اخر الاخبار

كتب الباحثان شيفان فاضل وعلاء تارتير مقالاً بهذا العنوان لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أكدا فيه على تأثر العراق بعدة موجات من الصراع والعنف طيلة العشرين عاماً التي تلت غزوه من قبل تحالف متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، والتي كان آخر فصل فيها احتلال داعش لأجزاء كبيرة من البلاد، قبل أن يهزمه العراقيون، ويحل نوع من الإستقرار النسبي.

اقتصاد ريعي هش

وأكد الباحثان على أن أهم التحديات التي تواجه العراق، تكمن في الصعوبات الإقتصادية، والتي تسببها تقلبات أسعار النفط العالمية، لبلاد تشكل صادرات النفط 95 في المائة من إيراداتها الفيدرالية. وتتمثل تلك الصعاب في رفع الدين العام وعدم توفر فرص عمل للخريجين الجدد، فيما يزيد الطين بلة، فشل الحكومات المتعاقبة بتنويع الاقتصاد وتقديم الخدمات الأساسية او في تشجيع الإستثمارات المهمة لبرامج التنمية، ناهيك عن إشتداد مشاكل التلوث جراء التغير المناخي وحرق الغاز.

العنف المسلح

وحول المخاطر الأمنية، أعرب الباحثان عن إعتقادهما بأن هزيمة داعش التي لم تُبق لها سوى 500 إرهابي ودمرت قدرتها على تجنيد المزيد من الأنصار، دفع بالولايات المتحدة إلى تقليص وجودها العسكري في البلاد، ليصل إلى حوالي 2500 استشاري عسكري. غير إنهما وجدا في عدم إقتران ذلك بتقليص السلاح المنفلت وغير الخاضع للدولة، وفشل محاولات الحكومات العراقية المتعاقبة في دمج حملة هذا السلاح بالقوات الرسمية، أو منعهم من إرتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وضد المدنيين، كما حدث في تشرين 2019، مؤشراً خطراً على الأمن المجتمعي.

العلاقات بين الدولة والمجتمع

وإنتقد الكاتبان التحالف الذي غزا العراق، لافتقاده إلى رؤية بعيدة المدى، مما ورط البلاد في صعاب كثيرة كحل الجيش العراقي وإعتماد المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب الحكومية وعدم إعتماد البرامج السياسية كأساس للإختيار في الانتخابات، مما أدى إلى ظهور حكومات غير فعالة، ليس هناك من يراقبها أو يحاسبها، وإلى شيوع الفساد في مرافق الدولة وخاصة القطاع الحكومي، وإلى سوء الإدارة الاقتصادية والبطالة وانهيار البنية التحتية وضعف الخدمات العامة، إلى الحد الذي سبب حراكاً إحتجاجياً واسعاً، مثّل شعاره، نريد وطن، مثالاً ساطعاً لشعور الشباب بالغربة عن النخبة السياسية، إضافة إلى عزوف الأكثرية المحبطة عن المشاركة في الإنتخابات، وهو ما يعتبر تحدياً مستقبلياً.

المشاكل البيئية

وأشار الباحثان إلى أن التحديات البيئية التي نتجت عن تغير المناخ وندرة المياه والإرتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة وطول موسم الجفاف، قد إشتدت بسبب فشل الحكومات في مواجهة المشاكل عبر إصلاح البنية التحتية المهترئة للري، ومعالجة مشاكل الإنتاج الزراعي وتقليل الإعتماد على إستيراد الحبوب والسلع الغذائية، وحل مشاكل الهجرة والنزوح إلى المدن.

إقليم كردستان الفيدرالي

ثم تطرق الباحثان إلى ظروف قيام إقليم كردستان الفيدرالي وتطورات مسيرته منذ بداية تسعينات القرن الماضي، موضحين طبيعة العلاقات المعقدة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الفيدرالية، بسبب الخلافات طويلة الأمد حول تقاسم عائدات النفط والسيطرة على المناطق المتنازع عليها، وإتخاذ بغداد لإجراءات عقابية ضد حكومة الإقليم. ورأى الباحثان بأن العلاقات بين الأخيرة والمجتمع الكردستاني تعاني هي الأخرى من مشاكل مماثلة لتلك الموجودة على المستوى الفيدرالي، حيث تعتمد ميزانية الإقليم بشكل كبير على صادرات النفط وعلى تحويلات الميزانية من بغداد، فيما تسود صيغة المحاصصة في تقاسم المناصب الحكومية والإدارية، إضافة إلى شيوع الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة وهجرة الناس إلى خارج البلاد.

العلاقات الخارجية

وذكر الباحثان بأن للعراق أقوى العلاقات مع كل من إيران والولايات المتحدة، حيث تعّد الأولى الشريك التجاري الأكبر للعراق (حوالي 9 مليارات دولار كأيرادات) والدولة التي لها كثير من الأصدقاء في البلاد، فيما تظل الولايات المتحدة المصدر الرئيسي للدعم الأمني والمساعدات العسكرية، حسب تقدير الباحثين، اللذين أشارا إلى النجاحات الدبلوماسية التي حققتها بغداد، سواء في علاقاتها بدول الجوار أوفي التقريب بين المتخاصمين من دول المنطقة.

وضع الأقليات العراقية

وأبدى الباحثان قلقهما من فشل الدولة في حماية العديد من الأقليات العرقية والدينية في العراق، والتي إشتدت معاناتها في أعقاب الإحتلال الداعشي لمناطقها، فيما لا تسمح المحاصصة العرقية والمذهبية لها بأن تتمتع بالمساواة الحقيقية، نظراً لغياب دولة المواطنة.