC والمقاولين الصينيين الآخرين، قد فازوا بنسبة 87 في المائة، من جميع عقود مشاريع النفط والغاز والطاقة التي بلغت قيمتها 3.35 مليار دولار. كما وضعت وزارة التخطيط قائمة بالمشاريع الإستراتيجية التي ستنفذها الشركات الصينية بموجب اتفاقية «النفط مقابل إعادة الإعمار» التي أبرمت في منتصف عام 2019، فيما منحت هذه الشركات عقود إنشاء مصفاة في محافظة ذي قار ومجمع متكامل جديد للتكرير والبتروكيماويات في الفاو ومحطة الخيرات لتوليد الكهرباء من النفط الثقيل في كربلاء ومشروع تطوير محطة كهرباء وتحلية في البصرة وآخر لتوسيع محطة كهرباء المنصورية.

لحظوة الصين مبرراتها

وأشار كالبريسي إلى مساهمة عدة عوامل في توسيع وجود الصين في قطاع الطاقة، من أهمها عدم التردد في الإستثمار في العراق، وعدم الحذر الشديد من سياسات حكومات بغداد المثيرة للجدل في الغرب، والحياد تجاه الصراعات الداخلية، سواءً بين الحاكمين أنفسهم حول السيطرة على ثروة الطاقة، أو بينهم وبين الشعب الساخط على سياساتهم، أو في التجاوب مع المناورات الجيوسياسية.

وذكّرت الدراسة بموقف بغداد عام 2019 الإيجابي من الصين بإعتبارها بطلة شعوب العالم النامي، كما وصفها رئيس الحكومة أنذاك، ذلك الموقف الذي لم يتفق معه رئيس الوزراء السابق، الذي رفضت حكومته مقترحات الاستثمار الصينية الجديدة وأحبطت العديد من محاولات المشاركة مع الشركات الغربية مثل لوك أويل في حقل غرب القرنة -2 أو مع أوكسن موبايل في غرب القرنة أو بإعاقة بيع شركة BP لحصتها في حقل نفط الرميلة إلى شركة البترول الوطنية الصينية. وسعت تلك الحكومة إلى اعتماد سياسة متوازنة ودقيقة في ظل الانقسامات السياسية المحلية الشديدة والمعارك الشرسة على النفوذ الاقتصادي والاضطرابات الشعبية والضغط الخارجي.

وخلصت الدراسة إلى أن سياسة الحكومة الحالية تعتمد فتح الأبواب أمام مشاركة الشركات الأجنبية في صناعة النفط والغاز مع تفعيل اتفاقية النفط مقابل إعادة الإعمار، الأمر الذي عزز من دور الشركات الصينية المنخرطة بعمق في قطاع الطاقة وفي المنافسة القوية مع الشركات الغربية.

وأضافت الدراسة إلى أنه ورغم ما تسببه السياسات المثيرة للجدل والتسويات المتناقضة التي تشكلت بموجبها الحكومة من مخاوف جدية، فإن من الصعب التكهن عما إذا كانت الحكومة الحالية قادرة على العمل بشكل أفضل من سابقاتها والاستفادة من عائدات النفط غير المتوقعة لتحسين رفاهية العراقيين بدلاً من زيادة إثراء النخبة الحاكمة.