اخر الاخبار

لماذ ما زلنا في العراق؟

تحت هذا العنوان نشرت صحيفة الشعلة اليسارية التي تصدر في السويد مقالاً للكاتبين سيغين نيدر و بير أوسترهولم، أبديا فيه إعتراضهما على مشاركة الجنود السويديين في حرب العراق عام 2003 وبقائهم في هذا البلد، تحت قيادة العسكريين الأمريكيين حتى اليوم، رغم مرور 20 عاماً، شهد فيها العراق إستخدام قنابل نابالم متطورة (مارك 77) ومقتل 1.5 مليون إنسان وتدمير محطات الطاقة والمؤسسات الصحية والتعليمية. وذكّر المقال بما أسفر عنه الإحتلال الإمريكي من إضعاف للهوية العراقية وتشجيع للهويات الطائفية والعرقية، الى الحد الذي شكّل خطورة جدية على وحدة الشعب وتطلعه للحرية والديمقراطية، التي كانت مفقودة إبان النظام الذي أسقطته الحرب، دون أن يتحقق شيء مغاير بعد الحرب، حسب تعبير الكاتبين، اللذين ضربا مثالاً على ذلك بالقمع الوحشي الذي تعرضت له الإحتجاجات الشعبية في 2019 وما بعدها وسقوط مئات القتلى والجرحى، ومقتل 578 صحفياً وتعرض 420 أخرين لإعتداءات مختلفة.

وتساءل الكاتبان، عن السبب الذي يدفع الحكومة السويدية للإبقاء على جنودها في العراق، فليس سليماً، حسب تصورهما، أن يدافع هؤلاء عن أحد أكثر الأنظمة تورطاً في الفساد في العالم، كما أن وجودهم لن يوفر للسويد فرصة أكبر للمساهمة في إعادة إعمار البلد، الذي حطمته الحروب، في ظل منافسة شديدة مع الشركات الأمريكية والفرنسية والألمانية، إضافة الى خطأ تصوريقول بأن المشاركة مع الأمريكيين في حروبهم، سيزيد من قدرة السويد على بيع الأسلحة والحصول على موارد أكبر، لاسيما في ظل أزمتها الاقتصادية الراهنة، وهو تصور أثبتت المتغييرات الكثيرة سذاجته.

مسؤولية الدولة اولاً

ونشرت صحيفة تابليت البريطانية مقالاً للكاتب ديلي غافليك حول أوضاع المكونات الدينية والقومية الصغيرة في العراق، أشار فيه الى ما تواجهه هذه المكونات من تحديات كبيرة، رغم مرور عشرين عامًا على الحرب وستة أعوام على إعلان الإنتصار التام على تنظيم داعش الإرهابي، فما زال هناك أكثر من 200000 من الأيزيديين، الذين نجوا من الإرهاب، نازحين في مخيمات متفرقة، وما زال هناك الآف الفتيات المختطفات غائبات عن أسرهن، ويعتقد ببقائهن إمات لشيوخ الإرهاب، الذين إستباحوهن وذبحوا الآلاف من رجال عوائلهن. كما لازال المسيحيون في حالة من القلق وعدم الشعور بالإطمئنان، رغم التحسن الكبير في الإستقرار الإمني، بسبب تداعيات العنف الذي تعرضوا له وإقتلعوا بسببه من مواطنهم الأصلية.

ويعتقد الكاتب، ومن خلال سلسلة مقابلات أجراها في مناطق مختلفة من كردستان، حيث نزحت أعداد كبيرة من هذه المكونات، بوجود إحساس بخيبة أمل لدى هؤلاء من فشل الحكومة في حمايتهم قبل سيطرة الإرهابيين على مناطقهم وتلكؤها في تطبيع أوضاعهم ومعالجة جراحهم بعد هزيمة الإرهاب.

وينقل الكاتب عن بعض النازحين وبعض رجال الدين خشيتهم من إستمرار هذه الحالة ، بسبب ضعف ثقتهم بوعود السلطات عن قرب إنهاء ظاهرة النزوح، لاسيما حين لا يجدون مؤشرات على وجود خطة سليمة تنهي معاناتهم، وخضوع بعض مناطق سكناهم الأصلية، كما في قضاء سنجار مثلاً، لسيطرة عدد من الفصائل العسكرية، المتناقضة في الأهداف والمرجعيات، وكما في المناطق المحاذية لتركيا، والتي تتعرض لقصف تركي متواصل. ورغم إشادة كاتب المقال بجهود المنظمات الخيرية في تقليل معاناة الناس، فقد أكد على أن المسؤولية الرئيسية تقع على كاهل مؤسسات الدولة، ليس في إعمار ما خربته الحروب فحسب، بل وفي حماية واحترام جميع المواطنين العراقيين، بغية أن لا يخسر العراق أقلياته، ومن بين ذلك مراجعة المناهج الدراسية لإزالة التحيز وتشجيع احترام جميع الأقليات العرقية والدينية في البلاد.