اخر الاخبار

ضيّف الملتقى الحواري الشهري لـ “طريق الشعب”، الثلاثاء الماضي، عددا من الشخصيات السياسية والديمقراطية والإعلامية والمهتمين بالشأن السياسي، للحديث عن موضوعة الانتخابات المقبلة وإمكانية التغيير.

حضر اللقاء القاضي د. وائل عبد اللطيف، وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي د. صبحي الجميلي، وعضو المكتب السياسي للتيار الاجتماعي الديمقراطي د. أحمد إبراهيم، والنائبة السابقة شروق العبايجي، والناشط المدني والسياسي ليث شبر، والمحلل السياسي د. مناف الموسوي، والسيد سعد الزكم، إلى جانب رئيس تحرير الجريدة الرفيق مفيد الجزائري وعضوي هيئة التحرير الرفيقين حسين النجار وعلي شغاتي.

وفي افتتاح الجلسة، شكر الرفيق الجزائري الحضور على تلبيتهم الدعوة للمشاركة في الملتقى الحواري وقال: «سعداء بوجودكم معنا في الندوة الحوارية لجريدة «طريق الشعب» التي نقيمها شهريا لمعالجة قضايا راهنة مهمة. لا تزال أشهر تفصلنا عن موعد الانتخابات لكن الموضوع راهن وساخن ارتباطا بتطورات عديدة لها علاقة به، ومنها موضوع قانون الانتخابات. والحديث المتداول حول امكانية تأجيلها ويبقى الموضوع راهنا رغم وجود قضايا كثيرة تشغل الرأي العام ولها أولوية بالنسبة للناس. فالانتخابات موضوع مهم جدا بجوانبه المتعددة، وطرحه في هذه الجلسة سيكون من زوايا وفي محاور مختلفة».

وشدد الرفيق الجزائري على «ضرورة استمرار الضغط الشعبي والسياسي في مواجهة قوى السلطة التي تريد احتكارها لنفسها من خلال سن تشريعات وقوانين تصب في خدمة مصالحها الضيقة، بعيدا عن مصالح المواطنين».

وبعد ذلك، رحّب الرفيق حسين النجار بالحضور، وطرح محاور المناقشة التي تضمنت الانتخابات المقبلة وإمكانية التغيير، داعيا اياهم إلى الحوار وطرح الآراء في هذا الصدد.

وقال النجار: سنتحدث بما يتعلق بقانون الانتخابات الذي صدر أخيرا والذي يتعلق بمجالس المحافظات ومجلس النواب. الكثير تحدث عن هذا القانون وبالتالي يطرح السؤال إن كان مقبولا بصيغته الحالية ام لا، والأمر لا يتعلق بالقانون فقط وانما يتعلق بمنظومة الانتخابات وهل تحتاج إلى اصلاح ام تبقى على وضعها الحالي؟

ضرورة الاستعداد والحوار الجاد

شروق العبايجي: الموضوع بالفعل بحاجة إلى اهتمام جدي ليس فقط من الناحية الصحفية والإعلامية وإنما الاستفادة من هذا التواجد للحديث بالمعطيات السياسية وقضية الانتخابات. إن قانون الانتخابات لا ينفصل عن الاجواء السياسية والتداعيات التي نعيشها، وبالتأكيد ما يراد من هذا القانون هو أن يكون مساعدا لقوى السلطة الحالية التي تشعر بأنها تمتلك الاغلبية المريحة بإقرار ما يناسبها من قوانين وخلق البيئة الانتخابية التي تساعدها على الاحتفاظ بمواقعها السلطوية بأساليب تعودنا عليها وأخرى جديدة، لذلك علينا ان نكون جاهزين لها كي نتعامل مع هذه المعطيات بطريقة صحيحة.

أن ما يفتقر له البلد هو قانون انتخابات ثابت، لا يوجد بلد في العالم يغير القانون مع كل انتخابات وانما يحصل هذا فقط في العراق ولأسباب سياسية بحتة ولمصلحة حزبية ضيقة واضحة. بالتالي، يجب علينا ان نعمل على تطوير هذه التجربة باتجاه صياغة قانون شامل يأخذ وضع العراق بنظر الاعتبار والتعددية والحاجة إلى التغيير. من ناحية اخرى اعتقد أنه كقانون لمجالس المحافظات لا يتناسب من حيث الصياغة مع خصوصية المحافظات، فلو كان هذا القانون لانتخابات مجلس النواب فقط كان ممكن الحديث عن هذا التوجه، ولكن بالنسبة للمحافظات فقد صيغ بطريقة لم تأخذ بنظر الاعتبار طبيعة المحافظات العراقية وحاجتها إلى التنوع بتمثيلها.

أيضا أنا اعتقد ان هذه فرصة تحدِ ثمينة، لان الشيء الأساسي في هذا القانون يتطلب ائتلافا واضح المعالم وليس فيه قضية فردية وإنما تحالف كبير بهوية واسعة وواضحة، وانا المس ان هناك توجه كبير للملمة صفوف القوى المعارضة لمنظومة السلطة والمحاصصة. وبالنسبة للمنظومة الانتخابية فتشمل عدة ركائز، منها قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات والإجراءات التفصيلية وقضية العد والفرز والرقابة، فكل هذه تعطي للبيئة الانتخابية خصوصيتها. نحن بحاجة إلى ان تكون قضية الرقابة على نزاهة الانتخابات هي المعيار الأول، ونزاهة الانتخابات بحد ذاتها مطعون بها بسبب تسلط الأحزاب المتنفذة، بالتالي علينا التركيز على نزاهة الانتخابات وتجريم هذه الافعال التي تسيء إلى النزاهة وايضا محاسبة من يقوم بهذا الخرق.

قانون جديد للانتخابات في كل مرة

وائل عبد اللطيف: من وجهة نظري هناك أربعة ركائز في الانتخابات هي اولا يجب ان يتوفر ناخب ناضج غير مؤثر عليه بحيث يستطيع ان يدلي بصوته بكامل حريته، ثانيا، قانون يحقق العدالة في عملية الانتخابات ويجب ان لا يكون منحازا لهذه الجهة او تلك، و ثالثا، مفوضية فاعلة ونزيهة وكفوءة ويدمج معها قانون الاحزاب السياسية لعام 2015 لان الكثير من المواد في قانون الاحزاب منتهكة تماما وبالتالي لابد من التنبيه دائما إلى ان هذا القانون يجب اتباعه لانه يحمل مبادئ رائعة في عملية تنظيم العمل السياسي في العراق وكذلك العمل الانتخابي. وإذا تحدثنا عن الناخبين، نلاحظ انه في المجتمع هنالك أناس كثيرون لديهم جهل وامية رهيبة، وبالتالي يجب ان تحسب هذه النقطة، اما القسم الثاني فهو القانون، اعتقد بأنه لا يوجد بلد مثل العراق يغير قوانينه منذ بداية التغيير في 2023، انتخابات 2005 وانتخابات 2010 و2014 و2018 و2021 بحيث ان قانون انتخابات 2018 تم تعديله 6 مرات قبل وبعد الانتخابات.

ان قانون «سانت ليغو» في صيغته الاصلية جيد ومن الممكن ان يتيح فرصة للاحزاب الصغيرة الفوز بمقاعد مجلسي النواب، لكن بعد تعديله إلى 1.7 جرى تشويهه.

ان العراق لم يستقر على نظام انتخابي واحد، وجرب الدائرة الواحدة ومن ثم قسم المحافظات واعتبرها دوائر متعددة وادخل سانت ليغو بمفهومه الحديث وفي المرة الرابعة عمل تغيير في صيغة سانت ليغو، واخيرا استحدث الدوائر المتعددة وانا بصراحة معها والسبب ان الدستور ينص ان مقعد نيابي لكل 100 الف نسمة بمعنى اننا يجب ان نوزع اعضاء مجلس النواب على كل الارض العراقية، واعتقد ان هناك احزاب كثيرة انتكست في الدوائر المتعددة ومن نجح هم التيار الصدري والمستقلون وانا متابع لعمل التيار الصدري فهم يعتمدون على الدوائر المتعددة بدون قانون، لذلك فازوا ووصلوا إلى 74 مقعدا لكن انسحابهم كان مؤثرا على العملية الديمقراطية. ونقطة أخرى يجب علينا ان نصل إلى القرى ولا نبقى في مراكز المحافظات.

لهذا السبب انا مع الدوائر المتعدد لكن الميزة اننا عندما نصل إلى البرلمان لسنا قادرين على الحصول على الكتلة النيابية الاكبر عددا لان المادة 70 تريد 220 مقعدا، لذلك لم يستطيع لا «التيار» ولا «السيادة» ولا «الكردستاني» ان يوفروا هذا العدد. أن دمج قانونين في قانون واحد في انتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب بهذه الفترة ليس صحيحا، من المفترض ان يوزع القانون وتساهم فيه نقابة المحاميين واستاذة القانون والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني للخروج بقانون يرضي الجميع. أما الجانب الآخر فهو الشعب الذي رفض مجالس المحافظات ولمس ان هذه المجالس لم تؤدي اي غرض وانما كلها فساد، هنا يتوجب توضيح دور هذه المجالس.

الفشل السياسي أضرّ بالديمقراطية

احمد إبراهيم: في النظم البرلمانية تحصل مفارقات ولعل المفارقة الاكبر عندما يكون هناك انحراف في توجه الناخب بسبب انتقال المسار السياسي من اعلى مستوياته المتعلقة بصيانة الديمقراطية والحريات العامة. تجرى اليوم مقاربات ومقارنات بين النظام الدكتاتوري والنظام الحالي بعيدا عن طبيعة النظام السياسي، فتراجع المطالب ادى إلى اشكال متعددة من التراجع العام في النظام السياسي ومنها ان هناك رفض للاحزاب السياسية وهذا الامر تجلى ايضا في الانتفاضة التشرينية، وتعزيز رؤية المجتمع للاحزاب على انها لا تختلف وأنها واحدة وان لا فرق بين هذا الحزب او ذاك وهذا يقود إلى اشكال من اليأس وعدم وجود تصور في المستقبل يجعل الناس يذهبون إلى الانتخابات.

وأحيانا المعالجات التي تتخذها الحكومات نتيجة ضغط الشارع تجعل الناخب يذهب بعد حصوله على مكاسب حتى وان كانت بسيطة وانا اسمي هذا الناخب بالناخب الخامل سياسيا وانا لا اتوقع منه ان يقدم في المستقبل على مشاركة واسعة الا إذا تغيرت معطيات كثيرة خاصة بالانتخابات.

جرت تغييرات كثيرة على القوانين الانتخابية ومفوضية الانتخابات. هذه التغييرات في مجملها تحد من الانتقال والتداول السلمي للسلطة، بمعنى اننا لم نفعل شيئا لان جوهر الديمقراطية يتعلق بالتداول السلمي للسلطة.

نحن كقوى مدنية ان لم نعيد النظر في موقفنا ونغير من منهجنا ونحاول ان نرفع من وعي الناخب، اتوقع ان الامور ستمضي إلى ما مضت عليه في الفترة السابقة. ان النظام السابق كان يكفيه ان يخرج بمانشيت ويقول ان المرشح يجب ان يكون مؤمن ب» مباديء الثورة»، اما الان فهم يستخدمون القاسم الانتخابي ويستخدمون القوانين الحالية التي شرعوها، بالتالي يأتون ويصيغون قانون لانهم وصلوا إلى مجلس النواب ويحاولون فرضه للفترة القادمة.

وائل عبد اللطيف: وضع في الدستور بعض المبادئ للانتخابات كان الخطأ الكبير، وكان من المفترض ان ندخل كل قانون الانتخابات كما تعمل دول كثيرة في العالم، فعندما يدخل قانون الانتخابات في الدستور يصبح غير قابل للتغيير ولا يكون على اهواء الأحزاب المهيمنة، بالتالي نحن بحاجة في التعديلات الدستورية إذا كانت هنالك فرصة ان ندخل قانون انتخابات متفق عليه متكامل لمجالس المحافظات ومجلس النواب في الدستور العراقي كي لا يتغير كما يحصل الآن.

قانون لا يأبه بالمقاطعة

ليث شبر: النقطة الاولى لقانون الانتخابات أن أقلية هي من أعدته، بل أقلية الاقلية وانا اعتقد ان هذا القانون بالمعنى العام غير شرعي لان التمثيل الموجود في مجلس النواب لا يتجاوز حتى 10 في المائة وهذا لا يمثل الاغلبية للشعب العراقي. من جهة اخرى وعند مناقشتنا قانون انتخابات مجالس المحافظات لا يجب ان ننسى الرفض الشعبي السابق لمجالس المحافظات وهو الذي ادى إلى تجميد عملها من قبل مجلس النواب، معنى ذلك ان قرار مجلس النواب في تجميد مجالس المحافظات هو قرار غير شرعي، وبرأيي ان انتخابات مجالس المحافظات ينفع بها قانون الدوائر المتعددة أكثر من الدوارة الواحدة.

هنالك سؤال عن الأسباب لتعديل القانون، فالمتعارف هو الرغبة بالذهاب إلى عدالة ونزاهة أكبر وايضا إلى نقطة مهمة وهي مؤثرة داخل المجتمع العراقي، هي نقطة معالجة عزوف الناس، فهناك عزوف كبير عن الانتخابات منذ 2014 وإلى الآن.

في انتخابات مجالس النواب نحن نميل على أقل تقدير إلى أن تكون المحافظة دائرة واحدة لكن ما حصل كان عكس المطلوب وان الطبقة السياسية ذهبت إلى قانون انتخابي وهو «سانت ليغو» وكأنما هناك رسالة واضحة غير مخفية للجمهور وللأغلبية المقاطعة بأن يقاطعوا. والرسالة مفادها ايضا ان كان هذا القانون غير مفيد للمقاطعين، فأن قوى السلطة لديها جمهورها سواء كان في قانون الدوائر المتعددة او في قانون الدائرة الواحدة. علينا ان نحاول جهد الامكان ان نحول هذه النقطة لصالحنا كقوى مدنية. يجب ان نعي تماما أن انتخابات مجالس المحافظات تختلف تماما عن انتخابات مجلس النواب. وللأمد البعيد على القوى المدنية من الآن ان تستعد إلى الانتخابات النيابية بشكل رصين لكي تستطيع ان تسحب الجمهور.

قانون لا فائدة منه

مناف الموسوي: هنالك اسئلة تطرح اليوم: هل بالامكان ان نتجاوز هذه المشكلة؟ هل نحن قادرون على المستوى الاعلامي والتعبوي والمجتمعي؟ هل نحن قادرون على تغيير القانون ام أصبح واقع حال وعلينا ان نتعامل مع التفاصيل التي تليه؟

انا اقول ماذا بعد إقرار هذا القانون، نتحدث عن ثلاث نقاط مهمة. المشاركة في الانتخابات والفائدة من هذه المشاركة وكيفية التعبئة، أنا عن نفسي أرى ان حديثي قد تغير بعد ان تخلصنا من الخطابات السيوسياسية التي كانت تقيدنا ونحن نتحدث عن المذهب ومظلومية المذهب والتخندق الطائفي بهذا الشكل. بدأنا اليوم نتحدث عن عملية بناء وطن وبناء دولة، وهذا القانون صيغ من أجل احزاب متنفذة، وانا ليست لدي مشكلة مع هذه الاحزاب بقدر ما لدي مشكلة مع القرارات التي تستخدمها، وربما الهدف الاكبر من هذا القانون هو ابقاء الاغلبية الصامتة او ما أطلق عليه دائما الناخب المتردد. لدينا ثلاثة انواع من الناخبين. اولا، الناخب الحزبوي ومسألته واضحة والناخب الثاني هو الواعي الذي يمتلك ثقافة انتخابية جيدة وهذا ناخب صعب التعامل معه، والناخب الثالث هو المتردد ويكون المجموعة الصامتة التي تحاول الحكومة والاحزاب المتنفذة وفي ظل غياب المعارضة الحقيقية جذبها من خلال التعيينات العشوائية ذات الاثار السلبية على مستوى الاقتصاد.

اعتقد ان مشاركة القوى المدنية ستعطي شرعية لهذه القوى التي تقطع الطرق على المنافسة معها خصوصا مع وجود السلاح. هذه الاحزاب تمتلك السلطة وبالتالي لا يمكن ان نرى عملية انتخابات نزيهة، ان القانون مرر بطريقة عجيبة ولم تكن هناك اي ردود فعل.

اعتقد ان الطريق الافضل يكون بمقاطعة الانتخابات في ظل هذا القانون، وان كانت هناك طرق سواء من خلال العودة إلى التظاهر او الاعتصامات، فيكون تغيير القانون من خلالها.

على القوى المدنية ان تأخذ دورها

سعد الزكم: واكبنا العملية السياسية منذ 2003 إلى اليوم ورأينا الاخفاقات، خاصة من جانب القوى المدنية الديمقراطية. الجميع اقر بأن عدد المشاركين في الانتخابات يمثل اقل من 20 في المائة، مما يعني ان 80 في المائة من المجتمع لم يشترك في الانتخابات وعلى ضوء ذلك نعتبر ان هذه الانتخابات غير شرعية. السؤال هو لماذا لم يتحرك أحد من القوى المدنية على الـ 80 في المائة المتبقية؟ انا ارى ان المقصر الاول في هذا الموضوع هو القوى المدنية الديمقراطية التي تشرذمت واتخذت سياسة الانا وحصل ما حصل. علينا ان نتحرك على المواطنين وطرق ابواب بيوتهم لا ان نجلس في مقراتنا ونطلب منهم القدوم من اجل اقناعهم.

علينا ان نفكر ايضا بالتضحية، البلد يحتاج إلى تضحية والـ 800 شهيد الذين رحلوا في تشرين هؤلاء هم الابطال وعلى الكتل الحزبية التي تمثل المدنية والديمقراطية ان تبدأ من اليوم، اولا التوافق وتوحيد الرؤى واللقاءات على اقل تقدير مرتين او ثلاثة في الاسبوع من اجل الوصول إلى محصلة نهائية.

ما هي أولوياتنا؟

د. صبحي الجميلي:

هذا القانون ليس نهاية المطاف وعندما نتحدث عن سلبياته فنحن نهدف إلى خلق وعي. نريد ان نخلق وعيا للجميع، بمن فيهم من يصل إلى مجلس النواب، فاذا كان من يريد حقا ان يعبر عن مصالح الفئات او الجماعات التي يمثلها فلا بد له من الحديث عن النواقص والثغرات.

رأينا واضح بالقانون ونعتقد ان دمج القانونين ما كان من المفترض ان يحصل من الاساس وكما تمت الاشارة فان مجالس المحافظات شيء ومجلس النواب شيء آخر ويفترض ان يكون هنالك قانونان. ويبدو ان الطعون التي حصلت لم تستمر كما جرى رفض شكلا بعض الدعاوى. نعتقد في الفترة القادمة بعد تشريع هذا القانون يجب ان نركز على المنظومة الانتخابية، المنظومة التي من الممكن ان نعدد عناوين منها، مثل تسليط الضغط على موضوع السلاح او قانون الاحزاب السياسية الذي يمنع الاحزاب التي تمتلك السلاح من المشاركة في الانتخابات. ليكن صوتنا عاليا باتجاه التحشيد والتعبئة لتنفيذ هذا القانون.

من جانب آخر يمثل المال السياسي واحدا من الابواب التي من الممكن ان نعمل عليها، واما المفوضية فالأهم هو ما موجود في مؤسساتها وخصوصا في المحافظات، فهي تلعب دورا كبيرا، وهناك الكثير من الشواهد والادلة على ان مؤسسات المفوضية بالمحافظات لعبت دورا بالتأثير على الانتخابات ونتائجها.

من المهم ان لا نفصل العمل البرلماني او في مجالس المحافظات عن الحراك والضغط الشعبي، ليس علينا تقديم أحدهما على الآخر. ومع تجربة عدد من الاخوان والاخوات  النواب المستقلين على قلتهم في مجلس النواب نرى في وجودهم جدوى. هنا يأتي الحديث عن المشروع الانتخابي وماذا يتضمن، لذلك نحن نتحدث عن البرنامج وما يتضمنه.

النقطة الاساسية التي نريد التأكيد عليها اننا عندما نطرح موضوع البرلمان او انتخابات مجالس المحافظات ليس علينا ان نجعلهما بتقاطع مع تفعيل كل وسائل الضغط الشعبي. يفترض ان يكون الصوت عاليا بقضية حصر السلاح، والفصائل والمجاميع المسلحة يفترض ان يستمر عليها الضغط، لاحظنا انه حتى في البرنامج الحكومي هناك عبارة خجولة عن هذا الموضوع ومفهوم لماذا جاءت بهذه الصيغة. يبقى دور القوى المدنية والديمقراطية في تسليط الضوء على ذلك.

حسين النجار: نناقش الان البدائل. فقد تحدث بعض الاخوة عن مقاطعة الانتخابات او عن مشاركة واسعة وعن ضغط شعبي وتفعيل القوانين لاصلاح هذا الوضع لكن ما هو البديل لكسر احتكار السلطة؟

اهمية خيار المشاركة الانتخابية

احمد ابراهيم: بصفتي منتميا إلى التيار الديمقراطي ليس لدي خيار غير المشاركة في الانتخابات لأني اعتقد ان عدم المشاركة سيعزز تردد الناخبين ويعزز الخمول السياسي والعكس هو الصحيح. علينا ان ندخل وان نمارس دورنا، لكن علينا ان نشخص بدقة ما الذي نستطيع ان نفعله في قانون كهذا، والذي يحتاج إلى تحالف كبير من قبل القوى المدنية الديمقراطية.

فيما يخص القوى المدنية ومن خلال التجربة التي مررنا بها هنالك صعوبة كبيرة في ان تجتمع هذه القوى لكن علينا ان نضع فرضية وان نعمل على هذا الموضوع بقوة. وإذا لم يصاحب هذا الموضوع عمل اعلامي منظم وكثيف في زيادة وعي الناس للمشاركة لن يؤدي إلى شيء ولا يحقق اي انجاز على ارض الواقع، الوعي الذي يقود الناس إلى صندوق الانتخابات هو المهم.

الترويج لمشروع القوى المدنية

د. صبحي الجميلي: مع استمرارية موازين القوى الراهنة والتمسك بذات المنهج لا نتوقع ان تتحسن الاوضاع مع وجود هذه المنظومة وبالتالي الدروس والعبر التي خرجت بها انتفاضة تشرين لابد ان تكون حاضرة. نرى ان ارتدادات تشرين مازالت باقية ومازال هاجس التغيير قائما ونحن باستمرار نقول انه طالما الاسباب والعوامل التي أدت إلى تشرين موجودة، فيمكن أن تتحرك الأمور، لكن متى، من صعب توقع ذلك. نعتقد ان الوضع السياسي وصل إلى نقطة لابد ان تكسر هذه الحلقة والا فان استمراريتها تؤدي إلى مزيد من المشاكل ومزيد من المآسي، فهنالك الان استثمار لعائدات النفط والتعويل على النفط والزبائنية واستخدام هذه الاموال للتهدئة، ولكن هذه العوائد غير قابلة للتحكم بها وتوفيرها باستمرار.

هناك حالة تململ من الناس ورفض يتمثل بالتظاهرات الكبيرة اليومية، اما حاجز الخوف فغير موجود فعلا، لذلك تخرج الناس للتظاهر والمطالبة وهنا يأتي دور القوى المدنية المحرض والتعبئة ولتحذير الوعي، دورنا في بث الرسالة التي توجهها القوى المدنية وتفاصيل مشروعها وماذا نريد حتى نستطيع ان نجذب فئات إلى هذا المشروع، وكيف يمكننا ان نروج له، بالتالي لا بد ان يكون تواصلا على كسر احتكار السلطة وتغيير موازين القوى.

وائل عبد اللطيف: جميعنا نتحدث كقوى مدنية ديمقراطية وليبرالية وعلمانية، لكن هنالك حالة من التشتت وعدم التوحد وعدم الانضمام إلى جبهة او ائتلاف او تحالف، ولو نلاحظ بالجانب الاخر هناك 12 قناة فضائية وهناك جيوش الكترونية وسلاح منفلت موجود حتى في داخل قبة البرلمان وهناك دولة عميقة. كذلك فان نسبة المساهمة الانتخابية لم تحدد في القانون ولذلك هم مطمئنون ولن يضعوا معدلا للنسب المطلوبة بالتصويت، وبالتالي اي نسبة يحققوها كافية ولا يهم أن شارك المواطنون او قاطعوا. لا بد ان نبحث عن موضوع المشاركة حتى لا نتركهم يستمرون وحدهم في احتكار السلطة وبناء الدولة العميقة كما يحصل الان.

مع التغيير

شروق العبايجي: هنالك قضية مهمة جدا فيما يخص البديل المطلوب لكسر احتكار السلطة. ففي الظرف الحالي كل محاولات الطبقة السياسية المشكلة للحكومة تسير باتجاه احتكار السلطة وبشكل علني، وهذه القضية هي بالضد تماما من مقومات النظام الديمقراطي. فالنظام الديمقراطي يدين احتكار السلطة وحتى بصياغة القوانين ليس من حق الاكثرية ان تصوغ قوانين لمصلحتها الخاصة لأن الديمقراطية هي حكم الشعب وليس حكم الاغلبية كما يرددون ولو تلاحظون في الخطاب الإعلامي لرموز القوى الحاكمة نسمع يوميا ان الديمقراطية هي حكم الاغلبية وهذا بحد ذاته خطر كبير وتحريف لمفهوم الديمقراطية، ومن يملك الاغلبية عليه ان يؤدي اداء سياسيا وتشريعيا وتنفيذيا بما يخدم مصلحة الشعب.

كيفية كسر هذا الاحتكار اولا بالادانة، ادانة كل مظاهر وممارسات احتكار السلطة ويجب ان تكون هنالك مراقبة اعلامية ومن يستخدم هذه المصطلحات التي تدلل على احتكار السلطة ندينه قضائيا وقانونيا لأن هذا الامر ممنوع في النظم الديمقراطية.

وبالنسبة للتغيير، بالتأكيد انا مع احداث التغيير لان هذه المنظومة السياسية وصلت إلى نهايتها بكل المعطيات واصبحت منتهية الصلاحيات، اما السبب الذي يجعلها مستمرة وباقية هو غياب البديل الوطني. نحن مع التغيير السلمي لأن العنف ليس من مصلحة الشعب ولا بديل سوى توحيد الصفوف ومتابعة العملية السياسية والانتخابية بذكاء والحرص على المشاركة الواسعة في الانتخابات واستقطاب الـ 80 في المائة من الاغلبية الصامتة بأساليب جديدة تقنعهم بالمشاركة.

د. ليث شبر: اهم ما يجري اليوم هو ان السلطة الحالية تعتدي على المساحات، السلطة تحاول ان تعتدي على مساحات الجميع وتريد ان تستولي على مساحات الجميع سواء بالترغيب او بالترهيب او بالتفتيت او قوة السلاح وانا اتوقع ان في مرحلة ما سيذهبون إلى القمع الدموي.

السلطة ليست محتكرة فقط وانما تذهب إلى ان تكون سلطة قمعية، اعتقد ان من المفيد للقوى المدنية ان تعمل على لجان التعرية والذهاب إلى المحفل الدولي وإلى القضاء وايضا التأكيد على المشاركة في الانتخابات رغم ان حجج المقاطعة مقنعة، علينا تأسيس لجان لتعرية ما يجري اليوم ووضع الحدود لهذه السلطة.

مناف الموسوي: اتفق مع ما تحدث به الاساتذة نحن لا نملك آليات او مقومات المواجهة، نحن نتحدث اليوم عن ناخب متمرد وعن آلية مشاركة، قانون كان يقول بان من يحصل على اعلى الأصوات هو الذي يفوز ولذا فاز مستقلون. اليوم نحن امام خطوات قليلة وآليات ضعيفة امام الآليات الاخرى التي يستخدم فيها المال السياسي وقوة السلطة وقنوات وادوات السلطة، اليوم نحن بحاجة إلى مؤسسات اعلامية لنتحدث فيها، اليوم قبل ان نتحدث عن اللجان علينا ان نحدد الاليات التي من خلالها ممكن ان ننفذ هذا المشروع.

سعد الزكم: انا متفائل جدا، واعتقد ان التغيير لابد أنه حاصل وهناك ادلة كثيرة على ذلك.

د. صبحي الجميلي: هناك احتكار لكل شيء والاعلام مسيطر عليه وحتى القنوات تتيح الفرصة بالقدر الذي تريده هي، لكن الان التقدم الاعلامي الذي حصل فسح لنا مجالات اخرى، ويبدو اننا لحد الان لم نستثمر هذا بشكل جيد، وخصوصا مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها.

في موضوع التغيير لابد ان نطرح سؤالا «اي تغيير»؟ الآن ربما حتى القوى الماسكة بالسلطة تتحدث أيضا عن تغيير، وتتحدث عن الاصلاحات او لربما حتى الاجراءات التي تقوم بها تعتبرها اصلاحات لكن هل هذا هو المطلوب؟ هذه الاجراءات تدور في إطار المنظومة الحاكمة والمسيطرة.

حتى المشروع الانتخابي يتوجب ان يكون ملموسا بمفرداته وأهدافه والنواب واعضاء مجالس المحافظات لابد ان يكون لديهم تصوراتهم عما يريدون فعله، ونعتقد ان مفردات هذا المشروع لابد ان تكون قادرة على عكس هموم وتطلعات الناس إلى التغيير الذي غدا حاجة ملحة وراهنة.