اخر الاخبار

اوضحت وزارة التخطيط، اخيرا، بالأرقام إجراءات وتخصيصات الحكومة لتحسين الخدمات وتقليل نسب الفقر ومعالجة البطالة في المجتمع العراقي، حيث شملت وفق ما افصحت عنه الوزارة، على لسان المتحدث باسمها، زيادة المشمولين برواتب الرعاية الاجتماعية والمعين المتفرغ، اضافة لزيادة رأس مال صندوق قروض العاطلين، وتخصيصات مالية أخرى جيدة أيضا، سواء كان على الجانب الاستثماري أم التشغيلي.

ويصف ناشطون ومعنيون بالشأن هذه الاجراءات بانها حلول وقتية وغير مستدامة، مؤكدين على ضرورة ان تكون هناك مراجعة ودراسة شاملة للسياسة الاقتصادية المتبعة منذ عقدين، وتبني نهج اقتصادي جديد مبني بشكل رصين، لا يتأثر بالمحاصصة، ولا يبنى على امزجة القادة السياسيين.

وزارة التخطيط توضح

وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهندواي، إن «هناك جملة من الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الحكومة ورسمتها ضمن البرنامج الحكومي وخطط التنمية، فضلاً عن موازنة السنوات الثلاث والتي تستهدف تحقيق التنمية في البلاد بدعم الشرائح الهشة، وخاصة الفقراء ومحاربة البطالة في المجتمع».

واوضح في تصريح صحافي تابعته «طريق الشعب»: قائلا ان هذه  الإجراءات والسياسات المتخذة من الحكومة تهدف للإسهام بتقليل نسب الفقر والبطالة وكذلك دعم الشرائح الهشّة في المجتمع من خلال التخصيصات المالية ضمن الموازنة العامة للعام الحالي.

وبيّن الهنداوي، أن الإجراءات الحكومية «تضمنت زيادة الشمول براتب الرعاية الاجتماعية بما يعادل 650 مليار دينار ضمن قانون الموازنة، وكذلك زيادة نسبة الشمول براتب المعين المتفرغ بنسبة أضيفت إلى التخصيصات لهذا الجانب بحوالي 150 مليار دينار وأيضا زيادة رأس مال صندوق قروض العاطلين بمبلغ يصل إلى 400 مليار دينار في مجال الصحة».

ولفت إلى، أن» هناك تخصيصات مالية أخرى جيدة أيضا سواء كان على الجانب الاستثماري أو التشغيلي وبالنتيجة هذه الإجراءات ستسهم بشكل واضح في توفير فرص عمل في ما يتعلق بالبطالة ومستوى الخدمات، وبالتالي معالجة أو محاربة الفقر متعدد الأبعاد».

إجراءات وقتية وليست مستدامة

من جانبه، علّق الخبير الاقتصادي منار العبيدي، على الاجراءات الحكومية في تقليل نسب الفقر والبطالة، واصفا إياها بانها حل وقتي وغير مستدامة، متسائلا حول اذا ما قدمت الحكومة هذه  السنة ضمانات ورعاية اجتماعية، مالذي يضمن ان  تكون الحكومة قادرة على دفع هذه المبالغ، بعد سنة أو سنتين، خصوصا وان مجمل إيرادات الدولة تعتمد على النفط فقط، وهو يتأثر بعوامل خارجية، لا يلعب العراق دورا في تكوينها او السيطرة عليها.

 واضاف الخبير في حديثه لـ»طريق الشعب»، قائلا ان الرعاية الاجتماعية وبرامج البطاقة التموينية « تلجأ لها الدول كإجراءات احترازية في حالات اضطرارية عندما تعاني من ركود وزيادة في مستويات البطالة، ولكنها بواقع الحال ليست مستدامة»، مؤكدا انها «ليست جزءا من فلسفة ادارة الموارد البشرية، وهذا الحل الوقتي، لا يؤدي الى تقليل مستويات الفقر».

واكد العبيدي هناك حاجة لتحسين بيئة الاعمال وتعزيز القطاعات المختلفة وزيادة مساهمتها بالناتج المحلي، وعند ارتفاعها ستؤدي الى توفير  فرص عمل وتقليل نسب البطالة، فالحل برأيه لا يكمن في توزيع الاموال وانما بكيفية استثمار تلك الاموال بطريقة صحيحة من أجل توفير بيئة صالحة للعمل.

ورهن الخبير معالجة ارتفاع نسب البطالة في جانبين؛ الاول هو : «خلق بيئة عمل صحيحة، فالعراق يحتل المركز 173 من اصل 190 دولة في مؤشر سهولة الاعمال الذي يصدره البنك الدولي، وعليه فإن العراق  بحاجة الى تحسين بيئة الأعمال لديه من اجل ان يبدأ العاطل عن العمل بمشروعه الخاص او يساهم في العمل بمشروع معين».

وعن الجانب الثاني قال انه «يتعلق بمساهمة مختلف القطاعات في الناتج المحلي، وعلى الرغم من أن العراق وفق ما اشار  اليه صندوق النقد الدولي بأن نسبة النمو في عام 2022 في الناتج المحلي، بلغت 8 في المائة ومن المتوقع ان يبلغ هذه السنة 4 في المائة، الا ان القطاعات المختلفة ما زالت دون المستوى، والقاعدة الاقتصادية تقول إن زيادة مساهمة أي قطاع بمقدار 1 في المائة في الناتج المحلي معناه ايجاد فرص عمل بمقدار 2 في المائة من الموجودين».

ونوه الى ان هذه الإجراءات غير كافية لوحدها ما لم تقترن بمراجعة حقيقية للسياسة الاقتصادية، ويقول ان: «المشكلة في العراق اصبحت مستدامة وتتطلب حلولا ليس لها علاقة بأزمة معينة ادت الى انكماش الاقتصاد وليست نتيجة وباء ادى الى توقف الاعمال، فنحن نعاني من ارتفاع مستويات البطالة بشكل كبير، وهو بدوره يقود الى ارتفاع مستويات الفقر».

خلل في إدارة الدولة لمواردها

من جانبه، يصف الناشط حيدر سلمان، الاجراءات الحكومية بانها ترقيعية، ولا تعالج جذور الازمة التي يعاني منها مئات الآلاف او الملايين من العاطلين عن العمل.

واوضح سلمان قائلا: ان «الشاب العراقي العاطل، من الصعب ان يتحصل على قرض من الدولة نظرا للشروط التعجيزية التي يضعها المعنيون، واذا ما تحقق ذلك، فهناك جملة من التحديات التي تواجهه قبل ان يفتتح مشروعه منها البيروقراطية والفساد، والأهم هو عدم توفير البيئة والمناخ الملائمين لذلك».

ونبه في سياق حديثه لـ»طريق الشعب»، الى ان» غياب العامل المهم المتمثل في توفير بيئة عمل صالحة، يستطيع من خلالها ان يمارس أعماله ويخلق  ايرادا و يكون منتجا، لا توجد أي فائدة من التخصيصات الحكومية والقروض ذات الشروط التعجيزية التي تثقل الشباب لا تساعدهم».

وأكد الناشط ان المشكلة تكمن «في السياسة الاقتصادية وإدارة الدولة لمواردها، فالشاب اليوم يتشبث بالتعيين الحكومي، بسبب عدم وجود امان او ثقة في بيئة العمل داخل القطاع الخاص، ونظراً لغياب الضمانات التي توفرها الوظيفة الحكومية»، لافتا الى انه «كان من الأفضل ان تعمل الحكومات المتعاقبة على تنشيط القطاعات المنتجة وتوفير ضمانات حقيقية للعاملين فيها أفضل من انشغالها في إطلاق التعيينات الاسترضائية لما وصلنا لهذا الحال».